منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    حجاجيّة التأويل الفلسفي المعاصر

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

     حجاجيّة التأويل الفلسفي المعاصر  Empty حجاجيّة التأويل الفلسفي المعاصر

    مُساهمة   الأربعاء ديسمبر 15, 2010 11:35 am

     حجاجيّة التأويل الفلسفي المعاصر  Maqaltopl
    <table style="border-collapse: collapse;" border="0" bordercolor="#111111" cellspacing="5" width="98%"> <tr> <td dir="rtl" align="justify" width="100%"> حجاجيّة التأويل الفلسفي المعاصر
    عمارة الناصر

    تتسارعالنظريات الفلسفية المعاصرة بشكل لا يسمح للفكر النقدي بالقبض على البؤرالجوهرية لنشوء هذه النظريات وتطورها، حتى لم يبقَ لهذا الفكر من الرصيداللغوي -المستهلَك فلسفياً- إلا القدر الذي يمكِّنه من مساءلة المضمونالعام لتلك النظريات، وهو المضمون الذي يقدم نفسه على أنه مقنع دون امتلاكشروط الحقيقة** من خلال نشاط اللغة وإثارة المواقع غير النشطة فيها بواسطة“اللعب الخطابي”، وتلك هي المهمة التي اضطلعت بها التأويلية والفلسفيةالمعاصرة ممثلةً في قطبيها غادمير (Gadamer) وريكور (Ricoeur).
    وللإمساكبالنقاط الساكنة في التسارع الفلسفي للتأويلية علينا تعليق الجدل القائمحول مضمون التأويلات المتصارعة وآثاره النظرية على النص والفهم والعالم،والبحث عمّا يقف خلف ذلك الجدل، أي بالبحث عمّا يجعل خطاب التأويل الفلسفي“مقنعاً”، وعن الخلفيات الحجاجيَّة لهذا الخطاب.
    * المجاوزة وإنقاذ المعنى
    عرفتالعلوم الإنسانية نخراً منهجياً عميقاً تركَّبت معه المعالم النظريةتركيباً معقداً، وكاد المعنى المنتَج في التراث الفلسفي الغربي أن “ينقرض”تحت أنقاض الجدران البنيوية التي ما فتئت تنخرط في كل بناء فلسفي أو أدبي،وساد في الغرب شعور بالقلق من أن التاريخ المعرفي بدأ يتجمد؛ لأنالإمكانات المعرفية لتجديد المعنى تقلصت، وهو ما يستلزم تجديد التاريخوالاستلزام المعكوس صحيح كذلك، وفي جمع الحالتين بين المعنى والتاريختكافؤ، لكن هذا التكافؤ لم يكن ليتحقق لولا الجهود التأويلية لإنقاذ“المعنى” و “الحقيقة” من التجمد والعتامة.
    وعليهتطرح التأويلية نفسها خطاباً “بديلاً ومنقذاً” يعتقد أن “مسألة الحقيقةليست مسألة منهج، لكنها تجلّي الكينونة لكينونة ما”(1)، وهو ما يمكن وصفهبالانزياح الجوهري عن الخط الديكارتي وامتداداته المنطقية، وتغيير هدفالفكر بتدشين مرحلة “الشك في وجود تقنية للفهم”(2)، ولكن التأويلية منخلال “تجلي الكينونة لكينونة ما” لا ترمي إلى استدعاء المنهجالفينومينولوجي بما هو دينامية للتجلي وإنما على عكس المبدأ الهوسرليوبالقطع مع منهجه فإن التأويلية تتأسس على المبدأ الغادميري “الوعي فيكينونته لا يتعلق بشيء”(3)، وعليه تُنزَع عن الثنائية المعرفية “ذات/موضوع”، الحماية المنطقية التي كانت توفرها نظرية المعرفة***، حيث تفرضسلطة الموضوع شكلَ الوعي وتُخضعه لنظامها الداخلي، وبعد هذا الانفصالالمعرفي ظهر أن الوعي أصبح في مواجهة نفسه أي في مواجهة القوالب المنطقيةالتي ترسبت في مستويات عملياته المعرفية.
    * المصوِّغات المنطقية للحجاجيَّة التأولية
    تحاولالتأويلية الفلسفية**** المعاصرة الإفلات من قبضة المنطق المطور رمزياً فيالنظريات المعرفية الحديثة (كانْتْ خصوصاً) وتؤسس للقطيعة معه؛ إذ تصف“الرمزية المنطقية بأنها فارغة في حين أن الرمزية التأويلية ممتلئة”(4)،وهو ما يجعل المنطق والتأويل على طرفي فصل وما هو بالوصل، ولكن من أينتستمد التأويلية قدرتها الإقناعية ومرجعيتها الحجاجيَّة؟ وبأي شيء تمتلئرمزيتها إن كانت تدعي انفصالها عن المنطق؟
    يشتغلالتأويل الفلسفي على “الرمز” بما هو “الوساطة الشاملة للفكر بيننا وبينالواقع لأنه يعبر قبل كل شيء عن لا مباشرية فهمنا للواقع”(5)، ولا يكونالرمز هاهنا إلا حلاًّ كانْتِياً فيما أسماه “بالمنطق المتعالي”، إذ تحتملثنائية (الفهم/ الواقع) قيمتي الصدق والكذب ويرتفع والكذب ويرتفع الرمزمتوسطاً القيمتين وحاملاً “قيمة مطلقة”.
    وتنبنيالمقدمات المنطقية في التأويلية انبناءً صورياً في شكل قياس تقليدي، إذيرى ريكور أنه “إذا لم تكن اللغة لذاتها وإنما لعالم تفتحه وتكتشفه،فتأويل اللغة -إذن- لا يختلف عن تأويل العالم”(6)، فإذا افترضنا أنالمقدمتين: (ليست اللغة لذاتها)، و (اللغة لعالم تفتحه وتكتشفه) مقدمتانصحيحتان، فإن النتيجة (تأويل اللغة لا يختلف عن تأويل العالم) تحتوي علىتكافؤ صوري منخور الدلالة غير “ممتلئ”، فإذا كانت اللغة تكافئ العالمفلِمَ الفتح والاكتشاف؟ وأما إسناد اللغة والعالم إلى التأويل فلا يثبتتكافؤهما*****، ويوظف غادمير التكافؤ الصوريّ نفسه إذ يرى أن “كلية اللغةتتساوى مع كلية العقل، وللوعي التأويلي دور في تشكيل العلاقة العامة بيناللغة والعقل، فاللغة هي لغة العقل ذاته”(7)، إذ يقوم بإسناد اللغة والعقلإلى الكليَّة ليتمكن من المماهاة بينهما، ولكن إذا كانت المماهاة صحيحةوكانت اللغة هي لغة العقل ذاته فلِمَ الحاجة إلى التأويل؟ ثم إذا ركبنابين مقولتي ريكور وغادمير فإن تأويل اللغة سيكون تأويلاً للعقل والعالم فيالوقت نفسه، وذلك جمعٌ تستهجنه كفاية اللغة فلا يكون ذاك إلا بتحويل الرمزإلى رمز مضاعف ومنه يتلاشى التأويل إلى اللانهاية لأنه عندما يتخطى حدودهمحاولاً ترقية نفسه إلى الكليِّ فإنما يكون قد دخل إلى الكليِّالمُتوهَّم، وعليه يظهر أن “مشكلة التأويل (..) ليست في الخطأ بالمعنىالإبستيمولوجي ولا في الكذب بالمعنى الأخلاقي، وإنما تكمن مشكلته فيالوهم”(Cool، والوهم على مستوى المنطق مغالطة إذ كيف تكون اللغة لعالم تفتحهوتكتشفه ونكون، في الوقت نفسه، “في معظم أفكارنا ومعارفنا مسبوقين بواسطةالتأويل اللغوي للعالم”؟(9) فهذه الاستباقية تجعل من المنطق المتضمن فياللغة، متضمناً -وبشكل جوهري- في التأويل الفلسفي للّغة، إذ الفلسفة نفسها“لا تبدأ أبداًلأن كثافة اللغة تسبقها”(10)، وعليه تتأسس حلقة جدلية بين اللغة والتأويلالفلسفي، حيث تقوم الفلسفة بتأويل اللغة، واللغة تسبق الفلسفة. فهل تكونهذه الحلقة -بالمعنى المنطقي- مفرغة؟
    ولكيتفلت التأويلية من صرامة هذا الإشكال المنطقي تبتكر حلاًّ تدعوه “الحلقةالهرمينوطيقية”، حيث التأويل “يدور في حلقة، ولكنها ليست مفرغة (..)، بحيثنعدِّل قاعدةً، إنْ هيَ أنتجت استدلالاً لسنا مستعدين لتقبُّله، ونستغنيعن استدلال إنْ هو اخترق قاعدةً لسنا مستعدين لتعديلها”(11)، ومع أن هذهالحلقة تخترق القاعدة المنطقية للاستدلال فإنها تؤسس لمنطق مضاعف يجمع بينكلية المنطق وكلية “المنطق المعدَّل”، حيث التعديل لا يتم خارج الروابطالمنطقية، كما أن القاعدة المعدَّلة والاستدلال البديل يريدان أن يكوناكليَّين حتى تستغرق الحجة في المشروع العام للتأويل، والكلي عندما تكتملصياغته لذاته فإنه لا يُبقي على صفة التعديل للقواعد التي تشتمل عليهامقولاته ومنه تنمحي كلية القواعد المعدَّلة في كلية المنطق ويصبح المعدَّلأصلاً.
    * الأثر الحِجاجي: الوجود والوهم
    ظهر-مما سبق- أن المنطق ما يزال محايثاً للخطاب الفلسفي وإن ادَّعى -نظرياً-أنه ينفلت من قبضته، ويبني الحجاجية المناسبة لذلك، وعلى هذا يكونالإشكال: هل أن فلسفة تنشأ بعيداً عن البناء المنطقي تكون فلسفة؟ وما تكونطبيعتها إذَّاك لو كانت لها تلك النشأة؟
    إنإثارة هذا الإشكال تدفع إلى رصد الحركة الدائرية بين الحجة التي تتجلىبذاتها في آثار البناء الأنطولوجي لخطاب الفلسفة وبين الفلسفة التي تتجلىنتيجةً لنسق من الحجج يريد لنفسه أن يكون خطاباً، وإن كان للرصد أن يتمعبر مراحل فستكون أولاها مرحلة الفصل المعرفي بين “حجة الخطاب” و “إرادةالخطاب” لأنها المرحلة التي تؤسس لاختراق الكثافة الأنطولوجية التي بقيت-منذ هيدغر- توفِّر حصانة معرفية للمقولات الفلسفية على افتراض أنه عندحدود هذه الكثافة يتلاشى “الوهم” وينعدم فلا يحتاج الخطاب في ظل حصانتهاإلى حجاجية للدفاع عن نفسه، فقط لأنه “موجود” والموجود لا يحتاج إلى حجةلإثبات وجوده.
    ومنهفإن الحجة في هذا المنظور الجديد تحتاج إلى تأويل للكشف عن ماهيتها، هل هيسابقة على الكتابة الفلسفية أم هي أثر لها؟ وفي الحالتين معاً يتعين تأويلالعلاقة الناشئة بينهما والبحث عن الروابط المنطقية التي تجمعهما، وهل كلحجة تبني فكرة فلسفية؟ وهي تستوجب كل فكرة فلسفية سابقة حجاجية بالضرورة؟
    إنتلمس الخطوط الكبرى للوظيفة الإقناعية في البنية الحجاجية للتأويليةالمعاصرة إنما يقود بالأساس إلى إيجاد نقاط الارتكاز الأنطولوجية في فعل“توجيه” الخطاب الفلسفي وهو التوجيه الذي تنشئ الفلسفة على أساسه أفعال“الالتفاف” حول النظرية، و “الإفلات” من أنساق فلسفية سابقة، و “إحالة”الوجود إلى الفكر، وفي هذه الأفعال جميعها تشتغل الحجة بمظهرَيْهاالأساسيين كسابقة للكتابة وكأثر لها، ولكن عمل التأويل يتغير في المظهرين،فإذا كان الادِّعاء بإفلات التأويل من قبضة الرمزية المنطقية فإن الحجةستكون في جهة الأثر للكتابة الفلسفية، والأثر ليس أصلاً في قرارات الكتابةأو إرادتها ومنه فإن السلطة التي يمتلكها هذا الأثر الحجاجي تقوم بإعادة“توجيه” الخطاب الفلسفي إلى جهةٍ لم تكن مُتضمَنَةً في مقاصد التأويلية،وبهذا ينشأ الوهم.
    وعليهفإن استدعاء المبحث الحجاجي في الفلسفة سيكشف عن الحدود المعرفية الجديدةالتي وصل عندها تاريخ الوهم في محاولته التلبس بالمعرفة، وهي الحدود التييبدو أن الفهم الهيدغري ما يزال يحرسها.

    الهوامش:
    * باحث من الجزائر.
    ** هوما يذكرنا به الدرس الحجاجي للسفسطائية حيث يتم بناء التصورات والمفاهيموحججها دون الاستناد إلى شروط الحقيقة وهذا بالتوليد المكثف للخطابات منبعضها حتى لا تكاد تستند إلى شيء.
    (1) Ricoeur (Paul), Le conflit des interprétations: éssais d'heméneutique; Seuil; Paris; 1969. P: 13.
    (2) Gadamer (Hans Georges), Vérité et Méthode; Trad: Piérre Fruchon; Seuil; Prais; 1996. P: 286.
    (3) IBID; P: 413.
    (وهو ما يمثل القطيعة مع المبدأ الفينومينولوجي لدى هوسرل: “الوعي هو الوعي بشيء ما”).
    *** نشيرهنا إلى التحول الفلسفي من نظرية المعرفة إلى الهرمينوطيقا، وهو التحولالذي حمل معه إشكالات عديدة على مستوى العقلائية عموماً ومسألتي المنهجوالمنطق خصوصاً.
    **** نخص بالبحث التأويلية الفلسفية دون التأويليات الأخرى (الأدبية، الفنية...).
    (4) Ricoeur (Paul), De I'interprétation: éssai sur Freud; Paris; 1965. P: 60.
    (5) IBID; P: 20.
    (6) Ricoeur (Paul), Lectures III: aux frontiéres de la philosophie; Seuil; Paris; 1994. P: 301.
    ***** إضافة المقدار نفسه إلى مقدارين غير متكافئين يُبقي على عدم تكافؤهما [(أ ? ب) ? (س + أ) ? (س + ب)].
    (7) Gadamer, op.cit; P: 424.
    (Cool Ricoeur, De l'interprétation; op.cit; P: 36.
    (9)Gadamer, L'art de comprendre, Ecrits II: Hérmeneutique et champ del'expérience humaine; Trad: Piérre Fruchon et autres; Aupier; Paris; 1991, P: 62.
    (نرى في هذه العبارة تأثير أفلاطون ونظريته في المثل على الخصوص).
    (10) Ricoeur; Lectures III; op.cit; P: 300.
    (11) Rorty (Richard); L'homme spéculaire; Trad: Theing Marchaisse; Seuil; Paris, 1990, P: 365.

    </td></tr></table>

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 4:11 pm