الأربعاء، يونيو 28، 2006
هوية مصر ... فرعونية ام عربية ام إسلامية؟!
هوية مصر ... فرعونية ام عربية ام اسلامية؟!كتبت هذه السطور منذ عدة اشهر وفي بداية العام كمشاركات للتعليق علي رسالة اثارت موضوع هوية مصر في مجموعة المحروسة وكنت قد صرفت النظر عن ارسالها لاكثر من سبب منها ما يرجع الي وضوح الموضوع بدرجة قد لا تحتاج الي توضيح اصلا وثانيا للطريقة التي سار فيها الحوار ولكن ما كان غريبا -وربما لا يكون كذلك بالفعل- ان ما ورد من اراء وتعليقات حول موضع الهوية من مختلف الاتجاهات تتكررت بصورة شبه متقاربة في حوارات ثنائية وجماعية مختلفة وفي الغالب كانت الاغلبية الساحقة ترفض فكرة الاقتصار علي الفرعونية والحديث عن قومية مصرية الامر الذي لم يحتاج الا الي تجميع هذه الرسائل مع بعضها بدون اضافة تقريبا واخيرا وبعد تجميعها استعدادا لنشرها علي هذه المدونة ثم تردد في النشر حتي انتقل الي عالم التدوين فمدونة بت مصرية قد تناولتها ورد عليها زنجي
هناك جملة اكتبها من الذاكرة لجمال حمدان في شخصية مصر كان مضمونا تقريبا ان" مصر فرعونية الجد عربية الاب الا ان الجد والاب من اصل واحد" ويمكننا ان نضيف باطمئنان الي ما قاله جمال حمدان ان الاب والجد قد اسلما دينا وحضارة للمسلمين وعلي الاقل حضاريا لغير المسلمين والواقع ان ما يعرف بالعالم الإسلامي الان من الناحية الجغرافية هو وريث معظم اكبر واهم الحضارت القديمة ففي مصر الحضارة الفرعونية ثم الفترة الاغريقية الرومانية القبطية والشام بحضاراته و ايضا الاغريقية الرومانية التي شاركت مصر والشام في صنعها بدرجة او باخري وليس فقط في تلقيها ونقلها وهناك العراق بحقبه الحضارية وفارس بحضارتها و شبه الجزيرة الهندية و اذا شبهنا الحضارة الفرعونية وما اضيف اليها في الفترة القبطية الاغريقية الرومانية بانها نهر حضاري التقي بالإسلام دينا واخذ الصبغة الإسلامية بشكل او باخر وحمل معه طميه الحضاري السابق المصبوغ اسلاميا فيما بعد والتقي هذا النهر بانهار حضارية اخري اخذت نفس الصبغة الإسلامية قبل او مع او بعد التقاء مصر بالإسلام لتكون الحضارة الإسلامية الهوية العربية اللغة بدرجة كبيرة والعربية ليست باب او ام فالعربي هو من يتحدث العربية كما يقال -"ألا إن العربية ليست بأب ولا بأم ولكن العربية اللسان، فمن تكلم العربية فهو عربي". فالعروبة اذا ليست مجرد عرق او فكرة عنصرية في الاغلب و العروبة ايضا ليست محصورة في القومين العرب حتي من كانت مؤسسة لديهم علي الثقافة والحضارة واللغة فمفهوم العروبة اوسع مدي من المعني السياسي المؤسس علي هذا العناصر السابقة وفي الاغلب علي اساس علماني بل لا يمكن ان ننفي كلمة العروبة و بل وتبنيها كمحتوي ثقافي بالمطلق حتي عن بعض انصار الوطنية المصرية كمكرم عبيد مثلا وهو المسيحي في الدين المسلم في الوطن كما كان يقول ونضيف ايضا "المسلم في الحضارة" ، و قيمة العروبة لدي التيار الاسلامي حتي من غيرالناطقين بالعربية وغير العرب لا يمكن ان تقل عن قيمتها لدي التيار القومي وان كانت بالطبع لا تعلو علي الدين و لا تتجاوزه كاطار شامل للحياة بما فيها السياسة فتفهم في اطاره فالامة هي الامة الإسلامية قال تعالى: (وَإِنّ هَـَذِهِ أُمّتُكُمْ أُمّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبّكُمْ فَاتّقُونِ) [سورة: المؤمنون - الأية: 52] وكذلك ما ورد في صحيفة المدينة
وقد يفسر ما سبق عن الاصل المشترك للجد والاب وما يقال عن علاقات مختلفة الاوجه- بما فيها الاصل العرقي الواحد و الا متزاج العرقي نتيجة هجرات ويشير البعض الي وجود مساحة كبيرة مشتركة بين اللغة المصرية القديمة واللغة العربية تصل الي الالاف الكلمات المشتركة - بين "الحضارة" العربية قبل الإسلام مع مصر الفرعونية ومناطق اخري تشكل المنطقة الناطقة بالعربية حاليا وهو الامر الذي قد يفسر لو جزئيا لماذا تعربت مصر و لم تتعرب كثير من دول العالم الإسلامي الغير عربي مثل ايران رغم دخول الإسلام واللغة العربية والعرب انفسهم في وقت متزامن في مصر وايران وكذلك التشابه في القرب الجغرافي مع الجزيرة العريية ولا يعني ذلك نفي التاثير العربي الكبير الذي حمله الإسلام في ايرن- لغة وثقافة وحضارة قلبها الإسلام دينا ، عقيدة وشريعة- كما غيرها من دول العالم الإسلامي الغير عربي
هناك نظريات وافكار عديدة حول الاساس الذي تقوم عليه الامم ففي المانيا ساد تاريخها الفكري وبالتالي السياسي لفترة فكرة الاساس العرقي وفي فرنسا سادت نظرية اللغة حتي في طريقة احتلالها وبالتالي انتقلت الفكرة وتركت اثارا اكبر من غيرها في الفكر القومي العربي المتأثر بالفكر الغربي وبوجه اخص الفرنسي ، والي جانب العرق واللغة هناك نظريات وافكار اخري حول فكرة الامة ويمكن بسهولة ملاحظة خطا فكرة الاساس الواحد للامة او الهوية وترك تاثير باقي العوامل كالعرق او تقارب المصالح اوالامال المستقبلية والتهديدات المشتركة او وحدة التاريخ والحضارة او الدين وتفاعل كل ذلك وما ينشئ عنه ومن ناحية اخري خطأ افتراض وجود عنصر وحيد او حتي اهم لا يختلف من حضارة ومكان الي اخر فاذا كانت اللغة هي العنصر الاهم او حتي الوحيد في قيام امة معنية فقد يكون العرق او حتي المصالح المشتركة هي الاهم في قيام امة اخري وعلي كلا فان استيراد مفهوم الامة القومية وصبغتها العلمانية للدولة اضاف الي امراض الامة الإسلامية التي ابتليت بها وتسربت اليها مرض التفكك بعد الوحدة لنفقد وحدتنا بعد ان فقدنا التفوق والسيادة الاخلاقية والاجتماعية والفكرية والعلمية والسياسية والعسكرية وبالمجمل الحضارية في معظم تاريخنا الحضاري وفي افضل الاحوال اصبحت الامة الإسلامية دائرة من دوائر السياسية الخارجية المصرية كما فعل عبد الناصر عراب القومية الاهم
العرب او قسم كبير منهم هم ابناء اسماعيل - ابن ابراهيم عليه السلام العراقي ابن الرافدين و هاجر المصرية بنت وادي النيل ويشير البعض الي اصولها المصرية "النوبية" بوجه اخص - الذي تزوج ايضا من مصرية كما جاء في العهد القديم فلماذا لا ينسب اوينسب العرب -او هذا القسم منهم- الي مصر فقط كما قال بعضهم ولماذا نترك العراق فنكون امام امارة الكويت - او مملكة البحرين- العراقية المصرية وبذلك نكون امام جامعة ووحدة عربية بالفعل فالعرب من بني عدنان ثلاث ارباع جيناتهم مصرية والربع عراقي والاهم لماذا تجاهل هذا الرأي التقسيم الثلاثي او حتي الثنائي للعرب واعتبار العدنانين أي ابناء اسماعيل هم عرب من الدرجة الثانية او حتي الثالثة مقارنة بعرب اكثر عروبة بالمنطق العرقي ومنهم القحطانيين والذي ينتمي اليهم اهل اليمن وهم القسم الثاني لعرب الجزيرة الحاليين وهم ابناء حضارة زراعية عظيمة ويشكل اهل اليمن تقريبا نصف سكان الجزيرة العربية حاليا وبالتالي فالحديث عن الفرق العرقي ليس له اساس مع جذور اسماعيل او حتي جذور العرب باقسامهم سواء في الجزيرة العربية او خارجها خصوصا مع الاصل العرقي المشترك السابق علي الانفصال والانقسام كما يشير الكثير من العلماء ومنهم جمال حمدان في الجزء الرابع من موسوعته شخصية مصر ناهينا عن انها ليست الاساس الذي ينظر له من جهة التيار العروبي للعروبة واذا اخذنا بمنطق بعضهم بالحديث عن الطبع الحضاري الزراعي لمصر المختلف عن الطبع البدوي العربي و المقصود بالطبع عرب الجزيرة فأن ذلك يتجاهل اليمن ودورها وحضارتها وثقلها السكاني الي جانب الكثير من النقط الزراعية او المدنية في الجزيرة الي جانب تجاهله لاصول احفاد ابراهيم وهاجر والاهم اننا نتكلم عن امة اسلامية
وكذلك يتجاهل هذا الراي -المعتمد بصفة اساسية علي عامل المهنة لوصف الحضارة والهوية- ان وصف الحضارات بالزراعية لا يغير كثير من الاختلاف الكبير بينها فلا يعقل ان تكون حضارة زراعية في اقصي الشرق او الجنوب وتقترب بنفس الدرجة مع اخري في اقصي اغرب او الشمال في القيم الحضارية –المدنية المادية والثقافية المعنوية- وكذلك مع مصر بل واكثر مما تقترب الاخيرة مع باقي الامة الإسلامية و خصوصا القطاع العربي منها لمجرد الاشتراك في الصفة الزراعية وهو امر يبدو يصعب الاقتناع به كما ان مجرد الاشتراك في نطاق جغرافي او قاري معين لا يمكن ان يصلح في حد ذاته لذلك مثل الفضاء الافريقي المتحد المحدود المسئولية لصاحبة ومديره الاخ القذافي - الفيلسوف والمفكر والمؤرخ والمنظر السياسي وعبقري كل زمان وكل مكان وكل تخصص - ولاولاده من بعده وكذلك الحديث عن حضارة بحراوسطية كما ان الصفات التي توصف بها الحضارة مثل الرزاعية يصعب الاقتصار عليها فقط علي الاقل حاليا لان الكثير منها تتسم بالصفة الصناعية منذ عدة قرون فهل كان لها هوية قديمة غير صناعية واخري حديثة مع التحول المعلوماتي و الصناعي والذي يمتد حاليا الي قرون طويله فاذا قيل ان الاهم هو الجذر الاصلي للحضارة فان ذلك يعني اولا الاعتراف بعدم اهمية او التقليل من اهمية الحرفة والمهنة الغالبة حاليا في تحديد الهوية وهو مايعني ضمنا عدم اهميتها الكبيرة او عدم القدرة علي التطور ومن يقبل هذا التطور منهم فلماذا لايقبل تطور الهوية الفرعونية الي الإسلامية او فرعها الثقافي العربي حاليا التي تعتبر مصر اكبر منتج لثقافتة العربية حاليا و منذ فترة طويلة وبالنسبة لمصر حاليا فتتساوي فيها مساهمة الزراعة في الاقتصاد القومي مع الصناعة ناهينا عن تداخل الصفات الذي يمكن ان يوصف به الانسان حاليا فشخصيا اعيش في مجتمع زراعي متأثر بشكل او باخر -قد لايقل عن طبيعته الزراعية- بالعصر الصناعي ومنجزاته وبدرجة ما بعصر المعلومات ويبدو ان البعض حتي لا يساوي بين القرآن وتأثيره وتأثير حمل ادوات العمل والاقتصاد في هوية وانتماء الانسان خصوصا مع دين شامل
ليس اسوء من الادعاء بنفي أي تاثير فرعوني علي الشعب المصري الحالي و بوجه اخص عرقيا عن الاقباط المسلمين الا نفي عروبة واسلامية هذا البلد ومحاولة ابعاده عن امته الإسلامية وحتي محيطه العربي والنظر الي قضاياهما علي اساس مصلحة دولة و ليس كجزء من كيانهما وجسدهما الواحد الذي يجب ان يتداعي لبعضه بالسهر والحمي اذا مرض احد اعضائه كما يعلمنا رسولنا الكريم -صلي الله عليه وسلم -واذا كان بعضنا من الحكام او ادعياء الفكر او الثقافة وتابعيهم لا يري ذلك فالوضع يختلف لدي الاغلبية ولا نعلم كيف يتم التعامل مع احكام الجهاد كفرض عين علي كل مسلم او حتي كفرض كفاية في حالة تعرض دولة اسلامية للغزو مثلا فسيكون من السخرية ان يعتبرالمسلم النيجيري مثلا- مقارنة بمصري وطني او حتي خائن- الذي يجب عليه الجهاد والتضحية بالنفس والمال والعرق اجنبيا عن مصر وكذلك اي احكام اخري مشابهة وعلي الاقل سيكون هناك من يقوم بها او ينادي بها ولعلنا نذكر ازمة حديث مرشد الاخوان وبمعني اخر لايمكن ان نضع الوطنية او القومية فوق خالق الوطن والكون وفوق دينة هذا علي افتراض وجود تعارض والذي يمكن تلافيه في اطارفهم الوطنية والقومية في اطار الشرع الاسلامي باعتباره ليس مجرد صلة روحية او اخلاقية بين العبد وربه
كذلك ان الحديث عن عدم وجود أي تأثير للفرعونية علي المصريين الحالين وبالتحديد علي المسلمين -الذي لا يختلف عن رفض التطور والتغيير الذي حدث لهوية مصر- لا يفسر لماذا تختلف مصر في اللهجة عن سوريا مثلا وكذلك في بعض العادات والتقاليد الاجتماعية بدرجة او باخري رغم التشابة الكبير داخل الاطار الاسلامي الشامل والاشتراك في تاريخ واحد الي حد كبير بعد الفتح الإسلامي ناهينا عن تاريخ ما قبل الفتح الإسلامي ولا يعني ذلك الاقرار بما يدعية البعض عن وجود لغة مصرية خاصة مختلفة عن باقي اللغات العربية" اللهجات" والا جاز ان ناخذ بنفس المنطق في التعامل مع اللهجات المصرية المحلية كما ان اللهجات العربية في الجزيرة لم تقتصر فقط علي لهجة قريش التي نزل بها القرآن ويشير البعض الي وجود مساحة كبيرة مشتركة بين اللغة المصرية القديمة واللغة العربية تصل الي الالاف الكلمات المشتركة وكذلك بعض العادات التي قد تختلف من مكان الي اخر –فبعض عادات البدو مثلا في بعض مناطق الجزيرة العربية تعطي حرية اكبر للمراة منها في المناطق الحضرية في الخليج- ونطالب باستقلال كلا منها وتكوين دولة خاصة واعتبارها حضارة مستقلة بلغة وعادات خاصة بها بل ان الغريب كيف سنتعامل مع بعض اللهجات او العادات التي قد تقترب من لهجات او عادات خارج مصر ربما اكثر من مناطق اخري داخلها فالي جانب العادات المصرية القديمة التي اخذت الصبغة الإسلامية او هكذا يفترض بمعني ان ما يخالف الإسلام منها حرم اذا كان حراما وكره اذا كان مكروها ونفس الامر مع المستحب او الفرض وفي حالة المباحات فالخيار مفتوح بل انه حتي في حالة عدم الالتزام بحكم او اخر من احكام الدين والالتزام بعادة اجتماعية مخالفة فعلي الاقل سيكون هناك مرجع وميزان يتم تقييم هذا العمل به ورفضه حتي وان تم ممارسته اجتماعيا فالفرق كبير بين فعل معصية وبين استحلالها أي ان رفض فكرة استمرار التقاليد والعادات امر لا يتسم بالدقة وينفيه الواقع كما ان الصبغة الإسلامية التي تاخذها الان يؤكد اسلامية هذا البلد أي اننا امام ثنائية الاستمرار/ الانقطاع الحضاري بدرجة او باخري - الفرع النهري الحضاري كما سبق وصفه- الواقع ان ثنائية الاستمرار /الانقطاع الحضاري يؤكدها ايضا ما قيل عن الاصل العرقي والجغرافي المشترك كما سبق
واذا قيل مصر او الفرعونية استوعبت الإسلام في اطارها وكون هويتنا فرعونية حاليا لا ينفي الإسلام عن اغلبية الشعب كما ان هناك من العرب من غيرالمسلمين فالرد علي ذلك ان الإسلام اشمل واعم كما ان قيمه هي الحاكمة والمهيمنة فلو اختلف حكم شرعي مع قيمة او عادة فرعونية خصوصا ان الإسلام ليس مجرد عقيدة ومجموعة شعائر وعبادات او صلة روحية، فما هي المرجعية الحاكمة ما نعتقد انه الحكم الشرعي او العادة ؟! فاذا كانت الاجابة الطبيعة من أي مسلم هي الحكم الشرعي فيكون المكون الفرعوني مفهوما في اطار الإسلام كدين يشكل القلب والعقل والمرجعية والاطار الشامل المهيمن والحاكم وميزان تقييم الاعمال للحضارة الإسلامية وبالتالي يشكل الاسلام الهوية لنا
هل ستكون عملية التحنيط مثلا مقبولة لو حالفت القواعد الاسلامية ؟ و الي أي مدي مثلا يمكن الربط بين تعاليم بتاح حوتب -كما جاء اسمه في قصة الحضارة لديورانت او فتاح حتب كما يسميه سليم حسن في موسوعة مصر القديمة- بعدم القرب من اماكن النساء وبين العادة الاجتماعية الحالية التي يعبر عنها بعدم دخول رجل لمنزل بدون وجود رجله والتي هي بالطبع ترجمة بشكل او باخر لضوابط الخلوة الشرعية في الإسلام وحتي من يجهلها او يعلمها بدون تنفيذ فهناك مرجعية ميزان لسلوكه وهو الشرع ما عدا من تغربوا وتعلمنوا بالطبع
والمبدا السابق ينطبق ايضا علي التقاليد والافكار القادمة من الخارج الينا أي قياسها وقبولها او رفضها طبقا لمعايير الشرع واحكامه فما سيدخل منها الي الجسد الاجتماعي او القانوني سيدخل -او يجب ان يدخل- بصورة لا تمثل نشازا خارجا عن الاطار العام او مخالفا لشرع الله ويصبح اسلاميا كباقي المنظومة الفكرية او الاخلاقية ناهينا عن العرف كمصدر استدلال للاحكام الشرعية عند بعض الفقهاء كما بينوا شروط ذلك فان الاصل في المعاملات الاباحة فكثير من الاعراف السابقة علي الاصل ستاخد حكم الاباحة وحتي اذا حدثت مخالفة فسيظل النظر اليها كامر خاطئ ومرفوض في هذا الاطار الحاكم المهيمن والشامل
اما بالنسبة لعدم حكم مصر من المصريين والذي يعترض عليه البعض من القومين ورغم انهم كما يفترض في دولة الوحدة لديهم ستكون مصر عرضة للحكم من غير المصرين و كذلك الحال بالنسبة للتيار اليساري وامميته وكعبته السابقة في موسكو بل ان الليبرالية بدعوتها الي العولمة لا تختلف عن ذلك ولا نعلم لماذا يكون وصول مهاجر نمساوي كارنولد شوارزينجر الي حكم احد اكبر ولايات امريكا او الوصول المحتمل لساركوزي المهاجرالمجري الي رئاسة فرنسا او رئاسة ايطالي او اسباني لاوربا الموحدة امر تقديميا يفتخر بعضهم به و لا يكون الوضع لدينا كذلك وهو كان كذلك بالفعل في اكثر فترات التاريخ الإسلامي و لايختلف نظرنا الي الاندونيسي عن نظر دعاة الوطنية الي مصري اخر من محافظة غير محافظته واعتقد ان الاغلبية لاترفض حكم غيرالمصري لمصر في حد ذاته فكل من ينتمي الي امتنا الإسلامية هو جزء منا ولا يهمني ان يحكم رئاسة الدولة الموحدة او حتي مصرشخص من اصول سورية او عراقية او تركية او نيجيرية او اندونيسية فالاهم هو مدي كفاءة المسئول والطريقة التي وصل بها الحكم وكيفية ممارسته للحكم و في نفس السياق يمكن مثلا ان نسأل اذا كان فاروق ليس مصريا والاسرة العلوية التي اقامت في مصر حوالي 150 عاما البانية غير مصرية فان عبد الناصر بنفس المنطق لا يمكن اعتباره مصريا فاسرتة تتنمي الي بني مرة وهم عرب هاجروا من الجزيرة العربية وهو امر نرفضه بالطبع مع ملاحظة انا لانتكلم عن مستوي نظام الحكم السئ من الاساس وماذا لو طبقا ذلك علي سكان العالم الجديد في الامريكيتن واستراليا مثلا؟! وعلينا ان نحاكم صلاح الدين علي جريمته في حكم مصر والمماليك حتي بما قدموه من ايجابيات وتضحيات وليس فقط الاخطاء والمساوئ التي ارتكبوها كذلك فمن المنطقي ان نسال ما جنسية -طبقا للمصطلح المستخدم حاليا- كلا من المماليك و محمد علي والشعب المصري كله؟ الاجابة هو الانتماء للدولة واحدة هي سواء كانت العباسية بالنسبة للماليك لمن قدموا منهم من مناطق تابعة لها وحتي من قدموا من خارجها سواء من العالم الاسلامي او من خاجرة فقدموا اطفالا صغارا عاشوا معظم حياتهم فيها كما هو حال كثيرين مهاجرين في امريكا او اوربا اما عن الاسرة العلوية فالانتماء الدولة العثمانية كما هو حال الشعب المصري كله هذا من الناحية القانونية وقت توليه حكم مصر وبالتالي عائلته من بعده ناهينا طبعا عن الحكم الشرعي في الانتماء لامة واحدة كما نؤكد ونكرر بان حتي بالنسبة من يرفضوا الحكم العباسي اوالعثماني فالمعارضة لسوء الحكم لا لانتماء لدولة اسلامية واحدة موحدة
فاذا كان هذا حال كثير منا الان بالتمسك بالوحدة الاسلامية واعتبار من ينتمي الينا مثله مثل المصري فما بالك في الزمن الماضي حيث لم تكن فكرة القومية بمعناها الحديث قد نبتت حتي في اوربا ناهينا عن وصولها مصر فيجب فهم الحدث في اطاره الزمني فلا يوجد ما يدل علي اعتباراغلبية المصريين لمن حكموا مصر بعد ان دخل معظم المصريين الإسلام علي الاقل اجنبيا محتلا ، ولا ينفي هذا وجوب رفض نظام الحكم لظلمه او استبداده او حتي استعباده للشعب من الحكم بدرجة او باخري مثلا ولا يختلف عن رفضنا لنظام حكم مصري ظالم كالنظام الحالي بدون ان يعني ذلك رفض الانتماء الي مصر اوالمطالبة بالاستقلال لكل محافظة من الاحتلال المنوفي او رفض حكم شخص لاينتمي الي محافظتي لحكم مصر! نعم يمكننا ان نجد استبدادا وظلما وبل وعدم مشروعية مرفوضة ايا كان مصدرها مصريا كان او غير مصري وهذا هو موقفنا من الملك بعد الخلافة الراشدة والدعوة الي الخلافة ليست كما البعض بسذاجة دعوة لحكم ملكي وراثي استبدادي بل العكس هو الصحيح وعلي ذلك فموقفنا من الخلافة بعد العصر الراشدي هو الرفض ليس لعدم مصرية الحاكم بل لعدم او نقص مشروعيتها فنرفض ما بها من مساوئ الملك العضوض او الجبري التي لا يمكن مقارنتها بما يحدث الان او من معظم النظم العلمانية في عالمنا الإسلامي او خارجه ونتمسك بما فيها من ايجابيات تتفق مع الشرع ومنها وحدة الامة بدرجة او باخري وهو امر قد لا يتفق بالضرورة مع نظرة بعض القومين العرب التي لا تري الا مساوئ العصر التركي والعثماني بدون أي ايجابيات مع بعض التساهل او كثير منه عند الحديث عن العصر الاموي والعباسي باعتبارها اسراً عربية او رفض كامل وتجني احيانا كثيرة من بعض العلمانيين لكل فترة الحكم الاسلامي وهو ما يقودنا الي مسالة الاستقلال مرة اخري هل هو ميزة في حد ذاته بمعني هل استقلال نيويورك عن امريكا الان من مصلحتهم ام لا؟! وبصفة عامة ما المصلحة والعائد والايجابيات من هذه الافكار وما سلبياتها واضرارها ؟
كعدو للسياسة الامريكية- وقد يشاركني الكثير في ذلك النظر-انظر الي تفتيت امريكا كملصحة لنا وبالتالي هل الاستقلال وتفتيت امريكا شئ يمكن ان يفتخر به أي امريكي وبالتالي هل "استقلال" مصر عن امتها ان جاز ان نسميه استقلالا من الاشياء الجيدة ولا اتحدث هنا عن احتلال اجنبي كالانجليزي او الروماني بل اتحدث عن العروبة والإسلام فهل كان المصري ينظر طول التاريخ الإسلامي الي الحكم الإسلامي كاحتلال يستحق الاستقلال منه؟! كان معظم العالم الإسلامي تحت حكم دولة واحدة تسيطر علي نسبة كبيرة من العالم المعروف وقتئذ وتري الاغلبية الساحقة من الشعب انهمامة واحدة في الوقت الذي كانت اوروبا فيه تحت حكم اقطاعيات - اقطاع بمعني الكلمة- وحكم ديني كهنوتي -ثيوقراطية حقيقية وليس مشكلة وهمية استورد دعاة العلمانية بعد ان استوردوا الحل وهو العلمانية في شق الضب الذي دخلوه!- ثم تحسن الوضع واتجهوا الي مفهوم الدولة القومية التي وحدت الكثير من الاقطاعيات ومع التخلص من الحكم الديني الكهنوتي عن طريق العلمانية - التي لها جذورها منذ مدونة الالواح الاثني عشر قبل الميلاد ثم في مبدا اعطاء قيصرما له ولله ما له علي حسب ما يعتقده اتباع الكنائس ويردده دعاة العلمنة- وتتجه اوروبا حاليا الي وحدة فوق قومية في الوقت التي تراجع وارتد العالم الإسلامي الي التخلف والتفتت باسم القومية والوطنية علي اساس علماني وهو اهم الاختلافات بين التيار الإسلامي والقومي العربي فمن ناحية الاساس العلماني للدولة ومن ناحية اخري حجم الامة في نظر التيار الإسلامي التي تضم العالم الإسلامي من اندونيسيا الي نيجيريا وولدي التيار القومي العربي تقتصر علي خمس الامة الاسلامية تقريبا و لم تفلح الوحدات القومية في اقامة دولة قومية عربية موحدة ولو حتي علي اساس علماني الي الان بمعني اخر ان منحي النهضة التصاعدي في اروبا ارتبط بوحدة الاقطاعيات الي دول قومية ثم دولة عابرة للقوميات تتشكل حاليا اما المنحي لدينا فمنحي تنازلي حضاريا ووحدويا فمن التفتت الي مزيد من التفتت ونبحث عن مزيد من اسباب التفتت باسم العلمنة والاستبداد باسم نظم قومية او وطنية علمانية التي فشلت في تجميع العرب او حتي الاتراك في دولة واحده ثم في مزيد من التفتت والاقلمة مع مزيد من العملنة ومزيد من التخلف والاستبداد والاوهام والسراب باسم العلمانية
ليس من الغريب ان الدعوة الي فرعونية مصر ارتبطت في بعض الاحوال بالهجوم بل والعنصرية الفجة لدي بعضهم علي العروبة -حتي علي الاسلام من بعض من يفترض فيهم الإسلام- اوعلي الاقل بنفي وتجاهل او انتقاص من العنصر و التاثير العربي وربما الاطار الإسلامي الشامل او حتي التجني والاختلاق وفي المقابل تقديس الفترة الفرعونية او حتي الغرب وتاريخه وربما غيرالعرب عموما مثل الحديث عن رفض دخول العرب الي مصر حتي لو اتسم الحكم بالعدالة ورفض حكم أي اجنبي لأي دولة ولا اعلم لماذا لم يطبق ذلك ايضا علي التوسع الامبراطوري الفرعوني في الخارج او الحكم الاغريقي البطلمي الروماني واعتباره عملا مرفوضا بدلا من مدح وتقديس الحروب الفرعونية مقابل الهجوم علي الفتح العربي ؟ وكالحديث عن العرب قتلة الخلفاء! ما صفة قاتل عمر ومن اين جاء قتلة عثمان؟! وماذا عن تاريخ بني اسرائيل وتاريخ غيرهم مع الانبياء ؟ وربما يجب ان نحمل العرب مسؤلية قتل " ابناء عمومتهم" من بني اسرائيل للانبياء! وايضا هل هناك من نبي لم يقاوم ويتاذي من اهله وبالتالي هل يتحمل العرب فقط مسئولية اذي الانبياء ولماذا لا نحملهم شرف تحمل اذي الكفار ونصرة الرسول صلي الله عليه وسلم وحمل الرسالة الي العالم وايهم اقرب الينا فكرا وعقيدة وعاطفة الصحابة العرب ام كفار قريش العرب قبل الإسلام او اهل النفاق والشعوبية والعنصرية بعده؟! بالفعل وجدت في مصر باليهودية والنصرانية قبل قب دخول الاسلام مصر -وان كان الايمان بالإسلام يعني بالضروة الايمان بكل الرسل ودينهم الاسلام كما يعني ان الايمانب ان الاسلام ملة كل الانبياء وان اختلفت الشرائع وهذا غير التحريف والتبديل الذي ادخل علي ما سبق الاسلام - و لكن ماذاعن تعامل مصر مع الدين وهل كان تعامل كل المصريين مع الانبياء ابراهيم و موسي وعيسي او غيرهم ومع اليهود ومع المسيحين كله ايجابيا ؟!هل كان التاريخ الفرعوني مجيد ا كله خاليا من الكذب والانحطاط الاخلاقي بصورة او باخري علي الاقل في فترات الانحطاط ؟ الغريب ان نجد من يفتخر بكتابات حكيم فرعوني -اشاركه الافتخار به- ولكن يجب الانتباه ايضا الي ان ما كتبة الحكيم إبور فيما يعرف" تحذيرات نبي" التي ينظر لها كفجر وللعدالة للضمير من قبل برستيد في كتابة "فجر الضمير" ويتغني بها دعاة الفرعونية هي عملة من وجهين احدهما هو المدي الذي وصل اليه الانحطاط الاخلاقي والاجتماعي والسياسي الشامل الذي كانت فيه مصر في هذا الوقت والتي تجعل من السهولة تشبية بيبي الثاني ومدي الضعف ومدي الفوضي التي لتلته لقرون ببعض ما يحدث في عصر الفرعون بيبي الحالي وربما ولده -وقي الله مصر شر ما تلي بيبي الثاني القديم-
وهل كان تاريخ غير العرب -ومنه الفرعوني- يخلو من جرائم الاغتيال والقتيل والفتن السياسية او غيرها؟! ام ان هذا فقط يقتصر علي تاريخ عرب الجزيرة ! وعلي المنوال السذاج المعتاد- طريقة اول من امن بالتوحيد والعدل اعتمادا فقط علي التاريخ المعروف لدينا- من اول دولة شهدت جريمة اغتيال سياسي ؟ ومن اول دولة شهدت سقوط نظام حكم فاسد وسيئ وثورات وفوضي شعبية اجتماعية وقيمية وسياسية وتفتت الدولة؟!
الغريب ان احد اهم ما يتباهي به دعاة فرعونية مصر هو الحديث عن نقل تأثر اليهود بالفراعنة في كتبهم فاما ان يكون القائل بذلك مقتنع بتحريف او بشرية هذه الكتب وبالتالي فعملية النقل لا تستحق هالة التقديس التي تحيطها او ان يكون مقتنعا انها من عند الله ويكون التاثير الفرعوني بلا قيمة فلا يعقل ان يكون الله عز وجل قد نقل عنهم او اما ان تكون بعض التعاليم الفرعونية هي تعاليم من انبياء ورسل ممن لا نعلمهم وتم تحريفها وهو ما يحسب عليهم وفي كل الاحوال فمن يؤمن بالإسلام -اوحتي بغيره- يؤمن بانه الدين الخاتم الذي يستوعب ما قبله ويهمين ويعلوعليه وينسخ ما يخالفه
وقس علي ذلك الحديث عن مصر ككونها اول من عرفت التوحيد هل كان ادم من غيرالموحدين ام ماذا؟! بالطبع يمكن ان ننفي توحيد او حتي وجود ادم التاريخي حتي لو حدثنا الانجيل والتورتة بل والقرآن كما فعل طة حسين في الاسطر التي حذفها من كتاب في الشعر الجاهلي التي يصر جهلة العلمانية علي التمسك والتفاخر بها حتي رغم خذفها من قبل الرجل نفسه كما فعلوا مع ماكتبه في مستقبل الثقافة العربية رغم ما يقال عن تراجع منه عنها كما يذهب البعض كمحمد عمارة في "الإسلام والسياسية الرد علي شبهات العلمانيين" والاهم انها من الاصل افكارا ساذجة و اسوء ما كتب طه حسين ومن الطريف ان يكون كتاب طه حسين وما تضمنه من هجوم علي القران و الانجيل والتوارة الذي كان سبب الهجوم الاكبرعلي الرجل وما تعرض له والذي هو سبب احتفال التيار العلماني به في الوقوت الذي يكون أي تعرض للديانة المسيحة واليهودية غالبا مدعاة اتهام بالارهاب والتحرض علي الكراهية وينسي هؤلاء وقتها كل حديثهم بالحق او بالباطل عن حرية الفكر والتعبير وتحطيم المقدسات لارساء قواعد المتهج العلمي.
لا يمكن ان ننهض بدون دراسة حقيقة وجادة لتاريخنا بكل حقبة الفرعونية او القبطية او الإسلامية التي نحيي في ظلها الي الان ولكن وضع هالات التقديس المزعومة شئ يختلف عن الدراسة الجادة الموضوعية لكل الفترات وما فيها ولا يمنع ذلك من الاعتزاز بفترات التقدم والنهوض ومنها الفترة الفرعونية احد اقدم واهم واعرق حضارات العالم وربما يصلح ما كتبته في مدونة احداث الاسكندرية .....اوجاع واوهام الاقباط و ايضا أوهام و أوجاع الاقباط .. مرة اخري حول مسالة فرعونية مصر و كون الاقباط هم ورثة الفراعنة بسبب خرافة النقاء العرقي او السبب اللغوي ناهينا عن الديني لتأكيد ما سبق
و كما حدث مع النظر بقدسية وهمية الي التاريخ الفرعوني صاحب الدعوة الي رفض العربية او أي صفة عربية في بعض الاحيان هجوم علي العرب وتاريخهم او علي الإسلام وتقديس لتاريخ والرجل الابيض قد لا يصدقه عقل و ربما لا يحتاج الا الي عقل طفل ليمكن الرد عليه - فعلي ما يبدو فان هناك من لا يري في العروبة والمسلمين و ربما الإسلام أي حسنات ومع المبالغة في الاخطاء ان وقعت والتضخيم منها او اساءة تفسيرها اواختلاقها ربما بسبب عقد نفسية او تجارب شخصية لايصعب ملاحظتها عند تناول كثير من هولاء للشان الخليجي مثلا- في مقابل تقديس الرجل الابيض وربما يكون كتاب طة حسن عن مستقبل الثقافة السابق الاشارة اليه من العلامات الدالة التي لا تري الا الالتحاق بالغرب وطريقه ولا اعلم لماذا يخطر لي احيانا ان التضخيم المبالغ فيه في النظر الي التاريخ الفرعوني ولو في لا وعيهم التي لا تري أي سيئات فيه ربما تكون نتيجة من اثار التبعة الفكرية والتاثير الفرنسي تحديدا الذي يكاد يقدس هذه الفترة وربما بدافع اكتشاف فرنسي لحجر رشيد و نسبة فضل ذلك اليهم او بدافع التاثير بالفكر الغربي والفرنسي بوجه اخص لمفهوم الدولة القومية خصوصا مع التاثير الكبير للثقافة والفكر الفرنسي عل يما كثير مما يطلق عليهم رواد الفكر والاستنارة والمزعومة من بني علمان
بصرف النظر عن صحة ماسبق من استنتاجات من عدمه وصل بعضهم الي ما قد يستحي من قوله مستشرق لديه بقيه عقل او علم او حياء فمثلا الاندلس وهي ازهي فترات اسبانيا واروبا بل و احدي ازهي فترات الانسانية التي يتباهي بها كثير الاسبان الي الان اصبحت بقدرة قادر فترة همجية متخلفة ولم تنهض اوربا الا بالتخلص من الهمج العرب المسلمين وتخلفهم ، هل كان لدي الاسبان القدرة علي التقدم وقيادة اروبا وغزو العالم بدون ما ورثوه من الهمج العرب ؟! و هل لنا ان نقارن اوضاع اسبانيا تحت الاحكم الإسلامي وما قدمه الإسلام لاوربا بما فعله الغرب المتحضر بالإسلام في البقاع الاوروبية الإسلامية وابادتهم -مع اليهود- والذي استمر مسلسله حتي وقت قريب في البلقان؟! فيبدو ان ملايين البشر ما بين قتيل ومنفي ومجبر علي التنصر ومحاكمات محاكم التفتيش لا تكفي في نظر بعضهم لوصف الكثير من تاريخ اوروبا بالهمجية حتي لو اعترف بها ابناء اوروبا انفسهم ! هل يمكن مقارنة ما حدث في الامريكتين وابادة سكانهما بما فعله الإسلام بالبلاد التي فتحها ؟! مازال الموزاييك الديني والحضاري الذي كان موجود قبل الإسلام محتفظا بكل عناصره بدون ابادة حتي وان قل بحكم التحول الطوعي الي الإسلام و بالمناسبة اين لجأ اليهود للهروب من الاضطهاد الاروبي والانضمام الي اخوانهم من اليهود؟!! ربما كان علي العرب الهمج معاملة اليهود في الاندلس او في باقي العالم الإسلامي وكذلك غيرهم من غيرالمسلمين كمعاملة فرعون موسي لبني اسرائيل او معاملة الغربي لليهود او لغيرهم!
وكيف يمكن النظر الي ما حدث في البلقان منذ حوالي عقد واحد من مئات الالاف من حالا القتل والاغتصاب والتشريد او ماحدث في الحروب العالمية " الغربية" وما يقرب من50 مليون قتيل فيها او ما يماثلهم تقريبا في الابادة شبه الكاملة لقارتين؟!
من المفارقات الغريبة صدفة غريبة جدا جمعتني بقتاة اسبانية- قبل اثارة هذا الموضوع بفترة بسيطة - طلبت في اول الحديث الذي جري علي برنامج مكتوب ان نتحدث بالعربية وقدمت نفسها كعربية معتزة بجذورها العربية وبما قدمتة الحضارة العربية الاسلامية عموما و لاسبانيا خصوصا وتصورت انها مهاجرة او من اصول عربية هاجرت فاذا بها تقول لي ان اسبانية ومن جذور اندلسية تعتز بها وانها مسيحية وتتمسك بمسيحتها ولكنها تعلم كما تتوارث عائلتها ان اهلها ممن اجبروا علي التنصر وانها لذلك قررت التخصص في الدراسات العربية الاندلسية وللاسف توقف برنامج مكتوب وفقدت التواصل معها
وفي اطار الكلام عن الحديث الجاهل عن انتشار الإسلام وهمجية العرب الم يحمل التجار "العرب الهمج بكذبهم" الرسالة الي غير المسلمين "اغلبية المسلمين حاليا" عن طريق تجارتهم باخلاقهم وقيمهم التي جذبت غيرالمسلمين الي الإسلام ؟! اوحتي في ظل الفتح الذي لم يحمل ولا يجوز له ان يحمل معني الاجبار علي الإسلام ومن يقول العكس سنطالبه بالدليل وهل سيكون هذا الدليل هو الحكم الإسلامي نفسه بطرق مباشر او غير مباشر مثل الاستدلال الساذج بالجزية ؟!
الهوية -بما تعنية من نظرة وتعريف الانسان لنفسه و لغيره، للكون ولخالقة- اذا اعمق من مجرد الارتباط باسم دولة او نظامها– كمجرد نص او تسيمة في دستورها - الذي قد يتغير بين يوم وليلة ما لم يكن هناك توافق بين الاسم والهوية فهل الفلسطيني الذي يحمل الجنسية الاسرائيلية يهودي ام اسرائيلي ام عربي فلسطيني مسلم الدين او الحضارة في الاغلب ؟ وهل لو تغيير اسم أي دولة يعني ذلك تغير هوية الشعب؟ فالإسلامية والعروبة مثلا لسكان ما يعرف بالسعودية هي اعمق بكثير من وصفهم الرسمي او السياسي بالسعودية ويمكن ان نحيل الي الموقف الفقهي والشرعي من الملك العضوض ورفض اساس وجوده من اول بني امية الي ال سعود وهو ما بني عليه موقف المعارضة الإسلامية داخل السعودية واكثرهم يرفض حتي مجرد وصفه بالسعودي او وصف بالدولة بذلك ويفضل كلمة جزيرة العرب كما يفعل بعضهم او نجد والحجاز كما يفعل غيرهم كجزء من الامة الإسلامية الواحدة
والسؤال الاهم هنا ما هو العائد من رفض وصف مصر بالإسلامية او بالعربية وما اثر وانعكاس هذا الوصف علي الواقع الذي نعيشه ؟ وهو سؤال منطقي فتحديد هوية شعب يبني عليه ويتضمن الكثير سواء في نظرة الانسان الي الكون وخالقه والي نفسه و الي غيره وعلاقته بهم سواء من ينتمي الي نفس الهوية او المخالف له في الهوية داخل بلده وخارجها ونظرته الي حكومته وسياساتها الداخلية والخارجية ونظرته لمجتمعه فما المطلوب ؟! ترك الاسلام كمرجعية سلوك وحياة كشريعة وعقيدة او ترك العربية مثلا ! وهل نتعامل معها كما نتعامل مع أي لغة اجنبية ؟! وما تأثير ذلك ايضا علي مستقبلنا بل واخرتنا؟ وما تاثير ذلك علي مجمل علاقتنا بتراثنا الحضاري العربي الإسلامي ناهينا عن التراث الديني الفقهي وكذلك النصوص الشرعية من قرآن وسنة الذي يسعي كثير من المسلمين غير العرب الي تعلمها وتعلم العربية و يمثل تحدث العربية امرا مهما و موضع حسد الكثير من المسلمين غيرالعرب للعرب ، ولمن يتحدث العربية مكانة مميزة لديهم لسهولة اطلاعه علي نصوص وعلوم الدين حتي للعامي ناهينا عن التخصص والتفقه فيها ولا نعلم اذا كان هذا حال معرفتنا بالدين حتي علي مستوي مايسمي بنختنا ونحن نتحدث العربية حاليا فماذا سيكون حالنا اذا تركناها الي غيرها او حتي قللنا من اهتمامنا الزائد عن الحد بها؟! لقد اصبحنا نحتاج الي شرح ابسط المفاهيم او الحديث عن ابسط المعلومات عن الشرع سواء مايتصل بالسياسة كما تحدثنا في الشرع و العصمة الوهمية للحاكم وغيرها او الاجتماعية و الفقهية كما هو الحال في موضوع زواج فاسد وفكر افسد او التماثيل وغيرها الكثير، المسلمون غير العرب في غالبيتهم اول من يعترف بفضل العرب عليهم لحملهم الإسلام اليهم سلما او تحت رايات الجهاد والفتح - الذي اتاح لهم حرية الاختيار بعد معرفة الاسلام- وكونهم علماء الدين وأهل لغة القرآن والسنة والفقه والتراث الحضاري الكبير في كافة فروع العلوم وهم مادة الإسلام كما يروي عن عمر- رضي الله عنه- والارتباط بين العروبة الإسلام دينا او حضارة امر لا يحتاج الي دليل وان كان ذلك لا ينفي العروبة عن غيرالمسلمين ولا ينفي الاسلام الحضاري او التمتع بكافة حقوق المسلم كمواطنين عن غير المسلمين.
وعلي سبيل المثال الامازيغ او البربر احفاد طارق بن زياد لا يمكن ان تكون اغلبيتهم ضد العرب او ضد الإسلام حتي في مفهومه السياسي ووجود اصوات قليلة عالية الصوت بينهم تغربية فرانكوفونية علمانية متطرفة تتستر برداء الامازيغية لدي بعضهم لن ينفي ذلك عن اخوة الدين والوطن ومهما دعمتهم السياسة الاستعمارية الفرنسية السابقة او الحالية ولا ينفي ذلك ايضا وجود بعض من يدعو الي ذلك عن اقتناع حقيقي والسؤال هنا اذا غابت لغة وطنية مشتركة او اكثر فكيف سيتفاهم وسيتصل ابناء الوطن الواحد اعتقد في حالة دول المغرب العربي انها ستكون الفرنسية وهنا بيت القصيد واصحاب المصلحة وخصوصا مع لغة تتراجع في بلدها امام الانجليزية فاذا كانت الحجة ان الفرنسية لغة مطلوبة للتقدم فلماذا لا تكون الانجليزية هي البديل ولماذا لم يقلد هولاء سادتهم ومعلميهم في فرنسا في الحفاظ علي اللغة الام بدلا من الفرنسية او الفرنسة المتسترة بالامازيغية لدي بعضهم؟ وهو نفس التناقض المضحك الذي تراه في بعض سكان مستعمرات الفرنسية السابقة ممن دافعوا عن استقلال وحرية فرنسا وقت احتلالها ولم يلاحظ هولاء ان بلادهم محتلة ومستعمرة من فرنسا ولم ينالوا الا اشكال من التكريم الفارغ من المضمون احيانا الذي لايمكن مقابلته الا بالسخرية المريرة من موقفهم او بالنكران والحجود الطبيعي من قبل كثيرمن سادتهم الفرنسين كما حدث مع لحد ومجموعته من قبل اسرائيل
اذا كان الهدف فعلا هو الحفاظ علي الامازيغية فايهم اقرب الي الامازيع العربية ام الفرنسية ؟! التعددية في اللغة او أي شي اخر امر جيد وليس لدي اعتراض عليه ولكن التقليد واتباع المحتل العسكري السابق الثقافي والاقتصادي والسياسي الحالي بطريقة سلبية امر مختلف وعلي ذلك ليس هناك أي اعتراض علي حفاظ الامازيع او من يماثلهم علي لغتهم الام ولكن لماذا تكتب كما يصر بعضهم علي كتابتها بالفرنسية وليس بالحروف العربية او بالامازيغية مثلا ولماذا نستخدم المفردات الاجنبية بدلا من العربية -من اول ميرسي و اوك الي هاي وباي- وهناك بدئل باللغة الوطنية لها، افهم ان تكون هناك دعوة الي تعلم الامازيغ العربية الي جانب الامازيغية لاسباب عديدة واضحة وان تكون هناك دعوة للعرب الي تعلم لغات كالكردية او الامازيغية الي جانب العربية واستخدام هذه او تلك في التعامل اليومي لا ان تكون لغة اجنبية كالفرنسية او الانجليزية هي لغة التعامل وهو امر لا يعارض ان تعلم اللغات الاجنبية عموما والانجليزية خصوصا امر في غاية الاهمية ولكن تعلمها امر يختلف عن ان تكون لغة التعامل اليومي او حتي استخدام مفرادتها طالما كان لها بديل عربي ونفس الامر في النظر الي التعليم بلغة اجنبية وهو مرفوض ويختلف عن تعلم لغة اجنبية وليس التعلم بها داخل بلدانا في صور تدل علي دونية حضارية هل يمكن ان نتقدم بدون لغة عربية قوية؟! نظرة الي اليابان اوالمانيا او حتي الصين او فرنسا –لاحظ اننا نتكلم عن الفرنسية وليس اللاتينة- وكيفية تعاملهم مع لغاتهم ، في الوقت الذي احيت اسرائيل لغة ميته البعض يريد ترك اقدم واكثر لغات العالم ثراء وقدما ويبدو ان الاجانب والغزاة واتباعهم اكثر وعيا منا لاهميتها سواء دينيا وحضاريا للتواصل مع تراثنا فالسوفيت غيروا الحروف العربية التي كانت مستخدمة من قبل المسلمين غير العرب في كتابة لغاتهم وحاولوا تغير أي مفردة عربية موجودة وحرقوا الكتب المكتوبة بالحروف العربية- حرق الكتب يجمع بين اقصي النظم الحادا كالنظام السوفيتي الشيوعي واكثرها تطرفا دينيا وحكما بالحق الالهي كما كان الحال في اوربا في العصور الوسطي- في سبيل السيطرة علي احتلالهم لبلاد وسط اسيا الإسلامية وهو ما يشابه ما فعله المجرم اتاتورك مع التركية وكان لدينا دعوة سابقة في نفس الطريق طريق الاحساس بالدونية الحضارية والتغريب بالتقليد والاخذ بقيم الحضارة الغربية بكل مافيها من ايجابيات او حتي من سلبيات كما قال بعضهم فنحن يمكن ان نكون امة فرعونية"مصرية" اوعربية او متوسيطة واحيانا شرق اوسطية و ربما جزء من فضاء القذافي الافريقي او علي الاقل امة نيلية من حضارة وادي النيل بل وربما حوض النيل كله ! أي ان الزائيري سيتساوي او ربما سيكون اقرب الينا من السوري فالانتماء يمكن ان يكون لاي شي الا الانتماء الي الإسلام دينا اوحضارة !
و بصفة عامة يمكن ان نرفض كل الافكار الاستلابية السابقة وهو ما اتفق معة بالطبع ولكن لا يعني ذلك بالضروة تخوين من يختلف معي فاذا كان البعض من القوميين يخون من يقول بهوية اخري غيرالهوية العربية كما فعل بعضهم مع دعاة الهوية الفرعونية فانه يمكن مثلا للتيار الإسلامي ان يفعل نفس الامر مع التيار القومي بحجة اقوي وهي ان القومية العربية في الغالب علمانية أي ستبعد الدين عن السياسة وربما عن المجتمع والحياة ايضا أي انها ستؤثر علي هوية بل واحكام الشرع بدرجة او باخري كما انها تفصل مصر والعرب عن باقي العالم الإسلامي الغيرالعربي كما رفض دعاة القوميةالعربية الهوية الفرعونية لانها ستؤثر علي الطابع والثقافة العربي وتفصل مصر عن محيطها العربي وما اسهل الاستدلال بلورانس العرب ورغم رفضي لكل هذه الافكار وكارثيتها وما بها من اخطاء الا ان وصفها بالعمالة لاجهزة المخابرات يختلف عن وصفها بالخطأ او حتي بالتبعية الفكرية او الدونية الحضارية
يفترض السؤال الذي يتضمنه عنوان المدونة وجود هوية واحده ذات بعد واحد للانسان وهو امر يحتاج لتوضيح فمن الطبيعي وجود اكثر من هوية أي اكثر تعريف للانسان لنفسه في مواجهة الغير وقد تتكامل هذه الهويات او تتوازي او تتداخل او يكون احدها اطار يشمل الهويات الجزئية الفرعية و هو في حالتنا هو الحضارة الإسلامية كما اعتقد و التي تتكون من هويات وثقافات فرعية مثل العربية- التي تتضمن فروعا عديدة منها المصري - بالخصوصية الفرعونية التي يمكن ان نتحدث عن افرع داخلها الصعيد مقابل بحري او الريف مقابل المدن و والبدو في الصحراء وهكذا- ولكلا منها قدر او اخر من الخصوصية في الاطار العام- و كذلك ثقافات اخري كالثقافة الفارسية والتركية يحتويها الإسلام كاطار عام يتضمن نظرة الانسان لنفسه وللغير وللكون وما فيها ولخالقة اذا فمصر اسلامية الهوية ذات بعد فرعي عربي لغوي وثقافي واخر فرعوني قبطي واذا اردت الاكتفاء بكلمة واحدة تجمع كل ذلك فهي الإسلامية وبالطبع سيكون هناك اعتراضات كما سيكون هناك اعتراضات علي أي وصف اخر فالاجماع مستحيل فوصف هوية مصرية كفرعونية واعتبار القومية مصرية سيقابل برفض من بعض اهل النوبة ومن بعض البربر في الصحاري علي قلتهم وكذلك اصحاب الجذور العربية والعروبيين حتي من غير العرق العربي المهاجر- علي افتراض صحة وهم النقاء العرقي- وبالطبع التيار الإسلامي ونفس الامر في حالة التيار القومي العربي ووصف الهوية المصري بالعربية كجزء من الامة العربية فقط فمثلا سيعارض التيار الإسلامي ذلك لترك باقي العالمل الإسلامي وكذلك علي الاساس العلماني في الغالب بالنسبة للقوميين كما سيعارضه دعاة القومية المصرية كما ان الهوية الإسلامية لا تتعني اهدار أي حقوق لغيرالمسلمين فلهم مالنا و عليهم ما علينا فهم شركاء وطن كما يعلمنا الفقة وشركاء صناعة الحضارة الإسلامية كما يؤكد التاريخ وقد سبق تناول بعض هذه الاعتراضات في تدونية أوهام و أوجاع الاقباط .. مرة اخري وايضا ردود علي اسئلة علمانيةِ
واذا قيل انه ليس هناك من يعرف هويته علي اساس الدين نرد بالقول بان تعريف غيرنا ليس وحيا مقدسا حتي نتبع طريقه وثانيا ان طبيعة الإسلام ليست بالضروة كغييرها فقد يكون هناك اختلاف بشكل او باخر فمثلا كنت اشعر بالاشتراك وبالقرب مع زميل من المغرب او من السنغال فنشترك في اشياء بسيطة كثيرة مثل الاكل والشرب باليد اليمني او طريقة التحية وان نجلس حيث ينتهي بنا المجلس او النظر الي اشياء كثيرة بصورة اقرب من كثير من المصريين لي كما كنا نرفض ونسخر من اشياء كثيرة مثل استخدام جملة ظلام العصور الوسطي وهي كانت بالفعل ظلام في اوربا او التعبير عن الاعجاب برفع القبعات التي لايرتديها قائلها وكالحديث عن فروسية العصور الوسطي الاوربية التي كانت اصلا منقولة عن الفرسان العرب و يبدو ان التاريخ الاروبي هو تاريخهم وكذلك قبعاته بل اصحبت تقاليد غربية -كالانحناء و تقبل يد النساء من غيرالمحارم التي لا نقبلها ولا نقبل تقبيل اليد اصلا الا ما ابيح في الشرع كتقبل يد الولدين او العلماء - هي تقاليدهم وهي معيار الرقي لبعضهم حتي في غيرها من الاشياءالب
هوية مصر ... فرعونية ام عربية ام إسلامية؟!
هوية مصر ... فرعونية ام عربية ام اسلامية؟!كتبت هذه السطور منذ عدة اشهر وفي بداية العام كمشاركات للتعليق علي رسالة اثارت موضوع هوية مصر في مجموعة المحروسة وكنت قد صرفت النظر عن ارسالها لاكثر من سبب منها ما يرجع الي وضوح الموضوع بدرجة قد لا تحتاج الي توضيح اصلا وثانيا للطريقة التي سار فيها الحوار ولكن ما كان غريبا -وربما لا يكون كذلك بالفعل- ان ما ورد من اراء وتعليقات حول موضع الهوية من مختلف الاتجاهات تتكررت بصورة شبه متقاربة في حوارات ثنائية وجماعية مختلفة وفي الغالب كانت الاغلبية الساحقة ترفض فكرة الاقتصار علي الفرعونية والحديث عن قومية مصرية الامر الذي لم يحتاج الا الي تجميع هذه الرسائل مع بعضها بدون اضافة تقريبا واخيرا وبعد تجميعها استعدادا لنشرها علي هذه المدونة ثم تردد في النشر حتي انتقل الي عالم التدوين فمدونة بت مصرية قد تناولتها ورد عليها زنجي
هناك جملة اكتبها من الذاكرة لجمال حمدان في شخصية مصر كان مضمونا تقريبا ان" مصر فرعونية الجد عربية الاب الا ان الجد والاب من اصل واحد" ويمكننا ان نضيف باطمئنان الي ما قاله جمال حمدان ان الاب والجد قد اسلما دينا وحضارة للمسلمين وعلي الاقل حضاريا لغير المسلمين والواقع ان ما يعرف بالعالم الإسلامي الان من الناحية الجغرافية هو وريث معظم اكبر واهم الحضارت القديمة ففي مصر الحضارة الفرعونية ثم الفترة الاغريقية الرومانية القبطية والشام بحضاراته و ايضا الاغريقية الرومانية التي شاركت مصر والشام في صنعها بدرجة او باخري وليس فقط في تلقيها ونقلها وهناك العراق بحقبه الحضارية وفارس بحضارتها و شبه الجزيرة الهندية و اذا شبهنا الحضارة الفرعونية وما اضيف اليها في الفترة القبطية الاغريقية الرومانية بانها نهر حضاري التقي بالإسلام دينا واخذ الصبغة الإسلامية بشكل او باخر وحمل معه طميه الحضاري السابق المصبوغ اسلاميا فيما بعد والتقي هذا النهر بانهار حضارية اخري اخذت نفس الصبغة الإسلامية قبل او مع او بعد التقاء مصر بالإسلام لتكون الحضارة الإسلامية الهوية العربية اللغة بدرجة كبيرة والعربية ليست باب او ام فالعربي هو من يتحدث العربية كما يقال -"ألا إن العربية ليست بأب ولا بأم ولكن العربية اللسان، فمن تكلم العربية فهو عربي". فالعروبة اذا ليست مجرد عرق او فكرة عنصرية في الاغلب و العروبة ايضا ليست محصورة في القومين العرب حتي من كانت مؤسسة لديهم علي الثقافة والحضارة واللغة فمفهوم العروبة اوسع مدي من المعني السياسي المؤسس علي هذا العناصر السابقة وفي الاغلب علي اساس علماني بل لا يمكن ان ننفي كلمة العروبة و بل وتبنيها كمحتوي ثقافي بالمطلق حتي عن بعض انصار الوطنية المصرية كمكرم عبيد مثلا وهو المسيحي في الدين المسلم في الوطن كما كان يقول ونضيف ايضا "المسلم في الحضارة" ، و قيمة العروبة لدي التيار الاسلامي حتي من غيرالناطقين بالعربية وغير العرب لا يمكن ان تقل عن قيمتها لدي التيار القومي وان كانت بالطبع لا تعلو علي الدين و لا تتجاوزه كاطار شامل للحياة بما فيها السياسة فتفهم في اطاره فالامة هي الامة الإسلامية قال تعالى: (وَإِنّ هَـَذِهِ أُمّتُكُمْ أُمّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبّكُمْ فَاتّقُونِ) [سورة: المؤمنون - الأية: 52] وكذلك ما ورد في صحيفة المدينة
وقد يفسر ما سبق عن الاصل المشترك للجد والاب وما يقال عن علاقات مختلفة الاوجه- بما فيها الاصل العرقي الواحد و الا متزاج العرقي نتيجة هجرات ويشير البعض الي وجود مساحة كبيرة مشتركة بين اللغة المصرية القديمة واللغة العربية تصل الي الالاف الكلمات المشتركة - بين "الحضارة" العربية قبل الإسلام مع مصر الفرعونية ومناطق اخري تشكل المنطقة الناطقة بالعربية حاليا وهو الامر الذي قد يفسر لو جزئيا لماذا تعربت مصر و لم تتعرب كثير من دول العالم الإسلامي الغير عربي مثل ايران رغم دخول الإسلام واللغة العربية والعرب انفسهم في وقت متزامن في مصر وايران وكذلك التشابه في القرب الجغرافي مع الجزيرة العريية ولا يعني ذلك نفي التاثير العربي الكبير الذي حمله الإسلام في ايرن- لغة وثقافة وحضارة قلبها الإسلام دينا ، عقيدة وشريعة- كما غيرها من دول العالم الإسلامي الغير عربي
هناك نظريات وافكار عديدة حول الاساس الذي تقوم عليه الامم ففي المانيا ساد تاريخها الفكري وبالتالي السياسي لفترة فكرة الاساس العرقي وفي فرنسا سادت نظرية اللغة حتي في طريقة احتلالها وبالتالي انتقلت الفكرة وتركت اثارا اكبر من غيرها في الفكر القومي العربي المتأثر بالفكر الغربي وبوجه اخص الفرنسي ، والي جانب العرق واللغة هناك نظريات وافكار اخري حول فكرة الامة ويمكن بسهولة ملاحظة خطا فكرة الاساس الواحد للامة او الهوية وترك تاثير باقي العوامل كالعرق او تقارب المصالح اوالامال المستقبلية والتهديدات المشتركة او وحدة التاريخ والحضارة او الدين وتفاعل كل ذلك وما ينشئ عنه ومن ناحية اخري خطأ افتراض وجود عنصر وحيد او حتي اهم لا يختلف من حضارة ومكان الي اخر فاذا كانت اللغة هي العنصر الاهم او حتي الوحيد في قيام امة معنية فقد يكون العرق او حتي المصالح المشتركة هي الاهم في قيام امة اخري وعلي كلا فان استيراد مفهوم الامة القومية وصبغتها العلمانية للدولة اضاف الي امراض الامة الإسلامية التي ابتليت بها وتسربت اليها مرض التفكك بعد الوحدة لنفقد وحدتنا بعد ان فقدنا التفوق والسيادة الاخلاقية والاجتماعية والفكرية والعلمية والسياسية والعسكرية وبالمجمل الحضارية في معظم تاريخنا الحضاري وفي افضل الاحوال اصبحت الامة الإسلامية دائرة من دوائر السياسية الخارجية المصرية كما فعل عبد الناصر عراب القومية الاهم
العرب او قسم كبير منهم هم ابناء اسماعيل - ابن ابراهيم عليه السلام العراقي ابن الرافدين و هاجر المصرية بنت وادي النيل ويشير البعض الي اصولها المصرية "النوبية" بوجه اخص - الذي تزوج ايضا من مصرية كما جاء في العهد القديم فلماذا لا ينسب اوينسب العرب -او هذا القسم منهم- الي مصر فقط كما قال بعضهم ولماذا نترك العراق فنكون امام امارة الكويت - او مملكة البحرين- العراقية المصرية وبذلك نكون امام جامعة ووحدة عربية بالفعل فالعرب من بني عدنان ثلاث ارباع جيناتهم مصرية والربع عراقي والاهم لماذا تجاهل هذا الرأي التقسيم الثلاثي او حتي الثنائي للعرب واعتبار العدنانين أي ابناء اسماعيل هم عرب من الدرجة الثانية او حتي الثالثة مقارنة بعرب اكثر عروبة بالمنطق العرقي ومنهم القحطانيين والذي ينتمي اليهم اهل اليمن وهم القسم الثاني لعرب الجزيرة الحاليين وهم ابناء حضارة زراعية عظيمة ويشكل اهل اليمن تقريبا نصف سكان الجزيرة العربية حاليا وبالتالي فالحديث عن الفرق العرقي ليس له اساس مع جذور اسماعيل او حتي جذور العرب باقسامهم سواء في الجزيرة العربية او خارجها خصوصا مع الاصل العرقي المشترك السابق علي الانفصال والانقسام كما يشير الكثير من العلماء ومنهم جمال حمدان في الجزء الرابع من موسوعته شخصية مصر ناهينا عن انها ليست الاساس الذي ينظر له من جهة التيار العروبي للعروبة واذا اخذنا بمنطق بعضهم بالحديث عن الطبع الحضاري الزراعي لمصر المختلف عن الطبع البدوي العربي و المقصود بالطبع عرب الجزيرة فأن ذلك يتجاهل اليمن ودورها وحضارتها وثقلها السكاني الي جانب الكثير من النقط الزراعية او المدنية في الجزيرة الي جانب تجاهله لاصول احفاد ابراهيم وهاجر والاهم اننا نتكلم عن امة اسلامية
وكذلك يتجاهل هذا الراي -المعتمد بصفة اساسية علي عامل المهنة لوصف الحضارة والهوية- ان وصف الحضارات بالزراعية لا يغير كثير من الاختلاف الكبير بينها فلا يعقل ان تكون حضارة زراعية في اقصي الشرق او الجنوب وتقترب بنفس الدرجة مع اخري في اقصي اغرب او الشمال في القيم الحضارية –المدنية المادية والثقافية المعنوية- وكذلك مع مصر بل واكثر مما تقترب الاخيرة مع باقي الامة الإسلامية و خصوصا القطاع العربي منها لمجرد الاشتراك في الصفة الزراعية وهو امر يبدو يصعب الاقتناع به كما ان مجرد الاشتراك في نطاق جغرافي او قاري معين لا يمكن ان يصلح في حد ذاته لذلك مثل الفضاء الافريقي المتحد المحدود المسئولية لصاحبة ومديره الاخ القذافي - الفيلسوف والمفكر والمؤرخ والمنظر السياسي وعبقري كل زمان وكل مكان وكل تخصص - ولاولاده من بعده وكذلك الحديث عن حضارة بحراوسطية كما ان الصفات التي توصف بها الحضارة مثل الرزاعية يصعب الاقتصار عليها فقط علي الاقل حاليا لان الكثير منها تتسم بالصفة الصناعية منذ عدة قرون فهل كان لها هوية قديمة غير صناعية واخري حديثة مع التحول المعلوماتي و الصناعي والذي يمتد حاليا الي قرون طويله فاذا قيل ان الاهم هو الجذر الاصلي للحضارة فان ذلك يعني اولا الاعتراف بعدم اهمية او التقليل من اهمية الحرفة والمهنة الغالبة حاليا في تحديد الهوية وهو مايعني ضمنا عدم اهميتها الكبيرة او عدم القدرة علي التطور ومن يقبل هذا التطور منهم فلماذا لايقبل تطور الهوية الفرعونية الي الإسلامية او فرعها الثقافي العربي حاليا التي تعتبر مصر اكبر منتج لثقافتة العربية حاليا و منذ فترة طويلة وبالنسبة لمصر حاليا فتتساوي فيها مساهمة الزراعة في الاقتصاد القومي مع الصناعة ناهينا عن تداخل الصفات الذي يمكن ان يوصف به الانسان حاليا فشخصيا اعيش في مجتمع زراعي متأثر بشكل او باخر -قد لايقل عن طبيعته الزراعية- بالعصر الصناعي ومنجزاته وبدرجة ما بعصر المعلومات ويبدو ان البعض حتي لا يساوي بين القرآن وتأثيره وتأثير حمل ادوات العمل والاقتصاد في هوية وانتماء الانسان خصوصا مع دين شامل
ليس اسوء من الادعاء بنفي أي تاثير فرعوني علي الشعب المصري الحالي و بوجه اخص عرقيا عن الاقباط المسلمين الا نفي عروبة واسلامية هذا البلد ومحاولة ابعاده عن امته الإسلامية وحتي محيطه العربي والنظر الي قضاياهما علي اساس مصلحة دولة و ليس كجزء من كيانهما وجسدهما الواحد الذي يجب ان يتداعي لبعضه بالسهر والحمي اذا مرض احد اعضائه كما يعلمنا رسولنا الكريم -صلي الله عليه وسلم -واذا كان بعضنا من الحكام او ادعياء الفكر او الثقافة وتابعيهم لا يري ذلك فالوضع يختلف لدي الاغلبية ولا نعلم كيف يتم التعامل مع احكام الجهاد كفرض عين علي كل مسلم او حتي كفرض كفاية في حالة تعرض دولة اسلامية للغزو مثلا فسيكون من السخرية ان يعتبرالمسلم النيجيري مثلا- مقارنة بمصري وطني او حتي خائن- الذي يجب عليه الجهاد والتضحية بالنفس والمال والعرق اجنبيا عن مصر وكذلك اي احكام اخري مشابهة وعلي الاقل سيكون هناك من يقوم بها او ينادي بها ولعلنا نذكر ازمة حديث مرشد الاخوان وبمعني اخر لايمكن ان نضع الوطنية او القومية فوق خالق الوطن والكون وفوق دينة هذا علي افتراض وجود تعارض والذي يمكن تلافيه في اطارفهم الوطنية والقومية في اطار الشرع الاسلامي باعتباره ليس مجرد صلة روحية او اخلاقية بين العبد وربه
كذلك ان الحديث عن عدم وجود أي تأثير للفرعونية علي المصريين الحالين وبالتحديد علي المسلمين -الذي لا يختلف عن رفض التطور والتغيير الذي حدث لهوية مصر- لا يفسر لماذا تختلف مصر في اللهجة عن سوريا مثلا وكذلك في بعض العادات والتقاليد الاجتماعية بدرجة او باخري رغم التشابة الكبير داخل الاطار الاسلامي الشامل والاشتراك في تاريخ واحد الي حد كبير بعد الفتح الإسلامي ناهينا عن تاريخ ما قبل الفتح الإسلامي ولا يعني ذلك الاقرار بما يدعية البعض عن وجود لغة مصرية خاصة مختلفة عن باقي اللغات العربية" اللهجات" والا جاز ان ناخذ بنفس المنطق في التعامل مع اللهجات المصرية المحلية كما ان اللهجات العربية في الجزيرة لم تقتصر فقط علي لهجة قريش التي نزل بها القرآن ويشير البعض الي وجود مساحة كبيرة مشتركة بين اللغة المصرية القديمة واللغة العربية تصل الي الالاف الكلمات المشتركة وكذلك بعض العادات التي قد تختلف من مكان الي اخر –فبعض عادات البدو مثلا في بعض مناطق الجزيرة العربية تعطي حرية اكبر للمراة منها في المناطق الحضرية في الخليج- ونطالب باستقلال كلا منها وتكوين دولة خاصة واعتبارها حضارة مستقلة بلغة وعادات خاصة بها بل ان الغريب كيف سنتعامل مع بعض اللهجات او العادات التي قد تقترب من لهجات او عادات خارج مصر ربما اكثر من مناطق اخري داخلها فالي جانب العادات المصرية القديمة التي اخذت الصبغة الإسلامية او هكذا يفترض بمعني ان ما يخالف الإسلام منها حرم اذا كان حراما وكره اذا كان مكروها ونفس الامر مع المستحب او الفرض وفي حالة المباحات فالخيار مفتوح بل انه حتي في حالة عدم الالتزام بحكم او اخر من احكام الدين والالتزام بعادة اجتماعية مخالفة فعلي الاقل سيكون هناك مرجع وميزان يتم تقييم هذا العمل به ورفضه حتي وان تم ممارسته اجتماعيا فالفرق كبير بين فعل معصية وبين استحلالها أي ان رفض فكرة استمرار التقاليد والعادات امر لا يتسم بالدقة وينفيه الواقع كما ان الصبغة الإسلامية التي تاخذها الان يؤكد اسلامية هذا البلد أي اننا امام ثنائية الاستمرار/ الانقطاع الحضاري بدرجة او باخري - الفرع النهري الحضاري كما سبق وصفه- الواقع ان ثنائية الاستمرار /الانقطاع الحضاري يؤكدها ايضا ما قيل عن الاصل العرقي والجغرافي المشترك كما سبق
واذا قيل مصر او الفرعونية استوعبت الإسلام في اطارها وكون هويتنا فرعونية حاليا لا ينفي الإسلام عن اغلبية الشعب كما ان هناك من العرب من غيرالمسلمين فالرد علي ذلك ان الإسلام اشمل واعم كما ان قيمه هي الحاكمة والمهيمنة فلو اختلف حكم شرعي مع قيمة او عادة فرعونية خصوصا ان الإسلام ليس مجرد عقيدة ومجموعة شعائر وعبادات او صلة روحية، فما هي المرجعية الحاكمة ما نعتقد انه الحكم الشرعي او العادة ؟! فاذا كانت الاجابة الطبيعة من أي مسلم هي الحكم الشرعي فيكون المكون الفرعوني مفهوما في اطار الإسلام كدين يشكل القلب والعقل والمرجعية والاطار الشامل المهيمن والحاكم وميزان تقييم الاعمال للحضارة الإسلامية وبالتالي يشكل الاسلام الهوية لنا
هل ستكون عملية التحنيط مثلا مقبولة لو حالفت القواعد الاسلامية ؟ و الي أي مدي مثلا يمكن الربط بين تعاليم بتاح حوتب -كما جاء اسمه في قصة الحضارة لديورانت او فتاح حتب كما يسميه سليم حسن في موسوعة مصر القديمة- بعدم القرب من اماكن النساء وبين العادة الاجتماعية الحالية التي يعبر عنها بعدم دخول رجل لمنزل بدون وجود رجله والتي هي بالطبع ترجمة بشكل او باخر لضوابط الخلوة الشرعية في الإسلام وحتي من يجهلها او يعلمها بدون تنفيذ فهناك مرجعية ميزان لسلوكه وهو الشرع ما عدا من تغربوا وتعلمنوا بالطبع
والمبدا السابق ينطبق ايضا علي التقاليد والافكار القادمة من الخارج الينا أي قياسها وقبولها او رفضها طبقا لمعايير الشرع واحكامه فما سيدخل منها الي الجسد الاجتماعي او القانوني سيدخل -او يجب ان يدخل- بصورة لا تمثل نشازا خارجا عن الاطار العام او مخالفا لشرع الله ويصبح اسلاميا كباقي المنظومة الفكرية او الاخلاقية ناهينا عن العرف كمصدر استدلال للاحكام الشرعية عند بعض الفقهاء كما بينوا شروط ذلك فان الاصل في المعاملات الاباحة فكثير من الاعراف السابقة علي الاصل ستاخد حكم الاباحة وحتي اذا حدثت مخالفة فسيظل النظر اليها كامر خاطئ ومرفوض في هذا الاطار الحاكم المهيمن والشامل
اما بالنسبة لعدم حكم مصر من المصريين والذي يعترض عليه البعض من القومين ورغم انهم كما يفترض في دولة الوحدة لديهم ستكون مصر عرضة للحكم من غير المصرين و كذلك الحال بالنسبة للتيار اليساري وامميته وكعبته السابقة في موسكو بل ان الليبرالية بدعوتها الي العولمة لا تختلف عن ذلك ولا نعلم لماذا يكون وصول مهاجر نمساوي كارنولد شوارزينجر الي حكم احد اكبر ولايات امريكا او الوصول المحتمل لساركوزي المهاجرالمجري الي رئاسة فرنسا او رئاسة ايطالي او اسباني لاوربا الموحدة امر تقديميا يفتخر بعضهم به و لا يكون الوضع لدينا كذلك وهو كان كذلك بالفعل في اكثر فترات التاريخ الإسلامي و لايختلف نظرنا الي الاندونيسي عن نظر دعاة الوطنية الي مصري اخر من محافظة غير محافظته واعتقد ان الاغلبية لاترفض حكم غيرالمصري لمصر في حد ذاته فكل من ينتمي الي امتنا الإسلامية هو جزء منا ولا يهمني ان يحكم رئاسة الدولة الموحدة او حتي مصرشخص من اصول سورية او عراقية او تركية او نيجيرية او اندونيسية فالاهم هو مدي كفاءة المسئول والطريقة التي وصل بها الحكم وكيفية ممارسته للحكم و في نفس السياق يمكن مثلا ان نسأل اذا كان فاروق ليس مصريا والاسرة العلوية التي اقامت في مصر حوالي 150 عاما البانية غير مصرية فان عبد الناصر بنفس المنطق لا يمكن اعتباره مصريا فاسرتة تتنمي الي بني مرة وهم عرب هاجروا من الجزيرة العربية وهو امر نرفضه بالطبع مع ملاحظة انا لانتكلم عن مستوي نظام الحكم السئ من الاساس وماذا لو طبقا ذلك علي سكان العالم الجديد في الامريكيتن واستراليا مثلا؟! وعلينا ان نحاكم صلاح الدين علي جريمته في حكم مصر والمماليك حتي بما قدموه من ايجابيات وتضحيات وليس فقط الاخطاء والمساوئ التي ارتكبوها كذلك فمن المنطقي ان نسال ما جنسية -طبقا للمصطلح المستخدم حاليا- كلا من المماليك و محمد علي والشعب المصري كله؟ الاجابة هو الانتماء للدولة واحدة هي سواء كانت العباسية بالنسبة للماليك لمن قدموا منهم من مناطق تابعة لها وحتي من قدموا من خارجها سواء من العالم الاسلامي او من خاجرة فقدموا اطفالا صغارا عاشوا معظم حياتهم فيها كما هو حال كثيرين مهاجرين في امريكا او اوربا اما عن الاسرة العلوية فالانتماء الدولة العثمانية كما هو حال الشعب المصري كله هذا من الناحية القانونية وقت توليه حكم مصر وبالتالي عائلته من بعده ناهينا طبعا عن الحكم الشرعي في الانتماء لامة واحدة كما نؤكد ونكرر بان حتي بالنسبة من يرفضوا الحكم العباسي اوالعثماني فالمعارضة لسوء الحكم لا لانتماء لدولة اسلامية واحدة موحدة
فاذا كان هذا حال كثير منا الان بالتمسك بالوحدة الاسلامية واعتبار من ينتمي الينا مثله مثل المصري فما بالك في الزمن الماضي حيث لم تكن فكرة القومية بمعناها الحديث قد نبتت حتي في اوربا ناهينا عن وصولها مصر فيجب فهم الحدث في اطاره الزمني فلا يوجد ما يدل علي اعتباراغلبية المصريين لمن حكموا مصر بعد ان دخل معظم المصريين الإسلام علي الاقل اجنبيا محتلا ، ولا ينفي هذا وجوب رفض نظام الحكم لظلمه او استبداده او حتي استعباده للشعب من الحكم بدرجة او باخري مثلا ولا يختلف عن رفضنا لنظام حكم مصري ظالم كالنظام الحالي بدون ان يعني ذلك رفض الانتماء الي مصر اوالمطالبة بالاستقلال لكل محافظة من الاحتلال المنوفي او رفض حكم شخص لاينتمي الي محافظتي لحكم مصر! نعم يمكننا ان نجد استبدادا وظلما وبل وعدم مشروعية مرفوضة ايا كان مصدرها مصريا كان او غير مصري وهذا هو موقفنا من الملك بعد الخلافة الراشدة والدعوة الي الخلافة ليست كما البعض بسذاجة دعوة لحكم ملكي وراثي استبدادي بل العكس هو الصحيح وعلي ذلك فموقفنا من الخلافة بعد العصر الراشدي هو الرفض ليس لعدم مصرية الحاكم بل لعدم او نقص مشروعيتها فنرفض ما بها من مساوئ الملك العضوض او الجبري التي لا يمكن مقارنتها بما يحدث الان او من معظم النظم العلمانية في عالمنا الإسلامي او خارجه ونتمسك بما فيها من ايجابيات تتفق مع الشرع ومنها وحدة الامة بدرجة او باخري وهو امر قد لا يتفق بالضرورة مع نظرة بعض القومين العرب التي لا تري الا مساوئ العصر التركي والعثماني بدون أي ايجابيات مع بعض التساهل او كثير منه عند الحديث عن العصر الاموي والعباسي باعتبارها اسراً عربية او رفض كامل وتجني احيانا كثيرة من بعض العلمانيين لكل فترة الحكم الاسلامي وهو ما يقودنا الي مسالة الاستقلال مرة اخري هل هو ميزة في حد ذاته بمعني هل استقلال نيويورك عن امريكا الان من مصلحتهم ام لا؟! وبصفة عامة ما المصلحة والعائد والايجابيات من هذه الافكار وما سلبياتها واضرارها ؟
كعدو للسياسة الامريكية- وقد يشاركني الكثير في ذلك النظر-انظر الي تفتيت امريكا كملصحة لنا وبالتالي هل الاستقلال وتفتيت امريكا شئ يمكن ان يفتخر به أي امريكي وبالتالي هل "استقلال" مصر عن امتها ان جاز ان نسميه استقلالا من الاشياء الجيدة ولا اتحدث هنا عن احتلال اجنبي كالانجليزي او الروماني بل اتحدث عن العروبة والإسلام فهل كان المصري ينظر طول التاريخ الإسلامي الي الحكم الإسلامي كاحتلال يستحق الاستقلال منه؟! كان معظم العالم الإسلامي تحت حكم دولة واحدة تسيطر علي نسبة كبيرة من العالم المعروف وقتئذ وتري الاغلبية الساحقة من الشعب انهمامة واحدة في الوقت الذي كانت اوروبا فيه تحت حكم اقطاعيات - اقطاع بمعني الكلمة- وحكم ديني كهنوتي -ثيوقراطية حقيقية وليس مشكلة وهمية استورد دعاة العلمانية بعد ان استوردوا الحل وهو العلمانية في شق الضب الذي دخلوه!- ثم تحسن الوضع واتجهوا الي مفهوم الدولة القومية التي وحدت الكثير من الاقطاعيات ومع التخلص من الحكم الديني الكهنوتي عن طريق العلمانية - التي لها جذورها منذ مدونة الالواح الاثني عشر قبل الميلاد ثم في مبدا اعطاء قيصرما له ولله ما له علي حسب ما يعتقده اتباع الكنائس ويردده دعاة العلمنة- وتتجه اوروبا حاليا الي وحدة فوق قومية في الوقت التي تراجع وارتد العالم الإسلامي الي التخلف والتفتت باسم القومية والوطنية علي اساس علماني وهو اهم الاختلافات بين التيار الإسلامي والقومي العربي فمن ناحية الاساس العلماني للدولة ومن ناحية اخري حجم الامة في نظر التيار الإسلامي التي تضم العالم الإسلامي من اندونيسيا الي نيجيريا وولدي التيار القومي العربي تقتصر علي خمس الامة الاسلامية تقريبا و لم تفلح الوحدات القومية في اقامة دولة قومية عربية موحدة ولو حتي علي اساس علماني الي الان بمعني اخر ان منحي النهضة التصاعدي في اروبا ارتبط بوحدة الاقطاعيات الي دول قومية ثم دولة عابرة للقوميات تتشكل حاليا اما المنحي لدينا فمنحي تنازلي حضاريا ووحدويا فمن التفتت الي مزيد من التفتت ونبحث عن مزيد من اسباب التفتت باسم العلمنة والاستبداد باسم نظم قومية او وطنية علمانية التي فشلت في تجميع العرب او حتي الاتراك في دولة واحده ثم في مزيد من التفتت والاقلمة مع مزيد من العملنة ومزيد من التخلف والاستبداد والاوهام والسراب باسم العلمانية
ليس من الغريب ان الدعوة الي فرعونية مصر ارتبطت في بعض الاحوال بالهجوم بل والعنصرية الفجة لدي بعضهم علي العروبة -حتي علي الاسلام من بعض من يفترض فيهم الإسلام- اوعلي الاقل بنفي وتجاهل او انتقاص من العنصر و التاثير العربي وربما الاطار الإسلامي الشامل او حتي التجني والاختلاق وفي المقابل تقديس الفترة الفرعونية او حتي الغرب وتاريخه وربما غيرالعرب عموما مثل الحديث عن رفض دخول العرب الي مصر حتي لو اتسم الحكم بالعدالة ورفض حكم أي اجنبي لأي دولة ولا اعلم لماذا لم يطبق ذلك ايضا علي التوسع الامبراطوري الفرعوني في الخارج او الحكم الاغريقي البطلمي الروماني واعتباره عملا مرفوضا بدلا من مدح وتقديس الحروب الفرعونية مقابل الهجوم علي الفتح العربي ؟ وكالحديث عن العرب قتلة الخلفاء! ما صفة قاتل عمر ومن اين جاء قتلة عثمان؟! وماذا عن تاريخ بني اسرائيل وتاريخ غيرهم مع الانبياء ؟ وربما يجب ان نحمل العرب مسؤلية قتل " ابناء عمومتهم" من بني اسرائيل للانبياء! وايضا هل هناك من نبي لم يقاوم ويتاذي من اهله وبالتالي هل يتحمل العرب فقط مسئولية اذي الانبياء ولماذا لا نحملهم شرف تحمل اذي الكفار ونصرة الرسول صلي الله عليه وسلم وحمل الرسالة الي العالم وايهم اقرب الينا فكرا وعقيدة وعاطفة الصحابة العرب ام كفار قريش العرب قبل الإسلام او اهل النفاق والشعوبية والعنصرية بعده؟! بالفعل وجدت في مصر باليهودية والنصرانية قبل قب دخول الاسلام مصر -وان كان الايمان بالإسلام يعني بالضروة الايمان بكل الرسل ودينهم الاسلام كما يعني ان الايمانب ان الاسلام ملة كل الانبياء وان اختلفت الشرائع وهذا غير التحريف والتبديل الذي ادخل علي ما سبق الاسلام - و لكن ماذاعن تعامل مصر مع الدين وهل كان تعامل كل المصريين مع الانبياء ابراهيم و موسي وعيسي او غيرهم ومع اليهود ومع المسيحين كله ايجابيا ؟!هل كان التاريخ الفرعوني مجيد ا كله خاليا من الكذب والانحطاط الاخلاقي بصورة او باخري علي الاقل في فترات الانحطاط ؟ الغريب ان نجد من يفتخر بكتابات حكيم فرعوني -اشاركه الافتخار به- ولكن يجب الانتباه ايضا الي ان ما كتبة الحكيم إبور فيما يعرف" تحذيرات نبي" التي ينظر لها كفجر وللعدالة للضمير من قبل برستيد في كتابة "فجر الضمير" ويتغني بها دعاة الفرعونية هي عملة من وجهين احدهما هو المدي الذي وصل اليه الانحطاط الاخلاقي والاجتماعي والسياسي الشامل الذي كانت فيه مصر في هذا الوقت والتي تجعل من السهولة تشبية بيبي الثاني ومدي الضعف ومدي الفوضي التي لتلته لقرون ببعض ما يحدث في عصر الفرعون بيبي الحالي وربما ولده -وقي الله مصر شر ما تلي بيبي الثاني القديم-
وهل كان تاريخ غير العرب -ومنه الفرعوني- يخلو من جرائم الاغتيال والقتيل والفتن السياسية او غيرها؟! ام ان هذا فقط يقتصر علي تاريخ عرب الجزيرة ! وعلي المنوال السذاج المعتاد- طريقة اول من امن بالتوحيد والعدل اعتمادا فقط علي التاريخ المعروف لدينا- من اول دولة شهدت جريمة اغتيال سياسي ؟ ومن اول دولة شهدت سقوط نظام حكم فاسد وسيئ وثورات وفوضي شعبية اجتماعية وقيمية وسياسية وتفتت الدولة؟!
الغريب ان احد اهم ما يتباهي به دعاة فرعونية مصر هو الحديث عن نقل تأثر اليهود بالفراعنة في كتبهم فاما ان يكون القائل بذلك مقتنع بتحريف او بشرية هذه الكتب وبالتالي فعملية النقل لا تستحق هالة التقديس التي تحيطها او ان يكون مقتنعا انها من عند الله ويكون التاثير الفرعوني بلا قيمة فلا يعقل ان يكون الله عز وجل قد نقل عنهم او اما ان تكون بعض التعاليم الفرعونية هي تعاليم من انبياء ورسل ممن لا نعلمهم وتم تحريفها وهو ما يحسب عليهم وفي كل الاحوال فمن يؤمن بالإسلام -اوحتي بغيره- يؤمن بانه الدين الخاتم الذي يستوعب ما قبله ويهمين ويعلوعليه وينسخ ما يخالفه
وقس علي ذلك الحديث عن مصر ككونها اول من عرفت التوحيد هل كان ادم من غيرالموحدين ام ماذا؟! بالطبع يمكن ان ننفي توحيد او حتي وجود ادم التاريخي حتي لو حدثنا الانجيل والتورتة بل والقرآن كما فعل طة حسين في الاسطر التي حذفها من كتاب في الشعر الجاهلي التي يصر جهلة العلمانية علي التمسك والتفاخر بها حتي رغم خذفها من قبل الرجل نفسه كما فعلوا مع ماكتبه في مستقبل الثقافة العربية رغم ما يقال عن تراجع منه عنها كما يذهب البعض كمحمد عمارة في "الإسلام والسياسية الرد علي شبهات العلمانيين" والاهم انها من الاصل افكارا ساذجة و اسوء ما كتب طه حسين ومن الطريف ان يكون كتاب طه حسين وما تضمنه من هجوم علي القران و الانجيل والتوارة الذي كان سبب الهجوم الاكبرعلي الرجل وما تعرض له والذي هو سبب احتفال التيار العلماني به في الوقوت الذي يكون أي تعرض للديانة المسيحة واليهودية غالبا مدعاة اتهام بالارهاب والتحرض علي الكراهية وينسي هؤلاء وقتها كل حديثهم بالحق او بالباطل عن حرية الفكر والتعبير وتحطيم المقدسات لارساء قواعد المتهج العلمي.
لا يمكن ان ننهض بدون دراسة حقيقة وجادة لتاريخنا بكل حقبة الفرعونية او القبطية او الإسلامية التي نحيي في ظلها الي الان ولكن وضع هالات التقديس المزعومة شئ يختلف عن الدراسة الجادة الموضوعية لكل الفترات وما فيها ولا يمنع ذلك من الاعتزاز بفترات التقدم والنهوض ومنها الفترة الفرعونية احد اقدم واهم واعرق حضارات العالم وربما يصلح ما كتبته في مدونة احداث الاسكندرية .....اوجاع واوهام الاقباط و ايضا أوهام و أوجاع الاقباط .. مرة اخري حول مسالة فرعونية مصر و كون الاقباط هم ورثة الفراعنة بسبب خرافة النقاء العرقي او السبب اللغوي ناهينا عن الديني لتأكيد ما سبق
و كما حدث مع النظر بقدسية وهمية الي التاريخ الفرعوني صاحب الدعوة الي رفض العربية او أي صفة عربية في بعض الاحيان هجوم علي العرب وتاريخهم او علي الإسلام وتقديس لتاريخ والرجل الابيض قد لا يصدقه عقل و ربما لا يحتاج الا الي عقل طفل ليمكن الرد عليه - فعلي ما يبدو فان هناك من لا يري في العروبة والمسلمين و ربما الإسلام أي حسنات ومع المبالغة في الاخطاء ان وقعت والتضخيم منها او اساءة تفسيرها اواختلاقها ربما بسبب عقد نفسية او تجارب شخصية لايصعب ملاحظتها عند تناول كثير من هولاء للشان الخليجي مثلا- في مقابل تقديس الرجل الابيض وربما يكون كتاب طة حسن عن مستقبل الثقافة السابق الاشارة اليه من العلامات الدالة التي لا تري الا الالتحاق بالغرب وطريقه ولا اعلم لماذا يخطر لي احيانا ان التضخيم المبالغ فيه في النظر الي التاريخ الفرعوني ولو في لا وعيهم التي لا تري أي سيئات فيه ربما تكون نتيجة من اثار التبعة الفكرية والتاثير الفرنسي تحديدا الذي يكاد يقدس هذه الفترة وربما بدافع اكتشاف فرنسي لحجر رشيد و نسبة فضل ذلك اليهم او بدافع التاثير بالفكر الغربي والفرنسي بوجه اخص لمفهوم الدولة القومية خصوصا مع التاثير الكبير للثقافة والفكر الفرنسي عل يما كثير مما يطلق عليهم رواد الفكر والاستنارة والمزعومة من بني علمان
بصرف النظر عن صحة ماسبق من استنتاجات من عدمه وصل بعضهم الي ما قد يستحي من قوله مستشرق لديه بقيه عقل او علم او حياء فمثلا الاندلس وهي ازهي فترات اسبانيا واروبا بل و احدي ازهي فترات الانسانية التي يتباهي بها كثير الاسبان الي الان اصبحت بقدرة قادر فترة همجية متخلفة ولم تنهض اوربا الا بالتخلص من الهمج العرب المسلمين وتخلفهم ، هل كان لدي الاسبان القدرة علي التقدم وقيادة اروبا وغزو العالم بدون ما ورثوه من الهمج العرب ؟! و هل لنا ان نقارن اوضاع اسبانيا تحت الاحكم الإسلامي وما قدمه الإسلام لاوربا بما فعله الغرب المتحضر بالإسلام في البقاع الاوروبية الإسلامية وابادتهم -مع اليهود- والذي استمر مسلسله حتي وقت قريب في البلقان؟! فيبدو ان ملايين البشر ما بين قتيل ومنفي ومجبر علي التنصر ومحاكمات محاكم التفتيش لا تكفي في نظر بعضهم لوصف الكثير من تاريخ اوروبا بالهمجية حتي لو اعترف بها ابناء اوروبا انفسهم ! هل يمكن مقارنة ما حدث في الامريكتين وابادة سكانهما بما فعله الإسلام بالبلاد التي فتحها ؟! مازال الموزاييك الديني والحضاري الذي كان موجود قبل الإسلام محتفظا بكل عناصره بدون ابادة حتي وان قل بحكم التحول الطوعي الي الإسلام و بالمناسبة اين لجأ اليهود للهروب من الاضطهاد الاروبي والانضمام الي اخوانهم من اليهود؟!! ربما كان علي العرب الهمج معاملة اليهود في الاندلس او في باقي العالم الإسلامي وكذلك غيرهم من غيرالمسلمين كمعاملة فرعون موسي لبني اسرائيل او معاملة الغربي لليهود او لغيرهم!
وكيف يمكن النظر الي ما حدث في البلقان منذ حوالي عقد واحد من مئات الالاف من حالا القتل والاغتصاب والتشريد او ماحدث في الحروب العالمية " الغربية" وما يقرب من50 مليون قتيل فيها او ما يماثلهم تقريبا في الابادة شبه الكاملة لقارتين؟!
من المفارقات الغريبة صدفة غريبة جدا جمعتني بقتاة اسبانية- قبل اثارة هذا الموضوع بفترة بسيطة - طلبت في اول الحديث الذي جري علي برنامج مكتوب ان نتحدث بالعربية وقدمت نفسها كعربية معتزة بجذورها العربية وبما قدمتة الحضارة العربية الاسلامية عموما و لاسبانيا خصوصا وتصورت انها مهاجرة او من اصول عربية هاجرت فاذا بها تقول لي ان اسبانية ومن جذور اندلسية تعتز بها وانها مسيحية وتتمسك بمسيحتها ولكنها تعلم كما تتوارث عائلتها ان اهلها ممن اجبروا علي التنصر وانها لذلك قررت التخصص في الدراسات العربية الاندلسية وللاسف توقف برنامج مكتوب وفقدت التواصل معها
وفي اطار الكلام عن الحديث الجاهل عن انتشار الإسلام وهمجية العرب الم يحمل التجار "العرب الهمج بكذبهم" الرسالة الي غير المسلمين "اغلبية المسلمين حاليا" عن طريق تجارتهم باخلاقهم وقيمهم التي جذبت غيرالمسلمين الي الإسلام ؟! اوحتي في ظل الفتح الذي لم يحمل ولا يجوز له ان يحمل معني الاجبار علي الإسلام ومن يقول العكس سنطالبه بالدليل وهل سيكون هذا الدليل هو الحكم الإسلامي نفسه بطرق مباشر او غير مباشر مثل الاستدلال الساذج بالجزية ؟!
الهوية -بما تعنية من نظرة وتعريف الانسان لنفسه و لغيره، للكون ولخالقة- اذا اعمق من مجرد الارتباط باسم دولة او نظامها– كمجرد نص او تسيمة في دستورها - الذي قد يتغير بين يوم وليلة ما لم يكن هناك توافق بين الاسم والهوية فهل الفلسطيني الذي يحمل الجنسية الاسرائيلية يهودي ام اسرائيلي ام عربي فلسطيني مسلم الدين او الحضارة في الاغلب ؟ وهل لو تغيير اسم أي دولة يعني ذلك تغير هوية الشعب؟ فالإسلامية والعروبة مثلا لسكان ما يعرف بالسعودية هي اعمق بكثير من وصفهم الرسمي او السياسي بالسعودية ويمكن ان نحيل الي الموقف الفقهي والشرعي من الملك العضوض ورفض اساس وجوده من اول بني امية الي ال سعود وهو ما بني عليه موقف المعارضة الإسلامية داخل السعودية واكثرهم يرفض حتي مجرد وصفه بالسعودي او وصف بالدولة بذلك ويفضل كلمة جزيرة العرب كما يفعل بعضهم او نجد والحجاز كما يفعل غيرهم كجزء من الامة الإسلامية الواحدة
والسؤال الاهم هنا ما هو العائد من رفض وصف مصر بالإسلامية او بالعربية وما اثر وانعكاس هذا الوصف علي الواقع الذي نعيشه ؟ وهو سؤال منطقي فتحديد هوية شعب يبني عليه ويتضمن الكثير سواء في نظرة الانسان الي الكون وخالقه والي نفسه و الي غيره وعلاقته بهم سواء من ينتمي الي نفس الهوية او المخالف له في الهوية داخل بلده وخارجها ونظرته الي حكومته وسياساتها الداخلية والخارجية ونظرته لمجتمعه فما المطلوب ؟! ترك الاسلام كمرجعية سلوك وحياة كشريعة وعقيدة او ترك العربية مثلا ! وهل نتعامل معها كما نتعامل مع أي لغة اجنبية ؟! وما تأثير ذلك ايضا علي مستقبلنا بل واخرتنا؟ وما تاثير ذلك علي مجمل علاقتنا بتراثنا الحضاري العربي الإسلامي ناهينا عن التراث الديني الفقهي وكذلك النصوص الشرعية من قرآن وسنة الذي يسعي كثير من المسلمين غير العرب الي تعلمها وتعلم العربية و يمثل تحدث العربية امرا مهما و موضع حسد الكثير من المسلمين غيرالعرب للعرب ، ولمن يتحدث العربية مكانة مميزة لديهم لسهولة اطلاعه علي نصوص وعلوم الدين حتي للعامي ناهينا عن التخصص والتفقه فيها ولا نعلم اذا كان هذا حال معرفتنا بالدين حتي علي مستوي مايسمي بنختنا ونحن نتحدث العربية حاليا فماذا سيكون حالنا اذا تركناها الي غيرها او حتي قللنا من اهتمامنا الزائد عن الحد بها؟! لقد اصبحنا نحتاج الي شرح ابسط المفاهيم او الحديث عن ابسط المعلومات عن الشرع سواء مايتصل بالسياسة كما تحدثنا في الشرع و العصمة الوهمية للحاكم وغيرها او الاجتماعية و الفقهية كما هو الحال في موضوع زواج فاسد وفكر افسد او التماثيل وغيرها الكثير، المسلمون غير العرب في غالبيتهم اول من يعترف بفضل العرب عليهم لحملهم الإسلام اليهم سلما او تحت رايات الجهاد والفتح - الذي اتاح لهم حرية الاختيار بعد معرفة الاسلام- وكونهم علماء الدين وأهل لغة القرآن والسنة والفقه والتراث الحضاري الكبير في كافة فروع العلوم وهم مادة الإسلام كما يروي عن عمر- رضي الله عنه- والارتباط بين العروبة الإسلام دينا او حضارة امر لا يحتاج الي دليل وان كان ذلك لا ينفي العروبة عن غيرالمسلمين ولا ينفي الاسلام الحضاري او التمتع بكافة حقوق المسلم كمواطنين عن غير المسلمين.
وعلي سبيل المثال الامازيغ او البربر احفاد طارق بن زياد لا يمكن ان تكون اغلبيتهم ضد العرب او ضد الإسلام حتي في مفهومه السياسي ووجود اصوات قليلة عالية الصوت بينهم تغربية فرانكوفونية علمانية متطرفة تتستر برداء الامازيغية لدي بعضهم لن ينفي ذلك عن اخوة الدين والوطن ومهما دعمتهم السياسة الاستعمارية الفرنسية السابقة او الحالية ولا ينفي ذلك ايضا وجود بعض من يدعو الي ذلك عن اقتناع حقيقي والسؤال هنا اذا غابت لغة وطنية مشتركة او اكثر فكيف سيتفاهم وسيتصل ابناء الوطن الواحد اعتقد في حالة دول المغرب العربي انها ستكون الفرنسية وهنا بيت القصيد واصحاب المصلحة وخصوصا مع لغة تتراجع في بلدها امام الانجليزية فاذا كانت الحجة ان الفرنسية لغة مطلوبة للتقدم فلماذا لا تكون الانجليزية هي البديل ولماذا لم يقلد هولاء سادتهم ومعلميهم في فرنسا في الحفاظ علي اللغة الام بدلا من الفرنسية او الفرنسة المتسترة بالامازيغية لدي بعضهم؟ وهو نفس التناقض المضحك الذي تراه في بعض سكان مستعمرات الفرنسية السابقة ممن دافعوا عن استقلال وحرية فرنسا وقت احتلالها ولم يلاحظ هولاء ان بلادهم محتلة ومستعمرة من فرنسا ولم ينالوا الا اشكال من التكريم الفارغ من المضمون احيانا الذي لايمكن مقابلته الا بالسخرية المريرة من موقفهم او بالنكران والحجود الطبيعي من قبل كثيرمن سادتهم الفرنسين كما حدث مع لحد ومجموعته من قبل اسرائيل
اذا كان الهدف فعلا هو الحفاظ علي الامازيغية فايهم اقرب الي الامازيع العربية ام الفرنسية ؟! التعددية في اللغة او أي شي اخر امر جيد وليس لدي اعتراض عليه ولكن التقليد واتباع المحتل العسكري السابق الثقافي والاقتصادي والسياسي الحالي بطريقة سلبية امر مختلف وعلي ذلك ليس هناك أي اعتراض علي حفاظ الامازيع او من يماثلهم علي لغتهم الام ولكن لماذا تكتب كما يصر بعضهم علي كتابتها بالفرنسية وليس بالحروف العربية او بالامازيغية مثلا ولماذا نستخدم المفردات الاجنبية بدلا من العربية -من اول ميرسي و اوك الي هاي وباي- وهناك بدئل باللغة الوطنية لها، افهم ان تكون هناك دعوة الي تعلم الامازيغ العربية الي جانب الامازيغية لاسباب عديدة واضحة وان تكون هناك دعوة للعرب الي تعلم لغات كالكردية او الامازيغية الي جانب العربية واستخدام هذه او تلك في التعامل اليومي لا ان تكون لغة اجنبية كالفرنسية او الانجليزية هي لغة التعامل وهو امر لا يعارض ان تعلم اللغات الاجنبية عموما والانجليزية خصوصا امر في غاية الاهمية ولكن تعلمها امر يختلف عن ان تكون لغة التعامل اليومي او حتي استخدام مفرادتها طالما كان لها بديل عربي ونفس الامر في النظر الي التعليم بلغة اجنبية وهو مرفوض ويختلف عن تعلم لغة اجنبية وليس التعلم بها داخل بلدانا في صور تدل علي دونية حضارية هل يمكن ان نتقدم بدون لغة عربية قوية؟! نظرة الي اليابان اوالمانيا او حتي الصين او فرنسا –لاحظ اننا نتكلم عن الفرنسية وليس اللاتينة- وكيفية تعاملهم مع لغاتهم ، في الوقت الذي احيت اسرائيل لغة ميته البعض يريد ترك اقدم واكثر لغات العالم ثراء وقدما ويبدو ان الاجانب والغزاة واتباعهم اكثر وعيا منا لاهميتها سواء دينيا وحضاريا للتواصل مع تراثنا فالسوفيت غيروا الحروف العربية التي كانت مستخدمة من قبل المسلمين غير العرب في كتابة لغاتهم وحاولوا تغير أي مفردة عربية موجودة وحرقوا الكتب المكتوبة بالحروف العربية- حرق الكتب يجمع بين اقصي النظم الحادا كالنظام السوفيتي الشيوعي واكثرها تطرفا دينيا وحكما بالحق الالهي كما كان الحال في اوربا في العصور الوسطي- في سبيل السيطرة علي احتلالهم لبلاد وسط اسيا الإسلامية وهو ما يشابه ما فعله المجرم اتاتورك مع التركية وكان لدينا دعوة سابقة في نفس الطريق طريق الاحساس بالدونية الحضارية والتغريب بالتقليد والاخذ بقيم الحضارة الغربية بكل مافيها من ايجابيات او حتي من سلبيات كما قال بعضهم فنحن يمكن ان نكون امة فرعونية"مصرية" اوعربية او متوسيطة واحيانا شرق اوسطية و ربما جزء من فضاء القذافي الافريقي او علي الاقل امة نيلية من حضارة وادي النيل بل وربما حوض النيل كله ! أي ان الزائيري سيتساوي او ربما سيكون اقرب الينا من السوري فالانتماء يمكن ان يكون لاي شي الا الانتماء الي الإسلام دينا اوحضارة !
و بصفة عامة يمكن ان نرفض كل الافكار الاستلابية السابقة وهو ما اتفق معة بالطبع ولكن لا يعني ذلك بالضروة تخوين من يختلف معي فاذا كان البعض من القوميين يخون من يقول بهوية اخري غيرالهوية العربية كما فعل بعضهم مع دعاة الهوية الفرعونية فانه يمكن مثلا للتيار الإسلامي ان يفعل نفس الامر مع التيار القومي بحجة اقوي وهي ان القومية العربية في الغالب علمانية أي ستبعد الدين عن السياسة وربما عن المجتمع والحياة ايضا أي انها ستؤثر علي هوية بل واحكام الشرع بدرجة او باخري كما انها تفصل مصر والعرب عن باقي العالم الإسلامي الغيرالعربي كما رفض دعاة القوميةالعربية الهوية الفرعونية لانها ستؤثر علي الطابع والثقافة العربي وتفصل مصر عن محيطها العربي وما اسهل الاستدلال بلورانس العرب ورغم رفضي لكل هذه الافكار وكارثيتها وما بها من اخطاء الا ان وصفها بالعمالة لاجهزة المخابرات يختلف عن وصفها بالخطأ او حتي بالتبعية الفكرية او الدونية الحضارية
يفترض السؤال الذي يتضمنه عنوان المدونة وجود هوية واحده ذات بعد واحد للانسان وهو امر يحتاج لتوضيح فمن الطبيعي وجود اكثر من هوية أي اكثر تعريف للانسان لنفسه في مواجهة الغير وقد تتكامل هذه الهويات او تتوازي او تتداخل او يكون احدها اطار يشمل الهويات الجزئية الفرعية و هو في حالتنا هو الحضارة الإسلامية كما اعتقد و التي تتكون من هويات وثقافات فرعية مثل العربية- التي تتضمن فروعا عديدة منها المصري - بالخصوصية الفرعونية التي يمكن ان نتحدث عن افرع داخلها الصعيد مقابل بحري او الريف مقابل المدن و والبدو في الصحراء وهكذا- ولكلا منها قدر او اخر من الخصوصية في الاطار العام- و كذلك ثقافات اخري كالثقافة الفارسية والتركية يحتويها الإسلام كاطار عام يتضمن نظرة الانسان لنفسه وللغير وللكون وما فيها ولخالقة اذا فمصر اسلامية الهوية ذات بعد فرعي عربي لغوي وثقافي واخر فرعوني قبطي واذا اردت الاكتفاء بكلمة واحدة تجمع كل ذلك فهي الإسلامية وبالطبع سيكون هناك اعتراضات كما سيكون هناك اعتراضات علي أي وصف اخر فالاجماع مستحيل فوصف هوية مصرية كفرعونية واعتبار القومية مصرية سيقابل برفض من بعض اهل النوبة ومن بعض البربر في الصحاري علي قلتهم وكذلك اصحاب الجذور العربية والعروبيين حتي من غير العرق العربي المهاجر- علي افتراض صحة وهم النقاء العرقي- وبالطبع التيار الإسلامي ونفس الامر في حالة التيار القومي العربي ووصف الهوية المصري بالعربية كجزء من الامة العربية فقط فمثلا سيعارض التيار الإسلامي ذلك لترك باقي العالمل الإسلامي وكذلك علي الاساس العلماني في الغالب بالنسبة للقوميين كما سيعارضه دعاة القومية المصرية كما ان الهوية الإسلامية لا تتعني اهدار أي حقوق لغيرالمسلمين فلهم مالنا و عليهم ما علينا فهم شركاء وطن كما يعلمنا الفقة وشركاء صناعة الحضارة الإسلامية كما يؤكد التاريخ وقد سبق تناول بعض هذه الاعتراضات في تدونية أوهام و أوجاع الاقباط .. مرة اخري وايضا ردود علي اسئلة علمانيةِ
واذا قيل انه ليس هناك من يعرف هويته علي اساس الدين نرد بالقول بان تعريف غيرنا ليس وحيا مقدسا حتي نتبع طريقه وثانيا ان طبيعة الإسلام ليست بالضروة كغييرها فقد يكون هناك اختلاف بشكل او باخر فمثلا كنت اشعر بالاشتراك وبالقرب مع زميل من المغرب او من السنغال فنشترك في اشياء بسيطة كثيرة مثل الاكل والشرب باليد اليمني او طريقة التحية وان نجلس حيث ينتهي بنا المجلس او النظر الي اشياء كثيرة بصورة اقرب من كثير من المصريين لي كما كنا نرفض ونسخر من اشياء كثيرة مثل استخدام جملة ظلام العصور الوسطي وهي كانت بالفعل ظلام في اوربا او التعبير عن الاعجاب برفع القبعات التي لايرتديها قائلها وكالحديث عن فروسية العصور الوسطي الاوربية التي كانت اصلا منقولة عن الفرسان العرب و يبدو ان التاريخ الاروبي هو تاريخهم وكذلك قبعاته بل اصحبت تقاليد غربية -كالانحناء و تقبل يد النساء من غيرالمحارم التي لا نقبلها ولا نقبل تقبيل اليد اصلا الا ما ابيح في الشرع كتقبل يد الولدين او العلماء - هي تقاليدهم وهي معيار الرقي لبعضهم حتي في غيرها من الاشياءالب