سلطة النصانكبالدارسونعلى النصوص يجعلونها المركز (باعتبار أن المؤلف أدى دوره بمجردفراغه مننصه) كما فعل أصحاب النقد الجديد والشكلانيون والبنيويون ونقد ما بعد البنيوية ولقد وقف أصحاب النقد الجديد بشكل حازم وصارم في وجه ما يعرف بقصدية المؤلف ونيته: فالاتجاهات الألسنية والأسلوبية والبنيويةالجديدةهي التي أعطت السلطة المطلقة للنص وأهملت -أو كادت أن تهمل- معظمالجوانبالأخرى الخاصة بالإبداع الأدبي كدور القارئ والمبدع والظروفالاجتماعيةوالمرحلة التاريخية والدلالات السيكولوجية والايديولوجيةوالفلسفة وغيرها،وأصبح المؤلف خارج نصه والمعنى منوط بالنص وليس بالقارئ.
وسعت البنيوية إلى علمنة الأدب والنظر إلى النص على أنه بنية لغوية مغلقة وصار المؤلف ضحية لأنه يظل خارج اللعبة تماماً ويصبح النص دون هوية وإنما هويته كامنة في بنيته اللغوية المغلقة أو ما عرف بسجن اللغة.
وقداعتمدبارت على التركيز على مفهوم الكتابة بدلاً من التركيز على المؤلففقد بدأمقالته بسؤال مقتبس من بلزاك: من يتحدث هنا ؟ ووجد بارت أنه لاإمكانيةللإجابة عن السؤال لأن الكتابة تدمر كل صوت وكل أصل إذ إن الكلمةالمكتوبةتنفصل عن مالكها على النقيض من الكلام الذي يرتبط بقائلهارتباطاً وثيقاوما يتبقى هو الكتابة ذات اللونين الأسود والأبيض.
ودون شك قاد إلغاء المؤلف والنص من قبل البنيوية والتفكيكية - التقويضية - إلى البحث عن سلطة ثالثة هي (سلطة القارئ).سلطة القارئتحول القارئ فينقدنظرية التلقي ونقد استجابة القارئ (صاغ الفكرة يان موكورفسكي 1981-5791)وبسطها وطورها هانس روبرت ياوس وفولنغنغ إيزر) من صاحب دورها مشىإلى صاحبالدور الأساسي فقد حل محل المؤلف ومحل النص في آن واحد وفي ضوء هذا التصور فقد أعلن بارت أن ميلاد القارئ يجب أن يكون على حساب موت المؤلف.
ولا شك في أن القارئ كان ذا حضور مهمش ومقزم في نظريات الأدب الكلاسيكية لكن نظريات التلقي والتأويل حولته إلى مؤلف للنص ومنتج له.
بعد أن أكدت موت المؤلف الحقيقي وفي ضوء هذه المعطيات انتقلت السلطة إلى القارئ وأصبح المهيمن على النص حتى أن النص أضحى لا وجود له دون قارئ يستطيع أن يخلق المعنى.
وقد تخلص القارئ من كونه متلقياً سلبياً أو مستهلكاً يقع تحت سلطة النص إلى أن أصبح هو البديل الحقيق للمؤلف.
ومنهناأصبح النص مفتوحاً على قراءات متعددة لا يمتلك دلالة واحدة وإنماصارتدلالاته متعددة ومتشعبة إلى حد كبير وظهر أصناف من القراء مثلالقارئالضمني والقارئ المرتقب أو القارئ العمدة والقارئ المثالي والقارئغيرالبريء.
وما يهمنا هنا هو أن الاستراتيجية التي توصل إليها (بارت)كانتنتيجتها المنطقية هي تنحية سلطة المؤلف (البعبع) التقليدي الذي يغارمنهالناقد، مما يسمح وفق الخطوة الأولى بالحديث عن مبدع جديد هو الناقدنفسههذا الذي يحدد المعنى وينتج لغة تتبرج في زهو، ومفهوم أن هذه الرؤية لدور المؤلف فيعمليةإنتاج النص تتنافى مع الرؤية التقليدية التي تعتقد أن المؤلف يغذيالنصلأنه موجود قبله ويفكر ويعاني ويعيش من أجله وهو على نفس علاقة السبقمعهكتلك التي تكون بين الأب وابنه.
إنطريقةتعامل بارت مع الممارسة النقدية تكشف تصوره لدور الناقد الذي أصبحناصاً أيمبدعاً لنص قائم بذاته، فالنقد قراءة أي: مجموعة منالاستراتيجياتوالمناورات المنهجية والبلاغية التي تعبر عن نفسها أو ربمالا تعبر إلا عننفسها لا تمتلك أن تصف غير ذاتها وقد أكد بارت ذلك في«لذةالنص» قائلاً: (إن النص النقدي يستطيع أن يعبر الخط الفاصل بينالوصفوالإبداع، أن يتحول من لغة ثانوية إلى لغة أولية وعندها سيصبح حدثاًيحتفىبه في تاريخ الأدب بقدر ما يحتفى بالعمل الفني في تاريخ النقد وعند ذلك سيدخل النقد دائرة الإبداع).بارت والتحليل البلاغيوفي إطار الحديث عن المسار الفكري والأدبي لبارت ينصرف الحديث عن إسهامه إلى جانب نقاد آخرين (في بناء بلاغة جديدة قائمة على مفاهيم بنيوية حيث كتب سنة 4691م في هامش مقال له عن (بلاغة الصورة) ينبغي إعادة التفكير في البلاغة الكلاسيكية بمفاهيم بنيوية .. وسيكون حينئذ من الممكن وضع بلاغة عامة أو لسانية لدوال الإيحاء صالحة للكلام والصورة والحركة).
وينظر بارت في مقاله (مختصر فيالبلاغةالقديمة) إلى البلاغة بوصفها (الحقل الإيحائي للغة) الذي يحولالتعبيراللغوي بواسطة المحسنات من صورة إلى صورة ليؤسس مفهوم الأدب كلغةتتميزبالانزياح - العدول عن لغة التواصل - ولذلك نجد بارت يلح على امتزاج-البلاغة بالأدب كتقنية للتواصل وحدود الأدب نفسه إنها البعد العشقيللكتابة.أثر المناهج النقدية الحديثة في الدراسة النقدية المعاصرة
تشير الدراسات النقدية المعاصرة إلى أن محمد مندور ربما يكون أول من أشار إلى النقد البنيوي فيفرنسادون أن يذكر المصطلح وقد قام عدد من الباحثين والنقاد بلفت نظرالقارئالعربي إلى الوافد من المناهج النقدية الحديثة التي لم يألفها منقبل فكانأول من حاول أن يفصل ذلك هو د. عبدالسلام المسدي في كتابه (الأسلوب والأسلوبية نحو بديل ألسني للنقد الأدبي عام 7791م) وقد سبق كتاب المسدي مقال لموريس أيوب ناصر نشره عام 3891 وفي نفس العام كتب د. شكري عياد كتاب (مدخل إلى علم الأسلوب) تلى ذلك كتاب الدكتور محمد عبدالمطلب (البلاغة والأسلوبية).
هذا واتجهت بحوث الدراسات العليا نحو تأصيل النظريات النقدية الحديثة وتأصيل المفاهيم والمصطلحات خاصة التي أثارت انتباههم في محاولة لتتسع جذورها ومقارباتها في النقد العربي القديم والبحث عن الشواهد التطبيقية التي تؤيد وجودها.
فكتبتْ إنعام فائق عن المنهج الأسلوبي وبينت مفاهيمه ومعالمه وحاولتْ تأصيله في النقد العربي القديم ونحت في دراستها منحى تطبيقياً من خلال متابعة الشواهد الشعرية التي وقف عندها النقاد العرب في رسالة نالت بها درجة الماجستير بعنوان المنهج الأسلوبي في نقد الشعر عند العرب دراسة تطبيقية، كلية الآداب جامعة بغداد 3991م.
ودرس رحمن غركان عبادي مقومات عمود الشعر الأسلوبية في النظرية والتطبيق رسالة دكتوراه 8991م آداب جامعة بغداد.
ووفق المنهج الأسلوبي نوقشت رسالة دكتوراه عام 6991م في كلية التربية بغداد للباحث محمد سعيد الجبوري (البنية القصصية) في الشعر الأموي دراسة فنية أسلوبية)، ودرست وحيدة صالح حسون ديوان النابغة، دراسة في أسلوبه الشعري 0891 جامعة الكوفة، واختارت نصرة الشمري الخطاب الشعري عند بشار بن برد دراسة نصية عام 3991م كلية الآداب جامعة بغداد، ودرست أمينة الموسوي (شعر أبي فراس، دراسة أسلوبية ماجستير المستنصرية 3991م، أما رباب صالح حسن من جامعة المستنصرية فكتبت عن: أسلوب شعر عمر بن أبي ربيعة.
وهناكرسائلحملت عنوان شاعر ما درست من خلال فصول شعره دراسة أسلوبية مثل دراسةخالدالسامرائي عن شعر الشاعر ذي الرمة جامعة المستنصرية 7991م، ودراسةعباسصادق بعنوان: شعر الراعي النميري دراسة في الأسلوب الشعري، آداب، الكوفة 7991م.
وكتب كمال عبدالرزاق رسالة دكتوراه عن البنيات الأسلوبية في مطولات الشعر العربي الحديث عام 5991م بغداد.
ويأتي في هذا السياق الرسائل العلمية الآتية:
1- حسين ناظم عودة: البنى الأسلوبية في شعر السياب، جامعة المستنصريه.
2- سعيد سالم سعيد الجريري اختار شعر البردوني ليدرسه دراسة أسلوبية، جامعة المستنصرية 7991م.
3- إبتسام محمد رائد: شعر صلاح عبدالصبور دراسة أسلوبية، المستنصرية 7991م.
4- عشتار داؤود محمد: شعر محمود حسن إسماعيل، دراسة أسلوبية، كلية التربية (بنات) جامعة بغداد 9991م.
وهناك رسائل اتبعت نظرية التلقي ومن الأطروحات الجادة في تتبع هذه النظرية أطروحة محمد مبارك فهي رائدة في توضيح معالم النظرية .. إلخ وذلك في رسالته عن نظرية الاستجابة والتلقي في الأدب العربي 2991م.
وأتبعها برسالة جادة 5991م في كلية الآداب جامعة بغداد عن القراءة ونظرية التلقي في النقد العربي حتى نهاية القرن السابع الهجري.
وقد شغل مفهوم الانزياح عدد من الباحثين وكتبت رسائل عديدة فيه وكذلك مفهوم التناص.
وإذا كانت الرسالة السابقة قد تبنت تأصيل منهج نقدي حديث وتطبيقه على الشعر العربي قديم وحديث فقد سبقت محاولات جادة لدراسة الجزئيات كالبناء الفني بشكل عام والبنى الجزئية بشكل خاص كالصورة والزمان والمكان والرمز والقناع والغربة واللغة الشعرية، وقد وفقت الباحثة إبتسام مرهون الصفار في استقصاء ما كتب من رسائل علمية جامعية في أقسام اللغة العربية في كليات الآداب والتربية في أكثر من عشر جامعات من جامعات العراق وقدمت صورة جلية عن أثر المناهج النقدية الحديثة في الدراسة النقدية.النقد الموجه لرولان بارت:-لمتنقلسهام النقد من ناقد كما نالت من بارت وأسوأ ما وصف به بارت أنه (لميكنسوى محرر مقالات) بحسب جورج مونان الذي يضيف قائلاً: (بيد أننا ما أننصيبفي الصميم هذه الرشاقة اللماحة والهشة فيالوقتعينه لمحرر المقالات هذه، حتى يحتمي بالأحراش النظرية والإصلاحيةلما هوعلمي) ويختم جورج مونان نقده لبارت بالقول: (قلة من الأدباء الذينيتوجهإليهم بارت بحديثه..) وواصفاً إياه أنه (لا يقاوم أي كلمة علميةجميلة) وهوصادق في ذلك ألم يعترف بارت في كتابه الموسوم «لذة النص» بذلك الوصف عندما قال وإذا كنا نحب الألفاظ المستحدثة فإننا نستطيع أن نعرف نظرية النص بأنها علم صناعة نسيج العنكبوت) ويؤكد موزان على الحرية المطلقة في استخدام المصطلح من قبل كل مجدد ويؤكد كذلك أن بارت كان حراً بإطلاق عبارة السيميولوجيا على بحثه بيد أن المشكلة الأساسية هي فيما إذا كان بارت قد استقل في هذه النقطه بالذات عن هلمسلف أم لا، فمن جهة أن هذا الأخير قد أهمل بارت ذكره تماماً.
وقد وجه مونان حديثة إلى اصطلاح لهلمسلف يسميه بارت «الميتالغوي» غير أن مونان يذكر في مكان آخر: (أكان بارت قد سقط في أحبولة «تعدد المعاني» فقد فوت على نفسه فرصة الخوض فيالتحليلالنفسي الاجتماعي بالرغم من أنه قد شد الانتباه إلى هذا الميدان -كما يقولمونان - ولذا يمكن اعتباره أحد الطليعيين اللامعين فيه).
هذا ويسير (س.رافندران) في كتابه الموسوم «البنيوية والتفكيك» الى نظرية الشفرات عند بارت ووظائفها قائلاً: «ومهما كانت درجة عدم القبول عن بعض قراءاته فإنه يقدم إسهاماً كبيراً فيما يتمثل ببرهنته على تناهي النص وانطوائه - في الوقت نفسه - على عدد لامتناه من الشفرات».المصادر1- رولان بارت: لذة النص، ترجمة منذر عياشي الطبعة الثانية مركز الإنماء الحضاري 2002م.
2-رولانبارت:الدرجة الصفر للكتابة، ترجمة محمد برادة، الطبعة الثانية، دارالطليعةبيروت الشركة المغربية للناشرين المتحدين الرباط - المغرب 2891م.
3- رولان بارت: الأسطورة اليوم، ترجمة حسن الغرفي، الطبعة الأولى دار الشؤون الثقافية العامة بغداد 0991م.
4- رولان بارت: مبادئ في علم الأدلة ترجمة وتقديم محمد البكري، الطبعة الثانية، دار الحوار اللاذقية - سوريا 7891م.
5- رولان بارت: مدخل إلى التحليل البنيوي للقصص، ترجمة عياش: الطبعة الأولى مركز الإنماء الحضاري 3991م.
6- جورج مونان، ترجمة د.مي عبدالكريم محمود: سيميولوجيا بارت، مجلة الموقف الثقافي الشئون العامة بغداد العدد 97991م س 47-97.
7- إبتسام مرهون الصفار: أثر المناهج النقدية الحديثة، مجلة علامات المجلد 41 الجزء 55 النادي الثقافي الأدبي بجدة محرم 6241 هـ ص 192 - 413.
8- ناظم عودة: تحولات النظرية النقدية الحديثة، مجلة علامات المجلد 41 الجزء 35 النادي الأدبي الثقافي بجدة سبتمبر 4002م ص 022-642.
9- بقشي عبدالقادر: التناص النقدية، مجلة علامات المجلد 11 الجزء 85 النادي الثقافي جدة ديسمبر 5002م ص 1002-212.
01- حميد سمير: المؤلف في التراث الأدبي موت أم حياة، علامات المجلد 9 الجزء 53 النادي الأدبي جدة مارس 0002م ص 521-831.
11- يوسف ناوري: جماليات اشتغال النص الشعري المعاصر، علامات المجلد 41 الجزء 95 النادي الادبي جدة مارس 6002م ص 54-49.
21- ب. زيما، ترجمة محمد الزكراوي: جمالية التلقي، دورية نوافذ النادي الادبي جدة العدد 52 سبتمبر 3002م ص 57-08.
31- س. رافندران، ترجمة خالدة حامد: الشفرات الخمس والمعنى في قصة سارازين دراسة وأبعاده، دورية نوافذ النادي الثقافي الادبي جدة العدد 52 سبتمبر 3002م ص 18-401.
41- ليلى بيرون موازي، ترجمة سعيد بن الهاني: التناص النقدي، دورية نوافذ النادي الادبي جدة العدد 42 سبتمبر 5002م ص 55-48.
51- أنطوان كومبانيون، ترجمة لحسن بوتكلاي: قلق القراءة، دورية نوافذ النادي الأدبي جدة العدد 42 يونية 3002م ص 9-91م.
وسعت البنيوية إلى علمنة الأدب والنظر إلى النص على أنه بنية لغوية مغلقة وصار المؤلف ضحية لأنه يظل خارج اللعبة تماماً ويصبح النص دون هوية وإنما هويته كامنة في بنيته اللغوية المغلقة أو ما عرف بسجن اللغة.
وقداعتمدبارت على التركيز على مفهوم الكتابة بدلاً من التركيز على المؤلففقد بدأمقالته بسؤال مقتبس من بلزاك: من يتحدث هنا ؟ ووجد بارت أنه لاإمكانيةللإجابة عن السؤال لأن الكتابة تدمر كل صوت وكل أصل إذ إن الكلمةالمكتوبةتنفصل عن مالكها على النقيض من الكلام الذي يرتبط بقائلهارتباطاً وثيقاوما يتبقى هو الكتابة ذات اللونين الأسود والأبيض.
ودون شك قاد إلغاء المؤلف والنص من قبل البنيوية والتفكيكية - التقويضية - إلى البحث عن سلطة ثالثة هي (سلطة القارئ).سلطة القارئتحول القارئ فينقدنظرية التلقي ونقد استجابة القارئ (صاغ الفكرة يان موكورفسكي 1981-5791)وبسطها وطورها هانس روبرت ياوس وفولنغنغ إيزر) من صاحب دورها مشىإلى صاحبالدور الأساسي فقد حل محل المؤلف ومحل النص في آن واحد وفي ضوء هذا التصور فقد أعلن بارت أن ميلاد القارئ يجب أن يكون على حساب موت المؤلف.
ولا شك في أن القارئ كان ذا حضور مهمش ومقزم في نظريات الأدب الكلاسيكية لكن نظريات التلقي والتأويل حولته إلى مؤلف للنص ومنتج له.
بعد أن أكدت موت المؤلف الحقيقي وفي ضوء هذه المعطيات انتقلت السلطة إلى القارئ وأصبح المهيمن على النص حتى أن النص أضحى لا وجود له دون قارئ يستطيع أن يخلق المعنى.
وقد تخلص القارئ من كونه متلقياً سلبياً أو مستهلكاً يقع تحت سلطة النص إلى أن أصبح هو البديل الحقيق للمؤلف.
ومنهناأصبح النص مفتوحاً على قراءات متعددة لا يمتلك دلالة واحدة وإنماصارتدلالاته متعددة ومتشعبة إلى حد كبير وظهر أصناف من القراء مثلالقارئالضمني والقارئ المرتقب أو القارئ العمدة والقارئ المثالي والقارئغيرالبريء.
وما يهمنا هنا هو أن الاستراتيجية التي توصل إليها (بارت)كانتنتيجتها المنطقية هي تنحية سلطة المؤلف (البعبع) التقليدي الذي يغارمنهالناقد، مما يسمح وفق الخطوة الأولى بالحديث عن مبدع جديد هو الناقدنفسههذا الذي يحدد المعنى وينتج لغة تتبرج في زهو، ومفهوم أن هذه الرؤية لدور المؤلف فيعمليةإنتاج النص تتنافى مع الرؤية التقليدية التي تعتقد أن المؤلف يغذيالنصلأنه موجود قبله ويفكر ويعاني ويعيش من أجله وهو على نفس علاقة السبقمعهكتلك التي تكون بين الأب وابنه.
إنطريقةتعامل بارت مع الممارسة النقدية تكشف تصوره لدور الناقد الذي أصبحناصاً أيمبدعاً لنص قائم بذاته، فالنقد قراءة أي: مجموعة منالاستراتيجياتوالمناورات المنهجية والبلاغية التي تعبر عن نفسها أو ربمالا تعبر إلا عننفسها لا تمتلك أن تصف غير ذاتها وقد أكد بارت ذلك في«لذةالنص» قائلاً: (إن النص النقدي يستطيع أن يعبر الخط الفاصل بينالوصفوالإبداع، أن يتحول من لغة ثانوية إلى لغة أولية وعندها سيصبح حدثاًيحتفىبه في تاريخ الأدب بقدر ما يحتفى بالعمل الفني في تاريخ النقد وعند ذلك سيدخل النقد دائرة الإبداع).بارت والتحليل البلاغيوفي إطار الحديث عن المسار الفكري والأدبي لبارت ينصرف الحديث عن إسهامه إلى جانب نقاد آخرين (في بناء بلاغة جديدة قائمة على مفاهيم بنيوية حيث كتب سنة 4691م في هامش مقال له عن (بلاغة الصورة) ينبغي إعادة التفكير في البلاغة الكلاسيكية بمفاهيم بنيوية .. وسيكون حينئذ من الممكن وضع بلاغة عامة أو لسانية لدوال الإيحاء صالحة للكلام والصورة والحركة).
وينظر بارت في مقاله (مختصر فيالبلاغةالقديمة) إلى البلاغة بوصفها (الحقل الإيحائي للغة) الذي يحولالتعبيراللغوي بواسطة المحسنات من صورة إلى صورة ليؤسس مفهوم الأدب كلغةتتميزبالانزياح - العدول عن لغة التواصل - ولذلك نجد بارت يلح على امتزاج-البلاغة بالأدب كتقنية للتواصل وحدود الأدب نفسه إنها البعد العشقيللكتابة.أثر المناهج النقدية الحديثة في الدراسة النقدية المعاصرة
تشير الدراسات النقدية المعاصرة إلى أن محمد مندور ربما يكون أول من أشار إلى النقد البنيوي فيفرنسادون أن يذكر المصطلح وقد قام عدد من الباحثين والنقاد بلفت نظرالقارئالعربي إلى الوافد من المناهج النقدية الحديثة التي لم يألفها منقبل فكانأول من حاول أن يفصل ذلك هو د. عبدالسلام المسدي في كتابه (الأسلوب والأسلوبية نحو بديل ألسني للنقد الأدبي عام 7791م) وقد سبق كتاب المسدي مقال لموريس أيوب ناصر نشره عام 3891 وفي نفس العام كتب د. شكري عياد كتاب (مدخل إلى علم الأسلوب) تلى ذلك كتاب الدكتور محمد عبدالمطلب (البلاغة والأسلوبية).
هذا واتجهت بحوث الدراسات العليا نحو تأصيل النظريات النقدية الحديثة وتأصيل المفاهيم والمصطلحات خاصة التي أثارت انتباههم في محاولة لتتسع جذورها ومقارباتها في النقد العربي القديم والبحث عن الشواهد التطبيقية التي تؤيد وجودها.
فكتبتْ إنعام فائق عن المنهج الأسلوبي وبينت مفاهيمه ومعالمه وحاولتْ تأصيله في النقد العربي القديم ونحت في دراستها منحى تطبيقياً من خلال متابعة الشواهد الشعرية التي وقف عندها النقاد العرب في رسالة نالت بها درجة الماجستير بعنوان المنهج الأسلوبي في نقد الشعر عند العرب دراسة تطبيقية، كلية الآداب جامعة بغداد 3991م.
ودرس رحمن غركان عبادي مقومات عمود الشعر الأسلوبية في النظرية والتطبيق رسالة دكتوراه 8991م آداب جامعة بغداد.
ووفق المنهج الأسلوبي نوقشت رسالة دكتوراه عام 6991م في كلية التربية بغداد للباحث محمد سعيد الجبوري (البنية القصصية) في الشعر الأموي دراسة فنية أسلوبية)، ودرست وحيدة صالح حسون ديوان النابغة، دراسة في أسلوبه الشعري 0891 جامعة الكوفة، واختارت نصرة الشمري الخطاب الشعري عند بشار بن برد دراسة نصية عام 3991م كلية الآداب جامعة بغداد، ودرست أمينة الموسوي (شعر أبي فراس، دراسة أسلوبية ماجستير المستنصرية 3991م، أما رباب صالح حسن من جامعة المستنصرية فكتبت عن: أسلوب شعر عمر بن أبي ربيعة.
وهناكرسائلحملت عنوان شاعر ما درست من خلال فصول شعره دراسة أسلوبية مثل دراسةخالدالسامرائي عن شعر الشاعر ذي الرمة جامعة المستنصرية 7991م، ودراسةعباسصادق بعنوان: شعر الراعي النميري دراسة في الأسلوب الشعري، آداب، الكوفة 7991م.
وكتب كمال عبدالرزاق رسالة دكتوراه عن البنيات الأسلوبية في مطولات الشعر العربي الحديث عام 5991م بغداد.
ويأتي في هذا السياق الرسائل العلمية الآتية:
1- حسين ناظم عودة: البنى الأسلوبية في شعر السياب، جامعة المستنصريه.
2- سعيد سالم سعيد الجريري اختار شعر البردوني ليدرسه دراسة أسلوبية، جامعة المستنصرية 7991م.
3- إبتسام محمد رائد: شعر صلاح عبدالصبور دراسة أسلوبية، المستنصرية 7991م.
4- عشتار داؤود محمد: شعر محمود حسن إسماعيل، دراسة أسلوبية، كلية التربية (بنات) جامعة بغداد 9991م.
وهناك رسائل اتبعت نظرية التلقي ومن الأطروحات الجادة في تتبع هذه النظرية أطروحة محمد مبارك فهي رائدة في توضيح معالم النظرية .. إلخ وذلك في رسالته عن نظرية الاستجابة والتلقي في الأدب العربي 2991م.
وأتبعها برسالة جادة 5991م في كلية الآداب جامعة بغداد عن القراءة ونظرية التلقي في النقد العربي حتى نهاية القرن السابع الهجري.
وقد شغل مفهوم الانزياح عدد من الباحثين وكتبت رسائل عديدة فيه وكذلك مفهوم التناص.
وإذا كانت الرسالة السابقة قد تبنت تأصيل منهج نقدي حديث وتطبيقه على الشعر العربي قديم وحديث فقد سبقت محاولات جادة لدراسة الجزئيات كالبناء الفني بشكل عام والبنى الجزئية بشكل خاص كالصورة والزمان والمكان والرمز والقناع والغربة واللغة الشعرية، وقد وفقت الباحثة إبتسام مرهون الصفار في استقصاء ما كتب من رسائل علمية جامعية في أقسام اللغة العربية في كليات الآداب والتربية في أكثر من عشر جامعات من جامعات العراق وقدمت صورة جلية عن أثر المناهج النقدية الحديثة في الدراسة النقدية.النقد الموجه لرولان بارت:-لمتنقلسهام النقد من ناقد كما نالت من بارت وأسوأ ما وصف به بارت أنه (لميكنسوى محرر مقالات) بحسب جورج مونان الذي يضيف قائلاً: (بيد أننا ما أننصيبفي الصميم هذه الرشاقة اللماحة والهشة فيالوقتعينه لمحرر المقالات هذه، حتى يحتمي بالأحراش النظرية والإصلاحيةلما هوعلمي) ويختم جورج مونان نقده لبارت بالقول: (قلة من الأدباء الذينيتوجهإليهم بارت بحديثه..) وواصفاً إياه أنه (لا يقاوم أي كلمة علميةجميلة) وهوصادق في ذلك ألم يعترف بارت في كتابه الموسوم «لذة النص» بذلك الوصف عندما قال وإذا كنا نحب الألفاظ المستحدثة فإننا نستطيع أن نعرف نظرية النص بأنها علم صناعة نسيج العنكبوت) ويؤكد موزان على الحرية المطلقة في استخدام المصطلح من قبل كل مجدد ويؤكد كذلك أن بارت كان حراً بإطلاق عبارة السيميولوجيا على بحثه بيد أن المشكلة الأساسية هي فيما إذا كان بارت قد استقل في هذه النقطه بالذات عن هلمسلف أم لا، فمن جهة أن هذا الأخير قد أهمل بارت ذكره تماماً.
وقد وجه مونان حديثة إلى اصطلاح لهلمسلف يسميه بارت «الميتالغوي» غير أن مونان يذكر في مكان آخر: (أكان بارت قد سقط في أحبولة «تعدد المعاني» فقد فوت على نفسه فرصة الخوض فيالتحليلالنفسي الاجتماعي بالرغم من أنه قد شد الانتباه إلى هذا الميدان -كما يقولمونان - ولذا يمكن اعتباره أحد الطليعيين اللامعين فيه).
هذا ويسير (س.رافندران) في كتابه الموسوم «البنيوية والتفكيك» الى نظرية الشفرات عند بارت ووظائفها قائلاً: «ومهما كانت درجة عدم القبول عن بعض قراءاته فإنه يقدم إسهاماً كبيراً فيما يتمثل ببرهنته على تناهي النص وانطوائه - في الوقت نفسه - على عدد لامتناه من الشفرات».المصادر1- رولان بارت: لذة النص، ترجمة منذر عياشي الطبعة الثانية مركز الإنماء الحضاري 2002م.
2-رولانبارت:الدرجة الصفر للكتابة، ترجمة محمد برادة، الطبعة الثانية، دارالطليعةبيروت الشركة المغربية للناشرين المتحدين الرباط - المغرب 2891م.
3- رولان بارت: الأسطورة اليوم، ترجمة حسن الغرفي، الطبعة الأولى دار الشؤون الثقافية العامة بغداد 0991م.
4- رولان بارت: مبادئ في علم الأدلة ترجمة وتقديم محمد البكري، الطبعة الثانية، دار الحوار اللاذقية - سوريا 7891م.
5- رولان بارت: مدخل إلى التحليل البنيوي للقصص، ترجمة عياش: الطبعة الأولى مركز الإنماء الحضاري 3991م.
6- جورج مونان، ترجمة د.مي عبدالكريم محمود: سيميولوجيا بارت، مجلة الموقف الثقافي الشئون العامة بغداد العدد 97991م س 47-97.
7- إبتسام مرهون الصفار: أثر المناهج النقدية الحديثة، مجلة علامات المجلد 41 الجزء 55 النادي الثقافي الأدبي بجدة محرم 6241 هـ ص 192 - 413.
8- ناظم عودة: تحولات النظرية النقدية الحديثة، مجلة علامات المجلد 41 الجزء 35 النادي الأدبي الثقافي بجدة سبتمبر 4002م ص 022-642.
9- بقشي عبدالقادر: التناص النقدية، مجلة علامات المجلد 11 الجزء 85 النادي الثقافي جدة ديسمبر 5002م ص 1002-212.
01- حميد سمير: المؤلف في التراث الأدبي موت أم حياة، علامات المجلد 9 الجزء 53 النادي الأدبي جدة مارس 0002م ص 521-831.
11- يوسف ناوري: جماليات اشتغال النص الشعري المعاصر، علامات المجلد 41 الجزء 95 النادي الادبي جدة مارس 6002م ص 54-49.
21- ب. زيما، ترجمة محمد الزكراوي: جمالية التلقي، دورية نوافذ النادي الادبي جدة العدد 52 سبتمبر 3002م ص 57-08.
31- س. رافندران، ترجمة خالدة حامد: الشفرات الخمس والمعنى في قصة سارازين دراسة وأبعاده، دورية نوافذ النادي الثقافي الادبي جدة العدد 52 سبتمبر 3002م ص 18-401.
41- ليلى بيرون موازي، ترجمة سعيد بن الهاني: التناص النقدي، دورية نوافذ النادي الادبي جدة العدد 42 سبتمبر 5002م ص 55-48.
51- أنطوان كومبانيون، ترجمة لحسن بوتكلاي: قلق القراءة، دورية نوافذ النادي الأدبي جدة العدد 42 يونية 3002م ص 9-91م.