نظرات في مصطلحات اللسانيات النصية (Textual Linguistic ) (2)
<blockquote class="postcontent restore">
نظرات في مصطلحات اللسانيات النصية (Textual Linguistic ) (2)
دكتور
أسامة عبد العزيز جاب الله
كلية الآداب – جامعة كفر الشيخ
المصطلح الثالث : الاتساق Cohesion ( )
يقصد بالاتساق : ذلك التماسك الشديد بين الأجزاء المشكلة لنص ما ، ويكون
مناط الاهتمام فيه منصباً على الوسائل اللغوية التي ( تربط ) بين هذه
العناصر المكونة للنص مثل : الإحالة ( قبلية وبعدية ) ، والضمائر ، والعطف
، والاستبدال ، والحذف ، والمقارنة وغيرها من الوسائل .
ويترجم المصطلح إلى ( السبك )( ) ، و( الربط )( ) ، و( التماسك )( ). وهو
من المصطلحات التي وردت في تراثنا النقدي والبلاغي بصورة رائعة وتوظيف حسن
( ).
ويري د . تمام حسان أن الاتساق " إحكام علاقات الأجزاء ، ووسيلة ذلك إحسان
استعمال المناسبة المعجمية من جهة ، وقرينة الربط النحوي من جهة أخرى ،
واستصحاب الرتب النحوية إلا حين تدعو دواعي الاختيار الأسلوبي ، ورعاية
الاختصاص والافتقار في تركيب الجمل " ( ).
وتأسيساً على هذا فإن السبك نوعان هما ( ) :
الأول : السبك المعجمي ( Lexical Recurrence ) ويكون بين المفردات . ويتحقق بوسيلتين هما :
1- التكرار ( Reiteration ) ويقصد به تكرار لفظين يكون المرجع فيهما واحد
، مثل عودة الضمير على متقدم في مثل قولنا : ( السماءُ نجومُها مضيئةٌ )
فالضمير ( ها ) يعود علة متقدم هو ( السماء ) ، ولا يمكن تفسيره إلا
بالرجوع إلى ما يحيل إليه ، ومن ثم ترتبط الكلمة ( الثانية ) بالكلمة (
الأولى ) . ويعد هذا التكرار من قبيل الإحالة إلى سابق ( Anaphora ) .
2- التضام = المصاحبة المعجمية ( Collocation ) ويراد بها العلاقات
القائمة بين الألفاظ في اللغة مثل ( الولد / البنت ) علاقة التضاد ،
وعلاقة التقابل ، وعلاقة الجزء بالكل ، وعلاقة الجزء بالجزء ، مما يشيع في
اللغة عامة وفي علم الدلالة خاصة .
والنوع الثاني : السبك النحوي ويتحقق بالعطف والإحالة والوصف ، وغيرها من وسائل التضام .
تلك هي أهم مناطق عمل مفهوم ( الاتساق ) في اللسانيات النصية .
المصطلح الرابع : الانسجام Coherence ( )
ويقصد بالانسجام ذلك المعيار الذي يختص بالاستمرارية المتحققة للنص ، أي
استمرارية الدلالة المتولدة عن العلاقات المتشكلة داخل النص . ويقوم (
الانسجام ) النصي عن طريق تحقق العديد من العلاقات الدلالية بين أجزاء
النص مثل ( ) :
أ– علاقات الربط : ( الوصل والفصل ، والإضافة ، والعطف ) .
ب– علاقات التبعية : ( الإجمال والتفصيل ، والظرفية ، والسببية ، والشرط والجزاء ، والعموم والخصوص ) .
ويرى محمد خطابي أنه " ليس هناك نص منسجم في ذاته ، وغير منسجم في ذاته
باستقلال عن المتلقي ، بل إن المتلقي هو الذي يحكم على نص بأنه منسجم ،
وعلى آخر بأنه غير منسجم " ( ) .
تلك هي أهم ملامح مصطلح ( الانسجام ) كمصطلح أعم من ( الاتساق ) بل ويحتويه .
المصطلح الخامس : ( النص Text )
النص كائن لغوي يحمل في طياته عناصر صوتية وصرفية وتركيبية ودلالية تنتظم
جميعاً في ( بنية ) محكومة بقواعد التركيب . ويرى الأزهر الزناد أن " النص
نسيج من الكلمات يترابط بعضها ببعض . وهذه الخيوط تجمع عناصره المختلفة
والمتباعدة في كلٍ واحد " ( ). في حين يرى د . حاتم الصكر أن " النص من
حيث هو ملفوظ يبرز للعيان جزء يسير منه هو شكله الصوتي ، أما فروعه فتمثل
الجزء الخفي منه " ( ). وعلى هذا فإن النص هو :
1 – بنية .
2 – مركبة من عدد من العناصر .
3 – هذه العناصر متضامة معاً في نسيج واحد .
4 – متكاملة تتفاعل مع بعضها البعض .
5 – منظمة في إطار توزيعي منسجم .
6 – ذات أفق دلالي تؤدي إليه المستويات المتعددة لهذه البنية .
وتعدد المداخل لتعريف ( النص ) وتتنوع حسب مبادئ كل اتجاه . فالبنيويون
يرون ( النص ) أنه نسيج عنكبوتي تذوب الذات وسطه وتضيع فيه ( ).
والسيميوطيقيون يرونه مجموعة من العناصر المكوَّنة تتآلف وتُنَسَّق طبقاً
لقوانين محددة ( ). واللسانيون يعرفونه بأنه مُدَوَّنة أو مقولة لغوية ،
وإطار لتوزيع الوحدات المكوِّنة لهذه المقولة ( ).
وهذه المداخل رغم تنوع منظورها للنص إلا أنها تتفق فيما بينها على تناول
النص كبينية قابلة للتحليل الجزئي ، وخاضعة لكل مقاييس التناول العلمي
المتنوعة ( ).
ويرتبط بمصطلح ( النص ) مصطلح آخر حديث النشأة نسبياً هو (التناص
Intertextuality ) فماذا يقصد به ؟! يقصد بالتناص : تلك العلاقات التي
تنشأ بين نص أدبي وغيره من النصوص ( ). وتصف جوليا كريستيفا التناص بأنه "
نصوص تتم صناعتها عبر امتصاص ، وفي نفس الوقت عبر هدم النصوص الأخرى
للفضاء المتداخل نصياً " ( ). في حين يرى محمد مفتاح في التناص أنه "
تعالق نصوص مع نص حدث بكيفيات مختلفة "( ) .
ولا شك في كون مصطلح ( التناص ) - الذي يعود فضل ابتكاره إلى جوليا
كريستيفا - مبني بصورة أساسية على علاقته بالنص ، فما التناص إلا بالنص .
ويتضح ذلك بصورة كبيرة من خلال تعريف دو بيازي للنص بأنه " مبني على طبقات
، وتتكون طبيعته التركيبية من النصوص المتزامنة له والسابقة عليه " ( ).
فهذا التعريف يحمل في طياته تعريف ( التناص ) ، فالتناص على الأساس السابق
نوع من تأويل النص ، أو هو الفضاء الذي يتحرك فيه القارئ والناقد بحرية
معتمداً على ذخيرته من المعرفة والثقافة ، وذلك بهدف إرجاع النص إلى
عناصره الأولى التي أسهمت في تشكيله ( ).
الهوامش :
1. - هي ترجمة د. محمد خطابي . ينظر : د . محمد خطابي ، لسانيات النص ، 5 .
2. - هي ترجمة د. سعد مصلوح . ينظر : نحو أجرومية للمعنى الشعري ؛ دراسة
في قصيدة جاهلية ، مجلة فصول ، القاهرة ، مج 10 ، ع 1 ، 2 ، أغسطس 1991،
154 .
3. هي ترجمة د . سعيد بحيري . ينظر : د. سعيد بحيري ، علم لغة النص ، لونجمان ، القاهرة ، 1996 ، 120 .
4. - هي ترجمة د. الأزهر الزناد . ينظر : د. الأزهر الزناد ، نسيج النص ، المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء ، 1993 ، 15 .
5. - ورد عند الجاحظ وأسامة بن منقذ و ابن الأثير باسم ( السبك ) ، وعند
ابن أبي الإصبع باسم ( السبك والانسجام ) معاً . ينظر :الجاحظ ، البيان
والتبيين ، تحقيق : عبد السلام هارون ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ،
القاهرة ، 2003 ، 1 / 67 .- أبو هلال العسكري ، كتاب الصناعتين ، تحقيق :
محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم ، دار الجيل ، بيروت ، 1988 ، 116 .
6. - أسامة بن منقذ ، البديع في نقد الشعر ، تحقيق : د. أحمد بدوي ود.
حامد عبد الحميد ، مكتبة مصطفى البابي الحلبي ، القاهرة ، 1960 ، 163 . -
ابن الأثير ، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ، تحقيق : محمد محيي
الدين عبد الحميد ، المكتبة العصرية ، بيروت ،1995 ، 1 / 164 .
- ابن أبي الإصبع المصري ، بديع القرآن ، تحقيق : د. حفني شرف ، نهضة مصر ، القاهرة ، ط2 ، 1966 ، 166 .
7. - د . تمام حسان ، موقف النقد العربي التراثي من دلالات ما وراء
الصياغة اللغوية ( ضمن كتاب : قراءة جديدة لتراثنا النقدي ) ، النادي
الأدبي الثقافي ، جدة ، 1988 ، 2 /789 .
8. - ينظر : د. محمد خطابي ، لسانيات النص ، 24 ، 214 . - د. جميل عبد
المجيد ، البديع بين البلاغة العربية واللسانيات النصية ، 77 ، 107 ، 121
.- د. محمد الحارثي ، قراءة جديدة لمفهوم السبك ، مجلة جذور ، مج 4 ، ع 7
، النادي الأدبي الثقافي ، جدة ، ديسمبر 2001 ، 12 – 14 .
9. - يترجمه محمد خطابي إلى ( الانسجام ) ، و د. سعد مصلوح إلى ( الحبك )
. ينظر : د . محمد خطابي ، لسانيات النص ، 34 . - د. سعد مصلوح ، نحو
أجرومية للنص الشعري ، 155 .
10. - جان سيرفوني ، الملفوظية ، ترجمة : د. قاسم المقداد ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، 1998 ، 24 .
11. - د . محمد خطابي ، لسانيات النص ، 51 .
12. - د . الأزهر الزناد ، نسيج النص ، 12 .
13. - د . حاتم الصكر ، التطور النظري للتحليل النصي ، المجلة العربية للثقافة ، تونس ، ع 32 ، 1997 ، 211 .
14. - ينظر : رولان بارت ، لذة النص ، ترجمة : فؤاد صفا ، دار توبقال ، الدار البيضاء ،1988 ، 62 .
15. - ينظر : نصر حامد أبو زيد و سيزا قاسم ، مدخل إلى أنظمة العلامات ، دار إلياس ، القاهرة ، 1988 ، 18 .
16. - ينظر : روبرت شولز ، البنيوية في الأدب ، ترجمة : سعيد الغانمي ،
المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروت ، 1994 ، 55 .
17. - ينظر : د. محمد مفتاح ، تحليل الخطاب الشعري استراتيجية التناص ،
المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء ، 1986 ، 119 .- جوليا كريستيفا ،
علم النص ، ترجمة : فريد الزاهي ، دار توبقال ، الدار البيضاء ، ط2 ،1997
، 80 .- د. صلاح فضل ، بلاغة الخطاب وعلم النص ، عالم المعرفة ، الكويت ،
ع 164 ، أغسطس 1992 ،252- 253 .
- د. عزت جاد ، نظرية المصطلح النقدي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ،
القاهرة ، 2002 ، 267 .- فان دايك ، علم النص ؛ مدخل متداخل الاختصاصات ،
ترجمة : د. سعيد بحيري ، عالم الكتب ، القاهرة ، 2001 ، 17 – 34 .
- دي بوجراند ، النص والخطاب والإجراء ترجمة : د . تمام حسان ، عالم الكتب ، القاهرة ، 1998 ، 301 – 302 .
- بيير جيرو ، السيمياء ، ترجمة : أنطون أبي زيد ، عويدات ، بيروت ، 1984 ، 9 – 16 . - د. سعيد بحيري ، علم لغة النص ، 106 - 107 .
18. - فاطمة قنديل ، التناص في شعر السبعينيات ، الهيئة العامة لقصور الثقافة ، القاهرة ، 1999 ، 29 .
19. - جوليا كريستيفا ، علم النص ، 78 .
20. - د. محمد مفتاح ، تحليل الخطاب الشعري ، 21 .
21. - دو بيازي ، نظرية التناصية ، ترجمة: الرجوني عبد الرحيم ، مجلة
علامات في النقد ، النادي الأدبي الثقافي ، جدة ، مج 1 ، ع 21 ، 1999 ،
310 .
22. - ينظر : مارك إنجينو ، مفهوم التناص في الخطاب النقدي الجديد ، ترجمة
: أحمد المديني ، معهد الإنماء العربي ، حلب ، 1993 ، 102 – 112 .- أنور
المرتجي ، سيميائية النص الأدبي ، دار إفريقيا الشرق ، الدار البيضاء ،
1987 ، 47 – 56 .- جيرار جينيت ، مدخل لجامع النص ، ترجمة : عبد الرحمن
أيوب ، المجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة ، 2002 ، 90 – 97 .- جاك دريدا ،
الكتابة والاختلاف ، ترجمة : كاظم جهاد ، دار توبقال ، الدار البيضاء ،
1988 ، 30 – 41 .- غريب إسكندر ، الاتجاه السيميائي في نقد الشعر العربي ،
المجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة ،2002 ،79– 93 .- حاتم الصكر ، ترويض
النص ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1998 ، 43 – 60 .
</blockquote>
<blockquote class="postcontent restore">
نظرات في مصطلحات اللسانيات النصية (Textual Linguistic ) (2)
دكتور
أسامة عبد العزيز جاب الله
كلية الآداب – جامعة كفر الشيخ
المصطلح الثالث : الاتساق Cohesion ( )
يقصد بالاتساق : ذلك التماسك الشديد بين الأجزاء المشكلة لنص ما ، ويكون
مناط الاهتمام فيه منصباً على الوسائل اللغوية التي ( تربط ) بين هذه
العناصر المكونة للنص مثل : الإحالة ( قبلية وبعدية ) ، والضمائر ، والعطف
، والاستبدال ، والحذف ، والمقارنة وغيرها من الوسائل .
ويترجم المصطلح إلى ( السبك )( ) ، و( الربط )( ) ، و( التماسك )( ). وهو
من المصطلحات التي وردت في تراثنا النقدي والبلاغي بصورة رائعة وتوظيف حسن
( ).
ويري د . تمام حسان أن الاتساق " إحكام علاقات الأجزاء ، ووسيلة ذلك إحسان
استعمال المناسبة المعجمية من جهة ، وقرينة الربط النحوي من جهة أخرى ،
واستصحاب الرتب النحوية إلا حين تدعو دواعي الاختيار الأسلوبي ، ورعاية
الاختصاص والافتقار في تركيب الجمل " ( ).
وتأسيساً على هذا فإن السبك نوعان هما ( ) :
الأول : السبك المعجمي ( Lexical Recurrence ) ويكون بين المفردات . ويتحقق بوسيلتين هما :
1- التكرار ( Reiteration ) ويقصد به تكرار لفظين يكون المرجع فيهما واحد
، مثل عودة الضمير على متقدم في مثل قولنا : ( السماءُ نجومُها مضيئةٌ )
فالضمير ( ها ) يعود علة متقدم هو ( السماء ) ، ولا يمكن تفسيره إلا
بالرجوع إلى ما يحيل إليه ، ومن ثم ترتبط الكلمة ( الثانية ) بالكلمة (
الأولى ) . ويعد هذا التكرار من قبيل الإحالة إلى سابق ( Anaphora ) .
2- التضام = المصاحبة المعجمية ( Collocation ) ويراد بها العلاقات
القائمة بين الألفاظ في اللغة مثل ( الولد / البنت ) علاقة التضاد ،
وعلاقة التقابل ، وعلاقة الجزء بالكل ، وعلاقة الجزء بالجزء ، مما يشيع في
اللغة عامة وفي علم الدلالة خاصة .
والنوع الثاني : السبك النحوي ويتحقق بالعطف والإحالة والوصف ، وغيرها من وسائل التضام .
تلك هي أهم مناطق عمل مفهوم ( الاتساق ) في اللسانيات النصية .
المصطلح الرابع : الانسجام Coherence ( )
ويقصد بالانسجام ذلك المعيار الذي يختص بالاستمرارية المتحققة للنص ، أي
استمرارية الدلالة المتولدة عن العلاقات المتشكلة داخل النص . ويقوم (
الانسجام ) النصي عن طريق تحقق العديد من العلاقات الدلالية بين أجزاء
النص مثل ( ) :
أ– علاقات الربط : ( الوصل والفصل ، والإضافة ، والعطف ) .
ب– علاقات التبعية : ( الإجمال والتفصيل ، والظرفية ، والسببية ، والشرط والجزاء ، والعموم والخصوص ) .
ويرى محمد خطابي أنه " ليس هناك نص منسجم في ذاته ، وغير منسجم في ذاته
باستقلال عن المتلقي ، بل إن المتلقي هو الذي يحكم على نص بأنه منسجم ،
وعلى آخر بأنه غير منسجم " ( ) .
تلك هي أهم ملامح مصطلح ( الانسجام ) كمصطلح أعم من ( الاتساق ) بل ويحتويه .
المصطلح الخامس : ( النص Text )
النص كائن لغوي يحمل في طياته عناصر صوتية وصرفية وتركيبية ودلالية تنتظم
جميعاً في ( بنية ) محكومة بقواعد التركيب . ويرى الأزهر الزناد أن " النص
نسيج من الكلمات يترابط بعضها ببعض . وهذه الخيوط تجمع عناصره المختلفة
والمتباعدة في كلٍ واحد " ( ). في حين يرى د . حاتم الصكر أن " النص من
حيث هو ملفوظ يبرز للعيان جزء يسير منه هو شكله الصوتي ، أما فروعه فتمثل
الجزء الخفي منه " ( ). وعلى هذا فإن النص هو :
1 – بنية .
2 – مركبة من عدد من العناصر .
3 – هذه العناصر متضامة معاً في نسيج واحد .
4 – متكاملة تتفاعل مع بعضها البعض .
5 – منظمة في إطار توزيعي منسجم .
6 – ذات أفق دلالي تؤدي إليه المستويات المتعددة لهذه البنية .
وتعدد المداخل لتعريف ( النص ) وتتنوع حسب مبادئ كل اتجاه . فالبنيويون
يرون ( النص ) أنه نسيج عنكبوتي تذوب الذات وسطه وتضيع فيه ( ).
والسيميوطيقيون يرونه مجموعة من العناصر المكوَّنة تتآلف وتُنَسَّق طبقاً
لقوانين محددة ( ). واللسانيون يعرفونه بأنه مُدَوَّنة أو مقولة لغوية ،
وإطار لتوزيع الوحدات المكوِّنة لهذه المقولة ( ).
وهذه المداخل رغم تنوع منظورها للنص إلا أنها تتفق فيما بينها على تناول
النص كبينية قابلة للتحليل الجزئي ، وخاضعة لكل مقاييس التناول العلمي
المتنوعة ( ).
ويرتبط بمصطلح ( النص ) مصطلح آخر حديث النشأة نسبياً هو (التناص
Intertextuality ) فماذا يقصد به ؟! يقصد بالتناص : تلك العلاقات التي
تنشأ بين نص أدبي وغيره من النصوص ( ). وتصف جوليا كريستيفا التناص بأنه "
نصوص تتم صناعتها عبر امتصاص ، وفي نفس الوقت عبر هدم النصوص الأخرى
للفضاء المتداخل نصياً " ( ). في حين يرى محمد مفتاح في التناص أنه "
تعالق نصوص مع نص حدث بكيفيات مختلفة "( ) .
ولا شك في كون مصطلح ( التناص ) - الذي يعود فضل ابتكاره إلى جوليا
كريستيفا - مبني بصورة أساسية على علاقته بالنص ، فما التناص إلا بالنص .
ويتضح ذلك بصورة كبيرة من خلال تعريف دو بيازي للنص بأنه " مبني على طبقات
، وتتكون طبيعته التركيبية من النصوص المتزامنة له والسابقة عليه " ( ).
فهذا التعريف يحمل في طياته تعريف ( التناص ) ، فالتناص على الأساس السابق
نوع من تأويل النص ، أو هو الفضاء الذي يتحرك فيه القارئ والناقد بحرية
معتمداً على ذخيرته من المعرفة والثقافة ، وذلك بهدف إرجاع النص إلى
عناصره الأولى التي أسهمت في تشكيله ( ).
الهوامش :
1. - هي ترجمة د. محمد خطابي . ينظر : د . محمد خطابي ، لسانيات النص ، 5 .
2. - هي ترجمة د. سعد مصلوح . ينظر : نحو أجرومية للمعنى الشعري ؛ دراسة
في قصيدة جاهلية ، مجلة فصول ، القاهرة ، مج 10 ، ع 1 ، 2 ، أغسطس 1991،
154 .
3. هي ترجمة د . سعيد بحيري . ينظر : د. سعيد بحيري ، علم لغة النص ، لونجمان ، القاهرة ، 1996 ، 120 .
4. - هي ترجمة د. الأزهر الزناد . ينظر : د. الأزهر الزناد ، نسيج النص ، المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء ، 1993 ، 15 .
5. - ورد عند الجاحظ وأسامة بن منقذ و ابن الأثير باسم ( السبك ) ، وعند
ابن أبي الإصبع باسم ( السبك والانسجام ) معاً . ينظر :الجاحظ ، البيان
والتبيين ، تحقيق : عبد السلام هارون ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ،
القاهرة ، 2003 ، 1 / 67 .- أبو هلال العسكري ، كتاب الصناعتين ، تحقيق :
محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم ، دار الجيل ، بيروت ، 1988 ، 116 .
6. - أسامة بن منقذ ، البديع في نقد الشعر ، تحقيق : د. أحمد بدوي ود.
حامد عبد الحميد ، مكتبة مصطفى البابي الحلبي ، القاهرة ، 1960 ، 163 . -
ابن الأثير ، المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر ، تحقيق : محمد محيي
الدين عبد الحميد ، المكتبة العصرية ، بيروت ،1995 ، 1 / 164 .
- ابن أبي الإصبع المصري ، بديع القرآن ، تحقيق : د. حفني شرف ، نهضة مصر ، القاهرة ، ط2 ، 1966 ، 166 .
7. - د . تمام حسان ، موقف النقد العربي التراثي من دلالات ما وراء
الصياغة اللغوية ( ضمن كتاب : قراءة جديدة لتراثنا النقدي ) ، النادي
الأدبي الثقافي ، جدة ، 1988 ، 2 /789 .
8. - ينظر : د. محمد خطابي ، لسانيات النص ، 24 ، 214 . - د. جميل عبد
المجيد ، البديع بين البلاغة العربية واللسانيات النصية ، 77 ، 107 ، 121
.- د. محمد الحارثي ، قراءة جديدة لمفهوم السبك ، مجلة جذور ، مج 4 ، ع 7
، النادي الأدبي الثقافي ، جدة ، ديسمبر 2001 ، 12 – 14 .
9. - يترجمه محمد خطابي إلى ( الانسجام ) ، و د. سعد مصلوح إلى ( الحبك )
. ينظر : د . محمد خطابي ، لسانيات النص ، 34 . - د. سعد مصلوح ، نحو
أجرومية للنص الشعري ، 155 .
10. - جان سيرفوني ، الملفوظية ، ترجمة : د. قاسم المقداد ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، 1998 ، 24 .
11. - د . محمد خطابي ، لسانيات النص ، 51 .
12. - د . الأزهر الزناد ، نسيج النص ، 12 .
13. - د . حاتم الصكر ، التطور النظري للتحليل النصي ، المجلة العربية للثقافة ، تونس ، ع 32 ، 1997 ، 211 .
14. - ينظر : رولان بارت ، لذة النص ، ترجمة : فؤاد صفا ، دار توبقال ، الدار البيضاء ،1988 ، 62 .
15. - ينظر : نصر حامد أبو زيد و سيزا قاسم ، مدخل إلى أنظمة العلامات ، دار إلياس ، القاهرة ، 1988 ، 18 .
16. - ينظر : روبرت شولز ، البنيوية في الأدب ، ترجمة : سعيد الغانمي ،
المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروت ، 1994 ، 55 .
17. - ينظر : د. محمد مفتاح ، تحليل الخطاب الشعري استراتيجية التناص ،
المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء ، 1986 ، 119 .- جوليا كريستيفا ،
علم النص ، ترجمة : فريد الزاهي ، دار توبقال ، الدار البيضاء ، ط2 ،1997
، 80 .- د. صلاح فضل ، بلاغة الخطاب وعلم النص ، عالم المعرفة ، الكويت ،
ع 164 ، أغسطس 1992 ،252- 253 .
- د. عزت جاد ، نظرية المصطلح النقدي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ،
القاهرة ، 2002 ، 267 .- فان دايك ، علم النص ؛ مدخل متداخل الاختصاصات ،
ترجمة : د. سعيد بحيري ، عالم الكتب ، القاهرة ، 2001 ، 17 – 34 .
- دي بوجراند ، النص والخطاب والإجراء ترجمة : د . تمام حسان ، عالم الكتب ، القاهرة ، 1998 ، 301 – 302 .
- بيير جيرو ، السيمياء ، ترجمة : أنطون أبي زيد ، عويدات ، بيروت ، 1984 ، 9 – 16 . - د. سعيد بحيري ، علم لغة النص ، 106 - 107 .
18. - فاطمة قنديل ، التناص في شعر السبعينيات ، الهيئة العامة لقصور الثقافة ، القاهرة ، 1999 ، 29 .
19. - جوليا كريستيفا ، علم النص ، 78 .
20. - د. محمد مفتاح ، تحليل الخطاب الشعري ، 21 .
21. - دو بيازي ، نظرية التناصية ، ترجمة: الرجوني عبد الرحيم ، مجلة
علامات في النقد ، النادي الأدبي الثقافي ، جدة ، مج 1 ، ع 21 ، 1999 ،
310 .
22. - ينظر : مارك إنجينو ، مفهوم التناص في الخطاب النقدي الجديد ، ترجمة
: أحمد المديني ، معهد الإنماء العربي ، حلب ، 1993 ، 102 – 112 .- أنور
المرتجي ، سيميائية النص الأدبي ، دار إفريقيا الشرق ، الدار البيضاء ،
1987 ، 47 – 56 .- جيرار جينيت ، مدخل لجامع النص ، ترجمة : عبد الرحمن
أيوب ، المجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة ، 2002 ، 90 – 97 .- جاك دريدا ،
الكتابة والاختلاف ، ترجمة : كاظم جهاد ، دار توبقال ، الدار البيضاء ،
1988 ، 30 – 41 .- غريب إسكندر ، الاتجاه السيميائي في نقد الشعر العربي ،
المجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة ،2002 ،79– 93 .- حاتم الصكر ، ترويض
النص ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1998 ، 43 – 60 .
</blockquote>