منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    قراءات المنهج البنيويّ في كتاب محكيات السرد العربيّ القديم

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    قراءات المنهج البنيويّ في كتاب محكيات السرد العربيّ القديم Empty قراءات المنهج البنيويّ في كتاب محكيات السرد العربيّ القديم

    مُساهمة   الإثنين يناير 03, 2011 8:30 am

    قراءات المنهج البنيويّ في كتاب محكيات السرد العربيّ القديم


    للدكتور يوسف إسماعيل


    مفردات البحث
    1- مفهوم البنيويّة
    2- البنيويّة العربيّة
    3- أسسُ البنيويّة
    أ‌- مفهوم النسق:
    ب- مفهوم التزامن:

    4-مفهوم التعاقب:
    *المستوى الألسني:
    *المستوى التاريخيّ:
    5- مفهوم الآلية
    · مرجعيّة المنهج البنيويّ
    · تعريف بالكاتب
    · وصف الكتاب
    · زمن النصّ وطريقة الدراسة[1]
    · بعض المصطلحات في الكتاب:
    · الخاتمة







    يقول نيتشه:

    " طالما أنَّك لا ترى النجوم إلاّ من فوقك, فلنْ تُدركَ المعرفة "








    مفهوم البنيويّة

    يمكن تعريف البنيويّة بشكلٍ أوّليٍّ بأنَّها مجموعة من الأجزاء المرتبطة معاً[2], أمَّا النقد البنيويّ هو النّقد الذي يدرس العلاقات اللغويّة في النصّ الأدبيّ ويستبعد في دراسته المؤلّف والظروف الاجتماعيّة والتاريخيّة والنفسيّة.
    فالبنيويةمذهب من المذاهب التي سيطرت على المعرفة الإنسانية في الفكر الغربي، مؤدَّاهالاهتمام أولاً بالنظام العام لفكرة أو لعدة أفكار مرتبطة بعضها ببعض على حسابالعناصر المكوّنة له. ويعرف أحيانًا باسمالبنائيَّة، أوالتركيبيَّة. وقد امتدت هذه النظرية إلى علوم اللُّغة عامة وعلم الأسلوبخاصة حيث استخدمها العلماء أساسًا للتمييز الثنائي الذي يعتبر أصلاً لدراسة النصدراسة لغوية. يعد العالم اللغوي السويسري فرديناند دي سوسير مؤسس المنهج البنيويالذي انطلق منه علم اللغة المعاصر، وذلك في بدايات هذا القرن. لكن المنهج اكتسبانتشارًا وعمقًا على يد عالم الإنثروبولوجيا الفرنسي كلود ليفي شتراوس الذي صاغ فيأعقاب الحرب العالمية الثانية مذهبًا جديدًا في المعرفة له قواعده. وقد وجه شتراوسالنقد إلى الفلسفة الوجودية والوضعية المنطقية والفرويدية، وهاجم الماركسيةوأفكارها الأساسية، مثل الصراع الطبقي والحتمية التاريخية، ونادى بالتحول من تحليلصراع الطبقات إلى تحليل البُنَى الأساسية، ورفض التسلط العرقي في التفسيرالأنثربولوجي والتطور في خط مستقيم. كما رفضت البنيوية استخدام التفسيرالتاريخي باعتباره أداة منهجية.
    والحقيقة أنّ مصطلح البنيوية ليس جديدًا على المعرفة الإنسانية؛ فمنذ القرنالسابع عشر الميلادي استخدم المصطلح في مجال علم الأحياء والهندسة والعمارة وعلمالنبات وعلم التشريح وعلم وظائف الأعضاء. ويقصد بالمصطلح في كل هذه العلوم العلاقاتالداخلية التي تكون الكل. أما في الجيولوجيا فيدل المصطلح على البنية الداخليةللكرة الأرضية. وفي العصر الحديث شمل المصطلح كل فروع المعرفة وامتد إلى علم النفس: بناء الشخصية والتحليل النفسي: بناء الخلقوعلم الاقتصاد: البناء الاقتصاديوعلم اللغة: بناء الجملة والكلمة.
    وارتبط ظهوره نقد النصّ بتطوّر مجالات أخرى كالسلالات الأدبيّة التي ابتكرها الشكلانييون الرّوس في دراستهم للقصص الشعبيّة من أجل إحصاء تراثهم وتصنيفهم ومن أجل تقديمِ مفهوم للأدبية معتمدين على اللسانيات كمحور أساسيّ, حيث ينظر هذا النقد إلى العمل الأدبيّ على أنّه نظام إشارات قبل كلّ شيء, ويقول جوار جينيت { لمْ يستطع النقد أن يفعل شيئاً ولن يستطيع إذا لم يقرر مقدّماً بكلّ ما يعينه لقرار اعتبار كلّ عمل أدبيّ أو كل جزء منه نصّاً, أي مثل نسيج من الصور ينعقدُ فيه الزمن أو الحياة بين القارئ الذي يقرأ والكاتب الذي يكتب , ويعاد انعقاد وهما في الوصل المتناقض للصفحة وللكتاب.}
    ((في كلّ مرّة يقطع بها الفكر علاقته بعلم من العلوم يظنّ أنَّه قد فاز بحريّة معينة وإذ به يقبل بعبوديّة معيّنة.))[3]
    لقد ساهم ثلاثة لغويين بشكل أساسيّ في تطوّر الدراسات النصيّة فافرديناند دوسوسير الذي يرى في نظريّة الإشارة ركيزة جوهريّة للأبحاث النصيّة وللقصيدة بنىً وأنظمة متصلة نسبيّاً في كتاب محاضرات في الألسنيّة العامة, لا يتعرّض للأدب مباشرة وبه يرسى علم الدلالة والعلاقة بين الدال والمدلول عند دوسوسير علاقة اعتباطية, أي أنّه لا يوجد رابطة ضروريّة بين الدال(الصورة الصوتية)
    والمدلول, تقطيع الدال على ما يدلّ.
    ثمَّ تلاه جاكبسون بدراسات حول علم الأصوات ووظائف اللغة ففتح بذلك الباب على أبحاث ترتبط بالشّعريّة والاستقلاليّة النسبيّة للأدبية, كما قام آميل بنيفيست بإدخاله مفهوم " إلى صلب مفهومه للغة, ينفتحُ على الموارية وعلى الأجناس التي عرفت من خلال علاقتها بالخطاب باختصار إنّه يدخل على الشعرية في المقارنة وعلى محاربة القراءة, هؤلاء الثلاثة عملوا على المنظور البنيوي, وقد عرف ليفي شتراوس" ويعدّ جان جاك لاكان من النقاد البارزين في البنيويّة من جانب علم النفس وشتراوس الذي درسها من جانب أنثربولوجيّ , وجوليا كريستيفا في الدرس النقديّ, و رولان بارت .
    وإذا تأملنا البنيوية جيداً وبعمق دقيق باعتبارها منهجاً وتصّوراً فإننا سنجدُ بنيويات عدّة, وليس بنيويّة واحدة, فهناك البنيوية اللسانيّة التي قامتْ على يد دوسوسير, وجاكبسون, وتروبوسكوي, وهارس, وهوكيت, وبلوم فيلد,والبنيويّة السرديّة مع رولان بارت وكلود بريمون وجيرارجبنت, والبنيوية الأسلوبيّة مع ريفايتير وليو سبيتررومارو, وبيير كتيرو, وبنيوية الشعر مع جان كوهن ومولينو وجوليا كريستيفا, ولوت مان, والدراماتورجيا أو المسرحيّة مع هيلبو أو البنيويّة السينمائيّة مع كريستيان ميتز والبنوية السيموطيقيا مع كريماس فيليب و هامون وجوزيف كورتس, والبنيويّة النفسيّة مع جاك لاكان وشارل مورون والبنيوية الأنثربولوجيّة مع كلودلفي شتراوس الفرنسيّ وفلاديمير بروب الروسيّ, والبنيويّة الفلسفيّة جان بياجيه, وميشيل فوكو وجال ديردا, ولوي التوسير.

    البنيويّة العربيّة:

    لم تظهر البنيوية في الساحة العربيّة إلاّ في أواخر الستينات وبداية السبعينات عبر المثاقفة والترجمة والتبادل الثقافيّ, وكان بداية تمظهر البنيويّة في عالمنا العربيّ في شكل كتب مترجمة ومؤلّفات تعريفيّة للبنيويّة لصلاح فضل وفؤاد زكريا وكمال أبوديب وعبد السلام المسدي وغيرهم.
    ويمكن اعتبار الدول العربية الفرانكفونية هي السباقة إلى تطبيق البنيوية وخاصّة دول المغرب العربيّ.[4]

    أسسُ البنيويّة

    تتلاقى المواقف البنيويّة عند مواقف عامة مشتركة لدى المفكرين الغربيين في شتّى التطبيقات العلميّة التي قاموا بها وهي تكاد تنتدرج في محصّلات لسّعي كلّ معضلة التنوع والتشتت بالتوصل إلى ثوابته في كل مؤسسة بشريّة.
    والقول إنَّ فكرة الكليّة أو المجموع المنتظم هي أساس البنيوية والرد التي تؤول إليه في نتيجتها الأخيرة.
    ولكن هل قامت البنيويّة باستبعاد المؤلّف أي أماتته؟
    يرفض مارتن تفسير العمل الأدبيّ من خلال الشخصيّة المنتجة, حيث يجب رميه لأنَّ اللغة تتكلّم.[5]
    ولإنْ صارت البنيويّة في خطٍّ متضادٍّ منذ نشوئها وبذل العلماء جهداً كبيراً لاعتمادها أسلوباً في قضايا اللغة والعلوم الإنسانيّة والفنون فإنهم قد توصّلوا من خلالها إلى المنهج الصحيح المؤدّي إلى حقائق ثابتة, وترتكز البنيوية على مفهوم النسق, والتزامن, والتعاقب, والآليّة.
    1- مفهوم النسق:
    يتحدد هذا المفهوم من خلال البنية الكلية للنص, فالبنية علاقات عناصر, ويكتسب مفهوم النسق قيمته داخل البنية, وفي علاقته ببقيّة العناصر, أو بموقعه في شبكة العلاقات التي تنتظم العناصر, والتي بها تنهض البنية فتنتج نسقها. فالعناصر لا قيمة لوجوده مفرداً, وإنما في سياق علاقات المنظومة.
    ففي لعبة الشطرنج يحكم هذه اللعبة نسق يعتمد عليه اللاعبون, لكنّ استبدال عود كبريت بالوزير - مثلاً- لا يغير نظام اللعبة ولا يبدل من نسقها, فالعنصر هنا ليس له قيمة في ذاته بل بوجوده في الكل, ولذلك فالنسق هو الموضوع الكليّ للعناصر.
    وفي الأدب نأخذ الرمز فنقول: إنَّ الماء رمز القصيدة العربيّة قيمة هذا الرمز ودلالته في نصٍّ شعريٍّ جاهليٍّ يختلف عن قيمته الدلاليّة في نصّ شعريٍّ للسياب, ولا نتبين نسق بنية القصيدة السيابيّة على مستوى هذا العنصر, بل نتبيّن هذا النسق في البنية ككل. ونلاحظه في كتاب الدكتور يوسف إسماعيل في الفصل الثالث تحت عنوان (سياق الإنتاج النصيّ والتلقّي)[6]
    2-مفهوم التزامن:
    التزامن هو زمن حركة العناصر فيما بينها في البنية. تتحرّك العناصر في زمن واحد هو زمن نظامها, واستمرار النظام يعني ثبات النسق, فالتزامن يرتبط بهذا الثبات بما هو مكتمل وناجز ومتكون, حيث يركز الباحث اهتمامه على وصف العناصر في علاقاتها الموجودة. وفي مرحلة التكوّن تعاني البنية تفكّكاً, يختلّ نظام الحركة بين عناصرها فيعترض عنصر للسقوط, ثمّ تستعيد البنية توازنها فتعمل وفق نظامها الداخليّ, وسوف نتناول هذا المفهوم في الكتاب فيما بعد.
    3-مفهوم التعاقب:
    وهو انفتاح البنية على الزمن. وقد فسّر التعاقب بمستويين:
    أ-مستوى ألسني: حين يتعرّض عنصر من عناصر البنية إلى الخلل والسقوط, تستعيد البنية نظامها بشكل آليّ بعدَ دخول عنصر جديد, فتتوازن وتعيد نظامها, ولذلك أعطى دوسوسير الأولويّة للتزامن, الذي فيه تستقرّ البنية على التعاقب الذي هو عامل تخلخل في البنية, مما يساعده على وصف العناصر بشكل واضح.
    وبناء على هذه النظرة صوّرت البنيوية على أنّها تهمّش التاريخ ولا ترصد تطوّره, فهي عاجزةٌ عن أن تفسّر - بنيوياً- الانتقال من بنية إلى أخرى.
    ب-المستوى التاريخيّ:
    فسّر هذا المفهوم بأنّه يعني: زمن التطوّر والانتقال من بنية؛ من نظامٍ إلى نظام, كانتقال مجتمع من بنية النظام الإقطاعيّ مثلاً إلى بنية النظام الرأسمالي, وهكذا.(كما يقول الماركسيون).
    4-مفهوم الآلية:
    وهو مفهوم تفسير الحدث . فا للاهوتية مثلا ً تفسّر الحدث بالرجوع إلى علة
    وجود. البنيوية تفسر الحدث على مستوى البنية، فالحدث موجود بحكم
    وجوده في بنية في نسق له علاقات عناصر، وهو مستقل له قوانينه الخاصة،
    ومستقل عن وعي الإنسان وتاريخه ومجتمعه.
    هذه المفاهيم مترابطة فيما بينها، بحيث إن فهم الواحد مرتبط بفهم المفاهيم
    الأخرى. وبذلك نرى أن البحث في موضوع ما-استناداً إلى هذه المفاهيم-
    يسمى بحثًا بنيويًّا. وهذه المفاهيم هي أدوات المهج البنيوي.
    يقارب الباحث في الأدب موضوعه من خلال خطوتين:
    1ـ النظر إلى موضوع البحث كبنية لها استقلاليتها، ووصف عناصر قد تكون
    مثلاً مجموعة نصوص شعرية، لها من الشروط ما يخولها لأن تكون بنية، وقد
    تكون هذه البنية نصاً شعرياً واحدًا، أو رواية واحدة تعزلها عمّا هو خارج
    2ـ تحليل البنية التي تعتمد على المفاهيم الألسُنيّة بشكل عام؛ لكشف عناصر
    البنية، فندرس قصيدة شعرية من خلال مستوياتها: الصوتية والتركيبية والدلالية؛
    فنكشف بنيتها العميقة، أو ندرس رمز الماء عند السياب؛ لنكشف ما يوضح
    هذه الرؤية، أو لنكشف القوانين المشتركة، كما فعل "ف. بروب" حين درس
    الحكايات الشعبية الروسيّة؛ ليكشف لنا قوانينها التي تحكمها، مما يساعد النقد على مقاربه الرواية مقاربة جديدة كشفت معطيات هامة في التحليل البنيوي.

    مرجعيّة المنهج البنيويّ إنّ البنيوية في الأصل مفهوم صادر عن علم الأجناس, وعن دراسة المجتمعات البدائيّة وعن الفكر الأسطوريّ والنتاجات تحت الأدبية, والموازية للأدب وقد حلّل كلود ليفي ستروس بتألّق ٍ استثنائيّ آلات الفكر الوحشيّ الذي يعرض بنىً جامدة وأعلن ميشيل فوكو نهاية مفهوم الإنسان وهاجم النزعة الإنسانيّة باختصار .

    إنَّ العلوم الإنسانيّة لم تخلق لكي تفسّر الإنسان بل لتفككه, لأنَّ الأمر يتعلق بإعادة دمج الثقافة في الطبيعة, وأخيراً دمجُ الحياة في مجمل شروطها الفيزيائيّة والكيميائيّة.
    ويبدو أنَّ المنازعة الكبرى بين أهل الأدب وأهل العلم قد أفضت إلي انتصار أهل العلم المؤقّت فالأوّلون منهم الذين سئموا من أن يعاملوا كأهل أدب أي كهواة للتقريب وكمثاليين يقتصرون على التشافّات الذاتيّة سوف يستسلمون للإغراء[7]
    - وتعدّ الفلسفة الوضعيّة لدى كونت التي لا تؤمن إلاّ بالظواهر الحسيّة التي تقوم على التجريبيّة فالأساس الفكريّ والعضدي عند البنيوية فهي تؤمن بالظاهرة كبنية منعزلة عن أسبابها وعللها وعمّا يحيط بها والسعي إلى تحليلها وتفكيكها إلى مفاهيم أوّلية, ومن هنا يتبيّن لنا أنَّ أحكامها شكليّة كما يقول منتقدوها, لذا فإنَّ البنيويّة تقوم على فلسفة غير مقبولة من وجهة نظر تصوّرنا الفكريّ والعقائديّ[8]
    وسأحاولُ عرضَ مثالٍ تطبيقيّ يدخل في هذا الإطار وهو كتاب محكيات السرد العربيّ القديم للدكتور يوسُف إسماعيل الذي تناول التراث العربيّ القديم بطريقة مختلفة عمّا أشرنا إليه سابقاً كما أشار إلى ذلك من خلال المنهج البنيويّ من خلال
    الإحصاءات التي قام بها.
    تعريف بالكاتب:
    ولد الكاتب في مدينة إدلب عام 1960حصل على الماجستير من جامعة حلب ونال درجة الدكتوراة من جامعة محمّد الخامس في المغرب العربيّ, ومن مؤلّفاته:
    - بناء القصيدة العربيّة في العصر المملوكيّ, البنية الإحاليّة حوليات الأدب والعلوم الاجتماعيّة.
    - بنية الإيقاع في الخطاب الشعريّ, قراءة تحليليّة للقصيدة العربيّة في القرنين السابع والثامن الهجرييّن.
    - الرؤيا الشعبيّة في الخطاب الملحميّ عند العرب, سيرة الأميرة ذات الهمّة أنموذجاً.
    - البلاغة الخرافيّة, مكوّنات الحكي في بيان بيدبا.
    - المقامات مقاربة في التحوّلات والتبنيى والتجاوز.


    وصف الكتاب:

    جاء كتاب محكيات السرد العربيّ القديم مقسّماً على بابين, وبعد المقدّمة يتحدّث عن الشخصيّات القصصية, كما جاء ليوضّح تداخلات النصّ الأدبي ّ الثقافيّ بالسياسيّ, والباب الأوّل يتحدّث فيه الكاتب عن بنيات النصّ وقد قُسّم إلى ثلاثة فصول, فالفصل الأوّل تناول فيه الكاتب حدود النصّ ثمّ النمط الخرافيّ ومفارقة الممكن. وخطاب النصّ. أمَّا في الفصل الثاني من هذا الباب تناول فيه البنيات الصغرى مثل التناسل والتجاور والنوع السّرديّ ومن ثمَّ تحدّث بعدها عن تيمات النوع السّرديّ, كالتيمة الكبرى التي برزت في قصّة الأسد والغوّاص.أمَّا الفصل الثالث تناول فيه السَّارد فتحدّث عن الناظم الخارجيّ والسارد المقنّع, والسارد الداخليّ. على حين أنَّ الباب الثاني تناول فيه الموازي النصيّ, والتعالق النصيّ والمتفاعلات النصيّة, وقدّم في الفصل الثالث انتاجيّة النصِّ والسياق الخارجيّ.كما طرح في نهاية دراسته بعض الأسئلة كالمؤلّف المجهول والصوت والرؤية وتجليّات السارد.

    زمن النصّ وطريقة الدراسة[9]

    إذا كان الخبر يعتمدُ على وحدة زمنيّة بسيطة تمتاز بالإيجاز والسرعة واللّحظة الواحدة المكثّفة لوقوع الحدث, فإنَّ الزمن في الحكاية يمتاز بالتنوّع والتّعدد والتحوّل والسرعة والبطء. ذلك كلّه في إطار بنية السرد التي تفرض إيقاعاً زمنيّاً مختلفاً, ففي حكاية السلال نلاحظ في توطئة الخبر الأوّل(الخبر الأوّل) اختصاراً زمنيّاً لحدث مضى, لا نعرف مجرياته, وهو محاولة الملك الحصول على الفرس وفشله في ذلك والسارد اختصر تلك الأحداث بأفعال تدلّ على الماضي " ذكرَ, كانَ, نزلَ" وعندما يبدأ السرد من جديد في الخبر الثاني (ظهور السلال) فإنَّه يبدأ بعد انتهاء الزمن الأوّل (مرحلة الفشل) وبعد إبرام العقد بين الملك والسلال يتمّ القفز إلى الزمن الثالث. وإذا كان بالإمكان القول: إنَّ الزمنين الأوّل والثاني زمن إبرام العقد. هما مختصران و إشاريّان, يمهّدان للوصول إلى فعل السلال, على حين أنَّ الزمن الثالث لا يمكن أن يكون مختصراً وموجزاً لأنَّ فعل السلال هو الغاية من السرد؛ ولذلك يبدو الزمن متباطئاً ما خلا الوصف والحوار والتكرار وهنا يتضح لنا استخدام مصطلح فضاء النصّ الزمنيّ الذي حدده الباحث من خلال زمنين الأوّل بدا سريعاً متحرّكاً على نقيض الزمن الثّاني الذي كان لابدّ من أن يكون ذا حركة ثقيلة متباطئة لجعل فعل السلال واضحاً, وعندها تمتدّ متعة التلقّي مع كلِّ إنجاز جزئيّ.ولكن هذا لا يعني أنّه لا يوجد اضطرابٌ في الزمن الذي تجلّى في قصبة الأسد والغوّاص.[10]
    فالسارد في المستويات السرديّة التالية:"القصّة, الإطار في الحكاية, المضمّنة الصغرى والمضمّنة الكبرى" هو ساردٌ واحد من حيث التنميط والوظيفة والمرجعيّة على الرّغم من تنوّعه واختلافه من حيث التخييل والتموضع يمكن أن نتحدّث عن ساردين محدّدين في النصّ,الساردُ الخارجيّ وهو المؤلّف والساردُ الداخليّ كالغوّاص واللّوام وعدوّ الغواص...إلخ. فهؤلاء يروون النصّ الكليّ {الأسد والغواص} ولكن وجودهم داخل الحكاية وجود بنائيّ, أمَّا المؤلّف ينتمي إلى خارج النص ويحمل دوراً تنظيميّاً ولذلك لا فائدة من قراءة الساردين في هذا
    النسق, فالسارد يتكرّر بتسمية جديدة كلّما ازداد التناسل الداخليّ والأجدى مقاربة السارد من حيث الوظيفة والتنميط والرجعية, وعليه فإننا نرى توزيعه يتمّ وفق نمطين "داخلي و خارجيّ" وعلاقة كلٍّ منهما بالنصِّ المروي وبالمرويّ.

    الراوي الأوّل



    النّصّ



    الراوي الثاني



    المروي له



    الراوي المجهول



    قصة الأسد والغواص



    الناظم الخارجيّ



    المتلقّي


    فالباحث هنا يقوم بعمليات إحصائيّة للراوي أو السارد الخارجي والداخليّ, وهي تنبع من خلال النصّ دون اللجوء إلى الكاتب أو العناصر المؤثّرة في النصِّ, وبذلك يستفيد من المنحى الأسلوبيّ الإحصائي وذلك يبدو واضحاً في جدول السارد الداخليّ

    الراوي الأوّل



    عدد النصوص



    الراوي الأوّل



    الراوي الثاني



    الراوي الثاني



    مجهول



    3



    صديق الغواص



    صديق الغواص



    الغواص



    =



    3



    الغواص



    الغواص



    صديق الغوّاص



    =



    1



    الغواص



    عدوّ الغواص



    الحاسدون



    =



    2



    عدو الغواص



    صديق السجين



    الغوّاص



    =



    1



    الغواص



    الغواص



    الصديق السجين



    =



    6



    اللوام



    اللوام



    الغوّاص



    =



    2



    الغواص



    الغواص



    اللّوام


    ويتبيّن لنا في الجدولين الملاحظات التالية:
    1-عدد الرواة على المستوى الخارجيّ " أحد الرواة ينقل عن راو مجهول قصّة واحدة"
    2-عدد الرواة على المستوى الداخليّ /6/ رواة وجميعهم ينقلوا عن راوة مجهولين.
    3-إنَّ جميع الرواة ينقلون من مرويّ لهم إلى رواة من الدرجة الثانية وذلك بعد تعديل النصوص التي تلقّوها.
    4-إنَّ جميع الرواة مفارقون لمرويّهم.
    5-إنَّ رتبة الرواة حسب عدد المرويات التي روها هي على الشكل التالي:


    الرّاوي



    الرّتبة



    اللوام



    11



    عدو الغواص



    1



    الغواص



    8



    الصديق الناجح



    3



    صديق السجين



    3



    الحازم



    1


    إن ّهذه المقاربات الإحصائيّة تشير إلى أننا متلقّين نتلقّى جميع المرويّات عن راو واحد على الرّغم من تعدّد الرواة, وهو الرّاوي الخارجيّ والناظم الفعليّ للنصّ وعليه فإنَّ فعله الإجرائيّ في النصّ الموازي (المقدّمة) والنصّ الداخلي (القصّة)
    · بعض المصطلحات في الكتاب:
    - التناسل والتجاور: ويعني التوالد النصيّ أي توالد الجمل.[11]
    - فضاء النصِّ: ويعني المكان الذي جرى الحدث فيه ويعتقد أنَّ الزمن[12] والفضاء علاقتهما جدليّة.
    - زمن النصِّ : وقد تناولناه بشكل مفصّل سالفاً.[13]
    - السارد الداخليّ: هو الناظم الخارجيّ الذي يتحوّل إلى سارد داخلي يؤطّر الفضاء والزمان والشخصيات.[14]
    - الخطاب: مجموعة تعابير محدّدة بوظائفها الاجتماعيّة ومشروّعيتها الأيديولوجية.
    - المتفاعلات الأدبيّة: مجموعة من الأجناس الأدبيّة والأنواع السرديّة مثل القصّة, والحكاية, والخبر, والأمثال, وأقوال الحكماء, والكتابة السلطانيّة.[15]


    الخاتمة


    من خلال ما تقدّم نرى أنّ البنيوية منهج فكريّ ونقديّ ماديّ غائمٌ بعض الشيء يذهب إلى أنّ كلّ ظاهرةٍ إنسانيّة كانت أم أدبيّةً تشكّل بنية لا يمكن دراستها إلاّ بعد تحليلها إلى عناصرها المؤلَّفة منها. ويتمّ ذلك بالنظر إلى البنى الناظمة لهذا الشيء أي النظر إليه من داخله لا من خارجه, كما أنَّ نقطة الارتكاز في هذا المنهج هي الوثيقة فهي مكمن الدراسة والتحليل, وهي تبتعدُ عن الأحكام الوجدانيّة والانفعاليّة, لأنَّ تدرس العناصر الأساسيّة المكوّنة لهذا الأثر ولذلك يفحص المضمون
    والسياق والترابط العضويّ للنصّ, فهي فلسفةٌ وضعيّة تدرس الظواهر الحسيّة, وقد أشار ميشيل فوكو إلى أنَّ البنيويّة ضدَّ الإنسانيّة, أي ليس غياب أو موت الله بل هي نهاية الإنسانيّة.

    ............................


    الحقوق القانونية وحقوق الملكية الفكرية محفوظة, عمر عكام.

    ثبَت المصادر والمراجع
    المصادر:
    - الدكتور يوسف إسماعيل, محكيات السّرد العربيّ القديم, منشورات اتحاد الكتّاب العرب, 2008 من سلسلة الدراسات(14).

    المراجع:
    - بؤس البنيوية , الأدب والنظرية البنيوية, ليونارد جاكبسون, تر: ثائر ديب, منشورات وزارة الثقافة السوريّة, 2001.

    - أضاليل الشعراء, روجيه كايوا , مجموعة تحوّلات رقم 26, ط3
    - مغامرة في مواجهة النصّ, رولان بارت, تأليف فرانك إيفرر, إيرك تينه, تر: وائل بركات, دار الينابيع, دمشق 2000
    - أزمة مفهوم الأدب في فرنسا في القرن العشرين, ألبير ليونار, تر: زياد العودة, ص/290, منشورات وزارة الثقافة 2002,دمشق

    المصادر ا الإلكترونيّة:
    - الندوة العالمية للشباب الإسلاميّ, البنيوية في الوطن العربيّ.

    ..............................


    الحقوق القانونية وحقوق الملكية الفكرية محفوظة, عمر عكام.




    [1] الفصل الثالث, محكيات السرد العربي, ص/81-85/.

    [2] بؤس البنيوية , الأدب والنظرية البنيوية, ليونارد جاكبسون, تر: ثائر ديب, منشورات وزارة الثقافة السوريّة, 2001.

    [3] أضاليل الشعراء, روجيه كايوا , مجموعة تحوّلات رقم 26, ط3/ص48

    [4] الندوة العالمية للشباب الإسلاميّ, البنيوية في الوطن العربيّ.

    [5] مغامرة في مواجهة النصّ, رولان بارت, تأليف فرانك إيفرر, إيرك تينه, تر: وائل بركات, دار الينابيع, دمشق 2000.

    [6] الدكتور يوسف إسماعيل, محكيات السّرد العربيّ القديم, منشورات اتحاد الكتّاب العرب, 2008/ص 148.

    [7] أزمة مفهوم الأدب في فرنسا في القرن العشرين, ألبير ليونار, تر: زياد العودة, ص/290, منشورات وزاروة الثقافة 2002,دمشق

    [8] الندوة العربية العالميّة للشباب, مصدر إلكترونيّ.

    [9] الفصل الثالث, محكيات السرد العربي, ص/81-85/.

    [10] محكيات السرد العربي القديم, د.يوسف إسماعيل ص/-5756/.

    [11] محكيات السرد العربي القديم, ص37.

    [12] المرجع السابق/ص57.

    [13] المرجع السابق/ص 56.

    [14] المرجع السابق/ص92.

    [15] محكيات السرد العربي القديم, ص118.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 12:17 pm