منتدى معمري للعلوم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى معمري للعلوم

منتدى يهتم بالعلوم الحديثة والمعاصرة، خاصة منها العلاقة بين الطب الأصلي والطب المازي او كما يسمى الطب البديل - ولا أرام بديلا -،كما يختص منتداي في كل ما يختص بتحليل الخطاب: الأدبي والعلمي، ونظرية المحاكاة: سواء في الطب أو علم التغذية او في الفن.


    تقديم منهجي للإطار المعرفي للنقد الأسطوري:

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    تقديم منهجي للإطار المعرفي للنقد الأسطوري: Empty تقديم منهجي للإطار المعرفي للنقد الأسطوري:

    مُساهمة   الأربعاء يناير 06, 2010 4:22 am

    [b][b] تقديم منهجي للإطار المعرفي للنقد الأسطوري:[/b][/b]
    [b][/b]
    [b][b]
    كان الإغريق يؤمنون بالسمو و التفوق، و لكن ليس في النواحي
    المادية بمقدار ما هو في النواحي الإنسانية الرفيعة التي تغني جوهر
    الإنسان و لا تقف عند العرض ، و قد اهتم بالعمق الإنساني الذي لا يمكن
    تربيته إلا بالجماليات، كانوا يشعرون بالوحوش الهاجعة في النفس البشرية،
    القضاء عليها مستحيل
    [/b][/b]
    [b][b]
    و حتى تبقى هاجعة على الأقل لا بد من الاهتمام بالسمو لتمكين الإنسان من
    السيطرة عليها و ترويضها ، قد نشدوا هذا السمو في الأدب و الفن و الفكر.
    [/b][/b]
    [b][b]
    كان من نتائج التطور الرمزي في الأدب أن ازداد الاحترام لرمزية الإنسان البدائي و بخاصة الأساطير
    [/b][/b]
    [b][b]
    و الخرافات التي عبر بها عن نفسه بصورة مميزة ، فإن العقل مرآة سلبية تعيد
    العالم إلينا كما هو معكوس فيها، لكن العقل قوة فاعلة تؤثر في الشكل الذي
    تتخذه الحقيقة الواقعية كما ندركها، عندها لا يكون ترميز الإنسان البدائي
    طفوليا و سخيفا بالضرورة ، و إنما ذو أهمية خاصة.
    [/b][/b]
    [b][b]
    الأدب المقارن هو المجال الذي يخصص حيزا واسعا لدراسة الأساطير باعتبارها
    مناسبة لحقله، و من فروع الأدب المقارن التي تختص بالأساطير ما يسمى بعلم
    الأغراض، حيث يختار العلماء المقارنون عادة تلك القصص التي لها ارتباط
    بواحد من أكثر الشخوص شهرة في الأساطير الكلاسيكية ، ثم يدرسون ما يطرأ
    على تلك الشخصية التي تداولها بين الأدباء على اختلاف حكاياتهم مثل دراسة
    تروسون ل"بروميثوس" سنة 1964 أو دراسة كالينسكي عن " هرقل " سنة 241972 ،
    فلا تدخل الأسطورة حيز الدراسة في الأدب المقارن، إلا إذا تعدت محليتها و
    اكتسبت شهرة عالمية، و هذا لا يعني أن الدراسات المحلية للأساطير من نفس
    المستوى ليست بتلك الأهمية، و لكي تنتمي لمجال الدراسة المقارنة وجب لها
    شروط هي :
    [/b][/b]
    [b][b]
    1/ معرفة خيوط الربط التي نسجت الأسطورة .
    [/b][/b]
    [b][b]
    2/ معرفة أصلها بالبحث عن الأمة التي أنتجتها من واقعها.
    [/b][/b]
    [b][b]
    3/ البحث في أصول ميثولوجية الأسطورة و نوعية أحداثها و أبطالها.
    [/b][/b]
    [b][b]
    4/ البحث عن علاقتها بالدين و التاريخ و مدى صلتها بهما.
    [/b][/b]
    [b][b]
    5/ منهجية البحث في دراستها .
    [/b][/b]
    [b][b]
    6/ أسباب الاختلاف و أوجه التشابه بين أديب و أديب،أو بين أدب و أدب25.
    [/b][/b]
    [b][/b]
    [b][b]
    و من الأساطير التي توفرت فيها هذه الشروط:السندباد ،علاء
    الدين،الفانوس السحري، جلجامش، بيجماليون، و قد لقيت الحظ الأوفر من هذه
    الدراسات.
    [/b][/b]
    [b][b]
    أما الأساطير ذات الصبغة المحلية فقد تدخل في نطاق الفولكلور
    الشعبي كشخصية جحا الإنسان الأحمق البري. "و علم الأغراض الأسطوري
    Thematology يأتي و يتأسس على ما يجمعه الأدباء من أساطير و
    يركز خلالها المقارنون على الجوانب البارزة في الأسطورة و التي جعلت
    الأدباء يركزون عليها، فهم ينظرون إلى الأسطورة كموروث يهيئ مادة لمواضيع
    يمكن الاشتغال بها مفترضين أن الأسطورة موجودة لكي يستعملها كل من يرغب في
    ذلك و النقد الأسطوري يحول الانتباه من الخصائص المحلية لكتاب بعينه إلى
    إحدى الأساطير العظيمة و الشهيرة، فيتحول ما كان رواية فقط إلى أدب بإظهار
    المؤلف و قد تجاوز المألوف و طفا على الواقع بما هو خالد و أسطوري ".26
    [/b][/b]
    [b][b]
    الأسطورة بهذا تحتل حيزا واسعا من الدراسة المقارنة لتوضح و تحدد
    الأمور ، و تبحث عن الأصول و النقاط المشتركة بين الأدباء . و بالتالي
    بين الأمم ، و هي بهذا إنما تدخل أيضا في نطاق الأدب و تصبح على علاقة
    وثيقة بين الأدب و الأدباء.
    [/b][/b]
    [b][b]
    إنه لشيء ملفت للنظر أن تكون النظريات الأدبية الحديثة من تأثيرات
    الفلاسفة و علماء النفس و اللغويين و النقاد و الأنثروبولوجيين أكثر من
    تأثير الشعراء و الأدباء.و الفنانين و النظريات الأدبية الحديثة و هي:
    [/b][/b]
    [b][b]
    .النظرية النفسية. و النظرية الشكلية و النظرية البنائية والنظرية الماركسية والنظرية الوجودية...الخ من النظريات.
    [/b][/b]
    [b][b]
    أما النقد الأسطوري فبني على نظرية كارل غوستوف يونغ في علم النفس
    التحليلي يعدل من بعض أجنحة هيكله ليتكيف مع هذه المتغيرات و قد وضع النقد
    الأسطوري نظريته في الانزياح و التعديل، ليكون أفقا أمام الإنتاج الأدبي
    الحديث.
    [/b][/b]
    [b][/b]
    [b][/b]
    [b][b]
    1 / الاتجاه النفسي:
    [/b][/b]
    [b][b]
    ساهم علم النفس بدوره في تفسير الأسطورة فقد نشأ ما يسمى ب" علم
    النفس الشعبي" تمتد جذوره إلى نظرية تايلور فقد أشارت الدراسات النظرية
    إلى حدة التشابه بين الظواهر الدينية و الأدبية بين الشعوب يعود إلى وحدة
    النفس البشرية، لكنهم لم يفسروا الحقيقة العملية في خلق أجزاء أو عناصر
    الأساطير ثم الأدب، إلا أن العالم الألماني الشهير فوندت ركز على الجانب
    الذي أهملته نظرية تايلور من خلال كتابه"علم النفس الشعبي" ثم جاء من بعده
    لايستنز و بعد هذا جاء فون دي لاين و كثيرون ، و يرى الجواهري بما أنه كان
    من المستحيل صدور كل التراث عن هذا المصدر فإن مدرسة فوندت لم تعرف
    انتشارا كبيرا.
    [/b][/b]
    [b][b]
    ثم يأتي التيار الثاني الذي يمثله سيغموند فرويد في
    التفسير النفسي للأساطير و تلميذه يونغ . في رأي فرويد إنه ليس صحيحا أن
    الفضول النظري و التعطش للمعرفة هما اللذان دفعا الإنسان إلى خلق أنظمة
    كونية بل الحاجة العلمية هي السبب في ذلك، كما لا ينكر أن للنظام الإحيائي
    دورا لكنه ليس أساسيا لأنه ينبع من الأحكام الحرمية ،فخلق الأرواح ينبع من
    التقييدات الأخلاقية الأولى.
    [/b][/b]
    [b][b]
    و يلخص فرويد نظريته فيقول: " سيكون في مستطاعي إذن أن أختم هذا
    البحث السريع و أن ألخصه قائلا: " أننا نهتدي في عقدة أوديب إلى بدايات
    الدين و الأخلاق و المجتمع و الفن معا".27
    [/b][/b]
    [b][b]
    في اعتقاد فرويد أن الأساطير ما هي إلا ترسبات نشأت بسبب اللاوعي و
    لكن إذا كانت الأساطير إسقاطات فمن أي جزء من العقل تسقط؟ يعتقد أنها تأتي
    من اللاوعي الذي يمثله على شكل قبو يختزن الخيالات الجنسية و لا يعلم بها
    العقل الواعي و بالتالي تصبح الأساطير متحررة من الجنس، و منه ينحرف فرويد
    عن النظرة المادية للعالم، و أنكر المناهج الموضوعية لدراسة النشاط
    العقلي، ووضع نظرية ذاتية تعسفية،و انطلاقا من نظريته يخضع جميع الأحوال
    العقلية و جميع أفعال الإنسان و الأحداث التاريخية و الظواهر الإجتماعية
    للتحليل النفسي.
    [/b][/b]
    [b][/b]
    [b][b]
    إن نقد الأسطورة الجديد يدين لكارل يونغ أكثر مما يدين لأي رجل آخر،
    و منه يمكننا أن نتفحص آراءه في صلة دراسة الأسطورة بالنقد الأدبي، فهو
    يصر على أن المرء يجب أن يميز ببالغ الدقة بين الأساطير و حتى بين
    الأحلام، و لم يتحدث عن حلم المرء بمهارة أو فصاحة لكنه أكد على أن المرء
    في بعض الأحيان يستطيع أن يحلم حلما ذو مغزى و كتب بأن العقل اللاواعي
    قادر في بعض الأحيان على أن يأخذ لنفسه من الذكاء و الهدفية" فإذا لم تكن
    فعالية اللاشعور في الحلم و الأسطورة مجرد عرض من أعراض الاختلاف النفسي،
    بل كانت في بعض الأحيان على الأقل تنظيما ذكيا و هادفا، فإن كل الأحلام و
    الأساطير ليست متماثلة".28
    [/b][/b]
    [b][/b]
    [b][b]
    و أضاف يونغ أن وظيفة الأساطير و الأحلام الهادفة ليست مجرد تطهير بل وظيفتها إعطاء المعرفة.
    [/b][/b]
    [b][b]
    فيونغ يختلف عن فرويد ، على أن يونغ حمل النقد المعرفي حتى منطقة الأحلام،
    أما فرويد حمل الطب النفسي حتى تحليل القصيدة، و منه فعالم النفس بإمكانه
    دراسة القصيدة إن استطاع و ليس العقل وحده قادر على نظمها ، فبإمكان عالم
    النفس أن يساهم في دراسة الأدب. قام كارل غوستوف يونغ بإدخال مفهوم جديد
    في تفسير الأساطير في رأيه في الأول كان اللاوعي يتحدد في مكبوتات ، و
    يلاحظ يونغ على فرويد أنه فرق بين الهذا و الهو الطاقة الغريزية
    اللاشعورية في النفس و بين الأنا العليا، و هي الوعي الجماعي ، و يكون
    الفرد واعيا جزئيا،و الجزء الآخر مكبوتا، و يؤكد يونغ أن هناك طبقة خارجية
    من اللاوعي الشخصي تنتمي إلى طبقة عميقة ليست قضية شخصية ، بل هي فطرية
    تسمى هذه الطبقة باللاوعي الجمعي و محتوياته تصلنا عن طريق الوراثة و هذه
    المحتويات الصادرة عن اللاوعي الجمعي نسميها " النماذج الأصلية" .
    [/b][/b]
    [b][b]
    يقول يونغ في إحدى محاضراته التي ألقاها بإنكلترا عام 1935 : " أن
    النموذج الأصلي سواء في الشكل أو المعنى يحتوي على دوافع ميثولوجية ...
    تظهر بشكل نقي في قصص الجن و الأساطير و الخرافات و الفولكلور و منه
    نستنتج أن النموذج الأصلي و الأسطورة عند يونغ هما وجهان لعملة واحدة،
    يشكل النموذج الأصلي الوجه الداخلي للاوعي بينما تشكل الأسطورة الوجه
    الخارجي يظهر إلى حيز الوعي".29
    [/b][/b]
    [b][b]
    و يعتقد يونغ أن الأساطير البدائية هي الأكثر نضجا و يرى أن علم النفس
    عند آدلر و فرويد يركز على العوامل البيولوجية، بالنسبة لفرويد الدافع
    الجنسي أما آدلر دافع توكيد الذات ، و هما يعتبران الدوافع ذات طبيعة
    شخصية، بينما يونغ يرى أن هناك مشابهة بين الغرائز و الدوافع و بين
    النماذج الأصلية بحيث يمكن اعتبار أن النماذج هي صور لاواعية من الغرائز.
    [/b][/b]
    [b][b]
    عقد جاك كلود فيلو مقارنة بين فرويد و يونغ و خلص إلى أن تحليلات يونغ
    بعيدة عن مفاهيم فرويد ؛ ففي المجال الفني مثلا عند فرويد مرده إلى
    التجربة الشخصية لدى الفنان أما يونغ مرده إلى التجربة الإنسانية.
    [/b][/b]
    [b][b]
    "ويعتبر راثفين أنه على الرغم من الاختلافات بين فرويد و يونغ، فإنهما
    يشتركان بنفس الفرضيات العاطفية عندما يشرحان تشوقنا لما هو أسطوري و كل
    منهما يفترض ماذا ستخبرنا به الأسطورة..."30
    [/b][/b]
    [b][b]
    أما فيدلر يلح على ازدواجية كاملة ، كما أنه لا يتصور القصيدة موضوعا
    مستقلا عن نفسية الشاعر بحيث الشاعر يغدو فيها الشكل و المضمون شيئا
    واحدا." و يكتب فيدلر في المقال ذاته ، إن الشاعر قادر على أن يعود بنا
    إلى صميم لا شعوره حيث يتوحد معنا كلنا في حضرة آلهتنا القديمة،و أبطال
    الحكايات الذين نظن أننا لم نعد نؤمن بهم".31
    [/b][/b]
    [b][b]
    سؤال يطرحه كثيرا آدلر و نقاد الأسطورة بعامة هو :" هل وجدوا في دراستهم
    للأسطورة و لسيكولوجية الأحلام دليلا مسلما به إلى تفسير القصائد؟" .إنهم
    يكتبون بحماسة و مع ذلك فإن دعواهم قليلة التماسك، و أحيانا متناقضة كذلك
    تطبيق نظرية فرويد تعاني نفس المشكل، و هذا ما أشارت إليه مسيز لانغر و
    ضعف النظرية حين طبقت على الشعريات و هو أنها تميل إلى" أن تضع الفن الجيد
    و الرديء في كفة واحدة".32
    [/b][/b]
    [b][b]
    يخيل للمرء أن بعض الأساطير أكثر فنية أو مغزى من أساطير أخرى، لذلك تنتج قصائد أعظم.
    [/b][/b]
    [b][b]
    أما العالم هايدغر في مجمل قوله أن الشيء الذي يعيد الإنسان إلى فرديته
    برأيه هو مواجهة الموت ، يقول:"في الموت يتم الشعور بالفردية إلى أقصى
    درجة إذ يشعر من يموت أنه يموت وحده لا يشاركه في موته أحد".33
    [/b][/b]
    [b][/b]
    [b][b]
    في حين ترى جين هاريسون أن الأسطورة هي قطعة من حياة الروح و أنها
    التفكير الحلمي للشعب، كما أن الحلم هو أسطورة الفرد، و لهذا فإن الأسطورة
    ذات علاقة وثيقة بالأدب و الفن عموما ... فهناك اعتقاد راسخ يقول بأن
    الأسطورة قوية الارتباط بالأدب لدرجة أن مصير إحداهما متعلق بالآخر.
    [/b][/b]
    [b][/b]
    [b][b]
    2/ الاتجاه الماركسي:
    [/b][/b]
    [b][b]
    تذهب الماركسية إلى أن الأساطير تولدت في عصور غابرة من خيال الناس
    الجاهلة من طبيعتهم و الطبيعة التي تحيط بهم . " لقد نشأت الأساطير في
    مراحل التاريخ الأولى و كانت في صورها الخيالية محاولات لتعميم و شرح
    الظواهر المختلفة للطبيعة و المجتمع..."34.
    [/b][/b]
    [b][b]
    فالأسطورة هي انعكاس لآراء و مواقف الإنسان الأخلاقية و الجمالية
    للواقع و الأساطير كما يعبر عنها كارل ماركس : " هي التقديم الفني للاشعور
    للطبيعة"35. ووفق هذا المعنى ، الأسطورة إذن عند الماركسيين تنتمي إلى
    البناء الفوقي و هذا انعكاس للبناء التحتي.
    [/b][/b]
    [b][b]
    بودنا الإشارة إلى انتقادات الماركسيين للنظرية الإحيائية ، يلخص
    الدكتور محمد الجواهري انتقادات هؤلاء:" ما الذي يحكم انتظام التطور
    البشري؟ في أي شيء يتشكل ماديا هذا النظام؟ و ما طبيعة تتابع مراحل النمو
    الثقافي للإنسان؟ هذا ما لم تفسره الإحيائية"36.
    [/b][/b]
    [b][b]
    و على الرغم من أن ليفي شتراوس يدعي انتمائه للاتجاه الماركسي إلا
    أن نظريته البنائية تتناقض مع الماركسية و تتجه نحو المثالية و يوضح
    أوكتافيو باز هذه النقطة بقوله : " إذا كانت الماركسية تقدم تصورا تاريخيا
    للطبيعة ، و تصورا ماديا للتاريخ ، فإن الممارسة تصبح هي العملية الحيوية
    للواقعية و قوام كينونة الإنسان..."37.
    [/b][/b]
    [b][b]
    و يتابع أوكتافيو باز قوله :" في تصور"ماركس" نلاحظ أولوية العنصر
    التاريخي و كيفية الإنتاج الاجتماعي ، أما عند ليفي شتراوس فهناك أولوية
    العنصر البيولوجي الكيماوي و كيفية العمل الطبيعي ، و الوعي يتغير عند
    ماركس بالتاريخ بينما يرى ليفي شتراوس أن الروح الإنساني لا يتغير إذ أن
    عالمه ليس هو التاريخ بل الطبيعة"38.
    [/b][/b]
    [b][/b]
    [b][/b]
    [b][b]
    3 / الاتجاه الوظيفي:
    [/b][/b]
    [b][/b]
    [b][b]
    قامت دراسات أنثروبولوجية تعارض الاتجاه التطوري السائد عند أمثال
    تايلور و فريزر و بريل ، و تنطلق من المبدأ الوظيفي و الفرق بينهما حسب
    الدكتور لطفي هو أن الوظيفيين يؤمنون بأن المجتمعات أنساق طبيعية و دراسة
    تاريخها لا تفيد في شيء و لا بد أن تدرس الحضارة في وجودها. يمثل هذا
    الاتجاه كل من براون و راد كليف و برونسلاف و مالينو فاسكي ، و جذور هذا
    الاتجاه تمتد حتى سبنسر الذي اعتبر المجتمع كائنا عضويا وظيفيا، و هناك
    أيضا إيميل دور كهايم الذي توسع في تحليل الظواهر الاجتماعية و يمكننا أن
    نقول أن دوركهايم مؤسس الاتجاه الوظيفي ، و لكن بطريقة غير مباشرة ، أما
    مؤسسه بالصفة المباشرة هو العالم الأمريكي من أصل ألماني فرانز بواس ؛ فهو
    أكد" دائما على ضرورة النظر حتى إلى الأفكار الفلسفية و الدينية بوصفها
    تعبيرا منظما من الأفكار اليومية و المواقف و القيم المنبثقة من سواد
    الشعب"39 . و يمكن الإشارة إلى جهود بواس في ربط الأدب الشعبي و الأسطورة
    و الفلسفة و الدين مع الحياة اليومية للشعوب.
    [/b][/b]
    [b][b]
    أما راد كليف يؤكد مدى التشابه بين الحياة الاجتماعية و الحياة
    العضوية على أن كل جزء يقوم بوظيفته بالترابط مع البناء ككل، وهذا ما طبقه
    في أبحاثه على المجتمعات البدائية مثل سكان أستراليا الأصليين و هو ينتقد
    العلماء الذين درسوا الطوطمية فكان عليهم أن يركزوا على الوظيفة . و كما
    رأينا فقد كان سبنسر أبا لهذه النظرية ، و بعده عرض هذه النظرية عالم
    الاجتماع الألماني شافل " الذي قارن الجماعات الاجتماعية المختلفة في
    مجتمع طبقي بالحواس في الجسم البشري".40
    [/b][/b]
    [b][b]
    ويعد مالينوفسكي من أبرز دعاة المنهج الوظيفي ، و قد رفض نظرية فريزر
    التي تقول بأن الإنسان يمر بثلاث مراحل، فالبدائي رغم سذاجته إلا أنه يميز
    بين القوى الطبيعية و القوى الفوق الطبيعية، إنسجاما مع هذا المبدأ
    الوظيفي الذي ينطلق منه فقد رفض مالينو فسكي التفسير الرمزي للأسطورة و
    اعتبر أنها تقوم بوظيفة عملية و مباشرة .
    [/b][/b]
    [b][b]
    و يرى الدكتور يونس أن مالينو فسكي يعتقد "أن الأسطورة إذا درست و
    هي حية فعالة فسوف يتضح أنها ليست تفسيرا تمليه الفائدة العلمية، و إنما
    هي إحياء قصصي لواقع فطري ... فالأسطورة تقوم من الثقافة البدائية بوظيفة
    لا غنى عنها... و الأسطورة بهذا المعنى عنصر حيوي في الحضارة الإنسانية"41
    [/b][/b]
    [b][b]
    أما عن سبب نشوء الأساطير ، يطرح مالينو فسكي سؤالا في محاضرة له
    حول منبع العقائد المتصلة بالروح الإنسانية ، و يجيب هو نفسه أن الموت هو
    المصدر الذي نبعت منه كل الظواهر ، مثل الإحيائية و عبادة الأسلاف، و
    الاعتقاد في الأرواح و الأشباح، و يرى أن ظاهرة الموت ستبقى تلاحق الإنسان
    إلى الأبد ، ومنه يأتي دور الدين و يقول أن بعد الموت حياة و يمكن الاتصال
    بين الميت و الحي، و منه تقوم التناقضات و الصراعات. و تلعب الأسطورة عند
    هذا الأخير دورا كبيرا على الصعيد الفني، يقول :" من هذا كله أريد أن أثبت
    أن نشأة الأسطورة تكون بدافع حضاري، و لكن ليس معنى هذا أن نتغاضى عن
    الجانب الفني فيها. أن الأسطورة تنطوي في داخلها على بذور لملحمة المستقبل
    و على بذور القصة و المسرحية و قد استخدم رجال الفن الأسطورة أروع استخدام
    و لكن ذلك لا يعني أن كل الأساطير تشتمل على هذه البذور، و إنما الأساطير
    الحية منها مثل أساطير الحب و الموت و الانتحار و السحر."42
    [/b][/b]
    [b][/b]
    [b][/b]
    [b][/b]
    [b][b]
    4/ الاتجاه البنائي
    [/b][/b]
    [b][b]
    المدرسة البنائية رائدها ليفي شتراوس الذي انتقد
    الاتجاه التطوري الذي اعتقد أن الحضارة الغربية هي أرقى الحضارات في
    التطور الإنساني، و مشكلة شتراوس هي كيفية تحديد معيار التطور. يفسر
    شتراوس سبب الاستناد إلى التفسير التاريخي هو أن الأنثروبولوجي إذا رأى
    صورا اجتماعية متعددة من نفس المكان تبدو له كأنها نسق منفصل عن بعضه
    البعض، في ظنه أن عنصر التاريخ قادر على إعادة الاتصال بين هذه الحلقات ،
    لكن شتراوس يرفض مثل هذا التفسير التاريخي أن هذه الدراسات لا تشير إلى
    دور العمليات الشعورية و اللاشعورية، كذلك ينتقد الاتجاه الوظيفي و يراه
    قاصرا لأنه متقطع. في اعتقاد شتراوس أن السر في كل الحضارات بدائية كانت
    أم حديثة هو النشاط اللاشعوري للنفس كما يرى أن العقل البشري عند البدائي
    هو نفسه عند المتحضر لأن لهما نفس المكونات العقلية .
    [/b][/b]
    [b][b]
    إن التعليل الذي جاء به يونغ على أن الأساطير تصدر عن مشاعر مكبوتة في
    اللاشعور الجمعي و هدا التشابه ناتج عن نفس كل فرد متحضر أو بدائي و تفسير
    يونغ يختلف عن تفسير شتراوس" و الخطأ الأساسي عند يونغ برأي شتراوس يكمن
    في تفسيره للنماذج الأسطورية دون الالتفات إلى السياق الذي يحتويها".43
    [/b][/b]
    [b][b]
    بنائية شتراوس لم تحظ باهتمام بالغ من طرف الدارسين و النقاد ،
    لأنها لم تتمكن من الوصول إلى كيفية التطور أو المعايير المتحكمة في
    التطور ، فهو يدعي انتماءه إلى الماركسية لأنه متأثر بها ، كما أنه متأثر
    بالاتجاه النفسي أما فكرته الأساسية هي البناء و التركيب للعقل البشري، و
    السياق الذي يحتوي النماذج الأسطورية كما يبدو له.
    [/b][/b]
    [b][/b]
    [b][b]
    5/ إ تجاه الشكل الرمزي:
    [/b][/b]
    [b][b]
    لقد اهتمت البحوث الفلسفية بالأسطورة، و من أبرز الفلاسفة ،الفيلسوف
    آرنست كاسيرر الذي اعتبر الإنسان يمتلك الجهاز الرمزي و لما خرج الإنسان
    من العالم المادي دخل العالم الرمزي، فاللغة و الأسطورة و الدين و الفن ما
    هي سوى أجزاء من عالمه الرمزي و منه يمكننا اعتبار الإنسان حيوان رامز لأن
    الطاقة الرمزية هي التي تفسح له الطريق للحضارة.
    [/b][/b]
    [b][b]
    و منه كاسيرر يعارض آرسطو الذي يقول:" الإنسان حيوان اجتماعي ، لأننا
    نجد عند النمل و النحل نظاما اجتماعيا معقدا، و أما ما يميز النظام
    الاجتماعي للإنسان فهو برأيه اللغة و الأسطورة و الفن و الدين ".44
    [/b][/b]
    [b][b]
    لكن ك.ك. راثفين يرى أن كاسيرر ينظر إلى الأسطورة باعتبارها رمزا
    أصيلا شأنها شأن اللغة التي تتوسط أنفسنا و العالم الخارجي و بالتالي وصل
    كاسيرر مرتبة لم يصلها من قبل و ذلك بفضل الرمز و الأسطورة و بالتالي يكون
    قد جنح كثيرا نحو المثالية .
    [/b][/b]
    [b][b]
    أما العالم ويلبو أوربان الذي يشارك كاسيرر في العديد من نظراته
    الأساسية وهو يشير أن اللغات هذه هي مقبولة عند الإنسان و الإنسان الحديث
    بخاصة و حرص على تقديم هذه اللغات على أنها صحيحة، و هو من أنصار مذهب
    الشكل الرمزي . يظن أن هناك إقترابا من حقيقة نهائية و حقيقة واقعية خلال
    فهم " الأشكال الرمزية للغة". و مما لاقاه أوربان من صعاب هو اختراق"
    اللغة الرمزية" اختراقا تاما ، فهو مثل كروتشي يؤمن أن القصيدة لا يمكن
    أبدا أن تترجم.
    [/b][/b]
    [b][b]
    مسيز لانغر هي الأخرى من خلال كتابها " الفلسفة في فتح جديد" ،لجأت
    إلى مفهوم" القلب الرمزي" في دائرة الشكل الرمزي الذي اعترفت فيه لكاسيرر،
    قد لقي آفاقا جديدة في الفلسفة مع نهاية الحقبة الفلسفية و جفاف ينابيع
    التفكير الفلسفي . يمثل مبدأ القلب الرمزي نبعا جديدا في أرضنا القاحلة و
    خاصة أن عصرنا تنوعت فيه المشكلات، تتفق مسيز لانغر مع كاسيرر في أنها
    تعتبر الأسطورة مرحلة بدائية من مراحل التفكير الميتافيزيقي كما تعرضت
    الباحثة إلى الموسيقى فهي تقول: " أن الموسيقى أسطورتنا عن الحياة
    الداخلية أسطورة فتية، حية ، مليئة بالمعاني أو حتى بها إلهام متأخر فظلت
    في مرحلة نموها النباتي".45
    [/b][/b]
    [b][b]
    و أخيرا يمكننا أن نقول و باختصار أن مذهب الشكل الرمزي يجازف حتى مسيز لانغر.
    [/b][/b]
    [b][/b]
    [b][b]
    6/ الإتجاه الأنثروبولوجي :
    [/b][/b]
    [b][b]
    كثيرة هي الدراسات الأنثرو بولوجية و بخاصة الحديثة ،نجد دراسات"
    إدوارد تايلور "رائد المدرسة التطورية الذي عدم تناقض العقلية البدائية و
    العقلية المتحضرة .لأن صور الفكر و قواعد الاستدلال هي ذاتها ، حقيقة أن
    النتائج التي توصلت إليها العقلية البدائية تختلف عنها المتحضرة ،و لكن
    هذا لم يكن ناتجا عن اضطراب المنطق عند البدائي ،بل بسبب المنطلقات
    الخاطئة التي انطلق منها .
    [/b][/b]
    [b][b]
    كما اعتقد تايلور أن الديانات أنشأت الاعتقاد بوجود كائنات روحية و
    منه أسس نظريته في الإحيائية ، "فرأى أن ظاهرة الموت فرضت نفسها على تفكير
    الإنسان سواء البدائي أو المتحضر و قد فسرها البدائي بالمقارنة مع النوم
    فاعتقد أن الروح قادرة على مفارقة الجسد،و قد فسر الأحلام التي يرى فيها
    نفسه و الآخرين،من نفس المنطلق إذن،البدائي ليس متخلفا في عقليته، والفرق
    بينه و بين المتحضر هو في الدرجة فحسب ،وقد نتج طلك بسبب طبيعة المادة أو
    المعطيات التي كانت بحوزته "46.
    [/b][/b]
    [b][b]
    ومن علماء المدرسة التطورية ،"السير جيمس فريزر " الذي يرى أن الناس
    باستطاعتهم التأثير في كل ما يحيط بهم و هذا من خلال فترة من فترات التطور
    الزمني ، أي التأثير في الكائنات أو المظاهر الطبيعية و ذلك عن طريق
    السحر، لكنهم كانوا يمارسون الرقى و التعاويذ في اعتقاداتهم تمنع عنهم
    المصائب و هذا ما سماه بالمرحلة السحرية ، ثم تأتي المرحلة الدينية فإلى
    هنا تأكد الإنسان أن هذه الظواهر يتحكم فيها كائن إلهي ، أما المرحلة
    الثالثة هي المرحلة العلمية و هنا يربط فريزر بين السحر و العلم على أن
    العلم و السحر يؤمن بقوانين ثابتة لا تتغير و هو يظن السحر كالعلم لكنه
    زائف، لأنه لا يجيد تطبيق عمليات العقل .
    [/b][/b]
    [b][b]
    " يرى كاسيرر أن نظرية فريزر هذه لا تطابق بين السحر و العلم و تجعل من
    كليهما مناقضا للدين لم تصمد أمام الامتحان ، و قد تجاوزتها
    الأنثروبولوجيا الحديثة كلية"47.
    [/b][/b]
    [b][b]
    أما التأثير الذي تركته موسوعة فريزر " الغصن الذهبي " فهو أعظم كتاب
    كما يصفه جون.ب .فيكيري ، وحسب كاسيرر أن موقف ليفي بريل يتنافى مع موقف
    فريزر و تايلور فهو يرى أنه لا داعي للبحث عن قاسم مشترك بين العقلية
    البدائية و الحضارية على أن عقل البدائي غيبي و غير منطقي، و لذا فهو يعيش
    في عالم خاص به بعيدا عن عالمنا . لا يمكن لأفكارنا أن تحيط به، يقول
    كاسيرر :" لو صح قول بريل لما أمكننا التعرف على طبيعة الأسطورة عند
    البدائي "48.
    [/b][/b]
    [b][/b]
    [b][b]
    7/ علاقة اللغة بالأسطورة:
    [/b][/b]
    [b][b]
    "أقدم العالم هردر بشجاعة، على اشتقاق اللغة من العملية الأسطورية، و
    جعل السمة الخاصة للشعر تستكن في واقعة ، أن الشعر يحفظ الصفة الديناميكية
    للأسطورة"49.
    [/b][/b]
    [b][b]
    أما العلامة تابولي جيامباتستافيكو:" قد وضع في كتابه "العلم الجديد "
    قول هردر نظرية أن الأسطورة كانت نوعا من اللغة الشعرية، اللغة الوحيدة
    التي كان الإنسان قادرا عليها في مرحلة تطوره البدائي، و هي مع ذلك ، و كل
    ذلك لغة صحيحة لها مبدؤها البنيوي و منطقها الخاص "50.
    [/b][/b]
    [b][b]
    و يرى هذا الأخير أول ما بدأت اللغة بالإيمان ، و بعدها تطورت عبر
    مراحل الأسطورة و اللغة المجازية إلى لغة واضحة منتظمة للمجتمعات الحديثة
    المتمدنة إلا أن " فيكو " لم يكن له تأثير كبير على مفكري عصره، و لكنه
    عاد في أيامنا هذه ليمارس تأثيرا قويا جدا لما أثبتته الدراسات الحديثة
    للإنسان البدائي من اكتشافات فيكو ، و منه إعترفوا بمركزه على أنه الرائد
    الأول ، لكن فيكو عجز عن التمييز بين الشعر و الأسطورة.
    [/b][/b]
    [b][b]
    و من النقاد المحدثين الذين تأثروا بفيكو نجد الفيلسوف كروتشي،لم يهتم
    كثيرا بالتقديرات الأنثروبولوجية التي انغمس فيها هردر في القرن الثامن
    عشر، و إنما اهتم بتطور فلسفة مثالية عارمة.
    [/b][/b]
    [b][b]
    من بين النظريات التي ساهمت في تفسير الأسطورة نظرية " ماكس موللر" بحيث
    ربط فيها بين الأسطورة و اللغة و يرى كاسيرر أن موللر اعتقد أن الأسطورة
    لا تفسر من منظور علمي إلا عن طريق اللغة، و هو يرى أن الفونولوجيا
    المقارنة تساعدنا في الكشف عن حالة الفكر و اللغة و الدين و الحضارة.
    [/b][/b]
    [b][b]
    و عليه يرفض مولر نظرية كاسيرر التي ترد الدين إلى المذهب الإحيائي أو
    القوى الطبيعية كعبادة الشمس أو النار ، فمولر لا ينكر وجود هذه الديانات
    و لكنه يؤمن بوجوب رد مظاهرها المادية إلى أصل أعمق في الفكر و الشعور، و
    الأسطورة ليست حيلة أو خديعة نسجها كهنة ماكرون كما يقول كاسيرر، و إنما
    هي خديعة تولدت من طبيعة العقل البشري ، فالأسطورة إذ تدل على حالة مرضية
    نشأت بسبب طبيعة اللغة و ليس بسبب نقص العقل البشري ، كما لقيت هذه
    النظرية مؤزرة من طرف الفيلسوف هربرت سبنسر.
    [/b][/b]
    [b][b]
    "ويذهب الدكتور يونس أن أندور لانغ إنتقد نظرية ماكس مولر هذه ، و أكد أن
    الأساطير هذه لم تنشأ عن قصور في اللغة و لكنها نشأت من تشخيص العناصر
    الكونية ، و هو يرى أن النزوع إلى التشخيص مرحلة من مراحل الفكر ... "51 .
    [/b][/b]
    [b][b]
    للإشارة فقط أن أندور لانغ استند في نقده على نظرية تايلور الإيحائية
    التي تتلخص :" في الاعتقاد بوجود الروح في كل شيء كان بمثابة المرحلة
    الأولى من مراحل الدين"52.
    [/b][/b]
    [b][b]
    ولكن ما يلاحظ هنا أنه برزت مشكلة من جراء الربط بين اللغة و الأسطورة
    ، فإذا كانتا من أصل واحد فكيف تفسر عدم التماثل بينهما؟ على أن اللغة
    منطقية دائما بينما الأسطورة تبدو و كأنها خارجة على المنطق و تتميز
    بالتقلب و اللاعقلية، فصحيح أن اللغة تمتاز بالمنطق، و لكن يمكننا أن
    نعتبرها منبعا للأوهام و الأباطيل في الآن نفسه و السبب في ذلك أن اللغة
    تحمل الكلمات الغامضة و المترادفة و هذا ما يشكل الجناس و يعتبر الأصل
    التاريخي الذي انحدرت منه الأسطورة .
    [/b][/b]
    [b][b]
    بينما كوليريج اكتشف منطقة يفضي فيها التمييز بين الكلمات و الأشياء،
    غير أن كاسيرر يلح على وجود تلك المنطقة فهي توجد في عالم العقلية
    المتوحشة، أي عقل الإنسان البدائي نجد التجارب الإلهية، و في الواقع يظل
    للموقع و الاسم أهمية عند كاسيرر حتى اليوم الحالي، فالتجربة الإنسانية
    إذا افتقدت الاسم لا يمكن أن تخزن و تثبت .
    [/b][/b]
    [b][b]
    و يقول في اللغة و الأسطورة أن للسؤال الفلسفي صلة بالتحديد بين
    الأسطورة والفن و الدين و العلم ، هذه الصلة تتوسط عدة تفسيرات من الحقيقة
    الواقعية التي تقدمها أنواع اللغة .
    [/b][/b]
    [b][b]
    لكن كاسيرر يجعل العلم آخر خطوة في تطور الإنسان العقلي53 و يصفه
    بأنه أرقى ما بلغته الحضارة الإنسانية، فيبدو و أنه يعطي العلم أولوية على
    أنواع اللغة الأخرى( الأسطورة – الفن- الدين ) فبعناصره الشخصية المكونة
    للغات يصل إلى الحقيقة الواقعية أفضل من الفن.
    [/b][/b]
    [b][/b]
    [b][/b]
    [b][b]
    8/ علاقة الأسطورة بالنقد الأدبي:
    [/b][/b]
    [b][b]
    من الكتاب الذين اهتموا بالفلسفة و الأسطورة معا هم كوكتو و بورثروب
    فراي... فكوكتو انتقد التهميش الذي نبديه نحو النصوص الشهيرة و بخاصة
    القديمة في اعتبارها أنها أصبحت بالية و غير صالحة لكثرة استعمالها، لكن
    كوكتو عكس ذلك فقد اهتم بالأساطير القديمة و كتب أربع مسرحيات استمدها من
    التراث الإغريقي اليوناني ، من أهم مسرحياته " الآلهة الجهنمية " التي
    استعمل فيها أسطورة أوديب .
    [/b][/b]
    [b][b]
    أما ثروب فراي فتشير اكتشافاته إلى إمكانية تحويل النقد الأدبي إلى علم
    حقيقي و لأول مرة، و يثني قوله أن العلم الصحيح يستطيع أن يقف عند التحليل
    البنيوي للموضوع المعالج، يقول فراي :" إن حقيقة التنقيح ممكن، و إن
    الشاعر يضع التغيرات لا لأنه يريدها أفضل بل لأنها أفضل بالفعل،تعني أن
    القصائد مثل الشعراء، تولد و لا تصنع، و مهمة الشاعر أن يستلم القصيدة دون
    أن يمسها الأذى... إن الناقد يتقدم حين ينصرف الشاعر..."54.
    [/b][/b]
    [b][b]
    و بالمشابهة و المقارنة الحية يتبين أن القصيدة وليد و الشاعر أم و
    الناقد قابلة، و ممرضة يربط الأحزمة و يخبر الأمة إن كان الوليد ذكرا أم
    أنثى ثم يغسله ليقدمه إلى العالم الخارجي، هل القصيدة حية أم مجرد وثيقة
    ميتة عديمة الحياة؟
    [/b][/b]
    [b][b]
    و يرى أيضا، هذا الأخير أن كتاب " الغصن الذهبي" لفريزر يفهم منه
    الظاهر أنه عمل في الأنثروبولوجيا، لكن تأثيره الأعظم كان في حقل النقد
    الأدبي أكثر منه في الحقل الأنثروبولوجي و هو ينتقد كل المدارس النقدية
    التي تنطلق من حتمية إيديولوجية نفرضها على العمل الأدبي.
    [/b][/b]
    [b][b]
    و نخلص بالقول أن فراي يرى بأن الأدب هو الإطار العام للعمل الأدبي
    ، كذلك مثله الأسطوري هو الإطار العام لكل أسطورة و أن الأساطير هي البناء
    الأساسي في الأدب، فلا بد على الناقد أن يبحث عن الإطار العام الأسطوري.
    [/b][/b]
    [b][b]
    كما أن مسيز لانغر و كاسيرر شديدا الإهتمام بالأسطورة و الشعر ، غير
    أن الناقد المعاصر تمسك بالربط بين الأسطورة و الأدب على أنها تثري النقد
    الأدبي ؛ فإذا أردنا مناقشتهم وجدناهم أكثر إلماما بعلم النفس و الفلسفة
    كما أنهم تأثروا بالدراسات الأنثروبولوجية التي ظهرت في الخمسين عاما
    الماضية.
    [/b][/b]
    [b][b]
    "و لعل نقاد الأسطورة المحدثين قد تأثروا أكثر من ذلك بما تبين من أن
    الإنسان البدائي ما زال كامنا في كل منا ، و أن مواطن القرن العشرين الذي
    يذهب طائعا إلى عمله في سيارته كل صباح، و يعقد صفقات بالهاتف مع مؤسسة
    تبعد عنه ثلاث آلاف ميل ، ثم يهيء نفسه للنوم ... يعيد في أحلامه كل ليلة
    خلق الرموز الأولية لأسطورة قديمة "55 . فإذا أعدنا النظر في هذه الحدود
    بدا لنا أن الأسطورة تقدم للشعر حرما لا ينتهك يحميه من هجومات عدوه العلم.
    [/b][/b]
    [b][b]
    و يبقى لنا إلا أن ندرس استعمال الرمز و الأسطورة عند الشاعر، و في
    هذا المجال يرى الدكتور عز الدين اسماعيل أن العلاقة التي تربط الرمز و
    الأسطورة و الشعر علاقة قديمة، و لجوء الشاعر إليها يدل على عمق نظر
    الشاعر كما يختلف الرمز الشعري عن الرمز العلمي، على أن هذا الأخير يمتاز
    بالطابع التجريدي الذهني و يتعرض إلى الموضوع دون أن يرتبط به، بينما
    الرمز الشعري يمتزج مع الموضوع فرغم القدم الذي تحمله الرموز فلا يمكنها
    أن تكين شعرية إلا إذا حملها الشاعر وفق تجربته إلى ابتكار الجديد منها ،
    و منه بإمكان الشاعر أن يبتكر أسطورة جديدة مثل رمز المطر عند بدر شاكر
    السياب و الحر عند الخال و الجليد عند حاوي و الغسق عند أدونيس.
    [/b][/b]
    [b][b]
    ولقد تأخر حضور النقد الأسطوري في النقد العربي المعاصر إلى
    غاية أواخر السبعينيات من القرن الماضي ، حيث كان تسيطر على الساحة
    النقدية النظريات الماركسية والوجودية والفرويدية ، ولا يوجد أي تفسير
    علمي أو تارخي أو منطقي لهذا التأخر الذي عرفه التوجه النقدي الأسطوري
    أكثر من غيره من التوجهات النقدية الأخرى في الممارسة النقدية العربية ،
    مع أن حضور الأسطورة في الأدب العربي الحديث والمعاصر ، عرف حضورا مبكرا
    مع بدايات بدر شاكر السياب الشعرية ، ومع البدايات الروائية للكاتب ياسين
    في روايته ( نجمة ) من خمسينيات القرن الماضي ( 1956 ) ، وإن كا العالم
    العربي قد عرف قبل ذلك بقليل ، أي قبل فترة السبعينيات ، دراسة أولى تعتبر
    بذرة التوجه النقدي الأسطوري في النقد العربي ، ألا وهي دراسة سعد رزوق (
    الأسطورة في الشعر المعاصر ، سنة 1959 ) ، والتي يرى فيها أن استقبال
    الأسطورة في الشعر العربي المعاصر كان بسبب استقبال شعر ( س . إليوت ) في
    قصيدته ( الأرض اليباب ) ، والتي عرفنا لها أول محاولة تحيين من طرف عباس
    محمود العقاد في قصيدته ( الأرض الخراب ) ،
    [/b][/b]
    [b][b]
    فالدراسات التي تدخل في صلب النقد الأسطوري العربي تأخرت حتى أواخر
    السبعينات، و من هذه الدراسات نشير إلى : ( أسطورة الموت و الانبعاث في
    الشعر العربي الحر ) لريتا عوض التي اكتفت بتلمس جانب الموت و الانبعاث في
    الشعر العربي، فأسهمت بذلك في تقديم جانب هام من جوانب النقد الأسطوري، و
    إنه في اعتبارها أهم جوانب النقد الأسطوري، أو بالأحرى ،إنه الجانب
    المحوري و قد أتبعت هذا الكتاب بكتاب آخر ظهر وهو ، أما الدراسة الثانية
    التي ظهرت هي "مضمون الأسطورة في الفكر العربي" (بيرت 1973) لخليل أحمد
    خليل. وهي لا تعتبر دراسة أدبية بقدر ما تعتبر تشخصياً لاتجاه الفكر
    العربي نحو الميتافيزياء. ولذلك يفسر تخلفنا في كل شيء بالفكر الأسطوري،
    فحيثما كان التخلف تكون وراءه الأسطورة، أو بالأصح الفكر الأسطوري الموجه
    لتصرفاتنا. ولهذا يربط بين الفكر الأسطوري وبين العبودية الاجتماعية، بينه
    وبين التسلط السياسي وقيام الأنظمة القهرية، وما شابه ذلك من أنواع
    الإعاقات لظهور الفكر العلمي الاجتماعي.‏
    [/b][/b]
    [b][b]
    وفكرة خليل هذه ضعيفة على الرغم من نبل مقصدها واستهدافها التقدمي
    الإنساني وصدق صاحبها في دعوته إلى الخلاص من التخلف الذي يخيفه ويتوجس من
    أنه سيستمر مدة ليست بالقصيرة.. إلى أن نصفي حساباتنا مع الفكر الأسطوري.‏
    [/b][/b]
    [b][b]
    بعده بسنوات ظهرت دراسة أخرى بعنوان أسطورة الموت والانبعاث في
    الشعر العربي الحديث (بيروت 1978) لريتا عوض التي اكتفت بتلمس جانب الموت
    والانبعاث في الشعر العربي. وهو جانب هام من دون شك، لكن الباحثة تصيب إذ
    تدخل إلى الصور الكبرى التي يلعبها الخضر أو العذراء أو ما شابه ذلك من
    الأنماط الأولية: أب- أم- ابن .. الخ وبذلك تكون قد أسهمت في تقديم جانب
    هام من جوانب النقد الأسطوري. إنه -في اعتبارها- أهم جوانب النقد
    الأسطوري، أو بالأحرى، إنه الجانب المحوري أدبنا الحديث بين الرؤيا و
    التعبير ( بيروت 1979 ) ،ثم " الرؤيا في شعر البياتي" (دمشق 1986 ) لمحي
    الدين صبحي، و في هذه الدراسة تبرز ناحية أخرى من النقد الأسطوري، يعتبرها
    الباحث هامة جدا و هي " القناع" أو ما يسميه يونغ "البرسونا" و ما له من
    دور في التعبير عن حلم الجماعة.
    [/b][/b]
    [b][b]
    ثم الأداء الأسطوري في الشعر العربي المعاصر (مجموعة ميرادية
    1992) لعلي البطل. وهنا نجد أنفسنا أمام دراسة أشمل، لا تقتصر على التشديد
    على ناحية أكثر من غيرها. فالباحث يعرض علينا الأداء الأسطوري في شعرنا
    وكيف انتقل من التعامل مع الرموز الأسطورية إلى التعامل مع منطق الأسطورة.
    ففي البداية كان الشعراء يستخدمون أسماء أبطال أسطوريين للدلالة على
    مقصدهم، لكنهم فيما بعد اتقنوا منطق الأسطورة ذاته واستخدموه في أدائهم،
    فلم يعد الشاعر ينتقي من الأساطير ما يحمل مضمونه المرغوب، بل صار يصوغ
    بنفسه لغة الأسطرة.‏
    [/b][/b]
    [b][b]
    ويؤكد على ملمح دقيق في لغة الشعر وهو التفريق بين "لغة الطقس" و"لغة
    الحياة" اليومية"، فالشعر يستخدم الاثنين معاً ولكن الحاصل يكون إبداعاً
    فنياً خاصة إذا كان الشاعر قادراً على التحكم في توظيف اللغة اليومية
    واختار ما يوحي بمكنون الصورة الشعرية، أو الصور الشعرية التي تستخدم لغة
    الطقس. وبذلك يكون الشاعر قد قام بالتعديل بالمناسبة ووافق بين الأسطرة
    وبين الواقع اليومي الذي بسببه يضطر الشعر إلى التجديد والتعديل .
    [/b][/b]
    [b][b]
    ثم هناك الدراسة القيمة التي وضعها الباحث حنا عبود بعنوان : "
    النظرية الأدبية الحديثة والنقد الأسطوري " سنة 1999 ، ( منشورات احاد
    الكتاب العرب – دمشق ) ، وهي تعتبر إعادة صياغة منهجية على مستوى الرؤية
    والمنهج والموضوع ، بحيث يعتبر هذا البحث مرجعا أصيلا وشافيا للباحث
    العربي الذي يريد ولوج هذا التوجه النقدي ، بل سيساعده على تكوين خلفية
    مرجعية جيدة حول كثير من المفاهيم النظرية المتشعبة والمختلطة فيما بينها
    ، كأن الباحث أراد أن يجمع بين العمل الموسوعي وفي ذات الوقت التقصي
    التحليلي وفق المفاهيم الإجرائية للنقد الأسطوري ، خاصة في المباحث
    التطبيقية التي ختم بها دراسته هذه .
    [/b][/b]
    [b][b][b]
    و خلاصة المبحث ، يمكنن

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 07, 2024 11:57 pm