منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    منهج التحليل البنيوي الشكلي

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    منهج التحليل البنيوي الشكلي Empty منهج التحليل البنيوي الشكلي

    مُساهمة   السبت فبراير 13, 2010 11:40 am

    منهج التحليل البنيوي الشكلي: ـ الفصل الأول المستوى التنظيري الغربي للبنيوية الشكلية
    1- المصادر

    نشأت البنيوية في فرنسا، في منتصف الستينيات من القرن العشرين عندما ترجم (تودوروف) أعمال الشكليين الروس إلى الفرنسية. فأصبحت أحد مصادر البنيوية.

    ومن المعلوم أن مدرسة (الشكليين الروس) ظهرت في روسيا بين عامي 1915 و1930، ودعت إلى الاهتمام بالعلاقات الداخلية للنص الأدبي، واعتبرت الأدب نظاماً ألسنياً ذا وسائط إشارية (سيميولوجية) للواقع، وليس انعكاساً للواقع. واستبعدت علاقة الأدب بالأفكار والفلسفة والمجتمع. وقد طورت البنيوية بعض الفروض التي جاء بها الشكليون الروس.

    المصدر الثاني الذي استمدت منه البنيوية هو (النقد الجديد) الذي ظهر في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين في أمريكا، فقد رأى أعلامه "أن الشعر هو نوع من الرياضيات الفنية" (عزرا باوند)، وأنه لا حاجة فيه للمضمون، وإنما المهم هو القالب الشعري (هيوم)، وأنه لا هدف للشعر سوى الشعر ذاته (جون كرو رانسوم).

    والألسنية هي المصدر الثالث الذي استمدت منه البنيوية، ولعلها أهم هذه المصادر، وعلى الخصوص ألسنية فرديناند دي سوسير (1857-1913) الذي يُعد أبا الألسنية البنيوية، لمحاضراته (دروس في الألسنية العامة) التي نشرها تلامذته عام 1916 بعد وفاته. وعلى الرغم من أنه لم يستعمل كلمة (بنية) فإن الاتجاهات البنيوية كلها قد خرجت من ألسنيته، فقد مهد لاستقلال النص الأدبي بوصفه نظاماً لغوياً خاصاً. وفرق بين اللغة والكلام: (فاللغة) عنده هي نتاج المجتمع للملكة الكلامية، أما (الكلام) فهو حدث فردي متصل بالأداء وبالقدرة الذاتية للمتكلم.

    وقد شدد سوسير على دراسة اللغة دراسة وصفية داخلية، وعلى كونها نظاماً خاصاً من العلامات أو الإشارات المعبرة عن الأفكار. وأثّر قوله بالاهتمام بالأنساق في دعوة البنيويين إلى الفصل بين دراسته الأدب ودراسة تاريخ الأدب. وقوله بالطابع الاعتباطي للعلامة اللفظية، اعتقاداً منه بأن (الدال) أو الصورة السمعية للكلمة لا تنطوي على أية إشارة أو إحالة إلى مضمون (المدلول).

    وقد تأثر رواد النقد البنيوي الفرنسي بسوسير، ودفعهم هذا التأثر إلى الكشف عن أنساق الأدب وأنظمته وبنياته، باعتبار الأدب نظاماً رمزياً يحوي نظماً فرعية، فذهب (بارت) إلى تقعيد القصة وتحليل السرد، بينما اهتم (تودوروف) بأدبية الأدب، أو بما يجعل من الأدب أدباً.

    فإذا توغلنا في عمق التنظير البنيوي وجدنا أسماء عديدة في بناء البنيوية منهجاً نقدياً أمثال: ياكوبسون، وغريماس، وشتراوس، وفوكو، وجوليا كريستيفا، وسولرز، ولاكان... وغيرهم، كما أسهم كثيرون في بيان هذا المنهج النقدي الجديد، أمثال: أوزياس، وريفاتير، وكابانس، وشولز، وكيرزويل، وايغلتون، وغيرهم.
    2- اوزياس والبنيوية

    أما (أوزياس) Auzias فلعله من أوائل الذين عُرّبت مؤلفاتهم، فقد تم تعريب كتابه (البنيوية) عام 1972(1). وهو أول دراسة شاملة عن البنيوية ترجمت إلى اللغة العربية. والكتاب قسمان: قسم أول عرّف فيه أوزياس بالبنيوية، وعلاقتها بالمجال الحيوي، وبعلم اللغة، وبعلم العلامات والإشارات والدلالات. كما عرّف برواد البنيوية في مجالات اختصاصهم: شتراوس الأنثربولوجي، وفوكو الابستيمولوجي، ولاكان النفساني، وألتوسير الماركسي.

    وأما القسم الثاني فقد جمع دراسات لبعض أعلام البنيوية: شتراوس، (يرد على الأسئلة)، وجيرار جينييت (في النقد البنيوي)، وبول ريكور في (البنية والتفسير)، وجان بويون في (سارتر وشتراوس)، ولو قاد هوش في (الانثروبولوجيا البنيوية).
    3- ريفاتير والأسلوبية البنيوية

    ثم وضع (ميشيل ريفاتير)، وهو باحث ألسني، وناقد أدبي بنيوي أمريكي، وأستاذ في جامعة كولمبيا، كتابه (الأسلوبية البنيوية) عام 1971، ثم أتبعه بكتاب (صناعة النص) 1979، وفيه يرى أنه ليس من نص أدبي دون (أدبية)، ولا (أدبية) دون نص أدبي. فما هي (الأدبية)؟.

    يستبعد ريفاتير علم البلاغة و(الإنشائية) والتحليل الأدبي، لعجزها- عنده- عن الكشف عن (أدبية) النص الأدبي، لأنها تقوم على تعميم الظواهر المستخرجة من النصوص، كما يستبعد النقد الأدبي لأنه يقوم على إصدار أحكام معيارية، ويكتفي بتحليل النص من خلال لغته. وعلى الرغم من أن النص الأدبي لا يقوم إلا على اللغة، فإن النقد يستبعد اللغة أيضاً من مجال التحليل الأدبي للظاهرة الأسلوبية!.

    أما التحليل الأسلوبي للنص- عند ريفاتير- فهو الذي يضع يدي المحلل على (أدبية) النص الأدبي، حيث ينطلق من النص الذي هو صرح مكتمل ينبغي تتبع سمة الفردية فيه. وهذه السمة الفردية هي الأسلوب، وهي بالتالي (أدبية) النص.

    بيد أن الظاهرة الأدبية- عند ريفاتير- ليست النص فحسب، بل هي القارئ أيضاً، وردود فعله إزاء النص. ولهذا ركز ريفاتير اهتمامه على النص وسلطته على القارئ الذي ليست له الحرية في التأويل، وإنما الطواعية للنص. وبهذا يختلف التحليل الأسلوبي الذي يعتمده ريفاتير عن التحليل البنيوي الذي يفترض (بنية) كبرى للنص، ثم (بنيات) صغرى، تقوم بينها (علاقات) تنافر وتضاد أو تشابه ومماثلة... وهذا لا يعني أن تحليله الأسلوبي لا يعتمد على تقسيم النص إلى (وحدات)، فهو يفعل ذلك، ولكن بشرط أن تكون (الوحدات) مترابطة مع بعضها بعضاً. ومن هنا فإنه يرفض منهج الكلمات- المفاتيح في التحليل الألسني.
    4- كابانس والنقد الأدبي

    وأما (جان لوي كابانس) فقد وضع كتابه (النقد الأدبي والعلوم الإنسانية)(2) تحدث فيه عن الشكليين الروس، وعن الألسنية والأدب، وعن النموذج السوسيري، وعن الإنشائية (الشعرية) البنيوية، والإنشائية الأسلوبية، والإنشائية لدى ياكوبسون، ولدى باختين...

    ففي حديثه عن (الشكليين الروس) عرض لنشأتهم، ولمنتدى براغ اللغوي- أصل الشكلانيين الروس- وربط مدرستهم بتيار جمالي أوسع شدد فيه مالارميه وجويس على إبراز القوانين الداخلية للخطاب الأدبي. وناهض التاريخية التي كانت سائدة في الميدان النقدي. وأوضح جهود الشكلانيين في كشف القوانين الداخلية التي تنتظم النص الأدبي، واعتبارهم الأدب منظومة من الإشارات، تستند إلى منظومة اللغة. فالأثر الأدبي مادة منظمة تنظيماً داخلياً: "وما من جملة واحدة في الأثر الأدبي تستطيع أن تكون تعبيراً مباشراً عن عواطف الكاتب الشخصية، ولكنها دائماً بناء ولعب".(3).

    ويبدأ التحليل النقدي عند الشكليين الروس بتقطيع المقولة إلى (وحدات) لغوية. وقد عرّفوا الأثر الأدبي بأنه منظومة، وللعناصر التي تؤلف هذه المنظومة قيمة وظيفية. ويتركز تحليل الآثار الأدبية في البحث عن (الوحدات) ذات الدلالة، وعن (العلاقات) المتبادلة بين هذه الوحدات. والرائد الحقيقي في هذا الميدان هو (فلاديمير بروب) V.Proppe الذي حلل في كتابه (مورفولوجيا الحكاية الشعبية) تراكيب القصص إلى أجزاء ووظائف. و(الوظيفة) عنده هي (عمل) الشخصية. وقد حصر الوظائف في 31 وظيفة في جميع القصص.

    وفي تحليل الشعر درس الشكليون توزع الوحدات الصوتية الصغرى داخل القصيدة، وعينوا كوكبات صوتية وأشكالاً تختص بوزن الشعر. ورفضوا اعتبار التفعيلة وحدة الإيقاع الأساسية. وميزوا بنية البيت الشعري الآلية عما أسموه (الوثب الإيقاعي)، وعرّفوا البيت الشعري بأنه بنية طباقية معقدة، يتراكب فيها الوزن مع الإيقاع الخاص بالخطاب، ذلك أن البيت الشعري- عندهم- هو عنف منظم يغتصب اللغة الدارجة.

    وفي عرضه للنموذج السوسيري تحدث كابانس عن تشبيه سوسير اللغة بلعبة الشطرنج، وذلك لتوضيح الطابع المنهجي للغة، إذ تتوقف قيمة كل قطعة في الشطرنج بالنسبة إلى القطع الأخرى، على وظائفها في لوحة الشطرنج. كما تحدث عن وجهي الإشارة اللغوية: (الدال)، و(المدلول)، ورأى أنها اعتباطية، وهي تتميز عن الرمز. وقد عرض الأسس الإشارية (السيميولوجية) عند سوسير، والتي قال عنها سوسير إنها علم يدرس حياة الإشارات في قلب الحياة الاجتماعية. وغرضه تعليمنا مم تتألف الإشارات، وتصنيفه لعلم اللغة بأنه ليس سوى جزء من هذا العلم الإشاري.

    أما باقي الكتاب فقد خصصه كابانس للإنشائية (أو الشعرية)، ورأى أن الفضل فيها يعود لـ(ياكوبسون) الذي كان قد أسهم في منتدى براغ اللغوي، وفي منح الشكلية الروسية أسساً لغوية أكثر علمية. وقد عرّف بالمحورين البلاغيين اللذيْن تكونهما صور البيان الأساسية: الاستعارة، والمجاز. ودرس الوظائف الست للغة حسب الترسيمة التالية:

    (وظيفة مرجعية)

    سياق

    مرسِل ـــــ رسالة ــــــ مرسَل إليه

    (وظيفة تعبيرية/ تأثرية صلة (وظيفة شعرية) (وظيفة إفهامية)

    سنن

    (وظيفة انتباهية)

    (وظيفة ما وراء لغوية)

    1-فالوظيفة المرجعية هي التوجيه إلى السياق، وهي المهمة المسيطرة في العديد من الرسائل.

    2-والوظيفة التأثرية هي تعبير عن المرسِل. وتجنح إلى إعطاء انطباع عن انفعال معين.

    3-والوظيفة الإفهامية تميز الرسالة بقصد جعلها فاعلة في المرسَل إليه.

    4-والوظيفة الانتباهية هي أول وظيفة لفظية يكتسبها الأطفال. وهي تكشف عن الجهد المبذول لتوطيد الإبلاغ أو صيانته.

    5-والوظيفة الماوراء لغوية تشمل اللغة التي تتحدث عن اللغة نفسها.

    6-والوظيفة الشعرية توضح الجانب الإشاري في اللغة. وهي عند ياكوبسون إسقاط لمبدأ الاختيار على محور التأليف.

    وعلى هذا فإن الوظائف المختلفة للغة تسمح بتحديد الطوابع المختلفة التي تميز الخطاب.

    وأما (الإنشائية البنيوية) فقد نشأت بتأثير ياكوبسون والشكلانيين الروس. وعرفت بأنها (علم للأدب) له الحق بالمكان الأول بين الدراسات الأدبية. وبما أنه يهتم بقضايا تخص البنى اللغوية، فإنه يمكن أن يعتبر جزءاً من علم اللغة. وبهذا فإن ياكوبسون يرى أن "تسمية ناقد أدبي المطبقة على عالم يدرس الأدب مغلوطة بقدر ما هي مغلوطة تسمية ناقد نحوي أو معجمي تطبق على عالم لغة".(4). وأن الفصل بين النقد والدراسات الأدبية ضروري، ذلك أن الفعالية النقدية- عند تودوروف- تضيف شيئاً إلى النص، ولهذا فهي لا تعبر عن النص تعبيراً أميناً: "فالناقد يقول شيئاً لا يقوله الأثر المدروس، ولو ادّعى أنه يقول الشيء ذاته. وبما أن الناقد ينشئ كتاباً جديداً فإنه يحذف الكتاب الذي يتحدث عنه"(5).

    وأما (رولان بارت) فيرى أنه لا يمكن أن يكون هنالك علم خاص بدانتي أو بشكسبير أو براسين، بل هناك علم للخطاب فقط(6). فالنقد المتجه إلى الأثر يؤوله. والفكرة النقدية تظل مرتبطة بأساطير عصر الناقد وبتعابيره. والتأويل الذي يقدمه يظل إيديولوجياً. لكن لغة النقد، باعتبارها (لغة عن اللغة) لا بد لها من التغير مع تغير النص المدروس لتكون فاعلة. والمنظور الذي يختاره الناقد يخصه وحده: فقد استخدم (بارت) في دراسته لراسين شبكة خاصة بالتحليل النفسي بالإضافة إلى المنهج البنيوي.

    وقد قدم لنا تحليلاً بنيوياً في كتابه (مقدمة لتحليل القصص)، حدد فيه (الوحدات) القصصية الصغرى، واستحضر وظائف بروب، فأعطى الوحدات اسم (وظائف)، وأشار إلى أن "الفن منظومة نقية، وأنه ليس هناك وحدة ضائعة"(7)، وأن كل قصة تملك نظامها الزمني.

    كما حلل (تودوروف) رواية (الصلات الخطرة) لبيير لاكلو P.Laclos، و(الديكاميرون) لبوكاش G.Boccace، فاهتم بتحليل النظام المكاني (الطباعي) حيث ميّز كتابة النص في فضاء الصفحة، وتحرى الطباعة التي زينها رسماً أبولينير Apollinaire، والنظام القائم على التوازي والتوازن، ذلك أن توزيع القصيدة طباعياً يشير إلى انبثاق بعض الكلمات التي يسهم هذا التوزيع بطبعها بشحنة شعرية.

    وهذه التحليلات الموجزة بينت حدود الإنشائية البنيوية. وهذه الحدود فجرت قضايا جديدة في البحث والدرس الأدبي.
    5- شولز والبنيوية في الأدب

    وأما الناقد الأمريكي المعاصر (روبرت شولز)، أستاذ الأدب الانكليزي والأدب المقارن في الجامعات الأمريكية، فقد أسهم منذ وقت مبكر في تبيان المنهج البنيوي حين وضع كتابه (البنيوية في الأدب) 1973(Cool ثم أصدر كتابه (السيمياء والتأويل) 1982(9) وكتابه (سلطة النص) 1985.

    في كتابه (البنيوية في الأدب) عمد شولز إلى التأكيد على المظاهر الأدبية للبنيوية في النقد والشعر والسرد، واستبعد الفلسفة والتاريخ وعلم النفس... وعرف بالبنيوية كحركة للفكر، وكمنهج نقدي عمل على اكتشاف القوانين التي تتحكم بالاستخدام الأدبي للغة، وركز على الدراسة الألسنية، واتخذ قوته الدافعة من منجزات سوسير وياكوبسون وغيرهما في الحقلين الألسني والنقدي.

    ثم تحدث عن الألسنية من سوسير إلى ياكوبسون، حيث تطورت هذه الأداة الأساسية للتحليل البنيوي على يد العالم اللغوي السويسري سوسير، في مطلع القرن العشرين، في كتابه الذي هو مجموع محاضراته التي كان يلقيها على طلابه، وكان له تأثير كبير على الدراسات اللغوية الحديثة، وعلى النقد البنيوي.

    وقد ميز سوسير بين ثلاثة مستويات في اللغة هي: اللغة، واللسان، والكلام: (فاللغة) هي المظهر الواسع الذي يشمل كل الطاقة الإنسانية للكلام. و(اللسان) هو نظام من اللغة يستخدمه المرء لتوليد المحادثة- بشكل واضح- للآخرين. وأما (الكلام) فهو أقوالنا الخاصة.

    وبعد أن تبين (سوسير) ضرورة التأكيد على النظام اللغوي، انطلق يستخلص الأدوات المفهومية لوصف ذلك النظام وعناصره، فأعاد تعريف العنصر الأساسي للبنى اللغوية (الإشارة)، حيث أعلن أنها ليست اسماً لمسمى، وإنما هي كل مركب يربط الصورة السمعية (الدال) بالمفهوم (المدلول)، وجعل العلاقة بينهما اعتباطية. ورأى أن "اللغة نظام من الإشارات تعبر عن الأفكار، فهي لذلك تقارن بنظام كتابة الأبجدية الصامتة، والطقوس الرمزية، والصيغ السياسية، والشارات العسكرية... الخ. لكنها أعظم من كل هذه الأنظمة. فالعلم الذي يدرس حياة هذه الإشارات داخل المجتمع يشكل قسماً من السيكولوجيا الاجتماعية، وبالتالي من السيكولوجيا العامة. وسوف أسميه سيميولوجيا (من الكلمة اليونانية سيميون التي تعني الإشارة). وسوف تبين السيميولوجيا مم تتألف الإشارات؟ وما هي القوانين التي تحكمها؟. وبما أن هذا العلم لم يوجد بعد، فلا يمكن لأحد أن يتنبأ بما سوف يكون. لكن له الحق في الوجود، وفي احتلال مكان متقدم. وعلم اللغة هو جزء من هذا العلم العام (السيميولوجيا). والقوانين التي اكتشفتها السيميولوجيا سوف تطبق على علم اللغة"(10).

    كما ميّز سوسير بين الدراسة التزامنية (السنكروني) والزمنية (الدياكروني) في دراسة اللغة، وشدد على الدراسة التزامنية على حساب الدراسة الزمنية. كما طور تمايزاً آخر هو: التمايز بين العلاقات الأفقية والعلاقات العمودية في الإشارات: فالعنصر الأفقي/ التتابعي في اللغة يؤثر في وضعية الإشارة: فمعنى الكلمة يحدده وضعها في الجملة وعلاقتها بالوحدات القواعدية لتلك الجملة...

    وأما في مجال (الشعرية) فقد عرض شولز جهود (ياكوبسون) في (وظائف اللغة) الست. كما عرض تحليل (شتراوس) و(ياكوبسون) لقصيدة (القطط) لبودلير، وتحليل (ريفاتير) للقصيدة نفسها، حيث استفاد منهما، وأضاف جديده قائلاً إنهما قدّما عرضاً مقنعاً للتسلسل الفائق للمتطابقات التي تشكل أجزاء الكلام في القصيدة، وبحثاً في القواعد التي تحدد الخطة التقفوية والنماذج الإعرابية وعلاقات التوازن والاختلاف.

    وأما الشعرية البنيوية في الحقل الروائي، فلعل أهم إنجاز بنيوي هو ما قام به الباحثان: (كلود ليفي شتراوس)، و(فلاديمير بروب). ويرجع السبب في ذلك إلى البصيرة النافذة والبراعة الحاذقة لهذين الرجلين، ولطبيعة المواد الأسطورية التي اختاراها: الأساطير، والقصص الشعبي: فالأسطورة لغة تقوم بوظيفتها في أعلى مستوى حيث ينجح المعنى في أن يستخلص من الأساس اللغوي الذي تدور عليه الأسطورة، وأما الشعر فيسود فيه الجانب المعجمي الصرفي للغة، في حين يسيطر في الأسطورة الجانب البنيوي النحوي للغة. ومن هنا تركيز شتراوس وبروب على بنية الأسطورة، وتأثيرهما على البنيويين الفرنسيين، وعلى الخصوص بروب، بوصفه عضواً في جماعة (الشكليين الروس) في العشرينات من القرن العشرين، ولكونه ميّز بين العناصر الثابتة والمتغيرة في مائة قصة روسية درسها، واستخلص منها نتائج أصبحت قانوناً للسرد منذ أيامه وحتى وقتنا الراهن، وهي أن شخصيات القصة تتغير، بينما تظل (وظائفها) ثابتة. وقد حدد هذه الوظائف في 31 وظيفة.

    وعلى الرغم من أن حركة (الشكليين الروس) ازدهرت بين عامي 1915 و1930 فإن أفكارها لم تصل إلى أوربا إلا بعد خمسة وثلاثين عاماً، حين ترجمها (تودوروف) إلى الفرنسية عام 1965 فأصبحت أحد مصادر البنيوية الفرنسية. كما أصبح (ميخائيل باختين) مرحلة انتقالية بين الشكليين والبنيويين. وكان قد وضع كتابه (رابليه) عام 1904 وكتابه (شعرية دستويفسكي) عام 1929، وقد أعيد طبع الكتابين في الاتحاد السوفييتي في الستينات من القرن العشرين. ثم ظهر كتابه (رابليه وعالمه) عام 1968. وكان له تأثيره الحاسم في وضع قوانين للسرد، وبخاصة اكتشافه تعدد الأصوات (البوليفونية) في الرواية. وخلّف ذرية كما خلَّف بروب ذرية أيضاً.

    والواقع أن (غريماس) في كتابه (علم الدلالة البنيوي) 1966 و(كلود بريمون) في كتابه (منطق القصة) 1973، و(تودوروف) في كتابه (قواعد الديكاميرون) 1969 يعدون من ذرية بروب، إذ أن كتبهم الثلاثة هذه تعالج السرد الروائي وقوانينه، وتدور حول موضوع الوحدات والبنى الأساسية للرواية: فغريماس عمل انطلاقاً من ألسنية سوسير وياكوبسون، وميز بين المفاهيم الإنسانية للفكر: الأعلى/ والأدنى، واليمين/ واليسار... الخ. وكل منهما يتحدد بعلاقته بالآخر: حسب التعرض المتبادل. ولأن (غريماس) بنيوي، فإن البنى الدلالية تملأ ذهنه، وتغدو نماذج خفية لتطبيقاته المجردة.

    وأما (بريمون) فقد افترض أن الوحدة القصصية الركيزة ليست وظيفة، بل هي تعاقب، وأن الوظيفة المعقدة يمكن إبرازها على أنها تداخل السلاسل.

    وأما (تودوروف) فقد رأى أن (قواعد الديكاميرون) هي أهم خطوة في علم القصة منذ بروب، لأنها قواعد شمولية، تتطابق مع بنية الكون ذاتها. وهو تمييز بين ثلاثة مظاهر للنص القصصي: علم الدلالة (أو المضمون)، وعلم السياق، وعلم البلاغة (أو المظهر اللفظي وأسلوب التعبير). ويمكن توزيع الوحدات التي درسها في:

    1-القصص (مائة القصة في الديكاميرون).

    2-السلاسل (وهي النظام الكامل من الفرضيات).

    3-الفرضيات (وهي الجمل القصصية الأساسية).

    4-أقسام الكلام (وهي أسماء الشخصيات، والأفعال أو الأحداث، والصفات...).

    وهكذا فإن البنيوية التي اهتمت بسطح العمل الأدبي، وبنيته، ولغته، ونحوه، دون مضمونه، حاولت التعويض عن هذه (الشكلانية) بمفهوم (الشعرية) الذي لا يعني عندها الميل نحو الأمور الميتافيزيقية، ولا الانسراب الوجداني ضمن متاهات قصية، وإنما هو (القوانين) التي تؤكد (أدبية) الأدب.

    ثم ينتهي شولز إلى (التحليل البنيوي للنصوص الأدبية) حيث يناقش أعمال ثلاثة نقاد بنيويين هم: تودوروف، ورولان بارت، وجيرار جينيت. (تودوروف) في مقالته (كيف نقرأ؟) التي يرى فيها أن هناك ثلاث قراءات هي: (القراءة الإسقاطية) باتجاه المؤلف أو المجتمع أو أي شيء آخر يهم المؤلف، ومثالها: النقد النفسي، والنقد السوسيولوجي (الماركسي)، و(قراءة التعليق)، وهي مكملة للقراءة الإسقاطية. وكما يسعى الإسقاط إلى التحرك عبر النص وخلفه، فإن قراءة التعليق تسعى إلى البقاء داخل النص بحيث يمكن أن ندعوها تفسيراً للنص أو إعادة صياغة له. والقراءة الثالثة هي (القراءة الشعرية) التي تبحث في المبادئ العامة التي تتجلى في الأعمال الخاصة. وهكذا يدعو تودوروف المقاربة النقدية (قراءة). وتقارب القراءة العمل الأدبي باعتباره نظاماً، فتسعى إلى توضيح علائق شتى أجزائه.

    و(رولان بارت) في كتابه (س/ز) 1970 الذي درس فيه قصة (العربي) لبلزاك. وهي قصة قصيرة لا تتجاوز الثلاثين صفحة، حللها بارت في كتاب كامل، وطبق فيها كل الإجراءات البنيوية، مستلهماً السيميولوجيا السوسيرية، ومندفعاً في دراسة السيميولوجيا كما هي في كتابه (عناصر السيميولوجيا) الذي شرح فيه أسرار هذه الثقافة، وبيّن انتشار (الشفرات) في التجربة الإنسانية، فهو يجد تشفيراً في الثياب والطعام والأثاث وفي كثير من مناحي الحياة المعاصرة. وفي ما يتعلق بالأدب يطبق بارت مفهوم (الشفرة) بصورة مختلفة نوعاً ما، ولكنها غير مباينة. فهو يعتقد أن لا وجود لشيء يسمى السياق الخالص، فكل السياقات تأتي إلى الإنسان مشفّرة ومشكلة ومنظمة في لغة: يقول: "إن بعض البوذيين يرون العالم في حبة فاصولياء بفضل نزعتهم الزهدية. هذا ما تريد التحليلات الأولى للقصة أن تقوله، أن ترى كل قصص العالم في بنية واحدة".

    وهكذا انطلق بارت من النص نفسه، فقسمه إلى 561 (وحدة) ذات معنى، وتجاهل التقسيمات البنيوية، وتقسيم الكلام إلى جمل ومقاطع، ليؤكد أن عملية القراءة هي عملية خطية تخترق النص من اليسار إلى اليمين (في الكتابة الفرنسية) ثم توقف ليناقش التضمينات العامة التي تطرحها وحدة المعنى أو تعاقب وحدات المعنى. فوجد 93 انحرافاً عن النظرية الشعرية.

    في القراءة الأولى انتهى بارت إلى معانقة (العربي) لزامبيلا معتقداً أنها امرأة. وفي القراءة الثانية ظهرت زامبيلا، مغنية الأوبرا، كاستراتو (أي ولد يُخصى في صغره ليحافظ على صوت السبرانو في كبره)، فيتلقى القارئ هذه المفاجأة.

    وقد استنبط بارت من النص خمس شفرات أساسية هي:

    1-شفرة الأحداث.

    2-شفرة الألغاز.

    3-الشفرة الثقافية.

    4-الشفرات التضمينية.

    5-الحقل الرمزي/ الثيمي Theme.

    على الرغم من أن الرقم خمسة ليس نهائياً، وأن هنالك فرصاً كثيرة لتحسين هذا النظام الذي يمتاز بفضيلة إدخال البعد السيميائي إلى حقل النقد البنيوي بطريقة قوية ومثمرة. والمدهش في (س/ز) هو المدى الذي وصل إليه بارت في اختبار عبقريته بدراسة التعميمات الشعرية المستندة إلى النص. لكنه يظل ناقداً بنيوياً لا تفسيرياً.

    ومثله الناقد الفرنسي (جيرار جينيت) البنيوي حتى عندما يقارب النص الخاص الملهم لأعلى تحقيقات التفسيرية. وكتابه: أشكال (نشر الجزء الأول عام 1966، والثاني عام 1969، والثالث عام 1972) خصصه كله تقريباً لدراسة رواية (البحث عن الزمن المفقود) لمارسيل بروست. حيث استخلص البنى الخفية عند بروست، وتابع تداخل الاستعارة والكناية. وقاده هذا إلى قلب بنية العمل الأدبي وموضوعه. فاعتقد أن من غير المعقول معالجة نص فردي دون نظرية أدبية. وقد نفّذ ذلك في دراسته الطويلة هذه عن بروست. وقد بدأها بالقول إن المقال القصصي يتألف من ثلاث مستويات هي: القصة التي تُروى، والتلاوة نفسها RECIT، والطريقة التي تتم بها التلاوة (القص). وقد درس جينيت ثلاثة مظاهر للقول القصصي القائم على ثلاث صفات للعمل في اللغة: الصيغة، والصياغة، والصوت. (فالصيغة) هي العلاقة بين القصة والريسيت. و(الصياغة) تشتمل على أسئلة حول المسافة والمنظور والمشهد والقصة. (والصوت) هو موقف القاص من الأحداث المروية.
    6- كيرزويل وعصر البنيوية

    ثم وضعت الباحثة الأمريكية (إديث كيرزويل) كتابها: (عصر البنيوية: من شتراوس إلى فوكو)(11). بحثت فيه أعمال ثمانية من أعلام البنيوية في حقول مختلفة، هم: شتراوس والانثربولوجيا، وألتوسير والماركسية، وهنري لوفيفر ضد البنيوية، وبول ريكور والهيرمينوطيقا، وآلان تورين والأبنية دون بنيوية، وجاك لاكان والتحليل النفسي، ورولان بارت والبنيوية الأدبية، وميشيل فوكو وبنيات المعرفة. على الرغم من أن هؤلاء الأعلام ليسوا جميعاً بنيويين: فمنهم مَنْ يرفض صفة البنيوية التي تُطلق عليهم مثل آلان تورين، ومنهم مَنْ هو ضد البنيوية مثل هنري لوفيفر. وقد درستهم الباحثة على هذا الاعتبار، لتبين الجوانب السلبية للبنيوية، مقابل الجوانب الإيجابية التي يمثلها أعلام البنيوية: شتراوس، وألتوسير، ولاكان، وفوكو، وبارت.

    وقد اتبعت الباحثة منهجاً واضحاً في عرض كل علَم من هؤلاء الأعلام، فبدأت بلمحة عن حياته، ثم عرضت مؤلفاته، وناقشت أكثرها أهمية، ونسبت إلى كل بنيوي نسقه الفكري الخاص الذي يميزه عن غيره: فأنثروبولوجيا شتراوس، ونقد بارت، والتحليل النفسي للاكان، وتاريخ المعرفة لفوكو، وماركسية ألتوسير، جعلت هؤلاء الأعلام يمثّلون مدرسة (بنيوية) واحدة، ولكن في علوم شتى. و(المنهجية البنيوية) وحدها هي التي تجمع بينهم. وقد حاول كل منهم تطبيق هذه المنهجية على الحقل العلمي الذي يعمل فيه. وبالطبع فإن هذه المنهجية البنيوية تعتمد أساساً على النموذج الألسني السوسيري وتنويعاته عند مَنْ تلاه. ومن هنا قول أوزياس: "البنيوية هي عمل المنهج الذي ينطق اللغة الفعلية لموضوعه. وهي الإحساس الذي يتكشف ليصبح إحساساً بأسطورة أو نسق"(12).

    وقد ركّز (شتراوس) (1908) على اللغة Langue أكثر من الكلام Parole على نحو ما فعل سوسير الذي درس اللغة دراسة آنية وتعاقبية، في حين ركز شتراوس على الدراسة الآنية، وإن لم ينكر الأبعاد التعاقبية. وقد افترض سوسير وجود علاقة جدلية، داخل النسق، بين الدال (الصوت السمعي) والمدلول (الصور الذهنية)، وأكد مفهوم التعارضات الثنائية في اللغة. وهذا ما ساعد شتراوس على التوسط بين العناصر المتضادة، مثل: ساخن/ بارد، وأرض/ سماء، وذكر/ أنثى، وقديم/ جديد...

    كذلك تقبل (ميشيل فوكو) (1926-1984) التعارضات الثنائية في محاولته الكشف عن الأركولوجيا اللاواعية للمعرفة في كتابه (أركولوجيا المعرفة). فقد كان (نظام) الأشياء عنده يعتمد على الفرضيات البنيوية. وهذا المفهوم الخاص بالأبستيمولوجيا، وتأكيده أن الممارسات العلمية في العصور التاريخية تصاحبها معتقدات خاصة، أفاد في تحديد الحقب العلمية عنده، كما أفاد في التنبؤ بنهاية (حقبة الإنسان) التي نحياها. ودرس الجنون والطب والعلاج النفسي خلال أبنية معرفية ترتبط بحقب تاريخية، وتتضمن اللاوعي الفرويدي. وهي أبنية تضرب بجذورها في المجتمع.

    أما (لويس ألتوسير) (1918-1990) فقد رفض المعطى الأنثروبولوجي الذي تضمنته المعركة الفكرية بين سارتر وشتراوس، ليؤكد المفاهيم الاقتصادية الماركسية، ويفصل الظواهر الاجتماعية المشاهدة عن القوانين الكامنة للصراع الطبقي، فغدا ألتوسير بنيوياً باستخدامه هذا المنهج الذي أكّد فيه الأبنية الاقتصادية والمواقف الطبقية.

    وأما (جاك لاكان) (1901-1981) فقد استعان بعلم اللغة. وتقاربه مع شترواس دفع به إلى العمل من أجل الوصول إلى الجذور اللاواعية المشتركة في أحلام الأفراد وفي الأساطير الاجتماعية التي عرفت منذ زمن (الأدب الطوطمي) الذي تحدث عنه فرويد في كتابه (الطوطم والتابو). وقد وجد لاكان في كتابات فوكو وبارت ما يدعم آراءه، فقد أشار هذان إلى المكونات اللاواعية للنصوص الأدبية.

    وأما (رولان بارت) (1915-1980) الناقد الفرنسي المشهور، فقد مرّ بتحولات نقدية عديدة: المرحلة الاجتماعية، والبنيوية، والسيميائية، وحتى التفكيكية، وظل يتجاوز نفسه باستمرار، ويزوغ من تصنيفات الحدود المعرفية، ويرفض أي تصنيف يحصره في نمط معين، لينطلق في تداعٍ حر.

    وقد بدأ بكتابه (درجة الصفر في الكتابة) عام 1953 الذي تأمل فيه تاريخ اللغة الأدبية. ثم وضع (مبادئ السميولوجيا) عام 1964 مؤسساً به سيميولوجيا النقد الأدبي. ثم حمله المد البنيوي إلى أفق أبعد على نحو حاول معه الكشف عن أهمية اللغة غير المنطوقة وغير الواعية في الكتابة وفي وسائل الإعلام، وذلك في كتابه (أسطوريات) 1957 وكتابه (عن راسين) 1963. وما يكاد يصل عام 1970 حتى يقوم بدورة انقلابية كاملة، إذ نسي السيميولوجيا، والبنيوية، وأسلم نفسه للنقد التفكيكي، والحر، وللذة النص، ومتعة الكتابة الثانية. ففي كاتبه (س/ز) 1970 تولّد القراءة تفاعلات وتفسيرات جديدة خاضعة لسحر الدال.

    والواقع أن كتاب كيرزويل هذا هو افضل تقديم شامل للتطبيق البنيوي على حقول العلوم المختلفة. وقد كان موقف الباحثة فيه محايداً، بل لعله أقرب إلى معاداة البنيوية حين وضعت رواد البنيوية وخصومها في سلة واحدة.
    7- ايغلتون ونظرية الأدب

    ثم ظهرت كتب نقدية عالج مؤلفوها البنيوية في فصل واحد منها، وخصصوا الفصول الأخرى للمناهج النقدية التي جدّت بعد البنيوية. وخير مثال لها هو كتاب (نظرية الأدب) لتيري إيغلتون(13). الذي خصص فصلاً منه للبنيوية والسيميائية، رأى فيه أن البنيوية ازدهرت في ستينات القرن العشرين كمحاولة لتطبيق مناهج مؤسس البنيوية الحديثة (فرديناند دي سوسير) الذي افتتح عهداً ألسنياً جديداً بمحاضراته (دروس في الألسنية العامة).

    وقد نظَّر فيها (سوسير) للغة بوصفها نظاماً من الأدلة، تنبغي دراسته (تزامنياً) Synchronic أي دراسته كنظام مكتمل عند لحظة زمنية معينة. وليس (تعاقبياً) Diachronic في تطوره التاريخي. كما ينبغي النظر إلى كل (دليل) sign بوصفه مؤلفاً من (دال) Signifier أي صورة صوتية أو مكافئها الكتابي، و(مدلول) Signified هو المفهوم أو المعنى. والعلاقة اعتباطية بين الدال والمدلول.

    والبنيوية هي محاولة لتطبيق النظرية الألسنية على موضوعات وفعاليات أخرى غير اللغة ذاتها، حيث يمكن أن ننظر إلى الأسطورة، أو مباراة كرة القدم، أو قائمة أنواع الطعام في مطعم، باعتبارها نظام أدلة. فيحاول التحليل البنيوي أن يعزل (مضمون) الأدلة، ويتجاهله، من أجل أن يركز اهتمامه على العلاقات الداخلية في النص.

    وقد تعرض إيغلتون للشكلانية الروسية، على الرغم من كونها ليست بنيوية بشكل دقيق، لأنها تنظر إلى النصوص "بنيوياً"، وتصرف النظر عن المرجع، لكي تتفحص الدليل ذاته. وأشهر ممثليها الألسني: (رومان ياكوبسون) الذي أقام صلة الوصل بين المدرسة الشكلانية الروسية والبنيوية الحديثة، بوصفه كان زعيماً لحلقة موسكو الألسنية التي تأسست عام 1915. ثم هاجر إلى براغ عام 1920 فأسس فيها حلقة براغ الألسنية عام 1926 وأصبح واحداً من منظريها، ومن هاتين الحلقتين الألسنيتين تشكلت المدرسة الشكلانية الروسية (أو الأبوياز) التي ظلت حتى عام 1930.

    ثم هاجر ياكوبسون إلى أمريكا، حيث التقى الأنثربولوجي كلود ليفي شتراوس أثناء الحرب العالمية الثانية، فتوطدت بينهما علاقة فكرية كان لها الفضل في تطور البنيوية، حين اشتركا معاً في تحليل قصيدة (القطط) لبودلير تحليلاً بنيوياً في عام 1962، وأصبح تحليلهما هذا واحداً من كلاسيات الممارسة البنيوية الرفيعة، حيث استخرجا- بعناد وإصرار شديدين- التقابلات في القصيدة، والمستويات الصوتية والتركيبية والدلالية.

    ولكن ريفاتير رد على تحليلهما هذا بمقالة نقدية رأى فيها أن بعض البنى التي حدداها لم يدركها القارئ اليقظ، وأن تحليلهما لم ينتبه لعملية القراءة، فتناول النص تزامنياً، بوصفه موضوعاً في الفراغ، لا حركة في الزمن، وأنهما تجاهلا ما للكلمات من تضمنات حاسمة لا يمكن إدراكها بالانتقال خارج النص إلى السنن الثقافية والاجتماعية التي يتكئ عليها. وهذه تحرمها الافتراضات البنيوية. وقد عالجا القصيدة بوصفها (لغة)، بينما اعتبرها ريفاتير (خطاباً)، فلجأ إلى سيرورة القراءة والوضعية الثقافية التي يتم فيها فهم النص.

    ثم وضع ياكوبسون وظائف اللغة الست: (المرسِل)، و(المرسَل إليه)، و(الرسالة)، و(السنة) المشتركة التي تجعل الرسالة مفهومة، و(التماس) أو الوسط الفيزيائي للاتصال، و(السياق) الذي ترجع إليه الرسالة. ويمكن لأي من هذه العناصر الستة أن يكون مهيمناً في فعل اتصالي محدد:

    -فاللغة تكون (انفعالية) حين تُرى من وجهة نظر المرسِل.

    -وتكون (ندائية) حين يُنظر إليها من موقع المرسَل إليه.

    -وتكون (مرجعية) حين يُعنى الاتصال بالسياق.

    -وتكون (ميتالغوية) حين يتوجه إلى السنة.

    -وتكون (توكيدية) حين ينحرف الاتصال نحو التماس.

    -وتكون (شعرية) عندما يتركز الاتصال على الرسالة ذاتها.

    ثم مثّل إيغلتون للنقد البنيوي بقصة بسيطة عن صبي يغادر البيت إثر نزاع مع والده. فينطلق سيراً على الأقدام عبر الغابة: فيسقط في حفرة عميقة. ويخرج الأب باحثاً عن ابنه، فيمر بالحفرة وينظر فيها فلا يرى أحداً بسبب الظلام. وفي اللحظة التي ترتفع فيها الشمس إلى نقطة فوقه تنير بأشعتها أعماق الحفرة، فتتيح للأب إنقاذ طفله. وبعد مصالحة بينهما يعودان إلى البيت.

    هذه القصة التي تحويها عشر كلمات، يمكن أن تمتدّ إلى عشر صفحات لدى أديب، وإلى مئة صفحة لدى أديب آخر، إذا ما زاد عليها تقنية الاسترجاع (الفلاش باك) والاستباق (الاستشراف). فإذا ما حاولنا تحليلها، فإن مناهج عديدة يمكن أن تعالجها: (فالناقد الألسني) يمكنه أن يجد فيها ثنائيات: الأب/ الابن، والنزاع/ المصالحة، والمغادرة/ العودة، والشمس/ والظلام. كما يمكنه أن يتلاعب بلفظتي SUN وSON.

    وإن (الناقد النفسي) يمكن أن يجد فيها آثاراً محددة من عقدة أوديب التي اكتشفها فرويد، فيبين أن سقوط الطفل في الحفرة هو عقاب يتمناه الطفل لنفسه في لاوعيه نظراً لنزاعه مع أبيه، وربما هو شكل من الخصاء الرمزي أو التجاء إلى رحم الأم.

    و(الناقد البنيوي) يرى فيها ثنائيات ضدية: (فالأدنى) الابن يتمرد على (الأعلى) الأب. ومسير الطفل عبر الغابة هو حركة على محور أفقي. وسقوط ضوء الشمس عمودي. والحفرة تحت مستوى الأرض (أدنى)، تقابلها الشمس (أعلى). وسقوط ضوء الشمس (الأعلى) على الحفرة (الأدنى) يقلب وحدة السرد الدالة الأولى حيث كان (الأدنى) يقف في مواجهة (الأعلى). والمصالحة بين الأب والابن تستعيد توازناً بين (الأعلى) و(الأدنى). كما تدل مسيرتهما في العودة إلى البيت على (وسط).

    ويلاحظ أن التحليل البنيوي، كالشكلاني، يضع (محتوى) القصة بين قوسين، ويركز على الشكل وحده، وعلى العلاقات وحدها. وقد تكون هذه العلاقات بين المفردات علاقة تواز، أو تقابل، أو تكافؤ، أو قلب... كما يلاحظ أن المنهج البنيوي تحليلي لا تقييمي.

    وقد أسهم في (التحليل البنيوي للسرد) باحثون ونقاد عديدون، بدءاً بشتراوس وانتهاءً بجينيت، مروراً ببروب، وغريماس، وتودوروف وبريمون وبارت... الخ، ذلك أن البنيوية قامت بتثوير دراسة السرد. وخلقت علماً جديداً هو (علم السرد) Narratology وكان من أشد المساهمين فيه الليتواني (غريماس)، والبلغاري (تودوروف)، والنقاد الفرنسيون: (جيرار جينيت)، و(كلود بريمون)، و(رولان بارت).

    ولقد بدأ التحليل البنيوي للسرد مع العمل الرائد الذي قام به الأنثربولوجي الفرنسي (كلود ليفي شتراوس)، حيث حلل فيه الأساطير الهندية، باعتبارها تنويعات على عدد من (الثيمات) الأساسية. وتحت التغاير الهائل في الأساطير ثمة بنى كونية ثابتة معينة يمكن أن نرد إليها أية أسطورة محددة. والأساطير- عنده- نوع من اللغة يمكن تفكيكها إلى (وحدات) فردية مثل (الوحدات) الصوتية في اللغة، وهي لا تكتسب معنى إلا حين تتركب معاً بطرائق محددة. ويمكن رؤية القواعد التي تحكم هذه التركيبات بمثابة نوع من النحو والصرف، أي كمجموعة من العلاقات تشكل (معنى) الأسطورة الحقيقي. وهذه العلاقات متأصلة في العقل البشري، كما يرى شتراوس، ولذا فإننا- عند دراسة أسطورة ما- لا ننظر إلى محتواها السردي بقدر ما ننظر إلى العمليات الذهنية الكونية التي تبني هذه الأسطورة، ذلك أن هذه العمليات الذهنية، كإقامة التقابلات الثنائية مثلاً، هي ما تحكي عنه الأسطورة بطريقة ما. هكذا تبدو الأساطير صنعات للتفكير، وطرائق لتصنيف الواقع وتنظيمه. وهذا هو هدفها.

    ويمكن قول الشيء ذاته، كما يرى شتراوس، عن الأنظمة الطوطمية والقرابية. فهي ليست مؤسسات اجتماعية ودينية بقدر ما هي شبكات اتصال وسنن، تسمح بانتقال (المرسَلات). والعقل الذي يقوم ببنائها هو العقل الجمالي لا الفردي، فالأساطير تفكر عبر البشر، وليس العكس. وهي لا تجد أي أصل أو منشأ في وعي محدد، ولا تملك أية غاية محددة منظورة. وإذن فإن إحدى نتائج البنيوية هي (نزع مركزية الذات الفردية) التي لم تعد تعتبر بمثابة مصدر للمعنى أو غاية له. إن للأساطير وجوداً جمعياً شبه موضوعي يكشف (منطقها الملموس)، ويبدي استخفافاً بالغاً حيال أوهام الفكر الفردي وأهوائه، ويرد كل وعي محدد إلى مجرد وظيفة لديها.

    وإذا كان الشكلاني الروسي (فلاديمير بروب) قد حلل الحكايات الشعبية في كتابه (علم تشكل الحكاية الشعبية) 1928 حيث رد فيه كل الحكايات الشعبية إلى سبع مجالات للفعل، وإحدى وثلاثين وظيفة، فإن (غريماس) في كتابه (الدلالة البنيوية) 1966 رأى أن ترسيمة بروب تجريبية جداً. وقد تمكن من تجريد عرضه الخاص من خلال مفهوم (الفاعل) ACTANT الذي ليس سرداً نوعياً ولا شخصية، وإنما وحدة بنيوية. ويمكن للفاعلين الستة (الذات، والموضوع، والمرسِل، والمرسَل إليه، والمساعد، والمعارض) أن يستوعبوا مجالات الفعل المتنوعة لدى بروب، ويساعدوا على القيام بمزيد من التبسيط الأنيق.

    وأما (تودوروف) فقد قام بتحليل قواعدي GRAMMATICAL مشابه طبّقه على (ديكاميرون) بوكاشيو، حيث نظر إلى الشخصيات بوصفها أسماء، وإلى الخصائص المنسوبة إليها بوصفها نعوتاً، وإلى أعمالها بوصفها أفعالاً. ويمكن- بالتالي- قراءة كل قصة في (الديكاميرون) كنوع من الجملة الممتدة التي تجمع هذه الوحدات بطرائق مختلفة...

    ولعل (جيرار جينيت) هو وحده الذي خصص جهوده كلها للسرد، فوضع كتابه (الخطاب السردي) 1972 ميز فيه بين (الحكي) RECIT الذي يعني به الترتيب الفعلي للأحداث في النص، و(القصة) History التي يعني بها التتالي الذي حصلت فيه هذه الأحداث "فعلياً" كما يمكن أن نستدل عليه من النص، و(التسريد) Narration الذي يُعنى بفعل السرد ذاته. ويكافئ الصنفان الأولان الحبكة والقصة في التمييز الشكلاني: فالقصة البوليسية مثلاً تبدأ باكتشاف جثة، ثم تعود من النهاية إلى البداية لتبين حيث حدثت الجريمة. وهكذا فإن (حبكة) الأحداث هذه تقلب القصة أو التسلسل الزمني الحقيقي للفعل.

    ويميز جينيت خمس مقولات مركزية في تحليل السرد، وهي:

    1-الترتيب Order الذي يميل إلى الترتيب الزمني للسرد، وكيف يمكن له أن يعمل من خلال الاستباق أو الاسترجاع أو المفارقة الزمنية التي تشير إلى التضاربات بين القصة والحبكة.

    2-الاستمرار أو الاستغراق الزمني Duration الذي يدل على أن السرد يمكن أن يُسقط الاستطرادات ويطيلها، ويوجز، ويتوقف...

    3-التواتر: Frequency الذي يشتمل على تساؤلات عما إذا كان حدث ما قد حصل مرة في القصة، وسُرد مرة. أو حصل مرة، وسُرد مرات عديدة، أو حصل مرات عديدة، وسُرد مرات عديدة، أو حصل مرات عديدة وسُرد مرة فقط.

    4-الصيغة Mood التي يمكن تقسيمها إلى (البُعد) و(المنظور). فالبعد يُعنى بعلاقة التسريد بمواده الخاصة: هل هي علاقة تلاوة للقصة، أم تمثيل لها. وهل السرد محكي بالكلام المباشر، أم المنقول؟. وأما المنظور فهو ما يمكن أن يُدعى (زاوية النظر). ويمكن تقسيمه- أيضاً- إلى أقسام فرعية. فالسارد قد يعرف أكثر من الشخصيات، أو أقل منها، أو يتحرك معها على المستوى ذاته. وقد يكون السرد غير متبئر، يلقيه السارد الكلي المعرفة من خارج الفعل، أو متبئراً داخلياً تقرؤه شخصية واحدة من موقع ثابت أو من مواقع متغيرة أو من وجهات نظر شخصيات متعددة. كما يمكن أن نجد أيضاً شكلاً من التبئير الخارجي حيث يعرف السارد أقل مما تعرفه الشخصيات.

    5-الصوت Voice والذي يُعنى بفعل السرد ذاته، أي بنوع السارد والمسرود لـه الذي ينطوي عليهما هذا السرد. ويمكن أن نجد هنا تركيبات عديدة بين (زمن السرد) و(زمن المسرود)، وبين فعل تلاوة القصة والأحداث التي تُتلى، فقد تتم حكاية الأحداث قبل حدوثها، أو بعده، أو أثناءه (كما في رواية الرسائل)، ويمكن لسارد أن يكون غائباً عن سرده، أو خارجاً عن نطاقه، أو ممثلاً داخل نطاق السرد (كما في قصص ضمير المتكلم)، أو ممثلاً داخل السرد وبارزاً فيه بوصف الشخصية الرئيسية في الوقت ذاته.

    وينتهي إيغلتون بعد عرض هذه الجهود البنيوية في السرد إلى أن البنيوية مثلت قطيعة مع النقد الأدبي التقليدي، في انكبابها على اللغة. ولكنها أغفلت مفهوم الأدب بوصفه ممارسة اجتماعية وشكلاً من الإنتاج. كما لم تلتفت إلى الكيفية التي يتم فيها استهلاك هذا الإنتاج. وحين وضعت البنيوية (الموضوع) الواقعي بين قوسين، فإنها وضعت الذات البشرية أيضاً بين قوسين، فالعمل الأدبي- عندها- لا يحيل إلى (موضوع)، ولا هو تعبير عن ذات فردية، والمهم عندها هو (نسق القواعد) أو (النظام) المستقل بحياته. ولهذا فإن البنيوية تبدو لاإنسانية. وهي تطالب بقارئ هو في الواقع ذات متعالية متحللة من كل المحددات الاجتماعية المقيدة...

    ويرى إيغلتون أن الاستقبال الذي حظيت به البنيوية في انجلترة قسم النقد الأدبي الانجليزي إلى معسكرين: خصوم يرون فيها نهاية الحضارة، وأنصار "تسلقوا عربة الموسيقى التي كانت في باريس واختفت". ولهذا يعقد فصلاً لـ(ما بعد البنيوية) يعرض فيها إنجازات الحركة التفكيكية لدى (رولان بارت) و(جاك ديريدا)...

    *

    وليس إيغلتون هو وحده الذي ناقش الأطروحات البنيوية، بعد أن عرض إنجازاتها، فهنالك (سارتر) الذي رأى فيها (بدعة بورجوازية)، و(روجيه غارودي) الذي وضع عنها كتابه (البنيوية فلسفة موت الإنسان)(14) ناقش فيه أطروحات شتراوس، وفوكو، وألتوسير، وغودلييه. ورأى أن البنيوية التي حلت محل الوجودية الفرنسية جاءت كرد فعل؛ فإذا كانت الوجودية قد اشتطت في النزعة الفردية، وشددت على الذات وعلى مسؤولية الإنسان، فإن البنيوية التي ورثتها كنقيض لها، شددت على اللحظة الموضوعية، والصرامة العلمية، وسعت إلى منهج العلوم الإنسانية كياناً لا يقل عن العلوم الطبيعية.

    وغارودي في كتابه هذا يلجأ إلى الحِجاج والجدل. وهو إذ يشيد بمنجزات المنهج البنيوي فإنه يُعمل مبضع النقد في "الإيديولوجيا البنيوية" التي يرى فيها أنها انحطّت إلى فلسفة تنفي الإنسان من التاريخ، وتبشر بموت قريب له على صعيد التحليل العلمي.

    بيد أن غارودي إذا كان قد وضع كتابه هذا تحت تأثير الماركسية، ورأى أن ماركس هو الذي أسس (الجدلية البنيوية)! فإنه لم يجعل من البنيوية فلسفة، ذلك أن التصور النقدي والجدلي للبنى يحظر علينا أن ننسى أن هذه البنى ليست بماهيات أفلاطونية، وإنما هي (نماذج) نبنيها بأنفسنا كيما نعلل الظواهر ونسيطر عليها، وبهذا نفلت من صنمية البنى واستلابها برؤيتنا لها على أنها تنظيم للظاهرات وليست كشفاً للماهيات.
    هوامش:

    (1)-جان ماري أوزياس وآخرون- البنيوية- تر: ميخائيل مخول- وزارة الثقافة- دمشق 1972.

    (2)-جان لوي كابانس- النقد الأدبي والعلوم الإنسانية- تر: فهد عكام- دار الفكر- دمشق 1982.

    (3)-ايخنباوم- ضمن: تودوروف- شعرية النثر. باريس 1971 ص 12.

    (4)-ياكوبسون- مقالات في علم اللغة العام- مينوي- باريس 1969، ص 211.

    (5)-تودوروف- ما هي البنيوية؟ سوي- باريس 1968، ص 100.

    (6)-رولان بارت- النقد والحقيقة. سوي- باريس 1966، ص 58.

    (7)-رولان بارت- مدخل إلى التحليل البنيوي للسرد- مجلة (اتصالات)- سوي- باريس 1966، ص 7.

    (Cool-روبرت شولز- البنيوية في الأدب: تر: حنا عبود- اتحاد الكتاب العرب- دمشق 1984.

    (9)-روبرت شولز- السيمياء والتأويل- تر: سعيد الغانمي- المؤسسة العربية- بيروت 1994.

    (10)-فرديناند دي سوسير- دروس في علم اللغة العام- ص 16.

    (11)-إديث كيرزويل- عصر البنيوية- تر: جابر عصفور- دار آفاق عربية- بغداد 1985.

    (12)-جان ماري أوزياس- البنيوية- باريس، 1967، ص 7.

    (13)-تيري إيغلتون- نظرية الأدب- تر: ثائر ديب- وزارة الثقافة- دمشق 1995.

    (14)-روجيه غارودي- البنيوية فلسفة موت الإنسان- تر: جورج طرابيشي- دار الطليعة- بيروت 1979.


    تحليل الخطاب الأدبي على ضوء المناهج النقدية الحداثية ـــ محمد عزَّام

    دراسة في نقد النقد ـ من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - 2003
    __________________
    bounce bounce bounce bounce

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 5:11 am