تحليل الحدث في رواية (وكان مساء) للسحار
بنيت الرواية على عنصر التشويق إذ تحدثت عن حياة
البطل منذ أن كان طفلا وحتى صار أبا , وبما أن الرواية كانت رواية حدث فقد
اخترت الحدث لأنسج عليه تحليلي , وأثبتّ الازدواج الحدثي في البداية , حتى
ترتبط البداية بالنهاية ووضحت مكان الحبكة أو العقدة في الرواية وفيما يلي
نص الدراسة
* بداية الحدث
يظهر بطل الرواية متسائلا : لماذا قبلت؟ فيُعرف أن بطل الرواية متمثل في شخص الراوي وهو من سيحكي أحداث الرواية
حين بُدأت الرواية بالتساؤل جعلت القارئ يتشوق لمعرفة أبعاد هذا السؤال , وما هو هذا الشيء الذي قبله ( جمال عبد السلام) بطل الرواية
بعد التساؤل يقف جمال مودعا أهله بعدما قرر
القبول بالسفر للعمل في المملكة العربية السعودية , تتسمر عيناه على أهله
وهو يفكر في رحلته صوب المجهول فكأنه يفكر فيما يخبئ له القدر من مفاجآت .
كانت هذه بداية الرواية التي بدأت بالسفر ,
والتي تناسقت تماما مع نهاية الرواية فيما بعد , ويمهد للحبكة بقوله : قبلت
السفر لأنني أؤمن أن هناك قوة تسيطر على أقدارنا , وهي التي فتحت لي هذا
الباب .
* الازدواج الحدثي :
بعد هذا تأخذ الرواية مسارا آخرا فقد ظهرت ثنائية جميلة للحدث واستمرت هذه الثنائية حتى انتهت قصة الزمن الماضي .
ففي فترة تأقلم جمال على المكان الجديد نجده يعود
بأفكاره وذكرياته إلى الوراء يتذكر أيام طفولته وشبابه ويحكي لنا قصة تلك
الفتاة الإيرانية الأصل التي أحبها واتفق معها على الزواج وكانت هذه القصة
بحد ذاتها تمتلك بداية وحبكة ونهاية.
ارتبط حدث الزمن القديم بحدث الزمن المعاش مع الاحتفاظ بالتسلسل والتشويق ودون الإخلال بجودة الرواية.
وبهذه الثنائية نشهد التغير المتتالي للزمن
والمكان , فتارة يتذكر بيته القديم في القاهرة التي جاء منها يتذكر حين كان
طالبا في الثانوية وكانت فاطمة حينها طفلة همها الوحيد هو اللعب واللهو
وكانت تناديه ب ( عم جمال ) , يتذكر صوتها الجميل ويتذكر كيف كان يشتري لها
الحلوى من محل ( ألف صنف ) ونجد لكل هذه التفاصيل الصغيرة أهمية في نهاية
الرواية .
*الحدث في قصة الزمن الماضي:
بما أن هذا الحدث تولد من الذكريات فقد جاء مشتتا وقصيرا كذلك .
بدأ بتذكر أيام صباه وطفولة فاطمة هذه هي بداية
الحدث باختصار ,وظل السرد متذبذبا بين الماضي والحاضر وصلت أحداث القصة إلى
الذروة حين نجح جمال وتخرج من الجامعة وجاء فاطمة فرحا قائلا لها سنتزوج
ونبني بيتا سيكون أسعد بيت.
ثم يبدأ الحدث بالنزول تدريجيا فتختفي فاطمة من حياة جمال ودونما مبررات ويكتشف فيما بعد أنها تزوجت وسافرت .
وانتهت ذكريات جمال إلى هذا الحد
ثم يظهر متسائلا عن سبب تذكره لفاطمة و في هذه
الفترة بالذات , فهي لم تخطر بباله منذ فترة طويلة, وكان جواب هذا السؤال
واضحا في أحداث الرواية.
وبعد طول تذكر وتفكر نجد جمال يقرر بأن يسمي فاطمة اللحن الناقص في حياته , والقصيدة البتراء التي نظم القدر مطلعها ثم أهملها .
*تطور الحدث:
بعد أن استقر جمال في السعودية , نجد الحدث يتطور
إذ يختاره الوزير ليكون عضوا في البعثة الذاهبة إلى الباكستان فيترك
أولاده وزوجته في السعودية , ولأنه أُختير عضوا في البعثة السعودية توجب
عليه لبس الثياب العربية المعروفة هناك وإطالة اللحية كذلك.
وفي الباكستان يستمر الحدث بالتطور إذ يكثر تنقله وزياراته لبيوت الضيافة , هناك وفي إحدى هذه الليالي حدثت الحبكة
*الاقتراب من الحبكة:
يشدنا جمال حين يقول عن تلك الليلة وكان مساءً لن
أنساه فيلفتنا إلى عنوان الرواية , في إحدى بيوت الضيافة نجده يلتقي بفتاة
في السابعة عشرة من عمرها فيخيل إليه أنه يعرفها ,وأنه حدثها وسمع غناءها .
ذهب إليها وعرف بنفسه ولقبها ببدر البدور وحين سألته ( ياسمين ) عن قصة بدر البدور وعدها بأنه سيحكيها لها في وقت لاحق.
ثم جاءت فرصة ليحكيها الحكاية حكاية بدر البدور
التي حملها الجني إلى الأمير كان يحكيها الحكاية في حدائق شالامار إحدى
عجائب الدنيا وأحس حينها أن روحيهما قد تقابلتا من قبل.
ويصل الحدث إلى ذروته حين يقرر جمال الزواج بياسمين ويقنع نفسه بأنه يستطيع فتح بيتين , وأنه ليس أول من اتخذ له زوجة ثانية .
وكانت كل الأحداث تساهم في الوصول إلى هذه الذروة.
* الحبكة :
دعت ياسمين جمال لبيتها كي تعرفه على والدتها
وحين يرى جمال والدة ياسمين يقف مذهولا غير مصدق لما يرى أمامه فهذه التي
أمامه هي فاطمة التي فارقته منذ عشرين عاما وهاهو يلقاها في الباكستان وأين
في هذا المنزل ؟وماهي الأفكار التي دارت بخلده وهو يدخل هذا المنزل ؟بل
ما نوع النية التي نواها حينئذ ؟
ارتبك جمال ولكن فاطمة لم تعرفه بسبب الثياب الغريبة واللحية .
· تدرج الحدث واقترابه منالنهاية: إذن
فتذكر جمال لفاطمة في البداية كان تمهيدا لهذا اللقاء الغريب فيقول لقد
قرر القدر إكمال لحنه الناقص ونظم قصيدته البتراء . وعرف أيضا سبب انجذابه لياسمين ,
يدعي جمال معرفته بقراءة الكف يأخذ كف فاطمة ويحكي لها الكثير عن حياتها
حتى تندهش فاطمة من أدق التفاصيل فإذا بياسمين تمد يدها اليه طالبة منه أن
يقرأه فيقول لها: لم يعرف قلبك الحب بعد , لن تكوني زوجة ثانية لرجل غريب ,
ولن تحملك جنية إلى بلاد بعيدة. , يبدأ الحدث بالنزول تدريجيا إذ يقرر
جمال إظهار شخصيته الحقيقية لفاطمة يرتدي ملابسه العادية ويحاول أن يعيد
شكله إلى ما كان عليه فتندهش ياسمين لأنها لم تعرفه من أول وهلة
· وما
إن رأته فاطمة حتى اضطربت وتسمرت في مكانها وتمتمت في إنكار : جمال .وهنا
يدور حوار بينهما وياسمين تقول لهما مستغربة ماذا تقولان بالعربية ,
فيتكلمان عن أولادهما وحياتهما وكيف فرق بينهما القدر
· النهاية: كان
اليوم التالي هو يوم مغادرة جمال للباكستان وعودته إلى السعودية ومن ثم
إلى مصر وقبل السفر جاءت فاطمة وياسمين لتوديعه بعد أن حدثت الأم ابنتها عن
الحكاية القديمة ,كان جمال يحدث فاطمة بالعربية فتقول ياسمين فهمت حديثكما
كنتما تتحدثان عن الحلوى في محل ( ألف صنف) وتم الوداع وقالت له ياسمين
:مع السلامة عمي جمال فيتذكر فاطمة الصغيرة التي كانت تناديه بهذا الاسم
وبهذا فقد كانت الرواية مرتبطة البداية والنهاية ابتدأت بالسفر وانتهت
بالرجوع إلى الوطن
· وتختم
الرواية بهذا المشهد: يجلس جمال في الطائرة يتذكر أولاده وبيته ووطنه
فتسيل الدموع من عينيه وهو يقول: إنني قادم , إنني قادم
· وتنتهي الرواية بانتهاء الرحلة ونهاية الرواية مغلقة فقد اتضحت بكل تفاصيلها \
تحليل | انتصار حسن