قراءة نقدية في قصيدة " الغزو من الداخل " للأسطورة الأدبية الشاعر / عبدالله البردوني رحمه الله !..
بسم الله الرحمن الرحيم
عند تناول الشعر دأب النقاد -وهم بلا شك محقون في ذلك- على ربط جودة بعض الأعمال وعبقريتها من الظروف التي أوجدت فيها ، ومراد ذلك أنها تدل على أن الشاعر لا ينفصل البتة عن قضايا عصره وحياته ، كما أن ما يطرح في القصيدة من إشكاليات فكرية يضيف إلى القصيدة جانبًا كبيرًا من الأهمية نظرًا لأن الشاعر ليس مهندسًا لغويًا يمارس هندسته في الفضاء وإنما في كيان ثقافي يؤثر ويتأثر بما يقول .
من هنا تكمن قيمة قصيدة البردة النبوية للبوصيري رحمه الله من الظرف التاريخي الذي كان يستدعي فيه أمجاد عصر النبوة لتحميس المسلمين في مواجهة الغزو الصليبي العنيف . قصيدة لا تصالح لأمل دنقل تستمد قوتها لأسباب كثيرة من ضمنها أنها كانت قد كتبت في ليلة كامب ديفيد (ليلة الدخـــ) بكرامة العروبة ، وهكذا ...
تطبيقًا لهذا القول نجد قصيدة الراحل البردوني تكتسب قيمة ثلاثية الأبعاد ، الأولى تناقش إشكالية العولمة في الأبيات :
غزاة لا أشاهدهم
وسيف الغزو في صدري.
فقد يأتون تبغا في
سجائر، لونُها يغري
وفي صدقات وحشيَّ
يؤنس وجهه الصخري.
وفي أهداب أنثى ، في
مناديل الهوى القهري.
وفي سروال أستاذ
وتحت عمامة المقري.
وفي أقراص منع الحمل
في أنبوبة الحبر.
وفي حرية الغثيان
في عبثية العمر .
وفي عوْد احتلال الأمس
في تشكيله العصري .
وفي قنينة الويسكي
وفي قارورة العطر.
ويستخفون في جلدي
وينسلُّون من شَعري.
وفوق وجوههم وجهي
وتحت خيولهم ظهري.
غزاة اليوم كالطاعون
يخفى وهو يستشري .
يحجر مولد الآتي
يوشِّي الحاضر المزري
وهذه الأبيات غالبًا كانت في تسعينيات القرن العشرين أيان ظهرت بوادر أو النواة الأولى لفكرة العولمة ،وليس من عجز يتجه إلى اللغة التقريرية وإنما هو يبرهن على القضية التي لا تحتمل في هذا الظرف كصدمة أولى نوعًا من المرح الفكري ممثلاً في استخدام الصور والمجاز ، ولكن تبدو بعض الكتابات مخيفة في دلالتها إن أنت تتبعتها مثل :
وفي سروال أستاذ
وتحت عمامة المقري.
وفي أقراص منع الحمل
في أنبوبة الحبر.
إن الشاعر لما يلتحم بقضايا واقعه وينزل إلى الشاعر يمزج ثقافته بثقافة المجتمع فينشأ هذا المولود غير البشري والمسمى بالفن وهو ها هنا الشعر فن الشعر . إنه يصرخ من أمة غزيت حتى صار المقري مقرئ القرآن معولمًا لأن عباءته مصنوعة في دولة غير التي خرج منها ، هذا وجه من تأويل العمل ولكن هناك وجه آخر هو ضياع ثقافة هذه الفئة التي يراها الكثيرون-لاسيما العلمانيون- حافظة للتآريخ كموروثات فلكلورية . إنها أجراس الخطر تنذر بالانهيار حينما يكون المقرئ (وهو هنا لا يعني المقرئ للقرآن وإنما يعني تراث العربية عمومًا ) قد أخذ برؤى غيره من الأمم ، فصار لا هو عربيًا ولا غربيًا ، وكذلك الأستاذ وهو يشير إلى صنوف يمكن ترجمتها إلى كلمتين فقط "الغزو الفكري ". لكن السخرية تبلغ أقصى درجات الألم عندما يكون الغزو حتى في منع الحمل إذ أن دولنا لا تستطيع تصنيع أقراص منع الحمل !! وتأخذها كمعونة أو سلفة مقنّعة . والإنسان العربي بطبعه البدائي مفطور على حب العشيرة والأهل والجوانب الاجتماعية والتي يعد الإنجاب -لأسباب كثيرة- أبرز مظاهرها ، لذلك ترى الشاعر يبكي حرقة من انتشار مثل هذه الأفكار في المجتمع العربي ،والبردوني هنا يجعل حركة التاريخ متغيرة بينما الإنسان العربي بهيئته القديمة ماثلاً أمام عينيه لذلك تكون كل مظاهر (المدْيَنَة) أنماطًا جديدة عليه لكن هذه المدْيَنَة الواهمة خيبت ظنه وانجرف إليها بدلاً من الثبات ، لكأنه إنسان عربي يحمل الشعار خالف تعرف ، فمن حيث أراد له الثبات تحرك في اتجاه الخطر ومن حيث أراد له الحركة جمُد على الأرض .
وأنبوبة الحبر ! إن الشاعر يحكي مأساة تتخذ كل أشكال تبدأ من أعظم أشكال التراث الممثلة في المقرئ _ لأن الانتماء الأيديولوجي للبردوني كان يساريًا لا يرى في الدين إلا أشكالاً حافظة للتراث فحسب _ رمز العروبة انتهاء بأبسط الأشياء أنبوبة الحبر والتي تستورد أو تصطبغ بصبغة غير عربية .
من الممكن أن تكون لهذه الكلمات دلالات أخرى لكن القرائن لا تعطيها أكثر من معانيها المباشرة .
وكان لهذه الأبيات طابعًا تشكيليًا رائعًا كأننا بإزاء صورة يد مرسومة بالقلم الرصاص ويجري في وريدها ( رشاش ) .
هذا كان المحور الأول : العولمة ، وتتلاقى في الشطر (فظيع جهل ما يدري) العولمة من ناحية والهم الإقليمي العربي ثم الهم الداخلي وغالبًا كان أيان حرب اليمن والتي كانت في وقت حرب الخليج ، ليكون الاستعمار هو سيدًا في المواقف كلها . لي وقفة أخرى وقد تكون اثنتين مع المحور الإقليمي ثم المحلي لاحقًا بإذن الله . أترككم في رعاية الله وحفظه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الكاتب : المشرقي الإسلامي
_______________
* أرجو من أحد الأخوة المشرفين نقل الموضوع إلى صيد الشبكة إذا كان فيه ما ينتمي إلى هناك ،
_
وإلى ذلك نحن نجد البدء بصنعاء رغم أن الحديث عن العولمة لأن اليمن تكتسب قيمة تاريخية وتراثية مردها إلى الموقع الجغرافي الذي جعل الإنسان اليمني منغلقًا وبالتالي أكثر قدرة على حماية تراثه وكيانه الثقافي التراكمي العريض . وكذلك اليمن والقبائل المضرية وما اشتهرت به من ولع للشعر تجعل قيمة الغزو أعنف إذ أنه ضرب للعروبة أو التراث في مقتله (وليس تأكيدًا على الدوري المحوري الذي تلعبه اليمن في مسار الأحداث السياسية).
أما عن المحور الثاني وهو الشأن الإقليمي فقد دخله سريعًا إذ أن أرضه وكيانه لا يحتمل تأجيل الخطاب إليه بعد هذه الأحداث ولتظل كلمة اليمن حاضرة في القصيدة مستجدية الشعور الوطني بالتحرك نحو الشجن الأخطر وهو هذه الفرقة في اليمن ، ولا يستطيع القول صراحة أنا مع الرئيس أو ضده وإنما يلقي باللائمة على كل من ظنه مسئولاً عن ذلك . وتبلغ المأساة ذروتها عندما تكون المحصلة في النهاية هو هذا الوضع من التنازل عن الوطن الأم في مهاترات سياسية سفيهة ليقول :
ترقّى العار من بيع ٍ
إلى بيع بلا ثمن .
ومن مستعمر غاز
إلى مستعمر وطني
إلى ذلك كان استدعاؤه التأريخ مميزًا سواء الحاضر والماضي ليقيم علاقة موازاة تجمعها النقطة المتكررة :
فظيع جهل ما يجري
وأجهل منه ان تدري
وينتقل بعد ذلك إلى المحور الإقليمي وهو حرب الخليج وما أفرزته من تداعيات سيئة على المجتمع العربي ككل وهو يستدعي النماذج المعروفة تاريخيًا كحرب أكتوبر ويربطها بالنفط ليردها إلى ما قبل الحرب الحزيرانية أي هزيمة يومية تتردد أصداؤها في التسعينيات وكذلك الموروث التاريخي المستمد من القرآن الكريم . بلقيس والتي كانت تسجد للشمس ، وعلى الطرف الآخر بابك الخرمي وبابك الخرمي أحد دعاة الانقلاب ضد الدولة العباسية وكان لعنه الله يروح لعقائد مانوية وعقائد تعبد غير الله وتبيح اللذة لذلك كلمة " خرم " كما ذكر أحد المعلقين نسبة إلى اللذة وهي كلمة فارسية .. وأخطر من ذلك أنه كما ذكر المؤرخون كان ابن سِفاح أي ابنًا غير شرعي ، وقد تناول الأنظمة النفطية باستهزاء شديد لم يصل إلى الإقذاع ولا التصريح لكأنهم أخس من ذكر أسمائهم في قصيدته لذلك احتفظ ليمنه بالذكر في أكثر من موضع بينما اكتفى بوصفهم أمراء النفط كماهية لوجودهم الضار بالمستقبل العربي .
ولفظة الخرمي استخدمت بعبقرية بموازاة عرش بلقيس تلاعب بالألفاظ تعبيرًا عن الاختراق وإن كنت أقول إن هذه المرأة أسلمت وأصبحت زوجة نبي الله سليمان عليه السلام فلا يجوز تناول شيء من سيرتها بطريقة هازئة وهنا مغالطة يقع فيها الشاعر -غفر الله له- عندما يجعل بابك الخرمي لاهيًا بذؤابتها اي مقدمة الشعر . إنها زوجة نبي فما كان له أن يقع في هذا الخطأ وهذا يؤكد مرة أخرى أهمية فهم الموروث التاريخي في إطار التناول القرآني ، لا في إطار الربط الفلسفي .
وتبلغ السخرية به شأوًا كبيرًا حين قال :
ونستجديك ألقابا
نتوجها بألقابك
إنها الخيبة والتي جعلت الاستيراد ممتدًا إلى الألقاب والتي لا تكتمل إلا بلقب المعتدي كأنه يضاجعهم حتى بالألقاب .
ويظل الصراخ مستمدًا من الحدث :
فظيع جهل ما يجري
وأفظع منه أن تدري
إن حركة هذا الإيقاع السريعة قد تماشت بشكل أو آخر مع سرعة إيقاع الحياة ، وإزاء هذه السرعة يعجز الإنسان العربي عن مسايرة ركابها فيظل جاهلاً بدوره وتزداد الأزمة خطورة إذا علم لأنه لن يملك لنفسه حينئذ شيئًا سوى الحسرة .
غير أن الشاعر في هذه القصيدة لم يكن موفقًا في طرح حلول أو تبني فلسفة معينة إنما اكتفى بالتباكي على اللبن المسكوب إن كان ثمة لبن ! ، ولعل هذا عائد إلى هول الصدمة التي أفقدته التوازن في الرؤية وجوانب التناول لتبقى العبارة الدائرية :
فظيع جهل ما يجري
وأفظع منه أن تدري
هي لسان حال المجتمع ككل حيث لا خلاص من الألم .
القصيدة لها قيمتها الفكرية بالدرجة الأولى والتي جعلتها واحدة من القصائد ذات الطابع الأيديولجي المعبر عن مأساة الوطن في نظام تتصارع فيه أنظمة وصفها أحمد مطر بقوله :
تأتي بها وتعيدها دبابة
ويبدل العملاء بالعملاء
ويبقى الوطن هو الضحية ولا صوت يعلو آهات هزائم المعركة .
الكاتب : المشرقي الإسلامي
__________________
كــلــمــة حــمــراء :
الـنـجـوم عـواطـف ؛
رد مع الاستدلال
سارق النزف
الاطلاع على ملف القضية العام
البحث في جميع مشاركات سارق النزف
#3
قديم 08-09-2009, 09:51 AM
سارق النزف's صورة
سارق النزف سارق النزف غير متواجد
متّهم
زمان الغواية : Apr 2009
المكان : أمام الشاشة
عدد الأدلة: 204
هذه قصيدة من عيون قصائد البردوني بعنوان " بُشرى من الغيب " :
بشرى من الغيب ألقت في فـم الغـار
وحيا و أفضت إلـى الدنيـا بأسـرار
بشرى النبوّة طافت كالشـذى سحـرا
و أعلنت فـي الربـى ميـلاد أنـوار
و شقّت الصمـت و الأنسـام تحملهـا
تحـت السكينـة مـن دار إلــى دار
و هدهدت " مكّة " الوسنـى أناملهـا
و هـزّت الفجـر إيـذانـا بإسـفـار
***
فأقبل الفجر من خلف التـلال و فـي
عينيـه أسـرار عشـاق و سـمـار
كأنّ فيض السنـى فـي كـلّ رابيـة
موج و في كلّ سفـح جـدول جـاري
تدافع الفجر فـي الدنيـا يـزفّ إلـى
تأريخهـا فجـر أجـيـال و أدهــار
واستقبل الفتح طفـلا فــي تبسّـمـه
آيـات بشـرى و إيمـاءات إنــذار
و شبّ طفل الهـدى المنشـود متّـزرا
بالحـقّ متّشحـا بالنـور و الـنـار
في كفّه شعلـة تهـدي و فـي فمـه
بشرى و فـي عينـه إصـرار أقـدار
و في ملامحـه وعـد و فـي دمـه
بطـولـة تتـحـدّى كــلّ جـبّـار
***
و فاض بالنـور فاغتـم الطغـاة بـه
و اللّصّ يخشى سطوع الكوكب الساري
و الوعي كالنور يخزي الظالمين كمـا
يخزي لصوص الدجى إشـراق أقمـار
نادى الرسول نداء العـدل فاحتشـدت
كتائـب الجـور تنضـي كـلّ بـتّـار
كأنّـهـا خلـفـه نــار مجنّـحـة
تعـدو وقـدّامـه أفــواج إعـصـار
فضجّ بالحـقّ و الدنيـا بمـا رحبـت
تهـوي عليـه بأشـداق و أظـفـار
و سـار و الـدرب أحقـاد مسلّحـة
كأنّ في كـلّ شبـر ضيغمـا ضـاري
وهبّ فـي دربـه المرسـوم مندفعـا
كالدهـر يقـذف أخطـار بأخـطـار
***
فأدبر الظلـم يلقـي هـا هنـا أجـلا
و هـا هنـا يتلقّـى كـفّ ... حفّـار
و الظلم مهما احتمت بالبطش عصبتـه
فلن تطـق وقفـة فـي وجـه تيّـار
رأى اليتيـم أبـو الأيـتـام غايـتـه
قصوى فشـقّ إليهـا كـلّ مضمـار
وامتدّت الملّة السمحـا يـرفّ علـى
جبينهـا تــاج إعـظـام و إكـبـار
***
مضى إلى الفتح لا بغيـا و لا طمعـا
لـكـنّ حنـانـا و تطهـيـرا لأوزار
فأنـزل الجـور قبـرا وابتنـى زمنـا
عـدلا ... تدبّـره أفـكـار أحــرار
***
يا قاتل الظلم صالـت هاهنـا و هنـا
فظائــع أيـن منهـا زنـدك الـواري
أرض الجنوب دياري و هي مهد أبـي
تئـنّ مـا بيـن سفّـاح و سمسـار
يشدّهـا قيـد سـجّـان و ينهشـهـا
سوط ... ويحدو خطاها صوت خمّـار
تعطي القيـاد وزيـرا و هـو متّجـر
بجوعها فهو فيهـا البائــع الشـاري
فكيف لانت لجـلّاد الحمـى " عـدن "
و كيف ساس حماهـا غـدر فجّـار ؟
وقـادهـا زعـمـاء لا يـبـرّرهـم
فعـل و أقوالـهـم أقــوال أبــرار
أشباه نـاس و خيـرات البـلاد لهـم
يا للرجـال و شعـب جائـع عـاري
أشبـاه نـاس دنانيـر البـلاد لـهـم
ووزنهـم لا يسـاوي ربـع ديـنـار
و لا يصونون عنـد الغـدر أنفسهـم
فهل يصونون عهد الصحـب و الجـار
تـرى شخوصهـم رسميّـة و تـرى
أطماعهم في الحمـى أطمـاع تجّـار
***
أكـاد أسخـر منهـم ثـمّ تضحكنـي
دعواهـم أنّهـم أصـحـاب أفـكـار
يبنـون بالظلـم دورا كـي نمجّدهـم
و مجدهم رجـس أخشـاب و أحجـار
لا تخبـر الشعـب عنهـم إنّ أعينـه
تـرى فظائعهـم مـن خلـف أستـار
الآكلـون جـراح الشعـب تخبـرنـا
ثيابـهـم أنّـهــم آلات أشـــرار
ثيابهـم رشـوة تنبـي مظاهـرهـا
بأنّهـا دمــع أكـبـاد و أبـصـار
يشـرون بالـذلّ ألقـابـا تستّـرهـم
لكنّهـم يستـرون الـعـار بالـعـار
تحسّهم فـي يـد المستعمريـن كمـا
تحـسّ مسبحـة فـي كـفّ سحّـار
***
ويـل وويـل لأعــداء الـبـلاد إذا
ضجّ السكون وهبّت غضبـة الثـار !
فليغنـم الجـور إقبـال الزمـان لـه
فــإنّ إقبـالـه إنــذار إدبـــار
***
و النـاس شـرّ و أخيـار و شرّهـم
منـافـق يـتـزيّـا زيّ أخـيــار
و أضيع الناس شعـب بـات يحرسـه
لــصّ تسـتـره أثــواب أحـبـار
فـي ثغـره لغـة الحانـي بأمّـتـه
و فـي يديـه لهـا سكّيـن جـزّار !
حقد الشعوب براكين مسمّمـــــــة
وقودها كلّ خوّان و غـــــــدّار
من كـلّ محتقـر للشعـب صورتـه
رسـم الخيانـات أو تمثـال أقــذار
و جثّـة شـوّش التعطيـر جيفتـهـا
كأنّهـا ميتـه فـي ثـوب عـطّـار
***
بين الجنـوب و بيـن العابثيـن بـه
يـوم يحـنّ إليـه يـوم " ذي قـار "
***
يا خاتم الرسل هـذا يومـك انبعثـت
ذكراه كالفجـر فـي أحضـان أنهـار
يا صاحـب المبـدأ الأعلـى ، و هـل
حملت رسالة الحقّ إلاّ روح مختـار ؟
أعلى المباديء ما صاغـت لحاملهـا
من الهدى و الضحايـا نصـب تذكـار
فكيـف نذكـر أشخاصـا مبادئـهـم
مباديء الذئب في إقدامه الضـاري ؟ !
يبـدون للشعـب أحبابـا و بينـهـم
و الشعب ما بين طبع الهـرّ و الفـار
مالي أغنّيك يا " طه " و فـي نغمـي
دمع و في خاطـري أحقـاد ثـوّار ؟
تململـت كبريـاء الجـرح فانتزفـت
حقدي على الجور من أغوار أغـواري
***
يا " أحمد النـور " عفـوا إن ثـأرت
ففي صدري جحيم تشظّت بين أشعاري
" طه " إذا ثـار إنشـادي فـإنّ أبـي
" حسّان " أخباره في الشعر أخبـاري
أنا ابن أنصارك الغـرّ الألـى قذفـوا
جيش الطغـاة بجيـش منـك جـرّار
تظافرت في الفـدى حوليـك أنفسهـم
كأنّهـنّ قــلاع خـلـف أســوار
نحن اليمانين يا " طـه " تطيـر بنـا
إلـى روابـي العـلا أرواح أنـصـار
إذا تذكّـرت " عـمّـارا " و مـبـدأه
فافخر بنـا : إنّنـا أحفـاد " عمّـار "
" طه " إليك صـلاة الشعـر ترفعهـا
روحـي و تعزفهـا أوتـار قيـثـار