منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    تناثر الجسد في فضاء الضياع

    خنساء محبة السماء
    خنساء محبة السماء


    عدد المساهمات : 96
    تاريخ التسجيل : 02/11/2009
    العمر : 34

    تناثر الجسد في فضاء الضياع Empty تناثر الجسد في فضاء الضياع

    مُساهمة  خنساء محبة السماء الأحد ديسمبر 12, 2010 12:04 pm

    تناثر الجسد في فضاء الضياع 29
    <table class="dcitbce" align="center" border="0" cellpadding="0" width="98%"><tr><td><table style="border-collapse: collapse;" border="0" cellpadding="4" width="98%"><tr><td valign="top">


    تناثر الجسد في فضاء الضياع

    د.عالي القرشي

    تقتحم "فخاخ الرائحة" عالم شخصية طراد الذي يتكرر عليه النفي والإقصاء منفضاء الصحراء، إلى المدينة.. الى الضجر والقلق الى الهروب من هذهالمدينة.. فتقحم القارئ في سردها الذي يتواثب بين حلقات الزمن طرداًوعكساً، ويتشاجر بإيراد الحكايات التي تتوالد من مواقف تتصاعد أحياناً،وتجبر على التصادف أحياناً أخر... لكن ذلك التواثب والالتواء يشكل بطلاًآخر آخر للسرد يتكون من هذا الحدث، وذاك، ومن هذا الموقف، أو تلكالمطاردة، لينجبس من علاقات عالم السرد، فيتراءى في ذلك الجسد الممزق،المعتدى عليه، الجالب للسخرية، المنفي بسببها، الذي يجعل الذات تنكفئعليه، تسجنه، بل تلعنه وتسخط عليه، وما يصاقب ذلك من مواقف السلب، واغتيالالذات، واسترقاقها.. ويلحق بذلك اغتيال العلاقة بين الذكر والأنثى، فيخرجمابينها إلى النفي والضياع.. ذلك هو العالم الذي وضعتنا فيه رواية "فخاخالرائحة"، ليوسف المحيميد، في مداراته.. يقيم تواشجاً وتواصلاً بينالمنفيين.. وتسلطاً متتابعاً ومتآزراً من عالمهم الذي يغتالهم ليستعبدهم،وينفيهم ليبرأ من الالتصاق بنفيهم..
    تبدأ الرواية بوضع الجسد الناقص، جسد طراد، أمام التعامل اليومي، كان يخفينقص جسده، الذي كان يشي به ذله وانكساره مما جعله يتهيأ لأن يشكله موظفوالوزارة في هيئة مهرج يتسلون به في لحظات سأمهم وضجرهم.. إلى ان تأتي لحظةيسقط فيها أرضاً، فيلذ فيها لأولئك أن يكشفوا سر الشماغ الملفوف بإحكامعلى أذنيه، فيتمكنوا من ذلك بعد أن حاول أن يضم يديه على أذنيه دون جدوى،فيهتك السر المفضوح، ويظهر الجسد الناقص ليدخل عالم النفي والإقصاءوالسخرية المرة فيؤول من كيان حي إلى تندر ساخر مقروناً بلوحة فان جوخ..ومن تجارب النفي والإقصاء لطراد، ومحاولة مغالبتها، يفرح بأن ينال اهتمامامرأة، فيقع في حبائل الحب، ويظن أنه صاحب قرار وإرادة، فيمضي مع نداءجسده وجسدها، فيعتدي أخوه على الثمرة، وينزعه من هذه العلاقة، بدعوى عدمأصالة المرأة، فيرضخ لتهديده، فيقصي عن ثمرة جسده، فلا يلقاه إلا مصادفةوهو لا يعرفه، ولا يلقاه إلا أوراقاً في ملف ضائع..
    أذن قُطعت، وعلاقة وئدت، وجسدان منفيان عن بعضهما، وجوس في الذاكرة،وتقليب في ملف ضائع، وحوار وتجاوب ومصادقة مع خصي، ذلك ما تبقى لطراد فيرحلة الشقاء الجسدي والعذاب الروحي، ليحكي المحيميد من خلال ذلك اغتيالإنسانية الإنسان في تشكيلات متصاقبة.
    • جسد يغتال بفعل الجوع، والحاجة إلى الزاد، والقيام بمغامرة السطو على القافلة.
    • جسد يغتال بفعل طمع الطامعين في بيعه وتقديمه للأثرياء ليسخروه لخدمةبيوتهم، آمنين على نسائهم.. ضامنين وداعته.. ويكون الجوع هو الذي رماه،ورفاقه في كمين المغتالين..
    • علاقة حب تغتال، وتقطع قسراً عن ثمرتها بفعل الحرص على النقاء وسلامة الأصل.. ثم ينشأ عن ذلك:
    • تهكم، سخرية مرّة، مصادقة للرصيف، طلب الخروج إلى الجحيم..
    • استعباد واسترقاق، حتى إذا جاءت الحرية لم يجد عملاً، فيتشبث بعمل الشاي والقهوة استبقاءً للحياة.
    • ولادة مقصيّة، تشوه في الجسد، طفولة في ملجأ، اعتداء على هذه الطفولة، وقبلها خلعت عينه فور إلقائه أمام المسجد.
    في هذه العلاقات التي تتكون في فضاء الضياع واستدعاء الذاكرة، يأتي سياقهذه الأحداث متماهياً مع حالة التشرذم والتمزق العاطفي، والتأزم النفسيالتي يعايشها شخوص هذا السرد، يجمعهم نسب الحكي والذكرى، ويؤالف بينهمحنين التشرد، وشكوى الحال.. وكدت أن أؤاخذ هذا العمل بالجنوح إلىالمصادفات، لكنني حين أمعنت في حالة الضياع التي سببها انتهاك الجسد، وجدتأن المصادفة أمر له وظيفته البنائية في النص، إذ اقتلع هؤلاء حين انهكتأجسادهم، وضاق تعريفهم، وكانت فضاءاتهم هي فضاءات الضياع، يلتقي توفيقطراد، ثم يعرف بعد ذلك أنه أبولوزة... يلقى طراد ملف اللقيط، وما به منمعلومات عن مكان الالتقاط، والحال التي وجد عليها وهو مخلوع العين، فيمضيفي التخيل لو كان طراد عبدالإله، ولو كانت صالحة هي صاحبته.. فيتماهىالقارئ في قراءة هذا التخيل الذي أوحى الكاتب لنا بأن ما كان يتخيله طرادهو الأمر ذاته..
    يتذكر طراد حكاية توفيق عن البستاني الذي يذكره طراد حين كان حارساًلبوابة القصر، وما كان يحكيه عن الطفل الذي جيء به من الملجأ ليتربى فيالقصر، ولكن النحس حال دون أن ينال ذلك النعيم، فعاد إلى جحيم الملجأ.ولكنه لا يتذكر ذلك.. ويصل الكاتب ذلك بغموض المدينة وغموض أعدائها..(ص111) ومن الفضاءات التي يكوِّنها النص فضاء التباين بين: الباديةوالمدينة: فضاء الصحراء على اتساعه وغموضه يتجلى في النص معروفاً لطراد:"كنا أنا ونهار مثل سباع البر، نشم الطرائد عن بعد، وننقض عليها ببراعة.كنا نعرف الصحراء مثلما يعرف الواحد منا كفّه"ص 67"لكن لعنة المدينة التيلا تختلف عن الجحيم، انك تكافح ضد أعداء لا مرئيين، أعداء، لا يمكن أننراهم بالعين المجردة، فهل يمكن أن نكافح ضد حطب جهنم التي تأكل أخضرناويابسنا؟؟"ص 112،111 وكان هذا يتسق مع التكوين النصي لشخصية نهار، إذ كانفي البادية، فارساً، مقداماً بينما جاء إلى المدينة مختبئاً في عمامتهالتي تلف جسده الناقص.
    • علاقة طراد وصاحبته وعلاقة بنت العطار: بنت العطار تختلق لها الأسطورةلتحميها من الألسنة، وتخرسها، فتحضنها شهوة القمر عن الشاب الذي كانت تخفيصورته لديها.. بينما يقصى طراد بسبب سطوة القبيلة عن حبه الذي ضاع..
    • فضاء الهدف المعلن والفعل الخبئ: وهذا يتجلى على أنحاء منها:
    ـ فعل الحج الذي تناقضه أفعال التسلط، والجشع.. فالمجلوبون يلبسونهم ثيابالإحرام.. حتى إذا نزلوا جدة كان بيعهم.. ورجال القافلة وآمرهم يترفعون عنتلويث أيديهم وهم حاجون بقتل نهار وطراد، ويستبيحون لأنفسهم تركهم مدفونينمقيدين في الرمال للسباع..
    ـ كنز الحلواني، الذي برر به غناه الفاحش، حيث أشيعت حكاية عثوره على كنز،وقام بعرض تمثيلي لذلك.. بينما كان ثراؤه مما يقبضه من ثمن الرؤوسالبشرية..
    ـ تماهي ما سبق مع أفعال الخديعة: وذلك في خديعة توفيق بالشعراء، ليكون فيقبضة الجلابة، ثم خديعته بالمخدر لتغتال رجولته.. وإزاء فضاء التباين هذا،كان هناك فضاء التوافق الذي أشرنا إليه سابقاً، في فضاء اغتيال الجسد،وفضاء الضياع، والموافقة بين تسلط الذئب والقط على الأذن والعين، وتسلطالإنسان على حرية الإنسان، ورجولة توفيق، وتسلط فكرة القبيلة على الحيلولةبين طراد وعشقه..
    ويؤخذ على السارد تدخله أحياناً لكشف مثل هذه العلاقات، وذلك في مثل الجمعبين فخاخ الرائحة والتسلط على أعضاء الجسد، ومسألة الحج.. وغيرها..
    إذ ان ترك ذلك للقارئ يحفزه على إعادة صياغة ذلك التلاقي، وعقد لقاء بين فضاءات أخرى لا يحددها السارد.

    جريدة الرياض- الخميس- 2/10/2003م.
    قراءة في "فخاخ الرائحة"

    </td></tr></table></td></tr></table>

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 5:43 pm