من أجل مقاربة جديدة لتدريس الأدب العربي
٦ شباط (فبراير) ٢٠٠٧بقلم جميل حمداوي
1- وضعية الدرس الأدبي:
إن تدريس الأدب العربي في مدارسنا وجامعاتنا يعرف في حاضرنا تعثرا
بيداغوجيا وديداكتيكيا على مستوى التوصيل والتبليغ، وغموضا كبيرا في تحديد
مفهوم الأدب ونظريته ومفاهيمه الاصطلاحية ومقارباته المنهجية. وما يزال هذا
التدريس أيضا لم يتخلص بعد من شوائب النظرية المدرسية التي تقسم الأدب
العربي إلى عصور سياسية بمرتكزاتها التاريخية والفنية. ومن ثم، نلاحظ أن
أغلب المدرسين والدارسين والباحثين والأساتذة في مؤسساتنا التعليمية بكل
مستوياتها البيداغوجية يدرسون الأدب حسب العصور السياسية أو حسب الفنون
الأدبية من خلال ربط العمل الأدبي بصاحبه وعصره واستقراء الإبداع من
النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع الجمع بين ثنائية
المعنى والمبنى بشكل جدلي متكامل أو بشكل منفصل حيث يرجح المضمون تارة أو
الشكل تارة أخرى. بينما الصواب في تدريس الأدب وكما كان يمارس في نقدنا
العربي القديم عند عبد القاهر الجرجاني وغيره ينصب على شكل الدلالة بمفهوم
هلمسليف،أي يدرس المضمون الأدبي من خلال مساءلة الشكل وتفكيك دواله والبحث
عن وظائف الأساليب ومقصديات اللغة وغايات النظم. وقد استنتجنا كذلك أن
الدرس الأدبي لم ينصب في مسيرته التطورية تأريخا وتحقيبا إلا على القمم
الشامخة من المبدعين وتغييب المغمورين منهم وإقصاء المبتدئين، ولا نسمع
إطلاقا عن أدب الشباب في أدبنا العربي القديم كما هو في أدبنا المعاصر. كما
حظي الأدب السامي الفصيح وما يزال يحظى إلى يومنا هذا بمكانة لائقة على
حساب دونية الأدب الشعبي والأدب العامي. وبالتالي، أبعدت نصوص سردية أصبحت
لها حاضرا مكانة متميزة ضمن روائع الأدب العالمي كألف ليلة وليلة التي تركت
بصمات تناصية لا تنكر في تفعيل السرد الأوربي والرواية العربية والغربية
في آن معا.
2- مفهوم الأدب ضمن البرنامج الدراسي:
من يتأمل مفهوم الأدب في المقررات المدرسية في التعليم الثانوي أو في
لوائح المجزوءات الجامعية، فإنه سيجد الأدب مقتصرا على الشعر والنثر ولا
يتعداهما إلى خطابات أخرى. ويعني هذا أن الأدب العربي يكرس المفهوم
التقليدي الضيق في تسييج الأدب عندما يحصره في خانتي الشعر والنثر، بينما
الأدب في العصر العباسي كانت له صبغة موسوعية تتمثل في الأدب العام وليس في
الأدب الخاص، كما أن الجاحظ في كتابه "البيان والتبين" لمّح إلى كثير من
الأنماط والدوال والخطابات السيميائية التي ينبغي أن تدرج ضمن الدراسة
الأدبية، وقد فصل الباحث المغربي الدكتور إدريس بلمليح تلك الدوال
السيميائية في كتابه القيم "الرؤية البيانية عند الجاحظ (دار الثقافة،
الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1984م). والمقصود من كلامي ألا يقتصر الأدب
على ماهو لفظي فحسب، بل عليه أن ينفتح على خطابات سيميائية أخرى كالخطاب
الإشهاري والخطاب الصحفي والخطاب السياسي والخطاب الفلسفي والخطاب الديني
والخطاب التشكيلي ( دراسة لوحة فنية أو دراسة زربية أو دراسة الملصقات
والمسبوكات)، وتحليل الخطاب المسرحي والخطاب السينمائي والخطاب الموسيقي.
وثمة خطابات أخرى ينبغي أن ينفتح عليها الأدب تتعلق بالظواهر
الأنتروبولوجية والإثنولوجية الطبيعية والثقافية كظاهرة الوشم والطبخ
والأزياء واللغة والجمال والجنس والموضة.....
3- نظريـــة الأجنـــــاس الأدبيـــــة:
يلاحظ أن الدرس الأدبي الحديث ما يزال مستمرا في اجترار نفس الأجناس
والفنون الأدبية المعهودة، ويغض الطرف عن كثير من النصوص العامية والشعبية
والمستحدثة. كما أن هذا الدرس لا يواكب بسرعة ما يظهر من أجناس أدبية جديدة
في ساحتنا الإبداعية العربية. ولا تبرمج في المقررات الدراسية حتى
تمرعليها عقود من الزمن وتكون تلك الأجناس قد استهلكت وصارت متجاوزة أو
ينتظر المدرسون حتى تعترف يها المؤسسات الرسمية ويؤشر عليها بقابلية
التدريس والبرمجة. لذا نتساءل جميعا أين هو الأدب الشعبي في مدارسنا
وجامعاتنا؟ وأين الزجل والموشحات والأدب العامي والملحون والأدب الأمازيغي
وآداب الفئات المنبوذة لغويا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا؟ وأين السرد
الشعبي القديم والقصص الخرافية الفانطاستيكية والسير المعروفة والراسخة في
الذاكرة الشعبية كسيف بن ذي يزن وسيرة عنترة بن شداد وسيرة الرسول (ص) وألف
ليلة وليلة وسيرة بني هلال وسيرة الأميرة ذات الهمة وقصة حي بن يقظان وهلم
جرا...؟ وماهو موقع أدب الخواطر من الإعراب داخل الدرس الأدبي؟ وأين هو
الأدب الإسلامي؟ ومتى سيعترف واضعو المناهج والبرامج ومسالك التدريس الأدبي
بالقصيدة النثرية والقصيدة البصرية الكونكريتية؟ ومتى سيعترفون أيضا
بالأجناس الجديدة كالقصة القصيرة جدا كما عند فاروق مواسي وعبد القادر
برغوثي وحسن برطال وفاطمة بوزيان وعبد الله المتقي وسعيد منتسب وعز الدين
الماعزي، والرواية القصيرة جدا كالتي يكتبها المبدع المغربي شعيب حليفي؟
وهل يمكن الاعتراف أيضا بالأدب الرقمي كما يكتبه أحمد سناجلة كما في
روايتيه: شات والصقيع؟ وهل يمكن مستقبلا الحديث عن النقد التفاعلي الرقمي؟
وعند اختيار المؤلفات الأدبية أو النصوص المؤهلة للتدريس والتعليم لابد
من اعتماد تقنية منهجية ترصد تطورات النص أو الجنس الأدبي وثوابته البنيوية
والتكوينية دلالة وشكلا ومقصدية. وتستوجب هذه التقنية ثلاث مراحل أساسية
أثناء عملية الانتقاء والبرمجة وهي:
أ- خاصية التجنيس (توطيد الجنس الأدبي أثناء إبداعه واستنباته في التربة الإبداعية العربية وتحديد خصائصه الأجناسية)؛
ب- خاصية التجريب (الانفتاح على التقنيات الأدبية والسردية الموجودة في الغرب واستلهام التجارب والمدارس الأدبية والفنية)؛
ت- خاصية التأصيل (تأصيل الإبداع بالرجوع إلى التراث واستمداد أدواته
التعبيرية وآليات الصياغة والكتابة والحوار مع أجوائه الفكرية والثقافية
والمرجعية والإيديولوجية).
4- النص الأدبي والمنهج النقدي:
من المعروف أن الدرس الأدبي في المؤسسات التعليمية يخضع لنوعين من
المناهج: مناهج تقليدية ومناهج حديثة. كما يلاحظ نوع من التلاقح بين منهج
التدريس والنقد الأدبي، وانفتاح التعليم الإعدادي والثانوي على المؤسسات
الجامعية والمثاقفة مع الغرب في استرفاد النظريات النقدية والمناهج الأدبية
ثم تطبيقها بيداغوجيا وديداكتيكيا.
هذا، وقد جرب الدرس الأدبي في مدارسنا وجامعاتنا عدة مفاهيم نقدية
أساسية وهي: الذوق، والتاريخ، والواقع، والجمال، والمؤلف، والنص، والقارئ.
ولكن المنهج اللانصوني الذي يجمع بين القراءة التاريخية والمقاربة الفنية
بقي هو المنهج السائد والمفضل في الدرس الأكاديمي الجامعي والتعليم
الثانوي. وقد ظهر هذا المنهج في أوربا منذ القرن التاسع عشر وبالضبط في
دولة الآداب وحاضنة الفنون وهي فرنسا الأنوار والحداثة والإبداع. وتأثر به
كثير من النقاد العرب المحدثين والمعاصرين منهم: طه حسين وعباس محمود
العقاد ومحمد مندور وشوقي ضيف وسهير القلماوي ومحمد نجيب البهبيتي وعبد
القادر القط وعباس الجراري ومحمد الكتاني وغيرهم. إذاً، نحن- باحثين أو
مدرسين- ما نزال نطبق في مدارسنا ومعاهدنا منهجا نقديا مر عليه قرنان من
الزمن ونستعمله إلى يومنا هذا بنفس المنوال ونفس الخطة الديداكتيكية بكل
سهولة منهجية واقتناع مبالغ فيه.
ومع الستينيات وبداية السبعينيات، سيستفيد الدرس الأدبي من مجموعة من
المناهج النقدية المعاصرة كالبنيوية اللسانية والبنيوية التكوينية والمنهج
السيميولوجي وجمالية القراءة والمقاربة التداولية ولسانيات النص
والتفكيكية. بيد أن القراءات التي تسلحت بهذه المناهج كانت تبسيطية ودروسا
تعريفية بالمنهج وآلياته الإجرائية؛ مما جعل الدرس الأدبي العربي
والبيداغوجي يسقط في التجريب والتمرين والاستنساخ الأعمى والتقليد المبتسر
والإسقاط المنهجي وتشويه النص على غرار قصة سرير بروكوست، ناهيك عن علمنة
الأدب وتشييئه على حساب الذوق والفن والتوجيه والتقويم. فبدأنا نلاحظ صراعا
نقديا مريرا داخل التعليم الثانوي وكليات الآداب بين أساتذة محافظين
تقليديين وأساتذة حداثيين يواكبون كل المستجدات الأدبية والنقدية.
5- نحو بديل منهجي في تدريس الأدب:
إن المنهج الذي أود طرحه لتدريس الأدب ليكون بديلا لكل المناهج النقدية
السائدة يمتاز بسمة الانفتاح وقدرته على استيعاب كل المفاهيم والنظريات
المستجدة كما يتسم بالشمولية والنظرة التكاملية. وقد سميته وكما سماه أيضا
سعيد يقطين ومحمد بنيس بالمقاربة المناصية؛ لأنها تدرس النص الأدبي من كل
جوانبه وعتباته الفوقية والمحيطة في علاقة مع النص ومرجعه الخارجي وقارئه
الضمني والواقعي والحقيقي. أي أن المقاربة المناصية منهجية متكاملة تنفتح
على كل المناهج النقدية الأخرى وتستوعبها بكل مرونة وانتقائية وحسن توظيف
واستثمار ناجع.
وترتكز المقاربة المناصية على دراسة النص الموازي الذي هو عبارة عن
عتبات وملحقات تحيط بالنص الأدبي داخليا وخارجيا كدراسة المؤلف والتعيين
الجنسي واللوحة الأيقونية والصور الفوتوغرافية والرسوم التشكيلية وحيثيات
النشر والمقدمات والفهرسة والهوامش والعنوان الخارجي والعناوين الداخلية
الرئيسية والمقطعية والعنقودية ودراسة الغلاف وحجم الكتاب وسوسيولوجية
الثمن وتعدد الطبعات والقراء، علاوة على دراسة المقتبسات والإهداء وكلمات
الغلاف الخارجي وبيبليوغرافيا المبدع وكل علامات الإشهار سواء استعملها
الكاتب أو الناشر عن وعي أو بدون وعي. فكل العلامات في النص الأدبي تدل
وتحمل إحالات دلالية وفنية ومرجعية. كما يسيج النص الأدبي بعتبات خارجية
تكمل إضاءة النص الأدبي كالحوارات والشهادات والقراءات والتناص والاشتقاق
النصي والمعمار الهيكلي للعمل الأدبي. وتدرس كل هذه العتبات والملحقات في
علاقة مع النص الأدبي والمرجع الخارجي. وقد وسعت شخصيا المقاربة المناصية
لكي تشمل الثوابت المنهجية التالية:
أ- قراءة النص الموازي داخليا وخارجيا من خلال احترام المحطات المنهجية التالية:
1- البنيــــة (الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية والبلاغية والبصرية....)؛
2- الدلالــــة (ربط العتبات بالدلالة النصية واستخراج
أنواع العلاقات: العلاقة الجدلية، والعلاقة الانعكاسية، والعلاقة
التماثلية، والعلاقة السيميائية، والعلاقة الرمزية، والعلاقة
الكنائية.....)؛
3- الوظيفـــة (البحث عن المقصدية والغاية من استخدام العتبات والمرامي الوظيفية والتداولية التي يقصدها الكاتب أو الشاعر).
4- السياق النصي: ( قراءة العتبات في سياقها النصي فوقيا وعموديا من الأسفل إلى الأعلى، ومن الأعلى إلى الأسفل).
ب- قراءة النص الأدبي الأساسي عبر شكلنة المضمون، أي
استخراج المضامين والدلالات من خلال تفكيك البنى الفنية وفحص الصياغة
الجمالية والكتابة التعبيرية والصور الشعرية والأساليب الإنشائية).
ت- قراءة المرجع النصي الخارجي اجتماعيا ونفسيا
وأسطوريا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا وفنيا من خلال الانفتاح على مفهوم
القراءة وإعادة الإنتاج وتأويل النص وتشريحه تفكيكا وتركيبا.
وتتكئ هذه القراءة النقدية المناصية على ملاحظة النص الأدبي من الخارج
والداخل بعد قراءته قراءات متعددة، وتقويمه شكلا ومضمونا، لتنتقل بعد ذلك
إلى عملية التوجيه وإرشاد المبدع وتأطيره. ومن هنا، فالمقاربة المناصية
تجمع منهجيا بين خاصيتي الوصف والتفسير.
وندعو إلى تطبيق وتمثل هذه المقاربة المناصية نظريا وتطبيقيا والتوسع
فيها ؛ لأننا وجدنا الدرس الأدبي الأكاديمي- ويا للأسف الشديد- لا يهتم سوى
بالنص الأساسي والمرجعي ولا يبالي ديداكتيكيا ولا بيداغوجيا بالنص الموازي
وملحقاته الداخلية وعتباته الخارجية، أو يمر عليها مرور الكرام ولا يتعمق
فيها منهجيا أو نظريا. كما لاحظنا السمة التجزيئية التي يتسم بها هذا
الدرس، إذ وجدنا من المدرسين والأساتذة من يركز على المرجع وحده أو النص أو
القارئ أو الذوق أو التاريخ أو النفس أو المجتمع دون غيرها من العناصر
والمكونات الأدبية والنقدية الأخرى، أي يدرسون الأدب بالتركيز على عنصر
معين في معزل عن العناصر الأخرى المكونة للعملية الإبداعية والأدبية. لذلك
أصبح الدرس الأدبي قاصرا وجزئيا وعاجزا عن الإحاطة بالنص الأدبي من جميع
جوانبه مهما كانت قيمة هذه العناصر على مستوى الدلالة والتبليغ والتواصل.
وقد ظهرت المقاربة المناصية في الغرب مع مجموعة من المنظرين البويطيقيين
الإنشائيين "POETIQUE"، وثلة من السيميائيين وخاصة مع جيرار جنيت
G.GENETTE وليو هويك LEO HOEK ورولان بارت R.BARTHES وجاك دريدا J.DERRIDA
وشارل گريڤل CH.GRIVEL وآخرين. ويمثلها عربيا مجموعة من النقاد المغاربة
نذكر من بينهم: محمد بنيس وسعيد يقطين وعبد الفتاح الحجمري وجميل حمداوي
ومحمد زريويل....
وإذا كانت المقاربة المناصية عند بعض الدارسين المغاربة تنحصر فقط في
دراسة العتبات الموازية من خلال القراءة السياقية للنص، فإن جميل حمداوي-
هذا العبد الضعيف المتواضع- قد وسّع من نطاق هذه المقاربة النقدية
التحليلية لتكون بثلاثة مستويات منهجية ومحطات محورية: النص الموازي، والنص
الإبداعي الأساسي، والنص المرجعي الإحالي. وبذلك تتحقق الخاصية الشمولية
والطابع التكاملي للعمل الأدبي والقراءة النقدية الناجعة.
ومازال الناقدان جميل حمداوي ومحمد أزريويل يستثمران المقاربة المناصية
في كتاباتهما النقدية الورقية والرقمية عن اقتناع وتمثل منهجي ومرونة في
التطبيق وانفتاح مستمر على كل المستجدات النظرية النقدية ومستحدثات نظرية
الأدب وما تعرفه الساحة الرقمية والورقية من أجناس أدبية جديدة كالقصة
القصيرة جدا والرواية القصيرة جدا.
خلاصـــة تركيبيــــة:
لقد حان الأوان لتغيير الدرس الأدبي والانفتاح على مستجدات نظرية الأدب
والتفاعل مع الدرس الرقمي والجامعة الرقمية التي ستصبح بديلا للجامعة
الحكومية والمؤسسات التربوية الرسمية التي لا تعرف سوى التلقين والإلقاء
وإملاء المحاضرات وتقديم كراسات الحفظ والتقليد ومطبوعات الاجترار وشحذ
الذاكرة بما تقادم من المعارف والنظريات والتصورات غير الوظيفية، ومنع
الطالب والتلميذ من النقد والحوار والتفاعل البناء وإظهار كفاءاته المهارية
وقدراته الإبداعية. ومن هنا أرى أن المقاربة المناصية هي الحل والبديل
المنهجي قي التعاطي مع الإبداع والنصوص والأعمال والأجناس الأدبية؛ لأنها
مقاربة حداثية وشاملة ومتكاملة الجوانب تتعاطى مع النصوص الورقية والنصوص
الرقمية من خلال رؤية تفاعلية بناءة للحصول على الجودة الحقيقية في مقاربة
النصوص والأعمال الإبداعية والقضايا والظواهر الأدبية والفنية والنقدية.
٦ شباط (فبراير) ٢٠٠٧بقلم جميل حمداوي
1- وضعية الدرس الأدبي:
إن تدريس الأدب العربي في مدارسنا وجامعاتنا يعرف في حاضرنا تعثرا
بيداغوجيا وديداكتيكيا على مستوى التوصيل والتبليغ، وغموضا كبيرا في تحديد
مفهوم الأدب ونظريته ومفاهيمه الاصطلاحية ومقارباته المنهجية. وما يزال هذا
التدريس أيضا لم يتخلص بعد من شوائب النظرية المدرسية التي تقسم الأدب
العربي إلى عصور سياسية بمرتكزاتها التاريخية والفنية. ومن ثم، نلاحظ أن
أغلب المدرسين والدارسين والباحثين والأساتذة في مؤسساتنا التعليمية بكل
مستوياتها البيداغوجية يدرسون الأدب حسب العصور السياسية أو حسب الفنون
الأدبية من خلال ربط العمل الأدبي بصاحبه وعصره واستقراء الإبداع من
النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع الجمع بين ثنائية
المعنى والمبنى بشكل جدلي متكامل أو بشكل منفصل حيث يرجح المضمون تارة أو
الشكل تارة أخرى. بينما الصواب في تدريس الأدب وكما كان يمارس في نقدنا
العربي القديم عند عبد القاهر الجرجاني وغيره ينصب على شكل الدلالة بمفهوم
هلمسليف،أي يدرس المضمون الأدبي من خلال مساءلة الشكل وتفكيك دواله والبحث
عن وظائف الأساليب ومقصديات اللغة وغايات النظم. وقد استنتجنا كذلك أن
الدرس الأدبي لم ينصب في مسيرته التطورية تأريخا وتحقيبا إلا على القمم
الشامخة من المبدعين وتغييب المغمورين منهم وإقصاء المبتدئين، ولا نسمع
إطلاقا عن أدب الشباب في أدبنا العربي القديم كما هو في أدبنا المعاصر. كما
حظي الأدب السامي الفصيح وما يزال يحظى إلى يومنا هذا بمكانة لائقة على
حساب دونية الأدب الشعبي والأدب العامي. وبالتالي، أبعدت نصوص سردية أصبحت
لها حاضرا مكانة متميزة ضمن روائع الأدب العالمي كألف ليلة وليلة التي تركت
بصمات تناصية لا تنكر في تفعيل السرد الأوربي والرواية العربية والغربية
في آن معا.
2- مفهوم الأدب ضمن البرنامج الدراسي:
من يتأمل مفهوم الأدب في المقررات المدرسية في التعليم الثانوي أو في
لوائح المجزوءات الجامعية، فإنه سيجد الأدب مقتصرا على الشعر والنثر ولا
يتعداهما إلى خطابات أخرى. ويعني هذا أن الأدب العربي يكرس المفهوم
التقليدي الضيق في تسييج الأدب عندما يحصره في خانتي الشعر والنثر، بينما
الأدب في العصر العباسي كانت له صبغة موسوعية تتمثل في الأدب العام وليس في
الأدب الخاص، كما أن الجاحظ في كتابه "البيان والتبين" لمّح إلى كثير من
الأنماط والدوال والخطابات السيميائية التي ينبغي أن تدرج ضمن الدراسة
الأدبية، وقد فصل الباحث المغربي الدكتور إدريس بلمليح تلك الدوال
السيميائية في كتابه القيم "الرؤية البيانية عند الجاحظ (دار الثقافة،
الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1984م). والمقصود من كلامي ألا يقتصر الأدب
على ماهو لفظي فحسب، بل عليه أن ينفتح على خطابات سيميائية أخرى كالخطاب
الإشهاري والخطاب الصحفي والخطاب السياسي والخطاب الفلسفي والخطاب الديني
والخطاب التشكيلي ( دراسة لوحة فنية أو دراسة زربية أو دراسة الملصقات
والمسبوكات)، وتحليل الخطاب المسرحي والخطاب السينمائي والخطاب الموسيقي.
وثمة خطابات أخرى ينبغي أن ينفتح عليها الأدب تتعلق بالظواهر
الأنتروبولوجية والإثنولوجية الطبيعية والثقافية كظاهرة الوشم والطبخ
والأزياء واللغة والجمال والجنس والموضة.....
3- نظريـــة الأجنـــــاس الأدبيـــــة:
يلاحظ أن الدرس الأدبي الحديث ما يزال مستمرا في اجترار نفس الأجناس
والفنون الأدبية المعهودة، ويغض الطرف عن كثير من النصوص العامية والشعبية
والمستحدثة. كما أن هذا الدرس لا يواكب بسرعة ما يظهر من أجناس أدبية جديدة
في ساحتنا الإبداعية العربية. ولا تبرمج في المقررات الدراسية حتى
تمرعليها عقود من الزمن وتكون تلك الأجناس قد استهلكت وصارت متجاوزة أو
ينتظر المدرسون حتى تعترف يها المؤسسات الرسمية ويؤشر عليها بقابلية
التدريس والبرمجة. لذا نتساءل جميعا أين هو الأدب الشعبي في مدارسنا
وجامعاتنا؟ وأين الزجل والموشحات والأدب العامي والملحون والأدب الأمازيغي
وآداب الفئات المنبوذة لغويا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا؟ وأين السرد
الشعبي القديم والقصص الخرافية الفانطاستيكية والسير المعروفة والراسخة في
الذاكرة الشعبية كسيف بن ذي يزن وسيرة عنترة بن شداد وسيرة الرسول (ص) وألف
ليلة وليلة وسيرة بني هلال وسيرة الأميرة ذات الهمة وقصة حي بن يقظان وهلم
جرا...؟ وماهو موقع أدب الخواطر من الإعراب داخل الدرس الأدبي؟ وأين هو
الأدب الإسلامي؟ ومتى سيعترف واضعو المناهج والبرامج ومسالك التدريس الأدبي
بالقصيدة النثرية والقصيدة البصرية الكونكريتية؟ ومتى سيعترفون أيضا
بالأجناس الجديدة كالقصة القصيرة جدا كما عند فاروق مواسي وعبد القادر
برغوثي وحسن برطال وفاطمة بوزيان وعبد الله المتقي وسعيد منتسب وعز الدين
الماعزي، والرواية القصيرة جدا كالتي يكتبها المبدع المغربي شعيب حليفي؟
وهل يمكن الاعتراف أيضا بالأدب الرقمي كما يكتبه أحمد سناجلة كما في
روايتيه: شات والصقيع؟ وهل يمكن مستقبلا الحديث عن النقد التفاعلي الرقمي؟
وعند اختيار المؤلفات الأدبية أو النصوص المؤهلة للتدريس والتعليم لابد
من اعتماد تقنية منهجية ترصد تطورات النص أو الجنس الأدبي وثوابته البنيوية
والتكوينية دلالة وشكلا ومقصدية. وتستوجب هذه التقنية ثلاث مراحل أساسية
أثناء عملية الانتقاء والبرمجة وهي:
أ- خاصية التجنيس (توطيد الجنس الأدبي أثناء إبداعه واستنباته في التربة الإبداعية العربية وتحديد خصائصه الأجناسية)؛
ب- خاصية التجريب (الانفتاح على التقنيات الأدبية والسردية الموجودة في الغرب واستلهام التجارب والمدارس الأدبية والفنية)؛
ت- خاصية التأصيل (تأصيل الإبداع بالرجوع إلى التراث واستمداد أدواته
التعبيرية وآليات الصياغة والكتابة والحوار مع أجوائه الفكرية والثقافية
والمرجعية والإيديولوجية).
4- النص الأدبي والمنهج النقدي:
من المعروف أن الدرس الأدبي في المؤسسات التعليمية يخضع لنوعين من
المناهج: مناهج تقليدية ومناهج حديثة. كما يلاحظ نوع من التلاقح بين منهج
التدريس والنقد الأدبي، وانفتاح التعليم الإعدادي والثانوي على المؤسسات
الجامعية والمثاقفة مع الغرب في استرفاد النظريات النقدية والمناهج الأدبية
ثم تطبيقها بيداغوجيا وديداكتيكيا.
هذا، وقد جرب الدرس الأدبي في مدارسنا وجامعاتنا عدة مفاهيم نقدية
أساسية وهي: الذوق، والتاريخ، والواقع، والجمال، والمؤلف، والنص، والقارئ.
ولكن المنهج اللانصوني الذي يجمع بين القراءة التاريخية والمقاربة الفنية
بقي هو المنهج السائد والمفضل في الدرس الأكاديمي الجامعي والتعليم
الثانوي. وقد ظهر هذا المنهج في أوربا منذ القرن التاسع عشر وبالضبط في
دولة الآداب وحاضنة الفنون وهي فرنسا الأنوار والحداثة والإبداع. وتأثر به
كثير من النقاد العرب المحدثين والمعاصرين منهم: طه حسين وعباس محمود
العقاد ومحمد مندور وشوقي ضيف وسهير القلماوي ومحمد نجيب البهبيتي وعبد
القادر القط وعباس الجراري ومحمد الكتاني وغيرهم. إذاً، نحن- باحثين أو
مدرسين- ما نزال نطبق في مدارسنا ومعاهدنا منهجا نقديا مر عليه قرنان من
الزمن ونستعمله إلى يومنا هذا بنفس المنوال ونفس الخطة الديداكتيكية بكل
سهولة منهجية واقتناع مبالغ فيه.
ومع الستينيات وبداية السبعينيات، سيستفيد الدرس الأدبي من مجموعة من
المناهج النقدية المعاصرة كالبنيوية اللسانية والبنيوية التكوينية والمنهج
السيميولوجي وجمالية القراءة والمقاربة التداولية ولسانيات النص
والتفكيكية. بيد أن القراءات التي تسلحت بهذه المناهج كانت تبسيطية ودروسا
تعريفية بالمنهج وآلياته الإجرائية؛ مما جعل الدرس الأدبي العربي
والبيداغوجي يسقط في التجريب والتمرين والاستنساخ الأعمى والتقليد المبتسر
والإسقاط المنهجي وتشويه النص على غرار قصة سرير بروكوست، ناهيك عن علمنة
الأدب وتشييئه على حساب الذوق والفن والتوجيه والتقويم. فبدأنا نلاحظ صراعا
نقديا مريرا داخل التعليم الثانوي وكليات الآداب بين أساتذة محافظين
تقليديين وأساتذة حداثيين يواكبون كل المستجدات الأدبية والنقدية.
5- نحو بديل منهجي في تدريس الأدب:
إن المنهج الذي أود طرحه لتدريس الأدب ليكون بديلا لكل المناهج النقدية
السائدة يمتاز بسمة الانفتاح وقدرته على استيعاب كل المفاهيم والنظريات
المستجدة كما يتسم بالشمولية والنظرة التكاملية. وقد سميته وكما سماه أيضا
سعيد يقطين ومحمد بنيس بالمقاربة المناصية؛ لأنها تدرس النص الأدبي من كل
جوانبه وعتباته الفوقية والمحيطة في علاقة مع النص ومرجعه الخارجي وقارئه
الضمني والواقعي والحقيقي. أي أن المقاربة المناصية منهجية متكاملة تنفتح
على كل المناهج النقدية الأخرى وتستوعبها بكل مرونة وانتقائية وحسن توظيف
واستثمار ناجع.
وترتكز المقاربة المناصية على دراسة النص الموازي الذي هو عبارة عن
عتبات وملحقات تحيط بالنص الأدبي داخليا وخارجيا كدراسة المؤلف والتعيين
الجنسي واللوحة الأيقونية والصور الفوتوغرافية والرسوم التشكيلية وحيثيات
النشر والمقدمات والفهرسة والهوامش والعنوان الخارجي والعناوين الداخلية
الرئيسية والمقطعية والعنقودية ودراسة الغلاف وحجم الكتاب وسوسيولوجية
الثمن وتعدد الطبعات والقراء، علاوة على دراسة المقتبسات والإهداء وكلمات
الغلاف الخارجي وبيبليوغرافيا المبدع وكل علامات الإشهار سواء استعملها
الكاتب أو الناشر عن وعي أو بدون وعي. فكل العلامات في النص الأدبي تدل
وتحمل إحالات دلالية وفنية ومرجعية. كما يسيج النص الأدبي بعتبات خارجية
تكمل إضاءة النص الأدبي كالحوارات والشهادات والقراءات والتناص والاشتقاق
النصي والمعمار الهيكلي للعمل الأدبي. وتدرس كل هذه العتبات والملحقات في
علاقة مع النص الأدبي والمرجع الخارجي. وقد وسعت شخصيا المقاربة المناصية
لكي تشمل الثوابت المنهجية التالية:
أ- قراءة النص الموازي داخليا وخارجيا من خلال احترام المحطات المنهجية التالية:
1- البنيــــة (الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية والبلاغية والبصرية....)؛
2- الدلالــــة (ربط العتبات بالدلالة النصية واستخراج
أنواع العلاقات: العلاقة الجدلية، والعلاقة الانعكاسية، والعلاقة
التماثلية، والعلاقة السيميائية، والعلاقة الرمزية، والعلاقة
الكنائية.....)؛
3- الوظيفـــة (البحث عن المقصدية والغاية من استخدام العتبات والمرامي الوظيفية والتداولية التي يقصدها الكاتب أو الشاعر).
4- السياق النصي: ( قراءة العتبات في سياقها النصي فوقيا وعموديا من الأسفل إلى الأعلى، ومن الأعلى إلى الأسفل).
ب- قراءة النص الأدبي الأساسي عبر شكلنة المضمون، أي
استخراج المضامين والدلالات من خلال تفكيك البنى الفنية وفحص الصياغة
الجمالية والكتابة التعبيرية والصور الشعرية والأساليب الإنشائية).
ت- قراءة المرجع النصي الخارجي اجتماعيا ونفسيا
وأسطوريا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا وفنيا من خلال الانفتاح على مفهوم
القراءة وإعادة الإنتاج وتأويل النص وتشريحه تفكيكا وتركيبا.
وتتكئ هذه القراءة النقدية المناصية على ملاحظة النص الأدبي من الخارج
والداخل بعد قراءته قراءات متعددة، وتقويمه شكلا ومضمونا، لتنتقل بعد ذلك
إلى عملية التوجيه وإرشاد المبدع وتأطيره. ومن هنا، فالمقاربة المناصية
تجمع منهجيا بين خاصيتي الوصف والتفسير.
وندعو إلى تطبيق وتمثل هذه المقاربة المناصية نظريا وتطبيقيا والتوسع
فيها ؛ لأننا وجدنا الدرس الأدبي الأكاديمي- ويا للأسف الشديد- لا يهتم سوى
بالنص الأساسي والمرجعي ولا يبالي ديداكتيكيا ولا بيداغوجيا بالنص الموازي
وملحقاته الداخلية وعتباته الخارجية، أو يمر عليها مرور الكرام ولا يتعمق
فيها منهجيا أو نظريا. كما لاحظنا السمة التجزيئية التي يتسم بها هذا
الدرس، إذ وجدنا من المدرسين والأساتذة من يركز على المرجع وحده أو النص أو
القارئ أو الذوق أو التاريخ أو النفس أو المجتمع دون غيرها من العناصر
والمكونات الأدبية والنقدية الأخرى، أي يدرسون الأدب بالتركيز على عنصر
معين في معزل عن العناصر الأخرى المكونة للعملية الإبداعية والأدبية. لذلك
أصبح الدرس الأدبي قاصرا وجزئيا وعاجزا عن الإحاطة بالنص الأدبي من جميع
جوانبه مهما كانت قيمة هذه العناصر على مستوى الدلالة والتبليغ والتواصل.
وقد ظهرت المقاربة المناصية في الغرب مع مجموعة من المنظرين البويطيقيين
الإنشائيين "POETIQUE"، وثلة من السيميائيين وخاصة مع جيرار جنيت
G.GENETTE وليو هويك LEO HOEK ورولان بارت R.BARTHES وجاك دريدا J.DERRIDA
وشارل گريڤل CH.GRIVEL وآخرين. ويمثلها عربيا مجموعة من النقاد المغاربة
نذكر من بينهم: محمد بنيس وسعيد يقطين وعبد الفتاح الحجمري وجميل حمداوي
ومحمد زريويل....
وإذا كانت المقاربة المناصية عند بعض الدارسين المغاربة تنحصر فقط في
دراسة العتبات الموازية من خلال القراءة السياقية للنص، فإن جميل حمداوي-
هذا العبد الضعيف المتواضع- قد وسّع من نطاق هذه المقاربة النقدية
التحليلية لتكون بثلاثة مستويات منهجية ومحطات محورية: النص الموازي، والنص
الإبداعي الأساسي، والنص المرجعي الإحالي. وبذلك تتحقق الخاصية الشمولية
والطابع التكاملي للعمل الأدبي والقراءة النقدية الناجعة.
ومازال الناقدان جميل حمداوي ومحمد أزريويل يستثمران المقاربة المناصية
في كتاباتهما النقدية الورقية والرقمية عن اقتناع وتمثل منهجي ومرونة في
التطبيق وانفتاح مستمر على كل المستجدات النظرية النقدية ومستحدثات نظرية
الأدب وما تعرفه الساحة الرقمية والورقية من أجناس أدبية جديدة كالقصة
القصيرة جدا والرواية القصيرة جدا.
خلاصـــة تركيبيــــة:
لقد حان الأوان لتغيير الدرس الأدبي والانفتاح على مستجدات نظرية الأدب
والتفاعل مع الدرس الرقمي والجامعة الرقمية التي ستصبح بديلا للجامعة
الحكومية والمؤسسات التربوية الرسمية التي لا تعرف سوى التلقين والإلقاء
وإملاء المحاضرات وتقديم كراسات الحفظ والتقليد ومطبوعات الاجترار وشحذ
الذاكرة بما تقادم من المعارف والنظريات والتصورات غير الوظيفية، ومنع
الطالب والتلميذ من النقد والحوار والتفاعل البناء وإظهار كفاءاته المهارية
وقدراته الإبداعية. ومن هنا أرى أن المقاربة المناصية هي الحل والبديل
المنهجي قي التعاطي مع الإبداع والنصوص والأعمال والأجناس الأدبية؛ لأنها
مقاربة حداثية وشاملة ومتكاملة الجوانب تتعاطى مع النصوص الورقية والنصوص
الرقمية من خلال رؤية تفاعلية بناءة للحصول على الجودة الحقيقية في مقاربة
النصوص والأعمال الإبداعية والقضايا والظواهر الأدبية والفنية والنقدية.