Ait Rai et Khourdifi --- الخطاب بين العرب و الغرب
Admin le Lun 10 Mai - 7:31
تصميم العرض
مقدمة
الخطاب في الأدبيات العربية
الخطاب في الأدبيات الغربية
الخطاب و اللغة
الخطاب و النص
خاتمة
المراجع
مقدمة
أصبح مفهوم الخطاب
في الآونة الأخيرة شائعاً ، إلا أنه تفرع، وصارت له تعاريف عديدة واقترن
بمفاهيم مختلفة و متجددة، حتى غدت الاحاطة به وتحديده أمراً شاقا..
وقد حضي مصطلح الخطاب
بالعناية والاهتمام في كل من الثقافتين العربية و الغربية من لدن كثير من
الباحثين الذين تناولوه بالتعريف و التحليل’ كل من خلال مرجعيته الفكرية
واطاره المعرفي’ لذا ظل الخطاب
مفهوما يقبل التأويل في مختلف الحقول المعرفية دون وضع إطار تعريفي محدد
له ، مما أفضى إلى ظهور إشكالية تحديد خصائصه وسماته، و بما أن الخطاب بات مرتبطا بالمجالات المعرفية الـتي يستخدم فيها ،فقد ظهرت أنواع متعددة من الخطابات كالخطاب السياسي ، والخطاب الإعلامي ، والخطاب الديني والخطاب الأدبي.
ومما يصعب مهمة الباحث في مفهوم الخطاب ارتباطه بمفاهيم أخرى لاتقل عنه تعقيدا كمفهومي اللغة و النص .
I . الخطاب في الأدبيات العربية
يرتبط مفهوم الخطاب في الأدبيات العربية بحقل علم الأصول حيث يظهر من خلال التفاسير التي وضعها المفسرون للآيات القرآنية التي وردت فيها لفظة الخطاب
أن المفهوم القرآني للخطاب يُحيل على الكلام ، ولا تختلف دلالة هذه اللفظة
في المعجم العربي عن هذا المعنى، ذلك إن الإحالة المعجمية أسست دلالتها
على التفسير القرآني ضمن السياق الذي وردت فيه لفظة الخطاب في القران الكريم .
وقد سعى بعض المفكرين العرب إلى تقريب المفهوم العربي للخطاب من المفهوم الغربي ، حيث ذهب المختار الفجاري إلى أن كنه مفهوم الخطاب هو الكلام الحامل لرسالة ، و المعتمد على سلطة ما لتبليغها للناس ، حيث أطلق العرب على هذا الكلام خطاباً .
صفاء صنكور جبار ، تحليل الخطاب في الدراسات الإعلامية ( دراسة في الأسس النظرية ) 1996 ، ص 11
والخطاب في الفكر الإسلامي هو الكلام المقنع الذي تمكن عن طريقه الرسول (ص) من مجادلة الكفار
ويعتبر كلام الله أكثر الخطابات إقناعا وتعبيرا للحقيقة في القران الكر يم ، بوصف الخطاب القرآني كلاما لفظيا متعالياً .
يعرف ابن جني ( الكلام ) أنه " كل لفظ مستقل بنفسه مفيد لمعناه " أو
"هو اللفظ قائما بنفسه مســــتقلا بمعناه " ؛ مؤكــــدا أنه " الجمـــل
المســتقلة بنفسها ، الغنية عن غيرها " د. إبراهيم عبد الله ، إشكالية
المصطلح النقدي ( الخطاب والنص ) ، مجلة أفاق عربية ، بغداد ، السنة الثامنة عشرة ، آذار ، 1993 ، ص 56 .
ويفهم من هذا التعريف أن دلالة الكلام تتصل بنظم الألفاظ التي ركبت جميعها
وفق سياقات تركيبية خاصة ، تستوفي في ضوءها المعنى المطلوب بشكل أغناها
دلاليا عن غيرها.
ويذهب ( الجرجاني ) إلى أن الكلام هو
" المعنى المركب الذي فيه الإسناد التام أو ما تضمن كلمتين بالإسناد"
علي بن محمد الجرجاني ، التعريفات ، بيروت ، مكتبة لبنان ، 1978
في حين يرى الزمخشري أن الخطاب
" تركيب من كلمتين أسندت احداهما إلى الأخرى " .
سيف الدين الآمدي ، منتهى السول في علم الأصول ، ج1 ، القاهرة ، الجمعية العلمية الأزهرية المصرية ، د . ت، ص 17
عرف التهاوني الخطاب على أنه " توجيه الكلام نحو الغير للإفهام "
التهاوني ، كشاف إصطلاحات الفنون ، القاهرة ، الهيئة العامة للكتاب ، ج2 ، 1972 ص 175 .
مميزا بذلك بين الكلام بصفة عامة والخطاب بوصفه نوعا من الكلام ؛ حيث أشار إلى إن الكلام يطلق على العبارة الدالة بالوضع على مدلولها القائم بالنفس ، فالخطاب هو" اما الكلام اللفظي أو الكلام النفسي الموجه نحو الغير للإفهام "
أتت كلمة الخطاب
في (معجم الوسيط) بمعنى الكلام ، في حين نجدها في (المنجد في اللغة
العربية المعاصرة) بمعنى الكلام الموجه إلى الجمهور من المستمعين في مناسبة
من المناسبات
إبراهيم مصطفى وأخرون ، معجم الوسيط ، استانبول ، دار الدعوة ، 1989 ، ص 243 .
أما عند محمد عابد الجابري ف الخطاب هو
" مجموعة من النصوص لها جانبان : ما يقدمه المرسل وهو (الخطاب) وما يصل المتلقي وهو (التأويل) ".
د. محمد عابد الجابري ، الخطاب العربي المعاصر ، بيروت ، دار الطليعة ، 1982 ص 35
وبحسبه أيضا يتجلى الفرق بين ما يتلفظه المرسل وما يفهمه المرسل إليه بقدر الاختلاف في المقصود أو المتعمد
والخطاب هو مجموعة من الأفكار التي ينتجها العقل وفق المنطق تحمل وجهة نظر مصوغة في بناء استدلالي في شكل مقدمات ونتائج
كذلك
يفصل الجابري بين قراءتين للخطاب من المتلقي ، قراءة استنساخية تقف عند
حدود التلقي ، وقراءة تأويلية تقدم وجهة نظر ، وهي القراءة التي تبناها
وسماها القراءة التشخيصية وقرأ بها نصوص الفكر العربي الحديث والمعاصر .
أشار عبد العزيز البخاري إلى إن الخطاب يضم اللفظ والمحتوى ، وهو يشير بذلك إلى وجهي المصطلح ، أي شكله الخارجي وهو المفهوم وشكله الداخلي وهو المدلول .
د. عبد الله إبراهيم ، المصدر السابق ، ص 59
يعتبر السيد يسين " أن الفضل في صك الخطاب ونشره يعود إلى مفكرين وكتاب في المغرب العربي "
ويضيف " إن مفهوم (الخطاب) يعني في عمومه أسلوب التناول أو صياغة وعرض الأفكار والقضايا والمشكلات ”
السيد يسين ، بحثنا عن هوية جديدة للعلوم الاجتماعية في الوطن العربي ، بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية ، 1986 ، ص 397 .
عرف معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة الخطاب أنه " مجموع التعابير الخاصة التي تتحدد بوظائفها الاجتماعية ومشروعها الأيديولوجي "
د. سعد علوش ، معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة ، الدار البيضاء ، سوشيرسن ، 1985 ، ص 83
في بعض الأدبيات البنيوية نجد أن الخطاب
هو" الطريقة التي تشكل بها الجمل نظاما متتابعاً تسهم في نسق كلي متغاير
ومتحد الخواص ، وعلى نحو يمكن معه أن تتألف الجمل في خطاب بعينه تشكل نصاً
منفرداً وتتآلف النصوص نفسها في نظام متتابع لتشكل خطاباً أوسع ينطوي على
أكثر من نص مفرد ”
د . حميدة سميسم ، الخطاب الإعلامي العراقي ، بحث مقدم إلى مؤتمر الأعلام الأول ، جامعة بغداد ، كلية الآداب ، قسم الأعلام ، 2001 ، ص2 .
عرف ( نايف خرما ) الخطاب أنه " الكلام المتصل الذي يشمل أجزاء من جمل أو عدة جمل معاً " وينظر هذا التعريف إلى الخطاب كمتتالية جملية متجاوزاً سمات الخطاب الأخرى.
نايف خرما ، أضواء على الدراساتاللغوية المعاصرة ، سلسلة عالم المعرفة ، العدد ( 9 ) ، الكويت ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، 1978 ، ص98 .
وعرفته سامية أحمد أنه " مجموعة من الجمل منظمة ، وأن هذا التنظيم يجعله يبدو
وكأنه رسالة ( message ) "
سامية أحمد ، التحليل البنيوي للسرد ، مجلة أقلام ، بغداد ، العدد ( 3 ) ، 1978 ، ص 4 .
ويعرفه مالك المطلبي أنه " الكلام في حال تحوله من حمل الفكرة التي تخللها ، من التوسط إلى التلبس ، والخطاب هو المجموع ، والنص واحد ، النص مسمى والخطاب اسم ، الخطاب ظاهرة النص ".
مالك المطلبي ، نشوء الخطاب ، صحيفة الجمهورية ، بغداد ، العدد ( 5994 ) ، 1986 ، ص 7 .
كما عرف سيار الجميل الخطاب أنه " مقول القول ، يطلقه صاحبه بلغته القومية وضمن الأفق الفكري الذي يتعامل معه ".
سيار الجميل ، الخطاب التاريخي العربي ، مجلة المستقبل العربي ، بيروت ، العدد ( 148 ) ، 1991 ، ص 23.
ويعرفه
د. عبد الله إبراهيم أنه " مظهر نحوي مركب من وحدات لغوية ، ملفوظة أو
مكتوبة ، تخضع في تشكيله وفي تكوينه الداخلي لقواعد قابلة للتنميط والتعيين
مما يجعله خاضعاً لشروط الجنس الأدبي الذي ينتمي إليه سردياً كان أم
شعرياً " .
د. عبد الله ابراهيم ، مصدر سابق ، ص 59 .
وعرفه د. عبد العليم محمد أنه " نظام فكري يتضمن منظومة من المفاهيم والمقولات النظرية حول جانب معين من الواقع الإجتماعي " .
د. عبد العليم محمد ، ملاحظات نقدية حول دراسة الخطاب السياسي ، مجلة المنار ، باريس ، العدد ( 7) ، السنة الأولى ، 1985 ، ص18 .
وذهب ضياء رشوان إلى أنه " مجموع العبارات الواردة في نص الوثيقة منظوراً إليها من زاوية الشروط المصاحبة لإنتاجها " .
ضياء رشوان ، مفهوم الحدود في الخطاب القومي العربي ، مجلة السياسة الدولية ، القاهرة ، 111 / 1993 ، ص 177 .
.II الخطاب في الأدبيات الغربية
يعد(
افلاطون ) أول من حاول جادا ضبط حدود المفهوم الفلسفي للخطاب وشحنه
بدلالته الخاصة مستندا إلى قواعد عقلية واضحة ، من هنا تبلورت المحاولات
الأولى لتحديد ملامح الخطاب الفلسفي في الثقافة اليونانية .
ويعتبر كتاب ديكارت ( خطاب في المنهج ) دليلاً على العناية ب الخطاب الفلسفي ومؤشراً على العناية بالمصطلح في هذا الميدان .
إذا كان تحليل الخطاب قد حضي باهتمام كبير في علم اللغة التطبيقي أو التوزيعي عند هاريس ، فان مفهوم الخطاب نفسه اكتسب أهمية كأداة للتحليل مع اميل بنفينست في كتابه مشكلات علم اللغة العام
حيث اشر ذلك إلى الانتقال من مركزية مفهوم اللغة إلى مركزية الخطاب ، الذي يعني التركيز على اللغة من حيث هي نطق أو تلفظ مما يعني إدخال الذوات الناطقة .
أما في العصر الحديث ، فان الفلاسفة على وجه الخصوص عنوا عناية خاصة بالخطاب واعتبروه مصطلحا فلسفيا في ميدان المعرفة العقلية ، بدليل أن الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو قد حلل في كتابه حفريات المعرفة بنية الخطاب تحليلا تفصيليا ، لهذا السبب بالغ المفكرون العرب بدراسة تقسيمات فوكو لبنية الخطاب ، بدءا بالمفهوم الذي يعد اصغر وحدة في الخطاب، إذ أن الصور الانطباعية تتكون من مجموعة من المفاهيم ، والتي نستطيع تسميتها بـصورة الخطاب
وإذ كان عنصر الإيصال هو البعد الأول للاتصال ، فان عنصر التأثير هو البعد الثاني له ، لهذا نجد إن بعض الأدبيات الإعلامية تعرف الخطاب
بأنه التأثير المقصود في اتجاه جمهور ما ، بتقديم أدلة منطقية تؤدي اما
إلى تغيير اتجاه المتلقي أو إلى ترسيخه . إن هذا التعريف شامل بحيث يمكن
إسقاطه على مفاهيم (كالدعاية والإعلام ).
جرد لبعض التعاريف الغربية لمفهوم الخطاب
يعرف هاريس الخطاب أنه " ملفوظ طويل أو متتالية من الجمل "
سعد يقطين ، تحليل الخطاب الروائي وأبعاده النصية ، مجلة الفكر العربي المعاصر ، بيروت ، العددان ( 48 و 49 ) ، شباط ، 1989 ، ص 17 .
و يعرفه بنفنست (Benveniste بأنه " كل تلفظ يفترض متكلما ومستمعا ، عند الأول هدف التأثير على الثاني بطريقة ما " .
المصدر السابق ، ص 17 .
ويعرفه تودوروف أنه " أي منطوق أو فعل كلامي يفترض وجود راوٍ ومستمع وفي نية الراوي التأثير على المستمع بطريقة ما " .
تزفتان تودروف ، اللغة والأدب في الخطاب الأدبي ، ترجمة : سعيد الغانمي ، بيروت -المركز الثقافي 1993 ، ص 48 .
ويعرف فوكو( Michel Foucault ) الخطاب بأنه " النصوص والأقوال كما تعطى في مجموع كلماتها ونظام بنائها وبنيتها المنطقية أو تنظيمها البنائي ".
ميشيل فوكو ، حفريات المعرفة ، ترجمة : سالم يفوت ، الدار البيضاء ، المركز الثقافي العربي ، 1987، ص25 .
ويعرفه
هارتمان وستورك ( Hartman & Stork ) أنه " نص محكوم بوحدة كلية
واضحة يتألف من صيغ تعبيرية متوالية تصدرعن متحدث فرد يبلغ رسالة ما ".
Hartman & Stork , Dictionary of Language & Languatictis , London , Applidscience publisher ,1970, p.69
ويعرفه
(بييرف زيما) أنه " وحدة فوق جملية ، تولد من لغة جمالية وتعبر بنيتها
الدلالية (كبنية عميقة) جزءاً من شفرة ، ويمكن تمثيل مسارها التركيبي –
النحوي بوساطة انموذج تشخيصي سردي ".
بييرف زيما ، نحو سوسيولوجية للنص الأدبي ، ترجمة : عمار بلحسن ، مجلة العرب والفكر العالمي ، العدد( 5 ) ، 1989 ، ص 93 .
وعرفه
شولتر ( Sholter ) أنه " تلك الجوانب التقويمية والتقديرية أو الإقناعية
أو البلاغية في نص ما . أي في مقابل الجوانب التي تسمي أو تشخص أو تنقل
فقط ".
روبرت شولتر ، السيمياء والتأويل ، ترجمة : سعيد الغانمي ، بيروت ، المركز الثقافي ، 1993 ، ص 48 .
خلاصة مفهوم الخطاب عند الغرب
_ تتفق معظم التعريفات على ان الخطاب وحدة لغوية أشمل من الجملة ، فالخطاب تركيب من الجمل المنظومة طبقاً لنسق مخصوص من التأليف .
_الخطاب
نظام من الملفوظات ، والتأكيد على المظهر اللفظي للخطاب يتحدد أصلا من
اشتغال اللسانيين على الكلام بوصفه مظهراً لفظياً خاصاً بالفرد وكونه أكثر
المظاهر الإشارية تعبيراً عن اللغة التي يعتمدون عليها بوصفها قاعدة
معيارية عامة .
_مصدر الخطاب
فردي ، وهدفه الإفهام والتأثير،وهذه الخاصية تقرر المصدر الفردي للخطاب
بكونه نتاجاً يلفظه الفرد ويهدف من ورائه إلى إيصال رسالة واضحة المرمى
ومؤثرة في المتلقي .
_ لابد أن يستشف متلقي الخطاب
المقصد الذي ينطوي عليه ، وأن يتمثل الرسالة الدلالية التي تكمن فيه ،
وذلك لكي تكتمل دائرة الاتصال ، وهنا لابد أن تحضر أيضاً مكونات أخرى من
عناصر نظرية الاتصال كالشفرة والسياق ، لكي ينفذ قصد القائل إلى المتلقي .
اللغة والخطاب :
تعد اللغة أهم مكون من مكونات عملية الاتصال، فضلا عن المكونات الأخرى
المتمثلة بالأصوات والحركات والإشارات والإيماءات ، " فاللغة غير الكلام ،
فهي شيء غير ملموس ، إنها معرفة نظام اتصال خلاق "
د جلوريا ج يوردن وآخرون ، أساسيات علم اللغة ، ت : د محي الدين حميدي ، بيروت ، دار المدى للثقافة والنشر ، 1998 ص23
أما الكلام فهو " تحويل اللغة إلى صوت " المصدر السابق ، ص 3 .
ويعرف الفكر أنه " تجسد داخلي للتجارب " المصدر السابق ، ص 3 .
وأشار (فوكو) إلى ان اللغة هي " بناء اجتماعي يملك السيطرة على كيفية التفطن والتفكير بالأشياء "
ونستطيع ان نعد الفكر وعاءً للغة ، وأداة للتعبير عن خزين الأفراد من
المعلومات ، كذلك المستحدثات من الأفكار ، والتي تتكون جراء الإستزادة في
الخبرة .
تدخل الكلمات عادةً ضمن قوالب لغوية و في تراكيب
ووحدات لغوية أكبر كالعبارات والجمل والفقرات والأحاديث على اختلافها ،
وعند ترتيب الكلمات في وحدات كهذه فانها تعطي قدراً معينا من التأكيد مما
يؤثر على معانيها ويتم ذلك سواء عن طريق الشكل الذي رتبت به الكلمات أو عن
طريق النبرة المستخدمة ، ويعتمد التأثير إلى درجة ما على نوع العلاقة بين
المتكلم والمخاطب والموقف الذي يجري فيه الإتصال .
تعتبر اللغة أداة فاعلة في قياس الخطاب ، لكونها هي أداة لنقل تلك الخطابات فضلاً عن كونها تمثل وعاءً شاملا يغلف بالرمز.
فاللغة هي علامات ورموز تشير جميعها إلى الأنظمة المعرفية المختلفة
فضلاً عن كونها نظاماً أو ظاهرة شاملة تعطي بعداً مغايراً عن الوجود ، وإن
اللغة التي تعنى بالخطاب
هي لغة خاصة ؛ وليست اللغة المتعلقة بالقواعد النحوية والصرفية أو طريقة
كتابة الجمل ، بل هي لغة انبثاق وعبارات غير محددة ، لغة تنتظم ضمن تشكيلات
خاصة لتؤلف الخطاب
النص و الخطاب
يحيل مفهوم النص ـ كما ورد في المعاجم العربية ـ على معنى الظهور
والارتفاع والانتصاب وهو في معجم لسان العرب، يحمل دلالة الرفع ، حيث ورد
نص الحديث ينصه نصاً، رفعه وكلّ ما أظهر فقد نُصّ... ويقال نصّ الحديث إلى
فلان أي رفعه... والمنصة ما تظهر عليه العروس لترى، وكلّ شيء نصص فقد
أظهره، وهناك لفظ النصّ والنصيص أي السير الشديد والحثيث، وأصل النص أقصى
الشيء وغايته.
يحيل مفهوم الخطاب،
وحيثما ورد في المعاجم العربية، على الكلام، وقد استمدّ دلالته المذكورة
من السيّاق الذي ورد فيه القرآن الكريم، قال تعالى: (وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ
وَآتَيْنَاهُ الحِكْمَة وَفصْلَ الخِطَابِ، وفي قوله عزّ وجلّ: (فَقَالَ
أكْفُلْنِيْهَا وَعَزَنِّي فِي الخِطَابِ).
وفي المعاجم
العربية الحديثة يعدّ مصطلح (نصّ) أكثر المفاهيم تداولاً، فقد أورد صاحب
معجم (الرائد) عشرة معانٍ لفعل (نصّ) هي نصّ على الشيء، حدّه، ونصّ القول
أو الفعل: رفعه وأسنده إلى صاحبه، ونصّ الشيء: رفعه وأظهره، ونصّ العروس:
أقعدها على المنصّة، ونصّ المتاع: جعل بعضه فوق بعض، ونصّه: استنصّ عن
الشيء حتى استخرج ما عنده، ونصّ الناقة: استحثّها لتسرع، ونصّ عنقه: نصبه،
رفعه ونصّ الشيء:حرّكه ونصّ الشيء: ظهر.
وهناك تعريفات تختلف في
دلالتها وتتفق حسب اجتهادات أصحابها وتوجّهاتهم من جهة، وحسب تطورات
المصطلح من جهة أخرى، ذلك أن النص يحوي دلالتين في "المعجم الأدبي"
الأولى: كلام لا يحتمل إلا معنىً واحداً مكتوبا أو مطبوعا، والنصّ هو الأصل
والجوهر، وهو مختلف عن الكلام، لأنه فرع وهامش مفهوم بالخطأ.
أمّا في المعاجم اللغوية
الفرنسية الموسوعية، فإنّ كلمة Discours ذات أصل لاتيني (Discursis)
والنصّ (Texte)، يطلق على المتن، جمع نصوص، متن، متون. وفي غير ذلك النص رد
فعل اللغة نتيجة عمل أي (نسيج)، يطلق النص (Texte) على الكتاب المقدّس أو
كتاب القدّاس، وهو في اللاتينية (Textus)، وتعني النسيج (Tissu) أو
(Trame)، كما تعني منذ العصر القديم ترابط حكاية أو نصّ، فيتحوّل بذلك
النصّ إلى منظومة عناصر من اللغة أو العلاقات، تشكّل (مدوّنة) أو نتاجاً
شفهياً.
ويرى بول ريكور (Paul Ricœur) أنّ النصّ خطابٌ تمّ تثبيته
بواسطة الكتابة، أي أنّ النصّ ما نكتبه وما ندوّنه، وهي نظرة تلتقي مع وجهة
نظر رولان بارث حين أقرّ مصطلح النسيج، بمعنى أنّ النصّ يصنع نفسه
باستمرار، وهو نسيج كما تنسج العنكبوت نسجها في شبكة متلاحمة منضدة.
خاتمة
وفي النهاية يمكننا القول أن الخطاب
يشير إلى الطريقة التي تشكل بها الجُمل نظاماً متتابعاً تُسهم به في نسق
كلي متغير ومتحد الخواص ، وعلى نحو يمكن معه أن تتألف الجُمل في نظام بعينه
لتشكل نصاً مفرداً ، أو تتألف النصوص نفسها في نظام متتابع لتشكل خطاباً
أوسع ينطوي على أكثر من نص مفرد ، وقد يُوصف الخطاب
بأنه مجموعة دالة من أشكال الأداء اللفظي تنتجها مجموعة من العلامات ، أو
يوصف بأنه مساق من العلاقات المتعينة التي تستخدم لتحقيق أغراض متعينه
Admin le Lun 10 Mai - 7:31
تصميم العرض
مقدمة
الخطاب في الأدبيات العربية
الخطاب في الأدبيات الغربية
الخطاب و اللغة
الخطاب و النص
خاتمة
المراجع
مقدمة
أصبح مفهوم الخطاب
في الآونة الأخيرة شائعاً ، إلا أنه تفرع، وصارت له تعاريف عديدة واقترن
بمفاهيم مختلفة و متجددة، حتى غدت الاحاطة به وتحديده أمراً شاقا..
وقد حضي مصطلح الخطاب
بالعناية والاهتمام في كل من الثقافتين العربية و الغربية من لدن كثير من
الباحثين الذين تناولوه بالتعريف و التحليل’ كل من خلال مرجعيته الفكرية
واطاره المعرفي’ لذا ظل الخطاب
مفهوما يقبل التأويل في مختلف الحقول المعرفية دون وضع إطار تعريفي محدد
له ، مما أفضى إلى ظهور إشكالية تحديد خصائصه وسماته، و بما أن الخطاب بات مرتبطا بالمجالات المعرفية الـتي يستخدم فيها ،فقد ظهرت أنواع متعددة من الخطابات كالخطاب السياسي ، والخطاب الإعلامي ، والخطاب الديني والخطاب الأدبي.
ومما يصعب مهمة الباحث في مفهوم الخطاب ارتباطه بمفاهيم أخرى لاتقل عنه تعقيدا كمفهومي اللغة و النص .
I . الخطاب في الأدبيات العربية
يرتبط مفهوم الخطاب في الأدبيات العربية بحقل علم الأصول حيث يظهر من خلال التفاسير التي وضعها المفسرون للآيات القرآنية التي وردت فيها لفظة الخطاب
أن المفهوم القرآني للخطاب يُحيل على الكلام ، ولا تختلف دلالة هذه اللفظة
في المعجم العربي عن هذا المعنى، ذلك إن الإحالة المعجمية أسست دلالتها
على التفسير القرآني ضمن السياق الذي وردت فيه لفظة الخطاب في القران الكريم .
وقد سعى بعض المفكرين العرب إلى تقريب المفهوم العربي للخطاب من المفهوم الغربي ، حيث ذهب المختار الفجاري إلى أن كنه مفهوم الخطاب هو الكلام الحامل لرسالة ، و المعتمد على سلطة ما لتبليغها للناس ، حيث أطلق العرب على هذا الكلام خطاباً .
صفاء صنكور جبار ، تحليل الخطاب في الدراسات الإعلامية ( دراسة في الأسس النظرية ) 1996 ، ص 11
والخطاب في الفكر الإسلامي هو الكلام المقنع الذي تمكن عن طريقه الرسول (ص) من مجادلة الكفار
ويعتبر كلام الله أكثر الخطابات إقناعا وتعبيرا للحقيقة في القران الكر يم ، بوصف الخطاب القرآني كلاما لفظيا متعالياً .
يعرف ابن جني ( الكلام ) أنه " كل لفظ مستقل بنفسه مفيد لمعناه " أو
"هو اللفظ قائما بنفسه مســــتقلا بمعناه " ؛ مؤكــــدا أنه " الجمـــل
المســتقلة بنفسها ، الغنية عن غيرها " د. إبراهيم عبد الله ، إشكالية
المصطلح النقدي ( الخطاب والنص ) ، مجلة أفاق عربية ، بغداد ، السنة الثامنة عشرة ، آذار ، 1993 ، ص 56 .
ويفهم من هذا التعريف أن دلالة الكلام تتصل بنظم الألفاظ التي ركبت جميعها
وفق سياقات تركيبية خاصة ، تستوفي في ضوءها المعنى المطلوب بشكل أغناها
دلاليا عن غيرها.
ويذهب ( الجرجاني ) إلى أن الكلام هو
" المعنى المركب الذي فيه الإسناد التام أو ما تضمن كلمتين بالإسناد"
علي بن محمد الجرجاني ، التعريفات ، بيروت ، مكتبة لبنان ، 1978
في حين يرى الزمخشري أن الخطاب
" تركيب من كلمتين أسندت احداهما إلى الأخرى " .
سيف الدين الآمدي ، منتهى السول في علم الأصول ، ج1 ، القاهرة ، الجمعية العلمية الأزهرية المصرية ، د . ت، ص 17
عرف التهاوني الخطاب على أنه " توجيه الكلام نحو الغير للإفهام "
التهاوني ، كشاف إصطلاحات الفنون ، القاهرة ، الهيئة العامة للكتاب ، ج2 ، 1972 ص 175 .
مميزا بذلك بين الكلام بصفة عامة والخطاب بوصفه نوعا من الكلام ؛ حيث أشار إلى إن الكلام يطلق على العبارة الدالة بالوضع على مدلولها القائم بالنفس ، فالخطاب هو" اما الكلام اللفظي أو الكلام النفسي الموجه نحو الغير للإفهام "
أتت كلمة الخطاب
في (معجم الوسيط) بمعنى الكلام ، في حين نجدها في (المنجد في اللغة
العربية المعاصرة) بمعنى الكلام الموجه إلى الجمهور من المستمعين في مناسبة
من المناسبات
إبراهيم مصطفى وأخرون ، معجم الوسيط ، استانبول ، دار الدعوة ، 1989 ، ص 243 .
أما عند محمد عابد الجابري ف الخطاب هو
" مجموعة من النصوص لها جانبان : ما يقدمه المرسل وهو (الخطاب) وما يصل المتلقي وهو (التأويل) ".
د. محمد عابد الجابري ، الخطاب العربي المعاصر ، بيروت ، دار الطليعة ، 1982 ص 35
وبحسبه أيضا يتجلى الفرق بين ما يتلفظه المرسل وما يفهمه المرسل إليه بقدر الاختلاف في المقصود أو المتعمد
والخطاب هو مجموعة من الأفكار التي ينتجها العقل وفق المنطق تحمل وجهة نظر مصوغة في بناء استدلالي في شكل مقدمات ونتائج
كذلك
يفصل الجابري بين قراءتين للخطاب من المتلقي ، قراءة استنساخية تقف عند
حدود التلقي ، وقراءة تأويلية تقدم وجهة نظر ، وهي القراءة التي تبناها
وسماها القراءة التشخيصية وقرأ بها نصوص الفكر العربي الحديث والمعاصر .
أشار عبد العزيز البخاري إلى إن الخطاب يضم اللفظ والمحتوى ، وهو يشير بذلك إلى وجهي المصطلح ، أي شكله الخارجي وهو المفهوم وشكله الداخلي وهو المدلول .
د. عبد الله إبراهيم ، المصدر السابق ، ص 59
يعتبر السيد يسين " أن الفضل في صك الخطاب ونشره يعود إلى مفكرين وكتاب في المغرب العربي "
ويضيف " إن مفهوم (الخطاب) يعني في عمومه أسلوب التناول أو صياغة وعرض الأفكار والقضايا والمشكلات ”
السيد يسين ، بحثنا عن هوية جديدة للعلوم الاجتماعية في الوطن العربي ، بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية ، 1986 ، ص 397 .
عرف معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة الخطاب أنه " مجموع التعابير الخاصة التي تتحدد بوظائفها الاجتماعية ومشروعها الأيديولوجي "
د. سعد علوش ، معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة ، الدار البيضاء ، سوشيرسن ، 1985 ، ص 83
في بعض الأدبيات البنيوية نجد أن الخطاب
هو" الطريقة التي تشكل بها الجمل نظاما متتابعاً تسهم في نسق كلي متغاير
ومتحد الخواص ، وعلى نحو يمكن معه أن تتألف الجمل في خطاب بعينه تشكل نصاً
منفرداً وتتآلف النصوص نفسها في نظام متتابع لتشكل خطاباً أوسع ينطوي على
أكثر من نص مفرد ”
د . حميدة سميسم ، الخطاب الإعلامي العراقي ، بحث مقدم إلى مؤتمر الأعلام الأول ، جامعة بغداد ، كلية الآداب ، قسم الأعلام ، 2001 ، ص2 .
عرف ( نايف خرما ) الخطاب أنه " الكلام المتصل الذي يشمل أجزاء من جمل أو عدة جمل معاً " وينظر هذا التعريف إلى الخطاب كمتتالية جملية متجاوزاً سمات الخطاب الأخرى.
نايف خرما ، أضواء على الدراساتاللغوية المعاصرة ، سلسلة عالم المعرفة ، العدد ( 9 ) ، الكويت ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، 1978 ، ص98 .
وعرفته سامية أحمد أنه " مجموعة من الجمل منظمة ، وأن هذا التنظيم يجعله يبدو
وكأنه رسالة ( message ) "
سامية أحمد ، التحليل البنيوي للسرد ، مجلة أقلام ، بغداد ، العدد ( 3 ) ، 1978 ، ص 4 .
ويعرفه مالك المطلبي أنه " الكلام في حال تحوله من حمل الفكرة التي تخللها ، من التوسط إلى التلبس ، والخطاب هو المجموع ، والنص واحد ، النص مسمى والخطاب اسم ، الخطاب ظاهرة النص ".
مالك المطلبي ، نشوء الخطاب ، صحيفة الجمهورية ، بغداد ، العدد ( 5994 ) ، 1986 ، ص 7 .
كما عرف سيار الجميل الخطاب أنه " مقول القول ، يطلقه صاحبه بلغته القومية وضمن الأفق الفكري الذي يتعامل معه ".
سيار الجميل ، الخطاب التاريخي العربي ، مجلة المستقبل العربي ، بيروت ، العدد ( 148 ) ، 1991 ، ص 23.
ويعرفه
د. عبد الله إبراهيم أنه " مظهر نحوي مركب من وحدات لغوية ، ملفوظة أو
مكتوبة ، تخضع في تشكيله وفي تكوينه الداخلي لقواعد قابلة للتنميط والتعيين
مما يجعله خاضعاً لشروط الجنس الأدبي الذي ينتمي إليه سردياً كان أم
شعرياً " .
د. عبد الله ابراهيم ، مصدر سابق ، ص 59 .
وعرفه د. عبد العليم محمد أنه " نظام فكري يتضمن منظومة من المفاهيم والمقولات النظرية حول جانب معين من الواقع الإجتماعي " .
د. عبد العليم محمد ، ملاحظات نقدية حول دراسة الخطاب السياسي ، مجلة المنار ، باريس ، العدد ( 7) ، السنة الأولى ، 1985 ، ص18 .
وذهب ضياء رشوان إلى أنه " مجموع العبارات الواردة في نص الوثيقة منظوراً إليها من زاوية الشروط المصاحبة لإنتاجها " .
ضياء رشوان ، مفهوم الحدود في الخطاب القومي العربي ، مجلة السياسة الدولية ، القاهرة ، 111 / 1993 ، ص 177 .
.II الخطاب في الأدبيات الغربية
يعد(
افلاطون ) أول من حاول جادا ضبط حدود المفهوم الفلسفي للخطاب وشحنه
بدلالته الخاصة مستندا إلى قواعد عقلية واضحة ، من هنا تبلورت المحاولات
الأولى لتحديد ملامح الخطاب الفلسفي في الثقافة اليونانية .
ويعتبر كتاب ديكارت ( خطاب في المنهج ) دليلاً على العناية ب الخطاب الفلسفي ومؤشراً على العناية بالمصطلح في هذا الميدان .
إذا كان تحليل الخطاب قد حضي باهتمام كبير في علم اللغة التطبيقي أو التوزيعي عند هاريس ، فان مفهوم الخطاب نفسه اكتسب أهمية كأداة للتحليل مع اميل بنفينست في كتابه مشكلات علم اللغة العام
حيث اشر ذلك إلى الانتقال من مركزية مفهوم اللغة إلى مركزية الخطاب ، الذي يعني التركيز على اللغة من حيث هي نطق أو تلفظ مما يعني إدخال الذوات الناطقة .
أما في العصر الحديث ، فان الفلاسفة على وجه الخصوص عنوا عناية خاصة بالخطاب واعتبروه مصطلحا فلسفيا في ميدان المعرفة العقلية ، بدليل أن الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو قد حلل في كتابه حفريات المعرفة بنية الخطاب تحليلا تفصيليا ، لهذا السبب بالغ المفكرون العرب بدراسة تقسيمات فوكو لبنية الخطاب ، بدءا بالمفهوم الذي يعد اصغر وحدة في الخطاب، إذ أن الصور الانطباعية تتكون من مجموعة من المفاهيم ، والتي نستطيع تسميتها بـصورة الخطاب
وإذ كان عنصر الإيصال هو البعد الأول للاتصال ، فان عنصر التأثير هو البعد الثاني له ، لهذا نجد إن بعض الأدبيات الإعلامية تعرف الخطاب
بأنه التأثير المقصود في اتجاه جمهور ما ، بتقديم أدلة منطقية تؤدي اما
إلى تغيير اتجاه المتلقي أو إلى ترسيخه . إن هذا التعريف شامل بحيث يمكن
إسقاطه على مفاهيم (كالدعاية والإعلام ).
جرد لبعض التعاريف الغربية لمفهوم الخطاب
يعرف هاريس الخطاب أنه " ملفوظ طويل أو متتالية من الجمل "
سعد يقطين ، تحليل الخطاب الروائي وأبعاده النصية ، مجلة الفكر العربي المعاصر ، بيروت ، العددان ( 48 و 49 ) ، شباط ، 1989 ، ص 17 .
و يعرفه بنفنست (Benveniste بأنه " كل تلفظ يفترض متكلما ومستمعا ، عند الأول هدف التأثير على الثاني بطريقة ما " .
المصدر السابق ، ص 17 .
ويعرفه تودوروف أنه " أي منطوق أو فعل كلامي يفترض وجود راوٍ ومستمع وفي نية الراوي التأثير على المستمع بطريقة ما " .
تزفتان تودروف ، اللغة والأدب في الخطاب الأدبي ، ترجمة : سعيد الغانمي ، بيروت -المركز الثقافي 1993 ، ص 48 .
ويعرف فوكو( Michel Foucault ) الخطاب بأنه " النصوص والأقوال كما تعطى في مجموع كلماتها ونظام بنائها وبنيتها المنطقية أو تنظيمها البنائي ".
ميشيل فوكو ، حفريات المعرفة ، ترجمة : سالم يفوت ، الدار البيضاء ، المركز الثقافي العربي ، 1987، ص25 .
ويعرفه
هارتمان وستورك ( Hartman & Stork ) أنه " نص محكوم بوحدة كلية
واضحة يتألف من صيغ تعبيرية متوالية تصدرعن متحدث فرد يبلغ رسالة ما ".
Hartman & Stork , Dictionary of Language & Languatictis , London , Applidscience publisher ,1970, p.69
ويعرفه
(بييرف زيما) أنه " وحدة فوق جملية ، تولد من لغة جمالية وتعبر بنيتها
الدلالية (كبنية عميقة) جزءاً من شفرة ، ويمكن تمثيل مسارها التركيبي –
النحوي بوساطة انموذج تشخيصي سردي ".
بييرف زيما ، نحو سوسيولوجية للنص الأدبي ، ترجمة : عمار بلحسن ، مجلة العرب والفكر العالمي ، العدد( 5 ) ، 1989 ، ص 93 .
وعرفه
شولتر ( Sholter ) أنه " تلك الجوانب التقويمية والتقديرية أو الإقناعية
أو البلاغية في نص ما . أي في مقابل الجوانب التي تسمي أو تشخص أو تنقل
فقط ".
روبرت شولتر ، السيمياء والتأويل ، ترجمة : سعيد الغانمي ، بيروت ، المركز الثقافي ، 1993 ، ص 48 .
خلاصة مفهوم الخطاب عند الغرب
_ تتفق معظم التعريفات على ان الخطاب وحدة لغوية أشمل من الجملة ، فالخطاب تركيب من الجمل المنظومة طبقاً لنسق مخصوص من التأليف .
_الخطاب
نظام من الملفوظات ، والتأكيد على المظهر اللفظي للخطاب يتحدد أصلا من
اشتغال اللسانيين على الكلام بوصفه مظهراً لفظياً خاصاً بالفرد وكونه أكثر
المظاهر الإشارية تعبيراً عن اللغة التي يعتمدون عليها بوصفها قاعدة
معيارية عامة .
_مصدر الخطاب
فردي ، وهدفه الإفهام والتأثير،وهذه الخاصية تقرر المصدر الفردي للخطاب
بكونه نتاجاً يلفظه الفرد ويهدف من ورائه إلى إيصال رسالة واضحة المرمى
ومؤثرة في المتلقي .
_ لابد أن يستشف متلقي الخطاب
المقصد الذي ينطوي عليه ، وأن يتمثل الرسالة الدلالية التي تكمن فيه ،
وذلك لكي تكتمل دائرة الاتصال ، وهنا لابد أن تحضر أيضاً مكونات أخرى من
عناصر نظرية الاتصال كالشفرة والسياق ، لكي ينفذ قصد القائل إلى المتلقي .
اللغة والخطاب :
تعد اللغة أهم مكون من مكونات عملية الاتصال، فضلا عن المكونات الأخرى
المتمثلة بالأصوات والحركات والإشارات والإيماءات ، " فاللغة غير الكلام ،
فهي شيء غير ملموس ، إنها معرفة نظام اتصال خلاق "
د جلوريا ج يوردن وآخرون ، أساسيات علم اللغة ، ت : د محي الدين حميدي ، بيروت ، دار المدى للثقافة والنشر ، 1998 ص23
أما الكلام فهو " تحويل اللغة إلى صوت " المصدر السابق ، ص 3 .
ويعرف الفكر أنه " تجسد داخلي للتجارب " المصدر السابق ، ص 3 .
وأشار (فوكو) إلى ان اللغة هي " بناء اجتماعي يملك السيطرة على كيفية التفطن والتفكير بالأشياء "
ونستطيع ان نعد الفكر وعاءً للغة ، وأداة للتعبير عن خزين الأفراد من
المعلومات ، كذلك المستحدثات من الأفكار ، والتي تتكون جراء الإستزادة في
الخبرة .
تدخل الكلمات عادةً ضمن قوالب لغوية و في تراكيب
ووحدات لغوية أكبر كالعبارات والجمل والفقرات والأحاديث على اختلافها ،
وعند ترتيب الكلمات في وحدات كهذه فانها تعطي قدراً معينا من التأكيد مما
يؤثر على معانيها ويتم ذلك سواء عن طريق الشكل الذي رتبت به الكلمات أو عن
طريق النبرة المستخدمة ، ويعتمد التأثير إلى درجة ما على نوع العلاقة بين
المتكلم والمخاطب والموقف الذي يجري فيه الإتصال .
تعتبر اللغة أداة فاعلة في قياس الخطاب ، لكونها هي أداة لنقل تلك الخطابات فضلاً عن كونها تمثل وعاءً شاملا يغلف بالرمز.
فاللغة هي علامات ورموز تشير جميعها إلى الأنظمة المعرفية المختلفة
فضلاً عن كونها نظاماً أو ظاهرة شاملة تعطي بعداً مغايراً عن الوجود ، وإن
اللغة التي تعنى بالخطاب
هي لغة خاصة ؛ وليست اللغة المتعلقة بالقواعد النحوية والصرفية أو طريقة
كتابة الجمل ، بل هي لغة انبثاق وعبارات غير محددة ، لغة تنتظم ضمن تشكيلات
خاصة لتؤلف الخطاب
النص و الخطاب
يحيل مفهوم النص ـ كما ورد في المعاجم العربية ـ على معنى الظهور
والارتفاع والانتصاب وهو في معجم لسان العرب، يحمل دلالة الرفع ، حيث ورد
نص الحديث ينصه نصاً، رفعه وكلّ ما أظهر فقد نُصّ... ويقال نصّ الحديث إلى
فلان أي رفعه... والمنصة ما تظهر عليه العروس لترى، وكلّ شيء نصص فقد
أظهره، وهناك لفظ النصّ والنصيص أي السير الشديد والحثيث، وأصل النص أقصى
الشيء وغايته.
يحيل مفهوم الخطاب،
وحيثما ورد في المعاجم العربية، على الكلام، وقد استمدّ دلالته المذكورة
من السيّاق الذي ورد فيه القرآن الكريم، قال تعالى: (وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ
وَآتَيْنَاهُ الحِكْمَة وَفصْلَ الخِطَابِ، وفي قوله عزّ وجلّ: (فَقَالَ
أكْفُلْنِيْهَا وَعَزَنِّي فِي الخِطَابِ).
وفي المعاجم
العربية الحديثة يعدّ مصطلح (نصّ) أكثر المفاهيم تداولاً، فقد أورد صاحب
معجم (الرائد) عشرة معانٍ لفعل (نصّ) هي نصّ على الشيء، حدّه، ونصّ القول
أو الفعل: رفعه وأسنده إلى صاحبه، ونصّ الشيء: رفعه وأظهره، ونصّ العروس:
أقعدها على المنصّة، ونصّ المتاع: جعل بعضه فوق بعض، ونصّه: استنصّ عن
الشيء حتى استخرج ما عنده، ونصّ الناقة: استحثّها لتسرع، ونصّ عنقه: نصبه،
رفعه ونصّ الشيء:حرّكه ونصّ الشيء: ظهر.
وهناك تعريفات تختلف في
دلالتها وتتفق حسب اجتهادات أصحابها وتوجّهاتهم من جهة، وحسب تطورات
المصطلح من جهة أخرى، ذلك أن النص يحوي دلالتين في "المعجم الأدبي"
الأولى: كلام لا يحتمل إلا معنىً واحداً مكتوبا أو مطبوعا، والنصّ هو الأصل
والجوهر، وهو مختلف عن الكلام، لأنه فرع وهامش مفهوم بالخطأ.
أمّا في المعاجم اللغوية
الفرنسية الموسوعية، فإنّ كلمة Discours ذات أصل لاتيني (Discursis)
والنصّ (Texte)، يطلق على المتن، جمع نصوص، متن، متون. وفي غير ذلك النص رد
فعل اللغة نتيجة عمل أي (نسيج)، يطلق النص (Texte) على الكتاب المقدّس أو
كتاب القدّاس، وهو في اللاتينية (Textus)، وتعني النسيج (Tissu) أو
(Trame)، كما تعني منذ العصر القديم ترابط حكاية أو نصّ، فيتحوّل بذلك
النصّ إلى منظومة عناصر من اللغة أو العلاقات، تشكّل (مدوّنة) أو نتاجاً
شفهياً.
ويرى بول ريكور (Paul Ricœur) أنّ النصّ خطابٌ تمّ تثبيته
بواسطة الكتابة، أي أنّ النصّ ما نكتبه وما ندوّنه، وهي نظرة تلتقي مع وجهة
نظر رولان بارث حين أقرّ مصطلح النسيج، بمعنى أنّ النصّ يصنع نفسه
باستمرار، وهو نسيج كما تنسج العنكبوت نسجها في شبكة متلاحمة منضدة.
خاتمة
وفي النهاية يمكننا القول أن الخطاب
يشير إلى الطريقة التي تشكل بها الجُمل نظاماً متتابعاً تُسهم به في نسق
كلي متغير ومتحد الخواص ، وعلى نحو يمكن معه أن تتألف الجُمل في نظام بعينه
لتشكل نصاً مفرداً ، أو تتألف النصوص نفسها في نظام متتابع لتشكل خطاباً
أوسع ينطوي على أكثر من نص مفرد ، وقد يُوصف الخطاب
بأنه مجموعة دالة من أشكال الأداء اللفظي تنتجها مجموعة من العلامات ، أو
يوصف بأنه مساق من العلاقات المتعينة التي تستخدم لتحقيق أغراض متعينه