منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    تابع إاى بلاغة المحسنات.................................2

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    تابع  إاى بلاغة المحسنات.................................2 Empty تابع إاى بلاغة المحسنات.................................2

    مُساهمة   الأربعاء فبراير 24, 2010 3:48 am

    والواقع أن هذا المقوم التكراري المتوازي هو الذي يكسب في نظر علماء الشعرية الذين يجدون في هذا المقوم الخاصية الشعرية الملازمة للخطاب الشعري. "إن التفسير الهام الذي يقدمه صمويل روبير ليفن لدوام القصيدة، أي لكون البناء الشعري لا يموت بعد الحياة، حسب عبارة بول فاليري، خلافا لما يحدث للخطابات المعتادة التي يتم تعويضها في ذاكرة المستمعين مباشرة بعد تلقيها بالمدلول. إن تميز القصيدة بخاصية الدوام في الذاكرة ببنيتها اللفظية الملموسة تنتج جزئيا عن الازدواج (أو التوازي) الذي يكون نسيجها. إن تكسير هذه الأزواج في أية نقطة من النص يعني تقويض الأثر الشعري، وهذه المقومات نفسها هي التي تسمح بالعودة إلى تشكيل الخطاب الشعري، بعد قراءته أو سماعه والعودة إلى تحقيق نفس الاختيارات في السنن اللغوي، باعتبار ذلك نتيجة ضغطه المطرد الخاص"(35).

    ومنه أيضا قول نيرودا في نفس القصيدة السابقة:

    Suben tus hombros como dos colinas,

    tus pechos se pasean por mi pecho.

    وقد نعمد إلى إبدال الكلمات والترتيب. مثال ذلك:

    Immoler Troie au Grecs, au fils d’Hector la Grece.

    ويبدو لي أن مما يمكن أن يندرج في هذا الجنس من التوازي مثال المتنبي الذي نحلله هنا "أقفرت أنت وهن منك أواهل".

    إن طرف التوازي الأول جملة فعلية والثاني جملة اسمية. وهذا يعني أن العناصر المؤلفة قد تم قلبها. إذ تم تقديم الاسم وتأخير شبه الفعل، أي ما ينوب مناب الفعل. ومنه قول المتنبي:

    تعثرت به في الأفواه ألسنهـــا والبرد في الطرق والأقلام في الكتب

    إلا أن أطرف ما يتقوى به التوازي هو أن يكون جزء منه أو كله حاملا لمعنى مجازي تشبيهي أو كنائي أو استعاري. مثال هذا الكناية قول المتنبي:

    تمر بك الأبطال كلمى هزيمــــة ووجهك وضاح وثغرك باســـــم

    إن الشطر الثاني من البيت الذي يمثل موازنة من طرفين هما معا كناية عن صفة، إذ المقصود هو الشجاعة. ومن الاستعارات المتوازنة قول المتنبي في مدح كافور الإخشيدي:

    قواصد كافور توارك غـــيـــــره ومن قصد البحر استقل السواقيا

    إننا نلاحظ في هذا البيت الجميل بنيتين متوازنتين متعاقبتين الأولى في الشطر الأول والثانية في الشطر الثاني يمكن من الناحية الدلالية أن نعتبر الشطر الثاني شرحا تصويريا للشكر الأول. كما يمكن القول أيضا إن الشطر الأول شرح شرحا حقيقيا أي غير تصويري للشطر الثاني. ما يهمنا هنا هو هذا التوازي بل هذين التوازيين المتعاقبين. إننا نلاحظ أن الشطر الثاني هو الذي يكسب هذا التوازي هذه الفتنة الجمالية أو الشعرية. ويعود هذا الأمر إلى ترك الحقيقة والتعبير عن نفس الفكرة وبنفس البناء المتوازي بعبارة استعارية. وهذا الأمر يضعنا وجها لوجه أمام التقاء محسن تركيبي ولفظي مع محسن معنى أو محسن استعاري. وهكذا فإن التوازي لا يكتسب الفتنة الشعرية إلا حينما يأتي مدعما بمقوم واحد أو أكثر من مقوم واحد، بحيث يصبح البيت مجالا لتلاقي عديد من المحسنات المنتمي إلى مستويات عديدة. وليست الاستعارة هي وحدها التي تكسب التوازي الجمال الشعري بل إن التوازي نفسه يمكن أن يكسب استعارة مستهلكة الكثير من السحر الشعري. والمثال الذي بين أيدينا صالح كمثال على هذا.

    خلاصة:

    لقد حاولت في هذا العرض تقديم المادة الأساسية في تصور البلاغة الغربية لنمطي المحسنات الصوتية والتركيبية. وقد كان همي الأساسي تقديم عرض واضح وبسيط ومتماسك. هذه الغاية التعليمية تتقدم عندي على أية غاية أخرى. فنحن لا نستطيع أن ننتقد علما لم يتأصل بعد. هذا على الرغم من أن الأمر يتعلق بعلم يتخطى عمره العشرين قرنا. هذا الفهم الأولي يمكن أن ييسر، في مراحل لاحقة، النقد وإعادة البناء، كما يمكن أن يقدم لنا، وهذا هو المهم بالنسبة إلي، الوسائل والأدوات الفعالة لفهم ونقد الخطابات التي نغرق فيها يوميا عبر الإعلام والإيديولوجيا التي لم تتورع عن تسييجنا ومحاصرتنا بكل أنواع القيود التي تنال من إنسانيتنا وحريتنا وأحلامنا ●



    الهوامش:

    1 - نخص هذه المقالة لبلاغة اللفظ صوتا وتركيبا. هناك مقالة ثانية جاهزة للنشر تتعلق بمحسنات المعاني والأفكار. والمقالتان معا مدخل شامل إلى بلاغة المحسنات التي تتعارض مع بلاغة الحجاج أو بلاغة المرافعة. ولقد سبق لي نشر مقالة حول بلاغة الحجاج في مجلة فكر ونقد، العدد الثامن وهي بمثابة تمهيد لبلاغة المحسنات.

    2 - Aristote, Rhétorique, ed. Livre de poche, 1991, pp.297-298.

    3 - يجوز أن نعتبر هنا مصطلح عبارة مقابلا للمصطلح الحديث أسلوب.

    4 - Ibid, p.299.

    5 - Heirich Lausberg, Manual de retorica literaria, (t.1) ed. Gredos, Madrid, 1975, p.74.

    6 - Jose Gonsalez Vasquez, Sobre la imagen poetica, Universidad de Granada, 1980, p.50.

    7 - In, J.L. Joubert, La poésie, ed. A.Colin Gallimard, 1965, p.56.

    8 - In, T.Todorov, Critique de la critique, ed. Seuil, Paris 1984, p.10.

    9 -Ch. Perelmant, L’empire rhétorique, ed. Vrin, 1977, p.17-18.

    10 - نفسه.

    11 - الواقع أن البلاغة الأرسطية نفسها قد كانت مختزلة ومدجنة لأنها لم تهتم إلا بأجناس ثلاثة من الخطابة، كما سبقت الإشارة.

    12 - ينبغي هنا تقديم توضيح بصدد هذه المطابقة بين الشعرية وبلاغة المحسنات. هذه الشعرية التي نتحدث عنها ليست شعرية الخطاب السردي أو الحكائي بل شعرية وبلاغة النص الغنائي أو شبه الغنائي الذي يتخذ مادته البنائية من الإمكانات الرمزية للغة في بعديها اللفظي والمعنوي، أي في بعديها المحسناتي والمجازي. هذا التذرع بالمادة اللفظية والمحسناتية لا دور له في النصوص الشعرية السردية كما ورثناها عن اليونانيين والكلاسيكية في جنسيها المشهورين التراجيديا والكوميديا أو الدرامية بصفة عامة. بل وكما نلاحظ نفس الظاهرة في المنظومات التعليمية.

    13 - Daniel Delas et Jacques Filliolet, Linguistique et poétique, ed. Larousse, 1973, p.161.

    14 - رومان ياكبسون، قضايا الشعرية، منشورات توبقال، الدار البيضاء 1988، ص52,

    15 - يمثل المشترك اللفظي علاقة من مجمعة من العلاقات الممكنة بين اللفظ والمعنى. وهي أربعة أنواع: 1)العلاقة غير الملتبسة تتطابق فيها كلمتان أو أكثر من حيث الشكل ومن حيث المحتوى المفهومي. إن تكرار كلمة تفاحة ينبغي أن يلازمها تكرار الكلمة بنفس المعنى. (كلمة ومعنى). 2)العلاقة الملتبسة: نواجه فيها كلمتين أو أكثر متطابقتين من حيث الشكل إلا أنهما لا تتطابقان من حيث المحتوى. إن كلمة فخذ قد تتكرر بمعنيين مختلفين (الاشتراك). 3)العلاقة الترادفية: وفيها نصادف كلمتين أو أكثر تتطابقان من حيث المعنى إلا أنهما لا تتطابقان من حيث الشكل. هنا يمكن بدلا من تكرار نفس الكلمة بنفس المعنى، نكرر المعنى بلفظ آخر. إن الأسد يمكن تعويضه بكلمة السبع (الترادف). 4)العلاقات المتباينة: هي الكلمات التي لا تتطابق شكلا كما لا تتطابق محتوى. مثال ذلك: الكتاب والدب (التباين).

    16 - محمد الطاهر ابن عاشور شرح، المقدمة الأدبية، الدار العربية للكتاب، ليبيا تونس، 1978، ص78.

    17 - المقصود هم النقاد الغربيون.

    18 - عبد الله الطيب، المرشد إلى فهم أشعار العرب، الدار السودانية، 1970، ص571.

    19 - In, Fernando Lazaro Carreter, De poetica y poeticas, ed. Catadra, Madrid, 1990, p.233.

    20 - Wolfgang Kayser, Interpretation y analisisde la obra literaria ed. Gredos, Madrid 1985, p.126.

    21 - H.Lausberg, Manual de retorica literaria, ed. Gredos, Madrid 1966, p.333-34.

    22 - Valentin Garcia Yebra, Teoria y practica de la traduccion, ed.Gredos, Madrid 1984, p.280.

    23 - رومان ياكبسون، قضايا الشعرية، منشورات توبقال، 1988، ص52.

    24 - Jurij Tynjanov, Archaisty I novatory, Leningrad 1929, p.409.

    عن: Victor Erlich, Russian Formalism, ed. Mouton, 1954.. يرتقب نشر هذا الكتاب بترجمة الولي محمد ضمن منشورات المركز الثقافي العربي.

    25 - نفسه، ص.ص210-211.

    26 - Heirich Lausberg, Elementos de retorica literaria, ed.Gredos, Madrid 1975, p.164.

    27 - Bice Mortara Garavelli, Manual de retorica, ed. Catedra, 1988, p.292.

    28 - شوقي بزيع، عناوين سريعة لوطن مقتول، دار الآداب، 1979، ص73.

    29 - Pablo Neruda, Los versos del Capitan, ed. Bruguera. Libro amigo, 1981, p.15.

    30 - عناوين سريعة لوطن مقتول، ص79.

    31 - André Jolles, Formes simples, ed. Seuil, Paris, 1972, p.132.

    32 - عناوين سريعة لوطن مقتول، ص12

    33 - Guy Debord, La société du spéctacle, ed. Champ libre, Paris 1967, p.15.

    34 - F.Lazaro Carreter, “La linguistica norte americana y los estudios literarios en la qécada 1958-1968”, in, Estudios de poética, ed. Taurus, Madrid, 1979, pp. 45-46.

    35 - Ibid, p.48.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 8:01 pm