منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    الإطار الإيقاعي في ديوان "شدو الواحة

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    الإطار الإيقاعي في ديوان "شدو الواحة Empty الإطار الإيقاعي في ديوان "شدو الواحة

    مُساهمة   الأحد ديسمبر 19, 2010 9:26 am


    الإطار الإيقاعي في ديوان "شدو الواحة"

    لخديجة ماء العينين بين صوت المعنى ومعنى الصوت

    إعداد: أدي ولد آدبالإطار الإيقاعي في ديوان "شدو الواحة Adbba
    توطئة

    لقد اخترت الإيقاع زاوية لمقاربة هذا
    الديوان، احتفاء بتجربة الشاعرة الكبيرة خديجة ماء العينين. ومرد ذلك
    الاختيار أن الإيقاع مكون أساسي، في الشعرية عموما، والشعرية التقليدية
    خصوصا، وفي ديوان شدو الواحة بصورة أخص. وينبني تذييلي للعنوان بجدلية:
    "صوت المعنى ومعنى الصوت"، على أنني أرى ( أن الإيقاعات الصوتية ليست
    "تصدية" مقصودة لذاتها،ولاضجيجا فارغا،"ولا جعجعة بدون طحين" وإنما هي
    تقنية تعبر عن دلالات وإيحاءات وإحساسات وأفكار، تكتنزها أصداء الأصوات
    والكلمات)[1].
    ولهذا كانت التنغيمات (يزيد في إدراك جمالها فهم الإيحاءات والدلالات
    المنبعثة منها في ربط الموسيقى بالمضمون، ومن هنا كانت للموسيقى وظيفة
    جمالية تقتضي دراسة الشعر باعتباره تشكلا صوتيا له إبعاد متميزة، وملامح
    خاصة، وكانت لها كذلك وظيفة تعبيرية تقتضي دراسة الدلالات التعبيرية
    للأصوات مفردة ومنسقة).[2]

    ونحن هنا نستلهم أيضا رأي هنري ميشونيك الذي يعتبر الإيقاع (دالا أكبر
    في الخطاب)، ويعرفه بوصفه (دالا منظما وبانيا للمعنى)، إذ ( أن علم الوزن
    –بهذا المعنى- يتأسس في إطار ما يمكن أن ندعوه صوت المعنى ومعنى الصوت،
    بما يكفل انتقالا من الخارج إلى الداخل ومن الداخل إلى الخارج، مما ينتج
    علاقة بين الوزن والإيقاع وبينها وبين الكون).[3]


    وانطلاقا من هذه الرؤية لن أكتفي بوصف
    الإطار الإيقاعي في هذا الديوان، بقدر ما سأتجاوز الصوت إلى معناه تحليلا
    وتأويلا، منساقا إلى هذا المنحى - من جهة أخرى - بدافع خلفياتي الأكاديمية
    في موضوع موسيقى الشعر، والإيقاع عموما، حيث أنجزت حول الموضوعين على
    التوالي بحثي الإجازة [4] والدراسات العليا المعمقة.[5]


    عنوان الديوان: عتبة الإيقاع

    لعل مقولة: "الكتاب يقرأ من عنوانه" لا
    يتجلى في شيء أكثر من عنوان "شدو الواحة" المكتنز بالإيحاءات الإيقاعية من
    خلال جدلية: الشدو/الواحة، المنبنية على تعالق طرفيها في بنيتها
    الإسنادية، شدوا وواحة. بغض النظر عن تراتبية المضاف والمضاف إليه، إذ كل
    منها يكاد يكون –هنا- عمدة وفضلة في الوقت ذاته، واختبارا لمصداقية
    العناوين، كانت لدى –دائما- هواية أو غواية،تتمثل في البحث عن أصداء
    العنوان وتجلياته في المتن المعنون،لأن أي عنوان لا تنبث روحه في نسيج
    جسمه،يبقى إلصاقامفتعلا.


    والحقيقة أن نصوص الديوان لم تخذلني في
    هذه اللعبة، الشيقة والشاقة، حيث أسعفتني بما يناهز مائة بيت، تتماهى فيها
    ثنائية: الشدو والواحة، بشكل مكثف، تعزف فيه مكونات الواحة، تلاوين معجم
    الإيقاعات المتعددة في اشتقافاتها اللغوية الثرية، والموحدة في دلالاتها
    المتواشجة، فـ ( العنادل غردت بنشيدها)[6] ، (والورق تسجع والطيور تغرد)[7] (وعلت أهازيج الوداد)[8] ،(تتوج ألحان الربيع برقصة)[9]، لأن دنيا هذا الفصل البديع (متعة... صدحت بها ناياته ومزامره)[10] لما (أقامت له الأطيار عيدا بشدوها)[11]عبر احتفالات (عرس الطبيعة هاهنا وهنالكم)[12]


    والطير من حسن الطبيعة منشد غرد ترتم إذ وعى أسرارها

    في الكون شدو والرياض وفي الفضا هذه الطبيعة أسعدت أطيارها[13].

    ومهما يكن فإن الشاعرة تتماهى مع "شدو
    الواحة" بكل مكوناتها، وتتداخل أنغامهما حتى لا تستطيع تمييز صوت هذه من
    تلك؟ وهل خديجة نفسها إلا "بلبلة سوس والصحراء، الشادية بحب واحتيهما معا:


    غنَيت بكلتا الجنتين طليقة وأقطف من داني القطوف مودتي

    وغنَّيت حتى قيل بلبلة شدت وماكان شدوي غير بوح قصيدتي.[14]

    إن بوح القصيدة هو بوح الشاعرة، وبوح الشاعرة هو بوح الواحة:

    لعل لسان الروض أخرسه الجوى فناب عن الأزهار قي البوح شاعره[15]

    وإذا كان لـ"عيد الزهر" إلهامه الخارق في نفس هذه البلبلة الشادية، فإن هناك عيد ا آخر لا يقل عنه إلهاما:

    بشائر هذا العيد ألهمت الشعرا وانطقت الأقلام والطرس والحبرا.

    تغنت به الأطيار في كل روضة وضمخت الأزهار أجواءه عطرا

    وغنت بعيد العرش بلبلة شدت وصيرت المكنون من شدوها جهرا

    تبادلت الصحراء والسوس لحنها متى أنشدته السوس رددت الصحرا[16]

    وما دامت الطيور- عصافير وعنادل وورقا
    وشحارير ...-هي ألسنة الواحة الشادية فلا غرابة أن تكون من أهم ملهمات
    الشاعرة الرهيفة الإحساس :"كم أذكت الوجد الطيور بشدوها" [17]


    إنها سنفونية "شدو الواحة" التي يبدو أن هذه الشاعرة الصحراوية مفتونة بأصدائها وأنغامها، بقدر ما هي مدلهة بألوانها .

    وهذا الشغف لا يعلن عن نفسه في تضاعيف
    النصوص فحسب،بل وحتى في عناوينها،بحيث يمكن أن نعيد بناء بعض هذه
    العناوين في نسق دال،يتقمص ألوان الواحة،ويتنفس عبقها،فهناك إبداع في "وصف
    واحة"، وتمل ب"نزهة وقت الأصيل"،في "روضة غناء"،وتفان "في المحافظة على
    الطبيعة"، واحتفاء بـ"عيد الزهر"،وافتتان ب "سحر الرياض".


    هذا مع أن هناك عناوين أخرى استنبطنت
    الواحة، وإن خانها التصريح بذلك، فهل "يتماء....." –في الحقيقة- إلا عرس
    الطبيعة؟وهل "جمال العمران بالصحراء" إلا "تل الطير"؟ التى هي حديقة
    بالعيون، "تنسيك في حسن البوادي والمدنْ،[18] وهل "عيون الساقية" إلا "واحة مخضلة معروشة..."؟


    فيها الحدائق أنشئت بتفنن في هامها تل الطيور الشاديه[19]

    وهل (وحي ندوة ثقافية ) إلا سياحة مزدوجة في "حدائق الفكر" و"رياض العلم"؟ حيث:

    يغدوويمسي بجنات..مناكبها عرض السموات والأرضين والشهب

    وفي حدائقها العناء ما اختلفت ألوانه من شهي الأري والعنب

    وتستلذ بقطف ليس يشبعه وكيف يشبع ذو علم وذو أدب؟![20].

    ولهذا نراها تناجي العصفور،مستحثة إياه على المزيد من التغريد،متناغمة معه،حتى لتقول:

    غرد لتلهم شاعرا بقصيدة صدحت ببعض نشيدك الموهوب

    رسم المداد حروفها رنانة فشدت بأعذب لحنك المكتوب [21]

    ولكي تعبر الشاعرة عن عمق تناغمها
    المتمادي مع "شدو الواحة"،المسكون بالإيقاعات عنوانا، وموضوعا، وذاتا،
    تحلق في معراجها المتسامي على بساط الأنغام ذي الجناحين:


    لما تملكت القلوب بشدوها وغدوت كالنشوان في خمر ودنْ

    .خاطبتها زيدي من التطريب لا لاتبخلي إن الغناء العذب فنْ[22]

    وقد ينطرح هنا سؤال مشروع حول مدى تناغم
    هذا الحضورالطاغي للواحة وشدوها، مع الحضور المهيمن لغرض الرثاء في الوقت
    ذاته،لدرجة أن الشاعرة منحت نفسها لقب الخنساء:


    إني تماضر مابكت وتوجعت وتفجعت وتأوهت برثاء

    *******

    أما خناس فإنني شاركتها تبكي كلانا صنوها برثاء

    والجواب أن "شدوالواحة" يمتزج فيه صوتا الحزن والفرح،"وبعض من الغناء بكاء"،حتى لا ندري:

    أبكت تلكم الحمامة أم غنت على فرع غصنها المياد

    وهل توزع "شدو الواحة"،وشدو الشاعرة، بين ثتائية:الغناء/البكاء،إلا تعبير عن وجهي الحياة؟"فشيمة الدهر إحلاء وإمرار".

    ومهما يكن ،فإن الوقت حان لتجاوز العتبة
    إلى الباب الرئيسي، لندخل البيوت من أبوابها،حتى نرى كيف اجترحت الشاعرة
    إيقاعها الشعري العروضي المنبثق من فضاء هذه الواحة الشادية.


    الإطار الإيقاعي العروضي لـ: شدو الواحة

    يتكون الإطار العروضي –في مشمولاته- من
    البحور والقوافي،بما يندرج تحتهما من ظواهر إيقاعية، تصاحبها لتعزيز الجرس
    الصوتي، مع ما تكتنزه كل هاتيك الظواهر الصوتية من دلالات، تمثل معاني
    أصواتها.


    1-البحور في شدو الواحة

    يتكون الديوان من 59 قصيدة تقع في 1080
    بيت، وقد اقتصرت الشاعرة في معزوفات هذا الديوان على سبعة أبحر، سبحت بين
    ضفافها، منتقية عبرها أشهر الأوزان العربية وأكثرها سيرورة على ألسنة
    الشعراء المحافظين، وقد تقسمت ابحرُها القصائدََ والأبيات "قسمة ضيزى"، ما
    بين قصيدة واحدة للمتقارب، إلى 28 قصيدة للكامل، وبين 4 أبيات للأول، و560
    للثاني، حسب ما يختزله هذا الجدول:


    البحر

    عدد القصائد

    نسبتها

    عدد الأبيات

    نسبتها

    الكامل

    28



    560



    البسيط

    10



    095



    الطويل

    09



    187



    الخفيف

    04



    085



    الرمل

    04



    081



    الوافر

    03



    068



    المتقارب

    01



    004



    07

    59



    1080



    وبإلقاء نظرة على معطيات هذا الجدول
    ونسبه تتضح هيمنة البحور الطويلة الرصينة على إيقاعات الديوان
    عموما،واستحواذها الملحوظ على نسب مجموع القصائد والأبيات، وإذا كانت كل
    هذه الحيثيات ترصد حتى الآن تجليات صوت المعنى، فإنه من الضروري تلمس
    إيحاءات معنى الصوت، حيث يبدو التوقف عند المستوى الأول وحده شبه تحصيل
    حاصل، واكتفاء بالدال عن المدلول، وبالبنية السطحية عن البنية العميقة.


    وبناءا عليه، فإننا وعلى الرغم من نظرية
    اعتباطية الدال اللغوي، والقول بانتفاء الوعي في مقصدية اختيار البحور، لا
    نرى للقراءة النقدية أي دور، إذا لم تعط لكل دال مدلولا، سواء تحققت
    المقصدية أم لا، فهذا الاتجاه التأويلي هو جوهر اشتغالها، ولعل هذا المنزع
    يمكن أن ينظر إليه في ضوء رؤية النقاد العرب المتفلسفين،(الذين يخصون كل
    بحر بغرض، أو كل غرض ببحر، وينسبون إلى البحر وظائف وخصائص معينة).[23]


    فهذا حازم القرطاجني يقول: (إن أغراض
    الشعر شتى،والأوزان شتى،فبعض الأغراض يميل إلى الجد والرصانة،وبعضها إلى
    الهزل والرشاقة، ومنها ما هو إلى البهاء والتفخيم،أوالصغاروالتحقير، ولهذا
    وجب أن تحاكى تلك المقاصد بما يناسبها من الأوزان، وتخييلها للنفوس،
    فالفخر تناسبه الأوزان الفخمة الرصينة،والهزل والاستخفاف تناسبه الأوزان
    الطائشة القليلة البهاء[24].


    وبعيدا عن الجدل الدائر بين المحدثين حول
    وعي الشاعر باختيار بحره الذي يمكن أن يستوحى من قول د. إبراهيم أنيس
    :إننا {نستطيع- ونحن مطمئنون- أن نقرر أن الشاعر في حالة اليأس يتخير عادة
    وزنا طويلا كثير المقاطع،يصب فيه من أشجانه ما ينفس عنه حزنه أو جزعه،
    فإذا قيل وقت المصيبة والهلع تأثر بالانفعال النفسي، وتطلب بحرا قصيرا،
    يتلاءم وسرعة النفس وازدياد النبضات القلبية[25].


    أو حول عدم وعي الشاعر بمقصدية
    الأوزان،الذي يستوحى من الرأي القائل: إن (الشاعر حين يتكلم شعرا،إنما
    ينقل إلينا عالما موقعا، فكل الأشياء فيه دفقات ونغمات وموسيقى، تنقل في
    وزن، ولكن من غير أن يشترط بحر بعينه، أو تفاعيل بعينها، من حيث الطول
    والقصر[26]،
    ولكي نوفق بين الرأيين،نعتقد أن هناك-بدون شك- تناسبا بين الوزن وطبيعة
    التجربة،ولكن الشاعرقد ينساق إلى الإيقاع المناسب لمناخه النفسي، وغرضه
    الشعري، دون تخطيط مسبق لذلك، لأنه هكذا كان يفعل قبل وجود العروض
    وقواعده، مدفوعا بحسه الفطري.


    وهذا ما ينطبق على شاعرتنا في اختيارها
    لإطارها العروضي الآنف الذكر، حيث استهوتها- في الغالب- الأبحر الطويلة
    الرصينة، لأن ذلك ما يناسب مداءات الصحراء الفسيحة، وذائقتها الشعرية
    الأصلية، وتربيتها المتزنة، وأغراضها الشعرية الفخمة التي سيطر عليها
    الرثاء والوصف والمدح والتأمل، بينما لم تلجأ إلى المتقارب المتسارع
    الإيقاع إلا مرة واحدة، لم تتجاوز فيها أربعة أبيات، ربما كان مسوغ تلاحق
    إيقاعها كونها في الحنين إلى الوصول للغائب المحبوب البعيد.


    ولم تلجأ إلى مجزوءات البحور الطويلة إلا
    ثلاث مرات، اثنتان منها في مجزوء الرمل، إحداهما: نشيد لطفل الشاعرة في
    "احتفال مدرسة الليمون"، وقد جاء إيقاعها مناسبا تراقص الأطفال بنزق، في
    مثل هذه الاحتفالات، بينما كانت الثانية "حكاية شمعة" ،والشمع سريع
    الاحتراق والذوبان، أما الثالثة، فهي من مجزءو "الكامل"، وهي في وصف
    الطبيعة الموارة بالحيوية والجمال.


    1- القوافي في "شدو الواحة"

    هي الوجه الآخر لعملة الإيقاع الصوتي في
    الشعر العربي، ومهما كان احتدام الجدل حول حدودها، فإننا سنعتبرها مع -
    إبراهيم أنيس- "لازمة إيقاعية متمثلة في تكرار أصوات معينة"[27]


    2-1- إيقاعية مصطلحات كمها:

    لقد اصطنع العرب للقوافي معجما اصطلاحيا
    حسب تفاوتها الكمي، يتدرج متنازلا من "المتكاوسن": أربع متحركات بين
    ساكنين، إلى "المترادف"، وهو ما اجتمع في آخره ساكنان، وبينهما يتموقع
    "المتراكب"،و"المتدارك"،و"المتواتر"،التي تشكل ثالوثا وسطا بين الحدين
    الأعلى والأدنى المذكورين أعلاه، حسب التدرج فيها من الرباعي الحركات، إلى
    الثلاثي،فالثنائي، فالأحادي، حتى تنتهي بثنائي السواكن.


    وبما أن الحد الأعلى يمثل "الفاصلة
    الكبرى" المقترضة عروضيا، فإن هذا الافتراض غير متحقق،ولا ينبغي أن يتحقق
    في قوافي "شدو الواحة"، التي توزعت على الأنماط الأربعة الأخرى، حسب ما
    يوضحه هذا الجدول:


    حد القافية

    عدد وردها في القصائد

    نسبها

    المتراكبة

    المتداركة

    المتواترة

    المترادفة

    04

    18

    34

    03



    4

    59



    ويلاحظ أن مصطلحات كم القوافي تحمل في
    ذاتها إيحاءً موسيقيا،يتدرج من الإيقاع المختل المتكاوس، إلى الإيقاعات
    المتراكبة،والمتداركة،والمتواترة،وهذا التدرج يتناسب مع معطيات الدراسات
    الصوتية الحديثة،حيث يؤكد إبراهيم أنيسSadأن المقاطع العربية بوجه عام قد
    تطورت من النوع المتحرك إلى النوع الساكن، ولذلك يقل حتى في الكلام العادي
    توالي المقاطع المتحركة، التي هي أقصر أنواع المقاطع العربية "وقد علل ذلك
    بأن توالي أكثر من مقظعين متحركين تنفر منه الأذن العربية، ولاتشعر فيه
    بموسيقى).[28]


    ولأن الشاعرة تملك هذه الأذن العربية
    التي تنفر من توالي أكثر من مقطعين متحركين، فقد نبذت المتكاوسة
    مطلقا،لأنها محض افتراض نظري، ولم تتبن المتراكب الثلاثي الحركات إلا في
    ثلاث قصائد، بينما تمحور مركز قوافيها في المنطقة الوسطى بين طرفي الإفراط
    في توالي الحركات وتوالي السواكن،مرجحة كفة القوافي الأحادية المتحرك على
    ثنائيته،معبرة بذلك -من حيث تدري أو لا تدري- عن سليقتها العربية
    المتأصلة، وعن وسطيتها الروحية المتجذرة في صمم بيئتها التربوية، مما يعني
    أن صوت المعنى ومعنى الصوت جدلية إيقاعية، لا غنى لأحد طرفيها عن الآخر.


    2-2 إيقاعية التصريع

    تعتبر هذه الظاهرة الصوتية،معززة لإيقاع القوافي، لاسيما في حدودها الكمية الآنفة الذكر.

    - فالتصريع: (ظاهرة توسع فضاء مواقع القافية،حيث تجمع بين نهايات الأبيات،إلى نهاية الأشطار الأولى)[29]، معيدة انتشار القوافي من الاتجاه العمودي إلى الأفقي.

    ولهذا عرف ابن رشيق (التصريع بأنه ما كانت عروض البيت فيه تابعة لضربه، تنقص بنقصه،وتزيد بزيادته)[30].

    وإذا كان (سبب التصريع مبادرة الشاعر القافية، ليعلم في أول وهلة أنه أخذ في كلام موزون غير منثور، ولذلك وقع في أول الشعر)[31]،
    فإن الشاعرة في "شدو الواحة" قد بادرت إلى هذه التقنية في 45 قصيدة، مقابل
    14 قصيدة أخرى- من مجموع الديوان-خرقت فيهاهذه الظاهرة، وإذا كان التصريع
    يعني جمع مصراعي الباب في رتاج عند الإغلاق، فإننا يمكن أن نحول صوت
    المعنى- في ضوء نسبة شيوع الظاهرة ونسبة خرقها في الديوان- إلى "معنى
    للصوت"، يتمثل في أن التزام التصريح وخرقه يعبران معا عن جدلية المحافظة
    والانفتاح في المجتمع الصحراوي، الذي تنتمي إليه الشاعرة، والذي تظل كفة
    المحافظة فيه أرجح، مهما كان انفتاحه الفطري المدعوم بانفتاح فضائه
    الطبيعي المكشوف.


    زد على ذلك أن (تصريع القوافي – بالإضافة
    إلى إيقاعاته الصوتية- يخلف إيقاعا معنويا بصريا منظورا أكثر منه مسموعا،
    بما يحدثه من تناظر، وتوزع مكاني فوق البياض. خالقا نوعا من إيقاع التوقع
    بمجرد الانتقال- بصريا أو شفويا- من الشطر الأول إلى الشطر الثاني)[32]


    ولعل هذا التوقع الملازم لإيقاع القافية
    عموما، هو ما جعل المرزوقي يقول: (إنها كالموعود المنتظر، يتشوقه المعني
    بحقه،واللفظ بقسطه، وإلا كانت قلقة في محلها،مجتلبة لمستغن عنها)[33]


    3-2 إيقاعية الجناس والإرصاد في القوافي

    وهما ظاهرتان تشتركان مع التصريع الآنف الذكر، في تعزيز إيقاعية القافية، وإغناء وحداتها الكمية

    فالجناس: يجعل كلمات
    القوافي كلهارويا، لزوما لمالا يلزم ،مما يعني أن حرف الروي العادي الذي
    يتردد عموديا في نهايات القوافي، يتكاثر في الجناس التصريعي باتجاه معاكس
    أفقيا، بحيث يصبح كل حرف من كلمة الجناس التصريعي يقابل نظيره في
    الأخرى،والواقع أن الجناس شبه معدوم بشقيه العمودي والأفقي في شدو الواحة،
    إذ لا يكاد يوجد له مثال سوى تصريع مطلع قصيدة "ابتهالات":


    دعوتك يا ربي بأسمائك الحسنى ومن يعتصم بالله قد فاز بالحسنى[34]

    ولعل ثنائية "الحسنى" الجناسية صوتيا هنا تستحضر توق المؤمنين –والشاعرة منهم- إلى الفوزمن الله بالحسنيين .

    أما الإرصاد: فله دور
    فعال (في خلق الإيقاع الصوتي أو مضاعفته في القوافي، من خلال توسيع دائرة
    موقعها في فضاء البيت،مع ترابطها الصوتي الاشتقاقي عبر الصدور والاعجاز)،
    ولهذا سمي برد العجر على الصدر، أو الإرصاد،وهو ينتمي إلى عائلة هذه
    الظواهر المعززة للقافية، حيث يشترك مع (الجناس ،واللزوم من حيث الوشائج
    الاشتقاقية الجامعة بين الظواهر الثلاث،والتي تولد منها أجراس صوتية
    تتناغم فيها أصداء الحروف المتآخية في جذرها اللغوي والدلالي، كما تختلف
    عن تلك الظاهرتين،من حيث أنها تؤسس للقوافي في أواخر الأبيات محطات
    انطلاق، تمثل أفق انتظار للقافية المتوقعة الموعودة)[35]


    حيث أن هذه الظاهرة الإيقاعية تتجسد في
    (أن تردأعجاز الكلام على صدوره،فيدل بعضه على بعض،ويسهل استخراج قوافي
    الشعرإذا كان كذلك،ويكسب البيت الذي يكون فيه أبهة،ويكسوه رونقا
    وديباجة،ويزيده مائية وطلاوة)[36]


    هذا إضافة إلى ما يحدثه الإرصاد، (من
    توقع للقافية المنتظرة، منذ رؤية أو سماع المؤشر الاستقافي "الصوتي"
    والدلالي في بداية البيت، حيث يفتح في نفسية المتلقي باب احتمال إشباع
    التوقع أو خيبته، وفي كلتا الحالتين يحدث الاندهاش بلعبة الفن المراوغة)[37]


    ولعل أفضل مثال على تجليات الإرصاد في "شدو الواحة" ،هو هذا الدعاء الملحاح:

    أدعوك إن ضاق الفؤاد تضرعا وإذا سررت فما أمل دعاكا[38]

    وربما يستشف من ظاهرة الإرصاد –في معنى
    صوتها- كونها تجسد- عبر الانتقال بالتوقع من الصدر إلى العجز- هاجس
    استشراق الغيب، حدسَ ألمعي،وكرامة ولي، وضربا للرمل، وعيافة،وقيافة،
    وزجرا،وشيما للبروق، وهي ظواهر كلها حاضرة بقوة في الوسط الصحراوي


    2-2 إيقاعية الروي في شدو الواحة

    إن الروي(يمثل نقطة الارتكاز في إيقاع القوافي،بقدرما تمثل القوافي نفسهانقطة الارتكاز الإيقاعي في القصائد)[39]

    ولهد استخلصت أن الشاعرة - في ديوان "شدو
    الواحة" - قد اقتصرت في مداعبتها لأوتار الروي على نصف حروف الإلفباء
    العربية الـ 28، مكتفية بـ 14 حرفا منها فقط، توزعت نسب القصائد والأبيات
    بينها على الشكل التالي:


    الروي

    خصائصه

    الصوتية

    عدد القصائد

    نسبتها

    عدد الأبيات

    نسبتها

    الباء

    مجهور

    شديد

    10



    164



    الراء

    مجهور

    بيني

    10



    180



    الهمزة

    مهموس

    شديد

    06



    114



    النون

    مجهور

    بيني

    06



    152



    الدال

    مجهور

    شديد

    05



    086



    الميم

    مجهور

    بيني

    05



    061



    القاف

    مجهور

    شديد

    04



    059



    التاء

    مجهور

    شديد

    03



    048



    اللام

    مجهور

    بيني

    03



    052



    العين

    مجهور

    بيني

    02



    060



    الياء

    مجهور

    بيني

    02



    154



    السين

    مهموس

    رخو

    01



    022



    الكاف

    مهموس

    شديد

    01



    023



    الهاء





    01



    05



    14





    59



    1080



    من خلال هذا الجدول يتبين أن الشاعرة
    خديجة- في عزفها عبر "شدو الواحة"- عرفت أصابعها المرنة كيف تداعب أجمل
    الأصوات في مزمار حروف رويها، حيث شبه بعض القدماء (الحلق والفم بالناي،
    لأن الصوت يخرج منه مستطيلا أملس ساذجا، فإذا وضع الزامر أنامله على حروف
    الناي المنسوقة،وراوح بين أنامله،اختلفت الأصوات، وسمع لكل حرف منها صوت
    لا يشبه صاحبه، فكذلك إذا قطع الصوت في الحلق والفم باعتماد على جهات
    مختلفة، كان سبب استماعنا هذه الأصوات المختلفة)


    ومما يدل على صفاء السليقة العربية لهذه
    الشاعرة الأصيلة أن مدرج نسب شيوع هذه الحروف تروية لقوافيها. يوافق نتائج
    الدراسات الصوتية للحروف العربية في القديم والحديث، حيث اعتبر الدكتور
    إبراهيم أنيس أن الحروف التي (تجيئ رويا بكثرة،وإن اختلفت نسب شيوعها في
    أشعار الشعراء،هي: الراء،واللام،والميم،والنون،والباء،والدال،
    والسين،والعين)[40]


    فهذه الزمرة تمثل أغلب الحروف المعتمدة
    رويا عند الشاعرة، ومن ضمنها –أيضا- الحروف التي استحوذت-في أغلبها-على
    أعلى نسب جدول الروي،في القصائد والأبيات،مع اختلاف طفيف في ترتيبها، كما
    أن خمسة من هذه الحروف تنتمي لزمرة الحروف (المذلقة وهي ستة
    :"الفاء،والباء،والميم،والراء،والنون،واللام،وسميت "مذلقة" لإنهامن طرف
    اللسان، وهو ذلقه، وهي أخف الحروف على اللسان وأحسنها انشراحا، وأكثرها
    امتزاجا بغيرها)[41]


    وهنا بعد توضيح صوت المعنى، ينكشف معنى
    الصوت، موحيا-مرة أخرى- بفطرة الفصاحة، التي فطر الله عليها هذه
    الشاعرة،وساكني بيئتها الصحراوية العالمة،الذين تجري العروبة في دمائهم
    ،مهما انتبذت بهم الهجرات المطوحة مكانا قصيا عن الجزيرة العربية،مهد
    الفصاحة والبلاغة.


    وهكذا نجد أن هيمنة الأصوات الجهرية على
    حروف الروي المعتمدة لدى الشاعرة،وضآلة نسب الحروف المهموسة والمائعة،
    ليست إلا مظهرا آخر لفصاحة أبناء الصحراء، وصراحتهم، وخصوصا هذه الشاعرة
    التي أعربت عن ذات صدرها عبر هذا الديوان،" وصيرت المكنون من شدوها جهرا"[42]


    كما إن اقتصارها في حروف الروي على نصف
    عدد حروف الأبجدية العربية، ليس إلا استجابة - شعورية أو لا شعورية -
    لنصيب الأنثي في الميراث الشرعي: (للذكر مثل حط الأنثيين).


    2-3 إيقاعية حركات الروي

    هنا ينتهي بنا المطاف إلى الذرات الصغرى
    في بنية إيقاع القوافي، ملامسين حركات الروي ،وتناوبها في ديوان" شدو
    الواحة"، وفق الجدول الآتي:


    الحركة

    عدد ورودها في النص

    نسبتها

    الكسرة

    23



    الفتحة

    16



    الضمة

    13



    السكون

    07



    4

    59



    وبتأمل معطيات هذا الجدول نلاحظ أن معنى
    الصوت يناسب صوت المعنى تماما، إذ بالرجوع إلى المعاني المستوحاة من هذه
    الحركات، نجد أن نسبها هنا تتساوق- إيجابيا- مع تلك المعاني، حيث يقول
    الدكتور محمد مفتاح: (إن هناك من يزعم أن حركة الكسر تدل على الصغر واللطف
    والجمال، وحركة الفتح تدل على الفخامة ،والضمة تدل على القبح)[43]


    وما دامت الحركة الموحية باللطف والجمال
    قد تبوأت أعلى نسبة في هذا الجدول ،بينما أحرزت الحركة الرامزة للضخامة
    المرتبة الثانية، وانحدرت الحركة الدالة على القبح إلى درك المدرج ،فإن
    ذلك كله ما هو إلا تعبير عن صميم النوازع النفسية للشاعرة التي اعلنت- في"
    شدو الواحة"- انحيازها البديهي، بل وانحيازكل إنسان- فطريا- إلى الجمال
    الوجودي، الذي يستوي في تعشقه البر والفاجر، فاسمعها تسبح الله في لحظة
    شهود لنعمة الجمال:


    ما الحسن إلا نعمة موهـوبة أحيي القلوب- متى رأتها- الله

    سيان في عشق الجمال–إذا تلأ لأ-ماجـن،أوعـــــابد.. أواه

    كل يرى للكـــائنات مفاتنا يغـرى بهن..تطيب..وفق هواه[44].

    2-4 إيقاعية القوافي المطلقة والمقيدة

    إن حركات الروي السابقة يمكن أن نختزلها في هذه الثنائية، حيث تختصر حركات الكسرة والفتحة والضمة -معا- في مصطلح واحد هو:

    - القافية المطلقة: التي يكون حرف الروي فيها متحركا

    - أما القافية المقيدة: فهي الساكنة الروي

    ويوضح الجدول التالي نصيبي القافيتين من حركات الروي في" شدو الواحة":

    نوعية القوافي
    و رودهافي القصائد

    نسبها

    القافية المطلقة

    52



    القافية المقيدة

    07



    وهاتان النسبتان تنسجمان تماما مع
    معطيات الدراسات الإيقاعية في الشعر العربي، حيث يرى الدكتور إبراهيم أنيس
    أن النوع الأول (هو الكثير الشائع في الشعر العربي ويلتزم الشعراء حركاته
    هذه مراعاة تامة،لا يحيدون عنها، بينما هذا النوع الثاني من القافية قليل
    الشيوع في الشعر العربي،لا يكاد يتجاوز 10% [45] ،ولكنه كثير في الشعرالإنجليزي،حسب استنتاج الباحث نفسه.


    وهويؤكد أن القافية المطلقة "العربية"
    أكثر موسقة من القافية المقيدة "الانجليزية" ،لأن الأولي تنتهي بحرف مد
    يمتد معه الصوت أكثر، باعتبار حروف المد أوضح في السمع من غيرها، أما
    الأخرى فإن الصوت فيها يفتقد سمته الصوتية،ويقل وضوحه السمعي عند الوقوف
    عليه)[46]


    واستثمارا لصوت المعنى في تسميتي
    القافيتين، يكشف معنى الصوت هنا انحياز أبناء الصحراء- والشاعرة منهم -
    إلى الانطلاق والحرية، ونفورهم الفطري من التقييد،حيث دأبوا -من سحيق
    العهود-على السبح الطويل في ملكوت الله،وهم الذين يسمون البيت ذا الأربعة
    جدران(قبر الحي)،كما أصداء أصواتهم تمتد – في غياب الجواجزعادة-عبرمداءات
    الصحاري اللامتناهية،وحتى لو اعترضتها الجبال والأودية،فستتحول- بترجيعها
    للأصداء -إلى مكبرات طبيعية للأصوات.




    الخلاصة

    بعد السباحة والسياحة بين دفتي ديوان: شدو الواحة"
    أكشف سرا لا يعرفه غيري، وهو أنني اخترت العنوان، واقترحه على الجهات
    المنظمة، قبل أن أحصل على نسخة من الديوان نفسه، ولكنني لم أندم على هذا
    الاختيار،لأن الديوان أشيع أفق انتظاري، حين بدأت في الاشتغال على تحديد
    إطاره الإيقاعي،ملتمسا ظواهره، بين صوت المعنى، ومعنى الصوت،فتجلت مصداقية
    المقاربة ونجاعتها،منذ وفقت على عتبة العنوان، وتردد أصدائها في تنايا
    المتن بشكل لافت. إضافة إلى انتقاء البحور الرصينة،الأكثر
    سيرورة،والمناسبة لأغراض الديوان ومواضيعه، للبنية النفسية والتربوية
    والثقافية للشاعرة، والشيء نفسه ينطبق على القوافي التي جاءت - في حدوها
    الكمية،وما تعززت به من ظواهر: التصريع والجناس والإرصاد، والعزف على حروف
    الروي، وتلون حركاتها بألوان المعاني الإيجابية-معبرة في أصدائها الصوتية
    عن خلفيات وأبعاد معنوية عميقة، ضاربة الجذور في بيئة الشاعرة، وذاتها،
    حسبما اوضحناه في مجله


    هذا مع ضرورة التنبيه إلى أن في "شدو الواحة"
    بعض الظواهر الإيقاعية غبر العروضية، مثل ظاهرة،التفابل،والتكرار،
    القابليين للقراءة وفق هذه الإستراتيجية نفسها، إلا أنني لم يسعفني الوقت
    في هذه الفرصة لتتبع كل الظواهر،آملا أن تتاح لي فرصة أخرى لسياحة أوسع
    وأعمق، في هذا الديوان الجميل.






    [1] - انظر : أدى ولد آدب، الايقاع في المقامات اللزومية لسرقسطي، ط 1 دائرة الثقافة بالشارقة ، 2006، ص:341

    [2] - عباس الجراري، فنية التعبير في شعر ابن زيدون، دار الثقافة ، بيروت، 1977، ص 28

    [3]- عبد القادر غزالي، الإيقاع عند هنري ميشونيك، مجلة ضفاف،ع2 ابريل 2002،ص:20-21

    [4] - بحث مرقون بعنوان: موسيقى الشعر عند ميخائيل نعيمة من خلال الغربال وهمس الجفون – كلية الآداب- بجامعة نواكشوط 1992

    [5] - بحث بعنوان "الإيقاع في المقامات اللزومية للسرفسطي" ، نشرته دائرة الثقافة بالشارقة 2006 ،بعد تقديمه بكلية الآداب- الرباط 2003

    [6] - ديوان شدو الواحة، قصيدة : تيماء نعم المقصد ص: 44

    [url=http://www.aleflam.net/index.php?option

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 08, 2024 10:58 am