منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    قصدية التغيير عبر الخطاب المسرحي... محي الدين زنكنه انموذجا

    أروى55
    أروى55


    عدد المساهمات : 235
    تاريخ التسجيل : 07/10/2009
    العمر : 32

    قصدية التغيير عبر الخطاب المسرحي... محي الدين زنكنه انموذجا Empty قصدية التغيير عبر الخطاب المسرحي... محي الدين زنكنه انموذجا

    مُساهمة  أروى55 السبت مارس 13, 2010 5:07 am


    سعدي عبد الكريم كاتب وناقد مسرحي/ ربما لا يختلف اثنان من المهتمين والباحثين والمعنيين بتاريخ الحركة المسرحية في العراق ، وبخاصة داخل منطقة الاشتغال بكتابة الخطاب

    المسرحي ، على إن الكاتب المسرحي الكبير ( محي الدين زنكنه ) هو الأكثر ثرءا ً فكريا ، والأرقى مخصبا دراميا ، والأغزر نتاجا تدوينا ، والأمثل سلالة في الأسلوب والأقوى في استثمار الدلالات الرمزية التي استطاع بمهارة عالية إسقاطها على ثيماته المسرحية ، وامتاز في رصانة لغته المسرحية ، وهو الأوسع شهرة على المستوى المحلي والعربي ، ويقف بإبهار على هرم جملة من الكتاب العراقيين المسرحيين الكبار الذين اشتغلوا وفق نمط إنشاء الخطاب المسرحي ، الذي يتمحور على الاتكاءات الفكرية والسياسية التحريضية التي تصب في صالح التغيير المجتمعي بوجه عـام . ولو أخضعنا نصوصه المدونة ، لمنظومة الاستقراء والتحليل ، على المستوى التأثيري في مناخات الثقافة والأدب العراقي بالعموم ، ومناطق السطوع المسرحي ومراحل انتعاشاته وفق تطور مراحلها الموغلة في الجسد الفكري والسياسي العراقي الحديث ، لوجدنا انه يشكل لوحده مؤسسة معرفية ناهضة ، تصبو عبر منتجها الإبداعي الى فهميه عالية ، تتوافق بدراية فائقة مع جل شرائط التغيير الصارم في عموم الإنشاء المأساوي التوقيعي اليومي ، وفي تصوير الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي العراقي الفائت بأشكاله المهترئة ، فهو ومنذ كتابة بواكير أعماله المسرحية ، كان قد توغل داخل الجسد المجتمعي ، الذي كان يعيشه بل ويعاني من تفاصيله اليومية الدقيقة المقرفة ، والتي راح يحدد بذكاء فائق بون مفازاتها ، ومناطق عتمتها المدلهمة ، ومكامن الإحباط ومتاهات الترهل فيها ، محاولا استلهام حالة التوقد الذهني المسرحي التدويني النابه لديه ، واستثمار ملكاته الدرامية الفطنة ، وفاعلية أدواته الماهرة التي استطاعت ان تمرر ثيماتها الدرامية ، التي تؤشر تلك المهازل الطافحة في المعترك اليومي المعاش ، ليُصيرها الى أفعال تحمل في صيرورتها براهين تحريضية لحظوية فاعلة ، تبعث على الدهشة والصدمة ليحيل القارئ ابتدءا ، والمتلقي ( المشاهد ) في صالة العرض ثانيا ، الى فرضية الاستجابة المثلى لاحتضان تلك الملاذات التغيرية الحاضرة في توقيتاته الآنية المتحفزة لمثل هذا الأنموذج من البعد التحريضي الفاعل والمتفاعل مع حالة الإحباط التي كان يعيشها ذات الكاتب والمتلقي ، في الفائت من سنيين الاحتضار المعرفي ، والخيبة الثقافية والفكرية ، ومجاهل الاضطهاد والتعسف السياسي والعرقي التي كانت تمارسه السلطات ضد محاضن توقد الومضات الفكرية النادرة المتحصنة بالوعي الفكري والسياسي المبدع . ومن هنا تأتي أهمية هذا الكاتب المسرحي الكبير ( محي الدين زنكنه ) الذي أثر أيما تأثير في الجسد التدويني المسرحي العراقي ، بفعل استخدام لغة دلائلية رمزية أحيانا وإخضاع إحالاته العلاماتية والاشاراتية والتوكيد على التستر خلف عباءة النص الفضفاضة المتسعة البوح ، لتمرير مقاصده الفكرية والسياسية الفطنة التغيرية العالية الحبكة في جسد النص المسرحي ، في محاولة منه لهدم تلك الهوة الحاصلة بينه وبين المخرجين الذين تعاملوا مع نصوصه ، للوصول الى منطقة تلاقح وتلاقي الأفكار والرؤى التفسيرية والاستنباطية لتنشيط مخاصب التوالد التأملية الاستنتاجية ، ومن ثم لتحصين تلك العلاقة التي كان يرنو للمحافظة عليها بشكل واضح ، وبذل الجهد في ترميمها ، بين المسرح باعتباره ساحة البوح المكتنزة بدعائم التواصل بين الخشبة والمتلقي ، لخلق حالة الإبهار الأنموذجي الاستقبالي الأمثـل بيــن (المرسل) من جهة وبين ( المستقبل ) من جهة أخرى على اعتبارهما العنصرين الأساسين المعنيين في صلب نظرية التلقي ، ومن ثم للتأسيس الأرقى لفرضية الاستجابة الحثية التراتبية المثلى ، لإسقاطات العرض الفكرية والسياسية بالعموم . ولد الكاتب المسرحي العراقي الكبير ( محي الدين زنكنه ) عام 1940 في مدينة كركوك من عائلة كردية تشربت بمناخات عموم الثقافات والآداب ، وعرفت أيضا بسيرتها النضالية الاحتجاجية على سياسات الظلم والتعسف ، كما هي حال النسيج الأعظم من العوائل العراقية وقتذاك ، بدأ الشروع بالكتابة الأدبية ، وهو في الرابعة عشر من عمره ، ومن مناهضاته السياسية الاحتجاجية المبكرة المعلنة التي على أثرها تمت عملية اعتقاله عام 1956 من قبل السلطات لمشاركته في التظاهرات التي اجتاحت شوارع مدينة كركوك استنكارا للعدوان الثلاثي على مصر . تخرج من كلية الآداب / قسم اللغة العربية / جامعة بغداد / عام 1962 ، عين بعدها مدرسا في مدينة الحلة ، وبقيّ لفترة طويلة ، متنقلا بينها وبين العاصمة بغداد لالتقاء بحزمة الأصدقاء من الأدباء والمثقفين والمسرحيين العراقيين ، لكنه مكث في بعقوبة ، رغم الملاحقات ومحاولات تضييق الخناق عليه ، لأنه تعلم الجلّد والصبر ورضع الكبرياء من خلجات عائلته التي كانت محضنا دافئا لهكذا إنثيالات إنسانية مناضلة . سجلت له الذاكرة المسرحية العراقية والعربية أكثر من ( اثنين وعشرين ) عملا مسرحيا والذي امتاز بها بخاصية سرد الحقائق اليومية المعاشة وتسجيلها بحرفية توثيقه عالية ، ليحيلها الى دلائل واضحة ترتسم فوق ملامح شخصياته التي نسجها بمهارة درامية عالية الجودة ، وطراز فني أخاذ ، ليقدم النص المسرحي المدون على الورق الى فرضية التفسير والتأويل والاستنبــاط لمناخ ( الإخراج ) جاهزة وواضحة الأبعاد والسلوكيات والدوافع ، فقد جهد في تجديد المتانة التقنية المتفردة في إحكامه للثيمة ، والصياغة الصراعية التصاعدية البنائية للنص ، وبابتكار تأسيسي جمالي جديد لصورة المشهد المسرحي ، وبالتالي فهي نصوص نابضة بالحياة كأنها تلامس شغف النفس ، وتحاكي مسارات قيمنا الإنسانية ، وتداعيات ذلك الشجن والأسى والألم اليومي الفائت على المستوى ( الذاتي - الجمعي ) وعلى حد سواء . ويبدو إن لـ ( محي الدين زنكه ) الفضل الكبير في توسيع الرقعة الجماهيرية والثقافية والشهرة الفنية النخبوية الواسعة ، للكثير من الفرق المسرحية الأهلية لأنه أمدها بنصوص مسرحية شفعت لها في امتداد عمرها الفني وفق مناهج الخروج عن هيبة الرقيب السلطوية آنذاك ، منها فرقة المسرح الشعبي وفرقة مسرح اليوم ، ويبدو ان تعاطياته الفنية مع مسارح الدولة كان فيها الحذر بل الابتعاد والمواربة ليجعله بعيدا عن العمل وسط فرضياتهم الثقافية المؤدلجة الفائتة ، وقد حسب له تاريخه السياسي الشخصي والمحفل الفني بالإجمال ، والذاكرة الثقافية والمسرحية العراقية ، هذا النمط من أنماط المواقف المحصنة الشخصية الفكرية والسياسية التغيرية ، التي لم تنجر خلف براثن تلك العتمة السياسية الفائتة ، او أن ينصهر في بودقتها الخجلة الرثة ، حينها . تعاملت المسارح العربية مع نصوصه المسرحية وأخضعتها لمعالجاتها الأسلوبية المتعددة في تونس والقاهرة والمغرب ولبنان وسورية ودول الخليج ، حيث لاقت تلك العروض نجاحا مبهرا راقيا ، على المستوى النخبوي والشعبي ، وتعامل النقاد مع تلك العروض تعاملا تجانسيا موفقا ومشجعا لنجاحاتها المبهرة الدائمة ، وسطوعها المتوقد النجيب . ولو رجعنا الى المبحث الأصيل في عنونة خطابنا النقدي هذا لاستنتجنا بان محاولات التغير عبر المنتج الدرامي المسرحي المدون لـ ( محي الدين زنكنه ) ومنذ بوادر كتاباته المسرحية الأولى مسرحية ( السر ) عام 1968 ، انه قد اشتغل على هذا الحس التحريضي التغييري الذي يمر وفق منظومة الدهشة والصدمة ثم الانفلات لمواطن التغيير الحقيقي في الجسد السياسي والثقافي والمجتمعي المعاش ، ففي هذا النص يكشف لنا ( زنكنه ) قدرة الفرد على الاحتفاظ بملامحه السياسية والثقافية المتجذرة بداخله وعدم مبارحتها رغم تعرضه لجملة من العوائق والتقليعات السلطوية الآنية في زمن ما ، وفي مكان ما وداخل مجاهل محيط ما ، والتي تحيل بينه وبين مبادئه التي نشأ عليها ، وهذه المسرحية نَعدها شخصيا من أولى النصوص التي تعلن وبصراحة واضحة في الإفصاح عن قدرة هذا الكاتب المسرحي العراقي الاستثنائي في لمعان واتقاد وبروز مفاتن ملاذاته الفكرية المعارضة التي ترنو الى ملاحق التغيير في متن الخطاب المسرحي ، والتي يحاول من خلال بنائيتها الثيمية إعلان كيفية المحافظة على المبادئ الفكرية والإنسانية . وفي مسرحيته التالية ( الجراد ) عام 1970 التي يصرح فيها علانية متنبأ ً في غزو الجراد لكل ما هو محاط باللون الأخضر ، وهو تنويه رمزي دلالي على قدوم الجراد السلطوي المستبد القامع ، لينتشر داخل الجسد المجتمعي ليكبل حريات الفرد وحياته الخاصة التي يعيشها ، لينعكس هذا بالتلاقح الإجمالي على المجتمع في هيكليته السياسية والفكرية ومضامين اتجاهاته العقائدية المختلفة . ولعل النص المسرحي الأكثر شهرة ، والأنضج بناءا ، والأمثل تناولا في رأينا داخل مشارب ( محي الدين زنكنه ) التدوينة العديدة التناول للحبكات والثيم التداولية ، هي مسرحية ( السؤال ) التي كتبها عام 1975 والذي استطاع فيها استلهام حكاية ( صفوان والخياط اليهودي ) والتي استلها من قصص الف ليلة وليلة ليسقطها على مظاهر الجور السياسي ، وبالفحوى النهائية فهو يقدم لنا لافتة اعتراضية تحريضية تغييرية واضحة لجل الممارسات الاضطهادية والتعسفية والاشتهاءات الفوضوية في السلب والتسلط والاغتصاب الفكري ، التي لا تقيدها أية ثوابت إنسانية أو قيم أخلاقية . ولعل الذي نزمع في تثبيته هنا ، ان محاولة ( زنكنه ) في مسرحيته ( السؤال ) التي تُعد المحاولة البكر في عملية استلهام التراث او الموروث الشعبي ومعالجته باستثمارية فائقة وباستخدام أدوات مهارية عالية الجودة في صياغة نص حداثوي يعتمد ( الحتوته ) الموروثة لإسقاطها على الواقع السياسي والفكري والإنساني المعاش ، بعد هذه المحاولة الناجحة والتي أصبحت علامة مضيئة في تاريخ المسرح العراقي والتي توالت بعدها المحاولات في تناول ذات المناخ الاستلالي في صياغة الخطاب المسرحي ، تلت هذه المسرحية كتابته لمسرحيـة ( الإجازة ) التي تناولت في ثيمتها حريات الفرد وحرية معتقداته الفكرية والسياسية ، وفي عام 1979 كتب ( محي الدين زنكنه ) مسرحية ( في الخمس الخامس من القرن العشرين يحدث هذا ) وهي تتحدث عن الوضع السياسي المضطرب والغير مستقر في العراق حينذاك ، تلتها مسرحيـــة ( اليمامة ) 1980 وفي عام 1981 كتب مسرحية ( مساء السعادة ايها الزنوج البيض ) وهي استعارة لفظية واعية ، نظرت من خلالها عين ( زنكنة ) الثاقبة لقضية الاضطهاد العرقي والقمع وما بين مفاهيم الحرية والانعتاق ، وفي عام 1982 كتب مسرحية ( العلبة الحجرية ) التي اعتبرها النقاد من اهم اللاعمال المسرحية التجريبة في ذاكرة ( زنكنة ) التدوينة ، والتي تثير قضية هجرة الاكراد خارج وطنهم الأم مكرهين ، ومسرحية ( لمن الزهور ) عام 1983 ، وفي عام 1984 كتب مسرحية ( صراخ الصمت الأخرس ) التي أخرجها الراحل الكبيـر ( عوني كرومي ) ، وفي عام 1986 كتب مسرحية (حكاية صديقين) وفي عام 1987 كتب مسرحية ( الأشواك ) التي اثارت حولها جملة من التساؤلات والنقاشات الجريئة حيث كانت تتناول الهموم التي يواجهها المثقف في حياته ، وفي ذات العام كتب مسرحية (الحارس) وفي عام 1988 كتب مسرحية ( هل تخضر الجذور ) ومسرحية ( تكلم يا حجر ) 1989 ، وتوالت كتاباته المسرحية تباعا ففي ذات العام كتب مسرحية ( كاوه دلدار ) و ( العقاب ) وفي عام 1990 صدرت له مختارات من مسرحياته ضمت مسرحية ( القطط ) و ( موت فنان ) و ( رؤيا الملك ) و( أردية الموت ). سيبقى ( محي الدين زنكنه ) قامة حاضرة في خاصرة الثقافة والأدب العراقي والعربي ، ورمزا خالدا من رموزها النجباء ، لأنه أفنى جل حياته في مجال الكتابة بجل تصانيفها الإبداعية المعرفية ، ولأنه كان يعتبر الكتابة في مجال الخطاب المسرحي ، طقسا وعيويا حافلا بمشاريع التأمل ، والتوقد الفكري والسياسي التحريضي الذي يصب في صالح مراحل التغيير الأصيل ، داخل الجسد المجتمعي ، وهو بذات الثبات المعرفي الواعي ، عَدَ عملية الكتابة للمسرح ، مناخا جليلا يفضي لتلك المساحات الخصبة في بون لواعجه السديمية ، وملاذا مرهفا لتحقيق أحلامه التي كان يرنو اليها بعيون متقدة مبصرة ، ترى الأشكال والمسميات العائمة ، لتحيلها الى فضاءات مسرحية خلابة ، تتحرك بداخلها جملة من شخوصه التي رسمها او التي استلها من الواقع او التي استدعاها من مفاتن الموروثات الشعبية ، لتفصح عن خلجاته الفكرية والسياسية الفذة عبر قلمه المتمرس ، الذي استطاع بمهارة درامية فنية غنية ، وملكة لغوية فائقة ، وأدوات بنائية عالية الطراز ، ان يرفد خشبة المسرح العراقي والعربي ، بنصوص مسرحية ناهضة ، ذات قيم وثيمات إنسانية وفكرية متوهجة ، لتعلن وبثقة استقرائية وعرضية غنية ، عن اسم الكاتب العراقي الكبير ( محي الدين زنكنه ) الذي لن يبارح الذاكرة المسرحية العراقية البتة ، لأنه كاتب مسرحي عراقي من طراز ٍ ، نبيل ٍ ، خلاق ٍ ٍ، مبهرْ.







    صفحة للطباعة صفحة للطباعة

    أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق





    · البحث في اخبار ثقافية
    · البحث في اخبار جميع الصفحات
    أكثر خبر قراءة في ثقافية:
    الهوية الثقافية وتحديات العولمة



    ©️ جميع الحقوق محفوظة لجريدة البينة

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 4:40 pm