منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    بين دراسة الأدب ودراسة النقد/

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    بين دراسة الأدب ودراسة النقد/ Empty بين دراسة الأدب ودراسة النقد/

    مُساهمة   الأربعاء يناير 06, 2010 10:32 am




    بين دراسة الأدب ودراسة النقد/ 1193 بين دراسة الأدب ودراسة النقد/ قراءة في كتاب “تاريخ تلقي الشعر العربي القديم” لمحمد مساعدي


    بين دراسة الأدب ودراسة النقد/ Xml د. عبدالواحد المرابط20 مارس 2009



    * أجزاء الكتاب

    صدر
    كتاب “تاريخ الشعر العربي القديم- نماذج من تلقي أبي نواس” للدكتور محمد
    مساعدي، ضمن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس سنة 2005. وهو
    يقع في 233 صفحة من الحجم المتوسط، حيث يشمل قسمين، أولهما نظري والثاني
    تطبيقي؛ تتصدرهما مقدمتان، الأولى للمؤلف، والثانية بقلم الدكتور حميد
    لحمداني؛ وتليهما خاتمة، ثم قوائم توثق المصادر والمراجع والمصطلحات
    والمحتويات([1]).

    في
    المقدمة، بسط المؤلف الأرضية الفكرية والمعرفية والمنهجية التي يشتغل
    عليها، ثم انتقل بعد ذلك إلى الحديث عن الخطوات والإجراءات المنهجية التي
    يعتمدها في أقسام الكتاب وفصوله. وقد توافر لهذه المقدمة من الوضوح والقصد
    والاقتصاد في اللغة ما يجعلها تأسر القارئ المهتم وتدفعه إلى قراءة مجموع
    الكتاب.

    القسم
    النظري يضم فصلين: فصل أول خُصَّ برصد التحولات التي عرفتها الدراسة
    الأدبية خلال القرن العشرين، وفصل ثان خُصَّ بعرض بديل منهجي لتجديد تاريخ
    الأدب، تمثل في تصورات هانس روبير ياوس (H.R.Jauss) في مجال تاريخ الأدب، مع مناقشة موسَّعة لتلك التصورات وأسسها وأبعادها وسياقها المعرفي والتاريخي.

    أما
    القسم الثاني- وهو يغطي نصف صفحات الكتاب- فيشمل مدخلا وستة فصول: خُصِّص
    المدخل لإبراز الملامح العامة لأفق توقع القراء القدامى، لغويين وبلاغيين
    ونقاد؛ وهو الأفق الذي تشكل انطلاقا من المقومات والتقاليد الفنية
    والثقافية التي رسخها الشعر العربي القديم، والجاهلي تحديدا. أما الفصول
    الستة التي تلي المدخل، فهي جميعها تتعلق بفحص العلاقة بين شعر أبي نواس
    وقـُرَّائه المتعاقبين تاريخيا، غير أن كل فصل منها قد خُص بالنظر في هذه
    العلاقة من زاوية أحد المكونات الأساس للشعرية العربية القديمة؛ تلك
    المكونات التي تمثل “مذهب الأوائل”، والتي استجمعها المرزوقي
    في ما سماه “عمود الشعر”. وبذلك توزعت الفصول على عناصر ستة هي: المعنى،
    واللفظ، والوصف، والتشبيه، والاستعارة، ومبنى القصيدة.

    وفي
    الخاتمة، استجمع المؤلف أبرز خلاصاته ونتائجه وملاحظاته، رابطا كل ذلك
    بالمنطلقات المعرفية والمنهجية التي بسطها في المقدمة وفي القسم النظري.
    ولم يهمل المؤلف بعد ذلك وضع قائمة للمصادر والمراجع التي اعتمدها وثَبْتٍ
    لأبرز المصطلحات المستعملة داخل الكتاب.

    هذه
    إذن هي الخطوات الكبرى التي جاء عليها كتاب الدكتور محمد مساعدي والتصميم
    العام لأجزائه وأقسامه وفصوله؛ وهو تصميم يتسم بالنسقية والوضوح، ويعكس
    دون شك ما بلغه المؤلف من صفاء ووضوح في التعاطي مع موضوعه.



    * مداخل القراءة

    هناك-
    فيما نرى- أربعة محددات معرفية يمكن اعتماد أي منها مدخلا لقراءة هذا
    الكتاب: المحدد الأول هو “النقد الأدبي”، والثاني هو “تاريخ الأدب”،
    والثالث هو “نقد النقد”، والرابع هو “تاريخ النقد”.

    ولعل
    ما يسمح بتعدد المداخل هذا هو الطبيعة التركيبية للعمل نفسه، وذلك سواء
    بالنظر إلى موضوعه أم إلى منهجه: فالموضوع يشمل شعر أبي نواس، ويشمل في
    نفس الوقت مجموعَ النقد الذي تناول هذا الشعر بصفة كلية أو جزئية، ومن ثم
    فالاشتغالات التي اضطلع بها المؤلف في هذا الكتاب تجعله دراسا للأدب
    ودراسا للنقد في نفس الوقت، أي أنه يبحث في الأدب المتمثل في شعر أبي
    نواس، كما يبحث أيضا في الدراسات النقدية المتعلقة بذلك الشعر؛ ذلك لأن
    التصورات والأعمال المتعلقة بشعر أبي نواس لم تـَمْثـُل في كتاب مساعدي
    باعتبارها مراجع جانبية يستأنس بها في دراسته لذلك الشعر، بقدر ما جسدت-
    هي ذاتها- موضوعا رئيسا إلى جانب شعر أبي نواس.

    ومن
    جهة أخرى، فقد أخضع المؤلف دراسته لمنظور تاريخي ضاغط على الصعيد المنهجي،
    إذ اعتبر شعرَ أبي نواس تجربة فنية وظاهرة إبداعية ذات جذور وامتدادات في
    المتن الشعري العربي، وذات ارتباط بسياقات تاريخية وتحولات اجتماعية
    وثقافية، فضلا عن تداعياتها باعتبارها قضيةَ حداثةٍ ظلت موضع اهتمام ومحط
    بحث ونقاش وبؤرة جدال وسجال في النقد العربي إلى عصرنا هذا.

    كما
    أن المؤلف، وهو يتناول التصورات والمواقف النقدية المرتبطة بشعر أبي نواس،
    قد أخضعها لمنظور زمني يستجلي تعاقبها التاريخي ويستقصي تحولها منذ القرن
    الثاني الهجري إلى أواخر القرن العشرين الميلادي.

    إن
    المحددات المشار إليها أعلاه ترسم- كما قلنا- أربعة مداخل إلى كتاب
    الدكتور محمد مساعدي: مدخل النقد الأدبي، ومدخل تاريخ الأدب، ومدخل نقد
    النقد، ومدخل تاريخ النقد؛ وهي مداخل قد تجتمع في مبحثين: مبحث دراسة
    الأدب، ومبحث دراسة النقد. وبما أننا لا نريد التركيز على مدخل دون آخر،
    فسنقدم إشارات سريعة دالة إلى كل منها، مع ما يستوجب ذلك من ملاحظات
    وتعليقات، حتى تتضح للقارئ أبعاد هذا الكتاب وتتفتح زواياه وتنكشف جوانبه،
    وحتى نصل بعد ذلك إلى مناقشة خلفيته الفكرية وقضاياه المنهجية.

    1- النقد الأدبي

    في المقدمة التي وضعها محمد مساعدي لكتابه، أشار إلى أن موضوع دراسته هو “التراث الشعري القديم من خلال شعر أبي نواس”([2])،
    وبذلك فقد حدد للعمل بعدا نقديا نجده يتجسد في مختلف فصول القسم التطبيقي،
    من خلال تصوراته وآرائه وتحاليل تتصل مباشرة بالشعر المدروس:

    ففي
    الفصل التطبيقي الأول، المتعلق بـ”معيار المعنى ومظاهر الامتثال له أو
    العدول عنه في شعر أبي نواس”، يقدم المؤلف تدقيقات وتوضيحات حول “شرف
    المعنى وصحته”، وفق ما قاله القاضي الجرجاني والمرزوقي وغيرهما ممن عرضوا
    لعمود الشعر العربي، ثم تحدث عن ردود فعل القراء تجاه معاني شعر أبي نواس؛
    بيد أنه ألحق بذلك كله تحليلَه الخاص والراهن لبيت من شعر أبي نواس في
    المدح، وهو:

    أخفت أهل الشرك حتى إنه * لتخافك النطف التي لم تخلق

    فقد
    ذهب إلى أن هذا البيت ينتقي عناصر من الواقع يعرفها الجميع (الخوف/ أهل
    الشرك/ النطف)، ويدمجها في بنية تركيبية فنية يتداخل فيها الممكن
    بالمستحيل، فينتج عن ذالك عالم تخييلي هو ما يحقق شعرية هذا البيت([3]).

    وقد
    سار المؤلف على هذا النهج في باقي الفصول التطبيقية، حيث حلل نصوصا ونماذج
    من شعر أبي نواس في كل فصل حسب مُخَصِّصِهِ من بنود عمود الشعر المذكورة
    سالفا:

    في الفصل الثاني المتعلق بمعيار اللفظ، يعالج بيتا شعريا نواسيا من منظور سيميولوجي تفكيكي يعتبر الشعرَ والأدبَ مجالا للمساءلة الدائمة والخلخلةِ المستمرة وزحزحةِ الأفكار المسبقة المترسبة في ذاكرة القارئ([4]).

    وفي
    الفصل الثالث المتعلق بمعيار الوصف، يحلل قصيدة وصفية نواسية من منظور
    تصورات إيزر حول “الواقعي والتخييلي والخيالي”، منتهيا إلى أنها تجربة
    تخييلية مفتوحة على خيال القراء وتمثلاتهم([5]).

    وفي
    الفصل الرابع المتعلق بمعيار التشبيه، يستحضر المعطيات النظرية المتعلقة
    بالتخييل، ليعالج الصورة الشعري النواسية وما يطبعها من إغراب وإبعاد بين
    طرفي التشبيه([6]).

    وفي
    الفصل الخامس المتعلق بمعيار الاستعارة، يدرس أبياتا من شعر أبي نواس يبرز
    فيها البناء التخييلي القائم على الملاءمة الخفية بين المستعار منه
    المستعار له وتأثيرها في مخيلة القارئ([7]).

    أما
    في الفصل السادس، فقد قدم مساعدي دراسة مستوفية- نسبيا- لـبنية القصيدة
    النواسية من خلال مجموعة من القصائد الشعرية، فتأول تلك البنية في ضوء
    التقابل بين”الثقافي” و”الطبيعي”، حيث اعتبر الأطلال في القصيدة رمزا
    ثقافيا موروثا، والخمرة رمزا طبيعيا يجسد ثورة على الثقافة الموروثة([8])؛
    فخلص إلى أن “جوهر رؤية أبي نواس للوجود من خلال شعره تقوم من جهة على
    الثورة على القيم السوسيو- ثقافية التي تـُعَد الأطلال بعض رموزها، وتقوم
    من جهة أخرى على الحنين إلى العفوية والتلقائية والإنصات لرغبات الذات،
    وهو يفسر ميل أبي نواس إلى الخمرة وتفضيلها على الأطلال”([9]).

    هكذا
    امتد الاشتغال النقدي في مختلف فصول القسم التطبيقي من الكتاب، وذلك في
    شكل تحليلات وتأويلات ودراسات لنصوص أو مقاطع أو أبيات من شعر أبي نواس.
    ففي الفصل الأول استحضر معطيات أنتروبولوجية أبرز من خلالها التفاعل بين
    العناصر الواقعية والعناصر الخيالية في الشعر، وكذلك فعل في الفصول
    الأخرى، حيث استند إلى مفاهيم “الواقعي” و”التخييلي” والخيالي”،
    وطَعَّمَها أحيانا بتصورات سيميائية (الفصل الثاني) وأخرى سوسيو- ثقافية
    (الفصل السادس). وفي كل الفصول الستة التي ضمها القسم التطبيقي من الكتاب،
    كان يركز على أحد جوانب عمود الشعر المعتمدة من حيث التنظيم والتبويب([10]).

    وهكذا،
    فإن فرزنا هذه التحليلات والتأويلات النقدية، وأخرجناها من مواضيعها داخل
    الفصول، فوضعناها بعضها إلى جانب بعض، تبينت لنا قراءة محمد مساعدي الخاصة
    لشعر أبي نواس، على صعيد المعاني والألفاظ والصور الشعرية والمبنى العام،
    وهي قراءة تأويلية تركز- كما قلنا- على العناصر الواقعية والتخييلية في
    الشعر، وما تفضي إليه من دلالات يساهم القارئ في بنائها.

    وقد
    أفرد مساعدي في القسم النظري- وتحديدا في الفصل الثاني- محورا خصه بالحديث
    عن آليات قراءته الخاصة لشعر أبي نواس، حيث انطلق فيها من الأسئلة النقدية
    المرتبطة بثنائيات أساسية، هي: اللغة المعيارية /اللغة الشعرية؛ الحضور/
    الغياب؛ الطبيعي /الثقافي([11]).

    تعكس
    الثنائية الأولى تصورات الشكلانيين الروس وبنيوي براغ وفرنسا والسيميائيين
    عموما، حيث يتم تمييز الأدب باعتباره استعمالا نوعيا للغة. وقد ركز مساعدي
    في حديثه عن هذه اللغة على تصورات رولان بارط في كتابه “درس
    السيميولوجيا”، وهي تصورات سيميائية ذات منحى تفكيكي، تعتبر الأدب خلخلة
    دائمة لمنطق اللغة وسلطتها، وفتحا للمعنى أمام فعالية القارئ[12].“

    أما الثنائية الثانية فهي بدورها تعكس التصورات السيميائية ذات المنحى التفكيكي، والتي تتحرك من خلال مفاهيم مثل “التناص” و”الإيحاء”.

    وأما الثنائية الأخيرة فهي تعكس تصورات الأنتروبولوجيا البنيوية، ذات الأدوات اللسانية.

    غير أن أبرز المرجعيات النظرية والمنهجية التي استند إليها مساعدي في قراءته لأشعار أبي نواس تمثلت في تصورات ﭬولفغانغ إيزرWolfgang Iser ،
    سواء منها تلك التي جاءت في كتابه “فعل القراءة”، أم تلك التي اقترحها في
    كتابه “التخييلي والخيالي من منظور أنتروبولوجيا الأدبية”.

    فقد
    اهتم إيزر بالعلاقة بين النص الأدبي والقارئ، وذلك من منظور تداولي استحضر
    فيه معطيات فلسفة اللغة واللسانيات التداولية والفلسفة الظاهراتية. فالنص
    الأدبي- بالنسبة إليه- عبارة عن تشكـُّل تخيلي (une formation fictive)
    لعناصر منتقاة من الواقع يتـم تغييرُها عن طريق الاختزال والتحويل، مما
    يجعلها تنفصل عن سياقها الأصلي لتدخل في علاقات جديدة يساهم القارئ في
    رسمها وتنظيمها وتأويلها في نهاية المطاف.

    لقد قدم إيزر نظريته التأويلية التداولية انطلاقا من عناصر ثلاثة، هي النص والقراءة ثم التفاعل (interaction)
    بينهما: النص باعتباره ذخيرة للعناصر الواقعية التي تم انتقاؤها وتحويلها،
    أي باعتباره إستراتجية تعطي لعناصر الذخيرة هوية داخل النص، وتقدم
    إمكانيات توليفية جديدة؛ والقراءة باعتبارها وجهة نظر جوالة (point de vue mobile)
    تتنقل عبر المنظورات التي تقترحها استراتيجيات للنص؛ ثم التفاعل باعتباره
    تكاملا بين بنية النص وبنية القراءة في تحقيق تواصل أدبي ذي طبيعة خاصة([13]).

    وقد
    زاد إيزر هذه التصورات عمقا ووضوحا في كتابه “التخييلي والخيالي”، حيث
    انتقل من المعالجة التجريدية للفعالية الذهنية التي تطبع القراءة، إلى
    معالجة الدور العلمي الذي تؤديه الأعمال الأدبية في حياة الإنسان، وذلك من
    منظور انتروبولوجي تفاعلي يُبْرز علاقات التداخل والتشابك القائمة بين
    الواقع والخيال، ودورَ عملية التخييل في ذلك([14]).

    فالفعل
    التخييلي، بفضل ما يقوم به من انتقاء وتركيب وكشف ذاتي، يقود الواقعي نحو
    الخيالي ويقود الخيالي نحو الواقعي: فهو من جهة يعيد إنتاج العناصر
    الواقعية لبناء مواقف وتجارب جديدة لا يمكن ردها إلى الواقع ولا فصلها
    عنه، إذ تصبح عناصر نصية، أي علامات مترابطة فيما بينها تشكل عالما خياليا
    قائما على الاحتمال؛ وهو من جهة أخرى يُقَوِّي الاحتمالات ويدعم إمكانات
    الربط والتأويل([15]).

    لقد استوحى محمد مساعدي الإطار العام للأنتروبولوجية الأدبية التي اقترحها إيزر، ثم طعمها بتصورات سيميائية تعضدها وتواكبها([16])،
    فقدم بناء على ذلك قراءتـَه الخاصة لشعر أبي نواس، عطفا على القراءات
    السابقة لهذا الشعر؛ لذلك اعتبرنا النقد الأدبي يشكل بعدا أساسيا في هذا
    الكتاب ومدخلا هاما من مداخل قراءته.

    2- تاريخ الأدب

    أقام
    محمد مساعدي مشروعه في هذا الكتاب على اختيار منهجي واضح، وهذا الاختيار
    بقدر ما نحا منحى نقديا، انخرط أيضا في تاريخ الأدب. ويتأكد لنا هذا الأمر
    سواء بالرجوع إلى تصريحات المؤلف في مقدمة الكتاب، أم بالنظر إلى المعطيات
    النظرية المستحضرة في قسمه الأول (النظري)، أم بتتبع طبيعة الاشتغال
    النقدي ومناحيه داخل فصول القسم الثاني (التطبيقي).

    ففي
    المقدمة يشير المؤلف إلى أن الرؤيا التي تحكم دراسته “رؤية تأريخية
    إبستيمولجية تتجه بالأساس إلى رصد أشكال التفاعل بين النص الشعري وقراءه
    المتعاقبين”([17]).

    كما
    أنه في القسم النظري- وتحديدا في الفصل الثاني منه- يتحدث عن المراحل التي
    قطعتها منهجية تاريخ الأدب، حيث يشير إلى المرحلة المثالية المتسمة
    بالنزعة الإطلاقية والغائية، وإلى المرحلة الوضعية التي تختزل العمل
    الأدبي داخل شبكة التأثيرات وتهتم بالسياق الأدبي دون الأدب نفسه([18]).
    ويخلص المؤلف بعد ذلك إلى الحديث عن منهج فينومينولوجي (ظاهراتي) يؤرخ
    للأدب من خلال التفاعل التاريخي بين القراء والنصوص، وهو منهج تمثله
    تصورات هانس روبير ياوس، وتدور في فلكه تصورات منظري نظريات التلقي عموما([19]).

    أما
    في القسم التطبيقي فإننا نلحظ خيطا رفيعا يَعْبُرُ حلقات تاريخ الشعر
    العربي القديم ويستجمعها من خلال قضية تاريخية حقا وحقيقةً، ألا وهي قضية
    التقليد والتجديد في الشعر العربي؛ وما تجربة أبي نواس في هذا الصدد إلا
    محطة تدل على ما قبلها وتشير إلى ما بعدها. وقد قال المؤلف عنها إنها
    تجربة “تختزل تعدد التجربة الشعرية وتنوعها عند العرب القدامى قاطبة”([20]).

    الظاهرة
    الإبداعية المدروسة، والنصوص التي تمت معالجتها باعتبارها تجسد تلك
    الظاهرة أو تمثلها، كل ذلك شكَّل علامة بارزة وتحولا ملحوظا في تاريخ
    الشعر العربي والأدب العربي عموما. إن شعر أبي نواس، في جانب منه، يلتزم
    بالمذهب الذي سنه الشعراء الأوائل، وفي جانب آخر يثور ضد ذلك المذهب جزئيا
    أو كليا. وهو حتى في ثورته تلك يسير- كما لاحظ مساعدي- مسار شعراء سبقوه
    إلى ذلك، ومنهم بشار بن برد (تـ 168 هـ).

    إن
    من يقرأ هذا القسم التطبيقي في كتاب مساعدي يستخلص صورة واضحة عن تاريخ
    الشعر العربي القديم، حتى وإن كان ذلك من خلال تجربة واحدة هي تجربة أبي
    نواس. وإذا كان من غير الممكن أن ننقل إلى هذه الدراسة كل ما أورده المؤلف
    في هذا الصدد، فيمكن على كل حال أن نتأمل بعض المقاطع:

    فقد
    رأى المؤلف أن معظم الشعراء القدامى “كان حريصا على الالتزام بمذهب
    الأوائل لتلبية رغبة النقاد، لكن بعضهم اختار لنفسه طريقة مغايرة عدلت في
    بعض جوانبها عن نهج الأسلاف، ومَكَّنت من توسيع نطاق التجربة الشعرية”؛
    وأن هذه التجربة “أخذت تتسع مع الزمن، وتتسع معها الهوة بين الشعراء الذين
    حرصوا على ارتياد آفاق جديدة، أمثال بشار بن برد وأبي نواس وأبي تمام”.
    “وقد تبلور مع تجربة المحدثين خطاب نقدي جديد، وأسئلة جديدة من قبيل:
    الغموض، الإحالة، الإغراق، التوعر، البديع، السرقات…إلخ”([21]).

    يتعلق
    الأمر هنا بعمل تأريخي يتتبع المسارَ الذي قطعه الشعر العربي قديما، حيث
    لا يسع القارئ أن يستوعب ظاهرة شعر أبي نواس إلا في سياق تاريخي طويل
    وغني، لأن تغييب ذلك السياق يُفقد تلك الظاهرة معناها ودلالاتها.

    نخلص
    إذن إلى أن المؤلف قد اشتغل في هذا الكتاب باعتباره مؤرخا للأدب، فضلا عن
    اشتغاله ناقدا أدبيا؛ وهو في تأريخ الأدب قد اشتغل وفق مستويين متوازيين:
    أرَّخ للأدب من خلال تحليل الظاهرة الشعرية ورسم سياقها التاريخي، وأرخ
    للأدب- في نفس الوقت- من خلال تفاعل الشعر المدروس مع قرائه المتعاقبين
    تاريخيا.

    وتجدر
    الإشارة هنا إلى أن محمد مساعدي لم يدخل غمار تأريخ الشعر العربي هذا
    معتمدا على تصورات وأفكار عامة يستجمع بها الوقائع الأدبية وينظمها في
    تسلسل زمني ليقدم الحصيلة في الأخير على شكل تقرير، بل اتخذ موقفا نقديا
    واضحا تجاه مناهج تاريخ الأدب، وتسلح بعدة منهجية ومفاهيم نظرية تمثل آخر
    ثمرات البحث التاريخي في مجال الدراسة الأدبية على الصعيد العالمي. يتمثل
    ذلك في التصورات التي اقترحتها جمالية التلقي الألمانية خلال أواخر
    ستينيات القرن العشرين، وخصوصا منها تصورات ياوس المتعلقة بإعادة النظر في
    تاريخ الأدب الذي كان خاضعا للتصورات المثالية أو الوضعية، وللتطبيقات
    الشكلانية أو الماركسية.

    فقد
    اقترح ياوس منهجية جديدة لتاريخ الأدب تقوم على أسس ظاهراتية تأويلية
    (هيرمينوطيقية)، وتركز- من ثمة- على القراءات التي لقيتها نصوص الأدب عبر
    التاريخ، والمسارات الجمالية التي قطعتها تلك النصوص بفعل قرائها
    المتعاقبين، مع الأخذ بعين الاعتبار وعي مؤرخ الأدب نفسه ودوره في عملية
    التأريخ([22]).

    فمؤرخ
    الأدب- حسب هذه التصورات- يجب أن يقرأ النصوص الأدبية، ويتتبع قراءاتها
    على مر العصور، ثم يضيف إلى ذلك قراءته الخاصة الخاضعة لمعايير عصره،
    فيكون بذلك قد جمع بين البعد الجمالي الذي أهملته التصورات الماركسية،
    والبعد التاريخي الذي أهملته التصورات الشكلانية.

    وقد
    بلور ياوس تصوراته في مفاهيم أساسية، منها “أفق التوقع”، و”الانزياح
    الجمالي” و”المسافة الجمالية”. فأفق التوقع مفهوم ظاهراتي يدل على نسق
    الاستعدادات الموجودة في وعي القراء الأوائل الذين تفاعلوا مع العمل
    الأدبي وقت صدوره؛ وهي استعدادات تشكلها المعاير الجمالية الخاصة بالجنس
    الأدبي الذي ينتمي إليه العمل، وعلاقة ذلك العمل بأعمال الأخرى معروفة في
    سياقه التاريخي، والفروق القائمة في ذلك السياق بين اللغة العادية واللغة
    الأدبية.

    ولقد
    لقيتْ تصورات ياوس رواجا كبيرا في الأوساط الأوروبية والعربية، وساهمت في
    تحولات هامة عرفتها الدراسات الأدبية أواخر القرن العشرين.

    لكن
    هذه التصورات، على ما فيها من أصالة وجدة، وعلى ما تضطلع به من حلول
    لتطوير كتابة تاريخ الأدب، ظلت تفتقد إلى الأدوات الإجرائية التي يمكن
    اعتمادها في الدراسة المباشرة للقراءات والتلقيات والتأويلات، كما تفتقد
    أيضا إلى المعايير العلمية التي تمكن من قياس الانزياح الجمالي بين النص
    وأفق التوقع، ومن قياس المسافة الجمالية بين القراءة الأولى والأخيرة
    والتي تمثل التطور الأدبي. لذلك ظلت هذه الجوانب العملية في نظرية ياوس
    مفتوحة أمام اجتهادات النقاد والباحثين، وعلى ثقافاتهم الخاصة وخبراتهم في
    مجال الدراسة الأدبية.

    وهنا
    لابد من الإشارة إلى الحلول العملية التي اعتمدها محمد مساعدي لسد ثغرات
    مقترح ياوس في تأريخ الأدب من جهة، ولاستنباته في الثقافة العربية التي
    شكلت حِضن شعر أبي نواس من جهة أخرى. فقد استحضر العناصر التي شكلت عمود
    الشعر عند النقاد العرب القدامى، والتي استجمعها المرزوقي في شرحه لديوان
    الحماسة، باعتبارها تمثل مذهب الأوائل، كما يلي: شرف المعنى وصحته، جزالة
    اللفظ واستقامته، الإصابة في الوصف، المقاربة في التشبيه، التحام أجزاء
    النظم والتآمها على تخير من لذيذ الوزن، مناسبة المستعار منه للمستعار له،
    مشاكلة اللفظ للمعنى وشدة اقتضائهما حتى لا منافرة بينهما([23]).

    وباعتماد
    هذه العناصر الستة سلك مساعدي في فصوله التطبيقية خطة متدرجة، حيث خص كل
    فصل بفحص قراءات شعر أبي نواس انطلاقا من أحد العناصر المذكورة: الفصل
    الأول مثلا يتعلق بمعيار المعنى ومظاهر الامتثال له أو العدول عنه في شعر
    أبي نواس، حيث تمت دراسة المسافة الجمالية بين أفق شعر أبي نواس وأفق توقع
    القراء الأوائل على صعيد المعاني، وتتبع مسار تلقي هذا الشعر على الصعيد
    نفسه. وهذه الخطوات نفسها اتبعها في الفصل الثاني على صعيد الألفاظ، وفي
    الفصل الثالث على صعيد الوصف، وفي الفصل الرابع على الصعيد التشبيه، وفي
    الفصل الخامس على صعيد الاستعارة، وفي الفصل السادس على صعيد مبنى القصيدة.

    3- نقد النقد

    إن
    قارئ كتاب مساعدي، بقدر ما يتبن نقدا أدبيا مباشرا للنصوص الشعرية، وبقدر
    ما يتبين تأريخا أدبيا لتجربة أبي نواس، يتبين أيضا نقدا للنقد العربي
    الذي تطرق لشعر أبي نواس قديما وحديثا، وذلك في ظل قضية نقدية أساس هي
    قضية التجديد والتقليد، ومن خلال نظام متدرج تمثل أبوابَه عناصرُ عمود
    الشعر المشار إليها.

    فبحكم
    المقتضيات المنهجية المعتمدة، فحص مساعدي كمًّا هائلا من الأعمال النظرية
    والتصورات النقدية ذات الصلة بتجربة أبي نواس، فتناول هذا المتن النقدي
    بالتحليل والتفسير والتأطير والمناقشة. وهو متن كبير إذا علمنا أنه يضم
    آراء وتصورات ونظريات لكل من ابن الأعرابي وأبي عبيدة وابن قتيبة وقدامة
    بن جعفر والآمدي وابن رشيق وحازم القرطاجني وابن طباطبا العلوي والمبرد
    وابن الأثير وأبي هلال العسكري وغيرهم من القدماء، كما يضم آراء وتصورات
    ونظريات لكل من كمال أبو ديب وأدونيس وأحمد عبد الستار الجواري ومحمد
    مندور وعباس محمود العقاد ونجيب محمد البهبيتي وشوقي ضيف وطه أحمد إبراهيم
    وطه حسين وغيرهم من المحدثين والمعاصرين.

    خضعت
    كل تلك التصورات والآراء في كتاب مساعدي إلى التحليل والتأطير والتنظيم
    والمناقشة، وذلك على أرضية القضية المطروحة (تجربة أبي نواس)، وعلى وفق
    المستويات المدروسة حسب فصول الكتاب.

    وللتمثيل
    على ذلك، نكتفي بإيراد نموذج من كلام المؤلف، يجسد الاشتغال الميتا- نقدي
    عنده: “لقد ألح طه أحمد إبراهيم على أن أبا نواس وغيره من المحدثين، لم
    يوفقوا في تجديد الشعر العربي (…). وذهب محمد مندور بدوره إلى أن أبا نواس
    لم يخلق شعرا جديدا (…). إن هذا النمط من المواقف الذي يقوم على التمييز
    بين الشكل والمضمون، يرتكز على مسلمة كانت تؤطر أفق توقع النقاد القدامى:
    هي التمييز بين الجوهر والعرض الذي ترك بصماته على رؤيتهم للغة والمعنى.
    إن استمرار حضور هذا التمييز في المنهج التاريخي [هو يقصد هنا منهج طه
    إبراهيم ومحمد مندور على سبيل المثال] معناه أن هذا المنهج، رغم ارتكازه
    على تصور نظري ومنهجي واع بمنطلقاته وأهدافه، فإنه ظل في جوهره يرتكز على
    أبرز مقوم من مقومات الرؤية النقدية عند القدامى،…”([24]).

    فهذا
    نموذج دال على اشتغال المؤلف باعتباره ناقدا للنقد. وذلك لكون نقد النقد-
    في معناه الواسع- هو دراسة الأعمال أو التصورات النقدية وفق تصور معين،
    سواء أكانت تلك الدراسة جزئية أم شاملة، وسواء أكانت تنحو منحى التحليل أم
    التركيب والتأويل.

    وقد
    أشار الدكتور حميد لحمداني في تقديمه لهذا الكتاب إلى أن دراسة مساعدي
    تنتمي إلى ميدان نقد النقد، لأنها تشتغل على القراءات النقدية المتعلقة
    بشعر أبي نواس([25]).
    كما نجد مساعدي نفسه يخص فصلا في القسم النظري بالحديث عن النظرية الأدبية
    ومناهج النقد الأدبي، من حيث أسسها وتطورها؛ وهو بذلك يرسم إطار دراسته
    ويحدد موقفـَه ومنطلقَ رؤيتِه للنقد الأدبي عموما([26]).
    فهو لم يكن في نقده للنقد يعتمد الانطباعات أو الأحكام العامة، بل كان
    ينطلق من مفاهيم محددة، ويستعين بضوابط تنظيمية معينة: أهم تلك المفاهيم
    مفهوم “أفق التوقع” ومفهوم “الانزياح الجمالي”، وأهم تلك الضوابط تمثل في
    عناصر عمود الشعر التي أشرنا إليها.

    3- تاريخ النقد

    أرَّخَ المؤلف للنقد على صعيدين وفي مستويين: أما الصعيدان، فالأول هو المناهج النقدية الحديثة والمعاصرة،
    والثاني هو النقد العربي والقديم الحديث؛ وأما المستويان، فالأول نظري
    يرصد الإمدادات المنهجية وتحولاتها الكبرى، والثاني تطبيقي يفحص تحولات
    الآراء والتصورات النقدية في علاقتها بظاهرة إبداعية وتجربة شعرية محددة.

    يرسم
    المؤلف في مقدمة الكتاب صورة للتحولات المعرفية والمنهجية التي شهدها
    النقد الأدبي في القرن العشرين، إذ لَخَّص تلك التحولات في ثلاثة إبدالات:
    الإبدال الأول تهيمن فيه النزعة الوثوقية، ويستعين بمعطيات خارج- نصية
    لفهم دلالات النصوص الأدبية؛ والإبدال الثاني تطغى عليه الدراسة المحايثة؛
    والإبدال الثالث يقوم على مناهضة النزعة الوثوقية والدفاع عن النسبية.
    والمؤلف إذ يرسم هذه الإبدالات الثلاثة، يعتبرها مظهرا لتحولات مماثلة
    شهدها القرن العشرون على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية
    والفكرية وغيرها([27]).

    كما
    نجد في القسم النظري من الكتاب تتبعا دقيقا للمناهج النقدية والتحولات
    التي عرفتها في القرن العشرين، وذلك من خلال استعراض ناظِمٍ للاختيارات
    المنهجية التي تقاسمت الساحة النقدية. وقد لخَّص المؤلف تلك الاختيارات في
    أربعة محاور تمثل تاريخا للمناهج النقدية الحديثة والمعاصرة وهي:

    - محور النص والمؤلف؛

    - محور النص والواقع؛

    - محور النص واللغة؛

    - محور النص والتلقي([28]).

    أما
    في القسم التطبيقي فقد تتبع مساعدي مسار النقد العربي من القرن الثاني
    الهجري إلى أواخر القرن العشرين الميلادي، وذلك على أرضية شعر أبي نواس،
    وفي ضوء عناصر عمود الشعر التي تجسد مكونات الشعرية العربية القديمة؛ حيث
    يتبين ما عرفه الفكر النقدي العربي من تحولات في تعامله مع الظاهرة
    الشعرية، وفي تمثله لقيم الأخلاق والمعرفة والجمال. فقد استعرض المؤلف أهم
    القضايا والمحاور النقدية التي تشكل تاريخ النقد العربي القديم، والتي
    ألقت بظلالها على النقد العربي الحديث أيضا؛ ومن ذلك قضية القدماء
    والمحدثين، وقضية عمود الشعر، وقضية السرقات الشعرية، وقضية الخصومات
    الشعرية، وقضية الموازنة، وغير ذلك…



    هذه
    إذن مداخل أربعة إلى كتاب محمد مساعدي “تاريخ تلقي الشعر العربي القديم”،
    نرى كلا منها يفضي بالقارئ إلى رحاب هذه الدراسة الممتعة، التي اجتمع فيها
    التاريخ بالنقد، والنقد بنقد النقد، ونقد النقد بتاريخ النقد؛ والتي التقى
    فيها النقد العربي القديم بالنقد العربي الحديث. فهذا الكتاب- كما قال
    حميد لحمداني في تقديمه- “يجمع بصورة فريدة من حيث الموضوع بين دراسة
    النقد القديم والنقد الحديث وتحليل النص الشعري النواسي من زاوية نظر
    تأويلية”([29]).

    فالمداخل
    القرائية التي اقترحناها والروافد المعرفية المتنوعة التي بيناها،
    والامتدادات المنهجية التي أومأنا إليها، كل ذلك يقوم على وحدة مبحثية
    ونواة صلبة وتنظيم محكم، وعلى بناء حجاجي يوفر قدرا كبيرا من الفائدة
    والمتعة.



    * الأرضية الفكرية

    استعرض
    المؤلف أربعة مواقف متباينة يصدر عنها المفكرون العرب في تفاعلهم مع قضية
    التراث: موقف إحيائي يسعى إلى بعث الأمجاد العربية الضائعة؛ وموقف إتباعي
    يقتفي أثر الغرب ويحذو حذوه؛ وموقف توفيقي يسعى إلى بعث الجوانب المشرقة
    في التراث العربي، مع الاستفادة من العلوم والمعارف الغربية؛ ثم موقف رابع
    يقوم على نقد المواقف الثلاثة السابقة، فلا يُسَلـِّم بالفصل بين الماضي
    والحاضر.

    فهذا
    الموقف الرابع يرى أن الإحيائيين يرتمون كلية في التراث ويتوهمون أن هذا
    التراث عبارة عن كتلة أو حمولة يمكن نقلها من الماضي ووضعها في الحاضر؛
    ويرى من جهة ثانية أن الاتباعيين يكرسون التبعية للغرب ويتجاهلون خصوصيات
    الإنسان العربي؛ ثم يرى من جهة ثالثة أن التوفيقيين يقيمون حدودا فاصلة
    بين الزمن الماضي والزمن الحاضر، ثم بين العرب والغرب، دون اهتمام بما
    يُوَحِّد الإنسانَ شرقا وغربا، جنوبا وشمالا، ماضيا وحاضرا ومستقبلا.

    بهذه
    الرؤى يَبْرُز الموقفُ الرابع، الذي يعتمده المؤلف ويتبناه، والذي يرى أن
    الماضي ممتد في الحاضر، وأن الثقافة ملك للجميع؛ كما يَعُدُّ الإنسانَ
    العربي نتاجا للماضي والحاضر معا، وتحصيلا لمجموع التلاقحات التي عاشها
    قديما وحديثا.

    يقول
    المؤلف في هذا الصدد: “الثقافة تراث إنساني مفتوح أمام الجميع”، و”هُوية
    الإنسان العربي لا يمكن فهمها في أبعادها الحقيقية بمعزل عن التعدد الذي
    يشكلها. فالإنسان العربي وليد حضارة تمتد في الماضي العريق، لذلك فهو يحمل
    في داخله ملامح هذا الماضي، وهو في الآن نفسه يحمل في داخله ملامح الحضارة
    الغربية، بفعل المثاقفة والثورة الإعلامية والتكنولوجية”([30]).

    من
    الواضح إذن أن الأرضية الفكرية التي يقف عليها محمد مساعدي هي فكر
    الاختلاف، أي ذلك الفكر الذي يقر بالخصوصيات والملامح الثقافية المحلية،
    لكنه لا يراها إلا في ضوء تقاطع الذوات وتداخل الثقافات، ولا يتمثلها إلا
    بصفتها امتدادا للماضي في الحاضر عبر الأنساق وتحولاتِها.

    ورغم
    أن عبارات مساعدي كانت واضحة في هذا الصدد، فإنه ربما أراد تأكيد الأرضية
    الفكرية المذكورة حين استحضر نصوصا وأقوالا من كتاب “النقد المزدوج” لعبد
    الكبير الخطيبي، يؤكد فيها الهويةَ المتعددة للإنسان المغربي، وتداخلَ
    الماضي مع الحاضر والشرق مع الغرب، بالنسبة للإنسان العربي المعاصر([31]).

    وتجدر
    الإشارة هنا إلى أن هذه الأرضية الفكرية تنسجم إلى حد بعيد مع المرجعيات
    المنهجية المعتمدة، وعلى رأسها جمالية التلقي (بصيغة ياوس)، التي تحارب
    الوثوقية وتدعو إلى استجماع الحقائق النسبية. وقد سجل مساعدي هذا الأمر
    حين أشار إلى أن ما يجمع بين قسمي كتابه هو “مناهضة النزعة الوثوقية
    والدفاع عن مشروعية الرؤية النسبية في مجال الدراسة الأدبية”([32]).

    ومعلوم
    أن منهجية ياوس تقوم على تصور ظاهراتي هيرمينوطيقي، يأخذ بعين الاعتبار
    وعيَ المؤرخ ودورَ إدراكِه في عملية التأريخ. وهو تصور يرفض النموذج
    الغائي الذي كرسته الفلسفات المثالية من جهة، كما يرفض النموذج الموضوعي
    الذي كرسته الفلسفات الوضعية من جهة أخرى.

    في
    ظل هذا التصور، لم يعد ممكنا أن يراهن الباحث الناقد، في معالجته لتجربة
    أبي نواس أو للتراث الشعري العربي عموما، على ماهية عربية قومية خالصة،
    ولا على معطيات موضوعية أفرزتها شروط تاريخية بمعزل عن وعي الدارسين
    وإدراكهم لتلك التجربة عبر العصور. فحقيقة شعر أبي نواس لا توجد فيه، بل
    في ما قيل حوله منذ زمنه إلى اليوم، أي في تجربته الجمالية التي شكلها
    تقاطعُ الذوات بصددها.

    ومن
    نتائج هذا التصور أيضا أنه لم يعد ممكنا فهم التطور الأدبي بصفته تسلسلا
    زمنيا متناميا ومُتـَرَتَّــبا بفعل جدلية التأثير والتأثر، وإنما بصفته
    مجموعة من القفزات النوعية والانقطاعات. فتطور الأدب يقوم على الإبدالات،
    أي على تغيير النماذج، حيث يقصي نموذج جديد نموذجا سابقا ويستقل عنه، ثم
    يصبح هو بدوره مقصيا من قِبَل نموذج جديد، وهكذا… ([33])

    وتجدر
    الإشارة هنا إلى أن تصورات ياوس هذه، التي انطلقت من ظاهراتية إنغاردن
    وإبستيمولوجية توماس كوهن، كانت قد جاءت في سياق ثقافي معين، تميز بمعطيات
    سياسية واقتصادية وفكرية عرفتها ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية؛
    فحاولت إعادة الاعتبار للماضي، لا بصفته جزيرة معزولة ونائية ننتقي منها
    ما شئنا تحت شعار الأفكار الوضعية أو الأفكار المثالية المطلقة، وإنما
    بصفته ممتدا في الزمن الحاضر ويشكل جزءا من طريقة تفكير المؤرخ([34]).



    * الإشكال المنهجي

    يضعنا
    كتاب محمد مساعدي أمام إشكال منهجي هام يخص المفاهيم والأدوات المنهجية
    الموظفة في التحليل. فجمالية التلقي- كما اقترحها ياوس- تدعو إلى إعادة
    كتابة تاريخ الأدب بالاعتماد على قراءاته، وذلك على أساس أن أدبية الأدب
    لا تكمن في بنية النصوص ولا في سياق إنتاجها، بل في التفاعل بينها وبين
    القراء؛ وبناء على ذلك يصبح تأريخُ الأدب تأريخا لتفاعلات قـُرَّائِه
    الجمالية.

    وقد
    حدد ياوس مجموعة من المفاهيم التي تضيء هذا التأريخ، لكن جوانبه الإجرائية
    تـُـرِكـَت مفتوحة أمام اجتهادات الباحثين. وهذا الفراغ على الصعيد
    الإجرائي، لابد أن يؤدي إلى تنوع كبير في المعالجات، أي إلى منهجيات
    متعددة يجمعها الإطار العام لنظرية ياوس؛ وهذا الأمر في حد ذاته يجسد عمق
    تلك النظرية وينخرط مباشرة في الأرضية الفكرية التي تحدثنا عنها، والتي
    تضع التفاعل بين وعي الباحث وموضوعِه منطلقا لها. لكن الوضع يصبح موضع
    نقاش حين يلجأ الباحث إلى أدوات إجرائية لا تجمعها روابط فكرية بالتصور
    العام الذي انطلق منه.

    فقد
    استحضر محمد مساعدي في هذا الكتاب- كما رأينا- مقاييس لغوية وقواعد بلاغية
    تندرج فيما يسمى “مذهب الأوائل”، أو “عمود الشعر”؛ وفي ضوء تلك المقاييس
    القواعد، تتبع تفاعلات القراء مع شعر أبي نواس. ثمة إذن قوة منهجية وضوابط
    تنظيمية اعتمدها المؤلف في رسم مسارات واضحة تفضي في نهاية المطاف إلى
    نتائج تركيبية؛ وهذا ما مَكَّنه من التحكم في متن نقدي عربي هائل كان من
    شأنه أن يمتص البحثَ والباحثَ معا.

    لكن
    مع ذلك نرى أن اعتماد تلك المقاييس وتلك القواعد قد سبَّب نوعا من التحكيم
    المبدئي لقراءة اللغويين والبلاغيين، حيث تمت معالجة الشعر المقروء
    وقراءاتِه من زاوية عناصر عمود الشعر، الذي يشكل بدوره قراءة من القراءات.
    ألم يكن عمود الشعر في هذا الكتاب هو الذي يقرأ نفسه من خلال شعر أبي نواس
    وقرَّائِه المتعاقبين؟

    فعمود
    الشعر ليس شبكة تنظيمية محايدة، أو مقاييس مجردة يمكن توظيفها في مختلف
    الدراسات، بل هو أداة نقدية شديدة الارتباط بالجدل النقدي العربي القديم،
    الذي كان مداره قضية القديم والمحدث. إنه توصيف لمذهب القدماء، يتم
    استحضاره لتقويم شعر المحدثين وضبط مدى قربهم من (أو بعدهم عن) النماذج
    الشعرية الأولى. فهو نموذج معياري بالدرجة الأولى.

    ومعلوم
    أن المرزوقي كان قد قدم الصورة المكتملة التي وصلها عمود الشعر في القرن
    الخامس الهجري، بعد أن ظهرت عناصره الأولى في القرن الثاني مع اللغويين
    الأوائل، وبعد أن تبلور على يد نقاد القرنين الثالث والرابع. والمرزوقي
    هذا كان قد استجمع عمود الشعر وبَيَّن عناصرَه لأسباب نقدية غير محايدة،
    إذ قال: “فإذا كان الأمر على هذا، فالواجب أن يُتبيَّـن ما هو عمود الشعر
    عند العرب، ليتميز تليد الصنعة من الطريف، وقديمُ نظام القريض من الحديث،
    ولتُعْرَفَ مواطنُ أقدام المختارين فيما اختاروه، ومراسمُ أقدام
    المزيِّفين على ما زيَّفوه، ويُعْلَمَ أيضا فرقُ ما بين المصنوع والمطبوع،
    وفضيلةُ الأتِـيِّ السَّمْجِ على الأبيِّ الصعب”([35]).

    وكما
    سبقت الإشارة، كان محمد مساعدي على وعي بما يحمله عمود الشعر من أحكام
    معيارية، وما يرتبط به من خلفيات ومواقف فكرية، وما يكتنفه من مواقف نقدية
    تنتصر للشعر القديم وتتخذه منطلقا لتقويم الشعر الحديث؛ لذلك حاول تجريد
    عناصره وإفراغها من حمولتها المعيارية، ساعيا إلى أن يجعلها أداة مجردة
    يعتمدها في تنظيم المادة القرائية المتعلقة بشعر أبي نواس عبر التاريخ.
    فقد جعل الأمر يتعلق بالمعنى لا بشرف المعنى وصحته، وباللفظ لا بجزالة
    اللفظ واستقامته، وبالوصف لا بالإصابة في الوصف، وبالتشبيه لا بالمقاربة
    في التشبيه، وبالاستعارة لا بمناسبة المستعار منه للمستعار له، وهكذا…
    لكن، أيمكن أن يكون هذا الإجراء كافيا حتى يصير عمود الشعر مجرد شبكة
    تنظيمية لا دخل لها في تشكيل رؤية الباحث؟؟

    إن
    عمود الشعر عبارة عن جهاز نظري متكامل يعكس رؤية شاملة للشعر، ومن ثمة
    للأدب والإنسان والكون؛ كما أنه عبارة عن سلاح منهجي حاد استخدمه أنصار
    القديم ضد المحدثين، بطريقة مباشرة حينا، وبطرق مقنَّعة أحيانا أخرى.
    ويمكن أن نتذكر في هذا الصدد موازنة الآمدي (تـ. 370هـ) بين الطائيَـين
    أبي تمام والبحتري، حيث سعى إلى موازنة يطبعها الحياد والموضوعية، لكن
    اعتماده عمودَ الشعر جعله يزن بميزان المطبوعين، ومن ثمة تعصب للبحتري من
    حيث يدري أو لا يدري([36]).
    وقد صدق إحسان عباس حين قال: “لو لم يكن عمود الشعر هو الصيغة التي
    اختارها شعراء العربية، لكان في أقل تقدير هو الصورة التي اتفق عليها
    النقاد”([37]).

    لا
    شك أن اعتماد عناصر عمود الشعر الستة أعطى لدراسة مساعدي مظهرا نسقيا هاما
    يعضد بناءها العلمي، لكنه لم يخلصها نهائيا من ثقل الموروث النقدي العربي
    الذي يجعلها- بقصد أو بدون قصد- تتبنى موقفا مسبقا من شعر أبي نواس، فتقرأ
    قراءةً بقراءةٍ، وتجمع على بساط البحث بين تصورات عربية بلاغية قديمة
    وتصورات تأويلية ظاهراتية حديثة. فقد بدا الأمر شبيها بتشغيل نظامين
    معلوماتيين متباينين ومختلفين في حاسوب واحد: نظام جمالية التلقي ونظام
    عمود الشعر. الأول ينتمي إلى فكر ما بعد الحداثة، والثاني إلى ما قبلها؛
    وكل منهما يعكس رؤية شمولية للشعر والأدب والعالم.

    * * * * *

    وأخيرا
    فهذه القراءة، لا تستوفي كل ما تضمنه كتاب مساعدي “تاريخ تلقي الشعر
    العربي القديم” من تصورات واشتغالات فكرية هامة، وما يطبعه من تجديد
    وجراءة في البحث. فهو يمثل مشروعا هاما في الدراسات الأدبية العربية
    المعاصرة، سواء على صعيد دراسة الأدب أم على صعيد دراسة النقد.



    الهوامش



    [1]- أصل هذا الكتاب أطروحة دكتوراه، ناقشها محمد مساعدي تحت إشراف الدكتور حميد لحمداني بكلية الآداب- ظهر المهراز بفاس سنة 2000.



    [2]-
    د. محمد مساعدي: تاريخ تلقي الشعر العربي القديم- نماذج من تلقي شعر أبي
    نواس. منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية- طهر المهراز، فاس،2005. ص:16



    [3]- المرجع السابق، ص: 111- 112



    [4]- المرجع السابق، ص: 129



    [5]- المرجع السابق، ص: 140-142



    [6]- المرجع السابق، ص: 149-151



    [7]- المرجع السابق، ص: 160



    [8]- المرجع السابق، ص: 196



    [9]- المرجع السابق، ص: 201



    [10]- المرجع السادس، انظر الصفحات: 111-112 و129-130 و140-142 و149-151 و160 و196-201.



    [11]- المرجع السابق، ص: 76-81



    [12]- “درس السيميولوجيا” عبارة عن درس افتتاحي ألقاه بارط في Collège de France
    سنة 1977؛ وهو يعالج فيه العلاقة بين اللغة والسلطة، حيث تُعَدُّ اللغة
    آلية من آليات السلطة بفعل ما تقوم عليه من قوانين وقواعد تواصلية تفرض
    ذاتها على المتكلم؛ لكن الأدب يشكل مفرا ممتعا من تلك السلطة.



    [13]- Wolfgang Iser: L’Acte de la lecture, théorie de l’effet esthétique. Ed. Pierre Margada, Liège– Bruxelles 1985.



    [14]- فولفغانغ
    إيزر: التخييلي والخيالي من منظور الأنتربولوجية الأدبية. ترجمة حميد
    لحمداني والجيلالي الكدية. مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1998، ص:
    3.



    [15]- المرجع السابق، ص 8-10



    [16]-
    تجدر الإشارة هنا إلى أن إيزر نفسه يجمع بين الهيرمينوطيقا والسيمياء
    (اللسانيات) في إطار جمالية للتلقي ذات منحى تداولي، وذلك على خلاف زميله
    ياوس الذي ابتعد بجماليته عن اللسانيات نحو اتجاه التاريخ والسوسيولوجيا.
    انظر:

    *
    عبد الواحد المرابط: السيمياء العامة وسيمياء الأدب/ من أجل تصور شامل.
    منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية- ظهر المهراز (جامعة محمد بن عبد
    الله)، فاس، 2005، ص: 176- 181



    [17]- تاريخ تلقي الشعر العربي القديم، ص: 16



    [18]- المرجع السابق، ص49- 50



    [19]- المرجع السابق، ص 77



    [20]- المرجع السابق، ص 16- 17



    [21]- المرجع السابق، ص 205- 206



    [22]-
    قدم ياوس تصوراته حول تاريخ الأدب ضمن درس افتتاحي ألقاه سنة 1967 بجامعة
    كونستانس، تحت عنوان: “ما تاريخ الأدب وما الغرض من دراسته”، ثم نشره
    بعنوان “تاريخ الأدب تحد لنظرية الأدب”، إلى جانب بحوث ودراسات أخرى ضمن
    كتاب: “نحو جمالية للتلقي”. وقد ترجم مساعدي هذا الدرس ونشره في كتاب
    مستقل. انظر:

    *
    هانس روبير ياوس: نحو جمالية للتلقي/ تاريخ الأدب تحد لنظرية الأدب. ترجمة
    وتقديم د. محمد مساعدي، مراجعة د. عز العرب لحكيم بناني. منشورات الكلية
    المتعددة التخصصات- تازة، جامعة محمد بن عبد الله، (د. تا.).



    [23] - أبو علي المرزوقي: شرح ديوان الحماسة. تحقيق أحمد أمين وعبد السلام هارون، دار الجيل، بيروت، 1991، ص9



    [24]- تاريخ تلقي الشعر العربي القديم. المرجع السابق، ص 201



    [25]- المرجع السابق، ص 11



    [26]- المرجع السابق، ص: 25- 44



    [27]- المرجع السابق، ص: 18



    [28]- المرجع السابق، ص: 27- 41



    [29]- المرجع السابق، ص: 11



    [30]- تاريخ تلقي الشعر العربي القديم. المرجع السابق، ص: 15



    [31]- المرجع السابق، ص: 16



    [32]- المرجع السابق، ص: 17



    [33]- عَبَّر ياوس عن هذا التصور “القطائعي” في مقال نشره سنة 1969 تحت عنوان “التغيير في أنموذج الدراسات الأدبية”، في مجلة Linguistsche Berichtes (العدد 3، سنة 1969، ص: 44- 56). وقد استند في ذلك إلى تصورات طوماس كوهنThomas Samuel Kuhn حول “الباراديغم” و”الثورات العلمية”. انظر:

    *
    روبرت س. هولاب: نظرية التلقي- مقدمة نقدية. تلرجمة خالد التوزاني
    والجيلالي الكدية، منشورات علامات، مطبعة المتقي برينتر، المحمدية، 1999،
    ص: 6



    [34]- يذكر هولاب معطيات السياق التاريخي في ألمانيا ما بعد الحرب. انظر المرجع السابق، ص: 11- 12



    [35]- أبو علي المرزوقي: شرح ديوان الحماسة. تحقيق أحمد أمين وعبد السلام هارون، دار الجيل، بيروت، 1411هـ- 1991م.القسم الأول، ص: 8-9.



    [36]- الحسن بن بشر الآمدي: الموازنة بين أبي تمام والبحتري. تحقيق السيد أحمد صقر، دار المعارف، مصر، 1965.



    [37]- إحسان عباس: تاريخ النقد الأدبي عند العرب- نقد الشعر من القرن الثاني حتى القرن الثامن الهجري. دار الشروق، عمان، الأردن، 2001.






      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 5:47 pm