تحليل نص نقدي بنيوي
من البنية الى الدلالة/ حسين الواد
· يعتبر النقد الادبي كتابة نظرية ، موضوعها الادب بمختلف انواعه، وقد ظهرالخطاب النقدي منذ القديم، مع كتاب " الشعرية" للفيلسوف ارسطو. ثم تطور معالعرب في القرون الوسطى بشكله اللغوي والبلاغي. وفي عصر النهضة الاوربيةتمت العودة الى الثراث النقدي القديم، ثم تطويره لتظهر مناهج نقدية جديدة، اهمها التاريخي / الاجتماعي، ثم النفسي فالبنيوية التكوينية والبنيويةثم السيميائيات... وانتقلت هذه التجربة الى العالم العربي في مطلع القرنالعشرين، بواسطة المثاقفة والترجمة ، فظهر عندنا نقاد مختلفو المشارب، مثلطه حسين و محمد مندوروحسين مروة ومحمود امين العالم ومحمد النويهيوعزالدين اسماعيل وكمال ابو ديب ومحمد برادة ومحمد مفتاح...ومن اهمالمناهج النقدية الادبية المنهج البنيوي، الذي هو قراءة داخلية للادبباعتباره بنية لغوية مغلقة مكتفية بذاتها ومستقلة عن الواقع. وهو منهجحديث ظهر كرد فعل ضد المناهج الاجتماعية/ التاريخية،خلال مرحلة الخمسينياتباوربا على يد " رولان بارت" وتلامذته، لكن اصوله تعود الى مجهوداتالشكلانين الروس التي ظهرت في عشرينيات القرن 20، على يد كل من جاكوبسونوتوماشوفسكي واصحاب مدرسة " براغ" ، لكن الاب الروحي له هو فيردنان دوسوسير مكتشف اللسانيات في العصر الحديث(توفي 1913). وانتقل الى الساحةالثقافية العربية على يد مجموعة من النقاد –كما اشرنا سابقا – اولا في شكلترجمات ، ثم كتطبيقات على الادب العربي.
· ومنالاسماء النقدية التي ظلت وفية للمنهج البنيوي عربيا نذكر الدكتور حسينالواد ( 1948-؟) الناقد التونسي ، خريج الجامعة التونسية، اشتغل بالتعليمالجامعي في بلاده والسعودية. من اهم مؤلفاته " مدخل الى شعر المتنبي /اللغة الشعرية في ديوان ابي تمام / و مناهج الدراسات الادبية الذي اقتطفمنه النص.
· فما هي خصائص المنهج البنيوي في نص " من البنية الى الدلالة" للناقد حسين الواد؟
· انطلاقامن اسم الناقد حسين الواد المحسوب على المنهج البنيوي، وانطلاقا من عنوانالنص الذي يوظف مفهوم البنية ، وانطلاقا ايضا من بعض المصطلحات الموظفة فيالنص ( البناء – التناظر – التقابل – الحركة..)، نفترض ان النص ينضوي تحتلواء الخطاب النقدي البنيوي.
· اماعلى مستوى المضمون فالنص ينطلق من قضية ادبية هي الشعر، المتجسدة في قصيدةشعرية لابي القاسم الشابي، مكونة من تسعة ابيات . اي ان الموضع النقدي هنانص شعري . وتتم مقاربة النص انطلاقا من بنيته الداخلية ( مكوناته الايقاعية و الصوتية والتركيبية ).
· وقدتوسل الناقد معجما نقديا لسانيا ( مجموعة مفاهيم )، للتعامل مع النصالشعري كوحدة لغوية متكاملة ومكتفية بذاتها، عناصرها اصوات وايقاع وتراكيباسمية / فعلية . فبحث اولا في المظهر الايقاعي التقليدي ( العروض ) ،محددا القافية و الوزن ( الباء – الكامل) ، ثم انتقل الى التوقف عندالاصوات متكررة الدلالة ، وبحث في دلالاتها ( الانين- الغناء- السخط)، ثمحلل التراكيب السائدة ( جمل اسمية خبرها تراكيب فعلية) ، اذ دلت الاسميةعلى الاستمرار و الاطراد ، ودلت الفعلية على التسلط و الانكار و الشكوى والصدام و الخراب. وياتي المقطع الثاني كنتيجة اوحل لما طرح في المقطع الاول ، وذلك حسب تقطيع الناقد لنص الشابي( فيالمقطع الاول ازمة وفي الثاني انفراج) كما ورد في النص النقدي. وبعد تحليلحسين الواد لبنية النص الشعري ودلالاته الجزئية ، ينتقل الى رصد الدلالةالعامة له ( هذا مشار له في العنوان " من البنية الى الدلالة")، فيقسمهالى حركتين اولاهما تناظرية ايقاعيا ومعجميا وتركيبيا. وثانيهما تقابليةتنافرية، تحدد مظاهر التضاد في مضمون النص ( الليل ضد الكواكب / و التسلطضد المسالمة..).
· وهكذانخلص الى ان الناقد اعتمد منهجا بنيويا ، ينطلق من داخل النص الشعري ،فيدرس مكوناته الشكلية ، ليصل الى دلالته. وذلك على عكس المنهج الاجتماعي.واهم مرجعياته في ذلك تعود الى علم اللسانيات وعلم الدلالة البنيويكمبحثين جديدين وحديثين، يضاف اليهما مرجعيات ثراثية مثل المنطق والنحووالنقد القديم.
· ان الناقد انطلق من بنية لغوية هي نص الشابي الشعري ، وتناول مكوناته الصوتية/ الايقاعية ، ثم التركيبية النحوية ، ليصل الى رصد دلالة لا توجد خارجالنص وانما داخله، هي تعبير الشاعر عن ازمة ( القهر والتسلط)، وعنالانفراج ( مسالمة ووداعة).
· وقداعتمد الناقد اسلوبا استقرائيا في معالجة موضوعه هذا، بحيث انطلق من مثالمحدد( ابيات شعرية)، ثم انتقل الى معالجتها بالتركيز على عناصرها الصوتيةوالتركيبية، للوصول الى حكم ( الازمة و انفراجها).ومن خلال هذا نكتشفالتصميم المنهجي الواضح الذي اعتمده الناقد، بحيث انطلق من معطى هوالابيات ، ثم انتقل الى استعراض نتائج تحليله لها، ليصل في الختام الى حكمكما راينا في الاستقراء.
· وعلىمستوى اللغة فقد اعتمد مظاهر الاتساق في النص، بتوظيف اليات الربط بينالجمل و الفقرات، بواسطة الادوات اللغوية او التكرار والعنونة، بالضافةالى الاحالات القبلية والبعدية على النص الشعري،او بواسطة التفسير والشرحللدلالة.مع اعتماد الحجج المنطقية والادبية( المفاهيم والشواهد).الى جانباساليب البرهنة، مثل التفسير والتعريف، حيث حدد المفاهيم( النوع الاول-وحدة كلامية..). وكذلك الوصف( اعتماد مفاهيم لسانية ونحوية)،والمقارنة بينالمقاطع. ويطغى على اللغة في النص الطابع التقريري الابلاغي ، لانها لغةالشرح والاقناع وليست لغةالامتاع كما هو الحال في الشعر والقصة.اما علىمستوى الانسجام فالنص يحققه باعتباره خطابا قابلا للتاويل ، فهذا النصالنقدي هو جزء مما يمكن ان يطبق على تجارب اخرى مشابهة للتجربة الشعريةللشابي. وهذا النص الشعري بدوره هو جزء من الخطاب الشعري الذي يمكن انيخضع لنفس التحليل ، فالتغريض او البنية الكبرى يقوم على مركز جدب هوثنائية البنية والدلالة في نص الشابي، المرتبطة بدورها بثنائيةالسلب/الايجاب. والمنهج البنيوي مرتبط هنا بعلوم الانسان، خاصة اللسانيات،التي تعتبر العلم المختص في اللغة، التي تتخذ هنا شكل قصيدة شعرية للشا بي.
· وبعدتحليلنا لمستويات هذا النص النقدي ، نستخلص انه يمثل جل مظاهر الكتابةالنقدية البنيوية. فقد اعتمد قضية ادبية كموضوع له ( نص شعري)، ثم اعتمدمفاهيم نقدية ومنهجا بنيويا، لينتهي الى تشريح النص.ومن الماخذ المسجلةعلى هذا المنهج استبعاده للمجتمع والتاريخ وقتله للمبدع كذات سيكولوجيةواجتماعية. ولكن قيمته الايجابية تتجلى في احترامه لخصوصية النص الادبي(الشعري/النثري) كنص لغوي ونسيج خاص مستقل – ولو نسبيا – عن واقعهالاجتماعي والنفسي.ان هذا المنهج ليست له نسخة واحدة متكررة وانما هو عدةنسخ ، تعكس كل منها خصوصية الناقد، ومستجدات الساحة النقدية، سواء فيالغرب او في العالم العربي.
· اعداد ذ/ لعميري عبد الجليل
من البنية الى الدلالة/ حسين الواد
· يعتبر النقد الادبي كتابة نظرية ، موضوعها الادب بمختلف انواعه، وقد ظهرالخطاب النقدي منذ القديم، مع كتاب " الشعرية" للفيلسوف ارسطو. ثم تطور معالعرب في القرون الوسطى بشكله اللغوي والبلاغي. وفي عصر النهضة الاوربيةتمت العودة الى الثراث النقدي القديم، ثم تطويره لتظهر مناهج نقدية جديدة، اهمها التاريخي / الاجتماعي، ثم النفسي فالبنيوية التكوينية والبنيويةثم السيميائيات... وانتقلت هذه التجربة الى العالم العربي في مطلع القرنالعشرين، بواسطة المثاقفة والترجمة ، فظهر عندنا نقاد مختلفو المشارب، مثلطه حسين و محمد مندوروحسين مروة ومحمود امين العالم ومحمد النويهيوعزالدين اسماعيل وكمال ابو ديب ومحمد برادة ومحمد مفتاح...ومن اهمالمناهج النقدية الادبية المنهج البنيوي، الذي هو قراءة داخلية للادبباعتباره بنية لغوية مغلقة مكتفية بذاتها ومستقلة عن الواقع. وهو منهجحديث ظهر كرد فعل ضد المناهج الاجتماعية/ التاريخية،خلال مرحلة الخمسينياتباوربا على يد " رولان بارت" وتلامذته، لكن اصوله تعود الى مجهوداتالشكلانين الروس التي ظهرت في عشرينيات القرن 20، على يد كل من جاكوبسونوتوماشوفسكي واصحاب مدرسة " براغ" ، لكن الاب الروحي له هو فيردنان دوسوسير مكتشف اللسانيات في العصر الحديث(توفي 1913). وانتقل الى الساحةالثقافية العربية على يد مجموعة من النقاد –كما اشرنا سابقا – اولا في شكلترجمات ، ثم كتطبيقات على الادب العربي.
· ومنالاسماء النقدية التي ظلت وفية للمنهج البنيوي عربيا نذكر الدكتور حسينالواد ( 1948-؟) الناقد التونسي ، خريج الجامعة التونسية، اشتغل بالتعليمالجامعي في بلاده والسعودية. من اهم مؤلفاته " مدخل الى شعر المتنبي /اللغة الشعرية في ديوان ابي تمام / و مناهج الدراسات الادبية الذي اقتطفمنه النص.
· فما هي خصائص المنهج البنيوي في نص " من البنية الى الدلالة" للناقد حسين الواد؟
· انطلاقامن اسم الناقد حسين الواد المحسوب على المنهج البنيوي، وانطلاقا من عنوانالنص الذي يوظف مفهوم البنية ، وانطلاقا ايضا من بعض المصطلحات الموظفة فيالنص ( البناء – التناظر – التقابل – الحركة..)، نفترض ان النص ينضوي تحتلواء الخطاب النقدي البنيوي.
· اماعلى مستوى المضمون فالنص ينطلق من قضية ادبية هي الشعر، المتجسدة في قصيدةشعرية لابي القاسم الشابي، مكونة من تسعة ابيات . اي ان الموضع النقدي هنانص شعري . وتتم مقاربة النص انطلاقا من بنيته الداخلية ( مكوناته الايقاعية و الصوتية والتركيبية ).
· وقدتوسل الناقد معجما نقديا لسانيا ( مجموعة مفاهيم )، للتعامل مع النصالشعري كوحدة لغوية متكاملة ومكتفية بذاتها، عناصرها اصوات وايقاع وتراكيباسمية / فعلية . فبحث اولا في المظهر الايقاعي التقليدي ( العروض ) ،محددا القافية و الوزن ( الباء – الكامل) ، ثم انتقل الى التوقف عندالاصوات متكررة الدلالة ، وبحث في دلالاتها ( الانين- الغناء- السخط)، ثمحلل التراكيب السائدة ( جمل اسمية خبرها تراكيب فعلية) ، اذ دلت الاسميةعلى الاستمرار و الاطراد ، ودلت الفعلية على التسلط و الانكار و الشكوى والصدام و الخراب. وياتي المقطع الثاني كنتيجة اوحل لما طرح في المقطع الاول ، وذلك حسب تقطيع الناقد لنص الشابي( فيالمقطع الاول ازمة وفي الثاني انفراج) كما ورد في النص النقدي. وبعد تحليلحسين الواد لبنية النص الشعري ودلالاته الجزئية ، ينتقل الى رصد الدلالةالعامة له ( هذا مشار له في العنوان " من البنية الى الدلالة")، فيقسمهالى حركتين اولاهما تناظرية ايقاعيا ومعجميا وتركيبيا. وثانيهما تقابليةتنافرية، تحدد مظاهر التضاد في مضمون النص ( الليل ضد الكواكب / و التسلطضد المسالمة..).
· وهكذانخلص الى ان الناقد اعتمد منهجا بنيويا ، ينطلق من داخل النص الشعري ،فيدرس مكوناته الشكلية ، ليصل الى دلالته. وذلك على عكس المنهج الاجتماعي.واهم مرجعياته في ذلك تعود الى علم اللسانيات وعلم الدلالة البنيويكمبحثين جديدين وحديثين، يضاف اليهما مرجعيات ثراثية مثل المنطق والنحووالنقد القديم.
· ان الناقد انطلق من بنية لغوية هي نص الشابي الشعري ، وتناول مكوناته الصوتية/ الايقاعية ، ثم التركيبية النحوية ، ليصل الى رصد دلالة لا توجد خارجالنص وانما داخله، هي تعبير الشاعر عن ازمة ( القهر والتسلط)، وعنالانفراج ( مسالمة ووداعة).
· وقداعتمد الناقد اسلوبا استقرائيا في معالجة موضوعه هذا، بحيث انطلق من مثالمحدد( ابيات شعرية)، ثم انتقل الى معالجتها بالتركيز على عناصرها الصوتيةوالتركيبية، للوصول الى حكم ( الازمة و انفراجها).ومن خلال هذا نكتشفالتصميم المنهجي الواضح الذي اعتمده الناقد، بحيث انطلق من معطى هوالابيات ، ثم انتقل الى استعراض نتائج تحليله لها، ليصل في الختام الى حكمكما راينا في الاستقراء.
· وعلىمستوى اللغة فقد اعتمد مظاهر الاتساق في النص، بتوظيف اليات الربط بينالجمل و الفقرات، بواسطة الادوات اللغوية او التكرار والعنونة، بالضافةالى الاحالات القبلية والبعدية على النص الشعري،او بواسطة التفسير والشرحللدلالة.مع اعتماد الحجج المنطقية والادبية( المفاهيم والشواهد).الى جانباساليب البرهنة، مثل التفسير والتعريف، حيث حدد المفاهيم( النوع الاول-وحدة كلامية..). وكذلك الوصف( اعتماد مفاهيم لسانية ونحوية)،والمقارنة بينالمقاطع. ويطغى على اللغة في النص الطابع التقريري الابلاغي ، لانها لغةالشرح والاقناع وليست لغةالامتاع كما هو الحال في الشعر والقصة.اما علىمستوى الانسجام فالنص يحققه باعتباره خطابا قابلا للتاويل ، فهذا النصالنقدي هو جزء مما يمكن ان يطبق على تجارب اخرى مشابهة للتجربة الشعريةللشابي. وهذا النص الشعري بدوره هو جزء من الخطاب الشعري الذي يمكن انيخضع لنفس التحليل ، فالتغريض او البنية الكبرى يقوم على مركز جدب هوثنائية البنية والدلالة في نص الشابي، المرتبطة بدورها بثنائيةالسلب/الايجاب. والمنهج البنيوي مرتبط هنا بعلوم الانسان، خاصة اللسانيات،التي تعتبر العلم المختص في اللغة، التي تتخذ هنا شكل قصيدة شعرية للشا بي.
· وبعدتحليلنا لمستويات هذا النص النقدي ، نستخلص انه يمثل جل مظاهر الكتابةالنقدية البنيوية. فقد اعتمد قضية ادبية كموضوع له ( نص شعري)، ثم اعتمدمفاهيم نقدية ومنهجا بنيويا، لينتهي الى تشريح النص.ومن الماخذ المسجلةعلى هذا المنهج استبعاده للمجتمع والتاريخ وقتله للمبدع كذات سيكولوجيةواجتماعية. ولكن قيمته الايجابية تتجلى في احترامه لخصوصية النص الادبي(الشعري/النثري) كنص لغوي ونسيج خاص مستقل – ولو نسبيا – عن واقعهالاجتماعي والنفسي.ان هذا المنهج ليست له نسخة واحدة متكررة وانما هو عدةنسخ ، تعكس كل منها خصوصية الناقد، ومستجدات الساحة النقدية، سواء فيالغرب او في العالم العربي.
· اعداد ذ/ لعميري عبد الجليل