منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    مقاربة تأويلية معرفية تداولية لقصة " خلود" للقاص أنيس الرافعي...2

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

     		 مقاربة تأويلية معرفية تداولية لقصة " خلود" للقاص أنيس الرافعي...2 Empty مقاربة تأويلية معرفية تداولية لقصة " خلود" للقاص أنيس الرافعي...2

    مُساهمة   الأربعاء ديسمبر 15, 2010 12:34 pm

    [center]وبالعودة إلى قصة ( خلود) فإن الخلود بهذا المعنى لم يتحقق لدى الحيوان/ البطل الذي أثقل عليه الزمن بكلكله، الزمن العدو/ العنصر المعاكس الذي يوازي جملة التشبيه المعبرة عن كثرة الحملات والحروب التي يتعرض لها الذئب العجوز في قمة الجبل - علامات تهديد الخلود - . وهنا تظهر فرضية جديدة أي فرضية الصراع بين الذئب العجوزوالزمن من جهة و الذئب العجوز والعدو من جهة ثانية. عدو خارجي على أبواب هزم الذئب العجوز في عقر داره، بيد أن أداة الاستدراك ( لكن) تجعل القارئ ينتظر المواجهة وفشل الزمن/ العدو الصاهل عند مسقط رأسه. وهو اختيار حكائي يولد لدى القارئ المتلقي تأويل المسار السردي بإوالية مورفولوجيا التحول من الشدة إلى الفرج- بألفاظ ومنطق الثقافة العربية الإسلامية، كما في أخبار كتاب ( الفرج بعد الشدة ) للتنوخي مثلا، أو بمنطق التحولات الحكائية لدى ( فلاديميربروب) و(كلود بريمون) بالانتقال من التأزم إلى الحل. لقد حقق النص التحول بواسطة خطاب الوهم عن طريق الفعل الذاتي الرافض للواقع/ واقع الصراع المتعاقب مع الزمن والعدو والهزيمة الحتمية القريبة جدا. وعلامة التنصيص(النقطتان) تشكل رابطا لتوالد الحكاية وكون مايلي تفسير لما سبق.
    ينتقل بنا خطاب القصة من السرد الخارجي البراني مع ضمير الغائب ( هو) إلى ضمير المتكلم المفرد في خطاب الذات حول نفسها للاقتناع بمواجهة الفناء. وهو خطاب له وجهان:
    - رفض الشيخوخة - فعل الزمن في الجسد والاعتقاد بالبقاء على حالة الشباب والقوة القاهرة خارج الزمن.
    - رفض غارات وهجومات الآخرين والتعطش إلى تعذيبهم والتلذذ بقتلهم كبلية وكسلوك ضامن للخلود المحلوم به.
    إنه قهر الزمن والغرماء. وهو هاجس وهمي تعض عليه شخصية الذئب العجوز بالنواجذ كما يدل على ذلك تكرار جملة: مازلت اثني عشرة مرة الكاشفة لهواجس الذات المريضة بالديمومة والبقاء” السلطة” كما يعضده معجم الوهم المسيطر على المقطع.
    وتستمر بنية الفرضية واردة في الذهن، ولو خلال لحظتها الأشد تأزما: المواجهة والمرور من مستوى العقيدة إلى مستوى الاختبار في الواقع كما يتطلب السيناريو ذلك. لكن القارئ يشتم رائحة فرضية جديدة في الأفق ويتساءل: هل سيتم التحول كما ترغب فيه الشخصية ويتحقق الخلود الوهمي، أم سيجهض التحول بفعل استقرار فكرة هزيمة الحيوان الأبدية أمام الزمن/ العدو؟
    الفرضية المتداولة عرفيا و”منطقيا” تجعل القارئ ينتظر بحذر اكتمال سيناريو الخلود النكرة كما أسلفنا. يؤخر الكاتب لحظة الكشف قليلا للتأكيد على أيديولوجية الذئب في الحياة( وبذات الانطباع الشاهق، وبكامل تراثه كقاتل محترف…) ليدخل الذئب لحظة لإثبات استمرارية قدرته ، وهو المجرب المحترف. وفعلا استطاع خلق الانطباع بخلود قدرته حين استعرض قدرة العواء واستعد للانقضاض و الافتراس . لكن الأداة ( غير) تعد القارئ لاستقبال تخييب الانتظار بفشل الحيوان العجوز في الاستمرار في ممارسة القتل والتعذيب على طرا ئده. تختل الفرضية الأولى بفشل الذئب العجوز وموته المفاجئ بالسكتة القلبية وينتظر القارئ ولادة فرضية جديدة وسياق جديد يصحح مسار الفهم ويهدي إلى مقصدية الكاتب المواربة.
    يقوم النص بخلق سياق سردي تخييلي جديد منطلقه الأساس أننا بصدد فرضية : أنت أمام كاتب تجريبي يكسر انتظارات القارئ، أو يريد قارئا آخر يتابع أشواط القصة بفرضية أخرى جديدة. وهنا تأتي إلى ذهن المتلقي القارئ/ المؤول فرضيات جديدة: إن تعرية العنوان عن ” أل” التعريف فعل مبيت، وعلامة أرسلها الكاتب للقراء للإهتداء بها في اللحظات الحرجة للفهم. خلود عنوان النص نكرة يفيد أنه خلود ليس كالخلود الراسخ في الذاكرة المعجمية والمعرفية والدينية. إنه الخلود الوهمي الكاذب.إنها السخرية والمفارقة.
    ويشكل الرابط اللغوي( رغم ذلك) المفيد للتعارض الدلالي للآتي مع آخر معطى توصل إليه القارئ مهمازا جديدا يحرك للبحث عن ملاءمة جديدة. كنا ننتظر هجوم الزمن والعدو إلى أقصاه في سياق الموت، بعد أن خانه قلبه وتوقف على حين غرة، لكن عدم الخلود تحول إلى من جديد إلى خلود ( لردح طويل من الزمن… لم يجرؤ أحد على الدنو). خلود فريد من نوعه تحقق بالتحنيط بالصقيع والارتفاع والبريق الأحمر المشع من العينين المخيفتين.وبذلك فهو يدخل في باب الخلود الوهمي. الذات ماتت وفقدت الروح والحركة، لكنها ظلت تعيش بالاحمرار- حمر فيه عينيك يخاف منك- وتبخر الغازي وتجمد وصار ثلجا أبيض صافيا كالحليب. هنا تستيقظ في ذهن القارئ المؤول كل الدلالات والأشكال المنطقية الداخلة في المدخل الموسوعي لعبارات:
    1- ( الشاب ناصع الفرو/تراثه كقاتل محترف/ ذئب براري لايرحم/ عوى عاليا في سكون الليل البهيم) التي تستدعي السلطة والقسوة والقيم المنحطة الدنيئة للاستمرار والخلود كنظام بائد يفرض نفسه بالنار والحديد والدم.
    2- ( الرياح المتعاقبة تصهل عند مسقط رأسه… لم تجرؤ أية دابة على الدنو منه ) كتحول سلبي في القوى المعاكسة التي فقدت القدرة على المواجهة ولم تستطع الإطاحة بالذئب العجوز وهو قد شبع موتا.ففي الوضعية البدئية كانت ثائرة (كانت عند مسقط رأسه وصيده فوق قمة الجبل) وفي الوضعية النهائية صارت مسالمة Sad ولردح طويل من الزمن ، لم تجرؤ أية دابة على الدنو من منطقة نفوذه…)
    3- ( البريق الأحمر المشع) كالعين الحمراء، وحمر في نحمر فيك، والقتل، والقمع والدماء تكشف أداة خلود الذئب العجوز الميت حقيقة الخالد وهما.
    وفي نهاية القصة المينيمالية تكتمل الملاءمة وتتضام المعاني/ الدلالات/ المقاصد، كما يريدها السياق، وتتكشف أفعال الكلام المتضمنة في القول- الجمل والعبارات والقصة المينيمالية- فنحصل على الشكل الجملي القضوي (10) للعنوان والروابط والجمل والعبارات والقصة، وتكتسب القصة ملاءمتها كتأويل معرفي تداولي نعتقد أنه كما يلي: يتعلق الأمر بالخلود القمعي السلطوي لنظام أكل عليه الدهر وشرب، توالت عليه محاولات كانت قاب قوسين أو أدنى من رميه في مزبلة التاريخ، لكنه ظل متمسكا بجبروته الوهمي حتى أصابته السكتة القلبية ولم يمت مادام يعتمد القمع ومادامت القوى المتربصة به ضعيفة مشلولة.
    وبذلك فهي قصة مينيمالية لكن بابعاد مكسيمالية منخرطة في صلب اليومي التداولي تقول كلمتها فيه، وتؤكد أن التخييل ليس فقط سفرا في أعالي المتعة، ولا ممارسة لفعل هو نفسه مخادعة ومكر ولذة حكي مجاني متعالية، بل هو، علاوة على ذلك، استعارة للواقعي اليومي التداولي، و تحتاج إلى قراءة تداولية معرفية تأويلية نافذة مسلحة بالأدوات المناسبة لفهم كنهها التواصلي العميق.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) أدوات المقاربة مستمدة من الاتجاه التداولي المعرفي الجديد في دراسة التخييل لدى (آن روبول) في مؤلفاتها العديدة. وهذه بعض منها لمن يرغب في أخذ فكرة عنها:
    التداولية اليوم، آن روبول وجاك موشلار. ترجمة: سيف الدين دغموس و محمد الشيباني
    Rhétorique et stylistique de la fiction , Anne Reboul
    Réalités de la fiction , Anne Reboul
    Pragmatique du Discours, Anne Reboul et Jacques Moeschler
    Langage et Pertinence, Anne Reboul et Jacques Moeschler et autres
    La forme logique(2)
    La forme propositionnel (3)
    La pertinence, p :13741)
    Principe de pertinence(5)
    نفسه ص: 135-137 (6)
    نفسه ص: 138(7)
    (Cool لسان العرب، ابن منظور، ص164، 165 دار صادر، بيروت.
    Hypothèse factuelle (9)
    نفسه ص: 139 (10)

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 6:46 pm