منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    النمذجة من خلال النظرية السيميائية

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    النمذجة من خلال النظرية السيميائية Empty النمذجة من خلال النظرية السيميائية

    مُساهمة   الخميس ديسمبر 17, 2009 1:03 pm

    النمذجة وحدودها من خلال النظرية السيميائية

    السميائيـات السرديـة : مدخل نظري
    تأليف : سعيد بنكراد
    منشورات الزمن ، الرباط ، 2001

    مقدمة
    في سنة 1966 أصدر الجيرداس جوليان گريماص كتابه الشهير الدلالة البنيوية، ويعد هذا الكتاب اللبنة الأولى التي ستقام عليها مدرسة بكاملها، أطلق عليها فيما بعد ''مدرسة باريس السميائية''. ورغم أن عنوان الكتاب يحيل على إشكالية الدلالة والسبل المؤدية إلى دراستها، فإنه يعد، في واقع الأمر، برنامجا نظريا لتيار سميائي سيعرف باسم : السميائيات السردية. وسيعرف هذا النموذج التحليلي الجديد مع بداية السبعينيات انتشارا واسعا في فرنسا، وفي مجموعة كبيرة من الدول. ولم يتوقف گريماص عند ذهذا الكتاب، فقد أصدر في السنوات الموالية مجموعة كبيرة من الكتب كرسها لتنقيح وتهذيب وتعديل نموذجه النظري. ونذكر من هذه الكتب : ، وفي المعنى II، وقاموسه الشهير: السميائيات، الذي كتبه بالإشتراك مع جوزيف كورتيس أحد أبرز تلامذته. وبهذه الكتب (وغيرها) يكون هذا المنظر الكبير قد أرسى دعائم تيار كبير اشتهر بمقاربته المتميزة للنصوص السردية.
    وفي هذا الكتاب نقدم للقارئ الناطق بالعربية هذه المدرسة في خطوطها العامة والرئيسة، وبطبيعة الحال، لم نحاول أن نجعل من هذه النظرية كيانا يعلو على كل النظريات، ولم نقدمها على أساس أنها البديل الأسمى لكل المقاربات. فلا وجود لنظرية من هذا النوع، وفي جميع الحالات لا وجود لنظرية تجيب على كل الأسئلة التي تثيرها النصوص.
    إن غايتنا الأولاى والأساس من هذا الكتاب هي البحث في الأسس المعرفية التي انبنت عليها هذه المدرسة. ومن أجل ذلك حاولنا أن نقدم كل التأويلات الممكنة للوجه المرئي للنظرية. فالمفاهيم والمصطلحات عادة ما تخفي بناء مجردا تمثل فيه النظرية على شكل مقترحات تخص الوجود والإنسان وأفعاله وأشكال إنتاجه للمعنى.
    وبطبيعة الحال، لسنا في حاجة إلى التأكيد أننا لا يمكن أن نضيف أي شيء إلى ما تنتجه الحضارات الأخرى دون أن نناقش الأسس الفلسفية التي انبنت عليها النظريات التي يتم تداولها عندنا، وفي كل أرجاء الوطن العربي، فالوقوف عند حدود المقترحات التحليلية التطبيقية، رغم أهمية هذه الجوانب وجدواها، لا يمكن أن يؤدي إلا إلى إنتاج نماذج ممسوخة لا ترقى إلى الأصل المؤسس ولا يمكن أن تنتج معرفة تخصنا وتخص نمط حياتنا.
    إن استيعاب النماذج في أصولها ومساءلة أبعادها الإبستمولوجية وهو وحده السبيل إلى إغناء معرفتنا بأنفسنا ومعرفتنا بالأخر، فما يأتينا ليس مفاهيم عارية من أي غطاء حضاري، بل هي نماذج معرفية تخفي داخلها نمط الحياة والموت وإنتاج القيم. وهذا ما حاولنا أن نتبينه من خلال قراءتنا لهذه النظرية. فهي تقدم نفسها على أساس أنها نموذج في تحليل النصوص السردية بجميع أنواعها، إلا أنها تعد في واقع الأمر فلسفة في المعنى وطرق إنتاجه وأنماط وجوده وانتشاره. فالتجلي لا يشكل سوى حالة مرئية لحالات تتخفى في أشكال ونماذج مجردة لا يمكن أن تحضر في الذهن إلا من خلال نسخ تخبر عن تحققها دون أن تساعد على إدراك جوهرها. فهذا الجوهر، شأنه في ذلك شأن ''الشيء في ذاته'' عند كانط ، يستعصي على الضبط والإدراك. إن وصفه يقف عند حدود تحديد العناصر المكونة له، وهي العناصر التي تشكل التجليات المتعددة، أو ما ندركه من خلال تحقق خاص.
    وسيدرك القارئ ذلك من خلال التصور الخاص بالسردية ذاتها. فهي لا توجد حيث تأخذ القيم أبعادا مشخصة، وحيث تظهر الشخصيات وتصب الحياة في أوعية زمنية تلغي المتصل وتحدث فيه شروخا، إن البحث عنها يجب أن يتم في مكان آخر. إنها موجودة في البنية الدلالية المنظمة على شكل محاور سابقة في الوجود على التجلي النصي. ولإدراك فحوى هذا التصور كان من الضروري الاستعانة بمجموعة من التصورات الفلسفية الخاصة بالإدراك وإنتاج القيم وتداولها.
    استنادا إلى هذه الأسس الأولية يجب التعامل مع هذه النظرية، وهي ذاتها التي ستمكننا أيضا من الكشف عن هفواتها ونقط ضعفها وقصورها. وهذا أمر بديهي في ميدان العلوم الإنسانية، فالنظريات تتبلور وتتأسس انطلاقا من مجموعة من المعايير التي تعد داخل هذا المنهج أو ذاك معايير مميزة وذلك على مستويين : الأساس الإبستمولوجي، والمردودية التحليلية.
    1- فعلى المستوى الأول، لا يمكن الحديث عن نظرية متكاملة إلا من خلال الكشف عن الأسس المعرفية التي انبنت عليها هذه النظرية. فهذه الأسس المعرفية تخفي داخلها تصورا للعالم والإنسان. فأشد النظريات علمية لا يمكن أن تسلم من وجود بصمات إيديولوجية تحكم بناءها ومقاصدها وغاياتها. فإذا كانت الغاية النهائية من كل نظرية هي غاية تأويلية الهدف منها البحث في الواقعة عن معرفة تخص الإنسان وحياته، فإن هذا التأويل لا بد وأن يقود إلى الكشف عن كون ما سيكون مزدوجا.
    أ- إن تطبيق نظرية ما على نص ما، لا يخلو من تأويل أولى يمتد لعناصر هذه النظرية نفسها. وذلك وفق التصور الذي يملكه الشخص المؤول عن الحياة وعن الإنسان (صانعو الإشهار مثلا يستفيدون كثيرا من السميائيات في صنع الإرساليات الإشهارية، والسميائيون يعملون على كشف الزيف الذي تتضمنه كل إرسالية إشهارية). وعلى هذا الأساس، فإن تبني نظرية ما لمقاربة ظاهرة ما ليس مشكلة تقنية بحت تتلخص في امتلاك مجموعة من الأدوات الإجرائية البريئة، بل هو اختيار معرفي وإيديولوجي لا تنفصل نتائجه عن مقدماته.
    ب-ويأتي التأويل الثاني كقراءة للنص والمنهج على حد سواء. فأي ممارسة تطبيقية لنظرية ما، هي تأويل لها بشكل ضمني أو صريح.
    2- ويتلخص المستوى الثاني في القدرة على مراقبة المنهج (النظرية) ، وما نعنيه بالمراقبة هو الكشف عن مردودية المنهج ومحدوديته من خلال وضعه داخل سياق نصي محدد. ذلك أن تقليص المسافة بين الوجه المجرد للنظرية وبين وجهها المتحقق يمر عبر مزج النظرية بالنص إلى الحد الذي تذوب فيه الفواصل بينهما، ويصبح إثر ذلك التنظير تطبيقا، ويتحول التطبيق إلى تنظير. إن تحقيق هذه الغاية معناه رد المنهج إلى منابعه الأولى، أي إلى الأصول التي انبثق عنها، فإذا كان وجود المنهج مشروطا بوجود الظاهرة ( الظاهرة النصية أو غيرها من الظواهر)، فإن الذاكرة النصية المتحققة ليست سوى تخصيص للذاكرة النصية المجردة والعامة (يعتبر أي نص تحققا خاصا ونوعيا لبنية بالغة العمومية). إن مرونة وصل العامل بالخاص ووصل الخاص بالعام هي الغاية المثلى لأي تطبيق، وهي منطلق أي تنظير.
    وهذا الوضع. فيما نعتقد، هو ما يبرر العمل الذي نقدمه للقارئ العربي. فلقد أثرنا أن نسير في الطريق الصعب، وألا نكتفي بتقديم مفاهيم مفصولة عن جذورها المعرفية. وهكذا عوض أن نتحدث عن مجموعة من النظريات المصنفة ضمن ما يطلق عليه حاليا السميائيات السردية ( وسيكون حديثنا حينها عاما وغير قادر على الإلمام بكل القضايا التي تطرحها هذه النظريات)، فضلنا أن نعرض لنظرية واحدة بأكبر قدر من الشمولية والوضوح، معتمدين في المقام الأول على أعمال صاحب هذه النظرية، ومستندين، في المقام الثاني، إلى بعض الأعمال التي كتبت حول هذه النظرية. وفي كلتا الحالتين، كان همنا الأساس هو تحديد الهيكل العام لهذه النظرية وإمكانات تطبيقها على مجالات تتجاوز في أحيان كثيرة الميدان السردي.
    ولقد كان احتيارنا لنظرية گريماص يستند إلى مجموعة من الأسباب نوجزها فيما يلي :
    -تتميز نظرية گريماص عن باقي النظريات الأخرى في المجال السردي بخاصية أساس يمكن تحديدها في صيغة بسيطة : مشكلة المعنى. فمقاربة نص ما لا يكون لها معنى إلا في حدود طرحها للمعنى كهدف وغاية لأي تحليل. فالتعرف على المعنى وتحديد حجمه لا ينفصل عن الميكانيزمات التي أنتجته. من هنا، فالتحليل لا يعني تعيين المعنى بشكل حدسي دون تحديد لسيرورة نموه وموته، ذلك أن التساؤل عن الشروط المنتجة للمعنى وعن كيفية إنتاج هذا المعنى لا ينفصل عن عملية تحديد حجم وطبيعة هذا المعنى، وعلى هذا الأساس فغاية أي تحليل هي مطاردة المعنى وترويضه ورده إلى العناصر التي أنتجته. وتبعا لذلك، عوض أن يكون الأثر الجمالي قوة حدسية لا يتحكم فيها ولا يحدد حجمها سوى الذات المتلقية، فإنه سيتحول إلى عملية تحليلية تستند إلى العناصر النصية بانزياحاتها وتقابلاتها وتماسكها.
    -وتتميز نظرية گريماص بشموليتها : شمولية في التصور وشمولية في التحليل. والشمولية لا تعني على الإطلاق إلغاء التاريخ، فهي محكومة، كأي أثر معرفي، بالزمنية الإنسانية، وهو أمر لا يعني أيضا إلغاء النظريات الأخرى، فلا وجود لنظرية تقدم نفسها بديلا مطلقا للنظريات الأخرى ، فشمولية نظرية ما تكمن في في قدرتها على التحاور مع نظريات أخرى تتقاسم معها موضوعا واحدا للدراسة.
    - كما تتميز بقدرتها -نظريا وتطبيقيا- على معانقة خطابات أخرى غير الخطاب السردي، فرغم أن المنطلق الرئيس في مسيرة گريماص كان هو الحكايات الشعبية (النص السردي بصفة عامة)، فإن نظريته صالحة للاقتراب من ظواهر نصية بالغة التنوع : النصوص القانونية، الظواهر الاجتماعية، الإشهار، الخطابات السياسية.... ويعود هذا الغنى في نظرنا إلى الأساس المعرفي الذي انبنت عليه هذه النظرية، وذلك على مستويين :
    أ- فعلى المستوى الأول، تتحدد السميائيات عند گريماص كنظرية لكل اللغات والأنساق والدالة. ''فالعلوم الإنسانية لم تثبت استقلاليتها انطلاقا من موضوعها، بل فعلت ذلك انطلاقا من منهج المقاربة الذي سيجعل من هذه الموضوعات موضوعات إنسانية أي دوالا< (1).
    ب- المستوى الثاني، يعود إلى مظاهر تجلي السردية، فاهتمام گريماص لا ينصب على الطابع السردي لنص ما، بل ينصب على خطابات ذات طابع تصويري (الرواية، المسرح، الحكاية الشعبية...) أو الخطابات التجريدية (النصوص القانونية، النصوص السياسية...)
    إن هذا التنوع لا يفرض تعاملا خاصا مع النصوص فحسب، بل يفرض تبني نظرة جديدة إلى النظرية ذاتها، فتعدد النصوص وتنوعها واختلافها، لا يمكن أن يقود إلا إلى إغناء النظرية أو مراجعة فرضيات المنطلق.
    ورغم أهمية هذه النظرية وموقعها داخل النماذج التحليلية المتعدد، فإنها خلافا ''للسرديات''(narratologie) التي راكمت عددا لا بأس به من الدراسات في مجال نقد الرواية (2)، فإن السميائيات السردية لم تعرف طريقها إلى الممارسة النقدية إلا في حالات قليلة (3)، والمتصفح للمنشورات الصادرة في المغرب أو في بعض الأقطار العربية الأخرى يدرك بشكل جلي هذا القصور. فغالبا ما تكون هذه المنشورات عبارة عن ترجمات لمقالات معزولة أو أجزاء من كتب، وأحيانا يتعلق الأمر بتعاليق مختصرة عن نظرية أو مجموعة من النظريات. وعلى الرغم من أهمية وقيمتها التعليمية، فإنها تظل ناقصة، (وقد تكون مضللة في بعض الأحيان) لأنها تقدم مفصولة عن أسسها الإبستمولوجية، وعن المناخ الذي ولدت فيه، الشيء الذي يجعل القارئ عاجزا، في أغلب الأحيان، عن إدراك الفروقات والاختلافات بين هذه النظرية أو تلك، وبين هذا المفهوم أو ذاك، وقد لا يستطيع، والحالة هذه، إدراك أن المصطلح الواحد قد ينتمي إلى مدارس متعددة حاملا مضامين متنوعة.
    وهذا ما حاولنا تفاديه في هذا الكتاب. صحيح أننا لم نقل كل شيء عن هذه النظرية، وفي جميع الحالات فإن هذا الأمر لا يمكن أن يحدث، فهذه النظرية أصبحت لها امتدادات في ميادين شتى، والمجال ذاته لا يسمح بفعل ذلك، ولكننا قدمنا الأسس المعرفية والفلسفية التي انبنت عليها هذه النظرية. وهذا في حد ذاته إنجاز لا يستهان به، فنحن في حاجة إلى التساؤل عن النماذج النظرية في أصولها المعرفية لا من خلال مجموعة من أدواتها الإجرائية.
    هوامش :
    1- Greimas : Du sens, p 52
    2- انظر في هذا المجال الأعمال التي قدمها سعيد يقطين بدءا ''من القراءة والتجربة'' وانتهاء ب ''قال الراوي'' وهي أعمال عرفت بتيار في النقد السردي له أهميته وقيمته...
    3- على سبيل المثال قدم الأستاذ عبد المجيد النوسي رسالة دكتوراه الدولة بعنوان : ''تحليل سميوطيقي لرواية اللجنة : تشييد مسار الدلالة'' مسترشدا بالمقترحات النظرية التي جاء بها گريماص. وقدم مصطفى الشاذلي باللغة الفرنسية كتابا حول نظرية كريماص يحمل العنوان التالي :
    Sémiotique, vers une nouvelle sémantique du ××××××××e
    والكتاب صدر عن كلية الآداب بالراباط سنة 1995

    الفصل الأول
    الإرث الشكلاني
    لقد حظيت الأشكال السردية في النصف الثاني من القرن الماضي بكثير من العناية والاهتمام، الشيء الذي جعلها تحتل مكان الصدارة داخل ميدان أصبح، منذ فترة قصيرة، من أغنى الميادين داخل العلوم الإنسانية : السميائيات. بل يمكن القول إن السميائيات جربت أولى أدواتها ( المستمدة أساسا من اللسانيات )، وتحسست أولى خطواتها داخل ميدان السرديات بالذات.
    وربما يعود السبب في ذلك إلى اختلاف الخطاب السردي عن أشكال الخطاب الأخرى ( الخطاب الشعري مثلا )، من حيث إنه يمتد بجذوره في تربة خصبة تشتمل على الكثير من الأنواع بدءا من الأسطورة وانتهاء بالمطبخ مرورا بكل الأشكال التعبيرية ذات البعد التصويري.
    وعلى خلاف الشعر مثلا فإن > الحكي يمكن أن يظهر من خلال اللغة المتمفصلة، المكتوبة أوالشفاهية، كما يمكن أن يظهر من خلال خليط منظم من كل هذه المواد. إن الحكي حاضر في الأسطورة، وفي الخرافة وفي حكايات الحيوانات والحكاية الشعبية، والقصة الصغيرة والملحمة والتراجيديا والدراما والكومديا والتعبير الجسدي، كما لو أن كل مادة صالحة لأن يودعها الإنسان حكاياته < (1)
    وبالرغم من هذا الغنى وهذا التنوع، فإن الخطاب السردي - على عكس الخطاب الشعري مثلا الذي عرفت قوانينه وقواعده منذ مدة طويلة - لم يعرف أية دراسة جدية تهدف إلى الكشف عن أسلوب بنائه وعن نمط اشتغاله إلا في فترة متأخرة، وبالتحديد مع بداية القرن الماضي.(2)
    ويعود الفضل في ذلك إلى الباحث الروسي فلادمير بروب الذي سيخضع الخطاب السردي ( الحكايات العجيبة ) لأول مرة، لدراسة لا تقف عند حدود تعيين مواضيعه أو تصنيف وحداته المضمونية، بل تهدف إلى مساءلة النص في ذاته ولذاته من خلال بنيته الشكلية. فقد كانت محاولته تهدف إلى الكشف عن الخصائص التي تميز الخطاب السردي ( الحكاية الشعبية بالتحديد) عن غيره من الخطابات. ولقد كانت دراسته الشهيرة " مورفولوجيا الحكاية العجيبة " (3) الصادرة سنة سنة 1928 ( 4) معلمة بارزة في تاريخ السميائيات السردية. فعلى أي أساس قامت هذه الدراسة ؟
    لقد كان طموح پروپ هو الوصول إلى الكشف عن العناصر المشتركة المشكلة للمتن المدروس، أي الوصول إلى عزل العنصر الدائم والثابت عن التجليات المختلفة التي لا تشكل وفق تصوره، سوى تنويعات لبنية واحدة. ولتحقيق هذا الهدف، كان عليه أن يرفض التصنيفات المستندة إلى المواضيع والموتيفات. كما كان عليه أن ينبذ المقاربة التاريخية التي ينحصر همها في البحث عن الجذور التاريخية للأشكال الفلكلورية. فهذه المقاربات لا يمكن أن تشكل نموذجا علميا قادرا على المضي بالباحث إلى تحديد ماهية الحكاية.
    والخلاصة، حسب پروپ، إن كل تصنيف قائم على المواضيع تصنيف فاسد، لأن الحكاية لا تنفرد بموضوعات خاصة بها، لا تتقاطع ولا تتداخل مع أشكال أدبية أخرى. وهو ما يصدق أيضا على التصنيف القائم على الموتيفات. فالقول بأن هناك حكايات للجن وحكايات للحيوانات يفترض أن كل حكاية لا تعالج إلا موتيفا واحدا ووحيدا، وليست سوى تحقق خاص له. والحال أن الممارسة التحليلية تبرهن على عكس ذلك. فقد تتعايش داخل الحكاية الواحدة مجموعة من الموتيفات. ( 5)
    وبناء عليه، لكي تتحقق العودة إلى الجذورالتاريخية للحكايات، لابد من تحديد الخصائص الحقيقية ( الشكلية ) للحكاية. > فالتحليل البنيوي لكل مظهر من مظاهر الفلكلور هو الشرط الضروري لدراسة مظاهره التاريخية، ودراسة القواعد الشكلية هي المدخل لدراسة القواعد التاريخية <. (6)
    إن التصنيف على هذا الأساس، يجب أن ينطلق من وصف شامل يستند إلى قواعد علمية وليس إلى الحدس والاعتباطية. واستنادا إلى هذه القواعد يمكن الوصول إلى تصنيف تمييزي وتمثيلي.
    فأين يكمن العنصر الدائم والثابت الذي يجب أن يكون منطلقا لأي تصنيف ؟
    لقد كان على پروپ أن > يبحث عن هذا العنصر في مستوى آخر، هو مستوى الوظائف وليس مستوى الشخصيات. وبهذا يمكن طرح إمكانات توليدية جديدة. فالتحليل الشكلي يمكننا من الوصول إلى شيء آخر يمكن تحديده في الشكل الأصلي للحكاية <. (7)
    وللوصول إلى استخراج مجموعة من القواعد القابلة لأن تشتغل كنموذج عام، انطلق پروپ من الفرضيات التالية :
    أ- إن العناصرالدائمة والثابتة داخل الحكايات هي وظائف الشخصيات > كيفما كانت طبيعة هذه الشخصيات، وكيفما كانت الطريقة التي تمت وفقها هذه الوظيفة <. (Cool والوظيفة حسب پروپ > هي فعل تقوم به شخصية ما، من زاوية دلالته داخل البناء العام للحكاية <. (9) والقول بأن الوظيفة هي العنصر الدائم والثابت معناه القول، بصيغة أخرى، إن الوظائف هي الخالقة للشخصيات وليس العكس، كما قد يوهم بذلك خلال المعطى الظاهري للنص. ومن هنا، فإن الوظيفة لا تكترث للشخصية المنفذة لها، علينا الاكتفاء فقط بتعيينها من خلال اسم يعبر عن الفعل. (10)
    ب- إن عدد الوظائف داخل الحكاية محدود. إنه لا يتجاوز واحدا وثلاثين وظيفة. وهذا لا يعني أن كل حكاية يجب أن تكون تحققا كاملا لهذا العدد من الوظائف. فقد يحصل ( وهذا حاصل فعلا ) أن لا تحتوي الحكاية إلا على عشرين وظيفة أو أقل أو أكثر. وما هو جدير بالتسجيل يكمن في نظام هذه الوظائف، > فتتابع الأحداث له قوانينه الخاصة، والحكي الأدبي يملك قوانين مشابهة. إن السرقة لا يمكن أن تحدث قبل تكسير الباب <. (11)
    ج- إن التتابع الذي يميز هذه الوظائف تتابع واحد. فالوظائف تسير وفق نمط معين في كل الحكايات. وإذا كانت هذه الوظائف لا تتحقق باستمرار بنفس العدد في كل الحكايات، > فإن هذا لا يغير من القانون الذي يحكم تتابعها. ذلك أن غياب بعض الوظائف لا يغير من وضعية الوظائف الأخرى <. (12)
    د- تنتمي كل الحكايات العجيبة إلى نفس النوع من حيث بنيتها، ويمكن ترجمة هذه الفرضية في صيغة أخرى. إننا أمام حكاية واحدة ببنية وأشكال متعددة للتحقق. إن هذا التشابه بين الحكايات معناه أن هناك مجموعة من الظواهر النصية التي لا يمكن أن تفسر إلا من خلال ربط بعضها ببعض، وهذا الربط هو الذي يكشف لنا عن البنية الشكلية التي تقع في أساس تشكل كل الحكايات.
    وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار كل الحكايات الروسية المشكلة للمتن المدروس تنويعا لحكاية واحدة. وهذه الفرضية الأخيرة هي التي دفعت بالذين جاءوا بعد پروپ إلى مقابلة البنية بالشكل. فالشكل يعين قصة وحيدة، أما البنية فهي نسق تأليفي أكثر استقلالية في علاقته بالشكل الثقافي الخاص بالحكايات الروسية. (13)
    إن الوظائف في تتابعها وترابطها لا يلغي بعضها بعضا، ولا تتقابل فيما بينها. إنها لا تخضع لعملية تصنيف تجعل منها قصة واحدة متواصلة. ولعل هذا التحديد هو ما يسمح بالقول إن بروپ يتعامل مع هذا النظام باعتباره أشكالا كونية منظمة للفعالية السردية بشكل سابق ( أو يتعلق الأمر،على الأقل بالحكايات العجيبة). ووجود هذه الأشكال هو ما يسمح بالحديث عن إمكانية بناء نموذج نظري عام يستوعب في داخله كل التنويعات التي تتوفر عليها الحكايات من خلال تحققاتها المختلفة.
    وبعد هذا التحديد العام للوظائف، وتعيين موقعها داخل بنية الحكاية يشير پروپ إلى عناصر أخرى لا تملك، في رأيه، نفس أهمية الوظائف، ولا تأثير لها على سير الحبكة ولكنها بالرغم من ذلك، تعد عنصرا أساسا في تشكيل البناء الحكائي في كليته.
    إن ترابط الوظائف وتتابعها واستبعاد الشخصية كعنصر غير تمييزي لا يعني أن هذه الوظائف تشكل كلا لا يخضع لإمكانية تقليصه. ذلك أن تصنيف الوظائف ضمن مجموعات صغيرة محددة على أساس وجود تشابه بين هذه الوظائف أمر ممكن. فپروپ يعمد بعد تحليله للوظيفة إلى تحديد ما يسميه بـ "دائرة الفعل". فبإمكاننا ضم مجموعة من الوظائف إلى بعضها البعض لخلق دائرة فعل محددة لشخصية بعينها. وعدد هذه الدوائر يتناسب مع عدد الشخصيات الفاعلة داخل الحكاية. وهذا العدد محدود، فهو لا يتجاوز سبع دوائر. وكل دائرة تحدد فعلا معينا تقوم به شخصية معينة. ويحدد پروپ هذه الدوائر من خلال الثيمات التالية :
    1- دائرة فعل المعتدي
    2- دائرة فعل الواهب
    3- دائرة فعل المساعد
    4- دائرة فعل الأميرة ( أوالشخصية موضوع البحث )
    5- دائرة فعل الموكل
    6- دائرة فعل البطل
    7- دائرة فعل البطل المزيف
    إن هذا النموذج الخاص بالشخصيات يمكن التعامل معه باعتباره نسقا عاما. فقد تتغير أسماء الشخصيات، وقد تتغير تجليات الأفعال، لكن المضمون المحدد لكل دائرة سيظل واحدا.
    وبعد ذلك، يتحدث پروپ عن عناصر تعد في نظره عناصر ثانوية ( وهي ليست كذلك كما سنرى لاحقا ). ويمكن تحديد بعض هذه العناصر في :
    - العناصر التي تقوم بربط الوظائف إلى بعضها البعض. فالوظائف قد لا تسير وفق خط متواصل بل يحدث أن يتخللها تقطع وانقطاعات وتوقف. إن هذا التقطع يفرض ضرورة إدخال عناصر تقوم بملء البياض الفاصل بين الوظائف.
    - العناصر التي تساهم في تثليث الوظيفة الواحدة ( بعد فشل الوظيفة الأولى وفشل الوظيفة الثانية يكون النجاح حليفا للوظيفة الثالثة ). ( 14)
    - الدوافع ( التحفيز). ويكمن دور هذا العنصر في خلق مبرر للقيام بوظيفة ما.
    ويشير پروپ في النهاية إلى طرق وأسايب إدخال الشخصيات إلى مسرح الأحداث. > فكل نوع من الشخصيات يملك طريقة خاصة للدخول إلى مسرح الأحداث، وكل نوع يشير إلى أسايب خاصة تستعملها الشخصية للتسرب إلى الحبكة <. (15)
    إننا نعثر في هذه الدراسة على أدوات بشرت بها اللسانيات وأصبحت فيما بعد عمادها الرئيس. فمن أجل دراسة اللسان وطرحه كموضوع للسانيات يجب عزله عن الكلام. وعزل اللسان عن الكلام معناه، من منظور اللسانيات دائما، عزل الاجتماعي الثابت والمنفلت من إرادة الفرد، عن الفردي، الحر المتجسد في أداء خاص. وهذا المبدأ هوالذي قامت عليه الدراسة التي قدمها پروپ. فالوظائف، بعددها ونمط تتابعها، تشكل قصة واحدة، أي تشكل ما يشبه الجذع المشترك الذي تتحقق داخله ومن خلاله كل النصوص المتنوعة.
    لقد انطلق پروپ من سلسلة كبيرة من الأفعال الملموسة والموصوفة داخل الحكاية الشعبية، لكي لا يحتفظ سوى بعدد ضئيل من الوظائف، يشهد على ذلك أن وظيفة الإساءة وحدها تغطي ما يناهز التسعة عشر تحققا أو تعابير تصويرية مختلفة.(16) وعلى أساس هذا التجريد سينظر إلى البنية باعتبارها مورفولوجيا ثابتة، أي إطارا كونيا جامعا لكل أشكال الحكي، وسينظر إلى الشكل باعتباره أحد التحققات الممكنة لهذه البنية. وهذه التحققات الممكنة هي ما يشير إليها پروپ باعتبارها تمثل حرية داخل الإرغامات، وتتجلى هذه الحرية من خلال الهامش الذي يتوفر عليه السارد في إهمال بعض الوظائف وفي تنويع الشخصيات، وكذا الإكثار من العناصر الرابطة بين الوظائف. وهذه الحرية تشكل سمة تمييزية لكل حكاية.
    النموذج والنقائص
    1- مؤاخذات ك . ل شترواس
    وعلى الرغم من أهمية هذا المشروع وقيمته التاريخية والدور الذي لعبه في فتح آفاق واسعة أمام السميائيات السردية خاصة والسميائيات الأدبية عامة، فإنه لم يستطع بلورة أدوات إجرائية منفصلة عن المتن الحكائي وفاعلة فيه. فالوقوف عند أنماط اشتغال الحكايات لا يشكل سوى مرحلة داخل نشاط معرفي يجب أن يمكننا من صياغة طرق جديدة في التعامل مع الحكايات. فلقد احتفظ بالتحليل في مستوى سطحي، حيث لم يتم تناول السردية إلا من خلال بعدها المعطى من خلال التحقق النصي. وبعبارة أخرى، فإن التسنين المضموني الذي يقود إلى استخراج الوظائف انطلاقا من إجراء تقليصي بقي في حدود المستوى التوزيعي مهملا بذلك وجود إسقاطات استبدالية منظمة للسرد في مستوى عميق كما يقول گريماص.
    من هذه الملاحظات بالذات، انطق كلود ليفي شتراس في قراءته للمشروع الپروبي. فالفصل بين المستوى التوزيعي والمستوى الاستبدالي هو الذي قاد پروب إلى الفصل داخل المتن الحكائي بين المضمون والشكل. فالشكل وحده، في نظر پروپ، قابل للإدراك، أما المضمون فلا يشكل سوى عنصر زائد، ولا يملك أية قيمة تمييزية.(17) والحال أن الأمر ليس كذلك، أو لا يجب أن يكون كذلك إلا إذا كنا نقف عند حدود التمييز القديم بين المادة والشكل؛ وهو تمييز لم يعد صالحا على الإطلاق. فالمعنى شكل، لأن ما ندركه من المادة هو شكلها، وليس شيئا آخر. والشكل في ذاته ليس سوى تحقق خاص ضمن تحققات أخرى ممكنة لنفس البنية الدلالية. > فليس هناك عنصر مجرد من جهة وآخر ملموس من جهة ثانية، ذلك أن الشكل والمضمون من طبيعة واحدة، ويخضعان لنفس التحليل، ما دام المضمون يستمد واقعه من بنيته، وما يسمى بالشكل ليس سوى بَنْيَنَة للبنيات المحلية حيث يوجد المضمون. (18)
    وعلى هذا الأساس، فإن الإجراء التحليلي الذي يستند إلى التجريد كمرحلة أساسية للإمساك بمجموع الحكايات كبنية واحدة، يجب أن تليه مرحلة جديدة تتمثل في العودة من جديد إلى المحسوس، أي إلى التنوع البنيوي الذي تمثله مجموع الحكايات. وبتعبير آخر العودة إلى تلمس ما يميز هذه الحكاية عن تلك. وتبعا لذلك، فإن المضمون إذا لم ينظر إليه باعتباره جزءا من الشكل، فإن هذا الشكل ذاته سيُحكم علىه بالبقاء في مستوى بالغ التجريد، لدرجة أنه لن يعني بعد ذلك أي شيء، ولن يملك بعد ذلك أية قيمة كشفية. (19)
    وفي هذه الحالة، فإن مشروع پروپ لن يقود إلا إلى خلط الأوراق من جديد. فهذا المشروع يدعونا إلى اعتبار كل الحكايات حكاية واحدة، بأشكال مختلفة للتحقق. وهذا ما عبر عنه ليفي شترواس بقوله > قبل مجيء الشكلانيين لم نكن نعرف، بدون شكل، ما يجمع بين الحكايات، أما بعدهم فلم نعد نعرف أين يكمن الاختلاف بينها<. (20) فإذا كانت الحكايات متشابهة إلى هذا الحد فلا داعي إذن للتحليل ولا داعي للبحث عن صياغة خاصة للمضامين تميز هذه الحكاية عن تلك.
    وفي تصور ليفي شتراوس، فإن پروپ أضاع المضمون في رحلته من الملموس إلى المجرد، وهذا ما جعل العودة من جديد من المجرد إلى المحسوس أمرا مستحيلا.
    ومن هذا المنطلق، فإن الفصل في دراسة الوظائف وتتابعها، بين نوعين من الوظائف : الوظبفة الأصلية والوظيفة الفرعية سيؤدي بالضرورة إلى الاحتفاظ بالأولى واستباعد الثانية في بناء النموذج. فالأولى، حسب پروپ، دائما تعود إلى الشكل، في حين تعود الثانية إلى المضمون وهي بهذا متحولة ولا تشكل عنصرا تمييزيا.
    وهذا ما رفضه كلود ليفي شتراوس، وسيحاول البرهنة على عكس ما يذهب إليه پروپ معتمدا على نماذج حكائية من أمريكا. وهي نماذج تدحض الفصل بين الشكل والمضمون. فالفصل بينهما فصل فاسد وغير علمي. والأمثلة التي يقدمها كلود ليفي شتراوس تبين أن ما اعتبره پروپ عنصرا عرضيا وغير وظيفي سيصبح هو أساس الحكاية وأساس تلوينها الثقافي. وبعبارة دقيقة، فإن المضمون هو ما يؤسس خصوصياتها باعتباره عنصرا يعود إلى ما يميز هذه المجموعة البشرية عن تلك.
    وهكذا، فإن ليفي شتراوس يلاحظ أن مجموعة كبيرة من الأساطير والحكايات عند الهنود في الأمريكيتين الشمالية والجنوبية تسند أفعالا متشابهة لحيوانات مختلفة. وهذا أمر بالغ الأهمية، ولا يمكن لأي محلل للحكايات أن يتجاهله، لأنه يعد جزءا من تصور للعالم وجزءا من ثقافة لها خصوصيتها. فماذا سيحصل لو أننا نظرنا إلى هذه الحكايات بنفس منظور پروپ ؟ إن المثال التالي سيبين النتائج المترتبة عن محاولة من هذا النوع.
    إذا أخذنا أصناف الطيور التالية : النسر، البوم، الغراب، وأسندنا إليها وظائف ما، فهل سيكون بإمكاننا التمييز، كما يفعل ذلك پروپ، بين الوظائف الثابتة، والشخصيات الدائمة التحول؟ يجيب شتراوس بالنفي، لماذا ؟ > لأن كل شخصية لا تطرح على شكل عنصر مبهم، يعد في التحليل البنيوي عنصرا نهائيا، فالحكي لا يملك معلومات عن نفسه، والشخصية داخل الحكي يمكن تشبيهها بكلمة نعثر عليها في وثيقة ولا أثر لها في القاموس، أو هي شبيهة باسم علم، أي حد محروم من أي سياق<. (21) والخلاصة أنه لا يمكن استبدال أنواع الطيور هاته بأنواع أخرى دون أن تخلق تغييرا بالكون الدلالي الخاص بهذه الحكاية أو تلك.
    وهذا أمر بالغ الأهمية، فوجود هذا العنصر أو غيابه هو ما يحدد في نهاية المطاف الكون القيمي لأية حكاية، فالأشياء لا تدرك في انفصال عن الذات المدركة، وكل عنصر داخل العالم المحسوس هو عنصر داخل ثقافة، وأي استعمال للأشياء وللكائنات هو استعمال ثقافي.
    وهكذا عوض الحديث عن العناصر المتحولة ( الشخصيات /الطيور في المثال السابق) كما يفعل ذلك پروپ، يجب الحديث عن مضمون الاستبدال. فالمضامين قابلة للاستبدال، وأي استبدال معناه الانتقال من كون دلالي إلى آخر يختلف عن السابق بتقطيعه المفهومي الذي لا يشبه بالضرورة كل التقطيعات المفهومية الأخرى. ونعثر في المثال السابق على ما يؤكد ذلك. > فإذا كان من الملاحظ، أن داخل الوظيفة الواحدة، يكون ظهور النسر نهارا، ويكون ظهور البوم ليلا، فإن هذه الملاحظة ستقودنا إلى تحديد النسر باعتباره نهاريا، وتحديد البوم باعتباره ليليا، ومعنى هذا أننا أمام تقابل ثنائي تمييزي :
    الليل (م) النهار < (22)
    وإذا كان هذا السياق يسمح لنا باستخدام تقابل ثنائي بسيط، فإن تنويع السياقات سيمكننا من إجراء استبدالات أخصب للمضامين، كما يسمح لنا بالدفع بالتحليل إلى مداه الأقصى. و> هكذا يمكن للنسر والبوم أن يتقابلا مع الغراب ( يجب أخذ المعتقدات الدينية والخرافية في الاعتبار) باعتبارهما :
    صائد (م) أكل الجيفة
    وتدخل البطة في تقابل مع الثلاثة وفق ثنائية جديدة
    سماء/ أرض (م) سماء / ماء < (23)
    وعلى هذا الأساس، لن يصبح العنصر المتحول مجرد ديكور، عرضي وزائل وغير مميز، وبالإمكان إسناده لأية شخصية. إنه، على العكس من ذلك، عنصر داخل ثقافة هي ما يسند الحكايات ويحدد لها العناصر الأساسية لتشكلها. فعلى أساس وجود هذه السياقات، والتقابلات المتولدة عنها، يتحدد كون الحكاية اطرادا، باعتباره كونا للتحليل كثنائيات تقابلية متنوعة التأليف، وفق ارتباطها بهذه الشخصية أو تلك. وهذه الشخصية نفسها، بعيدا عن أن تشكل كيانا، فإنها تعتبر، على غرار الفونيم كما يعرفه جاكبسون، شبكة من العناصر الاختلافية. (24)
    وما يصدق على الحيوانات (باعتبار هذه الحيوانات شخصيات فاعلة في الحكاية، أي لها موقع ما ضمن دائرة من دوائر الفعل) يصدق على عناصر أخرى ليست من نفس الطبيعة. ويسوق شترواس مثالا آخر خاصا بالأشجار. فنحن نعثر عند الهنود دائما، على ذكر للأشجار وذكر لبعض الوظائف التي تسند إليها. وفي هذه الحالة، فإن الأشجار هنا أيضا، وحسب تصور پروپ، تعد عنصرا لا قيمة له، فما يهم في الشجرة ليس شكلها أو امتدادها بل الوظيفة المسندة إليها. إلا أن الأمر ليس كذلك، فسيكون من الخطإ التركيز على الشجرة في ذاتها دون اهتمام بالفصيلة التي تنتمي إليها ( أنواع الأشجار)، ودون تحديد موقع هذه الفصيلة داخل ثقافة هذه المجموعة البشرية أو تلك.
    وفي هذا المجال، يذكرنا شتراوس ببعض المعتقدات الشائعة في أوساط الهنود. > فما يثير هؤلاء الأهالي في شجرة البرقوق مثلا هو خصوبتها، في حين ما يشد انتباههم إلى شجرة التفاح هو قوتها وعمق جذورها. وهذا التقابل بين خصائص كل فصيلة على حدة يضعنها أمام التقابل التالي : هناك من جهة الخصوبة وهناك من جهة ثانية : التحول : أرض /سماء، وذلك داخل نفس المقولة : النبات< (25)
    استنادا إلى كل ذلك، فإن تجاهل المعطيات الثقافية في اختيار هذه الشجرة أو تلك، أو تحديد هذا الحيوان دون ذاك، وانتماء هذه الكائنات إلى فصائلها، معناه أن التحليل لن يكون له أي عمق يذكر. فالممارسة السلوكية ( دينية أخلاقية، خرافية ) هي الوجه المرئي لمعتقدات تتخلل الحكايات والأساطير، بل هي ما يؤطر مجمل الممارسات الثقافية. لهذا يجب أن نعيد الاعتبار لهذه العناصر التي يعتبرها پروپ عرضية وغير مميزة. فهذه العناصر هي سبيلنا نحو معرفة أفضل للأكوان الثقافية الخاصة بالشعوب، وهي ما يميز، في واقع الأمر، هذه الحكاية عن تلك.
    وتنصب قراءة كلود ليفي شتراوس للمشروع الپروپي، في مرحلة ثانية على الوظائف نفسها، أي نمط اشتغالها وعددها وتتابعهما.
    فإذا كانت العناصر المتحولة في التحليل الپروپي، هي ما يشكل كنه الحكاية عند شتراوس، فإن الوظائف في تتابعها وعددها وتوزيعها قابلة هي الأخرى لأن يعاد فيها النظر. فاستنادا إلى تقاطع المحور التوزيعي مع المحور الاستبدالي، وإمكانية إسقاط المحور الأول على الثاني، يمكن تقليص عدد الوظائف ونمط توزيعها. وهذا أمر ممكن، فعدد كبير من هذه الوظائف قابل للمزاوجة وقابل لأن يشكل وحدة ضمن ثنائية لا يمكن أن يذكرفها الأول دون ذكر الطرف المقابل.
    > فإذا كنا نفترض أن للخطاب ذاكرة تنظم مجموع عناصر الحكاية استبداليا وتروزيعيا، فإن أي إثارة لوظيفة ما سيذكر بالعنصر السابق عليها أو بالعنصر اللاحق لها. وبناء عليه، فإن الحديث عن وظيفة "رحيل البطل" مثلا، يستدعي مباشرة استحضار وظيفة "عودة البطل". وهو ما يصدق على وظيفة " الحظر" ، التي لا يمكن تصورها دون تصور ما يقابلها أي " خرق الحظر". وهكذا يرى ليفس شتراوس أن الزوجين التاليين :
    الرحيل (م) العودة
    المنع (م) الخرق)
    لا يشكلان أربعة وظائف ( الرحيل + العودة + المنع + الخرق ) وإنما هما وظيفتان ضمن ثنائية قابلة للإدراك من خلال الإجراء الاستبدالي. فأن يرحل البطل معناه ترقب عودته، وأن تشير الحكاية إلى محظور ما معناه ترقب إمكانية خرقه وهكذا دواليك. فالربط التوزيعي بين العنصر الأول والثاني يتم ضمن إجراء استتبدالي يقود إلى استخلاص وظيفة.
    إن الأمر لا يتعلق هنا بتقليص عدد الوظائف بهدف الاحتفاظ بأقل عدد ممكن منها، وإنما يتعلق الأمر بتكسير التتابع الخاص بالوظائف -إحدى الفرضيات الأساس التي قام عليها المشروع الپروپي - الأمر الذي سيقود إلى رفض التعريف الذي يعطيه پروپ للحكاية باعتبارها تتابعا لواحد وثلاثين وظيفة. وهذا التكسير يعد، في عمقه، تدميرا للبعد الكرونولوجي للحكاية. فالتتابع خادع وليس إلا وهما ظاهريا. وكل معرفة للخطاطة الداخلية للحكاية، أي ما نطلق عليه مجمل التناطرات الدلالية التي تقوم عليها الحكاية، يقتضي إعادة بناء النظام الداخلي لهذه الحكاية. فكل تحليل للحكاية يفترض التخلي عن خطية التجلي ( التوزيع ) والانتقال إلى ما يشكل المستوى الأعمق وهو الاستبدال. وتلك كانت نقطة الانطلاق في قراءة التي قام بها گريماص للمشروع الپروبي.
    2 - گريماص والمشروع الپروپي
    يمكن القول إجمالا إن قراءة گريماص للمشروع الپروپي كانت محاولة لاستيعاب هذا النموذج التحليلي ضمن تصور نظري جديد للحكاية يمتح عناصره من مشارب بالغة الغنى والتنوع.
    ولهذا السبب، لا يمكن فهم الانتقادات التي وجهها گريماص لتحليلات پروپ إلا ضمن المشروع الذي كان يحاول بناء عناصره، وهو مشروع قائم، في جزء منه على الأقل، على تعديل المشروع الأول وتشذيبه.
    ولئن كانت هذه الانتقادات تشير إلى ما يفصل بين الرجلين، فإنها، تعد في نفس الآن ما يربط بينهما. فهي تشير إلى وجود نوع من الاسترارية بين مشروعيتها. بل يمكن القول إن مشروع گريماص ما كان له أن يرى النور لولا وجود هذا العمل الجبار الذي قام به پروپ. وفي هذا المجال يلاحظ كلود زلبرباغ أن مهمة گريماص اتجاه المشروع الپروپي كانت تتلخص في نقطتين أساسيتين :
    -إنها تشكل نوعا من الإصلاح، بالمفهوم القانوني للكلمة، لما قام به النقد المدمر الذي صاغه شتراوس ضد المشروع الپروپي ...]
    - إنها تشكل أيضا نوعا من التقليص، خاصة بعد ظهور كتاب ''الدلالة البنيوية'' ، والأمر يتعلق بقلب لزاوية النظر. فعوض الاستمرار في البحث عن الكوني ( الحكاية الوحيدة ) كما فعل ذلك پروپ، كان من الضروري التوجه نحو معرفة التمفصلات الأولى للنص السردي. (26)
    ويمكن تحديد الصياغة الجديدة للمشروع الپروپي في المحاور التالية : ( ونحن نتبع في هذا العرض مخطط گريماص نفسه، وسنترك جانبا مجموعة من القضايا الأخرى التي سنعود إليها في عرضنا لتصور گريماص).
    1 -تعريف الوظيفة
    يلاحظ گريماص أن هناك خللا في تعريف الوظيفة عند پروپ، أو على الأقل ليس هناك محدد نظري واحد يستند إليه پروپ في تعريفه لكل الوظائف. فالتعريف الذي يعطيه للوظيفة قائم على وجود فعل ما تتحدد من خلاله شخصية ما. وهذه الشخصية تتحدد، تبعا لذلك، من خلال انتمائها إلى إحدى دوائر الفعل التي تشتمل عليها الحكاية.
    فإذا كان الفعل هو أساس تعريف الوظيفة، فإن الدارس، كما يرى ذلك گريماص، سيحتار أمام التناقض الذي يميز تعريف وظيفتين : > فإذا كان رحيل البطل، باعتباره شكلا من أشكال النشاط الإنساني، يعد فعلا، أي وظيفة، فإن "النقص" لن يكون كذلك ولا يمكن التعامل معه باعتباره وظيفة، بل هو حالة تستدعي فعلا<. (27)
    إن هذا الخلل في تعريف الوظيفة وما يترتب عنه من نقل للإشكالية السردية من موقع إلى آخر، سيدفع گريماص إلى استخلاص ما يلي :
    > إذا أخذنا في الاعتبار مجموع تسميات الوظائف الپروپية فإننا سنخرج بانطباع مفاده أن هذه الوظائف تستخدم في ذهنه - من حيث كونها تحتوي على روايات مختلفة وتعد تعميما لدلالة هذه الروايات- باعتبارها تلخيصا لمختلف مقاطع الحكاية، أكثر مما تعين مختلف الأنشطة التي يقوم فيها التتابع بمهمة إظهار القصة كبرنامج منظم <. (28) وهكذا عوض الحديث عن الوظيفة وعن شكل وجودها، يجب الحديث عن الملفوظ السردي، وحينها ستأخذ الوظيفة الصيغة التالية :
    م س = و (ع1 ع2 ع3 ) .
    ( مس = ملفوظ سردي، و = وظيفة ، ع = عامل )
    2 -مستويات تنظيم السردية
    بالإضافة إلى الخلل الذي صاحب تعريف الوظيفة، فإن گريماص يسجل وجود خلل آخر. وهذا الخلل هو الذي عاق تطورالمشروع الپروپي. ويتعلق الأمر بتحديد مستويات السردية.
    إن المشروع الپروپي في منطلقاته النظرية الأولى، ينظر إلى المعطى الحكائي من خلال التجلي السطحي، ويعتبر هذا التجلي حقيقة نصية خالصة. فما يقع على السطح هو وحده القابل للتصنيف والنمذجة رغم تنوع المتن وتعدده. ورغم تركيز پروپ على الروايات المختلفة لنفس الحكاية، فإن غياب الوحدات السردية أو حضورها لا يفسر من خلال وجود ذاكرة للنص وذاكرة للقارئ، بل يفسر من خلال وجود روايات متعددة لحكاية واحدة، فما هو غائب في هذا النص يعوض بما يشبهه في نص آخر. ذلك أنه بإمكاننا العثور في حكاية أخرى على ما هو غائب في حكاية سابقة.
    والحال أن الغياب والحضور ينظر إليهما داخل الحكاية الواحدة، ما دام الحاضر يستمد حضوره من الغائب، والغائب حاضر من خلال العنصر المتحقق. > فإذا ضمّنا متتالية سردية ملفوظا سرديا يشير إلى ''رحيل البطل''، فإننا لا يمكن أن نتغاضى عن غياب ''وصول البطل''. وكذلك إذا تمعنا في الوظيفة الپروپية ''زواج'' فإننا سنلاحظ أنها تعد تأليفا لملفوظين سردين على الأقل. إن الزواج يتضمن أن الأب ( أو الملك ) يهب ابنته للبطل، وهذا الفعل يشكل ''الهبة'' لكن هذا الفعل يشير في الوقت نفسه إلى العلاقة التعاقدية للمعنيين معا : البطل أو الأب (...) فعوض أن يكون هذا الخطاب مجرد تلخيص توثيقي لما نجده في النصوص التي يغطيها، فإنه سيبدو كتمثيل تركيبي / دلالي مكثف وواضح في نفس الوقت، وسيأخذ شكل بنية عميقة في مقابل البنيات السطحية التي هي النصوص المتحققة <. (29)
    3 -الخطاطة السردية بديل للتتابع الوظيفي
    استنادا إلى تصور شتراوس الذي كان أول من أثار الانتباه إلى وجود اسقاطات استبدالية تغطي السير التوزيعي للحكاية ( وهذه الإسقاطات هي التي دفعته إلى الحديث عن إمكانية المزاوجة بين الوظائف )، فإن گريماص ينظر إلى الحكاية باعتبارها بنية تحتوي على ذاكرة تنظم مجموع العناصر المستترة منها والظاهرة. > فالملفوظات السردية يمكن مزاوجتها لا بفعل التجاور النصي، ولكن بفعل تباعدها عن بعضها البعض. فهذا الملفوظ يستدعي بل يذكر بنقيضه الذي سبق طرحه، وستبدو وحدات سردية جديدة ( متقطعة بالنسبة للنسيج الحكائي ولكنها مكونة من علاقات استبدالية تقوم بالتقريب بين المحمولات /وظائف) كأزواج مثل:
    رحيل (م) عودة
    وجود النقص (م) الغاء النقص،
    إقامة المحظور (م) الغاء المحظور
    إن هذه الوحدات الاستبدالية تلعب داخل الترسيمة التوزيعية دور المنظم للحكاية كما تشكل هيكلها. بل يمكن القول، إن التعرف على هذه الإسقاطات الاستبدالية هو وحده الذي يسمح لنا بالحديث عن وجود بنيات سردية<. (30)
    وعلى هذا الأساس، لا فائدة من البحث عن السردية في التتابع الوظيفي كما فعل ذلك پروپ، بل يجب البحث عنها فيما هو سابق عنها. وبعبارة أخرى، يجب الاعتراف بأن السردية هي كيان منظم بشكل سابق على تجليها، في مستوى غير مرئي من خلال التجلي النصي.
    ومن جانب آخر، عوض أن يكون التتابع الوظيفي مجرد جرد إحصائي يختصر الأحداث المروية داخل القصة، فإنه سيتحول إلى قواعد تركيبية تحكم البناء النصي في مستواه التوزيعي. وبتعبير آخر هناك إلى >جانب العلاقات الاستبدالية التي تمت الإشارة إليها، نصادف علاقات توزيعية قابلة للعب دور للبنيات السردية. وبهذا سيحل التعرف على هيكل علائقي منـظم للحكاية محل التعريف الپروپي للحكاية القائم على تتابع واحد وثلاثين وظيفة <.(31)
    وتعد هذه التعديلات، في واقع الأمر، صياغة جديدة للنموذج الپروپي. وهكذا، عوض الحديث عن الوظيفة، يجب الحديث عن الملفوظ السردي، وبدل الحديث عن دوائر الفعل، يجب الحديث عن العامل كبؤرة للاستثمار الدلالي، وبدل النظرة التوزيعية، يجب التفكير في الكشف عن مستوى آخر لتنظيم السردية وهو ما توفره النظرة الاستبدالية، وبدل الحديث عن التتابع الوظيفي يجب الحديث عن خطاطة سردية، تمثل تمفصلا منظما للنشاط الإنساني توزيعيا واستبداليا.
    انطلاقا من هذه الملاحظات، فإن ما كان يوهم أنه ينتمي إلى المستوى العميق ( التجريد المؤدي إلى الشكف عما يقع وراء السير الظاهري للأحداث)، فإنه لا يتجاوز، وفق الصياغة الجديدة للنموذج، حدود المستوى السطحي. استنادا إلى هذا، >فإن التنظيم التركيبي المستخلص من النموذج التركيبي لا يتجاوز حدود التركيب المشخص في تصور گريماص. إنه تركيب عاملي وحدثي يقع على المستوى السطحي في علاقته بالمستوى المنطقي الدلالي وبالمربع السميائي، ولكنه يقع على مستوى العميق في علاقته بالمستوى الخطابي للممثلين (الشخصيات) وأدوارهم، وفي علاقته بالإجراءات التصويرية والتشكل الخطابي<. (32)
    ورغم كل ذلك، فإن هذه التعديلات وهذه الانتقادات لا تقلل من أهمية پروپ، ولن تمس في شيء من قيمته التاريخية، وسيظل هذا المشروع، رغم نقائصه التي لا يخلو منها أي مشروع طموح، قمة في تاريخ السميائيات السردية، ومرجعا أساسيا لكل الذين يريدون الاطلاع على المنجزات الحديثة للسرديات. بل يمكن القول > إن قيمة المشروع الپروپي لا تكمن في عمق التحليلات التي تسنده، ولا في دقة الصياغات، وإنما في طبيعته الاستفزازية وفي قدرته على إثارة الفرضيات. ومن هنا، فإن ما يميز منهج السميائيات السردية، هو تجاوز خصوصية الحكاية العجيبة والمهمة الملقاة حاليا على عاتق هذا المنهج هي تعميق مفهوم الخطاطة السردية بصيغتها التقنينية<. (33) .
    الهوامش
    1- R / Barthes : Introduction à l'analyse structurale du récit, éd Seuil, 1977, p 7
    2- إن جل ادراسات السابقة عن المشروع الپروپي كانت تنظر إلي الحكايات العجيبة من خلال عناصر غير مميزة كالموضوعات أو القيم الخ.
    3- V Propp : Morphologie du conte merveilleux , éd Seuil; 1970
    4- أول ترجمة إلى اللغة الفرنسية ظهرت سنة 1970، كما قام ابراهيم الخطيب بنقله إلى العربية .
    5- prop , من ص 13 إلى ص 15
    6- نفسه ص 25
    7-P . Ricoeur : Le récit de fiction ,in La narrativité, ouvrage collectif, éd centre d'histoire des sciences et des doctrines , Paris, 1980 , p. 29
    8-prop, p. 31
    9- نفسه ص 31
    10- نفسه ص30
    11- نفسه ص 31
    12- نفسه ص 32
    13- P . Ricoeur : Le récit de fiction, p. 30
    14-propp, p p. 86 - 95
    15- نفسه ص 102
    16- J/ Courtès, Le conte populaire : poétique et mythologie; éd, P U F, Paris, 1986 , p. 15
    17 )
    Levis -Strauss (Claude) : Anthropologie structurale deux . èd . plon , 1973 P : 158
    18 ) نفس المرجع ص : 158
    19 ) نفس المرجع ص : 159
    20) شتراوس نفس المرجع ص : 159
    21) نفس المرجع ص : 161-162
    22 ) نفس المرجع ص : 162
    23 ) نفس المرجع ص : 162
    24) نفس المرجع ص : 162
    25 ) نفس المرجع ص : 162-163
    26 ) Zilberbeg (Claude) : Poètique et raison du sens, èd , P.U.F. paris, 1988, P. 75
    27 ) Greimas : (A.j) : Les Aquits et les Projets, in : courtès introduction à la sèmiotique narrative et discursive, èd Hachette Université, paris, 1976, P . 7-6
    28) المرجع السابق ص : 7
    29) گريماص، المرجع السابق ص : 7-8
    30 ) گريماص، المرجع السابق، ص 8
    31 ) گريماص، المرجع السابق، ص9
    32) Cocorda (j.petito) : Monpho-genèse du sens, éd,.P.U.F, Paris, 1985, P . 209
    33 ) گريماص، المرجع السابق ص : 10

    منقول

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 9:18 pm