[b]وهناك
المنهج الوصفي ؛ الذي يبرز في حال استخدامه لرصد موضوعات المقالة عند
الكاتب و أنواعها ، على الرغم من أن بعض النقاد يرى أنه من المناهج الرتيبة
التي لا تفيد الدراسات كثيرا ، ولا تصنع منها مادة نقدية ماتعة!
كما يمكن الاستعانة بالمنهج الاجتماشعي والنفساني بالقدر الذي تتطلبه
الدراسة الموضوعية للمقالة دون الإسهاب في ذلك ؛ خشية المساس بدائرة
الدراسات الاجتماعية والنفسية !
ولا نغفل أهمية الدراسة الأسلوبية الإحصائية في الدرس النقدي المقالي ؛
في مجال معرفة الترتيب الكميّ للمقالات ، ونوعية الأساليب الفنية المستخدمة
في الكتابة المقالية في الجانب اللغوي تحديدا .
ومن النظريات النقدية الحديثة التي ثبتت بالتجربة جدارتها ؛ بعض نظريات
التلقي ، فوجود القارئ الافتراضي / الضمني في ذهن الكاتب ومعرفة الشريحة
العظمى للمتلقين يساعده على توجيه اختياراته الموضوعية والفنية بحسب نوعية
القارئ المخاطب وما يحمله من ثقافة معرفية ومخزون لغوي . كما يساعد الدارس
من جهة أخرى معرفة الخصائص الأسلوبية ومضامين المقالات من منطلق الاختيار
الموجّه . إذ إن فن المقالة من أوضح الفنون الأدبية في إفادتها من هذه
النظرية .
ومن الممكن أيضا توظيف بعض المفاهيم السيميائية في الدراسات النقدية
المقالية ؛ خاصة دراسة عنونة المقالات وما تحمله من دلالات تلقي بظلالها
على مضمون المقالة عامة.
ويبقى نوع المقالة وموضوعها وسير كاتبها من الأمور التي تقود
الناقد في اختيار منهج دون غيره ، وإثبات صلاحية المنهج المختار في الكشف
عن الجوانب الجمالية في المقالة . لذلك من الأخطاء الفادحة ــ في رأيي ــ
أن يتوارث الباحثون والنقاد بعض طرق الدراسة والتحليل التي سبقها إليهم
بعض الأوائل ، دون النظر إلى مناسبتها لمقالاتهم المدروسة ؟! مما يُـفقد
خصوصية تلك المقالات وما يمتاز بها كاتبها من أسلوب ، ويحول دون إبراز
جمالياتها ..
على أن طبيعة فن المقالة وبنائها ، يُــعدّ الخادم الأول لغرض الناقد من
خلال الاكتفاء بها أحيانا في الكشف عن هوية الكاتب وانتمائه الديني
والسياسي وعرض منهاجه في طرح موضوعه ؛ حيث تسهل عملية قراءة أفكاره ،
ومعرفة خاصيته في جانب اللغة وتراكيبها ومستوياتها . فطبيعة المقالة
الواضحة هي ما جعلت القراءة النقدية المفتوحة الخيار الأمثل لدراسة المقالة
نقديا ، وبالتالي تطبيقها من المرونة بمكان .
* باحثة مختصة بدراسة فن المقالة
(1) نشرت المقالة بعنوان آخر (رؤية ثقافية ) بتصرف من المحرر ، انظر : المجلة الثقافية / الجزيرة ، 5/9/1428هـ ، ع 216.
[/b]