فن الشعر - أرسطو
يقدم أرسطو في بداية كتابه،
كلا من الملحمة والمأساة واللهاة، كضرب من المحاكاة، على أن هذه المحاكاة
(الفن) تنقسم إلى أنواع ثلاثة؛ فمنها ما يحاكي بوسائل مختلفة، ومنها ما
يحاكي بموضوعات متباينة. ثم النوع الثالث، وهو الذي يحاكي بأسلوب متمايز.
وما يميز المحاكاة عن غيرها من الفنون، هو كونها تعتمد على الإيقاع، أو
اللغة، أو الانسجام، أو بها مجتمعة. ومن ثم يمكن التمييز بين النثر والشعر،
ثم بين شاعر مجيد، وآخر ينظم وزنا لا غير.
والشاعر المحاكي، عند أرسطو، إما يسلك منهج محاكاة الفضلاء من الناس، وإما
محاكاة الأشرار منهم، لأجل ذلك، قسم أرسطو الشعراء، حسب الطباع، إلى ذوي
النفوس النبيلة، وهم من يحاكي الفعال النبيلة. وذوي النفوس الخسيسة، وهم من
يحاكي أفعال الأذنياء. أما مهمة الشاعر الحقيقية، عند أرسطو، فهي ليست في
رواية الأمور كما هي واقعة فعلا، بل رواية ما يمكن أن يقع. وهذا ما الذي
يجعل الشعر أوفر حظا من الفلسفة والتاريخ، علاوة على الرؤية الكلية للشعر.
ويطرح أرسطو قضية أخرى تهم إمكانية وقوع الأحداث التي اختارها الشاعر فعلا،
وهذا عنده لا يمنع من قيمة شاعريته، لكونه يتميز بالمحاكاة. وأسلوب الشاعر
في المحاكاة إما أن يكون الحديث على لسان شخص آخر، وإما محاكاة وتصوير
الأشخاص وهم يفعلون.
يرجع أرسطو نشأة الشعر إلى سببين رئيسين: سبب طبيعي، يرى من خلاله أن الشعر
غريزة في الإنسان منذ الطفولة كما أنه أكثر استعدادا للمحاكاة عن باقي
الحيوانات. وسبب ثان، وهو ما سماه بلذة التعلم، وهو امتياز يتقاسمه سائر
الناس.
ينتقل أرسطو بعد كل هذا، إلى تقديم تعريفات لكل من الملهاة والملحمة
والمأساة؛ فأما الملهاة، فهي محاكاة الأراذل من الناس، في الجانب الهزلي،
الذي هو نقيصة وقبح، لكن بغير إحداث الألم. والملهاة نظرا لقلة شأنها وعدم
الاعتناء بها ظلت مجهولة النشأة. في حين أن الملحمة، هي المغايرة للمأساة،
من ناحية محاكاة الناس الأفاضل، لكنها لا تسايرها من ناحية الوزن والطول.
وهي تعتمد وزنا واحد، كما أنها لا تحد بزمان، وهي علاوة على ذلك، إما بسيطة
وإما مركبة وإما أخلاقية وإما انفعالية شأنها شأن المأساة. أما المأساة،
فهي فعل نبيل، ولها طول معلوم، لغة جميلة. ثم إنها تطلب، حسب أرسطو، وحدة
الفعل وتمامه، كما أنها تتم عن طريق أشخاص يفعلون، وهي تثير الرحمة والخوف،
فتؤدي إلى التطهير من هذه الانفعالات، بإيقاع ولحن ونشيد. ومن بين أجزائها
يذكر أرسطو: المنظر المسرحي، والنشيد (الموسيقى)، والمقولة (تركيب
الأوزان)، وهي عناصر خارجية تتعلق بالممثلين، وتتضمن كذلك عناصر باطنية تهم
الخرافة والأخلاق والفعل، وتتعلق بالمؤلفين أيضا.
يقسم أرسطو المأساة من ناحية الشكل إلى: مدخل، ودخيلة ، ثم مخرج ويليها
المقام فالمناحة أو المرثية. وكل مأساة، علاوة على هذا، تنقسم إلى جزئين:
الأول، يسمى العقدة؛ وهو القسم الذي يبدأ ببدايتها ويستمر حتى الجزء
الأخير، الذي يصدر منه التحول إما إلى السعادة وإما إلى الشقاوة. والثاني،
وهو الحل الذي يضم القسم المبتدئ بالتحول حتى النهاية، بناء على ذلك، تقسم
الآسي إلى أربعة أنواع: فإما متشابكة تقوم على التحول والتعرف. وإما
انفعالية وإما أخلاقية، كما أنها قد تكون ملتجئة إلى الكائنات العجيبة.
إن الأفعال والخرافة ضروريان في المأساة، فهما الغاية منها، لكن قد نجد
مأساة بغير أخلاق، أما أن نجدها بدون فعل، فلا. ومن ناحية أهمية هذه
العناصر بالنسبة للمأساة، يجعل أرسطو الخرافة مبدأها وروحها، فيما تأتي
الأخلاق في المرتبة الثانية، والفكرة ثالثا؛ وهي القدرة على إيجاد اللغة
التي يقتضيها الموقف، وبعدها تأتي المقولة، باعتبارها ترجمة عن الفكرة
بالألفاظ، وهي لها نفس خصائص ما يكتب نظما ونثرا، والمقولة عند أرسطو
أجزاء: 1.الحرف الهجائي، وهو صوت غير مقسوم، ويدخل بطبيعته في تركيب الصوت
المركب، والحروف عنده إما مصوتات، وهي التي لها صوت مسموع من غير تقارب
الشفاه. ونصف المصوتات؛ وهي الحرف المسموع مع التقارب، والصوامت وهي التي
فيها تقارب لكن ليس لها صوت مسموع.
2. المقطع: وهو صوت خال من المعنى، مؤلف من مصوت وصامت.
3. الرباط: وهو تقارب صوت خال من المعنى لا يمنع التركيب ولا يؤدي إليه تركيب عبارة واحدة ذات مدلول، بمساعدة عدة أصوات.
4. الأداة: وهي صوت خال من المعنى يدل عل الابتداء أو الانتهاء أو تقسيم الجملة.
5. الإسم: وهو لفظ أو صوت مركب من أصوات له معنى خلو من الزمان ولا جزء يفيد منه معنى بنفسه.
6. الفعل: صوت مركب من أصوات، له معنى، ويدل على الزمن.
7. التصريف: ويتعلق بالاسم أو الفعل، ويدل إما عل الإفراد أو الجمع أو نو الكلام (استفهام أو أمر).
8. القول: مركب من أصوات، دال، كثير من أجزائه له معنى بنفسه.
يقسم أرسطو الفعل إلى بسيط ومركب؛ فأما البسيط فهو الذي يكون محكما وواحدا،
كما أن المصير يتغير دون تحول أو تعرف، في حين أن المركب هو الذي يكون فيه
المصير قد تم بفعل التعرف أو التحول، أو كليهما معا. فما تعريف أرسطو لكل
من التحول والتعرف وما قوله فيهما؟
يعرف أرسطو التحول بكونه انقلاب الفعل إلى ضده، تبعا لاحتمال أو الضرورة"،
أما التعرف فيعرفه بكونه انتقال من الجهل إلى المعرفة يؤدي إلى الانتقال،
إما من الكراهية إلى المحبة، وإما من المحبة إلى الكراهية، ويجعل أجمل
أنواعه ما كان مصحوبا بتحول. إلى جانب التحول يقسم أرسطو التعرف إلى أنواع:
أولها التعرف بالعلامات الخارجية وهي إما مكتسبة أو فطرية، وثانيها التي
يرتبها الشاعر، وهي تكون بعيدة عن الفن. وثالثها التعرف الذي يتم بالذاكرة،
عندما نتعرف شيئا حين نراه فنتذكره. ورابعها التعرف عن طريق القياس، ويقدم
أرسطو لهذا النوع المثال التالي من مسرحية "حملة الماء المقدس": "أتى رجل
يشبهني، ولا يشبهني غير أورسطس، إذن أورسطس هو القادمّ. بالإضافة إلى نوع
آخر يرى أنه يتم عن طريق خط في استدلال الجمهور.
أما الأسماء فهي عنده عل نوعين: مركبة أو بسيطة. فالمركبة ما ركب من جزء
دال أو جزء غير دال أو أكثر من جزء. كما أن الاسم إما شائع، أو غريب أو
مجازي أو مخترع أو مطول أو موجز أو مذكر أو مؤنث. ويرى أرسطو أن تأليف
الحكاية في أحمل المآسي، يستوجب أن يكون مركبا؛ بحيث يتم المصير إما بفعل
التحول أو التعرف، أو بهما معا. ثم أن تحاكي المأساة وقائع تثير الخوف
والرحمة، ومن ثم يجب ألا يظهر الأخيار في المحاكاة متنقلين من السعادة إلى
الشقاوة، فهذا يثير الاشمئزاز ولا يثير الشفقة والخوف. كما يجب في الحكاية،
عند أرسطو، أن تنتهي بحل واحد؛ فهي بذلك بسيطة وليست مزدوجة.
أما الأخلاق والشخصيات، فهي عنده، على أربعة أنواع؛ فإما فاضلة وإما
التوافق، حين يلزم الرجولة للرجل لا للمرأة مثلا، وإما مشابهة وهي عدم جعل
الخلق كريما ومشابها، أما الرابعة، فهي الثبات؛ أي أن يظل الشخص غير
المنطقي كذلك. يتوجب على الشاعر المؤلف للحكايا أن يستحضر المواقف التي
يرقبها قصد رؤيتها بوضوح تام،وهذا ما يفع عنها مدعاة النفور والاضطراب. كما
يجب عليه أن يتمثل مواقف أشخاصه، وحركاتهم قدر استطاعته "فأقدر الشعراء هم
أولئك الذين يشاركون أشخاصهم مشاعرهم لما بينهم وبين الناس من تشابه".
فأرسطو يحاول أن يبين هنا أن على الشاعر أن يكو صادقا في مشاعره، آمنا في
التعبير عن مواقفه، وهذا هو الشاعر الحق. بالإضافة إلى ماسبق، وفي إطار
المنهج، يذهب أرسطو إلى أن على الشعر أثناء تأليف الحكاية، أن ينطلق من
الفكرة الأساسية للموضوع المطروح.
إن المكان الطبيعي للفكر عند أرسطو يتجسد في الرسائل الخطابية. والفكر عنده
أجزاء، وهي: البرهنة والتقليد وإثارة الانفعالات، مثل الرحمة والخوف
والغضب والتعظيم والتحقير. أما القول فضروبه موضوع للبحث التي لا يلزم على
الشاعر منعرفتها، وإنما هي من شن علم فن الشعر. وبخصوص عمل الشاعر، فيتجلى
في الالتزام بالوضوح والحلية في القول، فالصفة الجوهرية في لغة القول،
تكون واضحة دون أن تكونن مبتذلة، كما يشترط فيها النبل حتى في العبارات
الغريبة الموضفة مندارجة أو أعجمية أو مجازية. إن أرسطو ينحو إلى الوساطة
في استعمال الألفاظ فلا يفرط الشاعر في استعمال التطويلات أو الإيجازات أو
التغييرات في الأسماء، فيصير ذا أثر مضحك، ولا يكون شحيحا في توظيف هذه
الآلية لدرجة التفريط. على أن البراعة والجدة في توظيف آليات القول الشعري
هي الأساس.
إن الخطأ في القول الشعري، حسب أسطو، قد يأتي لسببين، أولهما متعلق بفن
الشعر نفسه، ويتجلى في خالة فشل الشاعر في محاكاة أمر ما لعجزه. وثانيهما
عرضي، وهو ما نجده مثلا في خطأ راجع إلى علم خاص كالطب مثلا، وهنا الأمر لا
يتعلق بالشاعر فأمره لأهل الطب. يؤاخذ أرسطو على النقد، دعواه إلى ضرورة
انطباقا الواقع مع الحقيقة، فالشاعر يجب عليه أن يصور الأشياء كما يجب أن
تكون لا كما هي كائنة بالضرورة.
يدعو أرسطو إلى ضرورة أخذ السياق الكلامي بعين الاعتبار في محاولة فهم معنى
القول الشعري، أو الحكم عليه بالرداءة أو الجدة واستحضار رؤى الشخصيات
التي تفعل وسياقات فعلها. ويجب أن لا ينطلق الناقد من رؤى سابقة ثم يبحث
لها عن مبررات، بل أن يستنبط الأحكام بعد التتبع والدراسة. لذلك فمن أنواع
النقد التي قد نجدها إذذاك وجهت إلى الشاعر: المستحيل وغير المحتمل والخسيس
والمتناقض، والمخالف لمقتضيات الفن، وهذا ما يستلزم على الناقد الانطلاق
من أفعال الأشخاص ومن النص الشعري، ثم الحكم عليه وفق السياقات المختلفة.
يختم أرسطو كتابه بالموازنة بين الملحمة والمأساة موازنة يعتبر فيها
الملحمة أقل ابتذالا. والمأساة تمتاز بشدة الوضوح كما أن لها ميزة تحقيق
المحاكاة تحقيقا كاملا. والمأساة أعلى مرتبة من الملحمة، لغنى عناصرها
ولتمثيلها الأوفر للحياة وإيجازها المقدر طولا وزمنا، وكذا الوحدة والتماسك
المميزان لها.
يقدم أرسطو في بداية كتابه،
كلا من الملحمة والمأساة واللهاة، كضرب من المحاكاة، على أن هذه المحاكاة
(الفن) تنقسم إلى أنواع ثلاثة؛ فمنها ما يحاكي بوسائل مختلفة، ومنها ما
يحاكي بموضوعات متباينة. ثم النوع الثالث، وهو الذي يحاكي بأسلوب متمايز.
وما يميز المحاكاة عن غيرها من الفنون، هو كونها تعتمد على الإيقاع، أو
اللغة، أو الانسجام، أو بها مجتمعة. ومن ثم يمكن التمييز بين النثر والشعر،
ثم بين شاعر مجيد، وآخر ينظم وزنا لا غير.
والشاعر المحاكي، عند أرسطو، إما يسلك منهج محاكاة الفضلاء من الناس، وإما
محاكاة الأشرار منهم، لأجل ذلك، قسم أرسطو الشعراء، حسب الطباع، إلى ذوي
النفوس النبيلة، وهم من يحاكي الفعال النبيلة. وذوي النفوس الخسيسة، وهم من
يحاكي أفعال الأذنياء. أما مهمة الشاعر الحقيقية، عند أرسطو، فهي ليست في
رواية الأمور كما هي واقعة فعلا، بل رواية ما يمكن أن يقع. وهذا ما الذي
يجعل الشعر أوفر حظا من الفلسفة والتاريخ، علاوة على الرؤية الكلية للشعر.
ويطرح أرسطو قضية أخرى تهم إمكانية وقوع الأحداث التي اختارها الشاعر فعلا،
وهذا عنده لا يمنع من قيمة شاعريته، لكونه يتميز بالمحاكاة. وأسلوب الشاعر
في المحاكاة إما أن يكون الحديث على لسان شخص آخر، وإما محاكاة وتصوير
الأشخاص وهم يفعلون.
يرجع أرسطو نشأة الشعر إلى سببين رئيسين: سبب طبيعي، يرى من خلاله أن الشعر
غريزة في الإنسان منذ الطفولة كما أنه أكثر استعدادا للمحاكاة عن باقي
الحيوانات. وسبب ثان، وهو ما سماه بلذة التعلم، وهو امتياز يتقاسمه سائر
الناس.
ينتقل أرسطو بعد كل هذا، إلى تقديم تعريفات لكل من الملهاة والملحمة
والمأساة؛ فأما الملهاة، فهي محاكاة الأراذل من الناس، في الجانب الهزلي،
الذي هو نقيصة وقبح، لكن بغير إحداث الألم. والملهاة نظرا لقلة شأنها وعدم
الاعتناء بها ظلت مجهولة النشأة. في حين أن الملحمة، هي المغايرة للمأساة،
من ناحية محاكاة الناس الأفاضل، لكنها لا تسايرها من ناحية الوزن والطول.
وهي تعتمد وزنا واحد، كما أنها لا تحد بزمان، وهي علاوة على ذلك، إما بسيطة
وإما مركبة وإما أخلاقية وإما انفعالية شأنها شأن المأساة. أما المأساة،
فهي فعل نبيل، ولها طول معلوم، لغة جميلة. ثم إنها تطلب، حسب أرسطو، وحدة
الفعل وتمامه، كما أنها تتم عن طريق أشخاص يفعلون، وهي تثير الرحمة والخوف،
فتؤدي إلى التطهير من هذه الانفعالات، بإيقاع ولحن ونشيد. ومن بين أجزائها
يذكر أرسطو: المنظر المسرحي، والنشيد (الموسيقى)، والمقولة (تركيب
الأوزان)، وهي عناصر خارجية تتعلق بالممثلين، وتتضمن كذلك عناصر باطنية تهم
الخرافة والأخلاق والفعل، وتتعلق بالمؤلفين أيضا.
يقسم أرسطو المأساة من ناحية الشكل إلى: مدخل، ودخيلة ، ثم مخرج ويليها
المقام فالمناحة أو المرثية. وكل مأساة، علاوة على هذا، تنقسم إلى جزئين:
الأول، يسمى العقدة؛ وهو القسم الذي يبدأ ببدايتها ويستمر حتى الجزء
الأخير، الذي يصدر منه التحول إما إلى السعادة وإما إلى الشقاوة. والثاني،
وهو الحل الذي يضم القسم المبتدئ بالتحول حتى النهاية، بناء على ذلك، تقسم
الآسي إلى أربعة أنواع: فإما متشابكة تقوم على التحول والتعرف. وإما
انفعالية وإما أخلاقية، كما أنها قد تكون ملتجئة إلى الكائنات العجيبة.
إن الأفعال والخرافة ضروريان في المأساة، فهما الغاية منها، لكن قد نجد
مأساة بغير أخلاق، أما أن نجدها بدون فعل، فلا. ومن ناحية أهمية هذه
العناصر بالنسبة للمأساة، يجعل أرسطو الخرافة مبدأها وروحها، فيما تأتي
الأخلاق في المرتبة الثانية، والفكرة ثالثا؛ وهي القدرة على إيجاد اللغة
التي يقتضيها الموقف، وبعدها تأتي المقولة، باعتبارها ترجمة عن الفكرة
بالألفاظ، وهي لها نفس خصائص ما يكتب نظما ونثرا، والمقولة عند أرسطو
أجزاء: 1.الحرف الهجائي، وهو صوت غير مقسوم، ويدخل بطبيعته في تركيب الصوت
المركب، والحروف عنده إما مصوتات، وهي التي لها صوت مسموع من غير تقارب
الشفاه. ونصف المصوتات؛ وهي الحرف المسموع مع التقارب، والصوامت وهي التي
فيها تقارب لكن ليس لها صوت مسموع.
2. المقطع: وهو صوت خال من المعنى، مؤلف من مصوت وصامت.
3. الرباط: وهو تقارب صوت خال من المعنى لا يمنع التركيب ولا يؤدي إليه تركيب عبارة واحدة ذات مدلول، بمساعدة عدة أصوات.
4. الأداة: وهي صوت خال من المعنى يدل عل الابتداء أو الانتهاء أو تقسيم الجملة.
5. الإسم: وهو لفظ أو صوت مركب من أصوات له معنى خلو من الزمان ولا جزء يفيد منه معنى بنفسه.
6. الفعل: صوت مركب من أصوات، له معنى، ويدل على الزمن.
7. التصريف: ويتعلق بالاسم أو الفعل، ويدل إما عل الإفراد أو الجمع أو نو الكلام (استفهام أو أمر).
8. القول: مركب من أصوات، دال، كثير من أجزائه له معنى بنفسه.
يقسم أرسطو الفعل إلى بسيط ومركب؛ فأما البسيط فهو الذي يكون محكما وواحدا،
كما أن المصير يتغير دون تحول أو تعرف، في حين أن المركب هو الذي يكون فيه
المصير قد تم بفعل التعرف أو التحول، أو كليهما معا. فما تعريف أرسطو لكل
من التحول والتعرف وما قوله فيهما؟
يعرف أرسطو التحول بكونه انقلاب الفعل إلى ضده، تبعا لاحتمال أو الضرورة"،
أما التعرف فيعرفه بكونه انتقال من الجهل إلى المعرفة يؤدي إلى الانتقال،
إما من الكراهية إلى المحبة، وإما من المحبة إلى الكراهية، ويجعل أجمل
أنواعه ما كان مصحوبا بتحول. إلى جانب التحول يقسم أرسطو التعرف إلى أنواع:
أولها التعرف بالعلامات الخارجية وهي إما مكتسبة أو فطرية، وثانيها التي
يرتبها الشاعر، وهي تكون بعيدة عن الفن. وثالثها التعرف الذي يتم بالذاكرة،
عندما نتعرف شيئا حين نراه فنتذكره. ورابعها التعرف عن طريق القياس، ويقدم
أرسطو لهذا النوع المثال التالي من مسرحية "حملة الماء المقدس": "أتى رجل
يشبهني، ولا يشبهني غير أورسطس، إذن أورسطس هو القادمّ. بالإضافة إلى نوع
آخر يرى أنه يتم عن طريق خط في استدلال الجمهور.
أما الأسماء فهي عنده عل نوعين: مركبة أو بسيطة. فالمركبة ما ركب من جزء
دال أو جزء غير دال أو أكثر من جزء. كما أن الاسم إما شائع، أو غريب أو
مجازي أو مخترع أو مطول أو موجز أو مذكر أو مؤنث. ويرى أرسطو أن تأليف
الحكاية في أحمل المآسي، يستوجب أن يكون مركبا؛ بحيث يتم المصير إما بفعل
التحول أو التعرف، أو بهما معا. ثم أن تحاكي المأساة وقائع تثير الخوف
والرحمة، ومن ثم يجب ألا يظهر الأخيار في المحاكاة متنقلين من السعادة إلى
الشقاوة، فهذا يثير الاشمئزاز ولا يثير الشفقة والخوف. كما يجب في الحكاية،
عند أرسطو، أن تنتهي بحل واحد؛ فهي بذلك بسيطة وليست مزدوجة.
أما الأخلاق والشخصيات، فهي عنده، على أربعة أنواع؛ فإما فاضلة وإما
التوافق، حين يلزم الرجولة للرجل لا للمرأة مثلا، وإما مشابهة وهي عدم جعل
الخلق كريما ومشابها، أما الرابعة، فهي الثبات؛ أي أن يظل الشخص غير
المنطقي كذلك. يتوجب على الشاعر المؤلف للحكايا أن يستحضر المواقف التي
يرقبها قصد رؤيتها بوضوح تام،وهذا ما يفع عنها مدعاة النفور والاضطراب. كما
يجب عليه أن يتمثل مواقف أشخاصه، وحركاتهم قدر استطاعته "فأقدر الشعراء هم
أولئك الذين يشاركون أشخاصهم مشاعرهم لما بينهم وبين الناس من تشابه".
فأرسطو يحاول أن يبين هنا أن على الشاعر أن يكو صادقا في مشاعره، آمنا في
التعبير عن مواقفه، وهذا هو الشاعر الحق. بالإضافة إلى ماسبق، وفي إطار
المنهج، يذهب أرسطو إلى أن على الشعر أثناء تأليف الحكاية، أن ينطلق من
الفكرة الأساسية للموضوع المطروح.
إن المكان الطبيعي للفكر عند أرسطو يتجسد في الرسائل الخطابية. والفكر عنده
أجزاء، وهي: البرهنة والتقليد وإثارة الانفعالات، مثل الرحمة والخوف
والغضب والتعظيم والتحقير. أما القول فضروبه موضوع للبحث التي لا يلزم على
الشاعر منعرفتها، وإنما هي من شن علم فن الشعر. وبخصوص عمل الشاعر، فيتجلى
في الالتزام بالوضوح والحلية في القول، فالصفة الجوهرية في لغة القول،
تكون واضحة دون أن تكونن مبتذلة، كما يشترط فيها النبل حتى في العبارات
الغريبة الموضفة مندارجة أو أعجمية أو مجازية. إن أرسطو ينحو إلى الوساطة
في استعمال الألفاظ فلا يفرط الشاعر في استعمال التطويلات أو الإيجازات أو
التغييرات في الأسماء، فيصير ذا أثر مضحك، ولا يكون شحيحا في توظيف هذه
الآلية لدرجة التفريط. على أن البراعة والجدة في توظيف آليات القول الشعري
هي الأساس.
إن الخطأ في القول الشعري، حسب أسطو، قد يأتي لسببين، أولهما متعلق بفن
الشعر نفسه، ويتجلى في خالة فشل الشاعر في محاكاة أمر ما لعجزه. وثانيهما
عرضي، وهو ما نجده مثلا في خطأ راجع إلى علم خاص كالطب مثلا، وهنا الأمر لا
يتعلق بالشاعر فأمره لأهل الطب. يؤاخذ أرسطو على النقد، دعواه إلى ضرورة
انطباقا الواقع مع الحقيقة، فالشاعر يجب عليه أن يصور الأشياء كما يجب أن
تكون لا كما هي كائنة بالضرورة.
يدعو أرسطو إلى ضرورة أخذ السياق الكلامي بعين الاعتبار في محاولة فهم معنى
القول الشعري، أو الحكم عليه بالرداءة أو الجدة واستحضار رؤى الشخصيات
التي تفعل وسياقات فعلها. ويجب أن لا ينطلق الناقد من رؤى سابقة ثم يبحث
لها عن مبررات، بل أن يستنبط الأحكام بعد التتبع والدراسة. لذلك فمن أنواع
النقد التي قد نجدها إذذاك وجهت إلى الشاعر: المستحيل وغير المحتمل والخسيس
والمتناقض، والمخالف لمقتضيات الفن، وهذا ما يستلزم على الناقد الانطلاق
من أفعال الأشخاص ومن النص الشعري، ثم الحكم عليه وفق السياقات المختلفة.
يختم أرسطو كتابه بالموازنة بين الملحمة والمأساة موازنة يعتبر فيها
الملحمة أقل ابتذالا. والمأساة تمتاز بشدة الوضوح كما أن لها ميزة تحقيق
المحاكاة تحقيقا كاملا. والمأساة أعلى مرتبة من الملحمة، لغنى عناصرها
ولتمثيلها الأوفر للحياة وإيجازها المقدر طولا وزمنا، وكذا الوحدة والتماسك
المميزان لها.