بحث فيما بين العروض واللغة
(2)
الْقافِيَةُ الْمُوَحَّدَةُ الْمُقَيَّدَةُ وَكَلِمَتُها في الشِّعْرِ الْعُمانيّ
ِ
مقدمة
{1} مضطرا أعبأ بالنظر في تاريخ الشعر العماني على وفق تاريخ الحكم العماني ؛ فقد حمل عليه بعض الباحثين ما خرج به من نتائج نظره في تاريخ الشعر على وفق تاريخ الحكم في سائر بلاد العرب، من التردي في مآزق الركاكة والتكلف ، الذي طبع على شعر العصر الوسيط بين زمان نهضة العباسيين وزمان نهضة المحدثين (1) .
وهو الأمر الذي دعا إلى النظر في سر ذلك التردي الوسيط في سائر بلاد العرب ، ثم إلى النظر في كونه في عُمان ، فظهر أنه إذا كان الحكم في سائر بلاد العرب للأتراك والمماليك حوالي ستة قرون من القرن الهجري السابع ، وهم من العجمة والعي عن البيان العربي فهما وإفهاما ، بحيث كسدت لديهم سوق الشعر ، وراجت لدى العامة الذين عُرفوا من قديم إلى حديث ، بالإعراض عن حقائق الشعر والإقبال على أباطيله ، فصنع لهم الشعراء من الركاكة والتكلف ، ما أرضاهم - فإن الحكم في عُمان ظل للعرب ، وإن شعراء عُمان ظلوا على طريقة شعراء العرب في الزمان الأول ، من انتجاع الحكام وامتداحهم واصطناع فاخر الشعر لهم (2) ، بل كان أكثر الأئمة والحكام أنفسهم حريصا على الشعر سماعا وقولا (3).
{2} لقد كان محقق ديوان الشعر العماني من ذلك العصر، ينبه على متانة لغته ولا يزيد ، وكأنه يخشى أن تدرك شاعرَه وصمة العصر الوسيط (4)، أو يبوح بتميزه على تخوف من أن يرمى باجتزاف القول (5)، ثم كان دارس شعراء النهضة الحديثة العمانيين يلح على ذكر " دورهم الريادي "، و" فكرهم التجديدي " ، وعلى قرن " دورهم " في ذلك " بدور " محمود سامي البارودي الذي عاد إلى الينابيع الثرة ليمتاح منها ما يحيي به موات الشعر (6)، وكلا صنيعي المحقق والدارس أقرب إلى إثبات تردي الشعر العماني فيما تردى فيه شعر سائر بلاد العرب آنئذ ، منه إلى نفيه !
{3} لقد حاول الدكتور أحمد درويش عرض نماذج لإفلات الشعر العماني من أن تشمله تلك الظاهرة ، ثم ذكر الحاجة إلى دراسات أخرى تحمل هذا العبء (7). وينبغي لي أن أذكر أنه على رغم كون هذه المسألة على النحو الآنف عرضه ، سبب ولوجي حمى الشعر العماني ، فضلا عن شهرة بقائه خصبا لم يقض له البحث حقه - لم أر المنهج التماس النماذج الكثيرة وبيان نجاتها من وصمة العصر الوسيط ؛ إذ هو أشبه شيء بالصراخ في الخلاء ، لا أَثَرَ ولا سَمْعَ ، و" كُلُّ مُجْرٍ في الخَلاء يُسَرُّ " ! بل المنهج التماس النماذج الكثيرة من عصور الشعر العماني كلها ، وموازنة بعضها ببعض .
إن الناقد الألمعي الشيخ الآمدي ، لما وجد في شعر أبي تمام والبحتري ، اختلافا شديدا ، لم ير الفصل فيه أن ينظر في شعر كل منهما وحده ، بل أن يضع شعر كل منهما بإزاء الآخر ، بل قد خلص إلى استحسان حصر النظر في القصيدتين المتفقتين في المعنى وفي العروض (، وبه قال القرطاجني (9) ، واستمر اعتقاده إلى عصرنا هذا (10).
{4} من ثم نظرت في عصر النباهنة ( 549- 809هـ/ 1154- 1456م ) ، فاخترت الستالي أبابكر أحمد بن سعيد الخروصي (584 – 676هـ) ، معاصر مبتدأ العصر الوسيط ، وأشهر مذكور بالاقتدار مع النبهاني (11)، ثم نظرت في عصر اليعاربة (1622- 1741م) ، فاخترت الحبسي راشد بن خميس بن جمعة بن أحمد (المولود سنة 1089هـ المجهول سنة الوفاة) ، معاصر معمعة العصر الوسيط، والمذكور المشهور بكثرة الشعر والتصرف فيه (12)، ثم نظرت في عصر البوسعيديين (1741م إلى الآن) ، فاخترت البهلاني ناصر بن سالم بن عديم الرواحي (1273- 1339هـ/ 1860- 1920م) ، معاصر معمعة النهضة الحديثة في سائر بلاد العرب ، وثورة رادة مدرسة إحياء الشعر ، والمذكور في ذروة شعراء عمان (13)، ثم أضفت الصقلاوي سعيد بن محمد الجنيبي، العائش بيننا معاصرا لطفرات الحداثة ، وهو المذكور " بخلاصة الشعر العماني النقية الآن " ، و" السلفية العصرية " أو " العصرية السلفية " (14)، عسى أن أبين ما بلغته هذه المدرسة الشعرية العمانية من خلال وارثها المعاصر، وأستبين ما تبلغه ضحى الغد .
{5} تتناول الموازنة أجزاء أطرافها كلها حين تكون من الانحصار والاقتصار بحيث تمكنها من ذلك ، كأن تكون قصيدتين أو ثلاثا ، فأما إذا كانت أطرافها دواوين كاملة ، كحالها معي هنا ، فينبغي للباحث أن يختار للمقارنة العناصر التي تقفه على مواطن تميز أطرافها ، معتمدا في هذا على الظن الغالب ، ومستعينا بما سبقه من دراسات (15).
لقد اخترت لموازنة شعر أولئك الشعراء بعضه ببعض، القافية وكلمتها ، قاصدا بالقافية آخر ساكنين في البيت مع ما بينهما من متحركات متى كانت ، ومع المتحرك الذي قبلهما (16)- إنها إذن مجموعة من الأصوات المجردة في آخر البيت ، ربما كانت تفعيلته الأخيرة ، أو أكثر ، أو جزءا منها - وقاصدا بكلمة القافية ما قام من عناصر الجملة بأداء تلك القافية . إنها إذن مجموعة من الأصوات الحية ، لا تحديد لموقعها من الجملة ، وربما كانت كلمة واحدة منها ، أو أكثر ، أو جزءا من كلمة . ومن ثم يبدو إطلاق مصطلح (كلمة) على كل حال من تلك الأحوال ، توسعا ، وهو من أعراف العروضيين (17).
{6} قال المعري على لسان الحصان للبغل : " أَمّا دَعْواكَ نِظامَ الشِّعْرِ ، فَخَلَّةٌ لا تُفْتَقَدُ مَعَها زَلَّةٌ . إِذا جاءَ الرَّويُّ فُضِحَ الْغَويُّ . وَلَوْ قيلَ إِنَّ الْقافِيَةَ سُمِّيَتْ قافِيَةً لِأَنَّها تَقْفو الْجاهِلَ بِها أَيْ تَعيبُه ، لَكانَ ذلِكَ مَذْهَبًا مِنَ الْقَوْلِ . وَالْقَريضُ مُشابِهٌ أُمَّ أَدْراصٍ، وَمَنْ سَلَكَها غَيْرَ خَبيرٍ ، فَكَأَنَّما سَقَطَ مِنْ ثَبيرٍ " (18).
ولكل ساقطة لاقطة : شاعر خصم لا يرحم ، أو عالم ناقد لا يكتم ! وإنما كان للقافية وكلمتها صفة المهوى أي المكان الذي يسقط منه فتندق عنقه من لا علم له به ، بأمرين :
أولهما : بروز هذا الموضع من البيت وجملته ، للشاعر والناقد جميعا ، فأما الشاعر الواعي فإنه يختار له أبرز عناصر جانبي قصيدته العروضي واللغوي تأثيرا في توصيل رسالتها ، وأما الناقد الواعي فإنه يراعي ذلك في ذوقه للقصيدة .
والآخر : توحيد قوافي أبيات القصيدة الواحدة ، فتكرار مجموعة من الأصوات كلما جاء هذا الموضع من البيت وجملته ، يزيده خصوصية تستولي على الانتباه ، بما يجتمع فيه من عناصر " مختلفة في ذاتها متشابهة في مواقعها ومواضعها من العمل ، بغية التسوية بين ما ليس بمتساو ، أو بهدف الكشف عن الوحدة من خلال التنوع، وقد تعني تكرار المتشابه بغية الكشف عن الحد الأدنى لهذا التشابه، أو حتى إبراز التنوع من خلال الوحدة " (19).
إنه يغري الناظر في القصيدة بملاحظته قبل غيره ، ليوازن بين (كلمات القافية ) التي كان توحيد القافية سبب اشتباهها صوتا ، في حين أن كلا منها في واد (20). ولقد كان من فطنة بعض كبار الأسلوبيين العرب في زماننا هذا ، لكون هذا الموضع من البيت وجملته مجتمع أبرز مميزات الشعر العربي ، أنه صار كلما استعصت عليه العلل والأحكام يحتكم إليه وإلى خصائصه (21).
{7} ولا يقل عن ذلك كله إغراء باختيار القافية وكلمتها ، انحصار هذا الموضع بحيث يمكنني التمهيد للنظر فيه بالإحصاء . لقد رضيت منذ زمان ، جدوى اعتماد الإحصاء ، وصرت كلما مضيت في طريقي أزداد به رضا ونفرة ممن يلقي الأحكام غفلا منه . ولست في ذلك بمنبتٍّ من طريقة علمائنا القدماء ؛ فما الاستيعاب الأولي الذي التزموه مدخلا إلى علومهم ، إلا نمط منه تمسكوا به (22).
ولقد خرجت أبحاث زعمت اعتماد الإحصاء ، نفر الباحثون منها وساء به ظنهم ، والحق أن الذي زعموه عد لا إحصاء ؛ إذ يقف عند حصر عنصر يغلب أن يكون اختياره تقليدا محضا أو خبط عشواء ، فأما الإحصاء فيتجاوز ذلك إلى إعطاء " البيانات القابلة للتوظيف في مجال الكشف عن أدق خواص النص على المستويات التحليلية المختلفة كافة " (23)لينظر بها الباحث في إحكام عمله .
{8} وينبغي درء تهمة ( الشكلانية ) عن هذا النمط من الأبحاث بالتمسك بالشكل نفسه لا التبرؤ منه ؛ إذ هو في الحقيقة مضمون محض ؛ فالفكر والعبارة عنه شيء واحد (24)، أو هو على الأقل ، القسم الفني من المضمون ، الذي يعول عليه في تمييز الأساليب (25)، وكفى بتقديس الشكل دلالة على تعلقه بأصول التفكير (26).
{9} أقدم دراسة القافية الموحدة ، لما لتوحيدها من أثر في قيمتها سبق بيانه ، ولانحصار القافية المعددة في بعض شعر الحبسي والصقلاوي . وعلى رغم كون توحيد القافية تكرارا لمجموعة الأصوات التي تكونها آخر كل بيت من أبيات القصيدة الواحدة ، ينبغي التنبيه على خطر حرف الروي دون غيره من تلك الأصوات في توحيد القافية وتعديدها .
لقد أراد الدكتور أحمد كشك كفكفة غلواء زعم الشعراء المحدثين أنهم حرروا القافية ؛ " لأن ترخصا في قيمة الروي ليس ترخصا في القافية كلها . فقد علمنا أن الوصل والتأسيس والردف والخروج أجزاء قافية ووجود هذه القيم مع ضياع الروي لا يثبت أن القافية قد ضاع أمرها في شعرنا المعاصر تماما . على دارس الشعر إذ عن له أن يدرك التطور في القافية أو قل التحرر فيها ، أن يقيس هذا التحرر بمنظور القافية الأشمل بحروفها وحركاتها ، وكل ما تلتزمه من قيم لغوية تتمم حدها الإيقاعي ؛ ومعنى ذلك - كما قلت - نفي تصور القافية من خلال حرف واحد من حروفها فحسب " (27)، فأوحى بأنه لا أثر لتعديد الروي في توحيد القافية ، وهو رأي له شيعته من نقاد الشعر الحديث المتعصبين له، أثار شاعرا عموديا فاستنكره وذكر أن القافية لا تقوم بغير الروي، وتمسك بما رواه ابن كيسان من جعل القافية هي حرف الروي نفسه (28).
والحقيقة في غير تعصب ، أن حرف الروي ركن مؤثر وجودا وعدما ، في توحيد القافية وتعديدها، وليس أدل على ذلك من تفقد سيرة القافية الخالية منه. إننا نظرنا في قصيدة الحبسي " أنيسة الوحيد " أسبق ما عدّد قافيتَه ورودا ، فوجدناها تبدأ بقافية مطلقة مردفة بالألف موصولة بالياء، رائية :
" الحمد لله الوهوب الباري الخالق المهيمن الجبارِ " (29)
وتثني بها كذلك في البيت الثاني ، ما دام الراء رويا ، حتى إذا ما صارت دالية ، صارت مطلقة مجردة موصولة بالياء ، ثم غير ذلك :
" مدبر الأمر المليك الصمد المستعان الواحد المنفردِ " (30)
ونظرنا في قصيدة الصقلاوي " لو كنت معي " ، أسبق ما عدّد قافيته ورودا، فوجدناها تبدأ مقيدة مجردة، رائية :
" لو كنت معي يا فتنة من زمن
لتحول كل الأصفر أخضر " (31)،
وتثني بها وتثلث كذلك، ما دام الراء رويا، حتى إذا ما صارت تائية، صارت مطلقة مردفة بالألف موصولة بالياء ، ثم غير ذلك :
" لو كنت معي..
لعشقت بصوتك أحلى النغمات " (32).
إن القافية عندئذ تتعدد من جهة كل جزء منها، وكأن حرف الروي سلك عقدها الذي انقطع فانفرطت حباته .
أقدم بحث القافية الموحدة لأهميتها ، وأقدم بحث المقيدة منها لانحصارها ، معتمدا معطيات إحصاء العناصر الدالة أفكارا يدور عليها البحث، مجتهدا في تفصيلها وتفسيرها ، مستعينا بالله على سَلْسَلَةِ الأبحاث فيما بقي .
تنبيهات :
- راعيت في ترتيب الجداول نسب استعمال الأنواع في مادة البحث ، فإذا اتفقت النسب راعيت الترتيب العروضي العلمي .
- اُلمقَيَّدة هي الساكنة الرَّوِيّ الذي هو الصوت الصامت الثابت دون غيره من أصوات القافية .
- اُلمرْدَفة هي التي قبل رويها ألف أو واو أو ياء ساكنة تسمى ( رِدْفا ) .
- اُلمؤَسَّسة هي التي قبل الحرف الذي قبل رويها ألف تسمى ( تأسيسا ) .
- اُلمجَرَّدَة هي الخالية من الردف والتأسيس .
- اَلمقْصورة هي التي رويها ألف أصلية .
- مجموع القصائد المقيدة القافية الموحدة ، من قصائد الدواوين كلها ، 6 من 147 للستالي ، و 51 من 348 للحبسي ، و 15 من 97 للبهلاني ، و 5 من 42 للصقلاوي ؛ فهي إذن 77 من 634 .
أولا: القافية المقيدة على العموم
{10} إن النسبة القليلة التي قدمها الجدول الأول لتقييد القافية في الشعر العماني على العموم (12.14%)، غير غريبة عن الشعر العربي القديم وما نحا نحوه مما بعده (33)، وهو ما أثار الباحثين إلى كشف سره وتفسيره، فكان منهم من رأى الشعر موسيقا تكون بالحركة والمد ولا تكون بالسكون إلا تعمدا ؛ رغبة في طريقة تعبيرية خاصة (34)، وهو فيما أحسب، الرأي المتناقل بين أهل اللغة والأدب غير ذوي العلم المكين بالموسيقا، وكان منهم من دعا إلى اختيار أحد أمور ثلاثة:
أن يكون السكون أثقل من الحركة لا كما علمنا علماؤنا القدماء، ومن ثم آثر الشعراء الحركة رغبة لشعرهم في الشياع والخلود، أو أن يكون السكون أخف من الحركة كما علمونا، غير أن الشعراء المغرمين بالأصعب، آثروا الحركة إدلالا بصنعتهم وقدرتهم، أو أن يكون قد ضاع من الشعر القديم كثير، كما قال أبوعمرو بن العلاء، فألبست علينا النسبة (35).
إن خروج الشعر العربي العماني على النحو القديم نفسه، يثبت ألا لبس هناك، فضلا عن إثباته وثاقة العلاقة، ثم إن التحريك الذي يزيد آخر البيت مقطعا طويلا مفتوحا (ص ح ح)، أثقل- بلا ريب- من التسكين، أما ارتباط الموسيقا بالحركة فككل شيء في هذه الدنيا، غير أنه لا يكون إلا بالسكون !
إن السكون ركن الإيقاع الذي هو أساس الموسيقا ، ثم هو قرار اللحن الذي هو قالبها.
إن الحقيقة عندي أن إطلاق القافية وتقييدها جميعا، متعلقان بطريقة المتكلمين في الوقف- والقافية موضع الوقف المطمئن من البيت- التي كانت بالتحريك ثم صارت بالتسكين (36)، وهو ما يسلمنا إلى الفكرة التالية.
ثانيا: القافية المقيدة على الخصوص
{11} إن نسبة تقييد القافية في شعر الستالي (4.08%)، ثم الحبسي (14.65%)، ثم البهلاني (15.46%)، التي قدمها الجدول الأول، وبينت اتجاه الشعر العماني إلى زيادة تقييدها قليلا قليلا، غير غريبة كذلك عن طريقة سائر الشعر العربي (37). وقد رأى الدكتور أنيس أن زيادة تقييدها في شعر العباسيين عنه في شعر الجاهليين، ملاءمة حدثت بينه وبين غناء ذلك الزمان، "بل لا يزال الملحن فينا يرى مثل هذه القافية أطوع وأيسر في تلحين أبياتها" (38). وتوقف الطرابلسي فيما رآه من زيادة تقييدها عند شوقي عنه عند من قبله، ثم زيادته عند الشابي كثيرا عنه عند شوقي، ليقول: "إذا كان ذلك دليلا على محاولة للتحلل من قيود الإعراب عند الشابي، فإنه لا يسمح باعتقاد أن شوقي رام هذه المحاولة" (39).
إنه لا ورود لحديث صعوبة الإطلاق وسهولة التقييد، في نقد الشعراء صغارا أو كبارا، كما سيتضح بعدُ في الفقرة الثالثة والثلاثين، وينبغي أن يتخذ الطرابلسي ما رآه، حجة لذلك لا عليه (40)، فأما ملاءمة التسكين لموسيقا العباسيين دون الجاهليين، لتطور حدث، فعجيب ألا تختل مع المحدثين، رغم طول الزمن الفارق بينهم وبين العباسيين، عن الفارق بين هؤلاء وبين الجاهليين، واشتداد التطور الحادث، وعجيب أن يناقض هذا الرأي غيره السابق في الفقرة العاشرة، فيجري عليه ما جرى عليه.
لقد تطورت طريقة حديث الناس ( لغتهم المنطوقة ) ، صوتا وصرفا ونحوا ودلالة، بأثر عوامل التطور القوية المختلفة، عما كانت عليه في عصر الجاهليين، قليلا قليلا، في عصر العباسيين، في المشرق وفي المغرب ولاسيما في الأندلس، حتى بلغتنا وقد لوّحها التطور (41). وكان من ذلك طرح حركات أواخر الكلمات، ولا سيما في الوقف، أي عموم الوقف بالتسكين الذي تسرب إلى الشعر من خلال تقييد القافية قليلا قليلا؛ لأن وعي الشاعر بالحياة في نفسه ومن حوله، يقتضيه أن يراعي طريقة الحديث المتطورة، بشعره الذي لا يقوله لآذان الأوراق الصماء، على أن طريقة الفن القومي التي هي أثبت من طريقة الحديث اليومي، بقيت متعلقة بإطلاق القافية، إرثا ورثته أخرى عن أولى.
{12} أما نسبة تقييد القافية في شعر الصقلاوي (11.90%)، التي يقدمها الجدول الأول كذلك، وتبدو بقلتها عما قبلها غريبة عجيبة ؛ فترجع إلى أن لتعديد القافية في شعره نصيبا أكبر منه في شعر غيره، وفي القافية المعددة يجتمع تسكين التقييد وتحريك الإطلاق- كما سبق في الفقرة التاسعة- وربما اجتمعت للقافية أنواع مختلفة داخل هذا التسكين نفسه.
ثالثا: أنواع القافية المقيدة على العموم
{13} إن تقييد القافية يفقدها قوة من قوى الإسماع الصوتية؛ إذ تذهب حركة الروي (المَجرى) وحرف إشباعها (الوصل)، فيبقى الروي وحيدا صامتا، كما في قول الستالي في مطلع إحدى مقيداته:
"أمط عنك نعت الحمى والطللْ وجل في سبيل الصبا والغزلْ" (42)
فالقافية (والغزلْ) ضعيفة الإسماع بالقياس إليها هي نفسها لو كانت (والغزلِ)، إذ تظهر اللام للسمع بكسرتها (المجرى)، ثم تزداد ظهورا بإشباع الكسرة الذي ينشئ لها بعدها مدا من جنسها (الوصل).
{14} ولقد بينت نسب أنواع القافية التي قدمها الجدول الأول، أن الشعراء العمانيين يحرصون على إبراز قافية شعرهم، بعلاج تقييدها بإردافها- فالمردفة عندهم أعلى نسبة- فيعوضونها عن المجرى بالحَذْو (حركة ما قبل الرِّدْف)، وعن الوصل بالردف، فلا يبقى الروي وحيدا، كما في قول الستالي أيضا في مطلع إحدى مقيداته:
"يا دمن الحي عليك السلامْ وجاد أطلالك صوب الغمامْ" (43)
فالقافية (ب الغمام) قوية الإسماع بالقياس إليها هي نفسها لو كانت (بالغَمَمْ)؛ إذ تظهر الميم للسمع بفتحة ما قبلها (الحذو) (44)، ثم تزداد ظهورا بالألف (الردف) التي هي في جوهرها مد للفتحة.
وهو علاج ناجع معروف من قديم، صنع له ابن عبد ربه بابا قال فيه: "اعلم أن القوافي التي يدخلها حروف المد، وهي حروف اللين، فهي كل قافية حذف منها حرف ساكن وحركة، فتقوم المدة مقام ما حذف" (45)، والمقيدة- كما سبق- حذف منها حرف الوصل المتناهي إلى السكون، وحركة المجرى. وقد زاد العلاج بالإرداف نجوعًا، إيثارهم الألف ردفًا، وهي أقوى إسماعا من الواو والياء جميعا (46).
رابعا: أنواع القافية المقيدة على الخصوص
{15} تبين النسب التي قدمها الجدول الأول، أن الحبسي وحده الذي كان حريصا على إرداف القافية المقيدة، في حين آثر أصحابه تجريدها وتساوى لدى الصقلاوي تأسيسها وتجريدها، وتميز البهلاني بقصرها. وأرى أن ارتياح الشعراء لوقوع صيغة كلمة ما، كلمة للقافية، على رغم خلوها مما يصلح ردفا، سبب إهمال علاج تقييدها بإردافها. والأمر، على أية حال، أمر أصوات في هذا وفي ذاك، لم يخرج عن إطار صنعة الشعراء الموسيقية الوزنية. إنني نظرت مثلا في مقيدة الستالي المجردة السابق ذكرها في الفقرة الثالثة عشرة، فرأيتها سبعة وثلاثين بيتا، ورأيت الاسم الثلاثي (الفعل) المعرف بأل، المفتوح العين، المثلث الفاء، قد استولى على أربع وعشرين كلمة قافية: (الغزل، الثمل، الكحل، المقل، الكفل، الرتل، الأزل، الطفل، الخجل، العلل، البلل، الوجل، الكلل، الغيل، الأول، الجذل، القبل، الأجل، النقل، المثل، الوشل، الجبل، الملل، البطل)، أي حوالي 65% من كلمات قوافي أبيات القصيدة، ونظرت في مقيدة البهلاني التي مطلعها:
"نكسي الأعلام يا خير الملل رزئ الإسلام بالخطب الجلل" (47)
فرأيتها تسعة عشر بيتا ومائة، ورأيت الاسم نفسه معرفا بأل وغير معرف بها، قد استولى على ثمان وستين كلمة قافية، أي حوالي 57%، يجيش بعقله الوزن الصرفي مختلطا بالوزن العروضي، فتخرج القافية على وفقهما معا (48).
{16} ولا يخلو تميز الحبسي دون أصحابه، بإرداف القافية المقيدة، من دلالة على أنه- وهو الضرير المستوفز السمع- كان أشد إحساسا بأصوات قافيته ، ولا سيما أن معتمده الوحيد لبناء بيته، ترديده وترجيعه حتى يستقيم، فأما أصحابه وغيرهم ، فمن قديم إلى حديث يعتمدون على الكتابة .
{17} أما تأسيس القافية المقيدة الظاهر النسبة لدى الصقلاوي، فعلاج ناجع كذلك- وإن بدرجة أقل- لضعف إسماعها، يتضح في قوله في مطلع مقيدته "الشاعر":
"أيها الصدّاح في روض الأماني لا تسافر" (49)
بمقارنة القافية (سافرْ) القوية الإسماع، بها هي نفسها لو كانت (تَسْفُرْ)؛ إذ نسمع لها في الوجه الأول جلبة من مقطعها الأول الطويل المفتوح (ص ح ح)، لا نسمعها في الوجه الآخر، وإن بقي المقطع الآخر على حاله.
{18} أما تميز البهلاني بقصر القافية المقيدة، فمن أن المقاصير نادرة أصلا، بالقياس إلى غيرها من أنواع المقيدة، لا تكاد تجد منها إلا القصيدة بعد القصيدة في الزمان الطويل، فإذا ما وجدت منها شيئا وجدت نفسك تنسب صاحبها إلى تقليد ابن دريد، وإن لم تستوثق من ذلك (50)، وإنما ندرت المقاصير من أنها ضعيفة بناء القافية، يسمعها من لم يتقن هذا العلم، فيظنها معدَّدة القافية لا موحدتها. وتعديدها قديم (51)، وإن لم يسم القدماء العمل منه قصيدة (52)، غير أن بينه وبين قصر القافية فرقا يتضح لمن لم يتقن هذا العلم، بقليل من السماع؛ إذ يجد الشاعر قد التزم قافية واحدة ألفية، بل ربما التزم في أبيات متوالية، حرفا قبل الألف الأصلية، فأعاد الأمور إلى نصابها (53)، كما في قول البهلاني في مقصورته التي مطلعها:
"تلك ربوع الحي في سفح النقا تلوح كالأطلال من جد البلى"
ملتزما الواو:
" أو تركت لي كبدا صحيحة أو جلَد الحر على قرع النوى
لكان لي على الطلول وقفة أبـرئ النفس بها مـن الهـوى
لكن لي قلبا عرته سكرة ما ضـل في غـمارهـا ولا غوى
وعاش في صبابة تعمده مال إليها عامـدا فـما ارعـوى " (54)
وكفى دليلا أخيرا لضعف المقاصير وندرتها، أنني أفتش كثيرا من كتب علم العروض (ومنه علم القافية) قديمة أو حديثة، لأجد بيانا للقافية المقصورة، فلا أجد- إن وجدت شيئا- إلا تجويز وقوع مثل تلك الألف رويا، فأما انتماء القافية عندئذ إلى الإطلاق أو إلى التقييد، فلا ذكر له (55).
خامسا: روي القافية المقيدة على العموم
{19} إن اختيار ما يكون رويا تدور عليه القصيدة، ينبغي أن تحكمه ذخيرة الشاعر اللغوية، فيكون مما يحفظ له مادة من الكلمات التي إذا استعملها كان آخرها الحرف المختار، فلا يفتضح بما حذره المعري قائلا: "إذا جاء الروي فُضح الغوي"؛ ذاهبا إلى أن الشاعر الذي يلقي نفسه في تهلكة روي لا يحفظ له مادته التي تكفي القصيدة، جاهل ضال !
{20} ولا ريب في أن حروف المعجم متفاوتة المواد، فمنها حروف كثيرة الوقوع أواخر الكلمات، وحروف قليلة، وحروف كالمهجورة لا تكاد تستعمل. وهو ما دعا المعري إلى تقسيم القوافي على حسبها إلى: ذُلُل (جمع ذَلول) كثيرة الاستعمال لينة على الألسن، ونُفُر (جمع نَفور) قليلة الاستعمال لا ترتاض للألسن، وحُوش (جمع حُوشيّة أي وحشية) مهجورة الاستعمال تتحاشاها الألسن (56)، فدعا ذلك الدكتور أنيس إلى تفقد الشعر العربي، ليصنع إحصاءه الخاص الذي قسم بعده الحروف التي وقعت رويا- وكانت حروف المعجم كلها دون الألف الحركة الطويلة، وكأنه لم يعتد بها رويا ورأى القافية عندئذ معددة، كما سبق بيانه في الفقرة الثامنة عشرة- أربعة أقسام: كثيرة الوقوع رويا، ومتوسطته، وقليلته، ونادرته، ذاكرا أن اختلافها هذا راجع إلى اختلاف وقوعها أواخر الكلمات كثرة وقلة، لا إلى اختلافها ثقلا وخفة (57). وليس يمتنع أن ترجع كثرة وقوعها أواخر الكلمات وقلته، إلى اختلافها ثقلا وخفة؛ فالاقتصاد في الجهد مبدأ لغوي.
{21} لقد بين الجدول الثاني أن شعراء عُمان استعلموا من حروف المعجم التسعة والعشرين- بضم الألف- عشرين حرفا بنسبة 68.96%، وهي نسبة عالية دالة على سعة ذخيرتهم اللغوية وفضل تصرفهم بها وكأنهم يُدِلّون بركوب تلك المهلكة، وهي خصلة الشعراء من قديم (58).
سادسا: روي القافية المقيدة على الخصوص
{22} إن نسب استعمال حروف المعجم رويا للقافية المقيدة، التي قدمها الجدول الثاني، في شعر الستالي (10.34%) ثم الحبسي (65.51%)، ثم البهلاني (27.58%)، ثم الصقلاوي (10.34%)، تكشف سريعا تميز الحبسي.
إن الحبسي لم يترك حرفا استعمله أصحابه إلا استعمله وزاد عليه ما لم يستعملوه، ما عدا الألف التي اختص بها البهلاني، وهي من الخصوصية على ما تقدم.
وأنا لا أخلي عمل الحبسي من تقليد شبيهه في الشعر والضرارة وأستاذه المعري الذي تحرى النظم من حروف المعجم كلها، ورتب عليها ديوانه لزوم ما لا يلزم، وكان هذا نفسه منه التزام ما لا يلزمه. ودليلي لهذا ملاحظة تلميذه جامع ديوانه في حياته سليمان بن بلعرب، حين قال: "لقد تأملته كله فلم أجد بحرا من أبحر الشعر إلا وهو به، ولا قافية من القوافي، إلا وهي به" (59).
{23} ولئن كنا نعود إلى قصائد الحبسي ذات الروي القليل الاستعمال أو النادره ، فلا نجد كلمة حوشية، إن قصائده هذه لقصيرة تنتمي إلى القِطَع كثيرا؛ فغينيته أربعة أبيات، وخائيته ثمانية، وزائيتاه ستة وخمسة، وهي حروف من القسم النادر الوقوع رويا، عند الدكتور أنيس.
وفضلا عن أن هذا التقصير يقي الحبسي من أن يتجاوز الذلول المرتاض من الكلمات، إلى الشموس الحوشي، يقضي له وطره من تحري استعمال حروف المعجم كلها- وسائرها في قوافيه المطلقة- ثم هو يسهل عليه- وهو الضرير- صنع شعره وحفظه وإنشاده جميعا.
سابعا: أنواع روي القافية المقيدة على العموم
{24} إن تحريك الحرف أعظم أسباب إظهاره للسمع، فإذا سكن افتقد ذلك السبب، واقتصر على ما تمده به طبيعة نوعه. وأنواع الحروف من حيث قوة الإسماع، ستة، ترتب في ست مراتب (60)، أوردها فيما يلي، ممثلا لكل مرتبة بكل ما ورد منها في مادة البحث بترتيب الجدول الثاني:
الأولى: عديمة الإسماع، وهي الانحباسية المهموسة، ومنه لدينا الكاف والطاء والتاء والقاف .
الثانية: أحادية قوة الإسماع، وهي الانحباسية المجهورة، ومنها لدينا الدال والباء .
الثالثة: ثنائية قوى الإسماع، وهي الاحتكاكية المهموسة، ومنها لدينا الفاء والحاء والسين والثاء والصاد والخاء .
الرابعة: ثلاثية قوى الإسماع، وهي الاحتكاكية المجهورة، ومنها لدينا الزاء والعين والغين .
الخامسة: رباعية قوى الإسماع، وهي الأنفية والجانبية والترددية المجهورات، ومنها لدينا الراء والميم واللام والنون .
السادسة: خماسية قوى الإسماع، وهي الفموية المجهورة الحرة الانطلاق أو المعترَضة دون احتكاك، ومنها لدينا الألف.
{25} إن مقتضى العقل أن تستولي حروف المرتبة السادسة الأقوى إسماعا، على روي القافية المقيدة، لتعوضها عما افتقدته بالسكون، من المجرى والوصل كليهما، غير أن تفقد الشعر العربي في تاريخه الطويل، يقفني على أن شعراء العرب- ومنهم العمانيون- استماعوها والتزموا قبلها من حروف المراتب الأخرى ما يكون الروي، لتكون هي له الوصل الذي يصل به إلى الأسماع، فمن ثم لا تكاد تجد الروي من حروف هذه المرتبة السادسة، وإذا وجدته كدت تظن القافية به معددة، كما سبق في الفقرة الثامنة عشرة.
لذلك أنظر في المرتبة الخامسة، فأحد حروفها (الراء والميم واللام والنون)، قد استولت على (50.64%) من مادة البحث، علاجا اتخذه شعراء عُمان، لما أصاب القافية بالتقييد. وهو علاج ناجع معروف من قديم إلى حديث (61). لقد وجد الطرابلسي حروفا تشيع رويا في شعر شوقي، وبدا له تفسير ذلك بكثرة وقوعها أواخر الكلمات، مقنعا للنظرة الأولى، ولا سيما إذا صاحبتها نظرة فيما ورد لها من مادة بلسان العرب بالقياس إلى غيرها، ولكنه لم يره بعدئذ كافيا وبحث عن سره مستعينا بدراسة الدكتور أنيس للأصوات، فوجده كامنا في طبيعتها "فإن هذه الحروف- اللام والميم والنون والراء على الأقل- أكثر الأصوات وضوحا وأقربها إلى طبيعة الحركات. و"لذا يميل بعضهم إلى تسميتها أشباه أصوات اللين (=حركات) ومن الممكن أن تعد حلقة وسطى بين الأصوات الساكنة وأصوات اللين؛ ففيها من صفات الأولى أن مجرى النفس معها تعترضه بعض الحوائل، وفيها أيضا من صفات أصوات اللين أنها لا يكاد يسمع لها أي نوع من الحفيف وأنها أكثر وضوحا في السمع" (62). ولما قارن في هذه المسألة، دراسة الدكتور أنيس للأصوات بدراسته للعروض، عجب من أنه لم يستفد في الثانية بما حصّله في الأولى، وهو ما أضيفُ إليه ما علقت به على تفسيره نفسه في الفقرة العشرين.
ثامنا: أنواع روي القافية المقيدة على الخصوص
{26} إن تحري الحبسي استعمال حروف المعجم كلها رويا، الذي نسبته فيه في الفقرة الثانية والعشرين، إلى تقليد المعري، يتجلى صدقه ببيان أنواع الحروف الواقعة رويا في شعره بالقياس إلى أصحابه، الذي قدمه الجدول الثاني.
إن الحبسي وحده دونهم، الذي استعمل حروف المرتبة الأولى العديمة الإسماع، الكاف والطاء والتاء والقاف، ثم لم يكتف بذلك الجور على القافية المقيدة، بل جعل 75% من استعماله للكاف، واستعماله كله للطاء، في القافية المقيدة المجردة، قال من الأول:
"إن الطـوى قومه قاموا على قدم فأهلك الصبر مني قومُـه فهلكْ
واستنزل الفقـر قدري من معاقله وحاول العسر بغيا قـوتي فملك
وبارز الذل شجعان الحياة بأفراس النحوس وأسياف القضـا ففتك
يا لهف نفسي ويا ويلاه من زمن فيه دمي بسيوف الحادثات سفك" (63)
وقال من الآخر:
"قل لمن حسناه بالسوء خَلَطْ كيـف تعصي وعلى الرأس الشــمطْ
لا يغرنك زمان ماكر ما عــلا العبـــد ذرى إلا هبـــط" (64)
لقد خطا في قصيدة الأول، خمسة أبيات ملتزما اللام قبل الكاف، ثم لم يعبأ بذلك في ثلاثة، ثم عاد إليه في ثلاثة، ثم أهمله في واحد، ثم اعتمده في واحد، ثم طرحه في واحد، لتتم له قصيدة من أربعة عشر بيتا رويها الكاف.
ولم يعبأ في قصيدة الآخر، بالتزام حرف قبلهن لتتم له قصيدة من سبعة عشر بيتا رويها الطاء .
والحقيقة أنهما مختلفان من أن الكاف تكون ضميرا فتبدو عارضة طارئة على الكلمات فيستحسن التزام حرف متأصل في كلمته قبلها. وهو نهج معروف من قديم إلى حديث (65).