بقلم: الدكتور سلام الاعرجي - (صوت العراق) - 16-05-2011
[size=25]
oscarsalam2005@yahoo.com
صدمة المواجهة , جيرزي كروتووسكي ... المسرح الفقير الجزء 12 من حوارية
افتراضية بين المخرج والمتلقي في المسرح . المخرج : تلقي اشكالية التلقي
على مسرح كروتوسكي بظلالها الثقيلة فتقوده الى التوقف عند المزيد من
مرتكزات خطاب العرض المفصلية او العضوية , منها العلاقات وآليات الاشتغال
على محاور انتاجها , وياتي في مقدمتها العلاقة مع النص - المؤلف – والعلاقة
مع منتجي الفضاء والوجود المادي الحيوي الممثل . المتلقي : لنبدء اذا
بعلاقته بالنص او خطاب الادب بشكل عام ؟ المخرج : تنزاح وتتداعى قيمة النص
عند كروتووسكي حد الهيمنة الحقيقية لسلطة الاخراج - نظريا – ولم ياتي ذلك
اعتباطا حيث لم يعد المسرح خطابا ادبيا , اي لم يعد خاضعا لسلطة النص
المقدسة , ملقا على عاتق الممثل , ذلك انه يرى ان للمسرح القدرة على
التواجد دونما حاجة الى اي موجود مادي يؤسس لمتصلات العرض , الحركة ,
الزمان , المكان مهما تسامت قدرات التصميم فاللمسرح القدرة على تجاوزها ,
لأنه غير ذي حاجة بها ويمكنه بلوغ اهدافه بعيدا عنها - انه بحاجة الى
الممثل الواهب وفنه – كذلك النص الدرامي الذي يعتبره كروتووسكي في مؤلفه
المسرح الفقير آخر العناصر التي اضيفت الى العرض المسرحي تاريخيا وهذا
لايعني ترفعه على النص بل يرى ثمة شرطية في امكانية اشتغال النص في خطاب
العرض المسرحي . المتلقي : وما تلك الشرطية وقد استنفذت التجربة الاخراجية
اغلب الشروط ان لم نقل جميعها ؟ المخرج : ابدا ان اللغة واعني بها التجربة
المجتمعية تتجه صوب الاختزال والتكثيف , وتباعد انساقها القواعدية بحجم
اقترابها من الحياتية اليومية , واداء الجسد الدلالي يفرض نمطا لغويا ابعد
من مفهوم الجست الذي يسعى له برخت وبافلوف وادولف آبيا حتى ان
البايوميكانيكا اصبحت اقرب الى تعاليم ( مسرح النو ) الا ان شجيرات الصنوبر
قد اختفت فيه , ان شرطية وجود النص قدرته القرائية للواقع من خلال التجربة
الانسانية المكثفة , او العكس , قراءة التجربة البشرية كتراكم حياتي بخبرة
الواقع المعاش , ان حيازته تلغي اصالة جنسه ونوعه الادبي بل ان بدائية
الخطاب وهشاشة محتواه سيجعل من شفراتية اللغة ومحتواه المتاصل في روح
المجتمع شفيعا له عند كروتووسكي كما يزعم هو في كتابه المسرح الفقير.
المتلقي : اعتقد ان ثمة تناقض في المقولة , قراءة التجربة البشرية كتراكم
حياتي بخبرة الواقع المعاش ؟ المخرج : من وجهة نظر الماركسية لايوجد اي
تناقض , نحن نمثل الحلقة الاكثر تقدما في حياة البشرية والقادم في العقود
القابلة سيجدنا نتخلف عنه بخطوات كبيرة وعديدة لذا جاز لكروتووسكي قراءة
الموروث من المتراكم السلوكي مثلا على اساس معطيات العصر وهو اذا يحرك
المتراكم يستفز فيه قدرته على الطفرة المنتظرة . لذلك نقول ان تاصله في روح
المجتمع شفيعه عند كروتووسكي . المتلقي : هل نحن ازار اشكالية التقادم او
الحداثة في الانتاج ؟ المخرج : ان أشكالية الاخراج والنص لم تعد قائمة على
اساس حداثة انتاجه او ايغاله في القدم وليس مذهبية حتى بل ثمة شرطية معتمدة
على حيازة النص على عمق تجاريبي وخبراتي مكثف يشكل فيه البعد الاسطوري
واللاواقع والاوهام والحقائق البشرية التي ما تزال واقعية بالنسبة لنا ,
تشكل كيانات عضوية ومؤسسات كيفية لبنية خطاب العرض الذي سيحقق الخوض في
جوهر الأشكالية ( المجابهة ) وتحقيق ال ( صدمة ) الناتجة عن مجابهة
الاسطورة لا الأندماج بها وهذا ما يؤكده في كتابه المسرح الفقير , الغيبيات
في الوجود اليومي المعاش خرافة واساطير موروثة ومعيقة لابد من مجابهتها
باسلوب درامي جديد , لابد من خلق تعادلية بين الحقيقة النفسية الذاتية
والحقيقة الشاملة التي تنتجها وتبثها الاسطورة , ان الامساك بالتجربة
الشخصية الذاتية ومواجهتها بوعي تراكمي يعني هتك الاستار والتعرية وتحقيق
شيء من التدنيس لقدسية ما او لعرف ما وذلك سيقود حتما الى أعادت اكتشاف
الذات في اعمق طبقاتها النفسية , أننا بالفن نعطي معنى انفسنا ونكتشف
انفسنا كما لو كنا أنعكاسا للنظام الطبيعي - كروتووسكس / المسرح الفقير –
وعلى هذا الاساس سيكون النص منشورا ضوئيا يعكس تجاربنا السائدة . المتلقي :
وهل ان المجابه والترميز والتشفير على صعيد الدور كاف ليحقق ذلك الدنس
والتهتك ؟ المخرج : ابدا بل التناقض , فالتناقض هو الاسلوب التحليلي الامثل
لبنية الاشارة حيث يكون بين ألأشارة والصوت , والصوت والكلمة , والكلمة
والفكرة , والارادة والفعل ايضا خطا سلبيا , التناقض , ذلك التناقض الذي
سيبحث في لغة مفهومة وراء قيمة المدلول اللفظي لتكون الاشارة أصلا العلامة
القصدية في ايصال المعنى لأنها مختزلة وتناقضها اساس أسلوبها الكاشف , اي
تحقيق قصدية الدال في ايصال الدلالات , ألا أنها تنفتح على حقول دلالية
اوسع مع كروتووسكي وذلك باتخاذها طابعا لا شعوريا , ان الاشارات الصادرت عن
الجسد البشري - الممثل – اشبه من حيث الشكل بتلك الاشارات التي يعنى بها
علم النفس الجسدي او علم النفس الماورائي ومن رواده ( لاكان ) . المتلقي :
ومن هذا لاكان ؟ المخرج : ( د. جاك لاكان ) مؤلف ومحلل نفسي فرنسي عاش قرنا
باكمله , وهو نفسه مؤسس مدرسة التحليل النفسي الامريكي , نهج نفس طريق
سجموند فرويد في ال لاوعي وغادره مهتما بالجدل بين اللغة والتحليل النفسي
المهم انه يجد في مظاهر اللاشعور طريقة من طرق الايصال أو المخاطبة , أيصال
بعض المفاهيم والرغبات التي تعجز التجربة الاجتماعية للغة عن البوح بها
فينتجها الجسد أشاريا ومن الجدير بالذكر ان الاشارات الجسدية يمكن ان تنتج
اصطلاحية العلاقة بين الدال والمدلول , ألا أنها لابد لها ان تكون – في
المسرح على اقل تقدير - مفتوحة او شعرية بعيدة عن التقنين ليكون لدوالها
القدرة على اتخاذ العديد من المدلولات مرجعا لها ولدوالها , فالشفرات كما
يقول ( بيير حيرو في كتابه علم الاشارة ) ذلك ان الشفرات الشعرية الدالة
أصطلاح ضعيف ووظيفتها التصويرية متطورة واشاراتها مفتوحة , ان التناقضية
التي يشير اليها كروتووسكي , ليست ذاتها التي تشتغل عليه آليات خطاب المسرح
البرشتي المعتمدة على النظرية المادية الديالكتيكية , ولايعني ايضا قسرية
الاشارة أي ان يهدم المعنى على اساس أن ننقل الى المدلول شيء من خصائص
الدال , كما يقول ( بيير جيرو ) . ان التناقض في الوحدة الموضوعية للتراكم
الحكائي او السردي او البنيوي بشكل عام وهذا يستوجب وعيا عاليا لخروجه عن
مفهوم الايقونة , ان التناقض الدلالي الذي يؤكده او يحققه التناص بين لوحة (
العشاء الاخير ) وجلوس ( فاوست ) وسط طلبته في المشهد الثاني من الفصل
الخامس من المسرحية وكانه على كرسي الاعتراف انما يؤكد التناقض بين
الاجتماعين , الفضيلة / الرذيلة , الروح المنعتق للرب / الروح المنذور
للشيطان , السيد المسيح / فاوست , فاذا كان الشكل في النص او الأسلوب ينتج
معناه , فان كروتووسكي وان اعاد ترتيب المشاهد في العملين اعلاه لايمس
مستواهما الاسلوبي داخل النص بل عبر الجدل و التناقض وما يمكن ان يثيراه من
تاويل للمضامين رغم حركية الشكل النصي وثبات شكل اللوحة التشكيلية .
المتلقي : كنت اود التوقف عند فاوست ومفهوم التناص ؟ المخرج : فاوست مسرحية
للمؤلف ( كرستوفر مارلو ) . اما التناص فهو مفهوم نقدي موغل في القدم تحرك
في العديد من المستويات الادبية والفنية كمفهوم وصار بعد الدراسة التي
اعدتها ( جوليا كرستيفا ) على منجز ( باختين ) القائل ان الحوارية لعبة
مفتوحة النهاية تتحرك جيئة وذهابا بين النص والمرسل – الموضوع – والنص
والمتلقي – الثقافة – الا ان ( دريدا و رولان بارت ) تبنوا النظرة الاوسع
والاعم لمفهوم التناص تلك النظرة القائلة بان كل النصوص هي تناصات وان
التناص هو اساس ومطلب كل اتصال وتواصل وان كل النصوص والخطابات التواصلية
مبنية دائما على معايير ومدونات ثقافية موجودة بالفعل وان هي الا – النصوص –
اقتباسات تعددية تفقد فيها قضية اصل النص أهميتها ويمكن القول ان التناص
حاضنة لكثير من الآراء والافكار التي تختلف حسب مجال توظيفها , باحتصار ادق
ان التناص مصطلح ابتكره الشكلانيون الروس وهو احد مميزات النص التي تحيل
على نصوص سابقة عليها او معاصرة لها , بمعنى ان النص ليس انعكاسا لخارجه او
مرآة لقائله وانما فاعلية المخزون التذكري لنصوص مختلفة . ان كروتووسكي
يدرك جيدا ان ثمة غائية انتجت الخطاب الادبي وهي حتما تجسيدا لماهية
العلاقة بين البيئة التاريخية للنص والنص نفسه , لذلك , هو يتجاوزها, بعمل
مونتاج ووضع سيناريو اخراجي – منهج قرائي للحكاية داخل البنية الدرامية –
يعمل خلخلة وتكثيف في منهجية توليد الاحداث – المستوى الدرامي – وماهيته –
تناص - , ثم يقوم بتقديم وتاخير وحذف واضافة وتكرار للمشاهد , اي خلخلة
المستويين الدرامي والاسلوبي في آن واحد , راجيا عدم تحقيق هدم قناعات تشكل
قيما ثابته عند المجتمع كما يزمع في كتابه المسرح الفقير , هذا اولا , ثم
تكثيف الاحداث بطريقة تحقق امكانية المجابهة بين المتلقي والفعل ثانيا , ان
عمله على النص يتركز في اشتغاله على بعض عوالمه وبيئاته حيث يراه مجموعة
من البيئات والعوالم , ويرى ان الرؤية الاخراجية او القراءة الاخراجية
مسؤلة عن اعداد سيناريو الاخراج , الذي يكشف عن علاقة بينه وبين النص
المسرحي فيها من المشابهة والتماثل كما في علاقة اللحن المتنوع بموضوع
الموسيقى في ألأساس – تناص – وهذا يعني ان ألأجواء العامة التي يصنعها
اللحن منجزة حتما اي ان بعض الثيمات المرافقة التي يتفرد بها الى آخر ان لم
تكون غير ذات أهمية لذا يتوجب التكثيف قدر المستطاع في انجاز سيناريو
الخطاب . المتلقي : ارى ثمة توافق او تناص او اشتراك منهجي قرائي بين
كروتووسكي وانتونين آرتو واروين بسكاتور كذلك برشت ؟ المخرج : ليس الى الحد
الذي تتوقعه الا ان ثمة تناصات بينهما في اطار العلائق وثمة اختلاف كبير
في مضمار آليات الاشتغال وترى الماركسية ان النقيض يحمل بذور نقيضه الى
مرحلة ما من عملية النمو او التطور العمودية .
[/size]
[size=25]
oscarsalam2005@yahoo.com
صدمة المواجهة , جيرزي كروتووسكي ... المسرح الفقير الجزء 12 من حوارية
افتراضية بين المخرج والمتلقي في المسرح . المخرج : تلقي اشكالية التلقي
على مسرح كروتوسكي بظلالها الثقيلة فتقوده الى التوقف عند المزيد من
مرتكزات خطاب العرض المفصلية او العضوية , منها العلاقات وآليات الاشتغال
على محاور انتاجها , وياتي في مقدمتها العلاقة مع النص - المؤلف – والعلاقة
مع منتجي الفضاء والوجود المادي الحيوي الممثل . المتلقي : لنبدء اذا
بعلاقته بالنص او خطاب الادب بشكل عام ؟ المخرج : تنزاح وتتداعى قيمة النص
عند كروتووسكي حد الهيمنة الحقيقية لسلطة الاخراج - نظريا – ولم ياتي ذلك
اعتباطا حيث لم يعد المسرح خطابا ادبيا , اي لم يعد خاضعا لسلطة النص
المقدسة , ملقا على عاتق الممثل , ذلك انه يرى ان للمسرح القدرة على
التواجد دونما حاجة الى اي موجود مادي يؤسس لمتصلات العرض , الحركة ,
الزمان , المكان مهما تسامت قدرات التصميم فاللمسرح القدرة على تجاوزها ,
لأنه غير ذي حاجة بها ويمكنه بلوغ اهدافه بعيدا عنها - انه بحاجة الى
الممثل الواهب وفنه – كذلك النص الدرامي الذي يعتبره كروتووسكي في مؤلفه
المسرح الفقير آخر العناصر التي اضيفت الى العرض المسرحي تاريخيا وهذا
لايعني ترفعه على النص بل يرى ثمة شرطية في امكانية اشتغال النص في خطاب
العرض المسرحي . المتلقي : وما تلك الشرطية وقد استنفذت التجربة الاخراجية
اغلب الشروط ان لم نقل جميعها ؟ المخرج : ابدا ان اللغة واعني بها التجربة
المجتمعية تتجه صوب الاختزال والتكثيف , وتباعد انساقها القواعدية بحجم
اقترابها من الحياتية اليومية , واداء الجسد الدلالي يفرض نمطا لغويا ابعد
من مفهوم الجست الذي يسعى له برخت وبافلوف وادولف آبيا حتى ان
البايوميكانيكا اصبحت اقرب الى تعاليم ( مسرح النو ) الا ان شجيرات الصنوبر
قد اختفت فيه , ان شرطية وجود النص قدرته القرائية للواقع من خلال التجربة
الانسانية المكثفة , او العكس , قراءة التجربة البشرية كتراكم حياتي بخبرة
الواقع المعاش , ان حيازته تلغي اصالة جنسه ونوعه الادبي بل ان بدائية
الخطاب وهشاشة محتواه سيجعل من شفراتية اللغة ومحتواه المتاصل في روح
المجتمع شفيعا له عند كروتووسكي كما يزعم هو في كتابه المسرح الفقير.
المتلقي : اعتقد ان ثمة تناقض في المقولة , قراءة التجربة البشرية كتراكم
حياتي بخبرة الواقع المعاش ؟ المخرج : من وجهة نظر الماركسية لايوجد اي
تناقض , نحن نمثل الحلقة الاكثر تقدما في حياة البشرية والقادم في العقود
القابلة سيجدنا نتخلف عنه بخطوات كبيرة وعديدة لذا جاز لكروتووسكي قراءة
الموروث من المتراكم السلوكي مثلا على اساس معطيات العصر وهو اذا يحرك
المتراكم يستفز فيه قدرته على الطفرة المنتظرة . لذلك نقول ان تاصله في روح
المجتمع شفيعه عند كروتووسكي . المتلقي : هل نحن ازار اشكالية التقادم او
الحداثة في الانتاج ؟ المخرج : ان أشكالية الاخراج والنص لم تعد قائمة على
اساس حداثة انتاجه او ايغاله في القدم وليس مذهبية حتى بل ثمة شرطية معتمدة
على حيازة النص على عمق تجاريبي وخبراتي مكثف يشكل فيه البعد الاسطوري
واللاواقع والاوهام والحقائق البشرية التي ما تزال واقعية بالنسبة لنا ,
تشكل كيانات عضوية ومؤسسات كيفية لبنية خطاب العرض الذي سيحقق الخوض في
جوهر الأشكالية ( المجابهة ) وتحقيق ال ( صدمة ) الناتجة عن مجابهة
الاسطورة لا الأندماج بها وهذا ما يؤكده في كتابه المسرح الفقير , الغيبيات
في الوجود اليومي المعاش خرافة واساطير موروثة ومعيقة لابد من مجابهتها
باسلوب درامي جديد , لابد من خلق تعادلية بين الحقيقة النفسية الذاتية
والحقيقة الشاملة التي تنتجها وتبثها الاسطورة , ان الامساك بالتجربة
الشخصية الذاتية ومواجهتها بوعي تراكمي يعني هتك الاستار والتعرية وتحقيق
شيء من التدنيس لقدسية ما او لعرف ما وذلك سيقود حتما الى أعادت اكتشاف
الذات في اعمق طبقاتها النفسية , أننا بالفن نعطي معنى انفسنا ونكتشف
انفسنا كما لو كنا أنعكاسا للنظام الطبيعي - كروتووسكس / المسرح الفقير –
وعلى هذا الاساس سيكون النص منشورا ضوئيا يعكس تجاربنا السائدة . المتلقي :
وهل ان المجابه والترميز والتشفير على صعيد الدور كاف ليحقق ذلك الدنس
والتهتك ؟ المخرج : ابدا بل التناقض , فالتناقض هو الاسلوب التحليلي الامثل
لبنية الاشارة حيث يكون بين ألأشارة والصوت , والصوت والكلمة , والكلمة
والفكرة , والارادة والفعل ايضا خطا سلبيا , التناقض , ذلك التناقض الذي
سيبحث في لغة مفهومة وراء قيمة المدلول اللفظي لتكون الاشارة أصلا العلامة
القصدية في ايصال المعنى لأنها مختزلة وتناقضها اساس أسلوبها الكاشف , اي
تحقيق قصدية الدال في ايصال الدلالات , ألا أنها تنفتح على حقول دلالية
اوسع مع كروتووسكي وذلك باتخاذها طابعا لا شعوريا , ان الاشارات الصادرت عن
الجسد البشري - الممثل – اشبه من حيث الشكل بتلك الاشارات التي يعنى بها
علم النفس الجسدي او علم النفس الماورائي ومن رواده ( لاكان ) . المتلقي :
ومن هذا لاكان ؟ المخرج : ( د. جاك لاكان ) مؤلف ومحلل نفسي فرنسي عاش قرنا
باكمله , وهو نفسه مؤسس مدرسة التحليل النفسي الامريكي , نهج نفس طريق
سجموند فرويد في ال لاوعي وغادره مهتما بالجدل بين اللغة والتحليل النفسي
المهم انه يجد في مظاهر اللاشعور طريقة من طرق الايصال أو المخاطبة , أيصال
بعض المفاهيم والرغبات التي تعجز التجربة الاجتماعية للغة عن البوح بها
فينتجها الجسد أشاريا ومن الجدير بالذكر ان الاشارات الجسدية يمكن ان تنتج
اصطلاحية العلاقة بين الدال والمدلول , ألا أنها لابد لها ان تكون – في
المسرح على اقل تقدير - مفتوحة او شعرية بعيدة عن التقنين ليكون لدوالها
القدرة على اتخاذ العديد من المدلولات مرجعا لها ولدوالها , فالشفرات كما
يقول ( بيير حيرو في كتابه علم الاشارة ) ذلك ان الشفرات الشعرية الدالة
أصطلاح ضعيف ووظيفتها التصويرية متطورة واشاراتها مفتوحة , ان التناقضية
التي يشير اليها كروتووسكي , ليست ذاتها التي تشتغل عليه آليات خطاب المسرح
البرشتي المعتمدة على النظرية المادية الديالكتيكية , ولايعني ايضا قسرية
الاشارة أي ان يهدم المعنى على اساس أن ننقل الى المدلول شيء من خصائص
الدال , كما يقول ( بيير جيرو ) . ان التناقض في الوحدة الموضوعية للتراكم
الحكائي او السردي او البنيوي بشكل عام وهذا يستوجب وعيا عاليا لخروجه عن
مفهوم الايقونة , ان التناقض الدلالي الذي يؤكده او يحققه التناص بين لوحة (
العشاء الاخير ) وجلوس ( فاوست ) وسط طلبته في المشهد الثاني من الفصل
الخامس من المسرحية وكانه على كرسي الاعتراف انما يؤكد التناقض بين
الاجتماعين , الفضيلة / الرذيلة , الروح المنعتق للرب / الروح المنذور
للشيطان , السيد المسيح / فاوست , فاذا كان الشكل في النص او الأسلوب ينتج
معناه , فان كروتووسكي وان اعاد ترتيب المشاهد في العملين اعلاه لايمس
مستواهما الاسلوبي داخل النص بل عبر الجدل و التناقض وما يمكن ان يثيراه من
تاويل للمضامين رغم حركية الشكل النصي وثبات شكل اللوحة التشكيلية .
المتلقي : كنت اود التوقف عند فاوست ومفهوم التناص ؟ المخرج : فاوست مسرحية
للمؤلف ( كرستوفر مارلو ) . اما التناص فهو مفهوم نقدي موغل في القدم تحرك
في العديد من المستويات الادبية والفنية كمفهوم وصار بعد الدراسة التي
اعدتها ( جوليا كرستيفا ) على منجز ( باختين ) القائل ان الحوارية لعبة
مفتوحة النهاية تتحرك جيئة وذهابا بين النص والمرسل – الموضوع – والنص
والمتلقي – الثقافة – الا ان ( دريدا و رولان بارت ) تبنوا النظرة الاوسع
والاعم لمفهوم التناص تلك النظرة القائلة بان كل النصوص هي تناصات وان
التناص هو اساس ومطلب كل اتصال وتواصل وان كل النصوص والخطابات التواصلية
مبنية دائما على معايير ومدونات ثقافية موجودة بالفعل وان هي الا – النصوص –
اقتباسات تعددية تفقد فيها قضية اصل النص أهميتها ويمكن القول ان التناص
حاضنة لكثير من الآراء والافكار التي تختلف حسب مجال توظيفها , باحتصار ادق
ان التناص مصطلح ابتكره الشكلانيون الروس وهو احد مميزات النص التي تحيل
على نصوص سابقة عليها او معاصرة لها , بمعنى ان النص ليس انعكاسا لخارجه او
مرآة لقائله وانما فاعلية المخزون التذكري لنصوص مختلفة . ان كروتووسكي
يدرك جيدا ان ثمة غائية انتجت الخطاب الادبي وهي حتما تجسيدا لماهية
العلاقة بين البيئة التاريخية للنص والنص نفسه , لذلك , هو يتجاوزها, بعمل
مونتاج ووضع سيناريو اخراجي – منهج قرائي للحكاية داخل البنية الدرامية –
يعمل خلخلة وتكثيف في منهجية توليد الاحداث – المستوى الدرامي – وماهيته –
تناص - , ثم يقوم بتقديم وتاخير وحذف واضافة وتكرار للمشاهد , اي خلخلة
المستويين الدرامي والاسلوبي في آن واحد , راجيا عدم تحقيق هدم قناعات تشكل
قيما ثابته عند المجتمع كما يزمع في كتابه المسرح الفقير , هذا اولا , ثم
تكثيف الاحداث بطريقة تحقق امكانية المجابهة بين المتلقي والفعل ثانيا , ان
عمله على النص يتركز في اشتغاله على بعض عوالمه وبيئاته حيث يراه مجموعة
من البيئات والعوالم , ويرى ان الرؤية الاخراجية او القراءة الاخراجية
مسؤلة عن اعداد سيناريو الاخراج , الذي يكشف عن علاقة بينه وبين النص
المسرحي فيها من المشابهة والتماثل كما في علاقة اللحن المتنوع بموضوع
الموسيقى في ألأساس – تناص – وهذا يعني ان ألأجواء العامة التي يصنعها
اللحن منجزة حتما اي ان بعض الثيمات المرافقة التي يتفرد بها الى آخر ان لم
تكون غير ذات أهمية لذا يتوجب التكثيف قدر المستطاع في انجاز سيناريو
الخطاب . المتلقي : ارى ثمة توافق او تناص او اشتراك منهجي قرائي بين
كروتووسكي وانتونين آرتو واروين بسكاتور كذلك برشت ؟ المخرج : ليس الى الحد
الذي تتوقعه الا ان ثمة تناصات بينهما في اطار العلائق وثمة اختلاف كبير
في مضمار آليات الاشتغال وترى الماركسية ان النقيض يحمل بذور نقيضه الى
مرحلة ما من عملية النمو او التطور العمودية .
[/size]