قراءة سيميائية في: "نصف امرأة مؤقتا" للقاص هشام محمد
عصام واصل
Esam_77113326@hotmail.com
لعل من نافلة القول أن السيميائية سيميائيات شتى، ومدارس متعددة، فمن المدرسة الأمريكية، إلى المدرسة الإيطالية، إلى مدرسة كوبن هاجن، إلى مدرسة باريس… إلخ، فلكل مدرسة منها أفكارها، ورؤاها، وآلياتها الإجرائية، ولعل من المفيد الإشارة هنا إلى أن القراءة هذه ستشتغل -بشكل عام- على سيميائية "مدرسة باريس"، وستعنى منها -بشكل خاص- ببعض ما جاء في أفكار/سيميائية جريماس، التي تسعى «إلى تحديد الأشكال المتنوعة لحضور المعنى، وصيغ وجوده، ووصف مسارات نقل وتحويل المضامين«([1]). والتي تهدف -من وجهة نظر ج. م. فلوش J. M. Floch- "إلى تحليل أنظمة الدلالة، وتعنى في جميع التجليات الكلامية، بالنصوص، والأقوال، والصور، والحركات، أو الأفضية"»([2]). وبالتالي فإن السيميائية لا تهتم بمؤلف النص، ولا بالبيئة التي أنتج فيها، ولا بماذا قال النص، ولا عن ماذا يتحدث، ولكن بكيفية قول هذا النص ما يقول، وعليه فالبحث لدى السيميائيين لا يبحث عن معنى محدد، ولا عن معنى جديد، ولكن يبحث عن الوظيفة النصية للمعنى وتحديد أشكاله.
وستحاول القراءة هذه أن تستجلي سيميائية العنوان في النص، يليه المسار السردي في الوضعيتين الافتتاحية والختامية، وكذا البنية الفاعلية للوضعيتين الافتتاحية والختامية، يليها المسار السردي لمتن القصة، وستسعى القراءة إلى أن تتناول ذلك بشكل مبسط، ينأى عن الغموض والتعمية.
1-1- سيميائية العنوان
تهتم الدراسات السيميائية بشعرية العنوان، اهتماما لافتا، من حيث استكناه جمالياته، واستنطاق بنياته المنطقية، وكيفية انبنائها، وتشكلاتها، وتعالقاتها مع المتن اللاحق من جهة، والعالم من جهة أخرى، بغية الوصول إلى وصف دقيق لكيفية انبناء شكل المعنى المتمفصل فيها، وقد منح السيميائيون للعناوين وظائف متعددة، منها ثلاث جاء بها "جوزيب بيزا كامبروبي"، وهي (التعيينية، واللغوية الواصفة، والإغرائية)، ويضيف إليها "جيرار جينيت" الوظيفة (الإيحائية)، ويضيف الباحث إليها الوظيفة (التناصية).
ويبالغ الكثير من الباحثين عند تناولهم للعنوان حينما يعدونه نصا موازيا لنصه، مستقلا عنه، في ذاته، ولذاته، بل ويجعلونه المركز الذي يعين النص، ويخلق أجواءه النصية والتناصية، ويحدد شعريته، ويؤطر كل مساراته، والحقيقة إن العنوان جزء لا يتجزأ من بنيات النص، إن لم يكن تركيبيا فدلاليا، بالرغم من ابتعاده عنه مكانيا، فهذا الابتعاد لا يمنع تواشجه معه دلاليا البتة، سيما وإن أي عنوان -بحسب دريدا- «لا يُعترفُ به في حد ذاته، لكن لأنه عنوان شيء ما»([3])، فلا يغني العنوان مجردا عن نصه، و/قد/ لا يتأثر النص إن لم يكن له عنوان ما، وهو ما يعززه بقاء "الشعر العربي" قرون طويلة بلا عناوين؛ الى أن ظهرت الرومانسية، فبدأ الاهتمام بها.
فعنوان النص قيد القراءة -مثلا- لا يمكن أن يكون نصا مستقلا بذاته، يشتغل كنص منعزل، له دلالاته المرجعية، والنصية القارة فيه، والمكتسبة من ذاته فقط، لأننا إن اعتبرناه كذلك سنهمل النص المحوري المتصل به، من حيث لا ينبغي ذلك.
1-2- بنية الدال:
إن هذا العنوان بوصفه عنصرا بنيويا سيميائيا، يقوم بوظيفة الإشارة إلى الشخصية المحورية في النص، وتحديد وظائفها وصفاتها، بصورة مكثفة مختزلة، موحية بدلالات مقتضبة ومشوشة، لا تتضح معالمها الكلية إلا بتتبع آثارها في النص اللاحق.
فابرز صفات الشخصية محور النص أنها "نصف امرأة مؤقتا". إن هذا العنوان يقدم ضمنيا وصفا دقيقا، ونظرة استباقية عن الشخصية، وتقريرا لحالتها، أي أنه يمثل وضعية افتتاحية صغرى، تقدم حالة امرأة صفتها عدم الاكتمال، ولا تفصح عن نوعية هذا النقص، وماهيته.
إن هذا العنوان بهيئته هاته يمثل علامة إغراء هائلة، ونقطة تحد أيضا، من حيث إنه يفصح ولا يكشف، يفصح عن بعض الصفات، ولا يكشف عن أسبابها، وكيفياتها، إنه يجمل ولا يفصل، ويطرح أمام المتلقي جملة من التساؤلات، لا يستطيع الإجابة عنها، إلا من خلال العودة إلى النص، الذي يفسر غموض العنوان، ويقدم صورة واضحة لما أجمل فيه.
يتشكل هذا العنوان من ثلاث دوال محورية هي:
نصف + امرأة + مؤقتا
لعل اللافت أن هذه الدوال تعتمد على الغياب الصياغي، أي أن ثمة محذوفا في بدايتها، مما يجعلها مكثفة تركيبيا، تعتمد على الاقتصاد، والتركيز على ما يُهتَم به، فالمفترض أن تكون الجملة هنا: (هذه حكاية نصف امرأة مؤقتا)، فحذف المبتدأ والخبر لأنهما في حكم الشائع، وحل محلهما المضاف إليه.
هذه الدوال إذن تشكل جملة اسمية «يغيب عنها الفعل، كبنية دالة على شرط الزمان، وهو ما يجعل العنوان متجها صوب الاستمرارية، والانسياب، وبالتالي الإمساك بجوهر المدلول، دون العرض الذي يشي به الفعل»([4]).
وأول دال ظاهر في دوال العنوان هاته، هو "نصف"، والنصف معجميا من الانتصاف، وهو عدم الاكتمال، فنصف الشيء جزؤه، وهذا الدال -نحويا- مضاف، أضيف إليه دال آخر نكرة، هو امرأة، مما يجعل الدلالة لهذا المدلول تنفسح لتشمل عينات شتى من النساء، وكأنه يقول هذه حكاية نصف امرأة من حكايات أنصاف نساء شتى، فقد ارتفع التنكير «بها إلى الإيحاء، فاتسعت الدلالة، وأمكن تعددها»([5])، بخلاف لو جاءت معرفة إذْ كان سيغدو التعريف قيدا، يسقط انفتاح الدلالة([6]).
والمرأة بماهيتها الرامزة إلى النماء، والخصب، والاستمرار، والأنوثة، هي «في المجتمع العربي [تمثل...] القيمة المركبة، المعادلة لإثبات الكرامة، أو نفيها»([7])، إلا أن إضافتها إلى الدال السابق لها/(نصف) يخلق مفارقة دلالية صارخة، من خلال انتهاك نواميس الإسناد التركيبي المعهود، وينفي عن المرأة سمة النماء، والخصب والاستمرار، ويجعلها غير مكتملة/(نصف) مطلقا، ويأتي الدال الثالث/(مؤقتا) ليقيد الدلالة المطلقة لدال (الانتصاف)، ويجعل منه انتصافا مؤقتا.
1-3- بنية المدلول:
إن هذا العنوان -كدال- لا يظهر في النص إلا في ملفوظه الأخير، "أنا لا أقبل نصف امرأة مؤقتة… كل يوم" إلا أنه كمدلول يمتد من بداية النص حتى آخر ملفوظاته، وينهض في زواياه بأشكال متعددة، ليغدو هو الموضوعة المهيمنة، المختزلة للنص.
إن الموضوعة المكثفة هاته، التي يختزلها العنوان، تتمثل في تخلي المرأة عن أنوثتها واقتحامها عالم الرجال، المتمثل في الحياة العسكرية، وهي الموضوعة التي تتخفى وراء العنوان، وتبرز جلية في النص، عبر ملفوظات للشخصيات الثانوية، كقول أحد الأطفال: "ياعسكري أمي تضارب" أو كقول إحدى الشمطاوات: "عيب يابنتي تلبسي مثل العساكر"، أو من خلال ملفوظات بعض الجمادات كقول فستانها: "أنا لا أقبل نصف امرأة مؤقتة… كل يوم"، أو من خلال ملفوظات أخرى مثل "بكت بشحوب جردها رجولتها المكتنزة" و"تكتشف أنوثتها من جديد".
إن هاته الملفوظات وغيرها تركز كما يركز العنوان على الموضوعة التي تختزل فقدان المرأة لأنوثتها، مما يجعل هذه الثيمة هي البؤرة المركزية للعنوان، والمتن، وهي المحرك الرئيسي الذي يجعل المجتمع بكل فئاته -(الطفل، إحدى الشمطاوات، شباب من ضباب، أحد الباعة)- يركز على ذلك النقص، ساخرا وشامتا، فالطفل يطلق ملفوظه بصيغة المذكر "ياعسكري"، والشمطاء تحتج على ملابسها التي تشبه ملابس العساكر؛ ليتضح حينئذ أن ثمة فُصْلَة كبيرة بين المرأة "الشرطية" وبين المجتمع، سببها هذا الانخراط في السلك العسكري، الذي جرد المرأة من قيمة الأنوثة، وأفقدها توازنها، وطمأنينتها، وهو ما يتأتى بوضوح في المسار السردي للوضعيتين الافتتاحية والختامية، كما سنرى.
وإذا كانت أهم صفات المرأة من خلال العنوان أنها نصف امرأة، فالسؤال مشروع عن السبب الذي جعلها على هذه الحالة!.
فإجابة على سؤال كهذا لاتتأتى من خلال بنية العنوان فقط، بل لابد من البحث عنها في البنى العميقة للنص، من خلال ملفوظات محددة، تتضافر فيما بينها لتكشف عن ذلك بصورة أو بأخرى، وهو ماسنعاينه من خلال الملفوظات التالية، وما يقابلها من صفة:
- "من هذه الحسناء التي غزت البيادة قدميها؟" (= حسناء جميلة).
- "صرخت فيها بيادتها بتذمر: إلى أين؟ -أجابت في صمت إلى اللامكان –ولماذا؟ لنحصل على اللاشيء." = (حائرة).
- "تعصف بحناياها عاطفة جياشة للأمومة" (= ليست متزوجة/عانس).
- "يا عسكري أمي تضارب" = (عسكرية).
- "عيب يا بنتي تلبسي مثل العساكر" (= مسترجلة).
- "بكت بشحوب جردها من رجولتها المكتنزة" (= تحاول العودة إلى الأنوثة).
- "يصرخ فيها الفستان: أنا لا اقبل نصف امرأة مؤقتة" (= رفض عودتها إلى الأنوثة/فاشلة).
إن هذه الصفات مجتمعة تتضافر في النص وتكشف عن أسباب نقص المرأة التي أضمرها العنوان، وبالتالي عن سبب مضايقة المجتمع للمرأة هاته، فهو ناتج عن مخالفتها لقيمة قارة ثابتة في المجتمع، تعارف عليها، وأصبحت من المسلمات لديه، يصعب تجاوزها، أو خرقها.
فالنص يقول بان المرأة: "حسناء"، إلا أنها "حائرة"، وأسباب حيرتها جاءت ناتجة عن عقاب المجتمع لها، فأصبحت نتيجة لذلك:
- غير متزوجة،
- مسترجلة، بسبب انخراطها في العسكرية.
- حائرة،
- فاشلة،
تشي هذه النتائج بأن المرأة قد ارتكبت ذنبا كبيرا من وجهة نظر المجتمع، وهو ما جعلها تصل إلى هذه الحالة، ويعني ذلك بالضرورة أن المجتمع لا يقبل هاته الصفات في المرأة، ويشي -بالضرورة- بأن ثمة قيما ثابتة تعارف عليها المجتمع، على المرأة أن لا تتجاوزها، أي أن هناك نظرة محددة للمرأة، فالمرأة إذن مكبلة تنقصها الحرية، والمجتمع لم يتقبل بعد هاته الضرورة.
2-1- المسار السردي في الوضعيتين، الافتتاحية والختامية.
تمثل الوضعية الافتتاحية للنص حالة امرأة غير مكتملة، فقدت أنوثتها -من وجهة نظر المجتمع-، لانخراطها في السلك العسكري، المفارق لطبيعتها كامرأة، مما جعل (الفضاء المحيط جمادا وإنسانا)، يخلخل صفاءها وهدوءها، ويصبح مصدر قلق لها، إذْ إنها حيثما تتوجه تلاحقها الأعين، والألسن الهازئة الساخرة، وبذلك تقع في مأزق، ويكون مأزقها هذا سببا في قلقها، واضطراب حياتها، ويمكن ترجمة ذلك إلى برنامج سردي، يقوم فيه المجتمع بدور ذات الفعل، التي تعمل على إحداث فصلة، بين (ذات الحالة/المرأة)، و(موضوع القيمة/الهدوء/الطمأنينة)، وتفشل كل محاولاتها في استعادة (موضوع القيمة)، في شتى مراحل النص، فنجدها تقف في قلب الرصيف فيصرخ من هذه الحسناء التي غزت البيادة قدميها؟؟ وتحاول أن تستظل من هجير الشمس تحت إحدى الأشجار فيصرخ الجذع (آاااسترح آاااستعد) فيذكرها بعسكريتها، وترى الأطفال فتحن إلى الأمومة، فيصرخ أحد الأطفال (يا عسكري أمي تضارب)، وكذا الشارع كله يلتهمها بعيونه، ويمطرها بعبارات ساخرة، ابتداء من الرصيف حتى ملابسها/فستانها، الذي يرفضها لأنها نصف امرأة.
ويظل الاضطراب مخيما ومسيطرا عليها، حيث أنها عجزت عن جعل المجتمع يتخلى عن مشروعه المتمثل في إحداث فصلة بينها وبين حريتها، حينما وجدها خالفت العادات وخرقت حرمة الأعراف الاجتماعية السائدة، التي لايروقها خروج المرأة عن أنوثتها، وانخراطها في وظيفة يراها رجولية بامتياز.
2-2- البنية الفاعلية للوضعيتين الافتتاحية والختامية:
تحققت الوضعية الافتتاحية للنص عن طريق بنية فاعلية يمثلها النموذج التالي:
المرسل: (=المجتمع/المحيط)
موضوع القيمة: (=سلب الهدوء)
المرسل إليه: (=المرأة)
المساعد: (=خرق العادات الاجتماعية)
الذات: (=المجتمع)
المعارض: (=العادات والتقاليد الاجتماعية).
وقد تجسدت الوضعية الختامية من خلال بنية فاعلية يمكن بيانها عن طريق الترسيمة التالية:
المرسل: (=المجتمع)
موضوع القيمة: (=رفض عودة المرأة)
المرسل إليه: (=المرأة)
المساعد: (=العودة المؤقتة)
الذات: (=المرأة)
المعارض: (=المجتمع)
في البنية الأولى انتقلت رسالة سخرية ورفض من المجتمع إلى عالم (الشرطة النسوية) ممثلا في المرأة/محور القصة، التي خرقت العادات الاجتماعية المهيمنة، فرغب المجتمع في الانتقام للعادات، فحكم على الشرطية بالسخرية والاستهزاء، وهو حكم يهدف إلى جعل المرأة الشرطية تتخلى عن الوظيفة العسكرية، بوصفها تجريدا للمرأة من أنوثتها من منظوره.
وفي البنية الثانية تحدث رغبة ثانية جامحة من المرأة (ذات الفعل) للعودة إلى أنوثتها، غير أن كل شيء يرفض تلك العودة؛ لأنها (مؤقتة) وليست نهائية.
2-3- المسار السردي لمتن القصة:
تشكل متن القصة من ثلاثة أصناف وظيفية مكونة لوحدة سردية كبرى، وذلك كالتالي:
1- الصنف الوظيفي: اضطراب.
الوظيفة: مخالفة السائد.
ملخص الجملة السردية: - دهشة الرصيف من (المرأة/العسكري) وقوله لها "من هذه المرأة الحسناء التي غزت البيادة قدميها؟".
2-الصنف: تحول.
الوظيفة: سخرية.+ مواجهة.+محاولة المرأة العودة الى أنوثتها.
ملخص الجمل السردية: - حكم المحيط بالمقاطعة والسخرية، ونبذ المرأة التي خرقت العادات. - مواصلة السخرية وتحولها من الجمادات/الرصيف إلى البشر، إلى الجمادات /فستانها مرة ثانية.
- رفض الفضاء المحيط لتلك العودة.
3-الصنف الوظيفي: نهاية (غياب الحل)
الوظيفة: الفشل.
ملخص الجملة السردية: جثمت على فستانها مزغردة لتكتشف أنوثتها من جديد، فيصرخ فجأة: أنا لا أقبل نصف امرأة مؤقتة.. كل يوم".
من خلال ماسبق نجد الاضطراب هو الوظيفة الافتتاحية، وغياب الحل هو الوظيفة الختامية، فبمخالفة ذات الحالة/المرأة، للوضع الاجتماعي السائد اضطربت حياتها وفقدت (موضوع القيمة)، وبهذا التحول عبر تخلي ذات الحالة/المرأة عن موضوع القيمة/أنوثتها، واقتحامها العوالم الرجالية، أصبحت السخرية من الفضاء المحيط/ذات الفعل، هي الموضوعة المهيمنة التي جعلتها تصل إلى الفشل في نهاية المطاف، وعدم المواءمة بينها وبين المجتمع من جهة، وبين أشيائها من جهة أخرى، حينما قررت برغبة جامحة (مزغردة) أن تتخلص من الاضطراب الذي يلاحقها، وتجثم على فستانها، إلا أنه يرفضها، صارخا: (لا اقبل نصف امرأة مؤقتة).
الجزائر/ 2007م
الإحالات والهوامش:
[1])) رشيد بن مالك، البحث السيميائي المعاصر، ضمن: السيميائية والنص الأدبي، أعمال ملتقى معهد اللغة العربية وآدابها، جامعة عنابة، باجي مختار، الجزائر، 12/17 ماي، 1995م: 26
[2])) المرجع نفسه: 27
([3])جوزيب بيزا كامبروبي، وظائف العنوان، (منشور في سلسلة وقائع سيميائية جديدة، صادرة عن المطبوعات الجامعية في ليموج، فرنسا، العدد: 82، 2002م)، ترجمة عبد الحميد بورايو، أستاذ التعليم العالي بجامعة الجزائر، 2004م، "غير منشور": 16
[4])) أحمد فرشوخ، جمالية النص الروائي، مقارنة تحليلية لرواية "لعبة النسيان"، درا الأمان للنشر والتوزيع، الرباط، ط1، 1996م: 23، وما بعدها.
[5])) د. سعيد سالم الجريري، شعر البردوني، قراءة أسلوبية، اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين (الأمانة العامة)، صنعاء، مركز عبادي للدراسات والنشر، صنعاء، دار حضرموت للدراسات والنشر، المكلا، ط1، 2004م: 27
[6])) ينظر: نفسه، الصفحة نفسها.
[7])) عثمان بدري، وظيفة العنوان في الشعر العربي الحديث، قراءة تأويلية في نماذج منتخبة، المجلة العربية للعلوم الإنسانية، ع81، السنة:21
منقول
عصام واصل
Esam_77113326@hotmail.com
لعل من نافلة القول أن السيميائية سيميائيات شتى، ومدارس متعددة، فمن المدرسة الأمريكية، إلى المدرسة الإيطالية، إلى مدرسة كوبن هاجن، إلى مدرسة باريس… إلخ، فلكل مدرسة منها أفكارها، ورؤاها، وآلياتها الإجرائية، ولعل من المفيد الإشارة هنا إلى أن القراءة هذه ستشتغل -بشكل عام- على سيميائية "مدرسة باريس"، وستعنى منها -بشكل خاص- ببعض ما جاء في أفكار/سيميائية جريماس، التي تسعى «إلى تحديد الأشكال المتنوعة لحضور المعنى، وصيغ وجوده، ووصف مسارات نقل وتحويل المضامين«([1]). والتي تهدف -من وجهة نظر ج. م. فلوش J. M. Floch- "إلى تحليل أنظمة الدلالة، وتعنى في جميع التجليات الكلامية، بالنصوص، والأقوال، والصور، والحركات، أو الأفضية"»([2]). وبالتالي فإن السيميائية لا تهتم بمؤلف النص، ولا بالبيئة التي أنتج فيها، ولا بماذا قال النص، ولا عن ماذا يتحدث، ولكن بكيفية قول هذا النص ما يقول، وعليه فالبحث لدى السيميائيين لا يبحث عن معنى محدد، ولا عن معنى جديد، ولكن يبحث عن الوظيفة النصية للمعنى وتحديد أشكاله.
وستحاول القراءة هذه أن تستجلي سيميائية العنوان في النص، يليه المسار السردي في الوضعيتين الافتتاحية والختامية، وكذا البنية الفاعلية للوضعيتين الافتتاحية والختامية، يليها المسار السردي لمتن القصة، وستسعى القراءة إلى أن تتناول ذلك بشكل مبسط، ينأى عن الغموض والتعمية.
1-1- سيميائية العنوان
تهتم الدراسات السيميائية بشعرية العنوان، اهتماما لافتا، من حيث استكناه جمالياته، واستنطاق بنياته المنطقية، وكيفية انبنائها، وتشكلاتها، وتعالقاتها مع المتن اللاحق من جهة، والعالم من جهة أخرى، بغية الوصول إلى وصف دقيق لكيفية انبناء شكل المعنى المتمفصل فيها، وقد منح السيميائيون للعناوين وظائف متعددة، منها ثلاث جاء بها "جوزيب بيزا كامبروبي"، وهي (التعيينية، واللغوية الواصفة، والإغرائية)، ويضيف إليها "جيرار جينيت" الوظيفة (الإيحائية)، ويضيف الباحث إليها الوظيفة (التناصية).
ويبالغ الكثير من الباحثين عند تناولهم للعنوان حينما يعدونه نصا موازيا لنصه، مستقلا عنه، في ذاته، ولذاته، بل ويجعلونه المركز الذي يعين النص، ويخلق أجواءه النصية والتناصية، ويحدد شعريته، ويؤطر كل مساراته، والحقيقة إن العنوان جزء لا يتجزأ من بنيات النص، إن لم يكن تركيبيا فدلاليا، بالرغم من ابتعاده عنه مكانيا، فهذا الابتعاد لا يمنع تواشجه معه دلاليا البتة، سيما وإن أي عنوان -بحسب دريدا- «لا يُعترفُ به في حد ذاته، لكن لأنه عنوان شيء ما»([3])، فلا يغني العنوان مجردا عن نصه، و/قد/ لا يتأثر النص إن لم يكن له عنوان ما، وهو ما يعززه بقاء "الشعر العربي" قرون طويلة بلا عناوين؛ الى أن ظهرت الرومانسية، فبدأ الاهتمام بها.
فعنوان النص قيد القراءة -مثلا- لا يمكن أن يكون نصا مستقلا بذاته، يشتغل كنص منعزل، له دلالاته المرجعية، والنصية القارة فيه، والمكتسبة من ذاته فقط، لأننا إن اعتبرناه كذلك سنهمل النص المحوري المتصل به، من حيث لا ينبغي ذلك.
1-2- بنية الدال:
إن هذا العنوان بوصفه عنصرا بنيويا سيميائيا، يقوم بوظيفة الإشارة إلى الشخصية المحورية في النص، وتحديد وظائفها وصفاتها، بصورة مكثفة مختزلة، موحية بدلالات مقتضبة ومشوشة، لا تتضح معالمها الكلية إلا بتتبع آثارها في النص اللاحق.
فابرز صفات الشخصية محور النص أنها "نصف امرأة مؤقتا". إن هذا العنوان يقدم ضمنيا وصفا دقيقا، ونظرة استباقية عن الشخصية، وتقريرا لحالتها، أي أنه يمثل وضعية افتتاحية صغرى، تقدم حالة امرأة صفتها عدم الاكتمال، ولا تفصح عن نوعية هذا النقص، وماهيته.
إن هذا العنوان بهيئته هاته يمثل علامة إغراء هائلة، ونقطة تحد أيضا، من حيث إنه يفصح ولا يكشف، يفصح عن بعض الصفات، ولا يكشف عن أسبابها، وكيفياتها، إنه يجمل ولا يفصل، ويطرح أمام المتلقي جملة من التساؤلات، لا يستطيع الإجابة عنها، إلا من خلال العودة إلى النص، الذي يفسر غموض العنوان، ويقدم صورة واضحة لما أجمل فيه.
يتشكل هذا العنوان من ثلاث دوال محورية هي:
نصف + امرأة + مؤقتا
لعل اللافت أن هذه الدوال تعتمد على الغياب الصياغي، أي أن ثمة محذوفا في بدايتها، مما يجعلها مكثفة تركيبيا، تعتمد على الاقتصاد، والتركيز على ما يُهتَم به، فالمفترض أن تكون الجملة هنا: (هذه حكاية نصف امرأة مؤقتا)، فحذف المبتدأ والخبر لأنهما في حكم الشائع، وحل محلهما المضاف إليه.
هذه الدوال إذن تشكل جملة اسمية «يغيب عنها الفعل، كبنية دالة على شرط الزمان، وهو ما يجعل العنوان متجها صوب الاستمرارية، والانسياب، وبالتالي الإمساك بجوهر المدلول، دون العرض الذي يشي به الفعل»([4]).
وأول دال ظاهر في دوال العنوان هاته، هو "نصف"، والنصف معجميا من الانتصاف، وهو عدم الاكتمال، فنصف الشيء جزؤه، وهذا الدال -نحويا- مضاف، أضيف إليه دال آخر نكرة، هو امرأة، مما يجعل الدلالة لهذا المدلول تنفسح لتشمل عينات شتى من النساء، وكأنه يقول هذه حكاية نصف امرأة من حكايات أنصاف نساء شتى، فقد ارتفع التنكير «بها إلى الإيحاء، فاتسعت الدلالة، وأمكن تعددها»([5])، بخلاف لو جاءت معرفة إذْ كان سيغدو التعريف قيدا، يسقط انفتاح الدلالة([6]).
والمرأة بماهيتها الرامزة إلى النماء، والخصب، والاستمرار، والأنوثة، هي «في المجتمع العربي [تمثل...] القيمة المركبة، المعادلة لإثبات الكرامة، أو نفيها»([7])، إلا أن إضافتها إلى الدال السابق لها/(نصف) يخلق مفارقة دلالية صارخة، من خلال انتهاك نواميس الإسناد التركيبي المعهود، وينفي عن المرأة سمة النماء، والخصب والاستمرار، ويجعلها غير مكتملة/(نصف) مطلقا، ويأتي الدال الثالث/(مؤقتا) ليقيد الدلالة المطلقة لدال (الانتصاف)، ويجعل منه انتصافا مؤقتا.
1-3- بنية المدلول:
إن هذا العنوان -كدال- لا يظهر في النص إلا في ملفوظه الأخير، "أنا لا أقبل نصف امرأة مؤقتة… كل يوم" إلا أنه كمدلول يمتد من بداية النص حتى آخر ملفوظاته، وينهض في زواياه بأشكال متعددة، ليغدو هو الموضوعة المهيمنة، المختزلة للنص.
إن الموضوعة المكثفة هاته، التي يختزلها العنوان، تتمثل في تخلي المرأة عن أنوثتها واقتحامها عالم الرجال، المتمثل في الحياة العسكرية، وهي الموضوعة التي تتخفى وراء العنوان، وتبرز جلية في النص، عبر ملفوظات للشخصيات الثانوية، كقول أحد الأطفال: "ياعسكري أمي تضارب" أو كقول إحدى الشمطاوات: "عيب يابنتي تلبسي مثل العساكر"، أو من خلال ملفوظات بعض الجمادات كقول فستانها: "أنا لا أقبل نصف امرأة مؤقتة… كل يوم"، أو من خلال ملفوظات أخرى مثل "بكت بشحوب جردها رجولتها المكتنزة" و"تكتشف أنوثتها من جديد".
إن هاته الملفوظات وغيرها تركز كما يركز العنوان على الموضوعة التي تختزل فقدان المرأة لأنوثتها، مما يجعل هذه الثيمة هي البؤرة المركزية للعنوان، والمتن، وهي المحرك الرئيسي الذي يجعل المجتمع بكل فئاته -(الطفل، إحدى الشمطاوات، شباب من ضباب، أحد الباعة)- يركز على ذلك النقص، ساخرا وشامتا، فالطفل يطلق ملفوظه بصيغة المذكر "ياعسكري"، والشمطاء تحتج على ملابسها التي تشبه ملابس العساكر؛ ليتضح حينئذ أن ثمة فُصْلَة كبيرة بين المرأة "الشرطية" وبين المجتمع، سببها هذا الانخراط في السلك العسكري، الذي جرد المرأة من قيمة الأنوثة، وأفقدها توازنها، وطمأنينتها، وهو ما يتأتى بوضوح في المسار السردي للوضعيتين الافتتاحية والختامية، كما سنرى.
وإذا كانت أهم صفات المرأة من خلال العنوان أنها نصف امرأة، فالسؤال مشروع عن السبب الذي جعلها على هذه الحالة!.
فإجابة على سؤال كهذا لاتتأتى من خلال بنية العنوان فقط، بل لابد من البحث عنها في البنى العميقة للنص، من خلال ملفوظات محددة، تتضافر فيما بينها لتكشف عن ذلك بصورة أو بأخرى، وهو ماسنعاينه من خلال الملفوظات التالية، وما يقابلها من صفة:
- "من هذه الحسناء التي غزت البيادة قدميها؟" (= حسناء جميلة).
- "صرخت فيها بيادتها بتذمر: إلى أين؟ -أجابت في صمت إلى اللامكان –ولماذا؟ لنحصل على اللاشيء." = (حائرة).
- "تعصف بحناياها عاطفة جياشة للأمومة" (= ليست متزوجة/عانس).
- "يا عسكري أمي تضارب" = (عسكرية).
- "عيب يا بنتي تلبسي مثل العساكر" (= مسترجلة).
- "بكت بشحوب جردها من رجولتها المكتنزة" (= تحاول العودة إلى الأنوثة).
- "يصرخ فيها الفستان: أنا لا اقبل نصف امرأة مؤقتة" (= رفض عودتها إلى الأنوثة/فاشلة).
إن هذه الصفات مجتمعة تتضافر في النص وتكشف عن أسباب نقص المرأة التي أضمرها العنوان، وبالتالي عن سبب مضايقة المجتمع للمرأة هاته، فهو ناتج عن مخالفتها لقيمة قارة ثابتة في المجتمع، تعارف عليها، وأصبحت من المسلمات لديه، يصعب تجاوزها، أو خرقها.
فالنص يقول بان المرأة: "حسناء"، إلا أنها "حائرة"، وأسباب حيرتها جاءت ناتجة عن عقاب المجتمع لها، فأصبحت نتيجة لذلك:
- غير متزوجة،
- مسترجلة، بسبب انخراطها في العسكرية.
- حائرة،
- فاشلة،
تشي هذه النتائج بأن المرأة قد ارتكبت ذنبا كبيرا من وجهة نظر المجتمع، وهو ما جعلها تصل إلى هذه الحالة، ويعني ذلك بالضرورة أن المجتمع لا يقبل هاته الصفات في المرأة، ويشي -بالضرورة- بأن ثمة قيما ثابتة تعارف عليها المجتمع، على المرأة أن لا تتجاوزها، أي أن هناك نظرة محددة للمرأة، فالمرأة إذن مكبلة تنقصها الحرية، والمجتمع لم يتقبل بعد هاته الضرورة.
2-1- المسار السردي في الوضعيتين، الافتتاحية والختامية.
تمثل الوضعية الافتتاحية للنص حالة امرأة غير مكتملة، فقدت أنوثتها -من وجهة نظر المجتمع-، لانخراطها في السلك العسكري، المفارق لطبيعتها كامرأة، مما جعل (الفضاء المحيط جمادا وإنسانا)، يخلخل صفاءها وهدوءها، ويصبح مصدر قلق لها، إذْ إنها حيثما تتوجه تلاحقها الأعين، والألسن الهازئة الساخرة، وبذلك تقع في مأزق، ويكون مأزقها هذا سببا في قلقها، واضطراب حياتها، ويمكن ترجمة ذلك إلى برنامج سردي، يقوم فيه المجتمع بدور ذات الفعل، التي تعمل على إحداث فصلة، بين (ذات الحالة/المرأة)، و(موضوع القيمة/الهدوء/الطمأنينة)، وتفشل كل محاولاتها في استعادة (موضوع القيمة)، في شتى مراحل النص، فنجدها تقف في قلب الرصيف فيصرخ من هذه الحسناء التي غزت البيادة قدميها؟؟ وتحاول أن تستظل من هجير الشمس تحت إحدى الأشجار فيصرخ الجذع (آاااسترح آاااستعد) فيذكرها بعسكريتها، وترى الأطفال فتحن إلى الأمومة، فيصرخ أحد الأطفال (يا عسكري أمي تضارب)، وكذا الشارع كله يلتهمها بعيونه، ويمطرها بعبارات ساخرة، ابتداء من الرصيف حتى ملابسها/فستانها، الذي يرفضها لأنها نصف امرأة.
ويظل الاضطراب مخيما ومسيطرا عليها، حيث أنها عجزت عن جعل المجتمع يتخلى عن مشروعه المتمثل في إحداث فصلة بينها وبين حريتها، حينما وجدها خالفت العادات وخرقت حرمة الأعراف الاجتماعية السائدة، التي لايروقها خروج المرأة عن أنوثتها، وانخراطها في وظيفة يراها رجولية بامتياز.
2-2- البنية الفاعلية للوضعيتين الافتتاحية والختامية:
تحققت الوضعية الافتتاحية للنص عن طريق بنية فاعلية يمثلها النموذج التالي:
المرسل: (=المجتمع/المحيط)
موضوع القيمة: (=سلب الهدوء)
المرسل إليه: (=المرأة)
المساعد: (=خرق العادات الاجتماعية)
الذات: (=المجتمع)
المعارض: (=العادات والتقاليد الاجتماعية).
وقد تجسدت الوضعية الختامية من خلال بنية فاعلية يمكن بيانها عن طريق الترسيمة التالية:
المرسل: (=المجتمع)
موضوع القيمة: (=رفض عودة المرأة)
المرسل إليه: (=المرأة)
المساعد: (=العودة المؤقتة)
الذات: (=المرأة)
المعارض: (=المجتمع)
في البنية الأولى انتقلت رسالة سخرية ورفض من المجتمع إلى عالم (الشرطة النسوية) ممثلا في المرأة/محور القصة، التي خرقت العادات الاجتماعية المهيمنة، فرغب المجتمع في الانتقام للعادات، فحكم على الشرطية بالسخرية والاستهزاء، وهو حكم يهدف إلى جعل المرأة الشرطية تتخلى عن الوظيفة العسكرية، بوصفها تجريدا للمرأة من أنوثتها من منظوره.
وفي البنية الثانية تحدث رغبة ثانية جامحة من المرأة (ذات الفعل) للعودة إلى أنوثتها، غير أن كل شيء يرفض تلك العودة؛ لأنها (مؤقتة) وليست نهائية.
2-3- المسار السردي لمتن القصة:
تشكل متن القصة من ثلاثة أصناف وظيفية مكونة لوحدة سردية كبرى، وذلك كالتالي:
1- الصنف الوظيفي: اضطراب.
الوظيفة: مخالفة السائد.
ملخص الجملة السردية: - دهشة الرصيف من (المرأة/العسكري) وقوله لها "من هذه المرأة الحسناء التي غزت البيادة قدميها؟".
2-الصنف: تحول.
الوظيفة: سخرية.+ مواجهة.+محاولة المرأة العودة الى أنوثتها.
ملخص الجمل السردية: - حكم المحيط بالمقاطعة والسخرية، ونبذ المرأة التي خرقت العادات. - مواصلة السخرية وتحولها من الجمادات/الرصيف إلى البشر، إلى الجمادات /فستانها مرة ثانية.
- رفض الفضاء المحيط لتلك العودة.
3-الصنف الوظيفي: نهاية (غياب الحل)
الوظيفة: الفشل.
ملخص الجملة السردية: جثمت على فستانها مزغردة لتكتشف أنوثتها من جديد، فيصرخ فجأة: أنا لا أقبل نصف امرأة مؤقتة.. كل يوم".
من خلال ماسبق نجد الاضطراب هو الوظيفة الافتتاحية، وغياب الحل هو الوظيفة الختامية، فبمخالفة ذات الحالة/المرأة، للوضع الاجتماعي السائد اضطربت حياتها وفقدت (موضوع القيمة)، وبهذا التحول عبر تخلي ذات الحالة/المرأة عن موضوع القيمة/أنوثتها، واقتحامها العوالم الرجالية، أصبحت السخرية من الفضاء المحيط/ذات الفعل، هي الموضوعة المهيمنة التي جعلتها تصل إلى الفشل في نهاية المطاف، وعدم المواءمة بينها وبين المجتمع من جهة، وبين أشيائها من جهة أخرى، حينما قررت برغبة جامحة (مزغردة) أن تتخلص من الاضطراب الذي يلاحقها، وتجثم على فستانها، إلا أنه يرفضها، صارخا: (لا اقبل نصف امرأة مؤقتة).
الجزائر/ 2007م
الإحالات والهوامش:
[1])) رشيد بن مالك، البحث السيميائي المعاصر، ضمن: السيميائية والنص الأدبي، أعمال ملتقى معهد اللغة العربية وآدابها، جامعة عنابة، باجي مختار، الجزائر، 12/17 ماي، 1995م: 26
[2])) المرجع نفسه: 27
([3])جوزيب بيزا كامبروبي، وظائف العنوان، (منشور في سلسلة وقائع سيميائية جديدة، صادرة عن المطبوعات الجامعية في ليموج، فرنسا، العدد: 82، 2002م)، ترجمة عبد الحميد بورايو، أستاذ التعليم العالي بجامعة الجزائر، 2004م، "غير منشور": 16
[4])) أحمد فرشوخ، جمالية النص الروائي، مقارنة تحليلية لرواية "لعبة النسيان"، درا الأمان للنشر والتوزيع، الرباط، ط1، 1996م: 23، وما بعدها.
[5])) د. سعيد سالم الجريري، شعر البردوني، قراءة أسلوبية، اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين (الأمانة العامة)، صنعاء، مركز عبادي للدراسات والنشر، صنعاء، دار حضرموت للدراسات والنشر، المكلا، ط1، 2004م: 27
[6])) ينظر: نفسه، الصفحة نفسها.
[7])) عثمان بدري، وظيفة العنوان في الشعر العربي الحديث، قراءة تأويلية في نماذج منتخبة، المجلة العربية للعلوم الإنسانية، ع81، السنة:21
منقول