[size=25][size=25][size=25][size=25]التماسك اللغوي المكون للخطاب الحكائي عند زياد علي [/size] [size=21](الطائر الذي نسي ريشة) أنموذجا عبد الجليل غزالة (كاتب من ليبيا)[/size][/size] [size=25][size=21]طرح الإشكالية: ماالوسائل اللغوية التي يستعملها القاص الليبي زياد علي لتسطير كيفياتالاتساق النصي داخل مجموعته الحكائية التي تحمل عنوان (الطائر الذي نسيريشه )؟ هل تستطيع المفاهيم الغربية المنظمة لألسنية النص تحديد اتساقالخطاب الأدبي عند المؤلف؟ الاطار النظري: تدرجألسنية النص والخطاب وكذلك قطاعا نحو النص وتحليل الخطاب مصطلح الاتساقالنصي في العديد من بحوثها الأساسية. نوظف مصطلح الاتساق النصي في دراستناالحالية لتحديد التماسك المتين بين الأقسام اللغوية المكونة للخطابالحكائي الذي ينجزه زياد علي من خلال (الطائر الذي نسي ريشه ). يقوم اتساقالنص الحكائي على بعض الوسائل اللفظية التي تربط بين العناصر اللغويةالبانية لجزئيات الخطاب المتلاحم داخل هذا العمل الأدبي. سيقطععملنا طريقا خطيا مترابطا منذ البداية حتى النهاية، بغية وصف النصوص التيتخلق هذه المجموعة، وتحليل الضمائر والإشارات المحلية والإحالات (سابقةولاحقة). كما سندرس أدوات الربط والعطف والاستبدال والحذف والوصل والتوظيفالمعجمي للكلمات القابعة داخل هذه الحكايات. والحقيقة أن مقاربتناالألسنية ستبقى قاصرة على بناء موضوع الخطاب الحكائي والبنية الكليةللإنتاج الأدبي الذي يقدمه زياد علي. فالظاهرتان تحتاجان إلى مقاربةخارجية، أما ممارستنا الحالية فستكون داخلية خالصة، تبرز مظاهر الاتساقالنصي أن كل إبداع أدبي يجسد لحمة خطابية موحدة، في حين أن غيابها يقصيهذا الاتساق ويدخل النص في دائرة العدم: أي وجود جمل مفككة ومبتورة. يشترطالاتساق النصي على كل مقطع لغوي خلق كل موحد، تتوافر فيه "خصائص معينةتعتبر سمة في النصوص ولا توجد في غيرها، ولا يقف الاتساق النصي عندالمستوى الدلالي فقط، وانما يتوغل أيضا داخل مستويات أخرى مثل النحووالمعجم. وهذا مرتبط بتصور الباحثين للغة باعتبارها نظاما يملك ثلاثةمستويات : الدلالة (المعاني)، النحو والمعجم (الأشكال ) والصوت والكتابة(التعبير). يعني هذا التصور ان المعاني تتحقق كأشكال والأشكال كتعبير..."( 1). يهتمالاتساق النصي بالعلاقات الموجودة بين أقسام الخطاب الأدبي، لكي يحددمجموعة من الوسائل والمظاهر التي تربط بين عنصرين لغويين: عنصر لاحق وآخرسابق. الاتساق النصي في (الطائر الذي نسي ريشه): يرتكزالاتساق النصي عند زياد علي في هذا المجموعة الحكائية على عدة وسائلومظاهر لغوية محددة، تنسج البنى الداخلية بكل علاقاتها ووظائفها، نذكر منبين هذه الوسائل: الإحالة، الاستبدال، الحذف، الوصل والاتساق المعجمي. الإحالة: يطلعناالتحليل الألسني الخطابي ان مؤلف هذه المجموعة الأدبية يوظف عدة إحالاتلغوية تبرز أن العناصر البانية للنصوص لا تستطيع بمفردها تأويل الخطاباتالداخلية، بل لا بد من الرجوع إلى ما تحيل إليه مثل بعض الضمائر الوجوديةالمنفصلة والمتصلة وضمائر الملكية والنسبة وكذلك أسماء وظروف الإشارةالزمكانية وأدوات المقارنة (كمية وكيفية )... يحكم زياد علي نسج إحالاتهاللغوية المشكلة لخطابات (الطائر الذي نسي ريشه) بواسطة نوعين من الضمائر: 1- 1- : ضمائر وجودية منفصلة: (أنا، أنت، هو، هي. نحن، أنتما، هما، هم، هو). تنتظمهذه الضمائر داخل عدة صفحات من هذه المجموعة الحكائية، نجد في ص9:.."وشربت ماء لا هو من الأرض ولا هو من السماء". فالاتساق النصي ينطبقهنا من الجملة الثانية المحتوية على الضمير المنفصل(هو)، الذي يحيل إلىالكلمة السابقة (ماء)، المقيمة في الجملة الأولى.إن هذه الإحالة تجعلالجملتين متسقتين نصيا وتمنع تكرار بعض الكلمات التي يعوضها الضمير المقيمفي الجملة الثانية. ولذلك نقوم بتأويل الجملتين (الأولى والثانية)باعتبارهما لحمة متحدة تبني نصا أو جزءا منه، تبعا للطول والقصر. يتوالىنظم زياد علي للاتساق النصي داخل (الطائر الذي نسي ريشه) بالضمائر عينها،وهكذا نصادف الأمثلة الآتية في ص 12: (أما الماء الذي شربه وهو ليس منالأرض) وفي ص 21: (وهو يحادثه في شأن الافراج..) والصفحة 45 تبرز لناالضميرين الوجوديين المنفصلين: (أنا/أنت) من خلال المقابلة: (أنا أفقرته،وأنت تغنيه.. أنا قتلته، وأنت تحييه ). فهذه العلاقات اللغوية بين الجملاللاحقة والسابقة قامت على الضمائر المذكورة آنفا، وهي التي ساعدت الكاتبعلى بناء خطاب حكائي متماسك... إذن يشترط الاتساق النصي هنا توافر بعضالضمائر العائدة صحبة الكلمات التي تعود عليها، فالا حالة تكون تبادليةبين الضمائر والكلمات التي تحيل إليها: أي أن الاثنين يحيلان إلى الشيءذاته. يبث الكاتب رسالة لغوية محكمة إلى القارئ العربي من خلال ضمائرمنفصلة تربط بين جمل لاحقة وأخرى سابقة. فالقارئ لمجموعة (الطائر الذي نسيريشة) لا يستطيع الفصل بين الضمائر العائدة والكلمات التي تحيل إليها، لنتقوم للاتساق النصي قائمة إذا ألغى القارئ الضمائر قائلا: (شربت ماء، لاماء من الأرض ولا ماء من السماء)، فعدم تعويض كلمة (ماء) في الجملةالثانية والثالثة بضمير عائد مناسب يقصي الاتساق النصي ويبذر التفكك بينالجمل الثلاث. تقفالتحاليل الغربية الألفية الخطابية التي ترصد الإحالة النصية عند مفهوميالضمائر المنفصلة والعلاقات السابقة، في حين أننا نجد في اللغة العربيةمفهومي الضمائر المتصلة والعلاقات اللاحقة، علاوة على المفهومين الغربيينالسالفين. لذلك يعد طرح الإحالة النصية داخل اللغة العربية أوسع مما هوعليه داخل اللغات الغربية (الانجليزية والفرنسية مثلا) نجد عند زياد علي: ا – 2 ضمائر وجودية متصلة : ينتجالمؤلف جملا ثانية وثالثة ورابعة.. متماسكة نصيا ومرتبطة بالجملة الأولى،عن طريق بعض الضمائر الوجودية المتصلة البانية للاتساق النصي. تطالعناالصفحة 5 بالقول التالي (شيخ وزوجته لم يخرجا من الدنيا إلا بولد عوضهماالله به عن الفقر وقسوة الزمان، فعاهدا نفسيهما أن يهباه للعلم والمعرفة).فضميرا المثنى (الألف/هما) يجعلان الجمل اللاحقة تحيل إلى الجملة الأولى(شيخ وزوجته ) يمكن توضيح هذه العلاقة السابقة بالمخطط الآتي: يبنيالضمير المثنى السالف علاقات وثيقة مع الجملة الأولى (شيخ وزوجته). وهيعلاقات تخلق اتساقا نصيا بين الجمل. ان تأويلا عشوائيا يقصي ضمير المثنىالعائد سينتج جملا حكائية غير (أصولية) ويؤدي إلى تكرار بعض الكلمات التيتجعلنا الضمائر في غنى عنها. يوظفالقاص زياد علي في مجموعة (الطائر الذي نسي ريشه) إحالة لغوية أصيلة تقومعلى عدة ضمائر وجودية متصلة ومنفصلة. إن هذه الانجازات اللغوية المبدعةتسلك طريقين للإحالة : 1-3 طريق الإحالة المقامية: يعانق المؤلف العالم الذي يقع خارج النص الحكائي. 1-4 طريق الإحالة النصية يلجالمبدع الى أعماق نصوص هذا المجموعة فينغفس فيها، يخلق الطريق الأولالنصوص الحكائية، حيث يجعل الكاتب يحدد الفضاء الزمكاني للأحداثالتواصيلية داخل عمله، وكذلك العلاقات الفيزيائية بين المتفاعلين معالحكايات "بالنظر الى إيماءاتهم واشاراتهم وتعابير وجوههم " (2). يجعلالطريق الأول المبدع زياد علي يربط لغته الواصفة بسياق المقام الحكائي.وقد أجاد ذلك بدقة متناهية. تذكرنا التقنيات الحكائية الموظفة والمكوناتالمعرفية المضمرة، التي يغلفها الكاتب بطرق أسلوبية متينة، بحكايات (ألفليلة وليلة) الشائعة في الكون وبـ(مائة ليلة وليلة) التي درسها الباحثالتونسي محمود طرشونة وببعض الحكايات الروسية التي وضع لها "فلادمير بروب"تنظيرا شاملا... وبالحكاية المصرية الخلاقة (ياسين وبهية) وبغيرها منالحكايات في العالم، مما يجعل مؤلف مجموعة (الطائر الذي نسي ريشه) يتواصلعالميا دون دونية أو زلل مع تقنيات وشروط الإنتاج الموضوعي للحكاياتالكونية. لا يوصل طريق الإحالة المقامية زياد علي إلى تأسيس اتساق مجملداخل مجموعته الحكائية، في حين أن طريق الإحالة النصية يمثل سر الاتساقاللغوي عند هذا الكاتب. 1-5 علاقات لاحقة: لاتتعرض الألسنية الخطابية الغربية لهذا المفهوم، أثناء الممارسة التطبيقية،يقف تحديدها له عند المستوى النظري فقط. تحكم الاتساق النصي، الذي يخلقتماسكا متينا بين الجمل المتوالية المكونة للخطاب الحكائي عند زياد علي،مجموعة "من العلاقات اللاحقة كقوله في ص 45: "إنا أفقرته، وأنت تغنيه أنا قتلته، وأنت تحييه.." إنالضميرين المنفصلين الابتدائيين "أنا، أنت" يحيلان إلى الأفعال اللاحقة"أفقرت/ تغني، قتلت لم تحيي". فالعلاقة بين الضمير المنفصل والفعل هيعلاقة السابق باللاحق من حيث الدلالة والتركيب. نجسد ذلك بالمخطط الآتي: أ _ أنا _ أفقرت + (ـه) _ علاقة لاحقة. أنا _ قتلت + (ـه) _ علاقة لاحقة. ب- أنت_ تغني + (ـه) _ علاقة لاحقة. أنت _ تحيي +(ـه) _ علاقة لاحقة. يفرغالكاتب نصوصه الحكائية في قوالب لغوية مقبولة تلوح بانجازاته الألسنيةالموظفة لأسلوب شخصي متميز، يعتمد على المقابلات والمقارنات والإبراز أوالإخفاء لبعض العناصر اللغوية. وهي خصوصية أسلوبية لا مضارع لها عند مبدعيالنصوص الحكائية، لأنها تنسج الخطابات بلغة واصفة ترسم في بعض الصفحاتمعالم الخطاب الصوفي والسريالي بدقة فريدة... يوزع زياد علي أدوار الكلامداخل نصوصه الحكائية المتسقة عن طريق الإحالة اللغوية المرتكزة على عدةضمائر منفصلة وأخرى متصلة، كما أنه يغادر النص ليعانق الإحالة المقاميةالتي تقطع جذور الاتساق النصي، مما يجعل بعض الخطابات تتوغل في السرد. تضمالإحالة اللغوية، التي تمثل مظهرا قويا من مظاهر الاتساق النصي في حكايات(الطائر الذي نسي ريشه)، مجموعة أخرى من الضمائر نطلق عليها: 1- 6ضمائر الملكية والنسبة: أبرزالتحليل الألسني الخطابي أن الكاتب يبدع اتساق نصوصه الحكائية بالاعتمادعلى استعمال ضمائر وجودية منفصلة ومتصلة تخلق علاقات سابقة ولاحقة بينالجمل المتتالية. ارتبطت هذه الضمائر كلها بالأفعال فقط. نجد وسيلة أخرىللاحالة اللغوية عند زياد علي، وهي توظيفية لبعض ضمائر الملكية والنسبةالمتعلقة بالأسماء فقط، مثل : "أصحابه، أهله، خالي، عزمهما، أصحابك،لفرسه، جسدها، بأنغامه، موقفهما، ولدي، أغانيه، دكانك، صديقه، قصتك،والدك، رأسه، لكلبه، مهرها، سلوكه، طبعه، بعيادته، أمي، "بوي"، أحواله،تجارته، عملك، جوعه، سراحه، بأرجلها، بطنها، والده، خاله، بجناحيه، ريشه،صلاتكم، مشاكلكم، نفسا، ولدها، مضاربهم، أولادي، أختي، خالها...". يوظفزياد علي ضمائر الملكية والنسبة ليبني اتساق النصوص الحكائية التي تحملهامجموعة (الطائر الذي نسي ريشه)، يساعدنا هذا التوظيف على التمييز بينأدوار الكلام التي تنتمي اليها كل ضمائر الملكية والنسبة المتعلقةبالمتكلم : (ولدي، أمي، بوي، أختي...) والمخاطب : (أصحابك، دكانك، قصتك،والدك، عملك صلاتكم، مشاكلكم، أولادك...)، والغائب بأعداده الثلاثة أصحابه، أهله، عزمهما، بفرسه، جسدها، بأنغامه، موقفهما، أغانيه، صديقه،رأسه، لكلبه، مهرها، سلوكا، طبعه، بعيادته، أحواله، تجارته، جوعه، سراحه،بأرجلها، بطنها، والده، خاله، بجناحيه، ريشه، نفسه، ولدها، مضاربهم،خالها...). تحيل ضمائر الملكية والنسبة السالفة الى السياق المرتبطبالمتكلم والغائب والمخاطب والفضاء الزمكاني. انها ضمائر نعتبرها بنيوياخارجة عن النص. وهو ما نعتناه سابقا بالاحالة المقامية.. لا تلج هذهالاحالة عالم النص الحكائي إلا في الكلام المستشهد به "أو في خطاباتمكتوبة متنوعة من ضمنها الخطاب السردي، وذلك لأن سياق المقام في الخطابالسردي يتضمن سياقا للإحالة.. وهو تخيل ينبغي أن ينطلق من النص نفسا، بحيثان الإحالة داخله يجب أن تكون نصية ".(3) والحقيقةأن الخطاب الحكائي الذي يوظفه زياد علي لا يلغي الاحالة السياقية التيترحل خارج نصوص (الطائر الذي نسي ريشه). يمكن اعتبار الضمائر التييستعملها الكاتب : "أنا، نحن "، أو تلك تشير الى القارئ العربي: "أنت،أنتم " بأنها سياقية. وهي عملية لغوية تؤدي الى تنوع أدوار الكلام فيخطابات هذه المجموعة. يتجلى الدور الرائد للاتساق النصي عند زياد علي فيبعض ضمائر الغيبة العددية (مفرد، مثنى، جمع) التي تؤدي أدوارا كلاميةمخالفة للضمائر الوجودية المتصلة. هذه الضمائر هي: (هو، هي، هما، هم، هن)، وقد سبق الذكر أنها تخلق علاقة سابقة مع الجملة الثانية : "وشربت ماءلا هو من الأرض ولا هو من السماء". انها تربط عناصر النص ببعضها وتصدد كلفراغ بين الأقسام. والملاحظ أن ضمائر الملكية والنسبة الموظفة في هذهالحكايات تقوم بعمل مزدوج : فهي تضم المالك والمملوك أو المنسوب، والمنسوباليه، من خلال التدقيق في كيفية عودة الضمائر على الكلمات المتعلقة بها. ـــــــــــــــــ الهوامش ا - محمد خطابي، لسانيات النص: مدخل الى انسجام الخطاب، المركز الثقافي العربي: الدار البيضاء، المغرب، ط ا، ا 199، ص 15. 2 - المرجع نفسه، ص 17. 3- المرجع نفسه، ص 18.[/size][/size] |
التماسك اللغوي المكون للخطاب
خنساء محبة السماء- عدد المساهمات : 96
تاريخ التسجيل : 02/11/2009
العمر : 34
- مساهمة رقم 1