خاليد الورديغي: مسارات تكون النص الروائي المغربي
مسارات تكون النص الروائي المغربي
بقلم الدكتور خاليد الورديغي
باحث في نظريات النص الأدبي الحديثة.
لقد صاحب ظهور الرواية كفعل أدبي وثقافي بالمغرب ، كما في الوطن العربي ،جدل بين موقفين : واحد يقول بأن جنس الرواية و القصة عامة جنس حديث و مستورد ، و ثان يقول بأنها امتداد و استمرار للقص العربي القديم . بينما فضل آخرون ، نتيجة انسياقهم مع نزعة التوفيق ، القول بأنها استعادة له عبر طريق الغرب الذي طور ذلك القص . (1)
وهذا الاختلاف في نظر" محمد الدغمومي" ، ليس إلا تعبيرا عن وجهات نظر غير متكافئة ، بعضها ينطلق من مقدمات سوسيولوجية ، و آخر يدافع عن قناعات إيديولوجية ذات طابع قومي و ينسى أن حضور الرواية و بعض أشكال التعبير الفني و الأدبي يبقى مشروطا بعوامل سوسيولوجية مؤسسة على عوامل اقتصادية و ثقافية حادثة كفعل تغير . إذ أن ولادة الأجناس الأدبية و انتقالها لا يأتيان صدفة . (2)
و في الحقل الثقافي بالمغرب يمكن تتبع تكون الجنس الروائي كفعل ثقافي منذ الثلث الأول من القرن العشرين ، حيث نرى عددا من المثقفين المغاربة الذين كتبوا نصوصا سردية قصصية و ما كان لهم أن يقوموا بهذا لولا اطلاعهم على نصوص مشابهة قادمة من المشرق العربي ، أو مترجمة إلى العربية نقلا عن الغرب . وما أنجزوه لم يكن سوى محاولات أولى تنتمي إلى القصة لا إلى الرواية : لقد كتبوا نصوصا هي في الأصل إرهاصات تغير ثقافي ، ينمو و يوازي تغيرات أخرى تحدث في مستويات أخرى ، لم تتضح معالمها إلا مع بداية الاستقلال كفعل يمكن الوعي به و تطويره أو مواجهته ، خصوصا بين سنة 1955 و 1965 ؛ أي الفترة التي ظهرت فيها نصوص تحمل اسم " رواية"، و ما هي إلا محاولات أولى تلامس قواعد الجنس و تقترب إليه ، استشعارا بما تريده فئة من المتعلمين كتابا و قراءا ، كثر عددهم نسبيا و أصبح لهم حضور واضح كشريحة اجتماعية جديدة ، تختلف عن شريحة الفقهاء و العلماء التي سادت في مراحل سابقة . (3)
و حضور الرواية في السياق الثقافي المغربي ، لا يعني أن التغير قد حدث دفعة واحدة ، أو أنه قد أصبح قويا على صعيد جميع مكونات المجال الثقافي بل إن هذا التغير حدث بشكل بطيء و متدرج و مازال مستمرا ، إذ " الرواية" نفسها تعكس ذلك من جهات متعددة . و من ثم كان طبيعيا أن تعلن الرواية عن نفسها في البدء في صورة " سيرة" ذاتية قبل أن تغدو رواية تأريخ لمرحلة سابقة ( وقبل أن تصبح رواية وقائع اجتماعية راهنة ) .(4)
إن عددا هاما من النصوص انطلقت من سيرة الكاتب ، حتى و هي تريد أن ترتبط بالواقع الاجتماعي كرغبة ، ذلك أنها تريد أن تثبت ما تشعر به بإرجاع الواقع إلى تجربة الذات و الذاكرة الفردية و في الوقت نفسه ، تتمسك بصوتها هي ، حتى يبقى حضورها ممثلا لحضور المثقف الحريص على الإعلان عن نفسه كدور و كوظيفة .(5)
و هكذا يصبح في الإمكان القول بأن الرواية ولدت صعبة نتيجة تغير اجتماعي و لايمكن أن يكون الحديث عنها في المجال الثقافي بالمغرب ، بنفس الصورة التي يتخذها الحديث عن الشعر مثلا ...إذ وراء كل جنس أدبي عوامل يختص بها وحده و إن اشترك مع غيره في أكثر العوامل .
وبانتقالنا إلى كتاب " دينامية النص الروائي" لصاحبه أحمد اليابوري ، نجده يؤكد نفس الطرح الذي خلص إليه محمد الدغمومي ( و إن كان الأول قد انطلق من مرجعية سوسيو –ثقافية و الثاني من التحليل النصي و السيميائيات و نظرية التلقي ) . يقول :" ويمكن ، بصفة عامة ، أن نستخلص أيضا أن تكون الرواية المغربية قد ارتبط بأنماط تفكير معينة و بجدلية الحركة السوسيو ثقافية و خاصة ببداية تشكل و عي إيديولوجي استيطيقي متأرجح بين قيم الماضي و المستلزمات الحاضر ، متردد في الشروع في حوار صريح مع الآخر" . (6)
ومجرد النظر إلى الشكل الذي يطبع الرواية بالمغرب تنطرح أمامنا جملة من الاستخلاصات التي تؤكد أن هذا الشكل غير مستقر . وعدم الاستقرار هذا ليس راجعا إلى طول المسار الذي سلكته الرواية ، بل إنه وليد البحث الذي نتج عن عملية المثاقفة . ووليد تغير العلاقة الثقافية بهذا الجنس داخل الحقل الثقافي ، و ناتج عن تغير في تمثل" الكاتب" لهذا الجنس و موقعه . (7)
ترتبط لحظة ولادة الرواية المغربية بمرحلة الاستقلال –وهي فترة قصيرة جدا بالنسبة للفترات التي تقطعها الأجناس الأدبية في نشوئها و تحولها -، لكن علاوة على ذلك تظهر متغيرة ، رغم قلتها وقلة من يكتبها ، و هذا التغيير الذي يبدو على صعيد الشكل لا يمكن اعتباره تطورا نابعا من داخل حياة الجنس الروائي و نتيجة تراكماته المختلفة . و لكنه تطور يرجع إلى عنصر ثقافي إرادي ، أي أنه يرجع أساسا إلى مهارة الروائي و مدى اطلاعه و تمثله ، ومدى ميله ، أي أنه مرتبط برغبة ثقافية يعبر عنها النقاد بالحداثة و بصفة عامة بالتجديد . (8 )
وفي هذا السياق ، يخلص الدغمومي إلى أن الكتابة الروائية بالمغرب مرت بمحطتين أو بمرحلتين هما :
1- مرحلة التقليد : تقليد النماذج الروائية العربية الصادرة قبل الستينات أي النموذج الذي اطلع عليه الروائيون قبل 1965 ، و هو نموذج كان بصفة عامة واقعيا في أغلبه و عاطفيا في جانب كبير منه ...ومن تلك النماذج نذكر : وزير غرناطة ، في الطفولة ، أمطار الرحمة ، جيل الظمأ .
2- مرحلة التجريب : هذه المرحلة تبدأ مع منتصف السبعينيات على يد بعض الكتاب الطلائعيين الذين تبنوا الثورة على الموروث و الأشكال العتيقة في الفهم و الممارسة و الكتابة ...و رغبوا في ذات الوقت لأن يكون لهم حضور ليس عبر تقليد نموذج ، و لكن عبر خلق و كتابة رواية مختلفة. ومن هذه النماذج نذكر: زمن بين الولادة و الحلم، الأفعى و البحر، الضلع و الجزيرة.(9)
ويمكننا هنا أن نحدد أهم خاصيات هذه التجربة على ضوء ما قدمه " سعيد يقطين" في كتابه "القراءة و التجربة" من خلال النقط التالية :
- تكسير عمودية السرد : وتتجلى هذه الخاصية في كون الخطاب لا يشتغل على قصة محكومة بمنطق خارجي كالذي نجده في الخطاب الروائي التقليدي .
- تداخل الخطابات : من خاصيات تجربة الخطاب الروائي الجديدة ، نجد تداخل الخطابات ، حيث نجد الخطاب الروائي يستوعب بنيات خطابية متعددة : المسرحي – الشعري –الديني – الحكائي – الشفوي – الصحافي – السياسي – التاريخي ....و يأتي تداخل الخطابات هنا و تعددها في إطار انفتاح الخطاب عليها ، لتقوم بوظائفها في مجرى الخطاب ، و بتضافر مع الطرائق الموظفة في بنائه ، و هذا ما يجعلها تتسم جميعا ، و كلا بحسب خصوصيتها في إثراء عالم الخطاب الروائي و تشكيل مكوناته ، و أخيرا تحقيق نوع من الانسجام في بنية الخطاب .
- البعد العجائبي : إلى جانب تداخل الخطابات ، نجد للبعد العجائبي حضورا في هذه الخطابات ، وإذ نركز عليه هنا كخاصية من خاصيات الخطاب الروائي الجديد ، فإننا نرى فيه عنصرا من العناصر التي تشكل خصوصية الخطاب الروائي الجديد . لم يوظف البعد العجائبي بشكل كبير في هذه الخطابات ، لكن طريقة توظيفه تجعلنا نشير غليه في هذا السياق ، وكذلك بسبب مساهمته في مادة الخطاب . (10)
و بعودتنا إلى جملة الأبحاث و الدراسات النقدية التي اهتمت بالإنتاج الروائي المغربي من منظور ببيوغرافي و إحصائي ، سنلاحظ أن الرواية المغربية المكتوبة بالعربية قد مرت بعدة أطوار و أدوار في تكونها ، وهذا ما ينطق به التراكم الذي حققته هذه الرواية منذ ظهورها إلى الآن . (11)
و في هذا الإطار نقدم جملة من الملاحظات التي همت الرواية المغربية في الفترة الأخيرة من القرن العشرين :
أ- لقد شهدت الرواية المغربية في العقد الأخير من القرن المنصرم تقدما ملحوظا على مستوى المحصول الروائي لكل سنة من سنوات هذه الفترة . و يمكن التحقق من هذا المعطى عبر وضع مقارنة بين محصول هذه الفترة و محصول فترة السبعينيات و الثمانينات .
الفتـــــــرة عـدد النصوص الروائية الصادرة
1970 1979: ثلاثة و عشرون نصا روائيا .
1980 1989: تسعة و ستون نصا روائيا .
1990 1999: مائة و خمسة و أربعون نصا روائيا . (12)
ب- اتساع دائرة أسماء كتاب الرواية بالمغرب ، بحيث لم تعد الكتابة الروائية محصورة بين قلة من الكتاب .
ج- انتعاش الكتابة الروائية النسائية ، و يظهر ذلك من خلال استمرار صدور نصوص لروائيات مغربيات. وفي هذا الإطار نستحضر الأسماء التالية : مليكة مستظرف ، ربيعة السباعي ، زهور كرام ، خديجة مروازي ...ألخ.
د- بداية تخلص الروائيين المغاربة من عقدة النص الواحد ، وذلك بفضل جهود و مثابرة بعض الكتاب على مواصلة مسيرة الكتابة الروائية . و من هؤلاء نذكر : محمد عز الدين التازي ، الميلودي شغموم ، محمد صوف ، عبد الكريم غلاب ، محمد زفزاف ، مبارك ربيع ، عبد الله العروي ، سالم حميش ، أحمد التوفيق ...إلخ .
ومن وجهة نظرنا ، فقد كان لهذه المعطيات دور بارز في تحرك الباحثين و المهتمين بالرواية المغربية في اتجاه تأكيد حاجتها إلى تحقيب تاريخي من جهة (13)، وحاجتها إلى دراسة تضع في مقدمة انشغالاتها صياغة نمذجة للرواية المغربية (14). و ذلك على ضوء ماتتيحه نظريات الأجناس الأدبية من إمكانات معرفية –تاريخية و نظرية – كفيلة بتدليل جملة من الصعاب التي يطرحها المتن الروائي المغربي أمام الدارسين ، و ماتتيحه نظريات النص ، بمختلف اتجاهاتها البنيوية و السيميائية و السو سيو نصية ، من مفاهيم إجرائية لاستيعاب الخصائص الدلالية و الخطابية و التناصية للنص الروائي المغربي .
تعد مسألة التصنيف الأجناسي أحد المصاعب و المحن التي لازمت النص الروائي المغربي منذ لحظة و لادته، ويمكن الإشارة هنا للنقاش النظري الذي طرحه نص" الزاوية " للتهامي الوزاني(15) . و للاقتراب أكثر من هذه المسالة نطرح السؤالين التاليين : هل كل ما كتب و يكتب من نصوص روائية بالمغرب له علاقة بذات الجنس ؟ و هل يكفي تصنيف و تصريح الكاتب بانتماء عمله الأدبي لهذا الجنس ، حتى نسلم بهويته الأجناسية ؟
و بعودتنا إلى الإشكالات التي كانت محط اهتمام نظريات الأجناسية الأدبية ، سنجد من بينها إشكالية علاقة النص و الجنس : هل هي علاقة اعتباطية أم علاقة تلازم ، تلازم أجناس معينة مع نصوص معينة ثم هل يعتبر مفهوم الجنس مفهوما عبر –تاريخي و توسيما مطلقا كما توهمنا بذلك النظريات الجوهرية théorie essentialistes ؟ أو مفهوما تاريخيا يتحدد بالتاريخ و ضمنه؟ (16 ). وقد نذهب بعيدا لنتساءل فيما إذا كان مفهوم الجنس ما زال يحتفظ بوجاهته لوصف الإنتاجية النصية لعصرنا الحالي التي تتميز بتعددها و بتكسيرها لأحادية النموذج الأجناسي من خلال تداخل أجناس عديدة ، أدبية أو خارج –أدبية داخل النص الواحد كما يلاحظ ذلك ميخائيل باختين من خلال حديثه عن الرواية المتعددة الأصوات ، حيث حضور ما نسميه بالأجناس المتخللة ضمن النص الروائي( 17 ).
تندرج هذه الأسئلة و مثيلاتها في إطار إشكالية العلاقة بين النص و الجنس ، و هي علاقة تستدعي علاقات عددية ، كالعلاقة بين التاريخي و النظري في إطار النظرية الأجناسية ، وكعلاقة العمل بالجنس و علاقة الجنس بالنص و بمفهوم الأدبية ، وغيرها من العلائق الأخرى التي تجعل من النظرية الأجناسية تحتل موقعا مركزيا داخل التظرية الأدبية بشكل خاص و الإستيطيقا بشكل عام (1 .
تمثل طروحات" جون ماري شيفر" في هذا الإطار ، إحدى المقاربات المعاصرة التي حاولت مساءلة و محاورة النظريات الأجناسية الغربية و الوقوف عند مآزقها النظرية (19 ).
إن" شيفر" ، وهو يحاور النظريات الأجناسية الكلاسيكية و الحديثة عند كل من أرسطو ، هيجل، برونتير ، تودوروف و جيرار جنيت ، كان يسعى إلى إزاحة مشكل الإظهارية الأجناسية extériorité générique المحددة كوصف نظري أو كخطاب معياري ، و دراسة التجنيس باعتباره عاملا ديناميا في إنتاج و استقبال النصوص . وهذا ما جعله يميز بين الجنس و التجنيس . يقول :" الجنس genre ينتمي إلى حقل مقولات القراءة ، و يبنين بعض أنواع القراءة ، بينما التجنيس généricité هو عامل منتج لتكون النصية ". (20 )
وفي نفس الإطار ، عمل" شيفر" على التمييز بين النص و الجنس و اعتبار أن هوية كل منهما هوية نسبية و لايمكن أن تختزل إلى أحدهما ، و تحديد نوعية العلاقة التي تجمع بينهما و تحديد مستويات النص ، و التي يلاحظ ، اعتمادا على المنطلقات السيميائية و التداولية و التواصلية ، بأنها متعددة : منها ما يرتبط بالفعل التواصلي ( مستوى التلفظ ، مستوى الاتجاه ، و مستوى الوظيفة )و منها ما يرتبط بالفعل الخطابي المنجز ، أي النص (المستوى الدلالي و المستوى التركيبي ) ، بالإضافة على المقصدية ، خاصة أن كل فعل خطابي هو فعل ذو مقصدية معينة (21 ).
و من خلال التساؤل التالي : هل تتحكم مقصدية المؤلف و حدها في تحديد أجناسية النصوص ؟ يخلص " شيفر" على أن الفاعل الأساسي في تحديد أجناسية النصوص ليس عنصرا واحدا ، وإنما هناك محددات متعددة يمكن أن نجمعها في مستويين : مستوى التأليف و مستوى القراءة ، على اعتبار أن كلا منهما يعتبر عنصرا مهما في إضفاء الصفة الأجناسية على النصوص ، و بالتالي إكساب التجنيس صفة التعدد. (22)
و خلاصة القول ، فإن ما يقترحه" شيفر" هو تبني مقاربة نصية للإشكالية الأجناسية ، و التي يتحدد من خلالها التجنيس كوظيفة نصية بالأساس ، ذلك أن فكرة الجنس ككيان خارج –نصي extratextuelle مؤسس للنصوص ، يمكن قبولها نسبيا منذ أن نعتبر النص كنظير لموضوع مادي ، و هو ما أطلق عليه " شيفر" النص –الجهاز العضوي texte-organisme ( وهي الفكرة التي تعود إلى العصور القديمة ، و التي لم تصبح وجيهة بالفعل إلا في إطار النظريات الإستيطيقية- الرومانسية ). إن تصورا مثل هذا يؤدي إلى تكريس التماثل بين النص و الموضوع المادي ، و هو التماثل الذي لا يتطابق نهائيا مع الظاهرة النصية باعتبارها بعدا لسانيا و سلسلة مفتوحة لا نسقا مغلقا (23 ).
يتخـذ التجـنيس عـند" شيفـر"مظهريـن أساسـيين هـمـا، التجـنيسات الميتـانصية généricités métatextuelles و التجنيس النصي généricité textuelle ، يتحدد الأول من خلال الخطابات الأجناسية التي شيأت النص و تناولته كنظرية لموضوع مادي ، و اعتبرت الجنس مصطلحا متعاليا عن النص ، بحيث سيكون إما معيارا أو جوهرا مثاليا أو قالبا للقدرة او مصطلحا بسيطا للتصنيف لا تماثله أي إنتاجية نصية خاصة ....إلخ. و هذا النوع من التجنيس يفترض علاقة بين تصور نظري و تحققه ، فبمجرد وجود المفهوم يفترض كيانا نصيا مطابقا له .في حين أن التجنيس النصي ينظر إليه باعتباره وظيفة نصية ، تتحدد بالنصوص و من خلالها عبر الإنتاجية النصية التي تستدعي إما تحويلا للسمات الأجناسية التي شكلت نماذج سابقة ، أو تضمينها ضمن علاقات التعلق النصي التي تجمع نصا بآخر ، و التي تناولها " جنيت" من خلال مصطلحات التناص ، التعلق التصي ، المعمار النصي (24 ).
استنادا على هذا البعد النصي لظاهرة التجنيس الذي دافع عنه " شيفر" ، سنحاول وضع خطاطة نمذجية للنصوص الروائية المغربية . وهي خطاطة تستلهم أيضا ، التقسيم المرحلي الذي أشار إليه سعيد يقطين في" القراءة و التجربة" ، و حميد لحمداني في" الرواية المغربية و رؤية الواقع الاجتماعي" ، و محمد الدغمومي في" الرواية المغربية و التغير الاجتماعي ".
ومن أجل إضاءة المظهر التجنيسي لهذه النمذجة التصنيفية ، سنقدم جدولا لأهم الخصائص النصية التركيبية و الدلالية لمرحلتي التقليد و التجريب . و سنعتمد في ذلك على ما قدمه محمد عز الدين التازي في مقال له بعنوان" الكتابة السردية بالمغرب " (25 ):
النص الروائي المغربي
خصائص النص التقليدي
- البعد السير ذاتي .
- امتزاج السرد التاريخي بالسرد الأدبي .
- بحث الحكاية عن سند ذاتي و جماعي
- سيادة الحكاية على طرائق الحكي
- أثر الثقافة على اللغة و التعبير الأدبي .
- مركزية البطل و تماهيه مع الكاتب أو مع أشخاص معروفين .
- بروز القيم الدينية و الوطنية و التاريخية على خطابات الذات و تشظياتها .
- إلخ...
خصائص النص التجريبي
- تشاكل الذات مع الواقع .
- تداخل اليومي مع الحلمي و الأسطوري .
- الشذرية و تكثيف المحكي و المشهدية .
- تنويع مستويات لغة الكتابة من توصيلية طبيعية و شعرية مشحونة بالموروث إلى يومية و سوقية تروم نوعا من الأسلبة .
- محاولة تملك فضاءات المدن و الجهات قصد تشي محكي خاص مغرق في المحلية .
- ترميز العوالم و الشخصيات .
- المزج بين الواقع و تفاصيله و بين التخييلي و
انزياحاته .
- إلخ ...
إن هذه النمذجة التصنيفية لا يمكن اعتمادها إلا في حدود جد ضيقة ، و يعود ذلك إلى استمرارية تعايش و حضور مظاهر التقليد و التجريب ليس فقط بين نصوص روائية تنتمي إلى كتاب ينحدرون من أجيال مختلفة ، أو بين كتاب من نفس الجيل ، أو بين نصوص الكتاب الواحد ، و إنما يمتد ذلك التفاعل و التداخل حتى داخل النص الروائي الواحد .
إن اجتياز الرواية المغربية لمرحلة التقليد نحو التجريب ، لا يعني بأي حال من الأحوال أن سمات التقليد و تحققاته قد اختفت بشكل نهائي من نصوص مابعد مرحلة التقليد ، بل في اعتقادنا أن بعض مظاهر التقليد لازالت تجد لها بعض الامتدادات في النصوص الروائية التي تحسب أو يتم إدراجها في موجة التجريب .
وبصفة عامة ، فالرواية المغربية رغم نزوعها نحو التحديث و التجريب ، فهي لازالت لم تجتز بعد مرحلة التكون و التشكل كظاهرة نصية أدبية ، لها من الكفاية و التراكم و التنوع ما يمنحها قدرة أوسع على تجلية خصوصياتها اللغوية و الخطابية و الحكائية و الدلالية .
- الهوامش :
1- محمد الدغمومي : الرواية المغربية و التغير الاجتماعي – دراسة سوسيوثقافية .أفريقيا الشرق .1991.ص :44.43.
2- نفس المرجع .ص:44 .
3- نفس المرجع .ص:44.
4- نفس المرجع .ص:48.47 .
5- نفس المرجع .ص: 48 .
6- أحمد اليابوري : دينامية النص الروائي .منشورات اتحاد كتاب المغرب .الرباط .ط 1. 1993 .ص:33.
7- الرواية المغربية و التغير الاجتماعي . مرجع مذكور . ص : 49.48.
8- نفس المرجع .ص:49.
9- نفس المرجع.ص:51.50.
10- سعيد يقطين : القراءة و التجربة –حول التجريب في الخطاب الروائي الجديد بالمغرب-.دار الثقافة .الدار البيضاء .ط 1 .1985.ص:297.293.
11- للتوسع أكثر يمكن الرجوع إلى المراجع التالية :
- عبد الكبير الخطيبي : الرواية المغربية .ت: محمد برادة . منشورات المركز الجامعي للبحث العلمي . الرباط . 1971.
- حميد الحميداني : الرواية المغربية و رؤية الواقع الاجتماعي –دراسة بنيوية تكوينية - دار الثقافة . الدار البيضاء . ط 1 .1985.
- مصطفى يعلى : بيبلوغرافيا الفن الروائي بالمغرب 1930-1984.مجلة آفاق .عدد 3-4 .1984.
12- اعتمدنا في تجميع المعطيات الإحصائية المتضمنة في هذا الجدول على بيبلوغرافيا عبد الرحيم العلام . منشورات اتحاد كتاب المغرب .2000.
13 - لقد عبر ابراهيم الخطيب عن هذا الموقف بشكل واضح وجلي ضمن مؤلف جماعي : الرواية المغربية و أسئلة الحداثة . منشورات مختبر السرديات .كلية الآداب و العلوم الإنسانية. بنمسيك – الدار البيضاء .ط 1 .1986. ص :178.حيث قال :" إن غياب تاريخ للرواية المغربية أمر يدعو للدهشة ، وربما هو السبب الحقيقي الكامن و راء الاهتمام بحداثة ما ، لقد نهضت الرواية المغربية على بنية سردية سياسية و ثقافية ذات شكل و اقعي في الغالب ، و إذا كان المدى الزمني لهذه الرواية يؤكد على هذا التعميم ، فإنه ليس بإمكاننا أن نقول نفس الشيء عن روايات أخرى تنأى عن الواقعية و تنهج تحديث الشكل ."
14- نشير في هذا الإطار إلى مقال لبشير القمري يحمل عنوان " نمذجة الرواية المغربية : مدخل تنظيري تصنيفي " .مجلة آفاق . عدد 2 . 1989. ص:102.76.يعتبر هذا المقال من بين الدراسات الأولى التي حاولت وضع نمذجة تصنيفية للرواية المغربية .
15- لقد أثار نص "الزاوية " للتهامي الوزاني جدلا واسعا بين دارسي و نقاد الرواية المغربية فهناك من اعتبر هذا النص سيرة ذاتية (عبد الحميد عقار، عبد القادر الشاوي ) ، و هناك من اعتبره نصا شبه روائي في شكله السير –ذاتي (أحمد اليبوري ، عبد الرحيم العلام ) ، و هناك من اعتبره نصا روائيا (محمد عز الدين التازي ). و للتحقق من هذا يمكن الرجوع للمراجع التالية :
- عبد الحميد عقار : الرواية المغاربية –تحولات اللغة و الخطاب .المدارس.الدارالبيضاء .ط1. 2000.ص:170.
- عبد القادر الشاوي : السيرة الذاتية : الهوية و التلفظ .ضمن مؤلف جماعي:الأدب المغربي –مداخل للتفكير و السؤال. منشورات رابطة أدباء المغرب .الرباط.ط1. 2000.ص:87.
- دينامية النص الروائي .مرجع مذكور .ص:27/31.
- عبد الرحيم العلام : لماذا اختار الأديب المغربي كتابة الرواية ؟ .مجلة علامات . العدد 15 . 2001.ص:122.
- محمد عز الدين التازي : الكتابة السردية بالمغرب –تحديث الأشكال و إنتاج الوعي بالواقع . ضمن مؤلف جماعي : الأدب المغربي –مداخل للتفكير و السؤال.منشورات رابطة أدباء المغرب .الرباط.ط1. 2000.ص:75.
16- نحيل في هذا السياق إلى الفصل الأول من كتاب جون ماري شيفر:
- Jean-Marie Schaeffer : qu’est – ce qu’un genre littéraire ?. coll : poétique .éd : seuil .paris .1989 .P :7-63.
17- Mikhail Baktine : la poétique de Dostoievski . traduit du russe par Isabelle Kolitcheff . éd : seuil . paris . 1970 pour la traduction française .P : 145-237.
- Mikhail Baktine : esthétique et théorie du roman . traduit du russe par Daria Olivier .éd : gallimard . paris .1978.
18- فيما يتعلق بقضايا نظريات الأجناس الأدبية نحيل إلى المراجع التالية :
-Tzvetan todorov : introduction à la littérature fantastique. coll : poétique .éd : seuil .paris .1970.P :7.2
- Oswald ducrot et Tzvetan Todorov : dicionnaire encyclopédique des sciences du langage .coll : points . éd : seuil . paris .1972. P.188.201.
- Tzvetan Todorov : les genres du discours .coll : points .éd : seuil .paris .1978.P :44.60.
- Gérarad Genette : introduction à l’architexte .coll : poétique .éd : seuil .paris.1979.
- Jean-Marie schaeffer : la naissance de la littérature .presses de l école normal supérieure .paris .1983.P :81.93.
-Ouvrage collectif : théorie des genres .coll.points.éd :seuil .paris .1986.
19- qu’ est qu’un genre littéraire .1989.P :10.
20- Jean –Marie Scheffer : du texte au genre littéraire .in théorie du genre .coll oints .éd : seuil .paris .1986.P :199.
21- Qu’est ce qu’un genre littéraire ?1989.P :64.128.
22-Ibid.P :147.155.
23-du texte au genre .1986.P :190.191.
24-
Ibid.P :201.202.
-إذا كان شيفر قد وظف مصطلح التعلق النصي الذي وضعه جنيت ، فقد منحه دلالة واسعة ، بحيث أصبح يتضمن مختلف العلاقات المحتملة التي يمكن أن تجمع نصا ما بنصوص سابقة عليه أو متزامنة معه . كما أعلن تحفظه من إدراج جنيت لمقولة الأجناس الأدبية بجانب أنواع الخطاب و نماذج التلفظ التي وضعها جنيت ضمن نوع المعمار النصي .
25- الكتابة السردية بالمغرب .مرجع مذكور.ص:76.
د. خالد الورديغيelouerdighi_ma@yahoo.fr
منقول
مسارات تكون النص الروائي المغربي
بقلم الدكتور خاليد الورديغي
باحث في نظريات النص الأدبي الحديثة.
لقد صاحب ظهور الرواية كفعل أدبي وثقافي بالمغرب ، كما في الوطن العربي ،جدل بين موقفين : واحد يقول بأن جنس الرواية و القصة عامة جنس حديث و مستورد ، و ثان يقول بأنها امتداد و استمرار للقص العربي القديم . بينما فضل آخرون ، نتيجة انسياقهم مع نزعة التوفيق ، القول بأنها استعادة له عبر طريق الغرب الذي طور ذلك القص . (1)
وهذا الاختلاف في نظر" محمد الدغمومي" ، ليس إلا تعبيرا عن وجهات نظر غير متكافئة ، بعضها ينطلق من مقدمات سوسيولوجية ، و آخر يدافع عن قناعات إيديولوجية ذات طابع قومي و ينسى أن حضور الرواية و بعض أشكال التعبير الفني و الأدبي يبقى مشروطا بعوامل سوسيولوجية مؤسسة على عوامل اقتصادية و ثقافية حادثة كفعل تغير . إذ أن ولادة الأجناس الأدبية و انتقالها لا يأتيان صدفة . (2)
و في الحقل الثقافي بالمغرب يمكن تتبع تكون الجنس الروائي كفعل ثقافي منذ الثلث الأول من القرن العشرين ، حيث نرى عددا من المثقفين المغاربة الذين كتبوا نصوصا سردية قصصية و ما كان لهم أن يقوموا بهذا لولا اطلاعهم على نصوص مشابهة قادمة من المشرق العربي ، أو مترجمة إلى العربية نقلا عن الغرب . وما أنجزوه لم يكن سوى محاولات أولى تنتمي إلى القصة لا إلى الرواية : لقد كتبوا نصوصا هي في الأصل إرهاصات تغير ثقافي ، ينمو و يوازي تغيرات أخرى تحدث في مستويات أخرى ، لم تتضح معالمها إلا مع بداية الاستقلال كفعل يمكن الوعي به و تطويره أو مواجهته ، خصوصا بين سنة 1955 و 1965 ؛ أي الفترة التي ظهرت فيها نصوص تحمل اسم " رواية"، و ما هي إلا محاولات أولى تلامس قواعد الجنس و تقترب إليه ، استشعارا بما تريده فئة من المتعلمين كتابا و قراءا ، كثر عددهم نسبيا و أصبح لهم حضور واضح كشريحة اجتماعية جديدة ، تختلف عن شريحة الفقهاء و العلماء التي سادت في مراحل سابقة . (3)
و حضور الرواية في السياق الثقافي المغربي ، لا يعني أن التغير قد حدث دفعة واحدة ، أو أنه قد أصبح قويا على صعيد جميع مكونات المجال الثقافي بل إن هذا التغير حدث بشكل بطيء و متدرج و مازال مستمرا ، إذ " الرواية" نفسها تعكس ذلك من جهات متعددة . و من ثم كان طبيعيا أن تعلن الرواية عن نفسها في البدء في صورة " سيرة" ذاتية قبل أن تغدو رواية تأريخ لمرحلة سابقة ( وقبل أن تصبح رواية وقائع اجتماعية راهنة ) .(4)
إن عددا هاما من النصوص انطلقت من سيرة الكاتب ، حتى و هي تريد أن ترتبط بالواقع الاجتماعي كرغبة ، ذلك أنها تريد أن تثبت ما تشعر به بإرجاع الواقع إلى تجربة الذات و الذاكرة الفردية و في الوقت نفسه ، تتمسك بصوتها هي ، حتى يبقى حضورها ممثلا لحضور المثقف الحريص على الإعلان عن نفسه كدور و كوظيفة .(5)
و هكذا يصبح في الإمكان القول بأن الرواية ولدت صعبة نتيجة تغير اجتماعي و لايمكن أن يكون الحديث عنها في المجال الثقافي بالمغرب ، بنفس الصورة التي يتخذها الحديث عن الشعر مثلا ...إذ وراء كل جنس أدبي عوامل يختص بها وحده و إن اشترك مع غيره في أكثر العوامل .
وبانتقالنا إلى كتاب " دينامية النص الروائي" لصاحبه أحمد اليابوري ، نجده يؤكد نفس الطرح الذي خلص إليه محمد الدغمومي ( و إن كان الأول قد انطلق من مرجعية سوسيو –ثقافية و الثاني من التحليل النصي و السيميائيات و نظرية التلقي ) . يقول :" ويمكن ، بصفة عامة ، أن نستخلص أيضا أن تكون الرواية المغربية قد ارتبط بأنماط تفكير معينة و بجدلية الحركة السوسيو ثقافية و خاصة ببداية تشكل و عي إيديولوجي استيطيقي متأرجح بين قيم الماضي و المستلزمات الحاضر ، متردد في الشروع في حوار صريح مع الآخر" . (6)
ومجرد النظر إلى الشكل الذي يطبع الرواية بالمغرب تنطرح أمامنا جملة من الاستخلاصات التي تؤكد أن هذا الشكل غير مستقر . وعدم الاستقرار هذا ليس راجعا إلى طول المسار الذي سلكته الرواية ، بل إنه وليد البحث الذي نتج عن عملية المثاقفة . ووليد تغير العلاقة الثقافية بهذا الجنس داخل الحقل الثقافي ، و ناتج عن تغير في تمثل" الكاتب" لهذا الجنس و موقعه . (7)
ترتبط لحظة ولادة الرواية المغربية بمرحلة الاستقلال –وهي فترة قصيرة جدا بالنسبة للفترات التي تقطعها الأجناس الأدبية في نشوئها و تحولها -، لكن علاوة على ذلك تظهر متغيرة ، رغم قلتها وقلة من يكتبها ، و هذا التغيير الذي يبدو على صعيد الشكل لا يمكن اعتباره تطورا نابعا من داخل حياة الجنس الروائي و نتيجة تراكماته المختلفة . و لكنه تطور يرجع إلى عنصر ثقافي إرادي ، أي أنه يرجع أساسا إلى مهارة الروائي و مدى اطلاعه و تمثله ، ومدى ميله ، أي أنه مرتبط برغبة ثقافية يعبر عنها النقاد بالحداثة و بصفة عامة بالتجديد . (8 )
وفي هذا السياق ، يخلص الدغمومي إلى أن الكتابة الروائية بالمغرب مرت بمحطتين أو بمرحلتين هما :
1- مرحلة التقليد : تقليد النماذج الروائية العربية الصادرة قبل الستينات أي النموذج الذي اطلع عليه الروائيون قبل 1965 ، و هو نموذج كان بصفة عامة واقعيا في أغلبه و عاطفيا في جانب كبير منه ...ومن تلك النماذج نذكر : وزير غرناطة ، في الطفولة ، أمطار الرحمة ، جيل الظمأ .
2- مرحلة التجريب : هذه المرحلة تبدأ مع منتصف السبعينيات على يد بعض الكتاب الطلائعيين الذين تبنوا الثورة على الموروث و الأشكال العتيقة في الفهم و الممارسة و الكتابة ...و رغبوا في ذات الوقت لأن يكون لهم حضور ليس عبر تقليد نموذج ، و لكن عبر خلق و كتابة رواية مختلفة. ومن هذه النماذج نذكر: زمن بين الولادة و الحلم، الأفعى و البحر، الضلع و الجزيرة.(9)
ويمكننا هنا أن نحدد أهم خاصيات هذه التجربة على ضوء ما قدمه " سعيد يقطين" في كتابه "القراءة و التجربة" من خلال النقط التالية :
- تكسير عمودية السرد : وتتجلى هذه الخاصية في كون الخطاب لا يشتغل على قصة محكومة بمنطق خارجي كالذي نجده في الخطاب الروائي التقليدي .
- تداخل الخطابات : من خاصيات تجربة الخطاب الروائي الجديدة ، نجد تداخل الخطابات ، حيث نجد الخطاب الروائي يستوعب بنيات خطابية متعددة : المسرحي – الشعري –الديني – الحكائي – الشفوي – الصحافي – السياسي – التاريخي ....و يأتي تداخل الخطابات هنا و تعددها في إطار انفتاح الخطاب عليها ، لتقوم بوظائفها في مجرى الخطاب ، و بتضافر مع الطرائق الموظفة في بنائه ، و هذا ما يجعلها تتسم جميعا ، و كلا بحسب خصوصيتها في إثراء عالم الخطاب الروائي و تشكيل مكوناته ، و أخيرا تحقيق نوع من الانسجام في بنية الخطاب .
- البعد العجائبي : إلى جانب تداخل الخطابات ، نجد للبعد العجائبي حضورا في هذه الخطابات ، وإذ نركز عليه هنا كخاصية من خاصيات الخطاب الروائي الجديد ، فإننا نرى فيه عنصرا من العناصر التي تشكل خصوصية الخطاب الروائي الجديد . لم يوظف البعد العجائبي بشكل كبير في هذه الخطابات ، لكن طريقة توظيفه تجعلنا نشير غليه في هذا السياق ، وكذلك بسبب مساهمته في مادة الخطاب . (10)
و بعودتنا إلى جملة الأبحاث و الدراسات النقدية التي اهتمت بالإنتاج الروائي المغربي من منظور ببيوغرافي و إحصائي ، سنلاحظ أن الرواية المغربية المكتوبة بالعربية قد مرت بعدة أطوار و أدوار في تكونها ، وهذا ما ينطق به التراكم الذي حققته هذه الرواية منذ ظهورها إلى الآن . (11)
و في هذا الإطار نقدم جملة من الملاحظات التي همت الرواية المغربية في الفترة الأخيرة من القرن العشرين :
أ- لقد شهدت الرواية المغربية في العقد الأخير من القرن المنصرم تقدما ملحوظا على مستوى المحصول الروائي لكل سنة من سنوات هذه الفترة . و يمكن التحقق من هذا المعطى عبر وضع مقارنة بين محصول هذه الفترة و محصول فترة السبعينيات و الثمانينات .
الفتـــــــرة عـدد النصوص الروائية الصادرة
1970 1979: ثلاثة و عشرون نصا روائيا .
1980 1989: تسعة و ستون نصا روائيا .
1990 1999: مائة و خمسة و أربعون نصا روائيا . (12)
ب- اتساع دائرة أسماء كتاب الرواية بالمغرب ، بحيث لم تعد الكتابة الروائية محصورة بين قلة من الكتاب .
ج- انتعاش الكتابة الروائية النسائية ، و يظهر ذلك من خلال استمرار صدور نصوص لروائيات مغربيات. وفي هذا الإطار نستحضر الأسماء التالية : مليكة مستظرف ، ربيعة السباعي ، زهور كرام ، خديجة مروازي ...ألخ.
د- بداية تخلص الروائيين المغاربة من عقدة النص الواحد ، وذلك بفضل جهود و مثابرة بعض الكتاب على مواصلة مسيرة الكتابة الروائية . و من هؤلاء نذكر : محمد عز الدين التازي ، الميلودي شغموم ، محمد صوف ، عبد الكريم غلاب ، محمد زفزاف ، مبارك ربيع ، عبد الله العروي ، سالم حميش ، أحمد التوفيق ...إلخ .
ومن وجهة نظرنا ، فقد كان لهذه المعطيات دور بارز في تحرك الباحثين و المهتمين بالرواية المغربية في اتجاه تأكيد حاجتها إلى تحقيب تاريخي من جهة (13)، وحاجتها إلى دراسة تضع في مقدمة انشغالاتها صياغة نمذجة للرواية المغربية (14). و ذلك على ضوء ماتتيحه نظريات الأجناس الأدبية من إمكانات معرفية –تاريخية و نظرية – كفيلة بتدليل جملة من الصعاب التي يطرحها المتن الروائي المغربي أمام الدارسين ، و ماتتيحه نظريات النص ، بمختلف اتجاهاتها البنيوية و السيميائية و السو سيو نصية ، من مفاهيم إجرائية لاستيعاب الخصائص الدلالية و الخطابية و التناصية للنص الروائي المغربي .
تعد مسألة التصنيف الأجناسي أحد المصاعب و المحن التي لازمت النص الروائي المغربي منذ لحظة و لادته، ويمكن الإشارة هنا للنقاش النظري الذي طرحه نص" الزاوية " للتهامي الوزاني(15) . و للاقتراب أكثر من هذه المسالة نطرح السؤالين التاليين : هل كل ما كتب و يكتب من نصوص روائية بالمغرب له علاقة بذات الجنس ؟ و هل يكفي تصنيف و تصريح الكاتب بانتماء عمله الأدبي لهذا الجنس ، حتى نسلم بهويته الأجناسية ؟
و بعودتنا إلى الإشكالات التي كانت محط اهتمام نظريات الأجناسية الأدبية ، سنجد من بينها إشكالية علاقة النص و الجنس : هل هي علاقة اعتباطية أم علاقة تلازم ، تلازم أجناس معينة مع نصوص معينة ثم هل يعتبر مفهوم الجنس مفهوما عبر –تاريخي و توسيما مطلقا كما توهمنا بذلك النظريات الجوهرية théorie essentialistes ؟ أو مفهوما تاريخيا يتحدد بالتاريخ و ضمنه؟ (16 ). وقد نذهب بعيدا لنتساءل فيما إذا كان مفهوم الجنس ما زال يحتفظ بوجاهته لوصف الإنتاجية النصية لعصرنا الحالي التي تتميز بتعددها و بتكسيرها لأحادية النموذج الأجناسي من خلال تداخل أجناس عديدة ، أدبية أو خارج –أدبية داخل النص الواحد كما يلاحظ ذلك ميخائيل باختين من خلال حديثه عن الرواية المتعددة الأصوات ، حيث حضور ما نسميه بالأجناس المتخللة ضمن النص الروائي( 17 ).
تندرج هذه الأسئلة و مثيلاتها في إطار إشكالية العلاقة بين النص و الجنس ، و هي علاقة تستدعي علاقات عددية ، كالعلاقة بين التاريخي و النظري في إطار النظرية الأجناسية ، وكعلاقة العمل بالجنس و علاقة الجنس بالنص و بمفهوم الأدبية ، وغيرها من العلائق الأخرى التي تجعل من النظرية الأجناسية تحتل موقعا مركزيا داخل التظرية الأدبية بشكل خاص و الإستيطيقا بشكل عام (1 .
تمثل طروحات" جون ماري شيفر" في هذا الإطار ، إحدى المقاربات المعاصرة التي حاولت مساءلة و محاورة النظريات الأجناسية الغربية و الوقوف عند مآزقها النظرية (19 ).
إن" شيفر" ، وهو يحاور النظريات الأجناسية الكلاسيكية و الحديثة عند كل من أرسطو ، هيجل، برونتير ، تودوروف و جيرار جنيت ، كان يسعى إلى إزاحة مشكل الإظهارية الأجناسية extériorité générique المحددة كوصف نظري أو كخطاب معياري ، و دراسة التجنيس باعتباره عاملا ديناميا في إنتاج و استقبال النصوص . وهذا ما جعله يميز بين الجنس و التجنيس . يقول :" الجنس genre ينتمي إلى حقل مقولات القراءة ، و يبنين بعض أنواع القراءة ، بينما التجنيس généricité هو عامل منتج لتكون النصية ". (20 )
وفي نفس الإطار ، عمل" شيفر" على التمييز بين النص و الجنس و اعتبار أن هوية كل منهما هوية نسبية و لايمكن أن تختزل إلى أحدهما ، و تحديد نوعية العلاقة التي تجمع بينهما و تحديد مستويات النص ، و التي يلاحظ ، اعتمادا على المنطلقات السيميائية و التداولية و التواصلية ، بأنها متعددة : منها ما يرتبط بالفعل التواصلي ( مستوى التلفظ ، مستوى الاتجاه ، و مستوى الوظيفة )و منها ما يرتبط بالفعل الخطابي المنجز ، أي النص (المستوى الدلالي و المستوى التركيبي ) ، بالإضافة على المقصدية ، خاصة أن كل فعل خطابي هو فعل ذو مقصدية معينة (21 ).
و من خلال التساؤل التالي : هل تتحكم مقصدية المؤلف و حدها في تحديد أجناسية النصوص ؟ يخلص " شيفر" على أن الفاعل الأساسي في تحديد أجناسية النصوص ليس عنصرا واحدا ، وإنما هناك محددات متعددة يمكن أن نجمعها في مستويين : مستوى التأليف و مستوى القراءة ، على اعتبار أن كلا منهما يعتبر عنصرا مهما في إضفاء الصفة الأجناسية على النصوص ، و بالتالي إكساب التجنيس صفة التعدد. (22)
و خلاصة القول ، فإن ما يقترحه" شيفر" هو تبني مقاربة نصية للإشكالية الأجناسية ، و التي يتحدد من خلالها التجنيس كوظيفة نصية بالأساس ، ذلك أن فكرة الجنس ككيان خارج –نصي extratextuelle مؤسس للنصوص ، يمكن قبولها نسبيا منذ أن نعتبر النص كنظير لموضوع مادي ، و هو ما أطلق عليه " شيفر" النص –الجهاز العضوي texte-organisme ( وهي الفكرة التي تعود إلى العصور القديمة ، و التي لم تصبح وجيهة بالفعل إلا في إطار النظريات الإستيطيقية- الرومانسية ). إن تصورا مثل هذا يؤدي إلى تكريس التماثل بين النص و الموضوع المادي ، و هو التماثل الذي لا يتطابق نهائيا مع الظاهرة النصية باعتبارها بعدا لسانيا و سلسلة مفتوحة لا نسقا مغلقا (23 ).
يتخـذ التجـنيس عـند" شيفـر"مظهريـن أساسـيين هـمـا، التجـنيسات الميتـانصية généricités métatextuelles و التجنيس النصي généricité textuelle ، يتحدد الأول من خلال الخطابات الأجناسية التي شيأت النص و تناولته كنظرية لموضوع مادي ، و اعتبرت الجنس مصطلحا متعاليا عن النص ، بحيث سيكون إما معيارا أو جوهرا مثاليا أو قالبا للقدرة او مصطلحا بسيطا للتصنيف لا تماثله أي إنتاجية نصية خاصة ....إلخ. و هذا النوع من التجنيس يفترض علاقة بين تصور نظري و تحققه ، فبمجرد وجود المفهوم يفترض كيانا نصيا مطابقا له .في حين أن التجنيس النصي ينظر إليه باعتباره وظيفة نصية ، تتحدد بالنصوص و من خلالها عبر الإنتاجية النصية التي تستدعي إما تحويلا للسمات الأجناسية التي شكلت نماذج سابقة ، أو تضمينها ضمن علاقات التعلق النصي التي تجمع نصا بآخر ، و التي تناولها " جنيت" من خلال مصطلحات التناص ، التعلق التصي ، المعمار النصي (24 ).
استنادا على هذا البعد النصي لظاهرة التجنيس الذي دافع عنه " شيفر" ، سنحاول وضع خطاطة نمذجية للنصوص الروائية المغربية . وهي خطاطة تستلهم أيضا ، التقسيم المرحلي الذي أشار إليه سعيد يقطين في" القراءة و التجربة" ، و حميد لحمداني في" الرواية المغربية و رؤية الواقع الاجتماعي" ، و محمد الدغمومي في" الرواية المغربية و التغير الاجتماعي ".
ومن أجل إضاءة المظهر التجنيسي لهذه النمذجة التصنيفية ، سنقدم جدولا لأهم الخصائص النصية التركيبية و الدلالية لمرحلتي التقليد و التجريب . و سنعتمد في ذلك على ما قدمه محمد عز الدين التازي في مقال له بعنوان" الكتابة السردية بالمغرب " (25 ):
النص الروائي المغربي
خصائص النص التقليدي
- البعد السير ذاتي .
- امتزاج السرد التاريخي بالسرد الأدبي .
- بحث الحكاية عن سند ذاتي و جماعي
- سيادة الحكاية على طرائق الحكي
- أثر الثقافة على اللغة و التعبير الأدبي .
- مركزية البطل و تماهيه مع الكاتب أو مع أشخاص معروفين .
- بروز القيم الدينية و الوطنية و التاريخية على خطابات الذات و تشظياتها .
- إلخ...
خصائص النص التجريبي
- تشاكل الذات مع الواقع .
- تداخل اليومي مع الحلمي و الأسطوري .
- الشذرية و تكثيف المحكي و المشهدية .
- تنويع مستويات لغة الكتابة من توصيلية طبيعية و شعرية مشحونة بالموروث إلى يومية و سوقية تروم نوعا من الأسلبة .
- محاولة تملك فضاءات المدن و الجهات قصد تشي محكي خاص مغرق في المحلية .
- ترميز العوالم و الشخصيات .
- المزج بين الواقع و تفاصيله و بين التخييلي و
انزياحاته .
- إلخ ...
إن هذه النمذجة التصنيفية لا يمكن اعتمادها إلا في حدود جد ضيقة ، و يعود ذلك إلى استمرارية تعايش و حضور مظاهر التقليد و التجريب ليس فقط بين نصوص روائية تنتمي إلى كتاب ينحدرون من أجيال مختلفة ، أو بين كتاب من نفس الجيل ، أو بين نصوص الكتاب الواحد ، و إنما يمتد ذلك التفاعل و التداخل حتى داخل النص الروائي الواحد .
إن اجتياز الرواية المغربية لمرحلة التقليد نحو التجريب ، لا يعني بأي حال من الأحوال أن سمات التقليد و تحققاته قد اختفت بشكل نهائي من نصوص مابعد مرحلة التقليد ، بل في اعتقادنا أن بعض مظاهر التقليد لازالت تجد لها بعض الامتدادات في النصوص الروائية التي تحسب أو يتم إدراجها في موجة التجريب .
وبصفة عامة ، فالرواية المغربية رغم نزوعها نحو التحديث و التجريب ، فهي لازالت لم تجتز بعد مرحلة التكون و التشكل كظاهرة نصية أدبية ، لها من الكفاية و التراكم و التنوع ما يمنحها قدرة أوسع على تجلية خصوصياتها اللغوية و الخطابية و الحكائية و الدلالية .
- الهوامش :
1- محمد الدغمومي : الرواية المغربية و التغير الاجتماعي – دراسة سوسيوثقافية .أفريقيا الشرق .1991.ص :44.43.
2- نفس المرجع .ص:44 .
3- نفس المرجع .ص:44.
4- نفس المرجع .ص:48.47 .
5- نفس المرجع .ص: 48 .
6- أحمد اليابوري : دينامية النص الروائي .منشورات اتحاد كتاب المغرب .الرباط .ط 1. 1993 .ص:33.
7- الرواية المغربية و التغير الاجتماعي . مرجع مذكور . ص : 49.48.
8- نفس المرجع .ص:49.
9- نفس المرجع.ص:51.50.
10- سعيد يقطين : القراءة و التجربة –حول التجريب في الخطاب الروائي الجديد بالمغرب-.دار الثقافة .الدار البيضاء .ط 1 .1985.ص:297.293.
11- للتوسع أكثر يمكن الرجوع إلى المراجع التالية :
- عبد الكبير الخطيبي : الرواية المغربية .ت: محمد برادة . منشورات المركز الجامعي للبحث العلمي . الرباط . 1971.
- حميد الحميداني : الرواية المغربية و رؤية الواقع الاجتماعي –دراسة بنيوية تكوينية - دار الثقافة . الدار البيضاء . ط 1 .1985.
- مصطفى يعلى : بيبلوغرافيا الفن الروائي بالمغرب 1930-1984.مجلة آفاق .عدد 3-4 .1984.
12- اعتمدنا في تجميع المعطيات الإحصائية المتضمنة في هذا الجدول على بيبلوغرافيا عبد الرحيم العلام . منشورات اتحاد كتاب المغرب .2000.
13 - لقد عبر ابراهيم الخطيب عن هذا الموقف بشكل واضح وجلي ضمن مؤلف جماعي : الرواية المغربية و أسئلة الحداثة . منشورات مختبر السرديات .كلية الآداب و العلوم الإنسانية. بنمسيك – الدار البيضاء .ط 1 .1986. ص :178.حيث قال :" إن غياب تاريخ للرواية المغربية أمر يدعو للدهشة ، وربما هو السبب الحقيقي الكامن و راء الاهتمام بحداثة ما ، لقد نهضت الرواية المغربية على بنية سردية سياسية و ثقافية ذات شكل و اقعي في الغالب ، و إذا كان المدى الزمني لهذه الرواية يؤكد على هذا التعميم ، فإنه ليس بإمكاننا أن نقول نفس الشيء عن روايات أخرى تنأى عن الواقعية و تنهج تحديث الشكل ."
14- نشير في هذا الإطار إلى مقال لبشير القمري يحمل عنوان " نمذجة الرواية المغربية : مدخل تنظيري تصنيفي " .مجلة آفاق . عدد 2 . 1989. ص:102.76.يعتبر هذا المقال من بين الدراسات الأولى التي حاولت وضع نمذجة تصنيفية للرواية المغربية .
15- لقد أثار نص "الزاوية " للتهامي الوزاني جدلا واسعا بين دارسي و نقاد الرواية المغربية فهناك من اعتبر هذا النص سيرة ذاتية (عبد الحميد عقار، عبد القادر الشاوي ) ، و هناك من اعتبره نصا شبه روائي في شكله السير –ذاتي (أحمد اليبوري ، عبد الرحيم العلام ) ، و هناك من اعتبره نصا روائيا (محمد عز الدين التازي ). و للتحقق من هذا يمكن الرجوع للمراجع التالية :
- عبد الحميد عقار : الرواية المغاربية –تحولات اللغة و الخطاب .المدارس.الدارالبيضاء .ط1. 2000.ص:170.
- عبد القادر الشاوي : السيرة الذاتية : الهوية و التلفظ .ضمن مؤلف جماعي:الأدب المغربي –مداخل للتفكير و السؤال. منشورات رابطة أدباء المغرب .الرباط.ط1. 2000.ص:87.
- دينامية النص الروائي .مرجع مذكور .ص:27/31.
- عبد الرحيم العلام : لماذا اختار الأديب المغربي كتابة الرواية ؟ .مجلة علامات . العدد 15 . 2001.ص:122.
- محمد عز الدين التازي : الكتابة السردية بالمغرب –تحديث الأشكال و إنتاج الوعي بالواقع . ضمن مؤلف جماعي : الأدب المغربي –مداخل للتفكير و السؤال.منشورات رابطة أدباء المغرب .الرباط.ط1. 2000.ص:75.
16- نحيل في هذا السياق إلى الفصل الأول من كتاب جون ماري شيفر:
- Jean-Marie Schaeffer : qu’est – ce qu’un genre littéraire ?. coll : poétique .éd : seuil .paris .1989 .P :7-63.
17- Mikhail Baktine : la poétique de Dostoievski . traduit du russe par Isabelle Kolitcheff . éd : seuil . paris . 1970 pour la traduction française .P : 145-237.
- Mikhail Baktine : esthétique et théorie du roman . traduit du russe par Daria Olivier .éd : gallimard . paris .1978.
18- فيما يتعلق بقضايا نظريات الأجناس الأدبية نحيل إلى المراجع التالية :
-Tzvetan todorov : introduction à la littérature fantastique. coll : poétique .éd : seuil .paris .1970.P :7.2
- Oswald ducrot et Tzvetan Todorov : dicionnaire encyclopédique des sciences du langage .coll : points . éd : seuil . paris .1972. P.188.201.
- Tzvetan Todorov : les genres du discours .coll : points .éd : seuil .paris .1978.P :44.60.
- Gérarad Genette : introduction à l’architexte .coll : poétique .éd : seuil .paris.1979.
- Jean-Marie schaeffer : la naissance de la littérature .presses de l école normal supérieure .paris .1983.P :81.93.
-Ouvrage collectif : théorie des genres .coll.points.éd :seuil .paris .1986.
19- qu’ est qu’un genre littéraire .1989.P :10.
20- Jean –Marie Scheffer : du texte au genre littéraire .in théorie du genre .coll oints .éd : seuil .paris .1986.P :199.
21- Qu’est ce qu’un genre littéraire ?1989.P :64.128.
22-Ibid.P :147.155.
23-du texte au genre .1986.P :190.191.
24-
Ibid.P :201.202.
-إذا كان شيفر قد وظف مصطلح التعلق النصي الذي وضعه جنيت ، فقد منحه دلالة واسعة ، بحيث أصبح يتضمن مختلف العلاقات المحتملة التي يمكن أن تجمع نصا ما بنصوص سابقة عليه أو متزامنة معه . كما أعلن تحفظه من إدراج جنيت لمقولة الأجناس الأدبية بجانب أنواع الخطاب و نماذج التلفظ التي وضعها جنيت ضمن نوع المعمار النصي .
25- الكتابة السردية بالمغرب .مرجع مذكور.ص:76.
د. خالد الورديغيelouerdighi_ma@yahoo.fr
منقول