منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    الرمز والمرأة

    أروى55
    أروى55


    عدد المساهمات : 235
    تاريخ التسجيل : 07/10/2009
    العمر : 32

    الرمز والمرأة Empty الرمز والمرأة

    مُساهمة  أروى55 الخميس نوفمبر 25, 2010 5:18 am


    المرأة وتشاكلات الرمز بالواقع

    المرأة و تشاكلات الرمز بالواقع
    قراءة في « الحكاية تأبى أن تكتمل» (*)
    بقلم : الطيب هلو

    يتشكلفعل الحكي من مكونات عدة أن على مستوى رؤياه أو لغته أو شخوصه محققا عبرالتركيز على بعض هذه المكونات تميزه من جهة و تجانسه من جهة أخرى معالإبداعات المسماة به أو الراسية على ضفة من ضفافه، كما أن من بين أكثرالشخوص حضورا في المتن القصصي و الروائي المغربي: المرأة، وهذا الحضوريتوزعه قطبان: قطب المرأة /الحبيبة وقطب المرأة / العاهرة، لكن هذه القولبة أو الأمثلة للمرأة لاتخفي، ولا تمنع من القول بإمكانية وجود مواقف أخرى ترسو على مرفئ الكتابةالقصصية المغربية، عبر تحميلها دلالات رمزية أو عبر إخراجها من الحيزالمألوف إلى اللامألوف في حدود المسطر و المعقول.
    أنالقصة المغربية القائمة على حس رومانسي تتيح امكانية البحث عن المرأة /الحبيبة و القصة التي تقوم على حس واقعي انتقادي بالدرجة الأولى، تنطلق منتصور للمرأة /العاهرة. مع هامشية تصورات أخرى، باستثناءات قليلة، لكنالدلالات الرمزية للمرأة قد تجعل منها وطنا أو قضية أو لعبة أو...ولاننكر، بعد هذا، القول بأن هناك مجاميع قصصية لا تحظى فيها المرأة إلابنصيب خافت ومنها المجموعة التي سنتناول هنا بالقراءة و التحليل.

    I- تشكلات المرأة في « الحكاية تأبى أن تكتمل»:

    أشرناإلى أن المرأة لا تحظى إلا بنصيب خافت داخل المجموعة، حيث أن المرأة تعتبرعبورا هامشيا ( الحكاية تأبى أن تكتمل ص27) وتغيب في بعض القصص غيابامطلقا وتاما( غفوة- لعبة التخمين) وتحضر في بعض القصص، وحضورها هذا يتراوحبين 1) المرأة الحبيبة: كما في ( تقاسيم على أخر مقامات زمن الموت-الكوجيتو- العصفور الشاعر) حيث المرأة هنا تتراوح مواقفها بين القوة( نممطمئنا يا حبيبي) و الضعف ( تركت الدموع تنحدر على خديها الشاحبين بكلحرية)ص16. وتتراوح علاقة الحب بين انكسار الذات من جراء الفراق نتيجةالموت( العصفور الشاعر) وبين اللقاء ( فتاة التصقت بشاب تحت مظلة سوداءجميلة و كنت وحيدا كنجمة الفجر) ( الكوجيتو) ففي مقابل وحدة السارد كاناللقاء والألفة بين الشاب والشابة ويتأكد في « الكوجيتو» ذلك التجاذب بين القوة والضعف بل والرغبة في الأضعاف( هناك وسيلة واحدة لهزم امرأة ما...) ذلك أن هذا القولعاكس لقوته، ومبرز لحمله بهزمها المرتقب، بل ذلك يتغلغل في عمق القصة حيثثنائية القوة و الضعف داخل الشخصية الواحدة( بجمال وسحر حواء الأبدي، وقفتخلف القضبان.رأيت في عينها مقاومة عريضة لرغبة حقيقية في البكاء) (ص46).
    هذه المقاومة سرعان ما تحولت إلى هجوم:
    (- هل تعرف؟
    - ماذا؟
    - أنت لا شيء.
    لم أرها بعد ذلك ولم انس طعنتها) (ص46).
    2)ومن بين الأنثى المقاومة الرافضة حتى لنواميس الحياة ( الحكاية تأبى أنتكتمل) إذ أن المرأة /الدجاجة ترفض العهر بأشكاله( نحن لا نرضى أن نتحولإلى مجرد مومسات يحسن المضاجعة. فلابد من مساواة المرأة و مطالبتهابالمساواة... ولا يقف القاص في حدود الحديث عن امرأة من نوع عادي إذ ينتقلإلى الحديث عن امرأة( تحس بالأسف والخيبة والألم) فهي امرأة متذمرةباستمرار و ساهرة على خدمة ابنها وزجها( تعد له الفطور...تكنس، ترتبالفراش، تفعل أشياء كثيرة، تفكر في إيقاظ ابنها، تجد الوقت مبكرا، تعودإلى فراشها، تستلقي على ظهرها...)( ص50) ثم أنها امرأة مؤمنة تتوضأ و تصليو تستغفر ولكنها، في ذلك، ساذجة إذ ( تتوضأ وضوءا غريبا و تصلي صلاةخاطفة) ( ص50).
    إنعنونة الفقرة بـ(إمرأة غير عادية) خداع للقارئ ذلك أن ما قيل عن هذهالمرأة شيء عادي، إنها الأنثى البسيطة إنها الزوجة و الأم، إنها المرأةالبسيطة في حياتها عبر أعمالها المنزلية الروتينية و في أحلامها عبر قولالقاص( تعود إلى فراشها، تستلقي على ظهرها، تشتبك أصابع يديها خلف رأسها،تتجاوز رجلاها طول اللحاف، تتذكر مثلا شعبيا قديما) ( ص50) إنها تتذكرالمثل القائل( على قدر لحافك مد رجليك)[ مثل عربي] عبر ايحائيته على ضرورةخضوع منطلق الأحلام لمنطق القدرة على الإنجاز و حسب الإمكانيات- ويستمرالقاص في تنويعاته «النسائية» حيث يقدم نموذج امرأة متعالية ( طلعت ميمونة فوق الزيتونة ولماصارت ميمونة في أعلى الزيتونة أحتار ميمون، نظر إليها، ثم نظر إلى رجليهالمشلولتين و إلى العكازين، بكى و شكى و استظهر أمامها كل أشعار التوسل والعتاب التي يحفظها- قال أنه يستعد لفعل أي شيء من أجلها، يدافع عليها ويدفع عنها القبيلة(...) لمن ميمونة أبت و اشترطت على ميمون، أن كان يحبها،أن يكابد و يصعد الزيتونة)(ص35) لكن المرأة هنا ليست متعالية بالمعنىالسلبي و إنما متعالية بالمعنى الإيجابي في محاولة رفع الرجل المشلولالعاجز إلى مستوى ما، لكن هي أيضا يخونها ضعفها( بكت، و بكى ميمونلبكائها...فاختلط الدمع بالدم على خده)ص36 و هي امرأة تائبة( ميمونةتستغفر لذنبها) و مقاومة ( تقاوم لعنة العشاق والأشجار والطيور والأحجار).و متنازلة ( لماذا صعدت يا رب فوق الزيتونة الملعونة) ورغم انتقال القاصبين التقاسيم إلا أن ميمونة تستمر في ندمها وحزنها( ظلت ميمونة تندب حظها وتستغفر لذنبها، تتساءل كيف سولت لها نفسهاالإعتداء على ميمون، ندبت خدها و نفشت شعرها و شقت أزارها). بل إنها تتحولمن معتدية إلى مدافعة عبر فعل التحول الخفي/ الجنون، بقولها: ( أنا المعزةالصينية، و اللي كرونها ذهبية و اللي عور ميمون يخرج هنا يبارزني) أنهعودة إلى الصراع، لكنه صراع مع الذات باعتبارها « فقأتت عين ميمون» وستبارز من « عور ميمون» (ص35).

    II- « مريم» أو رمزية المرأة/القضية:

    تشكل«مريم» كشخصية عنونت بها إحدى قصص المجموعة دلالات رمزية متعددة انطلاقامن حضورها كرمز تاريخي في مرجعية دينية، فمريم رمز للطهر (مريم العذراء)وهنا تتحدد دلالتها، و مريم في النص هي مريم في المرجعية، مع اختلافات،فإذا كانت في القصة اتهمت بالعهر غير مبالية به( ...أنا لا يهمني أن أنتمنعتموني بالعهر، فليس الععهر حرفتي ولا رغبتي) فمريم في المرجعية الدينيةمتهمة به أيضا( يا أخت هارون ما كان أبوك أمرأ سوء وما كانت أمك بغيا)،لكن مع اختلاف جوهري و ائتلاف أيضا، يتوضح كالتالي:
    - مريم القصة # مريم ( المرجعية).
    - الاتهام بالعهر # الاتهام بالعهر.
    - عدم الإنجاب # الإنجاب.
    - اغتصبت # لم يمسسها بشر
    - فاعلة ( تبرق ثلاثا بدانا و بزي عسكري) # مسالمة ( تهز جذع النخل لتأكل).
    - تصارع سلطتين: 1) القبيلة عبر الاتهام بالعهر2) الرجال الثلاثة: بزي عسكري# لا تصارع أحدا ( تكلف المسيح بالرد على قومه).
    إنهذه السلطة التي تصارعها مريم قوية ( بدانا- مسلحين) و متعددة( القبيلة -ثلاثة رجال) في مقابل ضعفها ( كنت وحيدة، جردوني من ثيابي يا أمي و ناموامعي تباعا) ( بكيت ضعفي و طفولتي). إذن فالقصة تسير في إطار ثنائية الضعف و القوة( لا تبكي يا أمي، سأنتقم منهم، و سأجدهم من زيهم العسكري و سأحلق رؤوسهم، فقط ، أنت تبكي، فهم إثما أرادوا دمعك و دمي) ( ص32).
    لكنالسؤال المطروح هنا، ألا يمكن أن نستخرج من مريم باعتبار مرجعيتهاالدينية( أرض فلسطين) و مريم باعتبارها المرأة المغتصبة المتصارعة مع سلطةما رمز للقضية الفلسطينية المغتصبة؟ يمكن أن نلمح من خلال ما قيل بعضالدلالات على ذلك،إذا أن الاغتصاب كان على حين غرة، و أن التحالف كانقويا( ثلاثة) و اتهامها بالعهر، و عبر الرغبة في التسلح.
    إناستخراج دلالة رمزية للمرأة داخل النص القصصي هو إخضاع ذلك لقراءاتنا ومرجعتنا التي حاولنا التجرد منها قدر الإمكان، لذلك نترك للقارئ حقالاكتشاف و الاستنباط انطلاقا من مرجعيا ته التي يمكنه من خلالها ما لمنقرأ و اكتشاف ما لم نكتشف.
    نختم هذه القراءة بالقول أن المجموعة القصصية «الحكاية تأبى أن تكتمل» للقاص جمال بوطيب، مغامرة على مستوى اللغة و علىمستوى الرؤية، ولكن هذه المغامرة تتميز بـ«الانضباط الأخلاقي» لقيم معينةحيث حافظ القاص على أخلاقيات وقيم معينة على مستوى اللغة/المعجم، والموضوعمخرجا مجموعته من دائرة الأعمال الإباحية المتسترة تحت ظل الواقعية، والتيلاترى في المرأة غير عاهرة، إضافة إلى ذلك نشير إلى غياب الوصف الجسديلهيكل امرأة على مستوى المجموعة ككل.
    الطيب هلو
    (*)« الحكاية تأبى أن تكتمل» جمال بوطيب. الطبعة الأولى 1993 مطبعة SNIP (وجدة).




      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 9:57 am