الجذور العربية لنظرية الحقول الدلالية
تقوم نظرية الحقول الدلالية ( semantic fields ) أو الحقول المعجمية
( lexical fields) عند أصحاب هذا الاتجاه ـ الذي ظهر في العشرينات من القرن الماضي ـ على فكرة أن هناك مفاهيم عامة تؤلف
بين المفردات داخل اللغة ، و أن المعاني لا توجد منعزلة في الذهن بل لابد لفهمها من ربط كل معنى منها بمعنى آخر ، فلفظ "حار " مثلا لا يفهم إلا بالنسبة إلى " بارد " ، وكلمة " امرأة " لا يمكن أن نعقلها إلا بالنسبة لكلمة " رجل " ... و هكذا .
أما الحقل الدلالي فهو عبارة عن لائحة من المفردات أو الوحدات المعجمية التي توحد بينها ملامح دلالية مشتركة و بالتالي يمكن أن تصنف في مجال عام يجمع بينها ، فكلمات : أم ، أب ، عم ، عمة ، خال ، خالة ، أخ ، أخت ، ... وغيرها مثلا تندرج ضمن مفهوم عام أو مجال واحد
هو حقل القرابة .
لذلك يعرف John Lyonsـ بصفته رائدا من رواد هذا الاتجاه ـ مدلول الكلمة بأنه حصيلة علاقاتها بالكلمات الأخرى داخل الحقل المعجمي . يراجع كتابه semantic fields ،ص22 . ومعنى هذا أن دلالة لفظ معين ـ في نظره ـ لا تتحدد بشكل دقيق إلا بدراسة هذا اللفظ مع أقرب الألفاظ إليه في إطار مجموعة واحدة ، و أن الكلمة لا معنى لها بمفردها و إنما تكتسب معناها من خلال علاقتها بالكلمات الأخرى .
ولعل من مزايا هذه النظرية أنها تستثمر عند تأليف المعاجم الثنائية اللغة
فتعين على البحث عما يقابل الكلمة أو يناقضها ، كما أن استخدام هذه النظرية يسهم في تصنيف المدلولات في العملية التربوية لتقريب الدلالات إلى ذهن الأطفال .
وقد فطن اللغويون العرب القدماء منذ القرن الثاني الهجري
إلى فكرة الحقول الدلالية وسبقوا بها الأوربيين بعدة قرون ، وإن لم يطلقوا عليها المصطلح نفسه وذلك من خلال تصنيفهم لمجموعة من الرسائل الدلالية المتنوعة التي اقتصرت على مجال دلالي واحد كرسائل خلق الإنسان ،
و الخيل ، والإبل
و الغنم ، و الوحوش ، و الطير ، و الحشرات ، و النبات ، و الشجر ، و المطر .
و لن يتسع المجال هنا لذكرها كلها نظرا لكثرتها و لاتساع التاليف فيها ، لذلك سنقتصر على ذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر و هي :
ـ رسائل خلق الإنسان : لكل من أبي عبيدة معمر بن المثنى ( المتوفى 210 هـ) ، و الأصمعي ( 213 هـ) ، و أبي علي القالي ( 356 هـ) ، و ابن فارس ( 395 هـ) ، و الصغاني ( 650 هـ) . وقد دونوا فيها أسماء أحوال الإنسان المختلفة من الناحية العضوية ووسعوا دائرة بحثهم لتشمل النواحي الأخلاقية و الاجتماعية أيضا .
ـ رسائل الخيل : لكل من النضر بن شميل ( 204 هـ) و أبي عمرو الشيباني ( 206 هـ) ، و قطـــــــــــرب ( 206 هـ) ، و أبي إسحاق الزجاج ( 310 هـ) ، حيث قسموا رسائلهم تقسيما موضوعيا فخصصوا بابا لأسماء أعضاء الخيل ، و بابا لما يستحب فيها ، وآخر لما يكره فيها ، وبابا لأوصافها و أسمائها ...إلخ
ـ رسائل النبات : و تشمل الأشجار و الزروع و البقول و الحبوب . و ألف فيها كل من الأصمعي و أبي عبيدة .... إلى غيرها من الرسائل التي تعتبر بحق النواة الأولى لمعاجم المعاني أو معاجم الموضوعات التي ظهرت في التراث العربي بمئات السنين قبل الحضارة الأوربية . ويمثل معجم " المخصص " لابن سيده الأندلسي ( 458 هـ) أضخمها على الإطلاق و أكمل صورة لفكرة الحقل الدلالي في التراث العربي .
إن هذه الأمثلة تبين أن اللغويين العرب أول من خاض غمار معاجم الموضوعات القائمة على مفهوم الحقول الدلالية فوضعوا لها رسائلهم المستقلة ، و بذلك سبقوا علم اللغة الحديث في التنبه إلى هذه النظرية ، و التأليف فيها
( lexical fields) عند أصحاب هذا الاتجاه ـ الذي ظهر في العشرينات من القرن الماضي ـ على فكرة أن هناك مفاهيم عامة تؤلف
بين المفردات داخل اللغة ، و أن المعاني لا توجد منعزلة في الذهن بل لابد لفهمها من ربط كل معنى منها بمعنى آخر ، فلفظ "حار " مثلا لا يفهم إلا بالنسبة إلى " بارد " ، وكلمة " امرأة " لا يمكن أن نعقلها إلا بالنسبة لكلمة " رجل " ... و هكذا .
أما الحقل الدلالي فهو عبارة عن لائحة من المفردات أو الوحدات المعجمية التي توحد بينها ملامح دلالية مشتركة و بالتالي يمكن أن تصنف في مجال عام يجمع بينها ، فكلمات : أم ، أب ، عم ، عمة ، خال ، خالة ، أخ ، أخت ، ... وغيرها مثلا تندرج ضمن مفهوم عام أو مجال واحد
هو حقل القرابة .
لذلك يعرف John Lyonsـ بصفته رائدا من رواد هذا الاتجاه ـ مدلول الكلمة بأنه حصيلة علاقاتها بالكلمات الأخرى داخل الحقل المعجمي . يراجع كتابه semantic fields ،ص22 . ومعنى هذا أن دلالة لفظ معين ـ في نظره ـ لا تتحدد بشكل دقيق إلا بدراسة هذا اللفظ مع أقرب الألفاظ إليه في إطار مجموعة واحدة ، و أن الكلمة لا معنى لها بمفردها و إنما تكتسب معناها من خلال علاقتها بالكلمات الأخرى .
ولعل من مزايا هذه النظرية أنها تستثمر عند تأليف المعاجم الثنائية اللغة
فتعين على البحث عما يقابل الكلمة أو يناقضها ، كما أن استخدام هذه النظرية يسهم في تصنيف المدلولات في العملية التربوية لتقريب الدلالات إلى ذهن الأطفال .
وقد فطن اللغويون العرب القدماء منذ القرن الثاني الهجري
إلى فكرة الحقول الدلالية وسبقوا بها الأوربيين بعدة قرون ، وإن لم يطلقوا عليها المصطلح نفسه وذلك من خلال تصنيفهم لمجموعة من الرسائل الدلالية المتنوعة التي اقتصرت على مجال دلالي واحد كرسائل خلق الإنسان ،
و الخيل ، والإبل
و الغنم ، و الوحوش ، و الطير ، و الحشرات ، و النبات ، و الشجر ، و المطر .
و لن يتسع المجال هنا لذكرها كلها نظرا لكثرتها و لاتساع التاليف فيها ، لذلك سنقتصر على ذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر و هي :
ـ رسائل خلق الإنسان : لكل من أبي عبيدة معمر بن المثنى ( المتوفى 210 هـ) ، و الأصمعي ( 213 هـ) ، و أبي علي القالي ( 356 هـ) ، و ابن فارس ( 395 هـ) ، و الصغاني ( 650 هـ) . وقد دونوا فيها أسماء أحوال الإنسان المختلفة من الناحية العضوية ووسعوا دائرة بحثهم لتشمل النواحي الأخلاقية و الاجتماعية أيضا .
ـ رسائل الخيل : لكل من النضر بن شميل ( 204 هـ) و أبي عمرو الشيباني ( 206 هـ) ، و قطـــــــــــرب ( 206 هـ) ، و أبي إسحاق الزجاج ( 310 هـ) ، حيث قسموا رسائلهم تقسيما موضوعيا فخصصوا بابا لأسماء أعضاء الخيل ، و بابا لما يستحب فيها ، وآخر لما يكره فيها ، وبابا لأوصافها و أسمائها ...إلخ
ـ رسائل النبات : و تشمل الأشجار و الزروع و البقول و الحبوب . و ألف فيها كل من الأصمعي و أبي عبيدة .... إلى غيرها من الرسائل التي تعتبر بحق النواة الأولى لمعاجم المعاني أو معاجم الموضوعات التي ظهرت في التراث العربي بمئات السنين قبل الحضارة الأوربية . ويمثل معجم " المخصص " لابن سيده الأندلسي ( 458 هـ) أضخمها على الإطلاق و أكمل صورة لفكرة الحقل الدلالي في التراث العربي .
إن هذه الأمثلة تبين أن اللغويين العرب أول من خاض غمار معاجم الموضوعات القائمة على مفهوم الحقول الدلالية فوضعوا لها رسائلهم المستقلة ، و بذلك سبقوا علم اللغة الحديث في التنبه إلى هذه النظرية ، و التأليف فيها