بسم الله الرحمن الرحيم
قال عبد الله بن المعتز رحمه الله. قد قدمنا في أبواب كتابنا هذا بعض ما وجدنا في القرآن واللغة وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وكلام الصحابة والأعراب وغيرهم وأشعار المتقدمين من الكلام الذي سماه المحدثون البديع ليعلم أن بشاراً ومسلماً وأبا نواس ومن تقيّلهم وسلك سبيلهم لم يسبقوا إلى هذا الفن ولكنه كثر في أشعارهم فعرف في زمانهم حتى سمى بهذا الاسم فأعرب عنه ودلّ عليه. ثم إن حبيب بن أوس الطائي من بعدهم شُعفَ به حتى غلب عليه وتفرغ فيه وأكثر منه فأحسن في بعض ذلك وأساء في بعض وتلك عقبى الإفراط وثمرة الإسراف وإنما كان يقول الشاعر من هذا الفنّ البيت والبيتين في القصيدة وربما قُرئت من شعر أحدهم قصائد من غير أن يوجد فيها بيت بديع وكان يُستحسنُ ذلك منهم إذا أتى نادراً ويزداد حظوة بين الكلام المرسل وقد كان بعض العلماء يشبه الطائيّ في البديع بصالح بن عبد القدوس في الأمثال ويقول لو أن صالحاً نثر أمثاله في شعره وجعل بينها فصولاً من كلامه لسبق أهل زمانه وغلب على مدّ ميدانه وهذا أعدل كلام سمعته في هذا المعنى.
بسم الله
من الكلام البديع قول الله تعالى وإنهُ في أُم الكتاب لدينا لعليُُّ حكيمُُ ومن الشعر البديع قوله من البسيط
... والصُبحُ بالكوكب الدُّرىِّ منْحورُ
وإنما هو استعارة الكلمة لشيء لم يعرف بها من شيء قد عرف بها مثل أم الكتاب ومثل جناح الذل ومثل قول القائل الفكرة مخ العمل فلو كان قال لبّ العمل لم يكن بديعاً.
ومن البديع أيضاً التجنيس والمطابقة وقد سبق إليهما المتقدمون ولم يبتكرهما المحدثون وكذلك الباب الرابع والخامس من البديع.
وقد أسقطنا من كتابنا هذا أسانيد الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن أصحابه إذا كان ذلك من التكثير ولم نذكر إلا حديثاً مشهوراً. ولعل بعض من قصر عن السبق إلى تأليف هذا الكتاب ستحدثه نفسه وتمنّيه مشاركَتنا في فضيلته فيسمى فناً من فنون البديع بغير ما سميناه به أو يزيد في الباب من أبوابه كلاماً منثوراً أو يفسر شعراً لم نفسره أو يذكر شعراً قد تركناه ولم نذكره إما لأن بعض ذلك لم يبلغ في الباب مبلغ غيره فألقيناه أو لأن فيما ذكرنا كافياً ومغنياً. وليس من كتاب إلا وهذا ممكن فيه لمن أراده وإنما غرضنا في هذا الكتاب تعريف الناس أنّ المحدثين لم يسبقوا المتقدمين إلى شيء من أبواب البديع وفي دون ما ذكرنا مبلغ الغاية التي قصدناها وبالله التوفيق.
الباب الأول من البديع وهو الاستعارة
قال الله تعالى هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب. وقال واخفض لهما جناح الذل من الرحمة. وقال واشتعل الرأس شيباً. وقال أو يأتيهم عذاب يوم عقيم. وقال وآية لهم الليل نسلخ منه النهار.
الأحاديث. فأما أحاديث النبي صلى الله عليه فقوله خير الناس رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله كلما سمع هيعة طار إليها. وقوله ضموا ماشيتكم حتى تذهب فحمة العشاء. وقوله إنا لا نقبل زبد المشركين أي رفدهم. وقال صلى الله عليه رب تقبل توبتي واغسل حوبتي. وقال صلى الله عليه غلب عليكم داء الأمم الذين من قبلكم الحسد والبغضاء وهي الحالقة حالقة الدين لا حالقة الشعر.
قال عبد الله بن المعتز رحمه الله. قد قدمنا في أبواب كتابنا هذا بعض ما وجدنا في القرآن واللغة وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وكلام الصحابة والأعراب وغيرهم وأشعار المتقدمين من الكلام الذي سماه المحدثون البديع ليعلم أن بشاراً ومسلماً وأبا نواس ومن تقيّلهم وسلك سبيلهم لم يسبقوا إلى هذا الفن ولكنه كثر في أشعارهم فعرف في زمانهم حتى سمى بهذا الاسم فأعرب عنه ودلّ عليه. ثم إن حبيب بن أوس الطائي من بعدهم شُعفَ به حتى غلب عليه وتفرغ فيه وأكثر منه فأحسن في بعض ذلك وأساء في بعض وتلك عقبى الإفراط وثمرة الإسراف وإنما كان يقول الشاعر من هذا الفنّ البيت والبيتين في القصيدة وربما قُرئت من شعر أحدهم قصائد من غير أن يوجد فيها بيت بديع وكان يُستحسنُ ذلك منهم إذا أتى نادراً ويزداد حظوة بين الكلام المرسل وقد كان بعض العلماء يشبه الطائيّ في البديع بصالح بن عبد القدوس في الأمثال ويقول لو أن صالحاً نثر أمثاله في شعره وجعل بينها فصولاً من كلامه لسبق أهل زمانه وغلب على مدّ ميدانه وهذا أعدل كلام سمعته في هذا المعنى.
بسم الله
من الكلام البديع قول الله تعالى وإنهُ في أُم الكتاب لدينا لعليُُّ حكيمُُ ومن الشعر البديع قوله من البسيط
... والصُبحُ بالكوكب الدُّرىِّ منْحورُ
وإنما هو استعارة الكلمة لشيء لم يعرف بها من شيء قد عرف بها مثل أم الكتاب ومثل جناح الذل ومثل قول القائل الفكرة مخ العمل فلو كان قال لبّ العمل لم يكن بديعاً.
ومن البديع أيضاً التجنيس والمطابقة وقد سبق إليهما المتقدمون ولم يبتكرهما المحدثون وكذلك الباب الرابع والخامس من البديع.
وقد أسقطنا من كتابنا هذا أسانيد الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن أصحابه إذا كان ذلك من التكثير ولم نذكر إلا حديثاً مشهوراً. ولعل بعض من قصر عن السبق إلى تأليف هذا الكتاب ستحدثه نفسه وتمنّيه مشاركَتنا في فضيلته فيسمى فناً من فنون البديع بغير ما سميناه به أو يزيد في الباب من أبوابه كلاماً منثوراً أو يفسر شعراً لم نفسره أو يذكر شعراً قد تركناه ولم نذكره إما لأن بعض ذلك لم يبلغ في الباب مبلغ غيره فألقيناه أو لأن فيما ذكرنا كافياً ومغنياً. وليس من كتاب إلا وهذا ممكن فيه لمن أراده وإنما غرضنا في هذا الكتاب تعريف الناس أنّ المحدثين لم يسبقوا المتقدمين إلى شيء من أبواب البديع وفي دون ما ذكرنا مبلغ الغاية التي قصدناها وبالله التوفيق.
الباب الأول من البديع وهو الاستعارة
قال الله تعالى هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب. وقال واخفض لهما جناح الذل من الرحمة. وقال واشتعل الرأس شيباً. وقال أو يأتيهم عذاب يوم عقيم. وقال وآية لهم الليل نسلخ منه النهار.
الأحاديث. فأما أحاديث النبي صلى الله عليه فقوله خير الناس رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله كلما سمع هيعة طار إليها. وقوله ضموا ماشيتكم حتى تذهب فحمة العشاء. وقوله إنا لا نقبل زبد المشركين أي رفدهم. وقال صلى الله عليه رب تقبل توبتي واغسل حوبتي. وقال صلى الله عليه غلب عليكم داء الأمم الذين من قبلكم الحسد والبغضاء وهي الحالقة حالقة الدين لا حالقة الشعر.