منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    تحليل قصيدة

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    تحليل قصيدة Empty تحليل قصيدة

    مُساهمة   الأحد نوفمبر 01, 2009 11:55 am

    السمات الأسلوبية و الصور الشعرية














    السمات الأسلوبية و الصور الشعرية

    دراسة نقدية
    بقلم / حسن غريب أحمد
    كاتب وناقد مصري
    ************************************************** ********************************
    السمات الأسلوبية و الصور الشعرية
    فى ديوان {{ تشكيل الأذى }}
    للشاعرة الإماراتية [[ ميسون صقر ]]

    ميسون صقر – مازالت تثير اهتمام الناشرين و النقاد و المثقفين لأنها أكثر الشاعرات العرب اللواتى تصدر لهن كل سنة طبعة جديدة من أعمالها ، لاسيما " هكذا أسمى الأشياء 1982 " و " الريهقان 1992 " و " جريان فى مادة الجسد 1992 " و " البيت 1992 م " و " السرد على هيئته 1993 م " – و " مكان آخر 1994 م " و " الآخر فى عتمته 1995 " و " ديوانها الذى كتبته باللهجة العامية المصرية (( عامل نفسه ماشى 1996م )) إلى جانب معارضها التشكيلية الرائعة بإشكالها المتعددة – و أخيراً ديوانها " تشكيل الأذى " الذى بين يدى الآن الصادر عن سلسلة كتاب شرقيات للجميع 1997 م و الذى نحن بصدد هذه الدراسة عنه 0
    يبقى إذن هذه الشاعرة الإماراتية العربية محور اجتذاب القراء الذى يزداد يوماً بعد يوم و السبب طبعاً هو العالم الكونى المثير و العميق الذى كتبته فى قصائدها 0
    إن شاعرة بأهمية " ميسون صقر " لا يستطاع استيعابها فى جيل واحد و لا فى مكان محدود ، فهى مشرعة على الأسئلة الانسانية الكبيرة و حاملة كنز القلق الأعمق 0

    ** الرؤية المعيارية فى تقسيم الأساليب و التقنيات :
    لقد انشغل كثير من نقادنا على امتداد العصور بمطاردة شعرية النص من خلال مرجعيات تاريخية و اجتماعية و نفسية و غالباً ما كانوا يقيسون جماليات النصوص الأدبية من خلال وفائها بشروط المحاكاة ، أو استجاباتها لنظريات الانعكاس بوصف الأدب مرآه تعكس الأعراف و التقاليد أو تعكس المتغيرات الاجتماعية أو تعكس ذات المبدع نفسه ، متجاهلين أن النص الشعرى هو قبل ذلك فن وواقعية جمالية ، تستجيب لعناصر بنائها و تشكلها الفنى قبل أى شئ آخر – و هذا التشكيل يعود إلى بنيته الأسلوبية ، و مستويات التحويل الجمالى لتجربته 000 و بخاصة تلك الطرق و التراكيب و الصيغ غير العادية التى يلجأ إليها الشاعر فى إنتاج دلالته الشعرية 0
    و لا جدال فى أن النقاد العرب القدامى قدموا رؤى و استبصارات نافذة فى جماليات النصوص و أساليب التشكيل 00 فى إطار الجزئيات ، ما يعجز الكثير من المتأخرين عن مجارتها لغة و معجماً و نحواً و صرفاً و بلاغة 00 ووقفوا طويلاً أمام تقنيات علم المعانى و البيان و البديع التى كان لها دور لافت فى الصياغة الأدبية 00 و لكنهم للأسف لم يستطيعوا التخلص من مأخذين اثنين كان لهما أثر سلبى فى مسيرة النقد العربى ::


    الأول : الرؤية المعيارية التى تقسم الأساليب و التقنيات ليس من خلال أهميتها فى الواقع أو حسب ترددها فى النصوص و إنما بحسب قيمتها المثبتة فى الذهن أو العرف سلفاً 0
    ثانياً : عدم النظر إلى النصوص وحدات كاملة 000
    و إنما كانوا يعمدون إلى تفتيتها جزئيات استجابة لنزعة التقعيد 00
    قد تتداخل مباحث الأسلوب مع الشعريات ، غير أن الذى لا شك فيه أن مباحث الأسلوب يمكن أن تمد النقد الأدبى بروافد مثمرة يمكن أن تضئ الكثير 0
    أسوق هذه المقدمة و أنا أتابع خارطة الشاعرة المتميزة " ميسون صقر " فى مساحة واسعة من النتاجات الشعرية المتباينة فى اتجاهاتها و مستوياتها ، ما يصعب معه استخلاص قواعد عامة و قوانين محددة تضبط أساليب الشعر الإماراتى بكل اتجاهاته 00 0 لذلك سأكتفى بإبراز بعض السمات الأسلوبية و الصور الشعرية التى تهيمن على نصوص شاعرتنا ميسون صقر 0
    00 الصور الشعرية
    الصورة الشعرية 000 أذن لدينا ( صورة ) و ( شعر ) فيلزمنا قبل حديثنا عنها أن نعرفهما معاً ، حتى لا نحيل إلى مجهول ، و لنبدأ بتعريف ( الشعر ) أولا :
    الشعر (( تعبير فنى موزون عن تجربة إنسانية ))
    هذا التعريف الذى وضعناه ، و نعمل بمقتضاه – نقداً و إبداعاً ، منذ وعينا النقد و الإبداع ، و علينا أن نشرحه حتى نكون على وعى به ، تعبير و ليس ( توصيلاً ) فالتوصيل و هو وظيفة ( معلومات ) يراد ( توصيلها ) و هنا لا نحتاج إلى ( تصوير ) 00
    أما التعبير فهو لغة الأدب و الفن بمختلف أنواعهما ، فالأديب و الفنان يعيش ما فـ ( يعبر ) عنها و لكن ، أليس الإنسان ( معبراً ) بطريقة ما ؟؟ حتى بدون لغة ، أليست ( الدموع ) تعبيراً عن الحزن – و قد تكون عن الفرح ! أليست ( الابتسامة ) معبرة عن شئ الأحاسيس و المشاعر ؟ و تقطيبه الجبين ألا تعبر عن ضيق أو غضب ؟
    إذن فما ميزة الفنان أو الأديب إذ (( يعبران )) ؟
    لذلك جاء قولنا ( فنى ) فالتعبير ( الفنى ) هو الذى يقوم على متطلبات الفن باستخدام لغة خاصة به تخضع لقواعد و قوانين معينة ، و هى لغة ( مجازية ) نبع من العقل و العاطفة معاً ، تعكس لغة ( العلم ) ؟ التى تقوم على العقل وحده و لكن !!!
    أليس هذا ( التعبير الفنى ) قاسماً مشتركاً بين كل الفنون و الأدب ؟ أجل بل لابد للفنون و الآداب أن تقوم على هذا التعبير الفنى الذى هو فى الحقيقة ( تصوير ) لما يعمل فى نفس الأديب أو الفنان ، و لهذا قلنا ( موزون ) ليكون الوزن فيصلا يميز الشعر من النثر الفنى ، فكل ما يحمله النثر الفنى من أفانين مجازية ، يحمله الشعر ، بل لقد يعلو النثر الفنى أحياناً على الشعر فى استخدامه لهذه الافانين 00
    هذا ما وضعناه تعريفاً ( للشعر ) فما هى الصورة ( الشعرية ) ؟؟ هى باختصار شديد ، ( تجسيد شعرى جزئى ) فما الصورة الأدبية و الفنية إلا ( تجسيد ) لاحساس أو شعور أو موقف أو حالة من الممكن أن نضبط كل هذا فى قولنا (( تجسيد لما هو معنوى )) و قد تنحوا أحياناً نحوا (( تجريديا )) بالنسبة (( للمادى )) و لكن هذا قليل جداً ، فليس من طبيعة اللغة ( لغة الكتابة ) التجريد ، بل هى ما جاءت إلا ( لتجسيد ) ما يدور فى الصدور ، وقد يقول قائل 0000
    ليس التجسيد مقصوراً على ( الصورة ) وحدها فالعلم الأدبى أو الفنى ( تجسيد برمته ) و لهذا قلنا تجسيد ( جزئى ) فالعمل الأدبى أو الفنى كل أجزائه ( الصور ) من تلاقى الصور يتم العمل كله 0
    00 الصور الشعرية لدى الشاعرة :
    اتفقنا إذن على أن ( الصورة الشعرية ) هى ( تجسيد شعرى جزئى ) و الآن فكيف نرى الصورة الشعرية عند ميسون صقر فى ديوانها ( تشكيل الأذى ) 0
    و يداك معلقتان فى ألم العناق
    هنا اليد ( ألم ) و الألم ( صوت ) و العناق مما ( يرى ) لا مما ( يسمع ) فهنا ( تراسل الحواس ) حيث تضفى الشاعرة صفة شئ على شئ آخر لا يشاركه أصلاً فى هذه الصفة توظيفاً جيداً ، فرؤية الألم تثير فينا شجناً ، و لكنها تضاعف حين يكون لها ( عناق ) ففى هذا ( تجسيد ) للأيادى فى صورة كائن حى يئن ألما ، مما تثير أوجاعنا حياله فإنها قد شغلت منا ( حاستين ) الألم و اليد ، فكان وقعه اشد إيلاماً مما لو رأيناه فقط أو سمعنا و حسب 0
    المزج بين المادي و المعنوى
    لا تفلتها لذة الليل
    لكنها فى ردائها الذى كلما خلعته
    اشتدت شهوتها فتنة
    تشبة القدمين السائرتين
    نحو هذه الظلمة فيها
    الشاعرة هنا تمزج بين ما هو مادي و ما هو معنوى فلذة الليل و الرداء الذى خلعته 000 هما هنا يرسفان فى القيود و تقييد القدمين الثائرتين أمضى من تقيد الايدى و الارجل فمادة القدمين من الرقة بحيث لا تحتمل خشونة القيد و قيد القدمين لن يكون إلا فى الظلمة و قد يكون قيدها نوراً يعيش أو مناظر تؤذى ارقً يحرمها لذة النوم ، أو عله ، و هو يصب فى النهاية فى الظلام و القدمان ترسفان ( الشهوة ) من شبق و هذا هو المزج بين المادى ( الشهوة ) و المعنى ( شبق ) و قد حاولت أن أتمثل هذه الصورة فلم أوفق ، ( فالقدمان السائرتان ) و ( شهوة الفتنة ) توحى بالاعتناق ففيهما النور و التالق و الحركة ، كذلك فالشبق منه من ( الحيوانية ) ما يتنافى و ما فى الظلام من سواد ( و لكنها فى ردائها الذى كلما خلعته ) حصارا آخر يؤكد تقييد الجسد ، و تقيديها يؤكده مما يوحى نحوه ( انحنت ، و الشرفة تعلو ) و خلع الراداء يفيد تغير وجها بهذا الوصف و لم تذكر ( الشهوة ) أو تجعلها من معطيات ( الفتنة ) فهذا يترك للمتلقى استشفاف الموقف دون تدخل من الشاعرة 0
    ( الرقصة التالية ستعلمان أكثر ) التعبير هنا موقف فالشاعرة لم تقل ( ستعلمنى ) أكثر ، و إنما قد جعلتها للجمع ( ستعلمنا فقولنا أنا ) ( العشق ) أقوى من قولنا أنا ( أعشق ) فالتعبير ( بالمصدر ) افعل من التعبير ( بالفعل ) فهى تعى أن ( الموصوف ) هو هو عين ( الصفة ) أو على الاصح هو هو ( مصدرها ) 0
    هكذا تضحكنى الأشباح
    هكذا ألهث وراء الظل
    تصوير مجسد للضحك فى صورة لها من الفعالية مما يجعل ( الظل ) يلهث و إضافة ( الشبح ) للضحك أشد فعالية مما لو قالت ( تضحكنى هكذا الأشباح ) من رحلة الغيبيات إلى رحلة النور و الألق و الفؤاد 00 و رحلة الفؤاد لا تكون إلا رحلة ( حب ) ، ( الظل ) شئ ( غامض ) و الرقصة ستعلمنى و الرداء و لذة الليل 00 فشاعرتنا تريد أن تقول أن هذه الفتاة المخترقة رغبة ، المحاصر وجهها ما بين كتاب و سوار ، يخرجها من أو من سيوجهها فى عالمها ( الشهوة ) ضحك الأشباح و لهث وراءها و لكن كلمة ( الهث ) مثل ( ظلام ) يذهب بالادلة قد جاءت لا تساوق المسار النفسى لهذه الصورة ، فالتى تحيا ( الأشباح ) هى فى الحقيقة رحلة ( شحوب ) حتى ( وراء الظل ) و إنما هو جو مشحون باللهب و السعير و لا يقال عن نار الشهوة إنما ( اللهث ) إلا فى موطن ( السخرية ) و فى الحقيقة لقد وقفت الشاعرة ميسون صقر من حيث ( السيناريو ) فقد جاءت الصور مجيئاً يسلم كل صورة إلى التى تليها ، حينا و بعدها شعراً لابط إحدى الجثيتين
    غصون لأشجار تكسرت
    و بعض نبيذ معتق
    تعبير جيد جداً فالشاعرة تقل الأشجار لغصون تكسرت و تركت لنا محن المتلقين تتمة الصورة ، أو استشفاف ما تريده الشاعرة دون إيضاح ، و هذا مما يجعل المتلقى أكثر بمعاينة للعمل ، إذ أنه يشعر بأنه ( مشارك ) فيه و مناجل لأجساد تلاقت فى ود 00
    صورة بعض ضوء
    تحت الخيمة السوداء
    غصون لأشجار تكسرت
    و بعض نبيذ معتق
    مناجل لأجساد تلاقت على ود
    و الهواء الثقيل
    يصيح نجمة محيرة و تخيلها متعذر – فمناجل الأجساد هذا ( تجريد ) مقبول يصور الجسد فى حالة ( الألتقاء ) و هذا يكفى ( التلاقى فى ود ) أما كون المناجل فى ود فمن الممكن أن يشرق و لكن فى أعين الأخرين أو حتى فى دمائهم ، و قد نقبل بعد جهد ، أن يتلاقى الجسد فى ود ، كإنعكاس لحيوية الجسد و تألقه على الدم و لكن لم هى ( مناجل ) بالتحديد ؟ فلو قالت ( بأس الأجساد تلاقت فى ود ) لما تساءلنا و امتداد الشارع ما بين الفؤاد و البصر صورة متماثلة فها هو الشارع يطول و يرحب فهو يقع ما بين لذة ( الصبح - و النجمة ) فأن حد من ناحية الصبح فلا يجد من ناحية ( النجمة ) و الشاعرة لم تقل ما بين ( صبح و نجمة ) و إنما ما بين الصبح و النجمة المشع للضوء و كلاهما أفعل من ( القلب و العين ) فالقلب وعاء ( النبض و العين وعاء البصر ) فالشاعرة إذن خارجة عن الحضارة بين ( وعائين ) و هو يزداد ( طولاً ) كلما نظرت الشاعرة للقمر و هذه صورة فريدة ، فالشاعرة حين تنظر إلى الملأ لا ترى ما ( يحد ) طريقه ، فعيناها سابحتان فى ( لانهائية ) و هنا نظرت إلى ( نجمة الصباح ) و النجمة بما تحمل من رصيد شاعرى لا حد له ، أكثر رحابة من ( السماء ) ذاتها لا من حيث ( الرفعة ) و لكن بما تحمله من خيالات عبر القرون فيكون الانجذاب اليه مستغرقاً بحيث لا يرى السائر المنجذب لطريقه نهاية 0
    و الهواء الثقيل
    يصبح نجمة حينا
    لماذا ( الثقيل ) فهذا يدعو للتساؤل لاسيما و الشاعرة لم تشر من قبل إلا إلى ( الخيمة السوداء ) و تكسر الأشجار و إن كان مقصود بها مجرد ( اللقاء ) تقول تلاقت على ود - إلا أنها تسعى ( الجثيتين ) لا تتفق مع لقاء مناجل الأجساد بالقيدين فالشاعرة لا ترمى بالطبع إلى الرضا عن القيود و بحيث يكون هذا الرضا ملاصقاً للهواء الثقيل 0
    يجتثنى عرق ينزف
    تعبير موفق على الرغم من مجافاته لمنطق القائل لــ ( يجتثنى عرق ينزف ) فالعروق ( وعاء ) و النزف ( دماء ) و المنطق يروى السائل عن وعائه و لكن فى مجال الشعر يعذب أحياناً أن ( نكسر ) هذا المنطق كذلك ( عصموا الاعضاء بالبتر و خلقوا من أعضاء أخرى ) فالبتر يجعل من العضو ( منفصلاً ) ذا انفصال يجهز على باقى الأعضاء عضو إثر عضو 00 من قصيدة ( العصيان ) 0
    حنانى الذى مر علىّ دون أن أراه

    الحنان الشريد ( إنحناء ) فاقدامنا المرهفة و خطانا ( توسدت ) هذا الحنان فهو يمر شارداً لا يستقر تعرف كيف تلوك المسافات و مرور الحياة حين استوعبها الذئاب ، فالمسافات و مذاق نكهة الفم تصور جيداً لهذا ( الحنان ) بالحب فهو متعود على ( مرور الحياة ) للمسافات و الإرتحال الطويل فى عالم الحب و كذلك الحرقة التى تسيل على الكرسي من الجسد للأعين العنيدة فهى عاشقة مغامرة تواجه عناء الأعين 00 من قصيدة ( الوهم ) ص 34
    لا تبوح لي
    و لا تكثر الكلام عنك
    و حين أصيح فى هذا الفراغ
    أنت أعلم علم المعرفة
    بأنك لن تصافح يدى إلا بسكين


    ( البوح ) هنا هو ( لحظة سحر تطوف بالمصافحة ) فهذه اللحظة لا تحملنى أنا و إنما تحمل عنى الفراغ فهى ( أعلم أعلم ) بطريق المصافحة بحيث تحول إلى مجرد ( محفه ) أنا عليها 00 فهى لم تكلفنى عناء السعى و إنما أبقت على قواى أن تبدد فى سير و أبقت على ذات الصياح أن يتكبد عناء المصافحة ، كذلك فقد أقالت اليد المحملة بسكين سنين العمر من تعثرها لأنك فى ( تجسيد ) هذه الصورة للعمر و تصوير فى هيئة القلب الذى يحمل سكينا لتقبل الحبيب حين يتعثر فى بعد المسافات بين حبيبته 0
    يداك تبدلان نزقى
    ما سهوت حين يمتلك القلب
    موتك الذى احمله
    ولادة فى السر

    و هنا إيحاء باستجلاب الأمن و الذكريات الفرحة من باب ( لتكون لك مرفأ ) و جميل جدا أن تأتى الحبيبة كالصخرة لتفتح شباك القلب و ما يفتح صباحا إلا لدخول النور و النسائم ( صرختى فى الجبال ) المشعرة بالألفة 0 أما صرختى فى الجبال و أجلى ينسحب فإذا به ( مولود ) و إذا بالمرفأ ايدى أم رءوم هى ترشق كل الفنون بالدفء ( لأكون عند ظهرك - عبرت ) ما لها فى توق الوحدة ، الحزن ، الهم ، الحيرة ، و أنا أسمى مثل هذا التعبير ( الولود ) 0 من قصيدة ( لأكون عند ظهرك ) ص 55 0
    يناولنى يومه لأجلى
    رأيت كيف سأنزل الجبل
    الصورة الأولى مصوغة باقتدار فأجلى تناولنى و الأجل ( نهاية ) مما يجعل من الأجل نتيجة له ، و قد كدت أقول ( مناولة يوم الأجل ) تحصيل حاصل و لكن لا بأس فمن الممكن النكران مع استمرار المعاناة 0
    رأيت كيف سأنزل الجبل

    لا لزوم لها 00 فالأجل هنا يشى بانعدام الحركة مما يترتب عليه ( عدم القدرة على النزول ) خصوصاً و الشاعرة تكرر معنى ( النكران ) 0
    و إينما تقلبت أوتار غنى
    كأنما روحه معضلة – كأنما ما كنا

    و فى تعبيرها ( تقلبت أوتاره ) امتلاء بالمعنى فى تركيز مدهش ، فكأنها تقول لقد حاولت السعى إليك شوقاً و لهفاً بالغناء و الوتر فهذا الحلم لم يكن حلم ( روحه ) و إنما حلم يقظة يعنى إنشغالى بك مما دفعنى أن أسعى إليك بروح معضلة و لكن كأنما ما كنا و الأوتار بالغناء أنكرتنى و خانتنى فلم أقو على المجئ إليك فهل أدركتنى روحك ؟ و الروح هنا تعنى ( القلب ) كلها فهذا تعبير ( بالجزء عن الكل ) و اختارت العين لأنها أهم وسائط الاتصال و قد ختمت القصيدة ختاماً مدهشاً 0
    لم تكن أمى حين سقطت متلفة
    لم تعد ثوبى الذى ألبسنى العافية
    و لا محملا بالآثام نحوى
    صبرك على الحياة سينفد
    و سأعتاده الحب دونك

    فها هو الحب ( الآثام ) تضمه لصدرها و ترسله ليعتاد الحب من دونه يثير صبرها على الحياة ثم ينفد
    أحلم كأننى أرى
    يجب ألا يتكرر صوتى
    أنت شئ أو تحفة
    الحلم هو بداية ( كل شئ ) فالصوت تعبير عن ( المادي ) و التكرار ( عن المعنى ) و هذا تصوير مكثف 00 فالحلم يعنى ( السعى و المضى ) و ما من عمل إلا و السعى و المضى روحه و كيانه فالعمل ( فعل ) و العقل ( حركة ) لذلك جاءت ( الأحلام ) لكن ( الكون ) محور الحياة 0
    تحركنى بأحشاء الكون معبرة إلى ( صبرك على الحياة ) إلى حيث التغلغل فى الأحشاء يعيدنا هنا ليس معبر ( أنت شئ ) داسها إلى التحفة مما منها 00 إذن ( يتكرر صوتى ) و أكثر منهما يتغلغل من الغيرة حتى النخاع و هما ملازمتاه أبداً ولانقطعت به الآثام عن الوصول إلى أى مكان ، و كما حملناه فهو يحمل عن صاحبتهما كل شئ مركزه فى كلمة ( ألبسنى ) فكل شئ ( بمعيار ) و يغامر من أجلى ( و سأعتاده الحب دونك ) مكابدة الظلمة و المخاوف و المجهول ::
    كان قد نام فى حضنها
    حين وصلنا
    تمطت و خرج سريعا
    هذا التمطي يضم كل ما هو معنى 00 قد نام فى حضنها و تصح كذلك ( خرج مسرعاً ) فهى معانقة بالغة فها هو يتمطى و يعانق فى ( ارتياب ) صورة طريفة فعالة الحرير الذى فى كلامه 00
    الحصان المتهور
    يترك لي ركضا
    و صوتى يثرى النزيف
    يمتد للكهوف - يتكسر
    صورته تشكيل الأذى
    يا له من امتداد متكسر

    فى كل مكان فيه أسطح نابضة ثم نبضات فإثراء النزف و الصورة المشكلة للأذى – هنا معبرة عن سطح كل ( ركض ) العرق ، الدم ، الأنفاس 0
    و بعد هذه الصورة الفريدة لشاعرتنا المتميزة ميسون صقر لا أجد ميلاً إلى الاستمرار لأن الديوان زاخر بالعديد من الصور الموحية و إنما أنا مقدم نماذج فحسب و لم أتناول من الديوان إلا النذر فلو ذهبت إلى ( الإحصاء ) لأستوجب هذا منى كتاباً ضخماً و حسبنا أن ندفة الذهب تحمل حصيلة السنبلة كله 00 و بعد فهذه محاولة للدخول إلى العالم الشعرى عند الشاعرة الإماراتية المتألقة (( ميسون صقر )) حاولت خلالها الاقتراب من الرؤيا الشعرية عندها و سعيت إلى ايجاد العلاقة الخفية بين موضوع شعرها بصوره الجميلة و أدوات بنائها المتفردة 0
    إن الشاعرة ( ميسون صقر ) هى علامة ملحوظة فى خريطة الشعر العربى المعاصر بما لديها من حساسية شاعرية و ما تمتلكه من صدق فنى و مشاعر متوقدة تؤكد مقولة نوفاليس الشاعر و الكاتب الألمانى ( ت 1801 ) فى شذراته من أن الشعر ( هو مسلك النفس الجميلة الموقعة ، صوت مصاحب لذاتنا المكونة ، مسيرة فى بلد الجمال ، أثر ناعم يشهد فى كل مكان على أصابع الإنسانية قاعدة حرة ، إنتصار على الطبيعة الفجة فى كل كلمة ، فطنة تعبير عن فعالية حرة مستقلة ، علو و إرتفاع ، بناء للنزعة الإنسانية ، تنوير ، إيقاع ، فن )

    انتهت
    المراجع و الهوامش

    1- كتاب ( فن الشعر ) ترجمة إنجليزية – انجرام باى ووتر - قام بالترجمة العربية و تقديمها و التعليق عليها د 0 ابراهيم حمادة ص 56 - طبعة 1989 - مكتبة الانجلو 0
    2- موسوعة الفكر الأدبى - الجزء الأول - الهيئة المصرية العامة للكتاب - 1988 ص 4
    3- دليل الناقد الأدبى - د 0 نبيل راغب - دار غريب للطباعة و النشر - ص 197
    4- نسيم مجلى - دراسة بعنوان ( أمل دنقل ) كتاب المواهب - الهيئة المصرية العامة للكتاب – 1988
    5 – أنور الخطيب : أدب المرأة فى الإمارات ، الجزء الثالث ، أبحاث الملتقى الثانى ، الشارقة ، اتحاد كتاب و أدباء الإمارات 1989 م ، ص 30 إلى ص 31
    6 – الرشيد أبو شعير : مدخل القصة الإماراتية - اتحاد كتاب و أدباء الامارات - الشارقة فى 1998 م ص 42 إلى ص 43


    منقول

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 4:50 am