آليات التشكيل
السردي في القصة القصيرة المعاصرة في التسعينيات
"الرقص
على حافة الجرح نموذجاً"
الناقد د/ مراد عبدالرحمن مبروك
الأستاذ المساعد بجامعتي القاهرة وقطر
مفتتح
(1)
تطورت القصة القصيرة المعاصرة في بعض الأقطار العربية تطوراً فنياً ودلالياً وذلك
نتيجة التغيرات التي طرأت على واقعنا العربي في الربع الأخير من هذا القرن، وبرغم
تأخر ظهور القصة القصيرة في بعض البلدان العربية لأسباب فنية وسياسية واجتماعية
وثقافية، كما في بعض بلدان المغرب العربي والخليج العربي، إلا أنها في بعض هذه
البلدان استطاعت أن تتطور تطوراً فنياً ملحوظاً وان تخطو خطوات متقدمة كي تواكب
مسيرة التطور التي لحقت بالقصة القصيرة في الوطن العربي.
وكان من مظاهر هذا التطور تعدد مستويات السرد في النص القصصي بحيث لا يقف عند تشكيل
احادي، أو بُعد أحادي الروية، بل يتجاوز البعد الأحادي إلى أبعاد ايحائية ودلالية
متعددة.
ولعلنا لا نبالغ حين القول، إن القصة القصيرة العربية المعاصرة منذ أواخر الستينيات
وحتى الآن (1997) عنيت عناية كبيرة بالجانب السردي نجد ذلك على سبيل التمثيل في مصر
في بعض قصص بهاء طاهر، وإدوارد الخراط، وجمال الغيطاني، ومحمود عوض عبدالعال، ومحمد
حافظ رجب، ومجيد طوبيا، وأحمد الشيخ، وعبدالكريم قاسم، وإبراهيم عبدالمجيد،ومحمد
المخزنجي،وإبراهيم اصلان، ومحمد مستجاب، ومحمد إبراهيم مبروك، وعز الدين نجيب،
ومحمد جبريل، وجار النبي الحلوة، وقاسم مسعد عليوة، وعلاء الديب، ومحمد المنسي
فنديل، ورفقي بدوي، ووفيق الفرماوي، ويوسف أبورية، ومحمود الورداني، وفي بلاد الشام
نجد بعض قصص غسان كنفاني، وهاني الراهب، ووليد إخلاصي وجورج سالم، ومحسن يوسف، وجبر
إبراهيم جبرا، ومحمد كامل الخطيب وغادة السمان، وخليل الجاسم الحميدي، وعبدالله
أبوهيف، وزكريا شريف، وإبراهيم خليل، وإميل حبيبي، وحنا مينا، وزكريا تامر وغيرهم.
وفي العراق نجد بعض قصص، شاكر خصباك، وعبدالرحمن مجيد الربيعي، وغائب طعمة فرمان،
ومهدي عيسى الصقر، وغانم الدباغ، وفؤاد التكرلي، وعبدالحق فاضل، وعبدالملك نوري.
وفي بلاد المغرب العربي نجد بعض قصص عبدالله العروي، ومحمد زفزاف وطاهر بن جلون،
وإبراهيم الكوني، وعبدالحميد هدوقة.
وفي بلاد الخليج العربية نجد بعض قصص، أحمد يوسف وعبدالله أحمد باقازي، وفوزية
رشيد، وليلى العثمان، وكلثم جبر، ومريم جمعة فرج، وسلمى مطر، وحسن رشيد، ويتضح ذلك
من خلال بعض دراسات الدكتور محمد عبدالرحيم كافود والدكتور عمر الطالب(1) ويواصل
جيل الشباب في الوطن العربي هذه المستويات السردية المتعددة فنجد جيلا في طور
التشكيل الفني، لا يبدأ من حيث ما بدأت القصة القصيرة العربية، لكنه يبدأ من حيث ما
انتهت إليه، فيبدأ بالتشكيلات السردية المستحدثة في القصص القصيرة. قد تكون هذه
التشكيلات لها ما يبررها فنياً في بعض المواضع وغير مبررة في مواضع أخرى، لكنها
تجسد في كل الأحوال مرحلة من مراحل التشكيل الفني في مسيرة القصة القصيرة من ناحية
وفي مسيرة الكاتب من ناحية ثانية.
ويصعب علينا في هذا الموضع حصر كل القصص القصيرة العربية لدى الشباب أو في عقد
التسعينيات لأن ذلك يحتاج إلى فريق عمل متكامل يقوم بإعداد ببلوجرافيا للقصة
القصيرة في الوطن العربي، وإذا كنا في قُطر عربي واحد هو مصر وفي فترة زمنية وجيزة
(1967-1984) أحصينا حوالي ثمانمائة كاتب للقصة القصيرة ممن صدرت لهم قصص قصيرة
منشورة بالدوريات أو بدور النشر العربية (2)، فكيف يكون الحال بالنسبة للقصة
القصيرة المعاصرة في كل الأقطار العربية. غير أننا نستطيع القول من خلال متابعتنا
لبعض هذه الأعمال –إن هناك ملامح مشتركة في مستويات السرد لدى هؤلاء الكتاب الشباب،
أو لنقل كتاب "الجيل الجديد" وهو الجيل الذي تشكلت ملامح الإبداع القصصي عنده في
النصف الثاني من التسعينيات، إذ أن هذا الجيل يحمل مسيرة القصص القصيرة في الرمق
الأخير من القرن العشرين وحتى أوائل القرن الحادي والعشرين.
ونقف على سبيل المثال عند مجموعة قصصية لواحد من الجيل الجديد هو الكاتب القطري جمال فايز، ومجموعته "الرقص على حافة الجرح" التي صدرت عام 1997، وهي المجموعة القصصية الثانية للكاتب، وعلى الرغم من أن الكاتب صدرت له المجموعة القصصية الأولى بعنوان "سارة والجراد" عام 1991، إلا أنه يعد أن البداية الفنية الحقيقية له تتمثل في مجموعته الثانية "الرقص على حافة الجرح" ونحن بدورنا نتفق مع الكاتب في هذه الرؤية ومن ثم اقتصرت هذه الدراسة على هذه المجموعة التي تمثل المسيرة القصصية للكاتب من عام 1988 إلى عام 1997. | | |
فقد كتب أول قصة في هذه المجموعة وهي قصة بعنوان "فئران وحجارة" عام 1988 وآخر قصة
هي "الكهل الصغير" في يناير عام 1997، وقد نشر معظم قصص هذه المجموعة في الصحف
القطرية خلال الفترة المعنية، ويتضح هذا من خلال ببلوجرافيا المجموعة الملحقة في
نهاية الدراسة.
(2)
نعني بالسرد
Narration
ذلك المعنى الذي أراده س.ر.كينان
(S.R.Kenan)
وهو التواصل المستمر الذي من خلاله يبدو الحكي
Narrative
كمرسلة يتم إرسالها من مرسل إلى مرسل إليه (3).
إن السرد لا ينفصل عن الرؤية، لأنه يتشكل وفق القضايا المطروحة في النص القصصي
ويظهر لنا من خلال الأحداث المسرودة والمتتابعة على لسان الراوي في القصة القصيرة
سواء كان الراوي حاضراً يستخدم ضمير المتكلم، أو غائباً يستخدم ضمير الغائب وكل من
القص أو الحكي يقدم لنا في القصة من خلال السرد، لأن الراوي يقدم لنا الأحداث
والمواقف والمشاهد والشخصيات من خلال السرد وفي هذه الحالة يمثل الحكي الإطار العام
للقصة، بينما يمثل السرد الإطار الخاص، فالأول يقدم من خلال الثاني، ولا وجود
للثاني بدون الأول.
والواقع الذي يعيشه الكاتب هو مادة الحكي، لأجل ذلك يتشكل الحكي وفق تشكل المادة
المحكية، والسرد بدوره يقوم بصياغة المادة المحكية في شكل قصصي.
وتعتمد دراستنا لآليات التشكيل السردي في مجموعة "الرقص على حافة الجرح" للكاتب
جمال فايز على ثلاثة مستويات هي:
1-
السردية اللغوية.
2-
السردية السياقية.
3-
السردية "الزمكانية".
السرية اللغوية:
وتتمثل هذه السردية اللغوية في علاقة الصيغ السردية بالسارد، وفي مستويات السرد
اللغوي بعد أن تتشكل هذه الصيغ.
ونستطيع دراسة هذه السردي اللغوية في هذه المجموعة من خلال محورين، الأول: الصيغ
السردية والسارد، والثاني: مستويات اللغة المسرودة.
3/1
الصيغ السردية والسارد
عني بالصيغ السردية عدد كبير من الدارسين مثل: وين بوث وايخنباوم، وويلك ووارين
وغيرهم، ذلك أن الصيغة عندهم تمثل الأداة الفاعلة في النص القصصي، كما أنها تعد
الأداة الطيعة للقاص وتحدد هوية النص وأبعاده الزمكانية(4) وتتمثل العلاقة بين
الصيغ السردية والسارد في هذه المجموعة القصصية في جانبين:
-
السارد الحاضر "المشارك".
-
السارد الغائب "الراصد".
3/1/أ:
السارد الحاضر:
ويعني به السارد المشارك في سياق القصة وأحداثها من خلال استخدامه ضمير المتكلم، أي
أن الأحداث والمشاهد والصور القصصية تصلنا من خلال السارد نفسه، لأن السارد حينئذ
يكون حاضراً ومشاركاً في أحداث القصة وكأنه شخصية من شخصيات القص. وأهم قصتين
استخدمتا هذا التكنيك في قصص المجموعة هما: "الركض في الوحل" و"الرقص على حافة
الجرح" ففي قصة "الركض في الوحل" اعتمد الكاتب في معظم الصيغ السردي في هذه القص
على "السارد الحاضر" المشارك في كل أحداث القصة يقول: "وهكذا رأيت" ووقتها حاولت كف
النظر لكني فشلت، حاولت الاستغاثة فلم تخرج الكلمات، اثملتني حتى النخاع، كنت أراها
في البحار والأنهار والهضاب وبين الصخور، تتهافت علي في كل حين كطائر أخضرن يحوم في
الافق البعيد، تحوطها سيوف الأخوة من كل صوب، تقيها شر نظرات الغريب سرت إشاعة
خرجت مهرولاً لتقصي الحقيقة، وعندما وصلت وجدتها ترقد في بركة من الدماء..".
فالسارد هنا لا يرصد الحدث من الخارج لكنه يمثل شخصية من شخصيات القصة، وذلك
باستخدام الكاتب ضمير المتكلم، إن السارد في هذه القصة هو أحد الأخوة الذين كانوا
في مرحلة من المراحل أقوياء ويغارون على أرضهم وعرضهم، ولكن مع تغير معايير الواقع،
حل الضعف والوهن في عضد الأخوة، فأصبحت الأرض تستلب والشرف يغتصب بينما هم غارقون
في ملذاتهم الذاتية وكؤوسهم الحمراء.
واللافت للنظر أن المجموعة القصصية كلها لا نجد فيها إلا هذه القصة التي تعتمد على
السارد الحاضر، مما يدل على أن الراوي لا يعني بمشاركته في صياغة الحدث، لكنه يعني
برصد الحدث من الخارج. وعلى الرغم من أن هذه القصة بدأت في بدايتها بالضمير الغائب
إلا أن البنى السردية الطاغية في كل النص هي بنى الضمير الدال على الحضور، وتتفاوت
الصيغ الدالة على الماضي والحاضر والمستقبل وفقاً لمعايشة السارد للحدث، فكلما كان
السارد معايشاً للحدث زادت الصيغ الدالة على الحاضر والمستقبل، والعكس صحيح، كما هو
موضوح في جدول الصيغ السردية.
3/1/ب:
السارد الغائب:
ويعني به السارد الغائب أو الراصد أو المشاهد للأحداث التي يرويها عن غيره دون أن
يتدخل فيها، وذلك من خلال استخدام ضمير الغائب، وهذا النمط شكل محوراً بارزاً في كل
قصص المجموعة ما عدا قصة "الركض في الوحل" التي وقفنا عندها، وأهم القصص التي
استخدمت "تكنيك" السارد الغائب هي: الكهل الصغير، وحطام المسافات البعيدة، وفحيح
العاصفة، وتابوت من لحم، والرقص على حافة الجرح، والشرنقة، والمكافأة، ويوم الحصاد،
وإظلام، وفي عرض الشارع، وتوحد، وفئران وحجارة.
وفي هذه القصص نجد الكاتب يستخدم السارد الغائب من خلال استخدامه ضمير الغائب،كما
أن السارد لا يشارك في الأحداث بل يرصدها من الخارج أي أنه ليس شخصية من شخصيات
القصة يتفاعل معها ويشارك في أحداثها بل هو شخصية خارجية ترد الأحداث وترصدها دون
التدخل فيها.
يقول على سبيل المثال في قصة الكهل الصغير، "منذ
أن جاءت إلى المدينة الغيمة الكبيرة، وحجبت عن أهلها أشعة الشمس، وماؤها لا يكف عن
الهطول صباحاً ومساء" ويتابع سرد القصة مستخدماً ضمير الغائب حيث يصف المدينة التي
تغيرت معالمها، وتغيرت عاداتها النبيلة دون أن يتدخل السارد في أحداث القصة، ودون
أن يكون شخصية من شخصياتها.
ويقول في قصة "تابوت من لحم" حاوية قمامة تطل منها رؤوس أكياس عديدة توقفت بالقرب
منها سيارة فارهة، طلاؤها أحمر، ومن الداخل اسود، ورجل يترجل منها، يتقدمه كرشه
المنفوخ، ومطفأة سجائر، يمسكها بيده اليسرى، وهكذا نجد السارد في كل القصص المشار
إليها يسرد الأحداث دون أن يتدخل فيها، ويقف عند حد الرصد والمشاهدة.
ولعل شيوع هذا النمط في العملية السردية يرجع إلى أن السارد الغائب لا يميل إلى
الفعالية المباشرة مع الحدث، وليس عنصراً فاعلاً في الأحداث، بل يكتفي بالرصد
والتسجيل للأحداث الحياتية المعبر عنها في نسيج القصة.
غير أن السارد الحاضر يعبر عن رغبة السارد في أن يكون فاعلاً ومفعولاً في الحدث في
آن واحد.
كما أن العلاقة بين السارد والغائب والصيغ السردية تتوقف على طبيعة معايشة السارد
للحدث القصصي فكلما كان معايشاً للحدث في زمن الحضور أدى ذلك إلى زيادة الصيغ
الفعلية الدالة على الحاضر والمستقبل والتي تتمثل في صيغ "أفعل – يفعل
- !
يفعل – نفعل
- تفعل" غير أن هذا الأمر غالباً ما يكون في طريقة السارد الغائب لذلك في كل قصص
المجموعة لا نجد زيادة للصيغ الدالة على المستقبل أو الحاضر إلا في ثلاث قصص هي:
"فحيح العاصفة، إظلام، فئران وحجارة" ففي الأولى كانت نسبة الصيغ الدالة على الحضور
والمستقبل إلى الصيغ الدالة على الماضي (33:40) والثانية كانت النسبة (34:51)
والثالثة كانت النسبة (63:100) كما هو موضح في "جدول الصيغ السردية والسارد" ونظن
أن هذه الزيادة ترجع إلى اعتماد جزء من سرد هذه القصص على الحوار، لأنه من خلال
دراساتنا واستقرائنا للعديد من النصوص القصصية والروائية العربية وجدنا زيادة الصيغ
الفعلية الدالة على الحضور والمستقبل على الصيغ الدالة على الماضي، ولذلك نجد أن
هذه القصص برغم اعتمادها على السارد الغائب إلا أن هذه الزيادة تعزي إلى اعتماد جزء
من العملية السردية فيها على "السرد الحواري".
وكذلك الأمر في بعض القصص التي تقاربت فيها النسبتان – نسبة الصيغ الدالة على
الحاضر والمستقبل ونسبة الصيغ الدالة على الماضي- مثل قصة "الكهل الصغير" وحطام
المسافات البعيدة.
وكلما كان السارد غائباً عن الأحداث وغير مشارك فيه ولا يتدخل في سياقه ولا يعد
شخصية من شخصيات القصة كلما أدى ذلك إلى زيادة الصيغ الدالة على الماضي على الصيغ
الدالة على الحاضر والمستقبل. هذا ما نجده شائعاً في طريقة السارد الغائب، حيث نجد
معظم قصص هذه الطريقة يتحقق فيها هذا الأمر ، فنجد ذلك في قصص، الكهل الصغير بنسبة
(42:26)، وحطام المسافات البعيدة (39:44)ن تابوت من لحم (14:20) في عرض الشارع
(8:14)، توحد (3:12)، كما هو موضح في جدول "الصيغ السردية والسارد".
ومن ثم يتضح أن معظم قصص المجموعة اعتمدت على "السارد الغائب" ومعظم قصص السارد
الغائب زادت فيها صيغ الماضي على الحاضر والمستقبل، مما يؤكد وقوف السارد في هذه
القصص عند حل الرصد والمشاهدة.
ومن ثم يتضح أن معظم قصص المجموعة اعتمدت على "السارد الغائب" وأن معظم القصص التي
اعتمدت على طريقة السارد الغائب زادت فيها الصيغ الفعلية الماضية على الصيغ الفعلية
الدالة على الحاضر والمستقبل، مما يؤكد أن السارد الغائب يقف عند الرصد والمشاهدة،
وأن صيغ الماضي تتوافق في معظم الحالات مع السارد الغائب، بينما تتوافق صيغ الحاضر
والمستقبل مع المعايشة الفعلية للحدث ومع الحوار السردي، ومع المناجاة النفسية،
والتداعي النفسي.
ونقف عند قصة واحدة على سبيل المثال لتوضيح مدى اعتماد السارد الغائب على الصيغ
الماضية، ففي قصة "الشرنقة" يقول: على مدرج المطار دخل المسافرون في جوف الطائرة،
البعض منهم شعره أشقر، والبعض الآخر شعره أحمر وجميعهم ثيابهم شبه عارية ما عدا
سيدة غلف جسدها برداء أسود، ولا يظهر منها غير عينيها من فتحة مستطيلة صغير، لفتت
إليها الأنظار، وحاول عدد من المسافرين التودد إليها، لكن حياءها أبى كل حديث، وصد
كل ساع إليها".
فنجد في هذا النص زيادة الصيغ الفعلية الماضية زيادة كبيرة على صيغ الحضور
والمستقبل، فالصيغ الماضية في مثل قوله: دخل، غلف، لفتت، حاول، أبى، صد، بينما لا
نجد إلا صيغة واحدة تدل على الحضور وهي "يظهر". ويرجع ذلك كما ذكرنا إلى طبيعة
معايشة السارد للحدث من ناحية، وإلى طريقة السارد في النص القصصي من ناحية ثانية.
3/2:
مستويات اللغة السردية
إن العلاقة بين العملية السردية ومستويات اللغة علاقة حميمة من خلال اعتماد الكاتب
في السرد على الجانب اللغوي، واعتماد الجانب اللغوي على الموروثات الثقافية
والحياتية التي شكلت وعي الكاتب، وتنقسم هذه المستويات اللغوية السردية إلى قسمين:
الأول أنماط اللغة السردية، والثاني: التعبيرات اللغوية الخليجية.
3/2/أ:
أنماط اللغة السردية:
تتمثل أنماط اللغة السردية في قصص جمال فايز في لغة الحياة اليومية، واللغة
الشاعرية، والجمل القصيرة المكثفة و"التكرار الترابطي".
أما عن لغة الحياة اليومية، فإننا نعني بها اللغة الأدبية الراقية التي لا تستخدم
تعبيرات معجمية غريبة عن روح العصر، كما أنها لا تستخدم تعبيرات وألفاظاً سوية لا
ترقى إلى لغة الفن، لكنها لغة فنية متوسطة بين المعجمية والسوقية.. ونجد ذلك في كل
قصصه يقول في قصته "الركض في الوحل" على سبيل المثال: "كان الأخوة مفتولي الشوارب
والعضلات، حادي النظرات لهم أخت فاتنة تفوق كل وصف وخيال، هكذا قيل، وهكذا رأيت،
ووقتها حاولت كف النظر لكني فشلت، حاولت الاستغاثة فلم تخرج الكلمات".
وتتضح اللغة الشاعرية في بعض القصص غير أنها شاعرية خافتة لا تعتمد على تماثل
التفعيلات العروضية، بل تعتمد على تماثل الوحدات الصوتية مثل تماثل المقاطع الصوتي،
وتماثل الجرس الصوتي، وتماثل النبر، والتنغيم والمفصل، والجهر والهمس، والشدة
والرخاوة، والأصوات التكرارية، والصفيرية. يقول في قصة "توحد" على سبيل المثال
"وعلى احدى درجات السلم" من غير قصد ولا موعد، تلافت النظرات، تعانقت الأنفاس، تذكر
البدء يوم أن كان الانسان للإنسان ووشاح من ضوء أبيض يغلف جسدينا".
ويتضح الإيقاع في هذا النص من خلال تماثل المقاطع الصوتية على النحو التالي:
و ع لا !ح د ا د ص ح ص ح ص ح ح ص ح ص ص ح ح ص ح cv cv cvv cvv cvv cv ر جا تس سل لم ص ح ص ح ح ص ح ص ص ح ص ص ح ص Cv cvv cvc cvc cvc من غي ر قص د ن و ص ح ص ص ح ص ص ح ص ح ص ص ح ص ص ح cvc cvc cv cvc cvc cv لا مو عد ص ح ح ص ح ص ص ح ص Cvv cvc cvc ت لا ق تن ن ظ ص ح ص ح ح ص ح ص ح ص ص ح ص ح Cv cvv cv cvc cv cv رات ت عا ن ق تل ص ح ح ص ص ح ص ح ح ص ح ص ح ص ح ص Cvvc cv cvv cv cv cvc ان فاس ص ح ص ص ح ح ص Cvc cvvc ت ذك ك رل بد ء ص ح ص ح ص ص ح ص ح ص ص ح ص ص ح Cv cv cv cvc cvc cv يو م أن كا نل إن ص ح ص ص ح ص ح ص ص ح ح ص ح ص ص ح ص Cvc cv cvc cvv cvc cvc سا ن لل إن سان ص ح ح ص ح ص ح ص ص ح ص ص ح ح ص Cvv cv cvc cvc cvvc و و شا حن من ضو ص ح ص ح ص ح ح ص ح ص ص ح ص ص ح ص Cv cv cvv cvc cvc cvc إن أب يض ي غل ل ص ح ص ص ح ص ص ح ص ص ح ص ح ص ص ح Cvc cvc cvc cv cvc cv ف ج س ديـ نا ص ح ص ح ص ح ص ح ص ص ح ح cv cv cv cvc cvv |