ولعل
الفعل (هبطت)، وكلمة (حمامة) في نص البياتي المرادفة لكلمة ورقاء في بيت
ابن سينا، هما اللذان عملا على تثوير الذهن، والعودة بالذاكرة إلى نص ابن
سينا الغائب. وهذا ما حصل أيضاً مع نموذج التناص الإشاري الثاني، فالفعل
(علّمتها) بالإضافة إلى التركيب الشرطي المكوّن من الشرط وجوابه: (حتى إذا
علمتها) و(طارت بأجنحة)، استدعيا على الفور بيت معن بن أوس السابق. وقد
أسهم كلا النصين الغائبين في التعبير عن عدم ثبات علاقة الحب بين الشاعر
ومحبوبته، حيث إن الفعل (هبطت) يفيد بأن عملية الهبوط اضطرارية سرعان ما
تنتهي، وأن هذا الهبوط ليس نابعاً من قلب الحمامة/ المحبوبة. كما إن جواب
الشرط (طارت) في نص البياتي، و(رماني) في نص معن بن أوس، كليهما يؤكد أن
علاقة الحب تلك علاقة مؤقتة وغير مستمرة، مبنية على مصلحة تريد الحمامة/
المحبوبة تحقيقها، إذ ما إن تتحقق تلك المصلحة، حتى تغادر الحمامة/
المحبوبة البياتي، تاركةً إياه في حزن قاتل.
وفي قصيدة (إلى ساهرة)، يبدو التناص الإشاري واضحاً من خلال كُمون بيت أبي نواس القائل(45):
عاج الشقي على دار يسائلها
وعجت أسال عن خمّارة البلد
في مقطع للبياتي يقول فيه(46):
على شاطئ الوهمِ نامي
كمقبرةٍ في الثلوج
ولا تسألي عن غرامي
ولا تسألي من يعوج
على طللٍ دارس
أعاد الحبيب؟
ففي صمته العابسِ
أمانٍ تذوب
قبيل الغروب.
يلحظ
المتلقي أن مفردتي (يعوج، طلل) قد أحالتا فوراً إلى بيت أبي نواس الذي
ينعي فيه على من يقف على الأطلال، وجلي أن البياتي يهدف من وراء استحضار
بيت أبي نواس في المقطع السابق إلى تأييد ما ذهب إليه أبو نواس، من رفض
الوقوف على الأطلال الدارسة، وضرورة التخلي عن مناجاتها، حيث إن ذلك لم يعد
له مكان، لا في عصر أبي نواس ولا في عصر البياتي.
وإذا
كان التناص الإشاري يعتمد ـ كما قلنا سابقاً ـ على إشارات، أو علامات، أو
قرائن تصل بين النص الحاضر والنص الغائب، فإن هذه العلامات، أو الإشارات قد
لا تكون واضحة تماماً، بحيث لا يكون هنالك نقل أي مبنىً من النص الغائب،
وهذا ما يتطلب من المتلقي إعمال الذهن أكثر، لاكتشاف النص الغائب، يقول
البياتي في قصيدته (مراثي لوركا)(47):
غرناطة البراءة
تُمعِن في إلقاء ما تحملُ، من ريحٍ ومن نجوم
تنام تحت نتفِ الثلج على القرميد
تشير في خوف إلى كثبانها السوداء
فَمِنْ هناك الإخوة الأعداء
جاؤوا على ظهر خيول الموت
وأغرقوا بالدم هذا البيت.
يشير
البياتي في المقطع السابق، إلى النزاع على السلطة، الذي حصل بين أبي عبد
الله محمد (الحادي عشر) آخر ملوك غرناطة، الملقب بالملك الصغير، وعمه أبي
عبد الله محمد (الثاني عشر)، والذي انتهى بعد معارك ضارية بينهما، إلى شطر
غرناطة بينهما، ومن ثم سقوطها نهائياً في أيدي الفرنجة(48). ولعل البياتي
قد هدف من وراء هذه الإشارة إلى تلك الخلافات التي حصلت بين الأندلسيين،
التوحيد بين مأساة غرناطة في السابق، ومأساتها في الحاضر، إذ شهدت في
الماضي سلسلة من الحروب الدامية بين العرب والفرنجة من جهة, وبين العرب
أنفسهم من جهة ثانية، كما شهدت في الحاضر مصرع الشاعر الإسباني لوركا، الذي
هو عند البياتي، رمز للمناضل الذي يموت شهيداً من أجل الحرية، وكأن القدر
قد حكم على هذه المدينة، بأن تستمر فيها مشاهد الموت والدمار والخراب إلى
أجل غير معروف.
وثمة
تركيب شعري آخر، يقوم البياتي من خلاله بامتياح بعض الصور الشعرية
القديمة، إذ تحيلنا بعض الصور التي يستخدمها في بعض قصائده، إلى صور أخرى
من الموروث الشعري العربي القديم، ولعل ذلك ما نجده في قصيدته (إلى جوادٍ
سليم)، حيث يقول(49):
الكلماتُ نزفت دماً على الكتاب
توهجتْ وانطفأت
وغابَ
حضورُها ـ الكلماتُ مطْهرُ العذاب ـ
تكدست
وأنتَ في الضباب
تفتح للشمس طريقاً
تفتح الأبوابْ
يا إخوتي ادخلوا، قميصُ الليل، مبتلٌّ ويا أحباب
حرائق الشباب في زماننا البخيلِ هذا
تصنعُ العُجاب.
في المقطع الشعري السابق، تعيد صورة قميص الليل إلى الأذهان بيت ابن المعتز الذي يقول فيه(50):
وجاءني في قميص الليل مستتراً
يستعجل الخطوَ من خوفٍ ومن حذر
وواضح
أن صورة قميص الليل لدى كل من البياتي وابن المعتز، مختلفة الدلالة، فابن
المعتز يشبه الليل بقميص يرتديه الإنسان، وهو يريد بذلك الإشارة إلى أن
صاحبه أو قاصده، قد جاءه في ظلمة الليل، أما البياتي فهو لا يقصد بقميص
الليل ما قصده ابن المعتز، وإنما يقصد تأكيد قرب وزوال هذا الليل، الذي هو
رمز للظلم والقهر، وخاصة أن دماء الشباب تصنع العجائب/ الثورة، كما أن كون
القميص مبتلاً يعني أنه سرعان ما يُخلع، وأنه لن يستمر، ويشير البياتي
أيضاً إلى دور الشاعر ومعاناته، إذ يحاول دوماً أن ينير للناس دروبهم، وأن
يشق لهم طريق الحرية، طريق الشمس.
وتستدعي
صورة (الشمس التي تحيي الحجر الرميم) في قصيدة البياتي (الحجر)، إلى
الأذهان صورة (العظام الرميم) في الآية القرآنية، التي تتحدث عن الإنسان
الجاحد، الذي يبلغ لديه الجحود حداً ينسيه نشأته وكيفية خلقه(50): ?وضرب
لنا مثلاً، ونسي خلقه، قال من يُحيي العظامَ، وهي رميم?. يقول البياتي(52):
من أصل السُّلَّم ناديتُكَ، يا ربّاه!
جِلديَ يسَّاقط في الظلام
شعريَ شابْ...
جنيةُ البحر على الصخرة تبكي: مات سندباد
ربّاهُ طالتْ غربتي رباه!
وغرقت عبر الليالي (إرمُ العماد)
الليل طار، طالتِ الحياه
فأين يا ربّاه!
شمسك! تحيي الحجر الرميم
وتشعل الهشيم.
يشير
هذا المقطع إلى حالة الجدب والعقم، التي تسيطر على المجتمع، لعدم تحقق
الثورة / الخصب، مما يدفع البياتي إلى طلب المعجزات وخوارق العادات من
القدرة الإلهية، التي تحيي العظام النخرة، ويشير أسلوب النداء الذي تظهر من
خلاله استغاثة البياتي بالقدرة الإلهية، إلى حالة العذاب والألم
المستمرين، اللذين يعانيهما البياتي، وخاصة بعد أن ماتت بشائر الخلاص،
المتمثلة بالسندباد وإرم العماد، ولم يعد أمام البياتي إلا الاستمرار في
المناجاة، وطلب المعجزات، لعل العنقاء تهب من جديد، لتحقق الثورة
/الانبعاث/ الخصب.
ويتضح مما سبق:
1 ـ تنوع الطرق التي يتحقق فيها التناص الإشاري لدى البياتي، ومن الممكن حصر تلك الطرق في أربعة أنواع:
أ
ـ الإشارة في الكلمة: وفيها يعتمد التناص على كلمة واحدة أو اثنتين،
تحملان إشارة واضحة إلى النص الغائب وذلك كما في قصائد (سفر الفقر والثورة)
و(عذاب الحلاّج/المريد).
ب
ـ الإشارة في الجملة: وفيها يعتمد التناص على جملة تشير إلى النص الغائب،
وذلك كما في قصائد (يوميات العشاق الفقراء) و(إلى ساهرة) و(الحجر).
جـ
ـ الإِشارة في الأسلوب: وفيها يعتمد التناص على استيحاء أسلوب بلاغي معين،
يحيلنا إلى النص الغائب، وذلك كما في قصيدة (العبير المسعور).
د ـ الإشارة في الصورة: وفيها يعتمد التناص على صورة فنية تشير إلى صورة فنية سابقة، وذلك كما في قصيدة (إلى جواد سليم).
وتكثر
لدى البياتي نماذج النوعين الأول والثاني، أما الثالث والرابع فيكاد
حضورهما يكون نادراً، وعلى كلٍّ فإن التناص الإشاري بأنواعه السابقة تلك لا
يقل فاعلية عن التناص الاقتباسي، فالإشارة السريعة المركزة إلى نص ما، لا
يقل دورها عن اقتباس أجزاء كاملة أو محوّرة من ذلك النص، ولعل طبيعة الرؤية
أو الموقف هو الذي يفرض على البياتي استخدام هذا النوع من التناص أو ذاك.
----------------
يتبع
الفعل (هبطت)، وكلمة (حمامة) في نص البياتي المرادفة لكلمة ورقاء في بيت
ابن سينا، هما اللذان عملا على تثوير الذهن، والعودة بالذاكرة إلى نص ابن
سينا الغائب. وهذا ما حصل أيضاً مع نموذج التناص الإشاري الثاني، فالفعل
(علّمتها) بالإضافة إلى التركيب الشرطي المكوّن من الشرط وجوابه: (حتى إذا
علمتها) و(طارت بأجنحة)، استدعيا على الفور بيت معن بن أوس السابق. وقد
أسهم كلا النصين الغائبين في التعبير عن عدم ثبات علاقة الحب بين الشاعر
ومحبوبته، حيث إن الفعل (هبطت) يفيد بأن عملية الهبوط اضطرارية سرعان ما
تنتهي، وأن هذا الهبوط ليس نابعاً من قلب الحمامة/ المحبوبة. كما إن جواب
الشرط (طارت) في نص البياتي، و(رماني) في نص معن بن أوس، كليهما يؤكد أن
علاقة الحب تلك علاقة مؤقتة وغير مستمرة، مبنية على مصلحة تريد الحمامة/
المحبوبة تحقيقها، إذ ما إن تتحقق تلك المصلحة، حتى تغادر الحمامة/
المحبوبة البياتي، تاركةً إياه في حزن قاتل.
وفي قصيدة (إلى ساهرة)، يبدو التناص الإشاري واضحاً من خلال كُمون بيت أبي نواس القائل(45):
عاج الشقي على دار يسائلها
وعجت أسال عن خمّارة البلد
في مقطع للبياتي يقول فيه(46):
على شاطئ الوهمِ نامي
كمقبرةٍ في الثلوج
ولا تسألي عن غرامي
ولا تسألي من يعوج
على طللٍ دارس
أعاد الحبيب؟
ففي صمته العابسِ
أمانٍ تذوب
قبيل الغروب.
يلحظ
المتلقي أن مفردتي (يعوج، طلل) قد أحالتا فوراً إلى بيت أبي نواس الذي
ينعي فيه على من يقف على الأطلال، وجلي أن البياتي يهدف من وراء استحضار
بيت أبي نواس في المقطع السابق إلى تأييد ما ذهب إليه أبو نواس، من رفض
الوقوف على الأطلال الدارسة، وضرورة التخلي عن مناجاتها، حيث إن ذلك لم يعد
له مكان، لا في عصر أبي نواس ولا في عصر البياتي.
وإذا
كان التناص الإشاري يعتمد ـ كما قلنا سابقاً ـ على إشارات، أو علامات، أو
قرائن تصل بين النص الحاضر والنص الغائب، فإن هذه العلامات، أو الإشارات قد
لا تكون واضحة تماماً، بحيث لا يكون هنالك نقل أي مبنىً من النص الغائب،
وهذا ما يتطلب من المتلقي إعمال الذهن أكثر، لاكتشاف النص الغائب، يقول
البياتي في قصيدته (مراثي لوركا)(47):
غرناطة البراءة
تُمعِن في إلقاء ما تحملُ، من ريحٍ ومن نجوم
تنام تحت نتفِ الثلج على القرميد
تشير في خوف إلى كثبانها السوداء
فَمِنْ هناك الإخوة الأعداء
جاؤوا على ظهر خيول الموت
وأغرقوا بالدم هذا البيت.
يشير
البياتي في المقطع السابق، إلى النزاع على السلطة، الذي حصل بين أبي عبد
الله محمد (الحادي عشر) آخر ملوك غرناطة، الملقب بالملك الصغير، وعمه أبي
عبد الله محمد (الثاني عشر)، والذي انتهى بعد معارك ضارية بينهما، إلى شطر
غرناطة بينهما، ومن ثم سقوطها نهائياً في أيدي الفرنجة(48). ولعل البياتي
قد هدف من وراء هذه الإشارة إلى تلك الخلافات التي حصلت بين الأندلسيين،
التوحيد بين مأساة غرناطة في السابق، ومأساتها في الحاضر، إذ شهدت في
الماضي سلسلة من الحروب الدامية بين العرب والفرنجة من جهة, وبين العرب
أنفسهم من جهة ثانية، كما شهدت في الحاضر مصرع الشاعر الإسباني لوركا، الذي
هو عند البياتي، رمز للمناضل الذي يموت شهيداً من أجل الحرية، وكأن القدر
قد حكم على هذه المدينة، بأن تستمر فيها مشاهد الموت والدمار والخراب إلى
أجل غير معروف.
وثمة
تركيب شعري آخر، يقوم البياتي من خلاله بامتياح بعض الصور الشعرية
القديمة، إذ تحيلنا بعض الصور التي يستخدمها في بعض قصائده، إلى صور أخرى
من الموروث الشعري العربي القديم، ولعل ذلك ما نجده في قصيدته (إلى جوادٍ
سليم)، حيث يقول(49):
الكلماتُ نزفت دماً على الكتاب
توهجتْ وانطفأت
وغابَ
حضورُها ـ الكلماتُ مطْهرُ العذاب ـ
تكدست
وأنتَ في الضباب
تفتح للشمس طريقاً
تفتح الأبوابْ
يا إخوتي ادخلوا، قميصُ الليل، مبتلٌّ ويا أحباب
حرائق الشباب في زماننا البخيلِ هذا
تصنعُ العُجاب.
في المقطع الشعري السابق، تعيد صورة قميص الليل إلى الأذهان بيت ابن المعتز الذي يقول فيه(50):
وجاءني في قميص الليل مستتراً
يستعجل الخطوَ من خوفٍ ومن حذر
وواضح
أن صورة قميص الليل لدى كل من البياتي وابن المعتز، مختلفة الدلالة، فابن
المعتز يشبه الليل بقميص يرتديه الإنسان، وهو يريد بذلك الإشارة إلى أن
صاحبه أو قاصده، قد جاءه في ظلمة الليل، أما البياتي فهو لا يقصد بقميص
الليل ما قصده ابن المعتز، وإنما يقصد تأكيد قرب وزوال هذا الليل، الذي هو
رمز للظلم والقهر، وخاصة أن دماء الشباب تصنع العجائب/ الثورة، كما أن كون
القميص مبتلاً يعني أنه سرعان ما يُخلع، وأنه لن يستمر، ويشير البياتي
أيضاً إلى دور الشاعر ومعاناته، إذ يحاول دوماً أن ينير للناس دروبهم، وأن
يشق لهم طريق الحرية، طريق الشمس.
وتستدعي
صورة (الشمس التي تحيي الحجر الرميم) في قصيدة البياتي (الحجر)، إلى
الأذهان صورة (العظام الرميم) في الآية القرآنية، التي تتحدث عن الإنسان
الجاحد، الذي يبلغ لديه الجحود حداً ينسيه نشأته وكيفية خلقه(50): ?وضرب
لنا مثلاً، ونسي خلقه، قال من يُحيي العظامَ، وهي رميم?. يقول البياتي(52):
من أصل السُّلَّم ناديتُكَ، يا ربّاه!
جِلديَ يسَّاقط في الظلام
شعريَ شابْ...
جنيةُ البحر على الصخرة تبكي: مات سندباد
ربّاهُ طالتْ غربتي رباه!
وغرقت عبر الليالي (إرمُ العماد)
الليل طار، طالتِ الحياه
فأين يا ربّاه!
شمسك! تحيي الحجر الرميم
وتشعل الهشيم.
يشير
هذا المقطع إلى حالة الجدب والعقم، التي تسيطر على المجتمع، لعدم تحقق
الثورة / الخصب، مما يدفع البياتي إلى طلب المعجزات وخوارق العادات من
القدرة الإلهية، التي تحيي العظام النخرة، ويشير أسلوب النداء الذي تظهر من
خلاله استغاثة البياتي بالقدرة الإلهية، إلى حالة العذاب والألم
المستمرين، اللذين يعانيهما البياتي، وخاصة بعد أن ماتت بشائر الخلاص،
المتمثلة بالسندباد وإرم العماد، ولم يعد أمام البياتي إلا الاستمرار في
المناجاة، وطلب المعجزات، لعل العنقاء تهب من جديد، لتحقق الثورة
/الانبعاث/ الخصب.
ويتضح مما سبق:
1 ـ تنوع الطرق التي يتحقق فيها التناص الإشاري لدى البياتي، ومن الممكن حصر تلك الطرق في أربعة أنواع:
أ
ـ الإشارة في الكلمة: وفيها يعتمد التناص على كلمة واحدة أو اثنتين،
تحملان إشارة واضحة إلى النص الغائب وذلك كما في قصائد (سفر الفقر والثورة)
و(عذاب الحلاّج/المريد).
ب
ـ الإشارة في الجملة: وفيها يعتمد التناص على جملة تشير إلى النص الغائب،
وذلك كما في قصائد (يوميات العشاق الفقراء) و(إلى ساهرة) و(الحجر).
جـ
ـ الإِشارة في الأسلوب: وفيها يعتمد التناص على استيحاء أسلوب بلاغي معين،
يحيلنا إلى النص الغائب، وذلك كما في قصيدة (العبير المسعور).
د ـ الإشارة في الصورة: وفيها يعتمد التناص على صورة فنية تشير إلى صورة فنية سابقة، وذلك كما في قصيدة (إلى جواد سليم).
وتكثر
لدى البياتي نماذج النوعين الأول والثاني، أما الثالث والرابع فيكاد
حضورهما يكون نادراً، وعلى كلٍّ فإن التناص الإشاري بأنواعه السابقة تلك لا
يقل فاعلية عن التناص الاقتباسي، فالإشارة السريعة المركزة إلى نص ما، لا
يقل دورها عن اقتباس أجزاء كاملة أو محوّرة من ذلك النص، ولعل طبيعة الرؤية
أو الموقف هو الذي يفرض على البياتي استخدام هذا النوع من التناص أو ذاك.
----------------
يتبع