منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    تقنيات القصيدة

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    تقنيات القصيدة Empty تقنيات القصيدة

    مُساهمة   الجمعة سبتمبر 09, 2011 3:01 pm

    تقنيات القصيدة عند »أنعم« عبر أنموذج تطبيقي (6-6)

    <table align="center" border="0" width="98%">
    <tr>
    <td>صحيفة 26سبتمبر
    عبدالودود سيف

    7- خاتمة: تقنيات القصيدة عبر النص
    سنتحدث، هنا، عن
    تقنيات القصية عند «أنعم»، على ان ما ينبغي التأكيد عليه، في البدء، هو ان
    القضايا التي سنتطرق اليها هي استخلاصات عامة لبعض ما توصلنا اليه في
    قراءتنا السابقة، ونحن نتحدث عن هذه الاستخلاصات، كما انعكست من خلال النص
    السابق. واذا قمنا بتفسيرها على انها بعض مظاهر خصوصية «انعم» فينبغي ان
    يصرف النظر عن الظن بان هذه المظاهر تنم عن وعي مسبق بها من قبل الشاعر. ان
    ظناً كهذا سيحول الابداع الى شكل من الاحصاء الرياضي، المتعارض قطعاً مع
    مفهوم الابداع. ولذا فاننا اذا تحدثنا عما نسميه مبادئ وتصورات نظرية لدى
    «انعم» فينبغي ان يفهم هذا بانه تعليلنا الخاص نحن، لما قرأناه واستنتجناه
    من خلال النص. اما الشاعر انعم فانه يمارس ابداعه بمنتهى العفوية
    والتلقائية. ولذلك لزم التنويه.
    قبل كتابة القصيدة لا يكون ثمة تصور
    مسبق لكيف قد تكتب. فقط يوجد كاتب، وتوجد مشاعر غامضة، ولكنها ملحة، تدفعه
    لكتابة القصيدة. والكاتب المقصود شخص ما، لديه رأي، قبل اي شيء اخر. وضمن
    رأيه يمكن تصور او وعي سابق لجملة من القضايا النظرية المتصلة- بشكل غير
    مباشر- بالقصيدة أية قصيدة، يزمع كتابتها.
    هذا التصور النظري المسبق
    بالقصيدة ينطوي على - فيما ينطوي عليه- قضيتين: مفهومه الخاص لما تعني له
    القصيدة. ويندرج ضمن هذا المفهوم تصوره لوظيفتها وتصوره للاسلوب الامثل -من
    وجهة نظره- في كيفية كتابة القصيدة.
    ونحن حتى الآن في هذه المرحلة
    السابقة التي كان يعيشها «انعم» قبل كتابة القصيدة. وفي تصورنا ان «انعم»
    يفهم القصيدة كما جاء في مقدمة ديوان الساعة 7 صباحاً من هذا العدد بأنها
    «هم ينفثه من صدره» (راجع مقدمة الديوان). وبهذا يتساوى انعم مع خلق الله
    جميعاً. لكن السؤال اللاحق، من ثم كيف تكتب القصيدة التي تحقق غرضها في نفث
    همه من صدره؟
    هنا يتدخل ديوانه «غريب على الطريق»- الذي تسنى لنا
    دراسته- باعانتنا على تقديم الاجابة. والاجابة -كما يؤكد الديوان- هي ان
    الاسلوب الامثل في كتابة القصيدة وجوب ان يتكيف اسلوب القصيدة مع موضوعها.
    وبما ان موضوع القصيدة هو هم انعم، لا سواه، فينبغي ان يبصم بخاتم انعم
    وشخصه، ينبغي ان يستل همه هو، كما يجثم في صدره ويشعر به. وبهذا يصبح معنى
    كتابة القصيدة، او معنى نفث همه من صدره، هو ابداع خصوصيته بلحمه ودمعه
    وهمه. كيف يتحقق ابداع الخصوصية؟
    انعم لا يجيب ، لكن نصنا يؤكد امرين:
    الاول هناك عام وخاص (اذا صح التعبير) لانعم. والعام هو المشترك في شعره
    كله، والخاص هو توظيف الطابع العام للشاعر في الموضوع الخاص بكل نص بما
    يفيد موضوعه الخاص به، من جهة، وبما يتلاءم مع الطابع العام للشاعر، الدال
    على خصوصيته، من وجهة.
    اذن فانعم واحد في الحالين، ولكنه متجدد ايضاً مع
    كل نص. وتبعاً لذلك فثمة خصائص في النص تؤكد رسوخ جملة من السمات المتأصلة
    في الشاعر والتي تؤكد بدورها بانها تعكس منهجية الشاعر -اذا صح التعبير-
    في الكتابة ككل. وثمة خصائص مؤقتة -اذا صح التعبير- فرضها موضوع النص
    المخصوص.
    ما هي الخصائص الثابتة؟ وماهي الخصائص المؤقتة في النص؟
    للاجابة على هذا السؤال سنسلم -ابتداءً - بان هناك خصائص وثيقة الصلة بما
    سميناه «منهجية الشاعر»، وهناك خصائص عرضية. وسنسمي الخصائص الاولى مبادئ،
    كتاكيد على ثباتها ورسوخها. ونسمي الخصائص الثانية «تقنيات»، ونحن نعني
    بالتقنيات: الكيفية التي تترجم بها نفسها جملة المبادئ المتقدمة، من موضوع
    الى موضوع، وتتحول بذلك الى انساق اسلوبية تتفاوت من نص الى اخر.
    اما المبادئ فيمكن حصرها بالتالي:
    المبدأ الاول:
    الاقتصاد في استعمال ادوات التعبير
    المبدأ الثاني:

    الوعي بخصائص الادوات التعبيرية المستعملة في كل مجال، وتوظيفها في البناء وفقاً لخصوصياتها.
    المبدأ
    الثالث: المنطقية والتناسب جذران اساسيان في منهجية "انعم" الشعرية
    والمنطقية يراد بها مراعاة العلاقات بين ما يتم استعماله من ادوات تعبيرية
    والعلاقات قد تكون علائق تجانس وقد تكون علائق اشتمال وقد تكون علائق سببية
    كما قد تكون علاقات تقابل وتضاد والتناسب يراد به توظيف المتعلقات (أي
    المتداخلة فيما بينها بعلاقات) توظيفاً محسوباً لا يخلو من معنى التناسب
    (أي المبني على نسب محدودة).
    المبدأ الرابع: استغلال الخصائص المتقدمة
    بانواع من المهارات التقنية بما يخدم الموضوع المعبر عنه واما التقنيات
    فموضوع يطول لكن اعتمادا على عملية الرصد التي قمنا بها من جهة وعلى ما
    عرضنا له في القراءة السابقة من جهة اخرى فبوسعنا اجمال التالي:
    الاقتصاد في استعمال ادوات التعبير
    لاحظنا
    ان الاقتصاد في ادوات التعبير قد اطرد في النص عبر مستوياته الثلاثة مادة
    النص (= الالفاظ) صورته (= التراكيب) بنيته ( بالمناسبة مجموع عدد الالفاظ
    في النص يعادل مجموع عدد التفاعيل) ولعل التراكيب وتحديداً الجمل هي المفصل
    الاساسي الذي اوصلنا الى خاصية الاقتصاد في ادوات التعبير لان هذا الملمح
    اكثر ثباتاً من الملمحين الآخرين ويعكس خصوصيته المذكورة في نطاق النص
    وخارجه.
    ومع ذلك فقد بدت الألفاظ المجال الاساسي الذي عكس اشكالاً من
    التقنيات الوظيفية البارزة فقد حرص الشاعر أو النص على الاقلال من المادة
    اللفظية الاساسية بمقابل توسيع رقعتها بتكرار الفاظ بذاتها وقد افاد النص
    من هذا الاسلوب بطرق متعددة فمن جهة وظف التكرار لجملة من الاغراض المعنوية
    (راجع ما تقدم الفقرة 2 من القسم 5 وما تلاها) ومن جهة افاد من الالفاظ
    المكررة في تعديد تراكيب الاسناد ومن جهة افاد من التكرار ايقاعياً، وضمن
    الاقلال من المادة اللفظية لجأ الى تغليب ألفاظ الاسماء في جانب والى هيمنة
    الاسماء على غيرها من الفاظ الحروف والأفعال في جانب مما ترتب على ذلك
    احداث جملة من الاعراض الاسلوبية في النص، وكلها ترتبط بخصائص توظيف
    الاسماء انظر ايضاً ما تقدم الفقرة 4،3،2، من القسم 5).
    وظهر تأثير
    خاصية الاقتصاد التعبيري في الجمل، عبر كثرة عدد الجمل الامر الذي كرس من
    مظهر الخاصية المذكورة على نطاق قصر الجمل، فأصبح المظهران يكملان بعضهما
    (أعني مظهر كثرة الجمل وقصرها).
    وبهذا تجلى مظهران: مظهر كثرة الجمل
    الذي نفسر في ظله مظهر قصر الجمل، ومظهر قصر الجمل الذي نفسر في ظله مظهر
    كثرة الجمل، ومظهر الكثرة لزم عنه تسريع ايقاع حركة النص، ونشوء نوع من
    الوتيرة الايقاعية تتجاوب وتتكامل مع غيرها من وتائر الايقاع.
    أما تأثير
    خاصة الاقتصاد التعبيري على بنية النص، فيتجلى في قوام القصة القصيرة التي
    نشأت في اطار اسلوب الاخبار، وهو قصر عكس، رغم ايجازه المنقطع النظير، كل
    مقومات القصة القصية التي عرضنا لها.
    الوعي بخصائص الادوات التعبيرية:
    لا
    نملك ان نجزم إن كان الوعي المذكور ارادياً أو لا ارادياً، بل ان الجزم
    وعدمه لا يعنياننا اصلاً، ومع ذلك تظل خاصية الوعي بخصائص ادوات التعبير
    ملمحاً يستوقف الدارس.
    ومظاهر هذه الخاصية او الملمح تبرز - ابتداءً -
    على نطاق الالفاظ، حيث ينبثق منها - في نطاق الاسماء - ظاهرة التعريف
    والتنكير وظاهرة الافراد والتركيب، وظاهرة الاثبات والنفي.. الخ، كما ينبثق
    منها - على نطاق الجمل - ظاهرة التعدد في الجمل وقصرها، والتوظيف الإيقاعي
    لقصر الجمل، مع ما ينبثق عنها في نطاق تنويع الاساليب، وما يترتب عن هذا
    التنويع من آثار معنوية وبلاغية.
    وتبدو آثار هذه الخاصية، كأبلغ ما
    تكون، على نطاق الايقاع في النص الذي ينبغي ان نسجل بشأنه حقيقتين: الاولى:
    خلو النص من أداة الايقاع التقليدية الممثلة بالقافية، والمؤدى الطبيعي
    لهذا ان يحرم النص من عنصره الايقاعي الأساسي.
    الثانية: امتلاء النص -
    رغم ذلك - بايقاعية مدهشة، والسبب في ذلك ان الشاعر استبدل العنصر التقليدي
    المذكور بجملة من الادوات الايقاعية التي تعمل كل اداة منها منفردة، وتعمل
    في نفس الوقت متجاوبة مع غيرها، او لنقل انه - أي الشاعر - احل العزف
    السيمفوني المتردد -الآلات والنغمات - محل النقر بالدف، او العزف بالربابة
    على احسن الاحوال.
    المنطقية والتناسب:
    يبدو ان
    للوجهين أثرين لنزعة واحدة، وهي منهاجية التفكير، ومنهاجية التفكير تتعارض
    مع النزوع الشاعري الذي يستند على التلقائية والعفوية، لكن شاعرنا يبدو انه
    يكسر هذه القاعدة، ويدفعنا معه لأن نترصد تأثيرات النزوع المنطقي على
    الشعر، ويبدو اننا على وشك ان نسلم بأن المنطق ضروري للشعر لو ارتبط به
    تجويده.
    وبالعودة الى رصدنا للملامح الاسلوبية، وبالافادة من قراءتنا
    الآنفة يتضح اثر النزوع المنطقي على المستوى الدلالي، من جهة، وعلى ثنائية
    القسمة التي اطردت باشكال متعددة في مجال الاسماء والافعال والتراكيب
    والبناء والايقاع، من جهة.
    اخرى وسنتجاوز المستوى الدلالي، محيلين
    القارئ على ما تقدم ( خاصة في الفقرة 3 من القسم 5) وننظر الى سلسلة من
    الثنائيات، من ذلك التعريف والتنكير (التي تنطوي بدورها على ثنائية الشمس
    الاولى والشمس الاخرى وثنائية تعريف المعهود وغير المعهود، الى المظهر
    الصوتي للتعريف.. الخ) والافراد والتركيب والتكرار وعدمه، الى ثنائية
    الازمنة في الافعال والتعدية واللزوم، والمضعف وغير المضعّف.. الخ، الى
    كثرة الجمل وقصرها، وجمل الابتداء والجمل الفعلية، الى ثنائية اسلوب
    الاخبار والانشاء.. الخ، ان مظهر الثنائية، المشار اليه، ينطوي على التقابل
    لكن، وهذا هو الاهم، ان التقابل يتم في اطار التكامل.
    ولذا قد يكون
    بوسعنا ارجاع مظهر الثنائية المشار اليه الى موضوع النص الذي يخلصه عنوانه
    «الشمس الاخرى» كما قد يكون بوسعنا - في الوقت نفسه - القول بأن ثنائية
    الموضوع قد عكست نفسها بسلسلة من الثنائيات الممتدة عنها.
    ان المظهر المشار اليه يلخص اثر النزوع المنطقي المنهاجي لدى الشاعر لكنه يؤسس - اي المظهر - العديد من الظواهر الاسلوبية في النص.
    اما
    التناسب فهو توزيع المكونات ضمن شطري القسمة، وفي الحقيقة فقد تحاشيت
    اثناء عملية الرصد ان أسمي الظاهرة باسمها سوى عند الاشارة اليها في توزيع
    الالفاظ، الاسماء والافعال والحروف، كما تحاشيت ذكر الارقام، لكي لا يظن
    القارئ بأنني انحو هذا المنحى لتأكيد الهندسة الخفية التي يتشكل في ابعادها
    النص، وقد لجأت الآن الى ذكرها، وسأتحاشى معها ذكر التفاصيل بقصد تأكيد
    ملمحها الاول.
    وفي الحقيقة فإنني لم ألمس نتائج حاسمة تذكر لملمح
    التناسب سوى على مستوى الايقاع، ربما انني تغافلت عنه في المواضع الاخرى،
    ولم اغفل النظر اليه في اطار الايقاع لكون «التناسب» من مصطلحات الايقاع.
    وقد
    حاولت اثناء عملية القراءة ان اشير مباشرة الى المهارات التقنية التي
    اثبتها الشاعر و هو يبني نصه، واجدني مكتفياً بهذا القدر، مؤكداً -
    ومتعذراً في نفس الوقت - بأنني تعمدت في هذا القسم الاخير الاجمال، لكوني
    قد غطيت جزءاً رئيسياً من الموضوع اثناء عملية القراءة.
    منقول



    </td>
    </tr>
    </table>

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 08, 2024 3:04 am