منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    نظرة إجمالية على الوضع الديني في القرن السادس الميلادي

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    نظرة إجمالية على الوضع الديني في القرن السادس الميلادي Empty نظرة إجمالية على الوضع الديني في القرن السادس الميلادي

    مُساهمة   الأحد يناير 17, 2010 10:46 am

    نظرة إجمالية على الوضع الديني في القرن السادس الميلادي

    البوذية - الديانة المنتشرة في الهند و آسيا الوسطى - فقد تحولت وثنية تحمل معها الأصنام حيث سارت, و تبني الهياكل, وتنصب تماثيل "بوذا" حيث حلت ونزلت (1), ولم يزل العلماء يشكون في إيمان هذه الديانة ومؤسسها بالإله الخالق للسماوات ولأرض والإنسان ولا يجدون ما يثبت ذلك, ويحارون في قيام هذه الديانة العظيمة بغير الإيمان بالله (2).

    أما البرهمية - دين الهند الأصيل - فقد امتازت بكثرة المعبودات والآلهة والالهات وقد بلغت الوثنية أوجها في القرن السادس فبلغ عدد الآلهة في هذا القرن إلى 330 مليون (3) وقد أصبح كل شيء رائع, وكل شيء هائل, وكل شيء نافع, إلها يعبد, وارتفعت صناعة نحت التماثيل في هذا العهد, وتأنق فيها المتأنقون.

    يقول الأستاذ الهندوكي الفاضل "سي, وي, ويد" في كتابة " تاريخ الهند الوسطى " وهو يتحدث عن عهد الملك هرش (606-648م) وهو العهد الذي يلي ظهور الإسلام في الجزيرة العربية:

    " كانت الديانة الهندوكية والديانة البوذية وثنيتين سواء بسواء, بل ربما كانت الديانة البوذية قد فاقت الديانة الهندوكية في الإغراق في الوثنية, كان ابتداء هذه الديانة - البوذية - ينفى الإله, ولكنها بالتدريج جعلت "بوذا" الإله الأكبر, ثم أضافت إليه آلهة أخرى مثل Bodhistavas على مر الزمن, لاسيما أرسخت الوثنية قدميها في المدرسة البوذية الفكرية التي تسمى " مهايانا" بالتأكيد, وقد بلغت أوجها في الهند, حتى أصبحت كلمة "بوذا" (Buddha ) مرادفة لكلمة " الوثن" أو "الصنم" في بعض اللغات الشرقية (4). الديانة البوذية

    مما لا شك فيه أن الوثنية كانت منتشرة في العالم المعاصر كله, لقد كانت الدنيا كلها من البحر الأطلسي إلى المحيط الهادىء غارقة في الوثنية, وكأنما كانت المسيحية والديانات السامية والديانة البوذية تتسابق في تعظيم الأوثان وتقديسها وكانت كخيل رهان تجري في حلبة واحدة" (5).

    ويقول أستاذ هندوكي فاضل أخر في كتابه الذي سماه : " الهندوكية السائدة ":

    " إن عملية " خلق الآلهة " لم تنته على هذا, فلم تزل تنضم آلهة صغيرة في فترات تاريخية مختلفة إلى هذا " المجمع الالهى" في عدد كبير حتى أصبح منهم حشد يفوق الحد والإحصاء, كان كثير منهم آلهة سكان الهند القدامى, الحقوا بآلهة الديانة الهندوكية, يذكر أن عدد هؤلاء الآلهة قد بلغ 330 مليون".

    ________________________________________________________________________

    (1) كتاب " الهند القديمة" للأستاذ ايشورا توبا أستاذ تاريخ الحضارة الهندية في جامعة "حيدر أباد" الهند , وكتاب "اكتشاف الهند" لمؤلفه " جواهر لال نهرو" رئيس وزراء الأسبق ص 201 - 202

    (2) هذا موجود في مقال "بوذا" في دائرة المعارف البريطانية.

    (3) "الهند القديمة" لمؤلفه " ار, سي, د, ت" ج3 ص276 و"الهندوكية السائدة" لمؤلفه L.S.S O'Malley. ص6-7.

    (4) مثل الفارسية واللغات المنشقة عنها كالأردية, فهي تعبر عن الوثن أو الصنم بكلمة "بت" وهذا التعبير منتشر في الشعر والأدب وكلام الناس في إيران والهند, والناس في الهند يطلقون على "بوذا" كلمة "بدها" فيقولون: "جوتم بدها" , وكلمة "بت" متقاربتان نطقا (المؤلف).

    (5) C.V.Vaidya :History of Mediaeval Hindu India, Vol 1 (Poona),1921 p,101

    _________________________________________________________________________________________________________________
    نظرة إجمالية على الوضع شبه القارة الهندية

    الهند التي برزت في العصر القديم في العلوم الرياضية وعلم الفلك والطب والتعمق في الفلسفة, فقد اتفقت كلمة المؤرخين لها على إن أدوارها ديانة, وخلقا, واجتماعيا, ذلك العهد الذي يبتدىء من مستهل القرن السادس الميلادي (1), فانتشرت الخلاعة حتى في المعابد وأصبحت لا عيب فيها, لان الدين قد أضفى عليها لونا من القديس والتعبد (2), وكانت المرآة لا قيمة لها ولا عصمة, وكان الرجل قد يخسر امرأته في القمار (3), وإذا مات زوجها صارت كالموؤدة لا تتزوج ولا تستحق احترامها, وانتشرت عادة إحراق الأرامل نفوسهن على وفاة أزواجهن, خاصة في الطبقات الشريفة ولأرستقراطية, إظهارا للوفاء, وفرارا من الشقاء, وتسمى هذه العادة ب"ستي" ولم تزل زوالا كليا إلا بعد الاحتلال الإنجليزي (4), وامتازت الهند من بين جاراتها وأقطار العالم بالتفاوت الفاحش بين طبقات الشعب, ولامتياز بين الإنسان والإنسان, وكان نظاما قاسيا لا هوادة فيه ولا مرونة, مدعما بالدين والعقيدة, خاضعا لمصلحة الآريين المحتلين والبراهمة المحتكرين للديانة والقداسة, قائما على أساس الحرف والصنائع وتوارثها, والعنصرية والسلالية, وكان ذلك تابعا لقانون مدني سياسي ديني, وضعه المشرعون الهنديون الذين كانت لهم صفة دينية, أصبح القانون العام للمجتمع ودستور الحياة, وهو يقسم سكان الهند في أربع طبقات:

    (1) طبقة الكهنة ورجال الدين, وهم " البراهمة ".

    (2) ورجال الحرب والجندية وهم " شترى ".

    (3) ورجال الفلاحة والتجارة وهم " ويش ".

    (4) ورجال الخدمة وهم " شودر ", وهم أحط الطبقات, فقد خلقهم خالق الكون من أرجله, وليس لهم إلا خدمة هذه الطبقات الثلاث وأراحتها.

    وقد منح هذا القانون البراهمة مركزا ومكانة لا يشاركهم فيها احد, والبرهمي رجل مغفور له ولو أباد العوالم الثلاثة بذنوبه وأعماله, ولا يجوز فرض جباية عليه, ولا يعاقب بالقتل في حال من الأحوال, أما " شودر " فليس لهم أن يقتنوا مالا, أو يدخروا كنزا, أو يجالسوا برهميا, أو يمسوا بيدهم, أو يتعلموا الكتب المقدسة (5).

    وكانت الهند في حالة فوضى وتمزق تحكمها إمارات وحكومات تعد بالمئات, تضعفها حروب ومنافسات, ويسود الاضطراب وسوء الإدارة واختلال الأمن وإهمال شئون الرعاية والاستبداد وكانت تعيش في عزلة عن العالم, يسيطر عليها الجمود, والتزمت, والتطرف, في العادات والتقاليد, والتفاوت الطبقي, والتعصب الدموي والسلالي, يتحدث مؤرخ هندوكي أستاذ التاريخ في إحدى جامعات الهند, عن عصر سابق لدخول الإسلام في الهند, فيقول:

    " كان أهل الهند منقطعين عن الدنيا, منطوين على أنفسهم, لا خبرة عندهم بالأوضاع العالمية, وهذا الجهل أضعف موقفهم, فنشأ فيهم الجمود, وعمت فيهم امارات الانحطاط والتدهور , كان الادب في هذه الفترة بلا روح, وهكذا كان الشأن في الفن المعماري, والتصوير, والفنون الجميلة الأخرى ".

    " كان المجتمع الهندي راكدا جامدا, كان هناك تفاوت عظيم بين الطبقات, وتمييز معيب بين أسرة وأسرة, وكانوا لا يسمحون بزواج الأرامل ويشددون على أنفسهم في أمور الطعام والشراب, أما المنبوذون فكانوا يعشيون - مضطرين- خارج بلدهم ومدينتهم (6).

    الديانة الهندوسية

    ________________________________________________________________

    (1) راجع " الهند القديمة" ج3 , لمؤلفه ارسي.

    (2) ستيارته بركاش لدياننه سرسوتي ص344.

    (3) اقرا استهلال قصة مهابهارت ( الملحمة الهندية الكبرى)

    (4) اقرأ رحلة الرحالة الفرنسي برنير وتاريخ الراجوات والأمراء في القرون الوسطى.

    (5) راجع للتفصيل القانون المدني الاجتماعي الهندي المسمى ب" منو شاستر " الابواب: 1- 2- 8 -9-10-11.

    (6) Vidyadhar Mahajan: Muslim Rule in India. (New Delhi, 1970) p.33.

    ________________________________________________________________________________________________________

    الصلات بين العرب والهند

    وكذلك الصلات بين العرب والهند, ومعرفة أحداهما بالأخرى, والتبادل التجاري والثقافي بين البلدين قديم ووثيق, وسابق على الإسلام والفتح الإسلامي بكثير, وكانت الهند من أعرف الأقطار الآسيوية بالعرب, وأقربها إليها, لعوامل جغرافية, واقتصادية, كما تدل على ذلك المصادر الهندية والعربية, والاكتشافات الحديثة (1).

    __________________________________________________________________

    (1) اقرأ للتفاصيل كتاب " الصلات بين العرب والهند" , للعلامة السيد سليمان الندوى, وهو أحسن وأوسع ما كتب في هذا الموضوع.

    ______________________________________________
    bounce bounce bounce bounce

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 4:58 am