النص6- (قطوف لمحمد بنيس): نص قصيرموزون بكامله في تفعيلة الكامل متفاعلن(ب ب– ب-)، وقد جاء في 31 سطراأطول سطر فيها يتكون من ثلاث تفعيلاتن وجزء منالتفعيلة وأقصر سطر فيهايتكون من جزء من التفعيلة.. وقد جاءت التفعيلة علىثلاث صور: متفاعلن(ب ب– ب-)، التامة وقد وردت في النص 18 مرة، أي بنسبة37.50%، ثم متفاعلنالمضمرة(- – ب-)، 28 مرة أي بنسبة 58.33% ووردت هذهالأخيرة بزيادة سببخفيف في البداية (- - -ب -)مرتين أي بنسبة 04.16% فالنصملتزم بالوزنالمعياري لتفعيلة الكامل، لم يخرقه إلا في هاتين الحالتيناللتين هما حالةواحدة مكررة، أضافت سببا خفيفا (مقطعا طويلا) في بدايةمتفاعلن المضمرة..والعروض يقبل إضافة مثل هذا السبب ولكن بشرطين غيرمتوفرين هنا. وهما: أنيكون بعد الوتد المجموع أي بعد التفعيلة كلها. وأنيكون ذلك في الضرب، أيعلة بزيادة.
ويبين الجدول رقم:1 هذه الأعداد والنسب بصورة موجزة.
النص | البحر | الوزن | العدد | الشكل | تواتر | التفعيلة | تقطيعها | تواترها | نسبتها% |
فعلاتن | ـ ب ـ ـ | 70 | فاعلاتن | ـ ب ـ ـ | 41 | 58،57 | |||
1 | الرمل | من1 | 34 | فعلاتن | ب ب ـ ـ | 28 | 40،00 | ||
إلى4 | فاعل | ـ ـ | 1 | 1،43 | |||||
فاعلاتن | 3 | ـ ب ـ ـ | 233 | فاعلاتن | ـ ب ـ ـ | 56 | 24 | ||
2 | الخفيف | فعلاتن | ب بـ ـ | 71 | 30،47 | ||||
مستفعلن | مقاطع | ـ ـ ب ـ | مستفعلن | ـ ـ ب ـ | 77 | 33 | |||
متفعلن | ب ـ ب ـ | 29 | 12،44 | ||||||
3 | لاوزن | - | - | - | - | - | - | - | - |
فعلن | 7مقاطع | ب ب ـ | 277 | فعلن | ب ب ـ | 175 | 63،17 | ||
4 | المتدارك | لابيت | فعلن | ـ ـ | 93 | 33،57 | |||
بتنويعاتها | لاشطر | فعل | ـ ب | 4 | 1،44 | ||||
فعل | ب ـ | 5 | 1،80 | ||||||
الرمل | فاعلاتن | ـ ب ـ ـ | 86 | فاعلاتن | ـ ب ـ ـ | 15 | 17،44 | ||
فعلاتن | ب ب ـ ـ | 71 | 82،56 | ||||||
المتقارب | فعولن | ب ـ ـ | 63 | فعولن | ب ـ ـ | 37 | 58،73 | ||
فعول | ب ـ ب | 26 | 41،27 | ||||||
الكامل | متفاعلن | ب ب ـ ب ـ | 25 | متفاعلن | ب بـ بـ | 13 | 52 | ||
متفاعلن | ـ ـ ب ـ | 12 | 48 | ||||||
فعلن | 9مقاطع | ب ب ـ | 337 | فعلن | ـ ـ | 147 | 43،62 | ||
5 | المتدارك | لابيت | فعلن | ب ب ـ | 165 | 48،96 | |||
لاشطر | فعلاتن | ب ب ـ ـ | 23 | 6،82 | |||||
فعل | ب ـ | 2 | 0،6 | ||||||
الكامل | متفاعلن | بـ ب ـ ب ـ | 16 | متفاعلن | ب ب ـ ب ـ | 11 | 68،75 | ||
متفاعلن | ـ ـ ب ـ | 5 | 31،25 | ||||||
المتقارب | فعولن | ب ـ ـ | 42 | فعولن | ب ـ ـ | 15 | 35،71 | ||
فعول | ب ـ ب | 27 | 64،29 | ||||||
الكامل | متفاعلن | 48 | ب ب ـ ب ـ | متفاعلن | ب ب ـ ب ـ | 18 | 37،5 | ||
6 | متفاعلن | ـ ـ ب ـ | 28 | 58،33 | |||||
متفا فاعلن | -ب--- | 2 | 4،16 |
ومن خلال عرض أوزان هذه النصوص الستة يتبين أن ثمة أصنافا أربعة فيها هي:
- صنف موزون في تفعيلة واحدة التزمبها النص، وإن كان قد يشطرها بين سطرين قديكون أحدهما مستقلا دلاليا عنالآخر. كما التزم بالسطر المختلف الأطوال،واستعمل الزحافات التي يقبلهاالعروض المعياري دون حرج، واستخدمها بشيء منالتناسب، ويتمثل هذا الصنف فيقصيدة (اللؤلؤة) لأدونيس وقصيدة (قطوف) لمحمدبنيس.
- صنف استعمل تفعيلتين يلتزم بهماعلى نحو ما في البحر الممزوج مع استخدامبعض علل الزيادة والحذف حشوا.ومزج نمطي الكتابة: الشطر القائم بذاته،والكتابة المدورة، ويتمثل هذاالصنف في قصيدة (هذا هو اسمي) لأدونيس.
- صنف منثور خال من الوزن جملة كما في مقطع (سيمياء) لأدونيس.
- صنف يمزج في النص الواحد بين أوزانمتعددة تنتمي إلى بحور مختلفة، ويخصصالمقطع أحيانا لوزن واحد بينما قدتتداخل في المقطع الذي يليه أو يسبقهأوزان مختلفة وقد يكون منثورا جملة.ويمثل هذا الصنف نصا محمد بنيس: (موسمالنيل) و(ورقة البهاء) وهما نصانتتداخل فيهما أشكال الكتابة- كما تتداخلالأوزان: السطر، المدور. المدرج،العمود الصحفي. الرسم... الخط بالحرفالبارز... بالحرف العادي... بالحرفالدقيق...
ويتفقالشاعران هنا باستخدام المنثوروالمنظوم، وإن ظل للموزون مركز الثقل، ولكنالمنثور لم يعد مقابلا للشعر،بل أصبح نظيرا للنظم، يمكن أن يكون شعراويمكن أن يكون غير شعر، وإذا كاننزار استخدم الموزون والمنظوم متمايزينفإنهما هنا أصبحا يمتزجانويتمايزان دون حرج.
والشاعرانيتفقان في المستوى النظري علىأن الوزن جزء من كل هو الإيقاع، وأنه يمكن أنيوجد نثر موزون، ونثر منثور،ويمكن أن يوجد شعر موزون وشعر منثور، وأنهيمكن - أو ينبغي - أن تتجاوزالكتابة الإبداعية التوقف عند حدود الأجناسالأدبية، وأن تشق لنفسها مسارايتعالى على نظرية الأجناس، بحيث تتداخل فيههذه الأجناس: سردية كانت أمغنائية أم ادرامية، نظمية كانت أم نثرية. وأنالكتابة الإبداعية بهذاالمفهوم هي الشعر الحق. وهي كتابة قد يتداخل فيهاالموزون والمنثور.
ولكنهاليست القصيدة الموزونة، وليستالقصيدة المنثورة، بل هي كما يقول أدونيس"نثر آخر": "مزيج: شكل من الأفقالكلامي المتحرك يتسع لاحتضان عناصر كثيرة،من النصوص الأخرى التي تكتبهاالأشياء، في العالم، أو تكتبها الكلمات فيالتاريخ، إنه بتعبير آخر خروجمن قصيدة النثر إلى ملحمية الكتابة" [23]
وفيذلك إقرار ضمني بأنها أقرب إلىالقصيدة المنثورة منها إلى الموزونة. وذلكما يدعمه الكاتب نفسه عند ماصرح بأن عمله (مفرد بصيغة الجمع) هو تجربة فيهذا النثر الآخر وكما يبينهالنص المقتطع (رقم3) السابق: (سيمياء).
هذهالكتابة "النثر الآخر" أو "ملحميةالكتابة" في رأي أدونيس أنها تختلف عنالقصيدة النثرية في المقام الأول منحيث المصدر، فهي تستمد أصولها منالتراث "الشعري" العربي مثل (الإشاراتالإلهية) للتوحيدي، بينما تستمدالقصيدة النثرية جذورها من التراث الشعريالأروبي.
ولئنكان نص سيمياء لأدونيس قابلاتلقائيا للتصنيف في خانة النثر دون نزاع فإننصي بنيس 1و2 يصنفان تلقائيافي خانة الموزون، مع الاستثناءين المذكورين،ومع تعقيد الوزن وخفائهأحيانا، رغم أن الأخير منهما يمت بصلة كبيرة من حيثالبناء والسياق إلى نصأدونيس مفرد (بصيغة الجمع) المذكور... على أن بنيسسبق أن تقدم، في القسمالنظري، أنه يلح كثيرا على أن الأساسي في العمليةالإبداعية أمران هما:عنصر المفاجأة الذي يتنافى مع انتهاج طريقة محددةسلفا، ثم البنيةالدلالية، لا الإيقاعية، وخاصة من الإيقاعية -كما يقول-البنية الإيقاعيةالخارجية المسماة بالعروض.
فالمحاولات الأربع هنا تستجيب لحد كبير للرؤية التي عبرت عنها النصوص النظرية للرجلين، والتي تتكامل فيما بينها ولا تتناقض عموما.
ويمكنأخيرا أن يلاحظ المرء في النصوصالخمسة الموزونة أن أوزان ثلاثة منهامتقاربة فيما بينها رغم تعددها،فباستثناء مقاطع قليلة ومحدودة، وردت فيالنصين قبل الأخير في وزن البحرالكامل، فإن الأوزان الأخرى كلها تتشكل فيالحد الأقصى من مقطعين قصيرينومقطعين طويلين أو مقطع قصير، وثلاثة مقاطعطويلة. وفي الحد الأدنى، منمقطع قصير ومقطع طويل أو من مقطعين طويلين، أماالنصان الثاني والسادس،فالأخير منهما يوافق المقاطع المستثناة، أي أنه فيتفعيلة الكامل التيتتكون في الأصل من خمسة مقاطع ثلاثة منها قصيرة، أماالثاني فتفعيلتاهرباعيتان أي أن كلتاهما تتكون من ثلاثة مقاطع طويلة وواحدقصير أو منقصيرين وطويلين.
İİ ــ 2-1-2: التقفية
النص1- تضم قصيدة أدونيس (اللؤلؤة) 34سطرا منها 19 سطرا مقفاة قافيتها منالمتواتر ومن هذه ست عشرة مطلقة وثلاثمقيدة، وقد استعملت ستة أحرف هي(ي×6م×05، (أ+د+ر+ه)×2) فأربعة أحرف كلمنها تكرر مرتين أي في سطرين فحسب،بينما تكررت الياء ثلاث مرات وبصورمختلفة (ي، يا، يه) وتكرر الميم مرتينبصورتين مختلفتين لح دما (ركام/نجوم) والأخيرة وردت ثلاث مرات. فأغلب النصإذن مقفى.
اللنص2-هذا هو اسمي لأدونيس مدور فيالغالب كما هو في المقاطع الثلاثة المدروسة،غير أن المقطع الثالث المتسمبشيء من الغنائية ظهرت فيه أسطر شبه مستقلةفظهرت معها القافية في شكلثلاثة أزواج لكل زوج روي هي على التوالي (ي.ب.ت):
هي إصطبلنا القمري
هي عكازة السلاطين سجادة النبي [24]
ثم في:
... نحن الغياب
لم تلدنا سماء لم يلدنا تراب
إننا زبد يتبخر من نهر الكلمات
صدأ في السماء وأفلاكها صدأ في الحياة [25]
وذلك ما يبين البعد الغنائي للقافية.
النص 3- هو نص منثور لأدونيس من (سيمياء) وليس فيه أثر للتقفية ولا لنظيرها النثري التقليدي، أي السجع وتساوي الفواصل .
النص4: يسيطر "التدوير" على نص محمدبنيس (موسم النيل)، وتخلو أغلب مقاطعه منأي أثر للقافية ما عدا ما يمكنأن نسميه قافية داخلية - مع ما في العبارةمن تناقض لفظي- وهو هذا الفعلالمتكرر في بداية كل جملة بحيث يقطع النصالتقطيع ذاته الذي تقوم بهالقافية، ولكن القافية تكون في النهاية، بينماالفعل هنا يتخلل النص دونضابط لموقعه في السطر، ولكن من يقرأ النص يدركأنه يقوم إيقاعيا بدورالقافية، (راجع المقطع الثالث من النص فعل "تخون")،ثم ما نجد في المقطعالرابع من تشابه بين أسطر الفقرتين المكونتين له حيثيتفق روي السطرينالأول والأخير المتكررين بذاتيهما في الفقرتين كما تتشابهالأسطر الفاصلةبين السطرين المذكورين في كلتا الفقرتين دون أن تتفق رويا،أما المقاطعالأخرى فالتدوير مسيطر.
النص5- تكاد القافية تختفي في نص (ورقةالبهاء) لبنيس غير أن هناك سمات تذكربها، ففي المقطع الثالث المتمحضللنثرية ثلاثة أسطر ختاميةمسجوعة:"نباتها"، أسوارها"، "ماؤها"، والسجعنظير القافية في النثر، وفيالمقطع الرابع، وهو موزون، يتكون المقطع منثلاث فقرات كل منها ثلاثة أسطرتشترك في السطر الأول الذي يتكرر بذاته فيطالع الكل، ولا يتفق السطرانالباقيان في أي من الثلاثيات فيما بينهما،ولكن كلا منهما يوافق سطرا منثلاثية أخرى، فثاني الأولى يوافق قافيةورويا ثاني الأخيرة، وثالث الأولىيوافق كذلك ثالث الثانية، وثاني الثانيةيوافق قافية وخروجا ثالث الثالثة،ويختلفان في حرف الروي مع أن كلاالحرفين شفوي (منهدمه/ منسحبة).
النص6 (قطوف ) رغم أن النص مكتوب بطريقةالسطر وأنه موزون فإن القافية تكادتكون غائبة لولا تشابه نهاية سطرين منالمقطع الأول يتكرران ضمن جزئه الذييتكرر خرجة للنص، ثم تكرار في "أوقدت"ثلاث مرات مكونة ثلاثة أسطر هيالمقطع الثاني من النص، ويرد سطران فيالمقطع الثالث أحدهما يكرر في نهايتهفعل "أو قدت" السابق والآخر ينتهيب"فارغات" على غرار (الشاحبات/ السيدات)المكررتين في المقطعين الأولوالأخير، فالقافية إذن نسبتها في النص9/31 أي29% رغم أن اثنتين منالكلمات "أوقدت" الأربع تكون أسطرا مدورة عروضيا (أيوزنا).
***
منتحليل هذه النصوص الستة من مدخلالقافية يظهر بوضوح تراجعها عند هذهالجماعة، وإن لم تختف نهائيا، حيث تظلبين الظهور والاختفاء. ويبدو أنالأمر راجع على المستوى الفني البحت إلىتراجع الغنائية التي يبدو أنهاكلما أطلت برأسها تطل معها القافية.فقد ظهرمنها شيء في نصي أدونيسالموزونين وخاصة في المقاطع التي تظهر فيهاالغنائية على حساب العنصرالدرامي اللصيق بالبث الداخلي، ولكن ماظهر منهافيهما وهو قليل، لا يوحيبارتكاز عليها. وكذا الشأن بالنسبة لنص بنيسالأخير. أما في نص أدونيسالأخير ونصي بنيس الأولين فقد كانت النصوص أبعدمن الغنائية، وكانت القافيةأكثر خفاء. ومع ذلك فكلما وجدت الغنائيةمتنفسا إذا بشيء من سمات القافيةيطل برأسه.
وفيكلتا الحالتين يبدو أن القافية ليستمن مشاغل الشاعرين الإبداعية. ولعلالأمر يعود إلى قناعة نظرية عبر عنهاأدونيس، مفادها أن وظيفة القافية فيالشعر القديم هي أنها الناظم الأساسيلأبيات القصيدة، فالقصيدة القديمة-حسب هذا الرأي - أبيات مستقل بعضها عنالبعض في الغالب، والرابط الأساسيبينها هو هذه الصوى الإيقاعية التيتصطدم بها اندفاعة البيت فتنتكس عائدةإلى مبتدئها لتستأنف من جديد، كماتفعل الكرة عند ما تصطدم بعارضة المرمى،أما القصيدة الجديدة فتريد أنتكون معبرة عن تجربة متلاحمة تندفع إلىالأمام دون حاجز، ولذلك فالحالةالوحيدة التي تقبل فيها القافية هي عند ماترد بصورة تلقائية تفرضهامتواليات النص، أما إذا كانت حشوا، أو مقحمة فيالنص فإنها حينئذ تفسده.ويرى بنيس أن القوانين العروضية بكاملها- بما فيهاالقافية - هي قوالبسابقة على النص، فهي كلها قيد عن الإبداع، وخاصة عنعنصر المفاجأة الأساسيفي الإبداع.
وبذلكفإن الشاعرين يبعدان القافية نظرياوعمليا، وهو أمر متوقع بما أن القافية،منذ الرومانسيين ظلت باب القلعةالذي يتلقى الصفعات المتواترة ويخضعللخلخلة الدائمة بتواطؤ من الجميع،حتى من أولئك الذين يتشبثون بالعروضالخليلي، ويدافعون عنه باستماتة،ويعتبرونه شرط وجود شيء يسمى الشعر، كنازكالملائكة مثلا فكيف يكون أمرهامع من يطالبون بتجاوز نظرية الأجناسالأدبية، وابتداع كتابة إبداعية ترفضكل القوانين التي لم تبتدعها، ولمتفصلها التجربة الإبداعية ذاتها بذاتهاعلى قدها. ويسعون عن طريق التجربةالإبداعية إلى تجسيد ذلك عمليا.
İİ ــ 2-1-3: الوقفة:
تتميزقصيدة (اللؤلؤة) لأدونيس بقصرالأسطر كما مر في الحديث عن الوزن والقافية،وبوحدة الوقفة في نهايةالسطر، وباختلاف أطوال الأسطر، وتفاوت نهاياتها علىالصفحة، واختلاف مستوىبداياتها عليها أحيانا، حيث أنه عند ما يكون السطرمتعلقا دلاليا بجزء منأجزاء سابقه الداخلية، فإنه يتأخر عنه بداية حتىيتضح أنه متعلق به...والوقفة الدلالة هي المهيمنة، فالتدوير العروضي كثيرنسبيا، إذ ورد سبعمرات من أصل 34 سطرا. ففي هذه الأسطر السبعة تتوقفالكلمة الأخيرة وسطالتفعيلة وتأتي بقية التفعيلة في الكلمة الأولى منالسطر التالي. والنصيتكون من ثلاثة مقاطع (20.11.03) يفصل بينها فراغان،أولهما بارز، والثانيأقل بروزا.
النص2- هذا هو اسمي، مدور، كما تقدم، أيأنه يسقط الوقفة العروضية أيا كانت،وسبق أن لاحظنا في القافية أن المقطعالغنائي منه ظهرت القافية في ستة أسطرمنه، وظهور القافية معناه ظهور وقفةالضرب في نهاية السطر متفقة مع الوقفةالدلالية التي تخللت النص بكامله،وكانت في بعض الأحيان عنصر تشويش دلاليمقصود، لا عنصر إبانة دلالي كما هومفترض، كما تجلى في بداية المقطع الأول:
دخلت إلى حوضك أرض تدور حولي أعضاؤك ... [26]
فقدأحدثت الوقفة التي يشير إليها الفراغقبل (أرض) تشويشا في التركيب النحويجعل القارئ لا يستطيع الجزم بماهيةفاعل (يدور) هل هو (أرض)، أم هو(أعضاؤك)؟
والوقفةالدلالية هنا يشير إليها فراغ قديرد في أول السطر أو وسطه أو نهايته. وهيلا تعبر عن موقع النقطة وإنما عنموقع الفاصلة خاصة أثناء الفقرة. وأحياناتنوب عن الفراغ نقاط استرسال أوحذف. وهي في كل ذلك دلالية لا علاقة لهابالعروض سوى أنها أقصت الوقفةالعروضية.
ويتميزنص أدونيس الثالث (سيمياء) بسيطرةالنثرية رغم أن فيه بعض الفقرات قد تقبلالتقطيع في أوزان المتدارك التيتكاد تقبل أي كلام، ومع نثرية النص فهومكتوب بطريقة أقرب إلى كتابة الشعرالحر، فالأسطر قصيرة، ومختلفة الأطوال،ويتحكم السطر السابق في بدايةاللاحق، إذا كان مستقلا عنه، فيبدأ معه من المستوى نفسه. وإذا كان متعلقابجزء منه، يبدأ متأخرا عن بدايته. إلا إذاكان الأول يمثل المسند، والثانييمثل المسند إليه ففي هذه الحالة يبدأ معهمن المستوى نفسه، والوقفاتداخل كل مقطع جزئي من النص ينظمها الفراغ عندنهاية كل سطر إلا في نهايةالسطر الأخير من المقطع، فتعضده نقطة أو نقطاسترسال، والنص مقسم إلىفقرات. كل فقرة تنتهي بفراغ. وبعض الفقرات تبدأبعناوين بارزة. والبعضيبدأ بأرقام تابعة للعنوان: لكل فقرة جزئية رقمها.
ويتميزنص بنيس الأول (موسم النيل) بتنوعوقفاته فمن المقاطع السبعة التي تكونالنص يخلو واحد هو الخامس من وقفة،إلا في نهايته، كما يحدث في النثرالعادي. أما في المقاطع الأخرى فأغلبالأسطر تتقطع بتدرج، تابع - فيما يبدو- لعلاقة اللاحق بالسابق: الجزئييتأخر بداية عن الكلي، أما الاستئناف فإماأن يبدأ من بعد أول السطربقليل، كما في الفقرة النثرية، وإما أن يبدأ مننهايته، أي آخر موقع كلمةفيه. وفي بعض الحالات تتحكم في استخدام الفراغمواقع علامتي الترقيم:الفاصلة والنقطة وعلامتي التنغيم: الاستفهاموالتعجب، فالنص كغيره من نصوصبنيس الشعرية يهملها تماما، وقد يعوضهابالفراغات، و قد لا يعوضها بشيء.. وقد تخللت المقطع الثالث وقفات داخليةتشبه وقفة العروضة، قد تأتيأمام القافية الداخلية التي تقسم النص فيبداية كل جملة، وقد وردت مرةبعدها، لا قبلها. ووردت مرة قبلها بكلمتينإحداهما من الجملة السابقة،والثانية تشكل معها هي جملة تنتهي بعد الفعلبوقفة السطر. وردت مرتينبعدها بكلمة. ومرة بعدها بكلمتين ومرة قبل الكلمةالأخيرة من الجملة التيتأتي بعدها وقفة السطر.
وفيمقطع (ورقة البهاء) لبنيس أيضا يردأربعة مقاطع جزئية مكتوبة بالحرفالبارز، وخمسة بالحرف المتوسط، ثلاثة منالبارزة مكتوبة بالطريقة المدورةالنثرية، يشكل كل منها عمودا صحفيا يتوسطالصفحة. وليس في أي منها وقفة غيروقفة النهاية. أما الرابع البارز فمكتوببأسطر تنتهي بوقفة السطر، والأسطرالأربعة الأخيرة تتأخر بداية عما سبقها.وفي المقطع الجزئي الرابع، المكونمن ثلاث ثلاثيات، ينتهي كل سطر بوقفةالسطر العادية بعد القافية، ولكنالسطر الأول المتكرر طالعا لكل ثلاثيةتتخلله وقفة تفصل الفعل المتأخر عنفاعله ومفعوله السابقين " فاس عن فاسنأت" لتؤكد على فعل البعد، أما المقطعالخامس فيضم ثلاث فقرات مدورة لكلمنها عنوان. والثاني منها يليه سطران،أولهما أداة عطف منفردة والآخر هوالمعطوف المكون من جملة موصولة، والكلينتهي بالفراغ غير المعلم، أماالمقطعان (8.6) فأسطرهما من كلمة إلى ثلاثكلمات وليس في أي منها إلاالوقفات السطرية.
النص6- (قطوف) مكتوب بطريقة السطر فهوإذن يلتزم بتوقف عند نهاية السطر. ولكنهل هذا التوقف عروضي أم دلالي؟اتفقت الوقفة العروضية الواقعة عند نهايةالتفعيلة أي بعد الوتد المجموعمع الوقفة الدلالية الواقعة عند نهاية معنىمفيد في تسعة أسطر من أصل 31أي بنسبة 29% ومن هذه خمسة هي من بين المنتهيةبما صنفناه في خانة القافيةأما 22 سطرا الباقية فهي مدورة، أي تقع الوقفةفيها ضمن التفعيلة فهيدلالية لا عروضية. ومن هنا فالنص رغم ما يوحي بهمظهره من توزيع إلى أسطرفإنه يهمل الوقفة العروضية عموما.
تحيل هذه النصوص مجتمعة إلى تحول شبه كلي في نظام الوقفات من العروضية إلي الدلالية التي تسعى إلي توجيه قراء النص، وجهة معينة.
فقداختفت الوقفة العروضية، ولم يعد لهاوجود تقريبا فيما عدا بعض الأسطر فينصي أدونيس الأول والثاني ونص محمدبنيس الثالث تتفق فيها. ربما صدفة - معالوقفة الدلالية واحتلت محلهابالكامل الوقفة الدلالية التي تشعبت، ولم تعدتتعلق بنهاية جملة جزئيةتنبه إليها الفاصلة أو نهاية "كلام" تنبه إليهاالنقطة، فحسب، وإنما أصبحتتسعى إلى إبراز منزلة ما بعدها مما قبلها: كلاماستئنافي; تراكيب تفصلأجزاء ما قبلها; تراكيب تحتل المنزلة نفسها مماقبلها... بحيث أصبحت عناصرالأشكال الشجرية المستخدمة في التحليل التوليديللنص تؤثر تأثيرا بالغاعلى تشكيل فضاء النص على الورقة. بل لقد تدخلأحيانا فن الرسم والتصويركما حدث في مقطع من نص بنيس الأول يتحدث عن دوارفي الرأس وثقل تنبئي فجاءالنص من جانبه الأيمن يشكل، بطريقة ما، جبهةوأنفا وذقنا.
ومعهذا التحول البالغ على نظام الوقفاتعند الشاعرين فإننا لا نجد تنظيرابارزا يقف موقفا تحليليا من هذا النظام،وخاصة من الوقفة الدلالية التي طغتعندهما. فلم يتحدث أدونيس، عن الوقفةالعروضية، وإنما اقتصر حديثه - المجملغالبا- على الوزن والقافية.
أمابنيس فقد تحدث عن الوقفة باعتبارهاجزءا من ثلاثة أجزاء تكون النظامالعروضي هي: الوزن والقافية والوقفة،ولكنه لم يخصها بتحليل ونقاش نظرييبين حدودها لديه ومنزلتها، باستثناء أنلها الدور نفسه الذي للوزنوللقافية في العروض، وقد نقول: هذا ما فعل معالقافية، وكما ألغى القافيةفي نصه الشعري الغي فيه كذلك الوقفة العروضية.وهذا أمر صحيح. ولكنه تفننفي الوقفة الدلالية وأغرب فيها، وأهمل عن وعيالعلامات التي تنبه إليها- ماعدا الفراغ - كالفاصلة والنقطة والاستفهاموالتعجب. ولم يتحدث عن ذلكنظريا، باستثناء إشارات إلى أهمية الخط المغربيالقديم التشكيلية، وهو خط،كغيره من الخطوط القديمة، يهمل هذه العلاماتالتي لم تستعمل في الخط العربيإلا حديثا.
هناك،إذن، تحول جديد، تبرزه هذه النصوصفي نظام الوقفات على مستوى الإبداع لميتأثر به، بصورة مباشرة، التنظيرالنقدي، وإن كان هذا التحول ذاته آت منموقف نقدي معين، هو البحث عن شكلجديد لتجربة جديدة، ومع ذلك فهذا التحولثمرة تحولات سبقته تمت ملاحظتهاعبر النصوص التي حللنا في الفصلين السابقين.
İİ ــ 2-2: موسيقى الحشو:
النص1- (اللؤلؤة) لأدونيس:يقتسم الظواهرالصوتية غير العروضية في هذا النصثلاثة أصناف هي: التكرار والتقطيعالتقسيمي، والتوازي التركيبي. نقدمعليها بعض الأمثلة بادئين بالتكرار:
- كيف أمشي نحو شعبي، نحو نفسي!
كيف أمشي نحو تهيامي وصوتي كيف أصعد؟
لست إلا نهرا يرفض، يخبو، يتوقد [27]
وإلا
حلما -
أني حمي نبوية
أنني ضوء يلف الليل يعرى ... [28]
أني
جامح أحتضن الأرض كأنثي... [29]
موقظا حبي فيها
لهبا يفتح،
يستنزل فيها
آية
أني كتاب ... [30]
أسندوا صدري
في صدري حريق... [31]
والتواريخ مرايا
والحضارات مرايا .... [32]
إنني اسمع أصواتا تغني في رمادي
إنني ألمحها تمشي كأطفال بلادي [33]
فيهذه الأمثلة نجد "السؤال" (كيف) يتكررثلاث مرات في طالع المقطع الأول الذييتكرر سطره الأول طالعا للمقطعالثاني. ومثلها (نحو). ويتكرر كذلك فعل"امشي" مرتين، وتتكرر ياء المتكلمفي السطرين الأولين وحدهما ست مرات، وياءالغائب في المضارع ثلاث مرات دونأداة عطف في السطر الثالث، ثم (إلا)الحصرية مرتين في السطرين الثالثوالرابع، و(أني) التأكيدية خمس مرات فيالأسطر: السادس والسابع والرابععشر والأخيرين اثنتان منها (أني) وثلاث(أنني). ويتكرر الحاء في كلماتمتقاربة ست مرات مع الميم في أربع منها.وتتكرر (فيها) مرتين في السطرين10و12. وتتكرر (صدري) في السطرين 15و16.
أماالتقطيع التقسيمي فالنص يتكون منمقطعين وقفل، والمقطعان يجمع بينهما طالعواحد يكرر نفسه في مستهل كلمنهما مع تغيير في ترتيب العبارتين الأخيرتينفيه. ففي الأول:
كيف أمشي نحو شعبي، نحو نفسي.
وفي الثاني:
كيف أمشي نحو نفسي، نحو شعبي
فالبدل في الأول نفسي، والمبدل منه المُطَّرَح، هو شعبي، أما في الثاني فالعكس. أما القفل فخرجة مستقلة عن المقطعين.
أمامن حيث التوازي التركيبي، فقد خضعالنص لإيقاع تركيبي، لا يخص السطرالمنفرد إلا في حالات نادرة، وذلك لندرةالأسطر الطويلة حتى تضم تركيبينفأكثر، بل هو منتشر في كل النص: (كيف أمشي... كيف أصعد/ نحو شعبي، نحونفسي... يرفض، يخبو يتوقد،/ غامرا لؤلؤةالشعر...، لابسا وسوسة الشمس...،سائحا في جسد الليل،.. جامح/ أحتضنالأرض... موقظا حبي فيها.../ أني حمىنبوية.. أنني ضوء يلف الليل، يعرى...أني جامح أحتضن الأرض... أني كتاب،ودمي نار، وتاريخي ركام...؟ … في صدريحريق ومزامير، جبال وكروم، ومسافات،وأجساد عصور... ونجوم... والتواريخمرايا... والحضارات مرايا.. إنني أسمعأصواتا تغني في رمادي.. إنني ألمحهاتمشي كأطفال بلادي).
فالنصإذن سلسلة من الحلقات لا تترككإحداها إلا وقد أخذت بك التي تليها.والقافية محدودة الدور هنا لأنالتركيز لم يكن عليها، فكلماتها لا تعدو 16:منها اثنتان مكررتان: (فيها.مرايا) وخمس بين ثلاث منها جناس وكذلك بينالاثنتين الأخريين: (كلام،ركام، كروم) (رمادي، بلادي) ومنها أربعة أفعالبين اثنين منها تشابه(تتجرجر، تتكسر) كل هذا يثري البعد الإيقاعي الصوتيللنص، بصورة لا تقلأهمية عما يثريه به الإيقاع العروضي.
النص 2- هذا هو اسمي: لأدونيس.:يقتسم الظواهر الصوتية المشكلة لموسيقى الحشو في هذا النص أربع هي:
- الجناس:
تقاطعت في دمي/ قطعت صدرك...[34]
هل أصرخ أن الطوفان يأتي؟ لنبدأ صرخة... [35]
... لوجهك الطفل وجه مثله ... [36]،
ومنه:
دخلت إلى حوضك أرض تدور حولي أعضاؤك [37]
- التكرار:
لنبدأ: نسي الحب شفرة الليل هل أصرخ أن الطوفان يأتي؟
لنبدأ... [38]
..