أدوات تحقيق النصوص: المصادر العامة
عرض وتحليل
يعرض المقال بالتحليل لكتاب أدوات تحقيق النصوص لعصام الشنطي، وهو أول كتاب يعتني ببيان المراجع المتخصصة في التراث العربي التي يحتاجها محقق النصوص العربية، والأدوات التي يستعين بها في أثناء صنعة التحقيق. وقد بناه مؤلفه على ترتيب مبتكر حاول فيه أن يربط بين المصادر والخطوات المنهجية لتحقيق النصوص التراثية، وقسَّمها إلى فصول (أو حقول كما أسماها)
**********************
أدوات تحقيق النصوص: المصادر العامة1
تأليف: عصام محمد الشَّنْطِي
يأتي الكتاب المعروض خطوة جديدة مضيئة في مجال التأليف المتخصص في التعريف بالكتب المرجعية للتراث العربي عامة، وتحقيق النُّصوص المخطوطة منها خاصة. وهو مبحثٌ فريدٌ لم يُسبق إلى إفراده بمؤلَّف – فيما أعلم- سوى بحث لطيف لأستاذنا الدكتور عبد الستار الحلوجي3. وقد يقترب منه كتاب «الموجز في مراجع التراجم والبلدان والمصنفات وتعريفات العلوم»4 للدكتور محمودالطَّناحِي –رحمه الله تعالى- ، لا بحكم وضعه، وإنما بحكم مادته ومبناه، وتميُّز مؤلِّفه واشتغاله بالتَّحقيق. أمَّا مؤلفات علم تحقيق النصوص فقد تعرَّض بعضها للمراجع المـُعيْنة للمحقِّق5.
والكتب المرجعية –في اصطلاح المكتبيين- هي الكتب الشاملة التي نُسِّقت وكُثِّفت المعلومات فيها، ورُتِّبت ترتيبًا منطقيًّا مُعيَّنًا، لا يهدف ولا يساعد عادةً على القراءة المتصلة من أولها إلى آخرها، وإنما يرجع القارئ إليها، ويستشيرها الباحث عند الحاجة إلى معلومة أو معلومات معيَّنة، بسهولة ويسر، ولا تتأثر وحداتها بحذف بعضها لعدم تتابعها، وهي تقابل بالإنجليزية (Reference books). أمَّا المصادر فهي في نظرهم جميع الكتب وأوعية المعلومات الأخرى، سواء أكانت تحمل صفة المراجع أو لم تكن، ويقابلها (Reference sources)6.
وهذا الاصطلاح مغاير للمتعارف عليه في مجال الدراسات «الأكاديمية»، لا سيما التاريخية، التي تتمايز فيها المصادر والمراجع – وإن كان البعض يُسَوِّي بينهما- على أساس المباشرة والوساطة في تقديم المعلومات المتصلة بالموضوع، فالمصادر - ويفضِّل البعض (المراجع الأصلية) - هي تلك المؤلفات أو النصوص التي تُعدُّ أقدم مادة عن موضوع ما، والتي تصلح أن تُكوِّن مادة البحث الأساسية، فالكتب المعاصرة أو القريبة من العصر الذي يُدرس أحواله، سواء الدينية أو التاريخية أو الأدبية، تُعدُّ مصادر، وكذلك مؤلفات الشخص الذي يُدرس أو يُترجم له، أو النصوص الأدبية للشاعر أو الأديب المدروس...إلخ.
أمَّا المراجع (أو المراجع الثانوية) فإنَّها ما عدا ذلك من المؤلفات الثانوية أو المساعدة التي يُلجأ إليها استكمالاً للمعلومات حول موضوع البحث، أو للحصول على معلومات إضافية لأغراض المقارنة والربط والتحليل. أو هي الدراسات الحديثة التي عالجت الموضوع أو ما يتصل به من موضوعات، عن طريق استيعاب المادة الأصلية من مصادر ومراجع متعددة، وأخرجتها في ثوب آخر جديد7. فصفة المصدرية والمرجعية للكتاب تقوم أساسًا على درجة الصلة بين ما في الكتاب من أدب وبين الموضوع الذي هو محل البحث، فإذا كانت الصلة مباشرة أو أساسية فهو (مصدر)، وإن كانت غير مباشرة أو فرعية فهو (مرجع)8.
هذا مع التنبيه إلى أن الاستعمال الاصطلاحي لإحدى الكلمات لا يمنع بالضرورة أن تستعمل الكلمة في معناها اللغوي العام، لاسيما وأن التحديد التطبيقي الدقيق لهما قد يكون في بعض الأحيان متعذرًا بسبب التداخل بينهما، فالنسبية قائمة، كما أن بعض المجالات لم تصل بعد إلى الاستقرار الاصطلاحي، فقد تستعمل كلمة مرجع لتعبر عن المعنيين جميعًا، من قبيل الاحتفاظ للكلمة الاصطلاحية بمعناها اللغوي أو شبه اللغوي، الذي يكون عادة أوسع شمولاً وأكثر مرونة من الاستعمال الاصطلاحي.9
وبهذا يتبين الفارق بين مدلولات المصطلحين في مجالي الدراسات المكتبية والدراسات (الأكاديمية)، الذي يمكن أن نوجزه ببيان صفة (المرجعية) في كلٍّ منهما، فالمرجعية في الدراسات المكتبية تعتمد على صفات ذاتية توجد في الكتاب نفسه، فالكتاب مرجع إذا توافرت له هذه الصفات، وإلا فإنه مصدر، بينما صفة المصدرية والمرجعية في الدراسات الأخرى تعتمد على درجة الصلة بين ما في الكتاب من أدب وبين موضوع معين، وهي تدرس فيها دراسة ترتبط بالأساس الذي بُنى عليه التمييز بينهما، بينما في الدراسات المكتبية ترتبط بالأساس الذي يميزها عن بقية مواد المكتبة وكتبها، وهو مقدار ما فيها من طبيعة تنظيمية خاصة وسمات مرجعية معينة، جعلتها تمكن الباحث والقارئ من الحصول على ما فيها من معلومات في سرعة ودقة. فدراسة المؤرخ –مثلاً- للكتب المرجعية هي دراسة تهتم أساسًا بالمادة التاريخية التي تحتويها هذه الكتب، من حيث صلتها بالموضوعات المعالجة، وطبيعة هذه الصلة صدقًا ودقةً، بينما الدراسة المكتبية تهتم أساسًا بالسمات الخاصة لهذه الكتب، والطبيعة التنظيمية ...إلخ10.
يعدُّ «علم المراجع» من العلوم المعاونة على بناء المعرفة وتأصيلها، وهو أحد فروع علوم المكتبات، الذى يُعنى –كما أشرنا- بدراسة طائفة من المواد بالمكتبة تمتلك صفات متميزة، تجعلها ذات أهمية خاصة في تأدية المكتبات للوظائف المنوطة بها. كما تتميز بعدد من العمليات المكتبية والإجراءات الفنية والمالية، وبعض المهمات الإدارية، فتوضع موادها عادة في مكان متميز بالمكتبة لسهولة الاطلاع والاستخدام، وقد يُشرف عليها قسم خاص، ويُكلَّف بها ذوو مؤهلات خاصة، كما أن أكثر موادها لا يُسمح بإعارته خارج المكتبة11.
ولم يَلق هذا العلم بعدُ الاهتمام الكافي في دراساتنا، وفي الوعي الثقافي العام، رغم تدريسه في أقسام المكتبات وصدور عدد من المؤلفات فيه، تنوعت في هدفها ومنهجها ومادتها، وجاءت أغلبها تطبيقية تعريفية، بينما ندُرت المؤلفات التأصيلية للعلم12. وقد تنوعت التأليفات العربية الدارسة للمراجع والمـُعرِّفة بها، فبينما التزم بعضها بالمنهج المكتبي الذي يعتمد على التعريف بالمراجع، وبيان نشأتها وتطورها، وتقسيمها إلى فئات موضوعية أو شكلية أو وظيفية ... إلخ، مع توضيح سماتها، وتقديم نماذج تُدرس دراسة فردية13، بينما جاء بعضها أقرب إلى التعريف بالمصادر بمعناها «الأكاديمي»، منها إلى الكتب المرجعية. كما تنوعت إلى تأليفات عامة لم تتقيد بتخصصات معرفية مُعيَّنة، ومنها ما اقتصر على مجالات مُعيَّنة. ومن هذه الأخيرة مؤلفات اقتصرت على التعريف بكتب التراث العربي، والتي تفاوتت بدورها بين العموم والخصوص، والإيجاز والإسهاب، والالتزام بمنهجية التقسيم والتناول، والتعريف والتقويم ... إلخ.
عرض لمقدمة الكتاب ومنهجه
أشار المؤلف أنه بنى كتابه على ترتيب مبتكر حاول فيه أن يربط بين المصادر14 والخطوات المنهجية لتحقيق النصوص التراثية، وقسَّمها إلى فصول (أو حقول كما أسماها) 15، وهذه ميزة ثانية للكتاب، بعد ميزة الريادة التأليفية.
وقد نبَّه المؤلف الفاضل في مقدمة كتابه إلى ما يراه من سلبيات بعض الكتب المؤلَّفة في علم المراجع، لا سيما مراجع التراث العربي، فذكر منها غياب منهجية الترتيب الملائمة لغرض التأليف واحتياجات الباحثين، أو الاكتفاء بأساليب الترتيب التقليدية. كما أشار إلى انشغال كثير منها باستيفاء المراجع وعنواناتها ومؤلِّفيها، مع عدم العناية بعرضها وتحليلها، والكشف عن طريقة تأليفها وسبل استعمالها والانتفاع بها، مما أوصلها إلى صورة القوائم أو الأدلة التي تعرض فيها المراجع بشكل مُنَفِّر، لا حيوية فيه ولا فائدة -حسب تعبيره-.
وتزداد الفائدة بتأكيد ما ذكرنا من أنواع التأليف ومناهجه في مجال المراجع، وكيف أنها تتنوع حسب الغاية وطبيعة التناول، فمنها العام والخاص، ومنها ما يُعنى بالعرض والتحليل والتقييم، وما يُعنى بالحصر والاستيعاب، وهي القوائم الببليوجرافية، ولكُلٍّ منهجه وفائدته. مع ملاحظة أن كثيرًا ممَّا صدر كان تعريفًا بالمصادر – بمعناها «الأكاديمي»- ، ولم تقتصر على المراجع – بمعناها المكتبي- .
ومن الجدير بالذكر أنَّ أصل هذا الكتاب محاضرات أعدَّها المؤلف منذ سنوات إثر تكليفه بتدريس مادة: «أدوات تحقيق النصوص - المصادر العامة»16، لطلبة الدراسات العليا بقسم «علم المخطوطات وتحقيق النصوص»، التابع لـ «معهد المخطوطات العربية» و«معهد البحوث والدراسات العربية» بـ«جامعة الدول العربية»17. فهو إذن كتاب دراسيّ أُعدَّ حسْبَ منهج وساعات دراسية مُقرَّرة، ونحن نستأذن المؤلف الكريم أن يُشفعه بشقيق أكثر تخصصُّا للباحثين، مع التأكيد على ريادة الكتاب في بابه وتميُّزه في منهجه ومادته، شأنُه شأن المحاولات الرائدة التي تستقي شرفها وتتبوء مكانتها من أوَّليتها وبِكريَّتها، ثم ممَّا تحتويه من فكر ومنهج.
مهَّد المؤلف لكتابه بعد مقدمته الموجزة بمدخل مفيد، أبان فيه عن أهمية التراث بالنسبة للأمم جميعًا، وأشار فيه إلى اللغط الدائر بين ما اصطُلح عليه بـ «الأصالة والمعاصرة»، وضرب له مثلاً لطيفًا بشجرة عريقة أهملها أصحابها دون رعاية، فلم ير بعضهم حلاًّ سوى اجتثاثها من جذورها، وزرع شجرة غريبة عن تربتها وبيئتها، بينما رأى فريق آخر أن الحل في رعاية الشجرة –جذورًا وفروعًا-، وتطعيمها بالجديد دون أن تخشاه. وهو اقتباس موظَّف من الآية الكريمة: { ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة ...} [إبراهيم: 24].
وأوجز المؤلف الإشارة في تمهيده إلى المقصود من تحقيق النصوص وأدواته، ثم نبَّه إلى حُزْمة من الملاحظات المفيدة، وهي: ضرورة تحري الطبعات المحقَّقة المعتمدة لكتب التراث ومراجعه، وضرورة التَّعرُّف إلى المرجع أولاّ قبل التعامل معه واستخدامه، لمعرفة غايته وحدوده ومنهجه، وذلك عبر التصفُّح العَجِل، وقراءة مقدمته، والنظر في قائمة محتوياته وكشَّافاته، ليسهل بعد ذلك التعامل معه كلما اُحتيج للرجوع إليه.
وأخيرًا أشار إلى كثرة المصادر المندرجة تحت كل حقل، وأنَّه تحاشى الإكثار والتطويل فاكتفى منها بأهمها، وذكر أنَّه مطمئن إلى أنها ستسلمهم إلى غيرها من المراجع. ولعله كان مناسبًا أن يستطرد قليلاً في كم المراجع المـُعرَّفة، وأن يُلحق بكل حقل قائمة ببليوجرافية بالمراجع لمن أراد الاستزادة، وإن كان أحال في (المصادر والمراجع) إلى جملة من كتب المراجع التي اعتنت بشيء من ذلك.
تقسيم الكتاب
قسَّم المؤلف المراجع المعروضة في كتابه على سبعة حقول:
1. جمع النسخ وترتيبها.
2. ما طُبع محقَّقًا.
3. توثيق العنوان.
4. ترجمة المؤلف وتوثيق العنوان إليه.
5. المصادر المرتبة على الموضوعات.
6. المشيخات.
7. تعريفات العلوم ومصطلحاتها.
الحقل الأول: جمع النسخ وترتيبها
ذكر في الحقل الأول أن الأصل في تعقُّب نسخ المخطوطات -ومن ثَمَّ تحديد منازلها- هو الاطلاع المباشر، ثم مراجعة فهارس المكتبات. وأشار إلى أنَّه ما من سبيل إلى استيعاب أيٍّ منهما، ومن ثَمَّ ليس أمام الباحث إلا الرجوع إلى ما يشبه كتب دوائر المعارف في التراث العربي المخطوط، التي اهتمَّت بذكر المخطوطات وأماكن وجودها وأرقام حفظها.
وبِناءً على ذلك حصر المؤلف مراجع الحقل في عملين ببليوجرافيين هما: تاريخ الأدب العربي لكارل بروكلمان، وتاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين، مع تنبيهه إلى عدم استيعابها للتراث العربي المخطوط. وقد عرَّف المؤلف بالكتابين والمؤلِّفين، واستقصى تاريخ تأليفهما ونشرهما وترجمتهما18، وفصَّل في تحليل المنهج والمادة، وطريقة التأليف والبحث فيه، وقبل ذلك نبَّه إلى غاية التأليف وأسلوب تناوله، وأشار أخيرًا إلى الملاحظات النقدية التي وُجهت من قبله والباحثين. وهذا التعريف والنقد مُتَّبَعٌ في أغلب المراجع المدروسة بالكتاب، وهي ميزة عظيمة يُشكر عليها.
ومع حصر المؤلف مراجع هذا الحقل فى الكتابين المذكورين، فإني أستأذنه في توسيع وإضافة بعض المظان المتاحة الأخرى، التى من شأنها توسيع آفاق البحث أمام المحققين:
1. معجم التراث الإسلامي في مكتبات العالم: المخطوطات والمطبوعات / إعداد علي الرضا قره بلوط، أحمد طوران قره بلوط.- قيصري [تركيا]: دار العقبة، [2004]19.
2. الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط / مؤسسة آل البيت (مآب).- عمَّان: المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية، 1986 -.
3. المخطوطات المتوافرة على (الإنترنت)، مثل: موقع مركز ودود للمخطوطات، وملتقى أهل الحديث، ومكتبة المصطفى. وكذلك فهارس المخطوطات وقواعد البيانات المتوفرة، ومن أهمها: برنامج (خزانة التراث) الذي أصدره مركز الملك فيصل بالرياض.
4. مكتبات القُطْر الذي يقطنه المُحقِّق، على أقل تقدير، فإذا كان لا يُطالب بأن يباشر جميع مكتبات المخطوطات في العالم، فلا أقل من أن يباشر ما يستطيعه من مكتبات بلده وفهارسها وقواعد بياناتها.
5. المكتبات والمراكز الميسِّرة التعامل، لا سيما التي تحرص على الانتقاء العلمي للمخطوطات النادرة ماديًا ومعنويًا، كمعهد المخطوطات العربية ومركز الملك فيصل.
6. مظان المكتبات والبلدان، للمؤلِّف أو الموضوع الذي يُبحث عن نسخه، كأن يكون المؤلف مصريًّا أو مغربيًا، أو يكون الموضوع ممَّا اشتهرت به أقاليم معينة.
7. الاطلاع على الببليوجرافيات المختلفة والدوريات التراثية ومقدمات التحقيق ... إلخ.
8. سؤال أهل الخبرة بالمخطوطات من العلماء وأمناء المكتبات والكُتْبيين وغيرهم.
هذا مع تنبيه المحقق إلى ضرورة بذل الجَهْد واستفراغ الوُسْع في البحث في الفهارس والببليوجرافيات وقواعد البيانات والمصادر بمختلف أشكالها: مطبوعةً أو مخطوطةً (كقوائم المكتبات غير المنشورة والفهارس البطاقية) أو إلكترونية. كما أشيرُ إلى نوع مفيد من المراجع في الباب وهي الأدلة المـُعَرِّفة بمراكز المخطوطات وفهارسها، وعلى رأسها كتاب «المخطوطات الإسلامية في العالم»20.
الحقل الثاني: ما طُبع محققًّا
انتقل المؤلف بعد ذلك إلى الحقل الثاني متناولاً أهم المراجع الببليوجرافية التي تعرَّضت لحصر التراث العربي المطبوع، وقصر حديثه على ستة مراجع، هي:
1. اكتفاء القنوع بما هو مطبوع، لإدوارد فانْدَيْك.
2. معجم المطبوعات العربية والمعرَّبة وجامع التصانيف الحديثة، ليوسف إلياس سركيس.
3. معجم المخطوطات المطبوعة، لصلاح الدين المنجد.
4. ذخائر التراث العربي الإسلامي، لعبد الجبَّار عبد الرحمن.
5. المعجم الشامل للتراث العربي المطبوع، لمحمد عيسى صالحية، ومستدركاته.
6. معجم المطبوعات العربية في شبة القارَّة الهندية الباكستانية، لأحمد خان.
وأشار قبل إيراد هذه المراجع إلى توافر عدد من المحاولات الببليوجرافية، بعضها يُعنى بالمطبوعات عمومًا التراثي منها والحديث، وبعضها محصور بمكان أو زمان للنشر. ورأى ألاَّ يَفتح أمام الباحثين أبوابًا كثيرة، ليس في الطاقة الرجوع إليها جميعًا وإنما يُكتفى بأهمها. وإن كان يمكن القول إنَّه على المـُحقِّق أن يبذل غاية الجهد ويستفرغ كامل الوسع في البحث والتحري عن حاجة الكتاب للنشر، وعمَّا إذا كان الكتاب المزمع تحقيقه سبق طبعه محقَّقًا أو لا، كما فعل في جمع النسخ الخطية، وذلك أنَّ تراثنا لم يعد يحتمل الخطأ والتجريب والتكرار. ومما يساعد كثيرًا في ذلك – وغيره من الحقول- البحث في قواعد البيانات (بالإنترنت)21، وبالمكتبات ومراكز الأبحاث. ومِّما يُنَبَّه إليه أيضا الاهتمام بالرسائل الجامعية والإفادة منها، وقد صدرت بعض الببليوجرافيات وقواعد البيانات المـُساعدة.
الحقل الثالث: توثيق العُنوان
وينتقل المؤلفُ بعد ذلك بالمحقِّق إلى حقل توثيق العُنوان، وفيه يشير إلى مرجعين هامين، هما كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون لحاجي خليفة، وإيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون، لإسماعيل البغدادي. وعدَّدَ فيه أيضًا فوائد جيدة مُعيْنة لمستخدم الكتابين. وتجدر الإشارة إلى توافر كشَّافات لكشف الظنون ولذيله إيضاح المكنون، وإلى توافر ذيول أخرى للكشف مطبوعة ومخطوطة. كما توجد مراجع أخرى وإجراءات مُؤصَّلة للتثبت من صحة العنوان، فصَّلها الدكتور حاتم العوني في كتابه القيم: «العنوان الصحيح للكتاب»22.
الحقل الرابع: ترجمة المؤلف وتوثيق العنوان إليه
ثم تناول المؤلف في الحقل الرابع مراجع ترجمة المؤلف وتوثيق العنوان إليه، وتعرَّض فيها لسبعة مراجع، خمسة منها تراثية، وهي كتب الوَفَيات الثلاثة لابن خَلِّكان وابن شاكر الكُتْبِي والصَّفَدي، وكتاب سير أعلام النبلاء للذَّهَبي، وثلاثة حديثة هي هدية العارفين إلى أسماء المؤلِّفين وآثار المصنِّفين للبغدادي، والأعلام للزِّرِكْلي، ومعجم المؤلَّفين لكَحَّالة، وربما كان الأخيرين أحقا بالتقديم بناء على منهج ترتيب الكتاب، فهما من المصادر الهادية لكتب التراجم التفصيلية، إلا أنَّه أرجأهما متابعة لترتيبه الزمني للمراجع.
ومن الضروري للباحث المحقِّق إضافة عدد أكبر من كتب التراجم، مع التنبه إلى أن ترجمة المؤلف وتوثيق العنوان إليه قد يكون له مظانّ أخرى غير كتب التراجم. ولا بأس أن نشير هنا في عُجالة إلى أهم فئات كتب التراجم، التي يمكن أن نُقسِّمها إلى فئتين رئيسين: كتب التراجم العامة، وكتب التراجم المـُقيّدة أو المـُتخصّصة. فمن أمثلة الكتب العامة: كتب الوفيات المذكورة وكتاب الذهبي، وغيرها.
ومن أنواع كتب التراجم المتخصصة: المـُقيَّدة بزمان كتراجم القرون، ولعل من أوئلها: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر العسقلاني. ومنها: المـُقيَّدة بمكان كتاريخ دمشق لابن عساكر وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي، وموسوعة أعلام المغرب بأغلب كتبها. ومنها: المُقيَّدة بفئة يجمعها جامع، قد يكون التَّخصُّص الدِّيني أو العلمي أو المهني كالصحابة والتابعين والزُّهاد، والفقهاء والأطباء، والقضاة والشُّعراء، أو المذهب العَقَدي كطبقات المعتزلة لأحمد بن يحيى بن المرتضى، أو المذهب الفقهي كطبقات الشافعية الكبرى للسبكي، وقد يكون سمة أو سمات معيَّنة ككتاب «المـُعمِّرون والوصايا» لأبي حاتم السجستاني، والبرصان والعرجان والعميان والحولان للجاحظ، وقد يجمع بين أكثر من سمة ككتاب جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس للحُمَيدي، وغير ذلك من أنواع كتب التراجم المتخصصة.
ومن ذلك أيضًا نوع مهم وهو تراجم المؤلفين23، وهي نوعان أيضًا: تراجم عامة ككتاب ابن أنجب الساعدي المطبوع حديثًا بعناية أستاذنا الدكتور أحمد شوقي بنبين «الدُّر الثمين في أخبار المصنِّفين»، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحَّالة، وتراجم خاصة بمؤلفي المذاهب ككتاب تاج التراجم في من صنف من الحنفية لابن قُطلوبغا، أو مقيَّدة بمكان ككتاب العُمر في المـُصنَّفات والمؤلِّفين التونسيين لحسن حُسنى عبد الوهَّاب، ومعجم المؤلفيين العراقيين لكوركيس عواد ، وهذا النوع من الكتب مفيدة في أحيان كثيرة لتوثيق المؤلِّف والعنوان والنسبة جميعًا.
ومن مظان التراجم أيضًا أنواع أخرى من المؤلفات مثل: كتب التاريخ والحوليات والرحلات، وكتب الببليوجرافيات والمشيخات والأنساب، وكتب توثيق الأسماء وتدقيقها ككتاب الإكمال لابن ماكولا وغيره، وبعض المعاجم العامة والمتخصصة كتاج العروس ومعجم البلدان، وكذلك المؤلفات التراثية الشبيهة بدوائر المعارف وكتب الشروح المتوسِّعة وغيرها24.
هذا فضلاً عن الثقافة العامة والاطلاع الواعي على المكتبة الإسلامية، والتي لا يحـُدُّها حدٌّ، والواجب على الباحث التسديد والمقاربة بالرجوع إلى أقربها موضوعًا ومنهجًا واستيعابًا وزمنًا ...إلخ. ومن ذلك الرجوع إلى كتب العلم (بتخصصه العام والدقيق) الذي يتناوله الكتاب المـُحقَّق، في جميع مراحل التحقيق سواء ضبط النَّص، أو تخريجه والتعليق عليه، وذلك للوصول به إلى ما أراده عليه مؤلفه، وللاحتراز عن خطأ النُّساخ أو سوء القراءة، ثم إلى إضاءة النص بما يحتاحه.وممّا يُيسِّر الانتفاع بهذه الوسيلة كشَّافات الكتب، وكتب الموارد والمصادر، وسؤال أرباب الاطلاع الواسع من أهل العلم والكُتْبِيين، وقد ذكر العلامة عبد السّلام هارون – رحمه الله- أن من وسائل معرفة العنوان وقوف المحقق على طائفة منسوبة من نصوص الكتاب مُضمَّنة في كتاب آخر25.
ومن المراجع والمصادر الضرورية للمُحقِّق في ضبطه للأعلام الواردة في النص المـُحقَّق: كتب الأنساب، وكتب ضبط الأسماء والرواة وتوثيقها، وبيان المتفق والمفترق، والمؤتلف والمختلف، والمختلف والمشتبه، والكُنى والألقاب، والتصحيف والتحريف ... إلخ، ومنها مؤلفات تراثية وأخرى معاصرة من المفيد الرجوع إليها.
الحقل الخامس: المصادر المـُرتَّبة على الموضوعات
وبعد مصادر ترجمة المؤلِّف ينتقل صاحب العمل في الحقل الخامس إلى المصادر المـُرتَّبة على الموضوعات، واكتفى فيه بمصدر ببليوجرافي واحد هو كتاب «الفهرست» للنديم، وفصَّل منهجه وترتيبه، وإيجابياته وسلبياته، وطبعاته26، وذكر فيه فوائد وتحقيقات جيدة. فمن سلبياته ما نقله عن بعض الببليوجرافيين من تعرُّض الكتاب لتراجم المؤلفين، والكلام عن القلم والكتابة العربية، ممَّا يُخالف طبيعته الببليوجرافية. قلتُ: لعله من الصعب أن نحكُم على مؤلف من القرن الرابع الهجري بمقاييس عصرنا، فضلاً عن أنه لا ضير من تألِّيف يجمع بين عناوين الكتب وتراجم مؤلِّفيها، لا سيما مع الإشارة في مقدمة الكتاب وخطته - إلا أنَّ عنوان الكتاب لم يُشر إلى هذا الصنيع- ، وكذلك التمهيد بالكلام عن الكتابة العربية وتاريخها وغير ذلك، ممَّا يُعدُّ تأريخًا ورصدًا لحركة العلم بمظاهره المختلفة وقت تأليفه.
ولعل من المناسب أن يُضَم هذا الحقل – والذي بعده- إلى حقل توثيق العنوان، وأن يُعاد تسمية الأخير بما يُناسبه، ومن الممكن أن يُقسَّم الحقل إلى تصنيفات، إذ أن معرفة ترتيب الكتب على الموضوعات ليس خطوة من خطوات التحقيق. كما نشير إلى بعض المصادر المُرتِّبة على الموضوعات كذلك ممَّا ذكره المؤلِّف في الحقل السادس (المشيخات): فهرسة ابن خير الإشبيلي، وبرنامَج الوادي آشي.
الحقل السادس: المـَشْيَخات
ثم تناول المؤلِّفُ في الحقل السادس كتب «المشيخات» أو «الفهارس» أو «البرامج» ... إلخ، مُعرِّفًا بها وبأسمائها المختلفة ومناهج تأليفها، ومفصِّلاً في بيان أمثلتها وطبعاتها. وقد تابع المؤلفُ الدكتور عبد العزيز الأهواني27 في تقسيمه وكلامه على مناهج التأليف. ومن الجدير بالذكر أنَّ هذا التعدُّد في التسميات لهذا النوع من التأليف - ويضاف لها أيضًا: «التقييدات» - يرجع إلى الأسلوب والغاية في كلٍّ منها28. ويقترب من هذا النوع من التأليف ويشترك معه في بعض غاياته ومادته: «الإجازات» و«المـَرْويات» و«السَّماعات» و«المسلسلات» و«الأوائل» ... إلخ29. وممَّا يمكن إضافته هنا كتاب الشيخ عبد الحي الكتاني، وكتاب مجزينا الدكتور يوسف المرعشلي30، فهما مفيدان في هذا الجانب.
الحقل السابع: مصادر تعريفات العلوم ومصطلحاتها
وأنهى المؤلف كتابه بالحقل السابع الذي خصَّصهُ لمصادر تعريفات العلوم ومصطلحاتها، وذكر فيه ثلاثة كتب، هي: مفاتيح العلوم للخوارزمي، ومفتاح السعادة ومصباح السيادة لطاش كبري زاده، وكشف الظنون لحاجِّي خليفة. ويجدر التنبيه إلى طبعة أخرى من كتاب مفاتيح العلوم تَفْضُل الطبعة المذكورة، هي طبعة لايدن بتحقيق فان فلوتن المنشورة عام 1895، وأعادت نشرها سلسلة الذخائر، بالهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر، عدد 118(1994)، بمقدمة ضافية لأستاذنا الدكتور محمد حسن عبد العزيز، وهي مزوَّدة ببعض الكشَّافات.
وممَّا يُمكن أن يُضاف من مراجع هذا الحقل: كتاب كشَّاف اصطلاحات الفنون للتهانوي، والتعريفات للجرجاني، والكُليَّات للكَفَوِيّ، وأبجد العلوم لصديق حسن خان، وغيره. ومراجع هذا الحقل مفيدة غاية الفائدة للمحقِّق في أمور منها: أسماء الكتب وتراجم المؤلفين، ونسبة الكتب إلى المؤلفين، وموضوعات الكتب والعلوم، ومفيدة كذلك كأداة فهم وتعليق على النَّص بشرحها للمصطلحات العلمية وحدود ومبادئ العلوم.
وختم المؤلِّفُ الكتاب بخاتمة لخَّص فيه الكتاب ومنهجه فيه، تلتها مجموعة من المصادر والمراجع المختارة وضعها لمن أراد الاستزادة، انحصرت في مجالات: علم المخطوطات والتحقيق، وعلم المكتبات والمراجع. وأتْبَع ذلك بكشَّافات مفيدة للكتب والأعلام، إضافة إلى قائمة تفصيلية للمحتويات.
تعليقات موجزة على الكتاب
ويبدو من هذا العرض أنَّ المؤلف في نظرته الجديدة للتعريف بأهم المراجع التي تتطلبها عملية تحقيق النصوص التراثية، اكتفى بخطوات التحقيق الرئيسة، التي لا يصحِّ بدونها وصف كتاب ما بأنَّه مـُحَقَّق، إلى جانب اكتفائه بالمراجع الأساس لكل خطوة منها. ولعله بذلك يأخذ بالرأي القائل بالتفريق بين ضبط النص والتعليق عليه، وأنَّ غاية التحقيق الأصيلة هي إخراج النص مُصحَّحًا، فمن تعاريف التحقيق الجيدة: قراءة النَّص »على الوجه الذي أراده عليه مؤلِّفُهُ، أو على وجهٍ يَقْرُبُ من أصله الذي كتبَه عليه مؤلِّفُهُ ...«31. وهو ما كان متَّبعًا عند علمائنا القدامى كما هو مبثوث في مؤلفات مصطلح الحديث وآداب الطلب وغيرها، وكما طبَّقه الحافظ اليونيني (المتوفى سنة 701 هـ) في تحقيق روايات صحيح البخاري، وغيره32. وجاء العصر الحديث وظهر علم نقد النصوص (الفيولولجيا) في الغرب، مفيدًا من القواعد التي أَرْساها المسلمون والامكانيات الحديثة، فظهرت قواعد للتحقيق، ووسائل لخدمة النص، ومُكمِّلات لإعداده للنشر، كان كثيرٌ منها معروفًا عند المسلمين.
من هذه الوسائل: إضاءة النَّص والتعليق عليه بما يُقرِّبه لقارئه، غير أنَّ هذا التعليق نوعان: نوع يهدف إلى ضبط النص وتقييده وإخراجه أقرب ما يكون إلى الصيغة التي أرادها مؤلفه يوم دَوَّنه، وهو الذي نصطلح على تسميته بـ «التحقيق». ونوع يهدف إلى إفادة قارئه وتقريب النص إليه، وتحليته بالشروح والتوضيحات والتعريفات وبيان الأوهام ونحوها، وهو ما نصطلح على إطلاق لفظ «التعليق» عليه33.
ومنها: تخريج النّصوص المقتبسة، مثل: الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والأشعار، والأمثال، والنقولات عن الكتب الأخرى. ومنها كذلك: شرح ما يغمض من الألفاظ والعبارات والمصطلحات، والتعريف بالمغمور من الأعلام والأماكن، وغيرها. ولكلٍّ مراجع يعتمد عليها التحقيق ليس هذا محل تفصيلها، وأغلبها يحتاج إليه لإقامة النص وضبطه، ثم لتخريجه والتعليق عليه.
ومن المراجع المهمة للمحقق كذلك: الكشَّافات والفهارس، بما تكشفه من خبايا الكتب والنصوص، وكذلك الدوريات التراثية التي تحوي نصوصًا محققةً، وكشَّافات وفهارس للمخطوطات والمطبوعات، كما تحتوى على عرض ونقد للمطبوعات وتحقيقها، وتعريف بمخطوطات جديدة، وعلى بحوث في علم المخطوطات وقواعد تحقيق النصوص، وتراجم علماء ومؤلفين، وغير ذلك من الفوائد المفيدة لمراحل التحقيق جميعًا.
وبعد، فقد حاولتْ هذه الورقة أن تعرض لهذا الكتاب الجديد مُعرِّفةً به وبمزاياه، التي لعل أهمها:
* ريادة التأليف.
* الرُّؤية الجديدة في منهج التناول.
* الإيجاز وعدم التزيُّد.
* التفصيل في بيان مناهج الكتب المـُعرَّفَة، وكيفية الإفادة منها.
* العناية بالتعريف بالطبعات المعتمدة، ومميزاتها، وفروق الطبعات.
* العناية بضبط المـُشْكل، لا سيما الأعلام والكتب، وتحري الدقة فيها34.
وهو ما يستوجب أن نتوجَّه بالشكر والتقدير للأستاذ المؤلف على كتابه الرائد، سائلين الله أن يَنْسأ في عمره مواصلاً عطائه العلمي، محاضرًا وكاتبًا، مفيدًا للعلم وطلبته.
قائمة المصادر
* أحمد شلبي/ كيف تكتب بحثًا أو رسالة. – ط24. – القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1997.
* أحمد محمد الشامي/ المعجم الموسوعي لمصطلحات المكتبات والمعلومات؛ سيد حسب الله . - الرياض: دار المريخ للنشر، 1988.
* أحمد محمد نور سيف/ عناية المُحدِّثين بتوثيق المرويات وأثر ذلك في تحقيق المخطوطات.- دمشق: دار المأمون للتراث، 1987.
* إياد خالد الطباع/ منهج تحقيق المخطوطات. - دمشق: دار الفكر، 2005.
* ﺑﺮﻭﻛﻠﻤﺎﻥ، ﻛﺎﺭﻝ/ ﺫﻳﻞ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ: ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ. ﻧﻘﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺳﻌﻴﺪ ﺣﺴﻦ ﺑﺤﻴﺮﻱ. - ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ: ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ، 2007.
* بشار عواد معروف/ ضبط النص والتعليق عليه. – بيروت: مؤسسة الرسالة، 1982.
* ــــــــ / في تحقيق النص. – ط1. – بيروت: دار الغرب الإسلامي، 2004.
* حاتم بن عارف العوني/ العنوان الصَّحيح للكتاب: تعريفه وأهميته ووسائل معرفته وإحكامه وأمثلة للأخطاء فيه.- ط1. - مكة المكرمة: دار عالم الفوائد، 1998.
* حكمت بشير ياسين/ القواعد المنهجية في التنقيب عن المفقود من الكتب والأجزاء التراثية. – ط1. – الرياض: مكتبة المؤيد؛ فيرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1993.
* داليا عبد الستار الحلوجي/ كتب التراجم في التراث العربي من بداية القرن السابع حتى نهاية القرن الثاني عشر للهجرة: دراسة مرجعية تحليلية.- إشراف سعد محمد الهجرسي، حامد زيان غانم.- القاهرة: د. الحلوجي، 2004.- أطروحة دكتوراه، جامع القاهرة، كلية الآداب.
* رمضان عبد الـتَّواب/ مناهج تحقيق التراث بين القدماء والمـُحْدَثين. – ط1. - القاهرة: مكتبة الخانجي، 1986.
* روبر، جيوفري/ المخطوطات الإسلامية في العالم؛ ترجمة وتحقيق عبد الستار الحلوجى. - لندن: مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، 1997 - 2002.
* روزنتال، فراننتز/ مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي/ ترجمة أنيس فريحة؛ مراجعة وليد عرفات.- بيروت: دار الثقافة، 1983.
* سعد محمد الهجرسي/ المراجع ودراستها في علوم المكتبات. – القاهرة: جمعية المكتبات المدرسية، 1977.
* سعود عبد الله الحزيمي/ الدليل الشامل لمراجع العرب: ببليوجرافية حصرية بما صدر من الأوعية المرجعية العربية والمعرَّبة حتى سنة 1421 هـ = 2000 م.- القاهرة: دار الفجر، 2001.
* سميرة خليل محمد خليل/ كتب التراجم في التراث العربي الإسلامي حتى القرن السادس الهجري: دراسة لتغطيتها وتنظيمها.- إشراف سعد محمد الهجرسي.- القاهرة: س. خليل، 1987.- أطروحة ماجستير، جامع القاهرة، كلية الآداب.
* عبد الجبار عبد الرحمن/ المدخل إلى المراجع العربية العامة. – البصرة: جامعة البصرة، 1990.
* عبد الحي الكتاني/ تاريخ المكتبات الإسلامية ومن ألَّف في الكتب/ ضبط وتعليق أحمد شوقي بنبين، عبد القادر سعود. – ط1. – مراكش: المطبعة والوراقة الوطنية، 2004.
* ـــــــ / فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات. اعتناء إحسان عباس. - ط2. - بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1982.
* عبد الرحمن عطبَة/ مع المكتبة العربية: دراسة في أمهات المصادر والمراجع المتصلة بالتراث. - ط3. - بيروت: دار الأوزاعي، 1986.
* عبد الستار الحلوجي/ التحقيق وأدواته. في: فن تحقيق التراث/ أشرف على إعداده محمد السيد الجليند. – القاهرة: مركز الدراسات والبحوث الإسلامية، 1998.- ص ص9- 93.
* ــــــــ / مدخل لدراسة المراجع. – القاهرة: دار الثقافة للطباعة والنشر، [د.ت].
* ــــــــ / نحو علم مخطوطات عربي. - القاهرة: دار القاهرة للنشر، 2004.
* عبد السلام هارون/ تحقيق النصوص ونشرها. – ط5. – القاهرة: مكتبة السنة، 1989.
* عبد العزيز الأهواني/ كتب برامج العلماء في الأندلس.- مجلة معهد المخطوطات العربية، مج 1، ج 1، (1955)، ص ص 91-120.
* عبد المجيد دياب/ تحقيق التراث العربي: منهجه وتطوره. – ط2. – القاهرة: دار المعارف، 1993.
* عصام محمد الشَّنْطِي/ أدوات تحقيق النصوص: المصادر العامة. – ط1 . – الإسماعيلية: مكتبة الإمام البخارى، 2007.
* محمد رضوان الداية/ المكتبة العربية ومنهج البحث. - دمشق: دار الفكر، 1999.
* محمد المنوني/ المصادر الدفينة في تاريخ المغرب. في: قبس من عطاء المخطوط المغربي. – ط1. - بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1999.- مج2 ص ص756-781.
* محمود محمد زكي/ العنوان الصحيح للكتاب للعوني: عرض وتعريف.- تراثيات، ع 10 (2007). ص ص 121-133.
* محمود محمد الطناحي/ الموجز في مراجع التراجم والبلدان والمصنفات وتعريفات العلوم.- ط1.- القاهرة: مكتبة الخانجي، 1958.
* محمود مصري/ قواعد تحقيق النصوص عند العلماء العرب والمسلمين: جهود المحدثين في أصول تدوين النصوص. في: مجلة معهد المخطوطات العربية.- مج 49 (2005)، ص ص35-66.
* مُوفَّق بن عبد الله بن عبد القادر/ توثيق النصوص وضبطها عند المحدثين. – مكة: المكتبة المكية، [د.ت].
* ناجي معروف؛ بشار عواد معروف/ مشيخة النَّعال البغدادي. تخريج رشيد الدين المنذري (ت 643 هـ).- بغداد: المجمع العلمي العراقي، 1975.
* وداد القاضي/ معاجم التراجم: تنظيمها الداخلي وأهميتها الثقافية، في: الكتاب في العالم الإسلامي/ تحرير جورج عطية؛ ترجمة عبد الستار الحلوجي. - الصفاة: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 2003. – (سلسلة عالم المعرفة؛ ع 297).- ص ص81- 106.
* يوسف المرعشلي/ معجم المعاجم والمشيخات والفهارس والبرامج والاثبات. – الرياض: مكتبة الرشد، 2002.
مصدر المقال كما هو منقول هنا
عرض وتحليل
يعرض المقال بالتحليل لكتاب أدوات تحقيق النصوص لعصام الشنطي، وهو أول كتاب يعتني ببيان المراجع المتخصصة في التراث العربي التي يحتاجها محقق النصوص العربية، والأدوات التي يستعين بها في أثناء صنعة التحقيق. وقد بناه مؤلفه على ترتيب مبتكر حاول فيه أن يربط بين المصادر والخطوات المنهجية لتحقيق النصوص التراثية، وقسَّمها إلى فصول (أو حقول كما أسماها)
**********************
أدوات تحقيق النصوص: المصادر العامة1
تأليف: عصام محمد الشَّنْطِي
يأتي الكتاب المعروض خطوة جديدة مضيئة في مجال التأليف المتخصص في التعريف بالكتب المرجعية للتراث العربي عامة، وتحقيق النُّصوص المخطوطة منها خاصة. وهو مبحثٌ فريدٌ لم يُسبق إلى إفراده بمؤلَّف – فيما أعلم- سوى بحث لطيف لأستاذنا الدكتور عبد الستار الحلوجي3. وقد يقترب منه كتاب «الموجز في مراجع التراجم والبلدان والمصنفات وتعريفات العلوم»4 للدكتور محمودالطَّناحِي –رحمه الله تعالى- ، لا بحكم وضعه، وإنما بحكم مادته ومبناه، وتميُّز مؤلِّفه واشتغاله بالتَّحقيق. أمَّا مؤلفات علم تحقيق النصوص فقد تعرَّض بعضها للمراجع المـُعيْنة للمحقِّق5.
والكتب المرجعية –في اصطلاح المكتبيين- هي الكتب الشاملة التي نُسِّقت وكُثِّفت المعلومات فيها، ورُتِّبت ترتيبًا منطقيًّا مُعيَّنًا، لا يهدف ولا يساعد عادةً على القراءة المتصلة من أولها إلى آخرها، وإنما يرجع القارئ إليها، ويستشيرها الباحث عند الحاجة إلى معلومة أو معلومات معيَّنة، بسهولة ويسر، ولا تتأثر وحداتها بحذف بعضها لعدم تتابعها، وهي تقابل بالإنجليزية (Reference books). أمَّا المصادر فهي في نظرهم جميع الكتب وأوعية المعلومات الأخرى، سواء أكانت تحمل صفة المراجع أو لم تكن، ويقابلها (Reference sources)6.
وهذا الاصطلاح مغاير للمتعارف عليه في مجال الدراسات «الأكاديمية»، لا سيما التاريخية، التي تتمايز فيها المصادر والمراجع – وإن كان البعض يُسَوِّي بينهما- على أساس المباشرة والوساطة في تقديم المعلومات المتصلة بالموضوع، فالمصادر - ويفضِّل البعض (المراجع الأصلية) - هي تلك المؤلفات أو النصوص التي تُعدُّ أقدم مادة عن موضوع ما، والتي تصلح أن تُكوِّن مادة البحث الأساسية، فالكتب المعاصرة أو القريبة من العصر الذي يُدرس أحواله، سواء الدينية أو التاريخية أو الأدبية، تُعدُّ مصادر، وكذلك مؤلفات الشخص الذي يُدرس أو يُترجم له، أو النصوص الأدبية للشاعر أو الأديب المدروس...إلخ.
أمَّا المراجع (أو المراجع الثانوية) فإنَّها ما عدا ذلك من المؤلفات الثانوية أو المساعدة التي يُلجأ إليها استكمالاً للمعلومات حول موضوع البحث، أو للحصول على معلومات إضافية لأغراض المقارنة والربط والتحليل. أو هي الدراسات الحديثة التي عالجت الموضوع أو ما يتصل به من موضوعات، عن طريق استيعاب المادة الأصلية من مصادر ومراجع متعددة، وأخرجتها في ثوب آخر جديد7. فصفة المصدرية والمرجعية للكتاب تقوم أساسًا على درجة الصلة بين ما في الكتاب من أدب وبين الموضوع الذي هو محل البحث، فإذا كانت الصلة مباشرة أو أساسية فهو (مصدر)، وإن كانت غير مباشرة أو فرعية فهو (مرجع)8.
هذا مع التنبيه إلى أن الاستعمال الاصطلاحي لإحدى الكلمات لا يمنع بالضرورة أن تستعمل الكلمة في معناها اللغوي العام، لاسيما وأن التحديد التطبيقي الدقيق لهما قد يكون في بعض الأحيان متعذرًا بسبب التداخل بينهما، فالنسبية قائمة، كما أن بعض المجالات لم تصل بعد إلى الاستقرار الاصطلاحي، فقد تستعمل كلمة مرجع لتعبر عن المعنيين جميعًا، من قبيل الاحتفاظ للكلمة الاصطلاحية بمعناها اللغوي أو شبه اللغوي، الذي يكون عادة أوسع شمولاً وأكثر مرونة من الاستعمال الاصطلاحي.9
وبهذا يتبين الفارق بين مدلولات المصطلحين في مجالي الدراسات المكتبية والدراسات (الأكاديمية)، الذي يمكن أن نوجزه ببيان صفة (المرجعية) في كلٍّ منهما، فالمرجعية في الدراسات المكتبية تعتمد على صفات ذاتية توجد في الكتاب نفسه، فالكتاب مرجع إذا توافرت له هذه الصفات، وإلا فإنه مصدر، بينما صفة المصدرية والمرجعية في الدراسات الأخرى تعتمد على درجة الصلة بين ما في الكتاب من أدب وبين موضوع معين، وهي تدرس فيها دراسة ترتبط بالأساس الذي بُنى عليه التمييز بينهما، بينما في الدراسات المكتبية ترتبط بالأساس الذي يميزها عن بقية مواد المكتبة وكتبها، وهو مقدار ما فيها من طبيعة تنظيمية خاصة وسمات مرجعية معينة، جعلتها تمكن الباحث والقارئ من الحصول على ما فيها من معلومات في سرعة ودقة. فدراسة المؤرخ –مثلاً- للكتب المرجعية هي دراسة تهتم أساسًا بالمادة التاريخية التي تحتويها هذه الكتب، من حيث صلتها بالموضوعات المعالجة، وطبيعة هذه الصلة صدقًا ودقةً، بينما الدراسة المكتبية تهتم أساسًا بالسمات الخاصة لهذه الكتب، والطبيعة التنظيمية ...إلخ10.
يعدُّ «علم المراجع» من العلوم المعاونة على بناء المعرفة وتأصيلها، وهو أحد فروع علوم المكتبات، الذى يُعنى –كما أشرنا- بدراسة طائفة من المواد بالمكتبة تمتلك صفات متميزة، تجعلها ذات أهمية خاصة في تأدية المكتبات للوظائف المنوطة بها. كما تتميز بعدد من العمليات المكتبية والإجراءات الفنية والمالية، وبعض المهمات الإدارية، فتوضع موادها عادة في مكان متميز بالمكتبة لسهولة الاطلاع والاستخدام، وقد يُشرف عليها قسم خاص، ويُكلَّف بها ذوو مؤهلات خاصة، كما أن أكثر موادها لا يُسمح بإعارته خارج المكتبة11.
ولم يَلق هذا العلم بعدُ الاهتمام الكافي في دراساتنا، وفي الوعي الثقافي العام، رغم تدريسه في أقسام المكتبات وصدور عدد من المؤلفات فيه، تنوعت في هدفها ومنهجها ومادتها، وجاءت أغلبها تطبيقية تعريفية، بينما ندُرت المؤلفات التأصيلية للعلم12. وقد تنوعت التأليفات العربية الدارسة للمراجع والمـُعرِّفة بها، فبينما التزم بعضها بالمنهج المكتبي الذي يعتمد على التعريف بالمراجع، وبيان نشأتها وتطورها، وتقسيمها إلى فئات موضوعية أو شكلية أو وظيفية ... إلخ، مع توضيح سماتها، وتقديم نماذج تُدرس دراسة فردية13، بينما جاء بعضها أقرب إلى التعريف بالمصادر بمعناها «الأكاديمي»، منها إلى الكتب المرجعية. كما تنوعت إلى تأليفات عامة لم تتقيد بتخصصات معرفية مُعيَّنة، ومنها ما اقتصر على مجالات مُعيَّنة. ومن هذه الأخيرة مؤلفات اقتصرت على التعريف بكتب التراث العربي، والتي تفاوتت بدورها بين العموم والخصوص، والإيجاز والإسهاب، والالتزام بمنهجية التقسيم والتناول، والتعريف والتقويم ... إلخ.
عرض لمقدمة الكتاب ومنهجه
أشار المؤلف أنه بنى كتابه على ترتيب مبتكر حاول فيه أن يربط بين المصادر14 والخطوات المنهجية لتحقيق النصوص التراثية، وقسَّمها إلى فصول (أو حقول كما أسماها) 15، وهذه ميزة ثانية للكتاب، بعد ميزة الريادة التأليفية.
وقد نبَّه المؤلف الفاضل في مقدمة كتابه إلى ما يراه من سلبيات بعض الكتب المؤلَّفة في علم المراجع، لا سيما مراجع التراث العربي، فذكر منها غياب منهجية الترتيب الملائمة لغرض التأليف واحتياجات الباحثين، أو الاكتفاء بأساليب الترتيب التقليدية. كما أشار إلى انشغال كثير منها باستيفاء المراجع وعنواناتها ومؤلِّفيها، مع عدم العناية بعرضها وتحليلها، والكشف عن طريقة تأليفها وسبل استعمالها والانتفاع بها، مما أوصلها إلى صورة القوائم أو الأدلة التي تعرض فيها المراجع بشكل مُنَفِّر، لا حيوية فيه ولا فائدة -حسب تعبيره-.
وتزداد الفائدة بتأكيد ما ذكرنا من أنواع التأليف ومناهجه في مجال المراجع، وكيف أنها تتنوع حسب الغاية وطبيعة التناول، فمنها العام والخاص، ومنها ما يُعنى بالعرض والتحليل والتقييم، وما يُعنى بالحصر والاستيعاب، وهي القوائم الببليوجرافية، ولكُلٍّ منهجه وفائدته. مع ملاحظة أن كثيرًا ممَّا صدر كان تعريفًا بالمصادر – بمعناها «الأكاديمي»- ، ولم تقتصر على المراجع – بمعناها المكتبي- .
ومن الجدير بالذكر أنَّ أصل هذا الكتاب محاضرات أعدَّها المؤلف منذ سنوات إثر تكليفه بتدريس مادة: «أدوات تحقيق النصوص - المصادر العامة»16، لطلبة الدراسات العليا بقسم «علم المخطوطات وتحقيق النصوص»، التابع لـ «معهد المخطوطات العربية» و«معهد البحوث والدراسات العربية» بـ«جامعة الدول العربية»17. فهو إذن كتاب دراسيّ أُعدَّ حسْبَ منهج وساعات دراسية مُقرَّرة، ونحن نستأذن المؤلف الكريم أن يُشفعه بشقيق أكثر تخصصُّا للباحثين، مع التأكيد على ريادة الكتاب في بابه وتميُّزه في منهجه ومادته، شأنُه شأن المحاولات الرائدة التي تستقي شرفها وتتبوء مكانتها من أوَّليتها وبِكريَّتها، ثم ممَّا تحتويه من فكر ومنهج.
مهَّد المؤلف لكتابه بعد مقدمته الموجزة بمدخل مفيد، أبان فيه عن أهمية التراث بالنسبة للأمم جميعًا، وأشار فيه إلى اللغط الدائر بين ما اصطُلح عليه بـ «الأصالة والمعاصرة»، وضرب له مثلاً لطيفًا بشجرة عريقة أهملها أصحابها دون رعاية، فلم ير بعضهم حلاًّ سوى اجتثاثها من جذورها، وزرع شجرة غريبة عن تربتها وبيئتها، بينما رأى فريق آخر أن الحل في رعاية الشجرة –جذورًا وفروعًا-، وتطعيمها بالجديد دون أن تخشاه. وهو اقتباس موظَّف من الآية الكريمة: { ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة ...} [إبراهيم: 24].
وأوجز المؤلف الإشارة في تمهيده إلى المقصود من تحقيق النصوص وأدواته، ثم نبَّه إلى حُزْمة من الملاحظات المفيدة، وهي: ضرورة تحري الطبعات المحقَّقة المعتمدة لكتب التراث ومراجعه، وضرورة التَّعرُّف إلى المرجع أولاّ قبل التعامل معه واستخدامه، لمعرفة غايته وحدوده ومنهجه، وذلك عبر التصفُّح العَجِل، وقراءة مقدمته، والنظر في قائمة محتوياته وكشَّافاته، ليسهل بعد ذلك التعامل معه كلما اُحتيج للرجوع إليه.
وأخيرًا أشار إلى كثرة المصادر المندرجة تحت كل حقل، وأنَّه تحاشى الإكثار والتطويل فاكتفى منها بأهمها، وذكر أنَّه مطمئن إلى أنها ستسلمهم إلى غيرها من المراجع. ولعله كان مناسبًا أن يستطرد قليلاً في كم المراجع المـُعرَّفة، وأن يُلحق بكل حقل قائمة ببليوجرافية بالمراجع لمن أراد الاستزادة، وإن كان أحال في (المصادر والمراجع) إلى جملة من كتب المراجع التي اعتنت بشيء من ذلك.
تقسيم الكتاب
قسَّم المؤلف المراجع المعروضة في كتابه على سبعة حقول:
1. جمع النسخ وترتيبها.
2. ما طُبع محقَّقًا.
3. توثيق العنوان.
4. ترجمة المؤلف وتوثيق العنوان إليه.
5. المصادر المرتبة على الموضوعات.
6. المشيخات.
7. تعريفات العلوم ومصطلحاتها.
الحقل الأول: جمع النسخ وترتيبها
ذكر في الحقل الأول أن الأصل في تعقُّب نسخ المخطوطات -ومن ثَمَّ تحديد منازلها- هو الاطلاع المباشر، ثم مراجعة فهارس المكتبات. وأشار إلى أنَّه ما من سبيل إلى استيعاب أيٍّ منهما، ومن ثَمَّ ليس أمام الباحث إلا الرجوع إلى ما يشبه كتب دوائر المعارف في التراث العربي المخطوط، التي اهتمَّت بذكر المخطوطات وأماكن وجودها وأرقام حفظها.
وبِناءً على ذلك حصر المؤلف مراجع الحقل في عملين ببليوجرافيين هما: تاريخ الأدب العربي لكارل بروكلمان، وتاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين، مع تنبيهه إلى عدم استيعابها للتراث العربي المخطوط. وقد عرَّف المؤلف بالكتابين والمؤلِّفين، واستقصى تاريخ تأليفهما ونشرهما وترجمتهما18، وفصَّل في تحليل المنهج والمادة، وطريقة التأليف والبحث فيه، وقبل ذلك نبَّه إلى غاية التأليف وأسلوب تناوله، وأشار أخيرًا إلى الملاحظات النقدية التي وُجهت من قبله والباحثين. وهذا التعريف والنقد مُتَّبَعٌ في أغلب المراجع المدروسة بالكتاب، وهي ميزة عظيمة يُشكر عليها.
ومع حصر المؤلف مراجع هذا الحقل فى الكتابين المذكورين، فإني أستأذنه في توسيع وإضافة بعض المظان المتاحة الأخرى، التى من شأنها توسيع آفاق البحث أمام المحققين:
1. معجم التراث الإسلامي في مكتبات العالم: المخطوطات والمطبوعات / إعداد علي الرضا قره بلوط، أحمد طوران قره بلوط.- قيصري [تركيا]: دار العقبة، [2004]19.
2. الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط / مؤسسة آل البيت (مآب).- عمَّان: المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية، 1986 -.
3. المخطوطات المتوافرة على (الإنترنت)، مثل: موقع مركز ودود للمخطوطات، وملتقى أهل الحديث، ومكتبة المصطفى. وكذلك فهارس المخطوطات وقواعد البيانات المتوفرة، ومن أهمها: برنامج (خزانة التراث) الذي أصدره مركز الملك فيصل بالرياض.
4. مكتبات القُطْر الذي يقطنه المُحقِّق، على أقل تقدير، فإذا كان لا يُطالب بأن يباشر جميع مكتبات المخطوطات في العالم، فلا أقل من أن يباشر ما يستطيعه من مكتبات بلده وفهارسها وقواعد بياناتها.
5. المكتبات والمراكز الميسِّرة التعامل، لا سيما التي تحرص على الانتقاء العلمي للمخطوطات النادرة ماديًا ومعنويًا، كمعهد المخطوطات العربية ومركز الملك فيصل.
6. مظان المكتبات والبلدان، للمؤلِّف أو الموضوع الذي يُبحث عن نسخه، كأن يكون المؤلف مصريًّا أو مغربيًا، أو يكون الموضوع ممَّا اشتهرت به أقاليم معينة.
7. الاطلاع على الببليوجرافيات المختلفة والدوريات التراثية ومقدمات التحقيق ... إلخ.
8. سؤال أهل الخبرة بالمخطوطات من العلماء وأمناء المكتبات والكُتْبيين وغيرهم.
هذا مع تنبيه المحقق إلى ضرورة بذل الجَهْد واستفراغ الوُسْع في البحث في الفهارس والببليوجرافيات وقواعد البيانات والمصادر بمختلف أشكالها: مطبوعةً أو مخطوطةً (كقوائم المكتبات غير المنشورة والفهارس البطاقية) أو إلكترونية. كما أشيرُ إلى نوع مفيد من المراجع في الباب وهي الأدلة المـُعَرِّفة بمراكز المخطوطات وفهارسها، وعلى رأسها كتاب «المخطوطات الإسلامية في العالم»20.
الحقل الثاني: ما طُبع محققًّا
انتقل المؤلف بعد ذلك إلى الحقل الثاني متناولاً أهم المراجع الببليوجرافية التي تعرَّضت لحصر التراث العربي المطبوع، وقصر حديثه على ستة مراجع، هي:
1. اكتفاء القنوع بما هو مطبوع، لإدوارد فانْدَيْك.
2. معجم المطبوعات العربية والمعرَّبة وجامع التصانيف الحديثة، ليوسف إلياس سركيس.
3. معجم المخطوطات المطبوعة، لصلاح الدين المنجد.
4. ذخائر التراث العربي الإسلامي، لعبد الجبَّار عبد الرحمن.
5. المعجم الشامل للتراث العربي المطبوع، لمحمد عيسى صالحية، ومستدركاته.
6. معجم المطبوعات العربية في شبة القارَّة الهندية الباكستانية، لأحمد خان.
وأشار قبل إيراد هذه المراجع إلى توافر عدد من المحاولات الببليوجرافية، بعضها يُعنى بالمطبوعات عمومًا التراثي منها والحديث، وبعضها محصور بمكان أو زمان للنشر. ورأى ألاَّ يَفتح أمام الباحثين أبوابًا كثيرة، ليس في الطاقة الرجوع إليها جميعًا وإنما يُكتفى بأهمها. وإن كان يمكن القول إنَّه على المـُحقِّق أن يبذل غاية الجهد ويستفرغ كامل الوسع في البحث والتحري عن حاجة الكتاب للنشر، وعمَّا إذا كان الكتاب المزمع تحقيقه سبق طبعه محقَّقًا أو لا، كما فعل في جمع النسخ الخطية، وذلك أنَّ تراثنا لم يعد يحتمل الخطأ والتجريب والتكرار. ومما يساعد كثيرًا في ذلك – وغيره من الحقول- البحث في قواعد البيانات (بالإنترنت)21، وبالمكتبات ومراكز الأبحاث. ومِّما يُنَبَّه إليه أيضا الاهتمام بالرسائل الجامعية والإفادة منها، وقد صدرت بعض الببليوجرافيات وقواعد البيانات المـُساعدة.
الحقل الثالث: توثيق العُنوان
وينتقل المؤلفُ بعد ذلك بالمحقِّق إلى حقل توثيق العُنوان، وفيه يشير إلى مرجعين هامين، هما كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون لحاجي خليفة، وإيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون، لإسماعيل البغدادي. وعدَّدَ فيه أيضًا فوائد جيدة مُعيْنة لمستخدم الكتابين. وتجدر الإشارة إلى توافر كشَّافات لكشف الظنون ولذيله إيضاح المكنون، وإلى توافر ذيول أخرى للكشف مطبوعة ومخطوطة. كما توجد مراجع أخرى وإجراءات مُؤصَّلة للتثبت من صحة العنوان، فصَّلها الدكتور حاتم العوني في كتابه القيم: «العنوان الصحيح للكتاب»22.
الحقل الرابع: ترجمة المؤلف وتوثيق العنوان إليه
ثم تناول المؤلف في الحقل الرابع مراجع ترجمة المؤلف وتوثيق العنوان إليه، وتعرَّض فيها لسبعة مراجع، خمسة منها تراثية، وهي كتب الوَفَيات الثلاثة لابن خَلِّكان وابن شاكر الكُتْبِي والصَّفَدي، وكتاب سير أعلام النبلاء للذَّهَبي، وثلاثة حديثة هي هدية العارفين إلى أسماء المؤلِّفين وآثار المصنِّفين للبغدادي، والأعلام للزِّرِكْلي، ومعجم المؤلَّفين لكَحَّالة، وربما كان الأخيرين أحقا بالتقديم بناء على منهج ترتيب الكتاب، فهما من المصادر الهادية لكتب التراجم التفصيلية، إلا أنَّه أرجأهما متابعة لترتيبه الزمني للمراجع.
ومن الضروري للباحث المحقِّق إضافة عدد أكبر من كتب التراجم، مع التنبه إلى أن ترجمة المؤلف وتوثيق العنوان إليه قد يكون له مظانّ أخرى غير كتب التراجم. ولا بأس أن نشير هنا في عُجالة إلى أهم فئات كتب التراجم، التي يمكن أن نُقسِّمها إلى فئتين رئيسين: كتب التراجم العامة، وكتب التراجم المـُقيّدة أو المـُتخصّصة. فمن أمثلة الكتب العامة: كتب الوفيات المذكورة وكتاب الذهبي، وغيرها.
ومن أنواع كتب التراجم المتخصصة: المـُقيَّدة بزمان كتراجم القرون، ولعل من أوئلها: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر العسقلاني. ومنها: المـُقيَّدة بمكان كتاريخ دمشق لابن عساكر وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي، وموسوعة أعلام المغرب بأغلب كتبها. ومنها: المُقيَّدة بفئة يجمعها جامع، قد يكون التَّخصُّص الدِّيني أو العلمي أو المهني كالصحابة والتابعين والزُّهاد، والفقهاء والأطباء، والقضاة والشُّعراء، أو المذهب العَقَدي كطبقات المعتزلة لأحمد بن يحيى بن المرتضى، أو المذهب الفقهي كطبقات الشافعية الكبرى للسبكي، وقد يكون سمة أو سمات معيَّنة ككتاب «المـُعمِّرون والوصايا» لأبي حاتم السجستاني، والبرصان والعرجان والعميان والحولان للجاحظ، وقد يجمع بين أكثر من سمة ككتاب جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس للحُمَيدي، وغير ذلك من أنواع كتب التراجم المتخصصة.
ومن ذلك أيضًا نوع مهم وهو تراجم المؤلفين23، وهي نوعان أيضًا: تراجم عامة ككتاب ابن أنجب الساعدي المطبوع حديثًا بعناية أستاذنا الدكتور أحمد شوقي بنبين «الدُّر الثمين في أخبار المصنِّفين»، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحَّالة، وتراجم خاصة بمؤلفي المذاهب ككتاب تاج التراجم في من صنف من الحنفية لابن قُطلوبغا، أو مقيَّدة بمكان ككتاب العُمر في المـُصنَّفات والمؤلِّفين التونسيين لحسن حُسنى عبد الوهَّاب، ومعجم المؤلفيين العراقيين لكوركيس عواد ، وهذا النوع من الكتب مفيدة في أحيان كثيرة لتوثيق المؤلِّف والعنوان والنسبة جميعًا.
ومن مظان التراجم أيضًا أنواع أخرى من المؤلفات مثل: كتب التاريخ والحوليات والرحلات، وكتب الببليوجرافيات والمشيخات والأنساب، وكتب توثيق الأسماء وتدقيقها ككتاب الإكمال لابن ماكولا وغيره، وبعض المعاجم العامة والمتخصصة كتاج العروس ومعجم البلدان، وكذلك المؤلفات التراثية الشبيهة بدوائر المعارف وكتب الشروح المتوسِّعة وغيرها24.
هذا فضلاً عن الثقافة العامة والاطلاع الواعي على المكتبة الإسلامية، والتي لا يحـُدُّها حدٌّ، والواجب على الباحث التسديد والمقاربة بالرجوع إلى أقربها موضوعًا ومنهجًا واستيعابًا وزمنًا ...إلخ. ومن ذلك الرجوع إلى كتب العلم (بتخصصه العام والدقيق) الذي يتناوله الكتاب المـُحقَّق، في جميع مراحل التحقيق سواء ضبط النَّص، أو تخريجه والتعليق عليه، وذلك للوصول به إلى ما أراده عليه مؤلفه، وللاحتراز عن خطأ النُّساخ أو سوء القراءة، ثم إلى إضاءة النص بما يحتاحه.وممّا يُيسِّر الانتفاع بهذه الوسيلة كشَّافات الكتب، وكتب الموارد والمصادر، وسؤال أرباب الاطلاع الواسع من أهل العلم والكُتْبِيين، وقد ذكر العلامة عبد السّلام هارون – رحمه الله- أن من وسائل معرفة العنوان وقوف المحقق على طائفة منسوبة من نصوص الكتاب مُضمَّنة في كتاب آخر25.
ومن المراجع والمصادر الضرورية للمُحقِّق في ضبطه للأعلام الواردة في النص المـُحقَّق: كتب الأنساب، وكتب ضبط الأسماء والرواة وتوثيقها، وبيان المتفق والمفترق، والمؤتلف والمختلف، والمختلف والمشتبه، والكُنى والألقاب، والتصحيف والتحريف ... إلخ، ومنها مؤلفات تراثية وأخرى معاصرة من المفيد الرجوع إليها.
الحقل الخامس: المصادر المـُرتَّبة على الموضوعات
وبعد مصادر ترجمة المؤلِّف ينتقل صاحب العمل في الحقل الخامس إلى المصادر المـُرتَّبة على الموضوعات، واكتفى فيه بمصدر ببليوجرافي واحد هو كتاب «الفهرست» للنديم، وفصَّل منهجه وترتيبه، وإيجابياته وسلبياته، وطبعاته26، وذكر فيه فوائد وتحقيقات جيدة. فمن سلبياته ما نقله عن بعض الببليوجرافيين من تعرُّض الكتاب لتراجم المؤلفين، والكلام عن القلم والكتابة العربية، ممَّا يُخالف طبيعته الببليوجرافية. قلتُ: لعله من الصعب أن نحكُم على مؤلف من القرن الرابع الهجري بمقاييس عصرنا، فضلاً عن أنه لا ضير من تألِّيف يجمع بين عناوين الكتب وتراجم مؤلِّفيها، لا سيما مع الإشارة في مقدمة الكتاب وخطته - إلا أنَّ عنوان الكتاب لم يُشر إلى هذا الصنيع- ، وكذلك التمهيد بالكلام عن الكتابة العربية وتاريخها وغير ذلك، ممَّا يُعدُّ تأريخًا ورصدًا لحركة العلم بمظاهره المختلفة وقت تأليفه.
ولعل من المناسب أن يُضَم هذا الحقل – والذي بعده- إلى حقل توثيق العنوان، وأن يُعاد تسمية الأخير بما يُناسبه، ومن الممكن أن يُقسَّم الحقل إلى تصنيفات، إذ أن معرفة ترتيب الكتب على الموضوعات ليس خطوة من خطوات التحقيق. كما نشير إلى بعض المصادر المُرتِّبة على الموضوعات كذلك ممَّا ذكره المؤلِّف في الحقل السادس (المشيخات): فهرسة ابن خير الإشبيلي، وبرنامَج الوادي آشي.
الحقل السادس: المـَشْيَخات
ثم تناول المؤلِّفُ في الحقل السادس كتب «المشيخات» أو «الفهارس» أو «البرامج» ... إلخ، مُعرِّفًا بها وبأسمائها المختلفة ومناهج تأليفها، ومفصِّلاً في بيان أمثلتها وطبعاتها. وقد تابع المؤلفُ الدكتور عبد العزيز الأهواني27 في تقسيمه وكلامه على مناهج التأليف. ومن الجدير بالذكر أنَّ هذا التعدُّد في التسميات لهذا النوع من التأليف - ويضاف لها أيضًا: «التقييدات» - يرجع إلى الأسلوب والغاية في كلٍّ منها28. ويقترب من هذا النوع من التأليف ويشترك معه في بعض غاياته ومادته: «الإجازات» و«المـَرْويات» و«السَّماعات» و«المسلسلات» و«الأوائل» ... إلخ29. وممَّا يمكن إضافته هنا كتاب الشيخ عبد الحي الكتاني، وكتاب مجزينا الدكتور يوسف المرعشلي30، فهما مفيدان في هذا الجانب.
الحقل السابع: مصادر تعريفات العلوم ومصطلحاتها
وأنهى المؤلف كتابه بالحقل السابع الذي خصَّصهُ لمصادر تعريفات العلوم ومصطلحاتها، وذكر فيه ثلاثة كتب، هي: مفاتيح العلوم للخوارزمي، ومفتاح السعادة ومصباح السيادة لطاش كبري زاده، وكشف الظنون لحاجِّي خليفة. ويجدر التنبيه إلى طبعة أخرى من كتاب مفاتيح العلوم تَفْضُل الطبعة المذكورة، هي طبعة لايدن بتحقيق فان فلوتن المنشورة عام 1895، وأعادت نشرها سلسلة الذخائر، بالهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر، عدد 118(1994)، بمقدمة ضافية لأستاذنا الدكتور محمد حسن عبد العزيز، وهي مزوَّدة ببعض الكشَّافات.
وممَّا يُمكن أن يُضاف من مراجع هذا الحقل: كتاب كشَّاف اصطلاحات الفنون للتهانوي، والتعريفات للجرجاني، والكُليَّات للكَفَوِيّ، وأبجد العلوم لصديق حسن خان، وغيره. ومراجع هذا الحقل مفيدة غاية الفائدة للمحقِّق في أمور منها: أسماء الكتب وتراجم المؤلفين، ونسبة الكتب إلى المؤلفين، وموضوعات الكتب والعلوم، ومفيدة كذلك كأداة فهم وتعليق على النَّص بشرحها للمصطلحات العلمية وحدود ومبادئ العلوم.
وختم المؤلِّفُ الكتاب بخاتمة لخَّص فيه الكتاب ومنهجه فيه، تلتها مجموعة من المصادر والمراجع المختارة وضعها لمن أراد الاستزادة، انحصرت في مجالات: علم المخطوطات والتحقيق، وعلم المكتبات والمراجع. وأتْبَع ذلك بكشَّافات مفيدة للكتب والأعلام، إضافة إلى قائمة تفصيلية للمحتويات.
تعليقات موجزة على الكتاب
ويبدو من هذا العرض أنَّ المؤلف في نظرته الجديدة للتعريف بأهم المراجع التي تتطلبها عملية تحقيق النصوص التراثية، اكتفى بخطوات التحقيق الرئيسة، التي لا يصحِّ بدونها وصف كتاب ما بأنَّه مـُحَقَّق، إلى جانب اكتفائه بالمراجع الأساس لكل خطوة منها. ولعله بذلك يأخذ بالرأي القائل بالتفريق بين ضبط النص والتعليق عليه، وأنَّ غاية التحقيق الأصيلة هي إخراج النص مُصحَّحًا، فمن تعاريف التحقيق الجيدة: قراءة النَّص »على الوجه الذي أراده عليه مؤلِّفُهُ، أو على وجهٍ يَقْرُبُ من أصله الذي كتبَه عليه مؤلِّفُهُ ...«31. وهو ما كان متَّبعًا عند علمائنا القدامى كما هو مبثوث في مؤلفات مصطلح الحديث وآداب الطلب وغيرها، وكما طبَّقه الحافظ اليونيني (المتوفى سنة 701 هـ) في تحقيق روايات صحيح البخاري، وغيره32. وجاء العصر الحديث وظهر علم نقد النصوص (الفيولولجيا) في الغرب، مفيدًا من القواعد التي أَرْساها المسلمون والامكانيات الحديثة، فظهرت قواعد للتحقيق، ووسائل لخدمة النص، ومُكمِّلات لإعداده للنشر، كان كثيرٌ منها معروفًا عند المسلمين.
من هذه الوسائل: إضاءة النَّص والتعليق عليه بما يُقرِّبه لقارئه، غير أنَّ هذا التعليق نوعان: نوع يهدف إلى ضبط النص وتقييده وإخراجه أقرب ما يكون إلى الصيغة التي أرادها مؤلفه يوم دَوَّنه، وهو الذي نصطلح على تسميته بـ «التحقيق». ونوع يهدف إلى إفادة قارئه وتقريب النص إليه، وتحليته بالشروح والتوضيحات والتعريفات وبيان الأوهام ونحوها، وهو ما نصطلح على إطلاق لفظ «التعليق» عليه33.
ومنها: تخريج النّصوص المقتبسة، مثل: الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والأشعار، والأمثال، والنقولات عن الكتب الأخرى. ومنها كذلك: شرح ما يغمض من الألفاظ والعبارات والمصطلحات، والتعريف بالمغمور من الأعلام والأماكن، وغيرها. ولكلٍّ مراجع يعتمد عليها التحقيق ليس هذا محل تفصيلها، وأغلبها يحتاج إليه لإقامة النص وضبطه، ثم لتخريجه والتعليق عليه.
ومن المراجع المهمة للمحقق كذلك: الكشَّافات والفهارس، بما تكشفه من خبايا الكتب والنصوص، وكذلك الدوريات التراثية التي تحوي نصوصًا محققةً، وكشَّافات وفهارس للمخطوطات والمطبوعات، كما تحتوى على عرض ونقد للمطبوعات وتحقيقها، وتعريف بمخطوطات جديدة، وعلى بحوث في علم المخطوطات وقواعد تحقيق النصوص، وتراجم علماء ومؤلفين، وغير ذلك من الفوائد المفيدة لمراحل التحقيق جميعًا.
وبعد، فقد حاولتْ هذه الورقة أن تعرض لهذا الكتاب الجديد مُعرِّفةً به وبمزاياه، التي لعل أهمها:
* ريادة التأليف.
* الرُّؤية الجديدة في منهج التناول.
* الإيجاز وعدم التزيُّد.
* التفصيل في بيان مناهج الكتب المـُعرَّفَة، وكيفية الإفادة منها.
* العناية بالتعريف بالطبعات المعتمدة، ومميزاتها، وفروق الطبعات.
* العناية بضبط المـُشْكل، لا سيما الأعلام والكتب، وتحري الدقة فيها34.
وهو ما يستوجب أن نتوجَّه بالشكر والتقدير للأستاذ المؤلف على كتابه الرائد، سائلين الله أن يَنْسأ في عمره مواصلاً عطائه العلمي، محاضرًا وكاتبًا، مفيدًا للعلم وطلبته.
قائمة المصادر
* أحمد شلبي/ كيف تكتب بحثًا أو رسالة. – ط24. – القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1997.
* أحمد محمد الشامي/ المعجم الموسوعي لمصطلحات المكتبات والمعلومات؛ سيد حسب الله . - الرياض: دار المريخ للنشر، 1988.
* أحمد محمد نور سيف/ عناية المُحدِّثين بتوثيق المرويات وأثر ذلك في تحقيق المخطوطات.- دمشق: دار المأمون للتراث، 1987.
* إياد خالد الطباع/ منهج تحقيق المخطوطات. - دمشق: دار الفكر، 2005.
* ﺑﺮﻭﻛﻠﻤﺎﻥ، ﻛﺎﺭﻝ/ ﺫﻳﻞ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ: ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ. ﻧﻘﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺳﻌﻴﺪ ﺣﺴﻦ ﺑﺤﻴﺮﻱ. - ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ: ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ، 2007.
* بشار عواد معروف/ ضبط النص والتعليق عليه. – بيروت: مؤسسة الرسالة، 1982.
* ــــــــ / في تحقيق النص. – ط1. – بيروت: دار الغرب الإسلامي، 2004.
* حاتم بن عارف العوني/ العنوان الصَّحيح للكتاب: تعريفه وأهميته ووسائل معرفته وإحكامه وأمثلة للأخطاء فيه.- ط1. - مكة المكرمة: دار عالم الفوائد، 1998.
* حكمت بشير ياسين/ القواعد المنهجية في التنقيب عن المفقود من الكتب والأجزاء التراثية. – ط1. – الرياض: مكتبة المؤيد؛ فيرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1993.
* داليا عبد الستار الحلوجي/ كتب التراجم في التراث العربي من بداية القرن السابع حتى نهاية القرن الثاني عشر للهجرة: دراسة مرجعية تحليلية.- إشراف سعد محمد الهجرسي، حامد زيان غانم.- القاهرة: د. الحلوجي، 2004.- أطروحة دكتوراه، جامع القاهرة، كلية الآداب.
* رمضان عبد الـتَّواب/ مناهج تحقيق التراث بين القدماء والمـُحْدَثين. – ط1. - القاهرة: مكتبة الخانجي، 1986.
* روبر، جيوفري/ المخطوطات الإسلامية في العالم؛ ترجمة وتحقيق عبد الستار الحلوجى. - لندن: مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، 1997 - 2002.
* روزنتال، فراننتز/ مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي/ ترجمة أنيس فريحة؛ مراجعة وليد عرفات.- بيروت: دار الثقافة، 1983.
* سعد محمد الهجرسي/ المراجع ودراستها في علوم المكتبات. – القاهرة: جمعية المكتبات المدرسية، 1977.
* سعود عبد الله الحزيمي/ الدليل الشامل لمراجع العرب: ببليوجرافية حصرية بما صدر من الأوعية المرجعية العربية والمعرَّبة حتى سنة 1421 هـ = 2000 م.- القاهرة: دار الفجر، 2001.
* سميرة خليل محمد خليل/ كتب التراجم في التراث العربي الإسلامي حتى القرن السادس الهجري: دراسة لتغطيتها وتنظيمها.- إشراف سعد محمد الهجرسي.- القاهرة: س. خليل، 1987.- أطروحة ماجستير، جامع القاهرة، كلية الآداب.
* عبد الجبار عبد الرحمن/ المدخل إلى المراجع العربية العامة. – البصرة: جامعة البصرة، 1990.
* عبد الحي الكتاني/ تاريخ المكتبات الإسلامية ومن ألَّف في الكتب/ ضبط وتعليق أحمد شوقي بنبين، عبد القادر سعود. – ط1. – مراكش: المطبعة والوراقة الوطنية، 2004.
* ـــــــ / فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات. اعتناء إحسان عباس. - ط2. - بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1982.
* عبد الرحمن عطبَة/ مع المكتبة العربية: دراسة في أمهات المصادر والمراجع المتصلة بالتراث. - ط3. - بيروت: دار الأوزاعي، 1986.
* عبد الستار الحلوجي/ التحقيق وأدواته. في: فن تحقيق التراث/ أشرف على إعداده محمد السيد الجليند. – القاهرة: مركز الدراسات والبحوث الإسلامية، 1998.- ص ص9- 93.
* ــــــــ / مدخل لدراسة المراجع. – القاهرة: دار الثقافة للطباعة والنشر، [د.ت].
* ــــــــ / نحو علم مخطوطات عربي. - القاهرة: دار القاهرة للنشر، 2004.
* عبد السلام هارون/ تحقيق النصوص ونشرها. – ط5. – القاهرة: مكتبة السنة، 1989.
* عبد العزيز الأهواني/ كتب برامج العلماء في الأندلس.- مجلة معهد المخطوطات العربية، مج 1، ج 1، (1955)، ص ص 91-120.
* عبد المجيد دياب/ تحقيق التراث العربي: منهجه وتطوره. – ط2. – القاهرة: دار المعارف، 1993.
* عصام محمد الشَّنْطِي/ أدوات تحقيق النصوص: المصادر العامة. – ط1 . – الإسماعيلية: مكتبة الإمام البخارى، 2007.
* محمد رضوان الداية/ المكتبة العربية ومنهج البحث. - دمشق: دار الفكر، 1999.
* محمد المنوني/ المصادر الدفينة في تاريخ المغرب. في: قبس من عطاء المخطوط المغربي. – ط1. - بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1999.- مج2 ص ص756-781.
* محمود محمد زكي/ العنوان الصحيح للكتاب للعوني: عرض وتعريف.- تراثيات، ع 10 (2007). ص ص 121-133.
* محمود محمد الطناحي/ الموجز في مراجع التراجم والبلدان والمصنفات وتعريفات العلوم.- ط1.- القاهرة: مكتبة الخانجي، 1958.
* محمود مصري/ قواعد تحقيق النصوص عند العلماء العرب والمسلمين: جهود المحدثين في أصول تدوين النصوص. في: مجلة معهد المخطوطات العربية.- مج 49 (2005)، ص ص35-66.
* مُوفَّق بن عبد الله بن عبد القادر/ توثيق النصوص وضبطها عند المحدثين. – مكة: المكتبة المكية، [د.ت].
* ناجي معروف؛ بشار عواد معروف/ مشيخة النَّعال البغدادي. تخريج رشيد الدين المنذري (ت 643 هـ).- بغداد: المجمع العلمي العراقي، 1975.
* وداد القاضي/ معاجم التراجم: تنظيمها الداخلي وأهميتها الثقافية، في: الكتاب في العالم الإسلامي/ تحرير جورج عطية؛ ترجمة عبد الستار الحلوجي. - الصفاة: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 2003. – (سلسلة عالم المعرفة؛ ع 297).- ص ص81- 106.
* يوسف المرعشلي/ معجم المعاجم والمشيخات والفهارس والبرامج والاثبات. – الرياض: مكتبة الرشد، 2002.
مصدر المقال كما هو منقول هنا