منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    الأسلوبية والنص الشعري

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    الأسلوبية والنص الشعري Empty الأسلوبية والنص الشعري

    مُساهمة   الثلاثاء نوفمبر 10, 2009 11:10 am

    الأسلوبية والنص الشعري
    إن النص الأدبي عموما، وضمنه النص الشعري على وجه الخصوص، مجال خصب، يسمح أساسا لعدد من المداخل إلى دراسته، إذ يمكن أن يدرس من حيث هو مادة إضافية تتناول مشكلات تاريخية، أو اجتماعية، أو اقتصادية، أو نفسية، ويمكن أن يتخذ منبعا لمعلومات عن البيئة، أو عن القيم الخلقية في هذه الحقبة أو تلك، كما يمكن أن ينظر إليه بخلاف هذا وذاك، كما هو في ذاته ولأجل ذاته، ومن حيث هو نص فني أولا وقبل كل شيء، وعندما يكون محور الاهتمام هو القيمة الفنية الخاصة التي تجعل ذلك النص مؤهلا لتحقيق وظيفة جمالية معينة[1].

    هذه الرؤية للنص الأدبي، تبدو أنها عامة وشاملة لما هو نصي ولما هو خارج عنه أيضا، ومن تم يستلزم الأمر تحديد المجال وتخصيصه مع ما يتوافق والتحليل الأسلوبي، فنبادر إلى القول بأن «كل متتالية من الجمل [تشكل] نصا، شريطة أن تكون بين هذه الجمل علاقات، أو على الأصح بين بعض عناصر هذه الجمل علاقات. تتم هذه العلاقات بين عنصر وآخر وارد في جملة سابقة أو جملة لاحقة، أو بين عنصر وبين متتالية برمتها سابقة أو لاحقة»[2].

    انطلاقا من هذا المنظور اللساني في تحديد النص بشكل عام، رواية كان أم قصة أمك مسرحية أم قصيدة شعرية مدونا كان أم شفهيا، يمكن أن نزيد من تقليص المنظور فنخصص الحديث عن النص الشعري الذي يتمثل هو بدوره نسقا كليا حيا من العلاقات والأنظمة اللغوية.

    فالقصيدة الشعرية «باعتبارها عملا إبداعيا لا يمكن تصورها إلا على نحو تركيبي خالص، لأنها في انبعاثها من حدقة المرسل إنما تصدر كاملة البنية مستقلة التكوين، وهي بالنسبة له رسالة جميلة تتواكب عناصرها الصوتية واللفظية والتركيبية والإيقاعية آنية Synchronic، غير خاضع لمنطق التعاقب، ضرورة. أن المرسل لا يتعامل مع كل من هاتيك العناصر منفردة، فهو لا يؤلف بين أصوات الكلمة، ثم يتوقف ريثما يراجع دلالتها، ثم يتلبث لكي يختبر صيغتها الصرفية، وموقعها من النسق الكلامي، تم لكي يوائم بينهما وبين قوانين الإيقاع الشعري، بل إنه ـ من خلال الممارسة الإبداعية ـ يعالج كل هذه المستويات دفعة وبطريقة مركبة، بحيث يبدو العمل الشعري في النهاية وليد زمان إبداعي واحد»[3].

    في ضوء ذلك، تجدر الإشارة إلى أنه إذا كان الزمن الإبداعي زمنا مضغوطا، فإن زمن التلقي «زمن على امتداد، والأول إذا كان زمنا جمليا تجميعيا، فالآخر زمن تحليلي، وإذا كان الشاعر يتعامل مع القصيدة على النحو المركب، فإن الدارس يتعامل معها بوجهيها من التحليل والتركيب»[4].

    من هذا المنطلق يمكننا أن ندرك العلاقة التي تصل الأسلوبية بالنص الشعري، من حيث هي إمكانية من بين الإمكانيات المتعددة، التي تستطيع التعامل مع القصيدة الشعرية كنسق مركب، مبرزة سماتها الأسلوبية التي تتبدى من خلال بنيتها السطحية التي هي: «مجموعة من الوسائل التي أمكن بواسطتها إبداع النسيج اللغوي، ومن هذه الوسائل ما هو صوتي كالقافية وتجنيس أوائل الكلمات أو أواخرها، ومنها ما هو إيقاعي يرجع إلى الوزن الشعري وسماته الزمنية والمقطعية، ومنها ما يتعلق بالتركيب وطرق تنسيقها، كما أن منها ما يتعلق بتناسب أجزاء العمل جملة، كالاطراد والمفارقة، وكتوازن السياق أو توازيه، وتشعيب الأداء بين صوت الشاعر وأصوات الآخرين، وبين مستوى من الضمائر ومستوى آخر»[5] وغيرها.

    في هذا السياق يمكن أن ندرج إشارة تودوروف إلى أن النص له مظاهر أو وجوه، صوتية وتركيبة ودلالية، ولكل مظهر منها إشكالية، فـ «المظهر اللفظي هو مؤلف من العناصر الصوتية والقاعدية التي تؤلف جمل النص (...) والمظهر التركيبي يمكن تبينه ليس بالرجوع إلى قواعد تأليف الجمل، وإنما بالرجوع إلى العلاقة التي بين الوحدات النصية، أي الجمل ومجموعة الجمل (...) والمظهر الدلالي هو نتاج معقد للمضمون الدلالي الذي توحي به هذه العناصر والوحدات»[6].

    وهكذا، فإذا كان النص في تشكله يتركب من مظاهر لفظية وتركيبية ودلالية، فإن مقاربته مقاربة أسلوبية، يستلزم الانطلاق من تلك المظاهر ـ كمستويات للتحليل ـ مع مراعاة ذلك الترابط الذي يوحدها في خلق أسلوبية النص الشعري.

    [1] ) محمد فتوح أحمد: جدليات النص، م عالم الفكر، م 22، ع3 و 4 ، يناير / مارس ـ أبريل/ يونيو، 1994، ص: 39 بتصرف.

    [2] ) محمد خطابي: لسانيات النص ( مدخل إلى انسجام الخطاب)، المركز الثقافي العربي، ط. 2، الدار البيضاء، 2006، ص: 13.

    [3] ) محمد فتوح أحمد: جدليات النص، ص: 40.

    [4] ) نفسه، ص: 40.

    [5] ) نفسه، صص: 40 – 41.

    [6] ) عدنان بن ذريل : النص والأسلوبية بين النظرية والتطبيق، منشورات اتحاد كتاب العرب،

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس أكتوبر 31, 2024 7:20 pm