الوسائل التعليمية - 2
السبت, 07 مارس 2009 03:58 الإدارة
إرسال إلى صديق طباعة PDF
التطور التاريخي للوسائل التعليمية :
يمتد ظهور الوسائل التعليمية إلى عهود قديمة منذ خلق الله الإنسان على الأرض ، حيث أن مظاهر اتصال من مثل : اللغة التي تحدّث بها الإنسان ، والنقوش الأثرية والرسومات والمجسمات والصور التي حفرها الإنسان في العصور المختلفة يمكن اعتبارها أشكالا لوسائل تعليمية هدفت لإيصال رسالة ما إلى متلق آخر بطريقة تتواءم مع مستوى الإنسان الإداركي والزماني والمكاني لكل عصر .
أولا : المرحلة الأثرية القديمة + الدينية :
منذ نشأت الحضارات الفينيقية والفرعونية والسّامية والآرامية والرومانية والإغريقية والآشورية ظهرت معها بدايات الاهتمام بالوسائل التعليمية كأداوات للاتصال فعلى سبيل المثال: نجد أن نقش ( حمورابي ) المنقوش على مسلّةٍ تصور الآلهة وهي تعطيه مقاليد الحكم صورة أولية للوسائل التعليمية . وقد كان حملت الرسالات السماوية الكبرى إشارات على استخدام الوسائل التعليمية إما على يد الرسول أو في كتابة كلمات الله والوصايا المقدسة أو في تربية الأتباع ، فمن ذلك : قوله تعالى إخبارا عن موسى عليه السلام : ( وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين ) الأعراف 145 ، إذ تعد الألواح من الوسائل التعليمية . وفي رسالة عيسى عليه السلام ما يدل على أنه كان يهتم بضرب الأمثال للناس ليعلمهم المواعظ وقد كان يعرف بين حوارييه بالمعلّم ، وقد قص علينا القرآن الكريم قصة المائدة التي طلبها الحواريون منه كعلامة على تثبيت صدقهم به ، قال تعالى : (إذ قال الحواريون يا عيسى بن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين ...) المائدة 112 – 115 وقد حمل الرهبان عن المسيح المعلّم وسائله في التدريس حيث كانوا يعتمدون على إلقاء دروسهم على الطلاب في بيئات حية ويستخدمون الوسائل التي تساعد على تحويل التعلم إلى اكتشاف ، ومنهم الراهب "كونتيان" الذي استخدم طريقة التعلم باللعب وكان يقوم بنحت العظام على شكل حروف ويعطيها للأطفال ليعلبوا بها ويتعلموا الهجاء .وفي الإسلام وهو الرسالة الخاتمة كان استخدام طرق التعليم المختلفة وما يتبعها من وسائل تعليمية ذاخرا بتنوع ثري يجعل للمعرفة منهجية قوية تعتمد على الوسيلة كما تعتمد على المحتوى العلمي لترسيخ المفاهيم ، فمن ذلك مثلا استخدام أسلوب المحاكاة والتقليد في نحو قوله عليه الصلاة والسلام :" صلوا كما رأيتموني أصلي " ، وقوله " خذوا عني منساككم " ، أو ضرب الأمثلة ، نحو قوله تعالى : ( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون . ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار ) إبراهيم 24-26وفي الحديث : عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من الشجر شجرة لايسقط ورقها ، وإنها مثل المسلم ، فحدِّثوني ماهي ؟ فوقع الناس في شجر البوادي . قال عبد الله : ووقع في نفسي أنها النخلة ، فاستحييت ، ثم قالوا : حدثنا ماهي يا رسول الله .قال : هي النخلة . " الفتح ، كتاب العلم : 4/61 أو باستخدام الرسوم التوضيحية والخرائط الرسومية : عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ثم قال: (هذا سبيل الله ) ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله ثم قال: هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ، وقرأ: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله) الأنعام: 153 رواه أحمد والنسائي. وروى البخارى فى صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : خطَّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا مربعا ، وخطَّ خطا خارجا منه ، وخط خطوطا مغايرة إلى هذا الذى فى الوسط من جانبه الذى فى الوسط ، فقال : "هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به ، وهذا الذى خارج (أى عن الخط) أمله ، وهذه الخطوط الصغار الأعراض (هى الحوادث والنوائب المفاجئة) ، فإن أخطأ هذا نهشه هذا ، وإن أخطا هذا نهشه هذا ، وإن أخطأه كلها أصابه الهرم(
وهذا كله جاء ترجمة لآفاق الرسالة الخاتمة القائمة على العلم والمعرفة في لبابها ، قال تعالى : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم ، الذي علّم بالقلم ، علّم الإنسان مالم يعلم ) العلق 1-5
ثانيا : المرحلة الحضارية الإسلامية :
استفادت من المنهج الرباني في تعدد طرق تدريس وعرض المعرفة ، وقد عمل العديد من علماء المسلمين على تطبيق استخدام الوسائل التعليمية في تعليم الطالب ؛ فمن ذلك : " الحسن بن الهيثم " الذي استخدم الطريقة العلمية الاستقرائية في القياس والمشاهدة عندما طرح على تلاميذه في وعاء الوضوء في صحن المسجد كيف تتم نظرية الانكسار الضوئي مستخدما لذلك عصا خشبية وبركة الماء ليروا التجربة بالمشاهدة الحقيقية مباشرة وبالتمثيل .
وكذلك " الإدريسي" الذي عمل أول نقش للكرة الأرضية من الفضة ليصور كروية الأرض وأهداها إلى ملك صقلية . ثم تتابعت جهود العلماء المسلمين الذين أوصوا في مؤلفاتهم إلى العناية باستخدام وسائل التعليم وطرق وأساليب التدريس في منهجية العملية التعليمية التعلّمية ، ومنهم : " ابن جمّاعة " في كتابه " تذكرة المتكلم في آداب العالم والمتعلم "؛ حيث استخدم الصور والرسوم في التدريس ، ومنهم " ابن خلدون " و " الغزالي " و" ابن سحنون " وغيرهم كثير ممن رأوا أن استخدام الوسائل التعليمية تسهل عملية الإدراك واكتساب الخبرات على المتعلمين .
ثالثا : مرحلة النهضة الحديثة :
ويقصد بها نهضة أوروبا بعد الثورة الفرنسية والتي كانت من عوامل تطورها العلمي ترجمة التراث العربي المسلم . ولا بد أن نذكر أولا بأن ظهور الطباعة على يد " جوهان نورتبنرغ " (1457م ) ، أدخل الأجهزة والآلات في صناعة الكتب والرسوم وعمل آلاف النسخ .. مما أدى إلى شيوع المعرفة ووصولها إلى أعداد كبيرة من أفراد المجتمع مما ساعد على توسيع آفاق استخدم الوسائل التعليمية التعلّمية .ويمكن متابعة تطور استخدام الوسائل التعليمية في هذه المرحلة عبر التدرج التالي :
-1-( 1600م -1650 م ) : أعمال " كومينوس " ؛ نادى بتعليم الأشياء من خلال الحواس ، وإلى استخدام الرسوم والخرائط والأشكال والصور وتعليقها على جدران الفصول الدراسية ، كما دعا إلى حث المعلمين على استخدام النماذج والمجسمات بين الطلاب ، وقد ألّف كتابه ( العالم المرئي في صور ) ليكون مثالا حيا للكتاب المدرسي المزود بالصور كوسيلة تعليمية هامة في التدريس
. 2-( 1712م – 1778 م ) : " جان جاك روسو " : دعا إلى أن يتعلم الفرد عن طريق الملاحظة المباشرة للأشياء المادية والظواهر الطبيعية بدلا من استخدام الكلمات
. 3- (1800م ) تأثر حقل التعليم بأفكار " جون بستالوزي" حيث اعتقد أن الكلمات تكون ذات معنى إذا كانت ذات صلة بأشياء حقيقية ، لذا فإن التعليم يجب أن ينتقل من الأشياء المادية المحسوسة إلى الأمور اللفظية غير المحسوسة . ونذكر في هذه المرحلة كلا من : " هربارت " (1776م- 1841م) الذي دعا إلى أن الخبرة تبدأ بالإدراك الحسي بالأشياء ، و " فرويل " (1782م – 1852م ) ، إذ استخدم فروبل ألعابا كثيرة منها : المكعبات والكرات والطين والصور واللعب بالرمل والحياكة والنسيج والفلاحة وغيرها من الأنشطة التي تستخدم في تدريس الطلاب في رياض الأطفال ، كما أكد على أهمية الرحلات والزيارات وملاحظة الطبيعة مباشرة مع ضرورة استخدام الأجهزة والأشياء من أجل توضيح بعض المفاهيم
. 4-القرن العشرين : وهنا قفزت العناية بالوسائل التعليمية التعلّمية حتى يمكننا أن نعتبر أن هذا القرن بكل ما شهده من تطور تقني وعلمي وتدافع عسكري هو القرن الذهبي للنمو السريع للوسائل التعليمية ، مما يجعله يشكل في حد ذاته مرحلة تاريخية فريدة في دولاب تقدم وسائل العرض والتدريس. وقد بدأ هذا التسارع على شكل الحلقات التالية :
( 1905م) ظهرت " مدارس المتاحف " ، وقد خدمت هذه المدارس التعليم المرئي بما قدمته من معارض متنقلة، وصور ، وسلايدات ، والأفلام ، والرسومات ، واللوحات ...
(1908م) استعمل مصطلح "التعليم المرئي" حيث قامت إحدى الشركات بطبع كتاب يدعى " التعليم المرئي " استخدم مرشدا للمعلمين للاستفادة من الشرائح المضيئة والصور الحسية
. (1970م) تم طبع أول كتالوج للأفلام التعليمية ، وقد كانت مدرسة روشستر الحكومية في نيويورك أول مدرة تتبنى استعمال الأفلام بصورة منتظمة في مجال التعليم
. ( 1914م – 1918م) : الحرب العالمية الأولى ؛ وخلالها نشطت الوسائل التعليمية البصرية تلبية للحاجة الملحّة لوجود مدربين للجيش بعد مقتل الكثير منهم في المعارك ، وقد كان للتصوير السنيمائي دور كبير في دعم هذا التوجه حيث يتم تصوير ما يقوم به المدرب ثم عرضه على آلاف الجنود . كما استخدمت الملصقات الجدارية " البوسترات " بكثرة ، ثم تتابع الاهتمام بعد اختراع الكهرباء مما ساعد على اختراع الكثير من أجهزة الإسقاط الضوئي التعليمية والمسجلات السمعية
. ( 1926م ) وضع " سكنر " أصول التعليم المبرمج
( 1932 م ) تم اندماج ثلاث منظمات وطنية أمريكية متخصصة في التعليم البصري في منظمة واحدة تدعى " قسم التعليم البصري الوطني للتعليم " .وأصبحت هذه المنظمة تدعى اليوم " رابطة الاتصالات التعليمية والتكنولوجية " ( AECT) وماتزال هذه المنظمة هي الرائدة في مجال تكنولوجيا التعليم حتى يومنا هذا .
( 1941م – 1945م) : الحرب العالمية الثانية ؛ تطورت حركة نمو التعليم بالأدوات السمعية والبصرية من خلال الاستخدامات العسكرية والصناعية ، فقد أنتجت الولايات المتحدة الأمريكية المئات من أفلام التدريب العسكري ، كما اشترت ما يقرب من ( 55 ) ألف جهاز لعرض الأفلام العسكرية . وبالإضافة لذلك ، فإن أنواعا أخرى من الوسائل تم استخدامها من مثل : جهاز عرض الشفافيات ، وجهاز عرض الشرائح الذي استخدم في تدريب العسكريين على كيفية اكتشاف طائرات العدو وسفنه ، كما استخدمت المعدات السمعية في تعليم اللغات الأجنبية ، كل ذلك أعطى قوة للتدريب العسكري الأمريكي . ومع اكتشاف الاتصال البرقي عن طريق إشارات مورس في القرن الثامن عشر ، ثم اختراع الاتصال اللاسلكي عام ( 1895 م) كل هذا أدى إلى زيادة التواصل الجماهيري من خلال الإذاعة المسموعة ثم الإذاعة المرئية ( التلفاز ) والذي ظهر بصفته عملاقا في الاتصالات الجماهيرية . غير أن هذا التطور السريع في استخدام الوسائل التعليمية التعلّمية خلال سني الحرب لتنشيط صراعاتها ، كان على حساب تطور استخدام هذه الوسائل في نظام التعليم ، لذلك فإننا حين نصل إلى السنوات التي تلي الحرب نرى الأبحاث العلمية قد عادت بكثافة لمعرفة مدى تأثير المواد السمعية والبصرية في التعلّم وإن لم تحقق كل تلك الأبحاث النتائج المرجوة في حيز التطبيق العملي .
ýفي الأربعينات من القرن العشرين تم اختراع الحاسوب الذي كان له فضل كبير في تطور الحياة المعرفية ، ومنذ ذلك الحين وإلى يومنا هذا تنوعت استخداماته حتى أصبح من أساسيات التعليم في الدول المتقدمة وفي بعض دول العالم الثالث . وسيتم استعراض أثر الحاسوب في خدمة العلمية التعليمية التعلّمية في فصل ( الوسائط المتعددة ) .
( 1958م) أصدر الكونغرس الأمركيي مرسوما سمي باسم " المرسوم التربوي للدفاع الوطني " ، والذي كان من نتيجته تخصيص مبالغ ضخمة لدعم الأبحاث في مجال وسائل الاتصال وتكنولوجيا التعليم ، ونشر تلك الأبحاث ( تأسيس نظام ERIC) ، وكذلك فقد عملت تلك المبالغ على تطبيق منحى النظم في التعليم والعناية بالتعليم الفردي في كثير من المدارس الحكومية الأمريكية والاهتمام بإعداد برامج تعليمية تلفازية . وبذلك صار التلفاز أهم عامل ساعد على تقدم حركة الأدوات السمعية البصرية من خلال استخدامه كوسيلة اتصال تعليمية .
( 1961م – 1964 م ) شهدت الستينات تبلور نظرية جديدة تتعلق بميدان الوسائل السمعية البصرية ، حيث قام " جيمس فن " رئيس قسم التعليم السمعي البصري ؛ بتأسيس لجنة لتعريف المصطلحات المتعلقة بهذا المجال ، وقد توصلت هذه اللجنة إلى أن مصطلح الوسائل السمعية البصرية قد أصبح محدودا ، ولا يستطيع أن يصف هذا المجال بدقة خاصة بعد تطبيق تكنولوجيا حديثة للوصول إلى حلول المشكلات المتعلقة بالتعليم . وباعتقاد الباحث " لميسدين " بأن تكنولوجيا التعليم يمكن تعريفها باأنها عبارة عن : استخدام المعدات في تقديم المواد التعليمية للطلبة ، وقد تعني أيضا : بأنها تطبيق المبادئ العلمية خاصة نظريات التعليم لتحسين التعلّم .
(1970م) تم تأسيس " رابطة الاتصالات التعليمية والتكنولوجيا " ( Association for Education Communications and Technology / AECT) ، حيث قامت بتقديم تعريف جديد لهذا الحقل ، ينص على أن تكنولوجيا التعليم ليست فقط معدات ووسائل سمعية بصرية ، بل هي طريقة منظمة لتصميم العملية التعليمية التعلّمية وتنفيذها ، وتقويمها .(1980م) تسارعت منتجات التكنولوجيا التعليمية حيث استخدم الفيديو المتفاعل ونظام الوسائط المتعددة وأخيرا شبكة الانترنت لتوفر للمتعلمين العديد من الوسائل التعليمية التي يستطيع الفرد بواسطتها من الوصول إلى التعليم : في أي مكان ، وأي زمان ، وكيفما يشاء
وفي السنوات الأولى من القرن الحادي و العشرين ظهرت المؤتمرات المرئية والتعليم عن بعد باستخدام شبكة الانترنت والجامعات الافتراضية والصفوف الالكترونية والكتب الالكترونية .. إلخ ، وجميعها تعد وسائل تعليمية تعلّمية لها أثرها الفاعل في تعليم وتعلّم الأفراد .
من خلال هذا العرض التاريخي الموجز نستطيع التوصل إلى الحقائق التالية
1-أن الوسائل التعليمية قديمة قدم وجود الإنسان .
2- تعرَّف الوسائل التعليمية بما يلي : " الوسائل التعليمية :" أي شيء يستخدم في العملية التعليمية التعلّمية بهدف مساعدة المتعلم على بلوغ الأهداف بدرجة عالية من الإتقان وهي جميع المعدات Hardware ، والمواد software ، والأدوات التي يستخدمها المعلم لنقل محتوى الدرس إلى مجموعة من الدارسين داخل غرفة الصف أو خارجها ، بهدف تحسين العملية التعليمية التعلّمية ، وزيادة فاعليتها دون الاستناد إلى الألفاظ وحدها ." ( الحيلة ، 2004 ).
آخر تحديث: السبت, 07 مارس 2009 04:13
منقول
السبت, 07 مارس 2009 03:58 الإدارة
إرسال إلى صديق طباعة PDF
التطور التاريخي للوسائل التعليمية :
يمتد ظهور الوسائل التعليمية إلى عهود قديمة منذ خلق الله الإنسان على الأرض ، حيث أن مظاهر اتصال من مثل : اللغة التي تحدّث بها الإنسان ، والنقوش الأثرية والرسومات والمجسمات والصور التي حفرها الإنسان في العصور المختلفة يمكن اعتبارها أشكالا لوسائل تعليمية هدفت لإيصال رسالة ما إلى متلق آخر بطريقة تتواءم مع مستوى الإنسان الإداركي والزماني والمكاني لكل عصر .
أولا : المرحلة الأثرية القديمة + الدينية :
منذ نشأت الحضارات الفينيقية والفرعونية والسّامية والآرامية والرومانية والإغريقية والآشورية ظهرت معها بدايات الاهتمام بالوسائل التعليمية كأداوات للاتصال فعلى سبيل المثال: نجد أن نقش ( حمورابي ) المنقوش على مسلّةٍ تصور الآلهة وهي تعطيه مقاليد الحكم صورة أولية للوسائل التعليمية . وقد كان حملت الرسالات السماوية الكبرى إشارات على استخدام الوسائل التعليمية إما على يد الرسول أو في كتابة كلمات الله والوصايا المقدسة أو في تربية الأتباع ، فمن ذلك : قوله تعالى إخبارا عن موسى عليه السلام : ( وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين ) الأعراف 145 ، إذ تعد الألواح من الوسائل التعليمية . وفي رسالة عيسى عليه السلام ما يدل على أنه كان يهتم بضرب الأمثال للناس ليعلمهم المواعظ وقد كان يعرف بين حوارييه بالمعلّم ، وقد قص علينا القرآن الكريم قصة المائدة التي طلبها الحواريون منه كعلامة على تثبيت صدقهم به ، قال تعالى : (إذ قال الحواريون يا عيسى بن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين ...) المائدة 112 – 115 وقد حمل الرهبان عن المسيح المعلّم وسائله في التدريس حيث كانوا يعتمدون على إلقاء دروسهم على الطلاب في بيئات حية ويستخدمون الوسائل التي تساعد على تحويل التعلم إلى اكتشاف ، ومنهم الراهب "كونتيان" الذي استخدم طريقة التعلم باللعب وكان يقوم بنحت العظام على شكل حروف ويعطيها للأطفال ليعلبوا بها ويتعلموا الهجاء .وفي الإسلام وهو الرسالة الخاتمة كان استخدام طرق التعليم المختلفة وما يتبعها من وسائل تعليمية ذاخرا بتنوع ثري يجعل للمعرفة منهجية قوية تعتمد على الوسيلة كما تعتمد على المحتوى العلمي لترسيخ المفاهيم ، فمن ذلك مثلا استخدام أسلوب المحاكاة والتقليد في نحو قوله عليه الصلاة والسلام :" صلوا كما رأيتموني أصلي " ، وقوله " خذوا عني منساككم " ، أو ضرب الأمثلة ، نحو قوله تعالى : ( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون . ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار ) إبراهيم 24-26وفي الحديث : عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من الشجر شجرة لايسقط ورقها ، وإنها مثل المسلم ، فحدِّثوني ماهي ؟ فوقع الناس في شجر البوادي . قال عبد الله : ووقع في نفسي أنها النخلة ، فاستحييت ، ثم قالوا : حدثنا ماهي يا رسول الله .قال : هي النخلة . " الفتح ، كتاب العلم : 4/61 أو باستخدام الرسوم التوضيحية والخرائط الرسومية : عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ثم قال: (هذا سبيل الله ) ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله ثم قال: هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ، وقرأ: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله) الأنعام: 153 رواه أحمد والنسائي. وروى البخارى فى صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : خطَّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا مربعا ، وخطَّ خطا خارجا منه ، وخط خطوطا مغايرة إلى هذا الذى فى الوسط من جانبه الذى فى الوسط ، فقال : "هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به ، وهذا الذى خارج (أى عن الخط) أمله ، وهذه الخطوط الصغار الأعراض (هى الحوادث والنوائب المفاجئة) ، فإن أخطأ هذا نهشه هذا ، وإن أخطا هذا نهشه هذا ، وإن أخطأه كلها أصابه الهرم(
وهذا كله جاء ترجمة لآفاق الرسالة الخاتمة القائمة على العلم والمعرفة في لبابها ، قال تعالى : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم ، الذي علّم بالقلم ، علّم الإنسان مالم يعلم ) العلق 1-5
ثانيا : المرحلة الحضارية الإسلامية :
استفادت من المنهج الرباني في تعدد طرق تدريس وعرض المعرفة ، وقد عمل العديد من علماء المسلمين على تطبيق استخدام الوسائل التعليمية في تعليم الطالب ؛ فمن ذلك : " الحسن بن الهيثم " الذي استخدم الطريقة العلمية الاستقرائية في القياس والمشاهدة عندما طرح على تلاميذه في وعاء الوضوء في صحن المسجد كيف تتم نظرية الانكسار الضوئي مستخدما لذلك عصا خشبية وبركة الماء ليروا التجربة بالمشاهدة الحقيقية مباشرة وبالتمثيل .
وكذلك " الإدريسي" الذي عمل أول نقش للكرة الأرضية من الفضة ليصور كروية الأرض وأهداها إلى ملك صقلية . ثم تتابعت جهود العلماء المسلمين الذين أوصوا في مؤلفاتهم إلى العناية باستخدام وسائل التعليم وطرق وأساليب التدريس في منهجية العملية التعليمية التعلّمية ، ومنهم : " ابن جمّاعة " في كتابه " تذكرة المتكلم في آداب العالم والمتعلم "؛ حيث استخدم الصور والرسوم في التدريس ، ومنهم " ابن خلدون " و " الغزالي " و" ابن سحنون " وغيرهم كثير ممن رأوا أن استخدام الوسائل التعليمية تسهل عملية الإدراك واكتساب الخبرات على المتعلمين .
ثالثا : مرحلة النهضة الحديثة :
ويقصد بها نهضة أوروبا بعد الثورة الفرنسية والتي كانت من عوامل تطورها العلمي ترجمة التراث العربي المسلم . ولا بد أن نذكر أولا بأن ظهور الطباعة على يد " جوهان نورتبنرغ " (1457م ) ، أدخل الأجهزة والآلات في صناعة الكتب والرسوم وعمل آلاف النسخ .. مما أدى إلى شيوع المعرفة ووصولها إلى أعداد كبيرة من أفراد المجتمع مما ساعد على توسيع آفاق استخدم الوسائل التعليمية التعلّمية .ويمكن متابعة تطور استخدام الوسائل التعليمية في هذه المرحلة عبر التدرج التالي :
-1-( 1600م -1650 م ) : أعمال " كومينوس " ؛ نادى بتعليم الأشياء من خلال الحواس ، وإلى استخدام الرسوم والخرائط والأشكال والصور وتعليقها على جدران الفصول الدراسية ، كما دعا إلى حث المعلمين على استخدام النماذج والمجسمات بين الطلاب ، وقد ألّف كتابه ( العالم المرئي في صور ) ليكون مثالا حيا للكتاب المدرسي المزود بالصور كوسيلة تعليمية هامة في التدريس
. 2-( 1712م – 1778 م ) : " جان جاك روسو " : دعا إلى أن يتعلم الفرد عن طريق الملاحظة المباشرة للأشياء المادية والظواهر الطبيعية بدلا من استخدام الكلمات
. 3- (1800م ) تأثر حقل التعليم بأفكار " جون بستالوزي" حيث اعتقد أن الكلمات تكون ذات معنى إذا كانت ذات صلة بأشياء حقيقية ، لذا فإن التعليم يجب أن ينتقل من الأشياء المادية المحسوسة إلى الأمور اللفظية غير المحسوسة . ونذكر في هذه المرحلة كلا من : " هربارت " (1776م- 1841م) الذي دعا إلى أن الخبرة تبدأ بالإدراك الحسي بالأشياء ، و " فرويل " (1782م – 1852م ) ، إذ استخدم فروبل ألعابا كثيرة منها : المكعبات والكرات والطين والصور واللعب بالرمل والحياكة والنسيج والفلاحة وغيرها من الأنشطة التي تستخدم في تدريس الطلاب في رياض الأطفال ، كما أكد على أهمية الرحلات والزيارات وملاحظة الطبيعة مباشرة مع ضرورة استخدام الأجهزة والأشياء من أجل توضيح بعض المفاهيم
. 4-القرن العشرين : وهنا قفزت العناية بالوسائل التعليمية التعلّمية حتى يمكننا أن نعتبر أن هذا القرن بكل ما شهده من تطور تقني وعلمي وتدافع عسكري هو القرن الذهبي للنمو السريع للوسائل التعليمية ، مما يجعله يشكل في حد ذاته مرحلة تاريخية فريدة في دولاب تقدم وسائل العرض والتدريس. وقد بدأ هذا التسارع على شكل الحلقات التالية :
( 1905م) ظهرت " مدارس المتاحف " ، وقد خدمت هذه المدارس التعليم المرئي بما قدمته من معارض متنقلة، وصور ، وسلايدات ، والأفلام ، والرسومات ، واللوحات ...
(1908م) استعمل مصطلح "التعليم المرئي" حيث قامت إحدى الشركات بطبع كتاب يدعى " التعليم المرئي " استخدم مرشدا للمعلمين للاستفادة من الشرائح المضيئة والصور الحسية
. (1970م) تم طبع أول كتالوج للأفلام التعليمية ، وقد كانت مدرسة روشستر الحكومية في نيويورك أول مدرة تتبنى استعمال الأفلام بصورة منتظمة في مجال التعليم
. ( 1914م – 1918م) : الحرب العالمية الأولى ؛ وخلالها نشطت الوسائل التعليمية البصرية تلبية للحاجة الملحّة لوجود مدربين للجيش بعد مقتل الكثير منهم في المعارك ، وقد كان للتصوير السنيمائي دور كبير في دعم هذا التوجه حيث يتم تصوير ما يقوم به المدرب ثم عرضه على آلاف الجنود . كما استخدمت الملصقات الجدارية " البوسترات " بكثرة ، ثم تتابع الاهتمام بعد اختراع الكهرباء مما ساعد على اختراع الكثير من أجهزة الإسقاط الضوئي التعليمية والمسجلات السمعية
. ( 1926م ) وضع " سكنر " أصول التعليم المبرمج
( 1932 م ) تم اندماج ثلاث منظمات وطنية أمريكية متخصصة في التعليم البصري في منظمة واحدة تدعى " قسم التعليم البصري الوطني للتعليم " .وأصبحت هذه المنظمة تدعى اليوم " رابطة الاتصالات التعليمية والتكنولوجية " ( AECT) وماتزال هذه المنظمة هي الرائدة في مجال تكنولوجيا التعليم حتى يومنا هذا .
( 1941م – 1945م) : الحرب العالمية الثانية ؛ تطورت حركة نمو التعليم بالأدوات السمعية والبصرية من خلال الاستخدامات العسكرية والصناعية ، فقد أنتجت الولايات المتحدة الأمريكية المئات من أفلام التدريب العسكري ، كما اشترت ما يقرب من ( 55 ) ألف جهاز لعرض الأفلام العسكرية . وبالإضافة لذلك ، فإن أنواعا أخرى من الوسائل تم استخدامها من مثل : جهاز عرض الشفافيات ، وجهاز عرض الشرائح الذي استخدم في تدريب العسكريين على كيفية اكتشاف طائرات العدو وسفنه ، كما استخدمت المعدات السمعية في تعليم اللغات الأجنبية ، كل ذلك أعطى قوة للتدريب العسكري الأمريكي . ومع اكتشاف الاتصال البرقي عن طريق إشارات مورس في القرن الثامن عشر ، ثم اختراع الاتصال اللاسلكي عام ( 1895 م) كل هذا أدى إلى زيادة التواصل الجماهيري من خلال الإذاعة المسموعة ثم الإذاعة المرئية ( التلفاز ) والذي ظهر بصفته عملاقا في الاتصالات الجماهيرية . غير أن هذا التطور السريع في استخدام الوسائل التعليمية التعلّمية خلال سني الحرب لتنشيط صراعاتها ، كان على حساب تطور استخدام هذه الوسائل في نظام التعليم ، لذلك فإننا حين نصل إلى السنوات التي تلي الحرب نرى الأبحاث العلمية قد عادت بكثافة لمعرفة مدى تأثير المواد السمعية والبصرية في التعلّم وإن لم تحقق كل تلك الأبحاث النتائج المرجوة في حيز التطبيق العملي .
ýفي الأربعينات من القرن العشرين تم اختراع الحاسوب الذي كان له فضل كبير في تطور الحياة المعرفية ، ومنذ ذلك الحين وإلى يومنا هذا تنوعت استخداماته حتى أصبح من أساسيات التعليم في الدول المتقدمة وفي بعض دول العالم الثالث . وسيتم استعراض أثر الحاسوب في خدمة العلمية التعليمية التعلّمية في فصل ( الوسائط المتعددة ) .
( 1958م) أصدر الكونغرس الأمركيي مرسوما سمي باسم " المرسوم التربوي للدفاع الوطني " ، والذي كان من نتيجته تخصيص مبالغ ضخمة لدعم الأبحاث في مجال وسائل الاتصال وتكنولوجيا التعليم ، ونشر تلك الأبحاث ( تأسيس نظام ERIC) ، وكذلك فقد عملت تلك المبالغ على تطبيق منحى النظم في التعليم والعناية بالتعليم الفردي في كثير من المدارس الحكومية الأمريكية والاهتمام بإعداد برامج تعليمية تلفازية . وبذلك صار التلفاز أهم عامل ساعد على تقدم حركة الأدوات السمعية البصرية من خلال استخدامه كوسيلة اتصال تعليمية .
( 1961م – 1964 م ) شهدت الستينات تبلور نظرية جديدة تتعلق بميدان الوسائل السمعية البصرية ، حيث قام " جيمس فن " رئيس قسم التعليم السمعي البصري ؛ بتأسيس لجنة لتعريف المصطلحات المتعلقة بهذا المجال ، وقد توصلت هذه اللجنة إلى أن مصطلح الوسائل السمعية البصرية قد أصبح محدودا ، ولا يستطيع أن يصف هذا المجال بدقة خاصة بعد تطبيق تكنولوجيا حديثة للوصول إلى حلول المشكلات المتعلقة بالتعليم . وباعتقاد الباحث " لميسدين " بأن تكنولوجيا التعليم يمكن تعريفها باأنها عبارة عن : استخدام المعدات في تقديم المواد التعليمية للطلبة ، وقد تعني أيضا : بأنها تطبيق المبادئ العلمية خاصة نظريات التعليم لتحسين التعلّم .
(1970م) تم تأسيس " رابطة الاتصالات التعليمية والتكنولوجيا " ( Association for Education Communications and Technology / AECT) ، حيث قامت بتقديم تعريف جديد لهذا الحقل ، ينص على أن تكنولوجيا التعليم ليست فقط معدات ووسائل سمعية بصرية ، بل هي طريقة منظمة لتصميم العملية التعليمية التعلّمية وتنفيذها ، وتقويمها .(1980م) تسارعت منتجات التكنولوجيا التعليمية حيث استخدم الفيديو المتفاعل ونظام الوسائط المتعددة وأخيرا شبكة الانترنت لتوفر للمتعلمين العديد من الوسائل التعليمية التي يستطيع الفرد بواسطتها من الوصول إلى التعليم : في أي مكان ، وأي زمان ، وكيفما يشاء
وفي السنوات الأولى من القرن الحادي و العشرين ظهرت المؤتمرات المرئية والتعليم عن بعد باستخدام شبكة الانترنت والجامعات الافتراضية والصفوف الالكترونية والكتب الالكترونية .. إلخ ، وجميعها تعد وسائل تعليمية تعلّمية لها أثرها الفاعل في تعليم وتعلّم الأفراد .
من خلال هذا العرض التاريخي الموجز نستطيع التوصل إلى الحقائق التالية
1-أن الوسائل التعليمية قديمة قدم وجود الإنسان .
2- تعرَّف الوسائل التعليمية بما يلي : " الوسائل التعليمية :" أي شيء يستخدم في العملية التعليمية التعلّمية بهدف مساعدة المتعلم على بلوغ الأهداف بدرجة عالية من الإتقان وهي جميع المعدات Hardware ، والمواد software ، والأدوات التي يستخدمها المعلم لنقل محتوى الدرس إلى مجموعة من الدارسين داخل غرفة الصف أو خارجها ، بهدف تحسين العملية التعليمية التعلّمية ، وزيادة فاعليتها دون الاستناد إلى الألفاظ وحدها ." ( الحيلة ، 2004 ).
آخر تحديث: السبت, 07 مارس 2009 04:13
منقول