منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    مفهوم الخطاب في الدراسات اللغوية والنقدية

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    مفهوم الخطاب في الدراسات اللغوية والنقدية Empty مفهوم الخطاب في الدراسات اللغوية والنقدية

    مُساهمة   الأربعاء أكتوبر 26, 2011 6:35 am

    مفهوم الخطاب في الدراسات اللغوية والنقدية Icon
    مفهوم الخطاب في الدراسات اللغوية والنقدية
    يُطلَق
    ( الخطابُ ) في اللغة العربية على : " مراجعة الكلام ، وقد خاطبه بالكلام
    مخاطبة، وخطاباً ، وهما يتخاطبان "( أبو الفضل جمال الدين محمد بن منظور :
    لسان العرب ، المجلد الأول ، ص361. (خطب ) )، . أما المعجم الوسيط ، فلا
    يشير إلى تطور هذه الكلمة في العربية المعاصرة ، وإنما يكتفي بتفسير الخطاب
    بالكلام دون تقييد نوع الكلام ، والخطاب بمعنى الرسالة (إبراهيم مصطفى
    وآخرون : المعجم الوسيط ، الجزء الأول ، ص 243 ، وهانز فير : معجم اللغة
    العربية المعاصرة ، ص 246 .). ويظهر من المعنى اللغوي لـ(الخطاب ) اقتصار
    مفهومه على اللغة المنطوقة في حالة المحاورة ،ويضاف إلى ذلك اللغة المكتوبة
    في حالة المراسلة ، وكأنَّ ( التواصل ) في مفهوم هذه الكلمة أمر أساسي في
    تحقق معناها. و(الخطاب) من الألفاظ المتداولة في أصول الفقه ويُرَاد به :"
    توجيه الكلام نحو الغير للإفهام "، كما تتردد في كتب أصول الفقه مصطلحات :
    دليل الخطاب ، وفحوى الخطاب ، ومعنى الخطاب.
    وتأخذ كلمة ( خطاب ) عند
    المحدثين أبعاداً دلالية أخرى تصل أحياناً إلى حد الإلباس. إذ يذكر أحد
    الفلاسفة العرب المهتمين باللغة أنه " لن نبالغ كثيراً إذا قلنا إن
    لفظ(الخطاب) هو أكثر الألفاظ تداولاً في الخطاب العربي المعاصر... وطبيعي
    أن يلحق اللفظ العياء فيفقد كل دلالة ، أو على الأقل لا يعود يعني شيئاً
    كثيرا ً. بل إنه يكاد ، في معظم الأحوال ، لا يعني إلا ما يدل عليه لفظ (
    مقال ) ...والظاهر أن الذين يكثرون من استخدامها تنصرف في أذهانهم نحو بعض
    أقطاب الفلسفة المعاصرة وخصوصاً ميشيل فوكو. لكن ما لا ينبغي أن نتناساه هو
    أن المفكر الفرنسي يستعمل اللفظة كما هي أصولها عند نيتشه ،حيث لا فرق بين
    مفهومي الواقع والخطاب ... ومجمل القول ، ليس الخطاب وعياً يتخذ من اللغة
    مظهره الخارجي ، إنه ليس لساناً وذاتاً تتكلمه،وإنما هو ممارسة لها أشكالها
    الخاصة من الانتظام ." (بتصرف نقلاً عن عبدالسلام بنعبد العالي : بين بين ،
    دار توبقال ، الدار البضاء ، الطبعة الأولى ، ا996م ، ص 78-79. ولكي يدرك
    المرء الأبعاد المضطربة التي يدور حولها مفهوم الخطاب وتعديه حدود
    اللسانيات إلى آفاق أخرى وعلوم متباينة فلينظر في المقدمة التي كتبها حسن
    حنفي لمؤتمر تحليل الخطاب العربي وفي أبحاث ذلك المؤتمر ، تحليل الخطاب
    العربي ، المؤتمر العلمي الثالث ، جامعة فيلادلفيا ، كلية الآداب 10-12
    مايو 1997م. )
    والذي يظهر أن الخلط والالتباس بين مفهومي النص والخطاب
    حاصل في الثقافة الغربية قبل انتقالهما إلى اللغة العربية عن طريق الترجمة ،
    وإن كان يغلب في التقليد الأوربي " استخدام النص ، على حين يغلب استخدام
    الخطاب في التقليد الأنجلو أمريكي . بيد أن التداخل بين النص والخطاب من
    حيث هما اصطلاحان محوريان ، وعلمان لسانيان ، مما لم يحسم أمره في الأدبيات
    . تستطيع عبارات مثل (خطاب النص ) ، و ( نص الخطاب ) ، و ( النص بنية
    خطابية ) ، و ( الأدب خطاب نصي ) ، و ( الخطاب النصي ) ... وغيرها ؛ تستطيع
    أن تؤكد التداخل والاشتباك بين هذين المصطلحين ".( محمد العبد : النص
    والخطاب والاتصال ، الأكاديمية الحديثة للكتاب الجامعي ، القاهرة ، الطبعة
    الأولى ، 1426هـ / 2005م ، ص 7 ، وانظر أيضاً الخلط بين النص والخطاب في
    بعض التعريفات التي استعرضها الكتاب نفسه ، ص ص 8- 11 . كما يمكن النظر إلى
    :
    ـ سعيد يقطين : انفتاح النص الروائي ( النص والسياق ) ، ص 10 .)
    كما
    أن أثر الترجمة إلى العربية قد بعثر في دلالة لفظة ( الخطاب ) ،ومما زاد
    الطين بِلَّةً اختلاف مصادر تلك الترجمة ، واختلاف تخصصاتها ؛ ولذلك فلا بد
    من محاولة استجلاء مفهوم (الخطاب ) في المصدر الغربي الذي خرج منه .
    فالخطاب
    عند الغربيين "كل كلام تجاوز الجملة الواحدة سواء كان مكتوباً أو ملفوظاً،
    غير أن الاستعمال تجاوز ذلك إلى مفهوم أكثر تحديداً ، يتصل بما لاحظه
    الفيلسوف هـ. ب غرايس عام1975م من أن للكلام دلالات غير ملفوظة ، يدركها
    المتحدث والسامع دون علامة معلنة ، أو واضحة ... وقد اتجه البحث فيما يعرف
    بتحليل الخطاب إلى استنباط القواعد التي تحكم مثل هذه الاستدلالات أو
    التوقعات الدلالية "( ميجان الرويلي ، وسعد البازعي : المركز الثقافي
    العربي ، الطبعة الثانية ، 2000م ، ص 89.) ويشير المؤلفان إلى ارتباط تطور
    مفهوم الخطاب بالسياق الثقافي والسياسي في البلدان الغربية الديمقراطية
    التي تتسم بدرجة عالية من التعقيد في تكوينها الاجتماعي والاقتصادي
    والسياسي ، إضافة إلى صبغة العدالة والحرية التي تشيع فيها ، وهو ما استدعى
    على ما يبدو جهازاً مفاهيمياً ومنهجياً موازياً في التعقيد والدقة لكشف
    الهيمنة المتوارية تحت السطح ومحاربتها ... ، وانظر أيضاً :
    - ديان
    مكدونيل : مقدمة في نظريات الخطاب ، ترجمة د. عز الدين إسماعيل ، المكتبة
    الأكاديمية ، القاهرة ، الطبعة العربية الأولى ، 2001م ، ص ص 67- 70 ) حيث
    تدخل المؤلفة في الخطاب جميع العلامات الكلامية وغير الكلامية ، وأية
    ممارسة رسمية أو أية تقنية يتحقق فيها وعبرها الإنتاج الاجتماعي للمعنى .
    ولرصد
    دلالة مفهوم الخطاب في الغرب زمنياً فإننا في البداية سنجدها عند (هاريس)
    حين حاول تقديم الخطاب كمتوالية من الملفوظات ذات علاقات معينة ، ثم يأتي
    الباحث الفرنسي ( بنفنست) ليقدم تعريفاً آخر للخطاب لا يقف به عند حد
    الملفوظات ، فالتلفظ هو الفعل الحيوي في إنتاج نص ما ، وهو مقابل للملفوظ
    باعتباره الموضوع اللغوي المنجز والمستقل عن الذات التي أنجزته ، ويرى فيه
    أن الجملة أصغر وحدة في الخطاب ، وهي تتضمن علامات وليس علامة واحدة ، ومن
    خلال ذلك يُترك مجال اللسانيات كنظام للعلامات ، ويصبح اللسان أداة للتواصل
    يعبر عنه بواسطة الخطاب ؛ ومن ثَمَّ فالخطاب عند ( بنفنست) [ الملفوظ
    منظوراً إليه من وجهة آليات وعمليات اشتغاله في التواصل ] ، ويميز بعد ذلك
    بين نظامين للتلفظ بواسطة تحليل مقولة الزمن والضمير لينفصل من خلاله (
    الحكي ) ، عن الخطاب . وقد أثّر (بنفنست ) بعمله هذا في كثير من الدراسات
    اللسانية الأدبية .
    ومع بداية السبعينيات الميلادية أصبحت مشكلة الخطاب
    ، وتحليل الخطاب إحدى المشكلات المركزية التي تناولها الباحثون ، ويطرح
    (فرانسوا راستيه ) ثلاث مقاربات للخطاب : اختزال الخطاب إلى موضوع
    اللسانيات ، وتحديده كتقاطع بسيط وخطي للجمل ، أو أن نبعد الخطاب عن أن
    يكون موضوعاً للسانيات ويتم ربطه بالكلام ، أو وضع علم للخطابات يكون
    موازيا للسانيات ويكون موضوعهما الفعلي واحداً ، وموضوعهما المعرفي مختلفاً
    . ويقدم (راستيه ) تصوراً لعلم الخطاب انطلاقاً من التصور الثالث ... وبعد
    ذلك نجد ( د . مانكينو ) ، يؤيد تعريف المدرسة الفرنسية للخطاب وخصوصاً مع
    ( كيسبن ) حيث تتم المعارضة بين الملفوظ والخطاب : فالملفوظ متتالية من
    الجمل الموضوعة بين بياضين دلاليين . أما الخطاب فهو الملفوظ المعتبر من
    وجهة نظر خطابية مشروط بها ، فتكون الدراسة اللسانية لشروط إنتاج النص تجعل
    منه خطاباً ، ويلاحظ ( جان كارون ) سنة 1983م أن مفهوم الخطاب بدأ في
    السنوات الأخيرة يستقطب مختلف الأعمال ، ومن منظورات جد مختلفة ، ويرى (
    موشلر ) 1985م أن مجالات تحليل الخطاب تتمثل في ثلاثة مجالات :
    1. في
    فرنسا اهتم تحليل الخطاب بـ(خارج اللساني ) بالمعنى التقليدي أي كل ما تهتم
    به اللسانيات بالمعنى السوسوري . وتدخل في ذلك آثار الكلام والآثار
    السياقية والأيديولوجية. وقد اعتمد تحليل الخطاب على المقاربة المعجمية أو
    الدلالية ، وتمحور حول التأويل الاجتماعي ـ السياسي للخطاب .
    2. في
    التقليد التوليدي يتعارض تحليل الخطاب وتحليل الجملة . فيتم السعي إلى
    إقامة نحو أو أنحاء للخطاب على غرار أنحاء الجملة ، ومن نفس المنطلقات التي
    تحددها التوليدية .ويبدو أن هذا المجال يتوافق مع مفهوم علم اللغة النصي ،
    مع ملاحظة عدم اقتصاره على النظرية التوليدية .
    3. في التقليد الأنجلو
    ـ ساكسوني ، وبالأخص مدرسة بيرمنغهام ، يرتبط تحليل الخطاب بنمط معين من
    تحليل الحوار ( المخاطبة ) ، انطلاقا من التفاعلات بين المعلم والتلاميذ
    ولأجل ذلك " نستخلص من كل ماتقدم ملاحظتين أساسيتين :
    0- تتعدد دلالات
    الخطاب بتعدد اتجاهات ومجالات تحليله ، وعلى هذا الأساس تتداخل التعريفات
    أحياناً ، أو تتقاطع ، وأحياناً أخرى يكمل بعضها الآخر ، أو يتباعد وإياه
    لتحديد
    الخطاب وتحليله التحديد والتحليل المقبولين علينا أن نحدد الاتجاه الذي
    ننتمي إليه ، والمجال الذي نشتغل فيه وفق أسئلة ابستيمولوجية محددة . نجيب
    من خلالها عن هذه الأسئلة : لماذا هذا التعريف ؟ ما هي الأدوات والإجراءات
    المناسبة؟ إلى ماذا نبغي الوصول ؟ وكيف ؟ ".( أفدت في هذا العرض السابق
    المهتم بشيء من الرصد الزمني لتطور مفهوم كلمة خطاب في الغرب من :
    1- ـ
    سعيد يقطين : تحليل الخطاب الروائي ( الزمن ـ السرد ـ التبئير ) ، المركز
    الثقافي العرب ، بيروت ، الطبعة الثالثة ، 1997م ، ص ص 18-26.)

    ويُحدِّدُ
    الفرنسي أوليفي روبول المقصود بالخطاب حيث يقول :" هذا الاصطلاح ، الذي
    صار حالياً ادعاءً فارغاً من طرف كل العلوم يشتمل بالفعل على عدة معانٍ :
    1-
    المعنى الشائع : الخطاب هو مجمع منسجم من الجمل المنطوقة جماهيرياً من طرف
    نفس الشخص عن موضوع معطى ، ومثال ذلك (خطاب انتخابي ) . ويمكن أن يعني عن
    طريق التوسع ، نصاً مكتوباً . لكنه في الأخير جنس محدود جداً ، خصوصاً في
    ثقافتنا ، إنتاج شعائري واحتفالي شيئاً ما ، ومثاله : خطاب استقبالي
    بالأكاديمية الفرنسية .
    2- المعنى اللساني المختزل ، بالنسبة للسانيين
    المعاصرين ، يُعتبر الخطاب ( متوالية من الجمل المشكلة لرسالة لها بداية
    وانغلاق ) عن ( دوبوا ، 1973) إنه إذن وحدة لسانية تساوي الجملة أو تفوقها
    ومثال ذلك في لغة التربية : حكمة ، مقال ...
    3- المعنى اللساني الموسع ،
    تأخذ اللسانيات الاصطلاح بمعنى أكثر اتساعاً . إنها تقصد بالخطاب مجموع
    الخطابات (بالمعنى المختزل ) المرسلة من طرف نفس الفرد أو من طرف نفس
    الجماعة الاجتماعية ، والتي تعرض طبائع لسانية مشتركة ..."( أوليفيي روبول :
    لغة التربية ( تحليل الخطاب البيداغوجي ) ، ترجمة عمر أوكان ، أفريقيا
    الشرق ،2002م ، ص 41-42.)
    إن أغلب اتجاهات تحليل الخطاب السائدة في
    الغرب- كما هو واضح- تميل إلى دراسة المرامي البعيدة للكلام أو النص من
    خلال وسائل متعددة . وفي العربية مصطلح يجمع الاتجاهات التي تنحو هذا النحو
    من الدرس ، وهذا المصطلح قد يحل كثيراً من الإشكالات المفهومية التي جاءت
    مع الترجمات المختلفة حيث في الإمكان إحياء مصطلح (تحليل لحن الخطاب) الذي
    يعني " مافُهم من قصد المتكلم مالم يوضع له لفظه ..."( أبو الوليد الباجي :
    كتاب المنهاج في ترتيب الحجاج ، ص 12.)
    وعند العودة إلى استعمال كلمة
    (خطاب) في دائرة اللسانيات الضيقة ، وبالتحديد في دائرة لسانيات النص ،
    لاننفك نجد الاضطراب في استعمال هذا المصطلح فنجد من يرى فيه مرادفاً للنص.
    و يستعمله كثيرٌ من اللسانيين العرب المهتمين بحقل لسانيات النص مرادفة
    لكلمة( نص ) بمفهوم النص في اللغة العربية المعاصرة سواء أكان مكتوباً أم
    منطوقاً . في حين يعرف بعضهم الخطاب بأنه " الصيغة التي نختارها لتوصيل
    أفكارنا إلى الآخرين ، والصيغة التي نتلقى بها أفكارهم ... إن الخطاب
    يتجاوز هذا المفهوم الضيق ، ليدل على ما يصدر من كلام ، أو إشارة ، أو
    إبداع فني"( سمير شريف استيتية : اللغة وسيكولوجية الخطاب ، المؤسسة
    العربية للدراسات والنشر ، بيروت ، الطبعة الأولى ،2002م ، ص 15.) . ويبدو
    أن هذا التعريف ـ ويماثله ما يُوجد في كثير من اتجاهات اللسانيات الأدبية
    والنقدية في العالم العربي ـ يبدو أنه متأثر بالثقافة الفرنسية التي تستعمل
    كلمة ( خطاب ) بشكل أوسع من الثقافة الإنجليزية التي تميل في الغالب إلى
    قصره على اللغة المنطوقة ، أو الحوار [ كما هو أصل معنى الكلمة في العربية ]
    ، أو مرادفاً للنص المكتوب ، وحبذا لو عَدّلت هذه الدراسات في العربية من
    مصطلحاتها لتصبح مثلاً(تحليل لحن الخطاب الشعري ، تحليل لحن الخطاب
    السياسي...إلخ).
    وعلى الرغم من تأثر كثير من المغاربة بالنظرة الفرنسية
    في التفريق بين النص والخطاب إلا أن سعيد يقطين يخالفهم جميعاً إذ يرى إن
    النص أشمل من الخطاب منطلقاً في رأيه من التصورات البنيوية للنص التي فتحته
    وجعلته عملية إنتاجية غير مرتبطة بالمؤلف ، وسمحت بتعدد دلالته ، وتفاعله
    مع نصوص أخرى .( انظر : سعيد يقطين : من النص إلى النص المترابط ( مدخل إلى
    جماليات الإبداع التفاعلي ) ، المركز الثقافي العربي ، بيروت- الدار
    البيضاء ، الطبعة الأولى، 2005 م، ص ص 116- 121 .)
    وأخيراً يُلخِّصُ
    محمد العبد أهمَّ الفروق الأولية بين النص والخطاب التي انعقد الإجماع
    عليها نظرياً – كما يقول – في أن النص بنية مترابطة تكوّن وحدة دلالية ، في
    حين أن الخطاب ينبغي النظر إليه على أنه موقف ينبغي للغة أن تحاول العمل
    على مطابقته ؛ وعلى ذلك فإن الخطاب أوسع من النص ، فالخطاب ليس بنية
    بالضرورة ، ثم إن غلبة النص على المكتوب ، والخطاب على الملفوظ ليس حاسماً ؛
    فأحدهما يلتبس بالآخر على سبيل التوسع . ولكن يذكر محمد العبد فرقاً بين
    النص والخطاب يعتمد على معيار الطول والقصر ، حيث إن الخطاب يتميز بالطول ،
    في حين أن النص قد يطول وقد يقصر .( انظر : محمد العبد : النص والخطاب
    والاتصال ، ص 12 . و هذا الفرق يعود في الحقيقة إلى مايكل ستابز . وانظر
    أيضاً هذا الفرق وغيره من الفروق الأخرى بين النص والخطاب في :
    ـ محمد
    عناني : المصطلحات الأدبية الحديثة (دراسة ومعجم إنجليزي-عربي) ، الشركة
    المصرية العالمية للنشر- لونجمان ، القاهرة ، الطبعة الثانية ،1997م ، ص ص
    115-116 .) ويبدو أن هذا الفرق الأخير غير أساسي ، إذ لا يمكن الاعتماد
    عليه في التفريق بين النص والخطاب ، فالخطاب قد يقصر ويطول أيضاً ، علاوة
    على ذلك فإن الطول والقصر في ذاتهما نسبيان لا ضابط لهما .
    وبسبب مما
    تقدم فإن من الواجب القول أن اللبس لما يزل ضارباً أطنابه فوق الخطاب ولذلك
    فلابد للباحث أن يكون حذرا في مقاربته لمصطلح ( خطاب ) ، وأن يبين منذ
    البداية المقصود به في التناول المعرفي الخاص به ؛ فمفهوم الخطاب عند فوكو
    في أركيولوجيا المعرفة ـ على سبيل المثال مفهوم خاص به يختلف عن كل
    المفاهيم السابقة ينبغي أن يعي القارئ ذلك المفهوم من الوهلة الأولى وإلا
    وقع في اضطراب مصطلحي واضطراب علمي يؤدي به إلى نتائج مغلوطة .


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 9:12 pm